الاقطاع
cgietitle
1442/12/8 ۱۳:۵۲:۲۰
https://cgie.org.ir/ar/article/236514
1446/10/21 ۲۳:۳۲:۳۲
نشرت
8
وكان الجند ذوي الإقطاعات يعدّون أكبر سند عسكري ودفاعي للدولة، وكان كل مقطَع ملتزماً بأن يرسل إلى الحرب عدداً معيناً من الفرسان والمشاة. وبرغم أنه لاتتوفر لدينا معلومات عن عدد، أو كيفية تعيين هذا العدد، لكننا نعلم أنه كلما ازدادت إقطاعات كل واحد من القادة والأمراء كان عدد الجند الذين ينبغي له إرسالهم إلى المعسكر يزداد (حسين، 130، 136). وكان الإقطاع العسكري يؤدي أحياناً إلى خسائر من نوع خاص، فمثلاً عندما كان الجند يمضون الوقت في إقطاعاتهم لم يكونوا بمأمن من الصليبيين الذين كانوا يغيرون على الأراضي الزراعية والقرى لقطع المصادر المالية والحياتية للجند (أبو شامة، كتاب الروضتين، 1(2) / 565). وخلال تلك الفترة، كانت سجلات ووثائق تمليك الإقطاعات تصدر من قبل ديوان الإنشاء وتدون فيها الفترة الزمنية والالتزامات التي على المقطَع (حسين، 133-134)؛ كما جاء في المرسوم الذي أصدره صلاح الدين بعد معركة عكا لأخيه، العادل أبي بكر وأقطعه بموجبه إقطاعات في مصر والشام وبلاد الجزيرة وديار بكر والذي تضمن بعض الشروط. وقد ورد في هذه الوثيقة أن يد العادل بصفته المقطَع، مطلقة في أموال الأملاك الإقطاعية، وعليه أن يعين المعظم الأيوبي من العائدات، وأن يعدل في الرعية وينتهج سلوكاً لائقاً مع جيرانه المقطَعين، وأن يعتمد على القضاة في الشريعة، وإذا منح إقطاعات لأحد، فعليه أن يختار المقطَعين من بين الصالحين والمتقين، وأن يتجنب إعطاء الرشوة، أو أخذها (القلقشندي، 13 / 144- 148). ويستفاد من هذا المرسوم عدة أمور: الأول أن صلاح الدين في إعطائه الإقطاعات المتناثرة في أرجاء رقعة حكمه كان ينتهج سياسة السلاجقة فيما يحتمل، وكان يهدف إلى أن يتمتع جنده في كل مكان بالأرزاق والأموال وأن لايعتدوا على أراضي الناس ومحاصيلهم. والآخر أن تكون القلاع والمعسكرات في الأراضي الإقطاعية في أرجاء رقعة الحكم على أهبة الاستعداد للدفاع عن البلاد ومجابهة الصليبيين؛ وأخيراً الحيلولة دون إيجاد سلطة ونفوذ للمقطَع في منطقة معينة (عن الإقطاعات المتناثرة لأفراد الأسرة الأيوبية، مثلاً ظ: ربيع، 130؛ القلقشندي، ن.ص). وبطبيعة الحال، فإن إقطاعات كهذه والإصرار الذي كان لدى صلاح الدين في تقسيم المناطق الخاضعة لنفوذه بين أعضاء الأسرة خَلَق للدولة خطراً آخر اتضح فيما بعد. ذلك أن كل واحد من أفراد الأسرة الأيوبية أعلن الاستقلال في إقطاعاته بعد صلاح الدين وتركوا الصليبيين وانهمكوا بالنزاعات والحروب فيما بينهم إلى أن أُسست أخيراً ثلاثة أجزاء للدولة الأيوبية على أيدي كل من: العزيز عثمان في مصر، والأفضل علي في فلسطين وقسم من سورية، والظاهر غازي في لبنان وقسم من سورية (عاشور، 276-277؛ طرخان، 42)، وانصهر الأيوبيون الأصغر في هذه الأجزاء الثلاثة. وقد أدت الإقطاعات التي منحها خلفاء صلاح الدين لأبنائهم وأمرائهم وجندهم إلى حدوث تكتلات سياسية وتفكك وحدة الدولة أكثر من ذي قبل (مثلاً ظ: ابن تغري