أرمینیا
cgietitle
1442/9/11 ۱۰:۵۰:۵۸
https://cgie.org.ir/ar/article/235988
1446/9/4 ۱۰:۳۰:۵۵
نشرت
7
تحدث المؤرخون عن حملات آرتاشس. فقد كتب موسى الخورني: استولى آرتاشس الأول على جميع الأراضي اليابسة الواقعة بين البحرين (ص 71). ويبدو أن الذي يعنيه الخورني بالبحرين هما بحر الخزر و البحر الأسود، ذلك أنه حسب معلوماتنا تمكن من القضاء على ثورة الخزر في پايتاكاران التي كانت تقع بين نهري كورا (كر) و أرس (سركيسيان، ن.ص). أما خلفاء آرتاشس إلى عهد سلطنة تيغران الثاني الملقب بالكبير، فهم: وآرتاوازد الأول (159-149 ق.م)، تيغران الأول (149-123ق.م)، و آرتاوازد الثاني (123-94 ق.م) (پاسدرماجيان، 36).
و المرة الأولى التي أشير فيها إلى أرمينيا خلال عصر الفرثيين (الأشكانيين) ترجع إلى عهد ميتريدات الثاني (مهرداد) حوالي سنة 124، أو 123-87 ق.م. فقد خاض حرباً حقق فيها الانتصار على آرتاوازد الثاني ملك أرمينيا و أخذ ابنه تيغران رهينة و ذهب به إلى إيران (كالج، 27، 30؛ بيوار، 3(1)/142). و بوفاة آرتاوازد الثاني في 58 ق.م، ظل عرش أرمينيا شاغراً. و يبدو أن الفرثيين الذين كانوا على عهدالملك الأشكاني گودرز قد أخذوا الأمير الشاب تيغران رهينة إلى إيران، قاموا بإرساله إلى أرمينيا ليجلس على العرش. إن هذا الحاكم هو نفسه الذي عُرف في تاريخ أرمينيا باسم تيغران الثاني (الكبير) (95-55 ق.م) (سركيسيان، ن.م، 40). و قد تزوج من شقيقة ميتريدات السادس أوپاتور (مهرداد الپونتي) و جعل علاقته به حميمة. و استناداً إلى معاهدة، وافق الطرفان على أنتكون كبدوقية خاضعة لحكم پونت (پونتوس) (BSE2,III/56؛ سركيسيان، ن.م، 41). و في 77 ق.م بنى تيغران الثاني في أحد السهول الخصبة لمحافظة آغدزنيك (ميافارقين)، مدينة باسمه دعاها تيغراناكرت و جعلها عاصمة له (ن.م، 44؛BSE2، ن.ص؛ پاسدرماجيان، 43، 44). استولى تيغران الثاني على بلدان كثيرة وسمّى نفسه ملك الملوك (م.ن، 42).
و في السنوات بين 69 حتى 66 ق.م خاضت أرمينيا معارك ضد الدولة الرومانية انتهت بانتصار الرومان (ظ: م.ن، 53-75). وبعد تيغران الثاني تسلم آرتاوازد (56-34 ق.م) مقاليد الأمور في أرمينيا. و في 36 ق.م وصل مارك آنطوني (ماركوس آنطونيوس) الذي كان ذاهباً لحرب إيران، إلى أرمينيا و قطع طريق أرضروم ـ إيروان ـ جلفا، و اجتاز نهر أرس، حيث دارت جنوبي أرس رحى معركة بين الجيش الفرثي بقيادة الملك الأشكاني فرهاد الرابع و الجيش الروماني انتهت بهزيمة آنطوني و هروبه. وقد مهدت هذه الهزيمة لانهياره. و عقب عودة آنطوني إلى أرمينيا، أجلس ولده ألكساندر على عرش أرمينيا و غادرها عائداً. و في هذه الفترة اندلعت ثورة عارمة في أرمينيا و تسنم العرش أحد أبناء آرتاوازد باسم آرتاشس الثاني، غير أن جيش آنطوني أخمد الثورة، فجلس ألكساندر مرة أخرى على العرش. وكان آرتاشس بدوره قد التجأ إلى البلاط الأشكاني. حكم ألكساندر من 34 حتى 31 ق.م، و في 30 ق.م عاد آرتاشس بدعم من الدولة الأشكانية إلى أرمينيا و ظل يحكمها حتى 20 ق.م (ظ: م.ن، 79-86؛ بيوار، 3(1)/159-166؛ سركيسيان، أقسام من، 53-54).
حكم بعد آرتاشس كل من تيغران الثالث (20-8 ق.م)، و من بعده تيغران الرابع (8-1 ق.م) اللذين كانا آخر حكام أرمينيا من الأسرة الآرتاشسية. و في 5 ق.م قام الرومان بخلع تيغران الرابع عن العرش و أجلسوا محله لحكم أرمينيا عمّه آرتاوازد الذي كان قد أُخذ رهينةً إلى روما، لكنه لميتمكن من البقاء في السلطة لاُكثر من ثلاث سنوات. و مرةً أخرى تسلم مقاليد الأمور تيغران الرابع بالاتفاق مع إراتو، غير أنه قُتل بعد قليل من ذلك في المعركة التي خاضها في مواجهة سكان الجبال الذين كانوا قد هجموا من شمالي القفقاز، كما اعتزل إراتو الحكم. و بذلك انتهى في القرن 1م حكم الأسرة الآرتاشسية.
و إلى سنة 51 و بحسب رأي إلى سنة 52و53م كانت أرمينيا تعيش أزمة حكمها خلالها حكام أمثال آريوبرزن الأول وآريوبرزن الثاني و أرشك و زنون و مهرداد شقيق ملك إيبري (جورجيا) و أمير آخر من تلك البلاد (ن.م، 54-55؛ پاسدرماجيان، 89، 90). و قام فلارش الأول (بلاش) (51-78م) حاكم مادخرد بتنصيب أخيه باكور حاكماً على أتور باتكان، كما نصب أخاه الآخر تيرداد حاكماً على أرمينيا (بيوار، 3(1)/178-179؛ كالج، 44، 45؛ سركيسيان، ن.م، 55-56). وقد تمكن تيرداد من تسنم عرش أرمينيا (ن.م، 56؛ پيغولوسكايا، 76،75).
و في 54م اعتلى نيرون عرش إمبراطورية روما. وقد أثار سقوط أرمينيا بأيدي الفرثيين القلق في روما. و كان ينوي أن يوسع حدود إمبراطوريته لتصل إلى ما كانت عليه في عهد لوكولوس و پومپيوس. وقد انقسم الأرمن إلى فريقين أحدهما يؤيد الرومان، و الآخر يؤيد الفرثيين. كان تشابه