بردي، النجوم، 6 / 163-173). وعلى الرغم من أن فترة حكم المماليك تعدّ من كثير من الجهات ــ ومنها تقليد منح الإقطاعات ــ وارثة للعصر الأيوبي، إلا أن التحولات التي ظهرت خلال هذا العصر في حدود الإقطاعات وتعميم النظام الإقطاعي وبسط نفوذ المقطَعين، أو تحديده، والإشراف على الإقطاع وقضايا أخرى، كانت بشكل حوّلها إلى أهم، أو أحد أهم فترات النظام الإقطاعي، وانبرى كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين للبحث في هذا الشأن. وكانت دولة المماليك التي أسست بمصر في 648ه عقب وفاة تورانشاه في الأصل ومنذ البدء قائمة على سلطة ونفوذ الغلمان المقطَعين لدى السلاطين الأيوبيين الذين بادروا بدورهم فيما بعد إلى تربية طبقة كبيرة من هؤلاء الغلمان ومنحوهم إقطاعات يتناسب «استغلالها» وعائداتها مع مناصبهم وتزداد مع الارتقاء في المنصب. ففي عصر القلقشندي كانت قيمة إقطاع كل واحد من الأمراء الكبار تبلغ 200 ألف دينار جيشي. ومن بعدهم، كانت قيمة الإقطاعات تقل بحسب رتب الأمراء حتى تصل إلى أمير «عشرة» الذي كان إقطاعه 000,9 دينار؛ و من بعدهم كان يأتي «أجناد الحلقة» (ظ: تتمة المقالة) الذين كان إقطاع كل واحد منهم 500,1 دينار (القلقشندي ، 4 / 50). وبطبيعة الحال، فإن هذا التقسيم الطبقي يعود إلى عصر أيوبيي الشام ومصر وبداية اقتدار المماليك. وفي هذه الفترة، كانت إقطاعات صغار الجند والفرسان والأمراء وحتى نواب المدن معيَّنة. فمثلاً في 657ه تعهد الملك الناصر الأيوبي، حاكم الشام بأن يمنح بيبرس البندقداري إقطاع 100 فارس كانت قصبتا نابلس وجنين في عدادها، أو في 686ه عندما مُنح الأمير شمس الدين سنقر إقطاعاً يعادل إقطاع 3 أمراء فضلاً عن ملكية خاصة واسعة، وأخيراً حظي الأمير علم الدين الشجاعـي، نائـب الشـام فـي 690ه بالإقطاع الخاص بالنيابـة (ابن الدواداري، 8 / 38، 280، 311). وكـان كل واحد من الأمراء المقطَعين ملزماً ــ بحسب رتبته العسكرية وسعة إقطاعاته ــ بتوفير عدد من الجنود الجاهزين للقتال والإبقاء عليهم. ومن جانب آخر، كانت عائدات الإقطاعات تجعل هؤلاء الأمراء مستقلين تماماً عن الحكومة المركزية من الناحية المالية. وعلى الرغم من أنهم كانوا على الدوام هم أنفسهم وإقطاعاتهم عرضـة للعزل والتغييـر والإلغـاء، لكنهم ــ وفي فتـرة ضعف السلطان، أو عندما كانوا يجدون أنفسهم ذوي سلطة كبيرة من الناحيتين العسكرية والمالية ــ كانوا يطمعون في الحكم أيضاً. وقد تسلم كثير من السلاطين الحكم بهذه الطريقة. ويمكن إدراك مدى سلطة هؤلاء الغلمان ذوي الإقطاعات ودرجاتهم من رواية القلقشندي (3 / 453-454) الذي أكد أن مصر بأسرها هي إقطاعيات؛ فالمدن المهمة وذات العائدات الوفيرة هي بأيدي الأمراء، ويملك كل واحد منهم بحسب رتبته ومنصبه بين 1-10 مدن إقطاعاً، أما المدن المتوسطة، فهي في إقطاع مماليك بلاط السلطان، حيث يتحكم شخصان، أو أكثر بمدينة واحدة، والمدن الأقل عائدات هي إقطاع لأجناد الحلقة، حيث يقطَع فريق منهم مدينة بحسب مساحة المدينة وأهميتها وأوضاع المقطعين (قا: ربيع، 130، الذي يعتقد أن هذه الرواية تبين أوضاع العصر الأيوبي). ومن حيث العائدات، كان لكل واحد من أبناء الطبقة الوسطى من الغلمان المقطَعين والذين سُموا في تلك الفترة بأجناد الحلقة (بهذا الشأن، ظ: أيالون، 449-452) ما يتراوح بين 10و30 ألف درهم واردات من إقطاعاتهم (المقريزي، الخطط، 1 / 87- 88). وكان حوالي نصف الأراضي الإقطاعية في مصر مخصصة لهم. وعلى الرغم من أن إقطاعات الشام كانت تتفوق على إقطاعات مصر يوماً ما، إلا أن قيمة إقطاعات الشام في تلك الفترة كانت تعادل ثلثي إقطاعات مصر، وكان لنائب السلطنة في الشام إقطاع يعادل إقطاع الأمراء الكبار في مصر (القلقشندي، 4 / 50). ولم تكن إقطاعات تلك الفترة مقتصرة على الأراضي والمعادن، أو خراج الأرض، بل كانت تشمل أحياناً زكاة المواشي والجزية والعشور وحتى أنواع المكوس (الضرائب المستحدثة وغير الرسمية)، بشكل كان يؤدي إلى الاضطرابات والفوضى بحسب تعبير القلقشندي (13 / 117)، إلى أن ألغى السلطان الناصر محمد بن قلاوون هذه الضرائب وقصر الإقطاعات على الأراضي الزراعية والمدن (طرخان، 65-66). كما لم تكن إقطاعات الأراضي منحصرة في الأراضي المقطَعة ــ الديوانية ــ التي كان السلطان يمنحها للأمراء والمماليك والجند، بل كانت تشمل أحياناً الأراضي المملوكة القابلة للبيع والشراء والأراضي المحبّسة والمراعي والأملاك والأراضي الموقوفة أيضاً، مثل الإقطاعات التي منحها الناصر من أراضي الأوقاف (م.ن، 63-64، 76-77). وقد شاع إقطاع المكوس في بداية حكم المماليك على يد ابن صاعد وزير السلطان أيبك في 650ه والذي وضع ضرائب غير رسمية باسم «الحقوق والمعاملات». وهذا الأسلوب الذي استُهجن من قبل الكثيرين أُلغي أخيراً على يد السلطان بيبرس (م.ن، 77- 78). وفي هذه الفترة، كان إقطاع الاستغلال شائعاً بشكل أوسع، لكن إقطاع التمليك أيضاً كان موجوداً. فمثلاً عندما فتح بيبرس قيسارية في 663ه طلب إلى قاضي دمشق أن يمنحها للأمراء والمجاهدين إقطاع تمليك وكتب بهذا الشأن مراسيم ووثائق (المقريزي، السلوك، 1(2) / 530-534؛ حمادة، 296-300). وقد عُرفت مراسيم ووثائق الإقطاع التي كانت تسمى قبل ذلك باسم «السجلّ»، بـ «المنشور» في عصر القلقشندي، وكانت تستخدم للإقطاعات حصراً. وقد أورد القلقشندي شرحاً وافياً عن شكل وموضوع ومضمون وإنشاء هذه المنشورات (13 / 157 وما بعدها). وكان ديوان الجيش يشرف على شؤون الإقطاعات وكانت مهمة ديوان الإنشاء في إصدار مراسيم ومنشورات الإقطاعات تعدّ زيادة على مهام ديوان الجيش، وكانت هذه الوثائق والمنشورات التي تتضمن اسم المقطع ومساحة ونوع الإقطاع تُسجل وتُدون في دائرة إقطاع ديوان الجيش وبإشراف مستوفٍ خاص يدعى «مستوفي الإقطاعات» (م.ن،13 / 153-155؛ عاشور، 270). ويرى بعض الباحثين أنه عقب وفاة الناصر محمد بن قلاوون بادر «أجناد الحلقة» إلى تبادل إقطاعاتهم، فاشترى كثير من العناصر المدنية هذه الأراضي، فتحول أجناد الحلقة بدل ذلك إلى صنّاع وحرفيين، وقد شاع هذا التقليد، بحيث أسس السلطان «ديوان البذل» وكان الأجناد يبادرون فيه إلى تبادل الأراضي الإقطاعية وبيعها. وقد جوبه هذا العمل الذي كان يبدو غير قانوني بسبب ماهية الإقطاع ورسم السلاطين، بالمعارضة وأُلغي عدة مرات وأُعيد تأسيسه (أشتور، 321؛ أيالون، 453-454). كما أن إصرار الأجناد على بيع أراضيهم الإقطاعية واستبدالها دال على أن عائدات تلك الأراضي إما لأنها لم تكن تلبي حاجة المقطَعين بسبب خراب الإقطاعات، أو أنهم لم يكونوا يحصلون على تلك العائدات. وفي عصر المماليك لم تكن للإقطاع الموروث عمومية، لذا، لم تظهر في ذلك العصر أسر إقطاعية، أو لم يكتب لها النمو. وعلى الرغم من أن پولياك يرى أن الإقطاع في ذلك العصر كان موروثياً («النظام الإقطاعي في مصر ...»، 32-33)، لكن لايتوفر دليل على إثبات هذا الإدعاء، سوى في حالات استثنائية. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن الهدف من تجديد مسح الأراضي وفرزها في المرات العديدة، فضلاً عن تحديد وتجديد الإقطاعات، كان إظهار قدرة السلطان على إلغاء، أو تجديد، أو تأسيس الإقطاعات ومعارضته لتوارث الإقطاعات. كما أن روايات المؤرخين تظهر أن أملاك الجميع كانت تحت تصرف السلطان، وكان هو الذي يتخذ القرارات بشأنها (ابن تغري بردي، النجوم، 9 / 41-43؛ قاسم، عبده، 154؛ أيضاً ظ: أيالون، 451-452). وكانت خيانة أصحاب المناصب المقطَعين للسلطان ومعارضتهم له مدعاة لعزلهم وإلغاء إقطاعاتهم على الدوام؛ وفي هذه الحالة، كان إقطاع الأمير المعزول يمنح لخليفته (مثلاً ظ: ابن تغري بردي، المنهل ... ، 3 / 8، 4 / 14، 23، 315). وكان ذلك بسبب أن كل واحدة من الوظائف والمناصب كان لها إقطاع معين خاص بها. وفي البلدان الإسلامية الواقعة في أقصى الغرب، أي شمال أفريقيا والأندلس أيضاً وعلى الرغم من العثور على شواهد تدل على وجود تقليد الإقطاع، إلا أنه لم يحقق في تلك المناطق انتشاراً وتطوراً وتكاملاً يذكر، وإن المصادر التاريخية الخاصة بهذه البلدان تتضمن إشارات قليلة بهذا الشأن، لذا يجدر القول إن إسبانيا الإسلامية بشكل خاص لم تكن قد اختارت مرحلة الإقطاع القديمة، لكن يمكن تخمين أن سيطرة المسلمين العرب وتملكهم لأفضل وأكثر أراضي الأندلس منذ بداية سيطرتهم على هذه البلاد كان بشكل إقطاعات (ظ: سالم، 122). كذلك توجد روايات تتحدث عن منح الإقطاعات للعسكريين، سواء الأراضي، أو حق الانتفاع بعائداتها، أو تخصيص أموال للجند؛ كما حدث في أوائل عصر الفاطميين في المغرب، حيث ورد ذكر أموال طائلة بصفتها قطائع لجيوش طنجة وأصيلاً (ابن حيان، 106). كما كان للمرابطين أنفسهم أيضاً إقطاعات عسكرية اتسعت عقب فتحهم الأندلس على يد يوسف بن تاشفين في 448ه (طرخان، 48). وفي عصر الموحدين أيضاً كان الإقطاع شائعاً وكانوا يمنحون إقطاعات حتى لفريق من مماليكهم (المراكشي، 289، 338). وفي الفترة التي ضعفت فيها حكومة بني نصر في غرناطة خلال القرن 8 ه / 14م تحول نظام الحكم نوعاً ما إلى شكل من أشكال الإقطاع (عنان، 442). وفي عصر بني مرين خلال القرنين 7و8 ه أيضاً، كان لقادة الجند إقطاعات كانت في فترة ما تعادل 20 مثقال ذهب من الأملاك والقرى (طرخان، ن.ص).
إن الإقطاع في العصر المغولي إنما يحظى بالأهمية بسبب التحولات التي طرأت عليه والتأثيرات التي تركها في الدول والبلدان الإسلامية في هذا المضمار، وكذلك التغيرات التي ظهرت في بعض مفاهيم الإقطاع ومصطلحاته خلال ذلك العصر. فخلافاً للعصر السابق الذي كان فيه الإقطاع العسكري يعدّ أهم أشكال الإقطاع وبرغم أن الأملاك الكبيرة من الملكيات الخاصة والإقطاعيات وحتى الموقوفات كانت تُغتصب على أيدي المغول، ولكنه لم يكن متداولاً في المناطق الخاضعة للحكم المغولي حتى عهد غازان خان، على الرغم من أن بعض الأمراء الكبار كانت لهم إقطاعات وكان الإقطاع والإقطاع الضريبي والضمان رائجاً أيضاً (مثلاً ظ: رشيد الدين، جامع ... ، 3 / 1431). وكان أساس نظام الإقطاع في العصر المغولي هو نفس الأسلوب السائد في إيران والبلدان الشرقية الإسلامية الأخرى، ثم طرأت عليه تغييرات في تلك الفترة؛ لكن هذه الرؤية الضمنية القائلة بأن النظام الإقطاعي المغولي كان في ذلك العصر ناجماً عن أسلوب نظام الإقطاع لدى البدو الرحل في منغوليا (مثلاً ظ: تسوف، 278-285)، بحاجة إلى دراسة أكثر عمقاً. وعلى أية حال، فإن العساكر المغول والجند المقربين من بلاط الإيلخان كانوا يستوفون «التغار» (وحدة وزن تعادل مائة مَنّ تبريزي؛ وتعني هنا الغلال) الذي كانت حوالاته التي تُفرض على المدن والقرى، مختلفة؛ لكن هذا المقرَّر العَيني ولأسباب مثل بعد الولايات والأوضاع السياسية والاجتماعية كان إما أن لايصل بيد أصحابه، أو يُسلَّم إليهم مع تأخير واستقطاعات كبيرة. ولهذا السبب وبغية تأمين نفقات حياتهم كان الجند يبيعون حوالاتهم بثمن بخس، أو يقدمون إذا سنحت لهم الفرصة على نهب القرى والمزارع وهو ما كان يؤدي بدوره إلى انهيار البنية الاقتصادية وزيادة الاضطرابات. ولذا، فإن غازان خان وضمن مجموعة إصلاحاته التي ربما بدأها في 697ه بكفّ أيدي «باسقاقين» عن أملاك فارس (شپولر، 328)، وبهدف خلق حالة عمرانية وتنظيم الشؤون الاقتصادية والعسكرية، وربما لتوثيق ارتباط الأمراء والجند بالحكومة المركزية (ظ: علي زاده، مقدمة، 15-16؛ قا: پطروشفسكي، 2 / 57)، منح في 703ه من خلال مرسوم، البلدان والولايات الخاضعة لحكمه من نهر جيحون إلى حدود مصر إقطاعاً للجند. وخلال 3 شهور حُددت الأراضي الإقطاعية وقسمت إلى تومانات وكل تومان إلى أسهم «ألفيّة»، أي أنه منح الأملاك الواسعة، أو جميع المدن (مثلاً ظ: حمد الله، 82-83، 92-93)، إقطاعاً لأمراء «التومان» و«الألف»، بينما حصل جميع أمراء «المائة» و«العشرة» وصغار الجند الذين كانوا تحت إمرة أمير الألف، إقطاعات من تلك الأملاك بحسب رتبهم ونالوا عائدات. وهكذا قسم أمير الألف بحضور «بتكچي» والخبراء المحليين ولايته المقطَعة إلى 10 أقسام أعطى كل قسم لأحد أمراء المائة، وبدوره كان أمير المائة يعطي أمراء العشرة، وعلى نفس المنوال كان أمراء العشرة يعطون الجند إقطاعات ويسلمون وثائق ملكية هذه الإقطاعات إلى ديوان الإيلخان وإلى المقطعين أنفسهم. فعلى عهد الإيلخان أبو سعيد مثلاً مُنحت أملاك القاآن في ولايتي أران ومغان إقطاعاً للشيخ حسن وسُجل في دفاتر ديوان الإقطاع باسمه واسم أمراء الألف والمائة والعشرة لذلك التومان «ليقوم بإعمار تلك المناطق وزراعتها» (النخجواني، 2 / 50-51). والأمر المهم في هذا المرسوم هو شروط منح الإقطاعات والالتزامات المترتبة على المقطَعين ورجال الديوان تجاه الدولة والرعية، وهو ما يبدو مهماً جداً في دراسة تاريخ الإقطاعات خلال العصر الإسلامي: بموجب هذا المرسوم ينبغي للفلاحين الذين كانوا يعملون في أملاك «إينجو» منذ القدم أن يواصلوا الزراعة ويعطوا عائداتها للجيش، زادت، أم نقصت. وكانت «إينجو» تطلق في تلك الفترة على معان مختلفة مثل الأملاك الديوانية، الأراضي الخالصة، أملاك الإيلخان والأمراء (للبحث في هذه المفردة، ظ: دورفر، II / 220-221؛ أيضاً ظ: ن.د، إينجو).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode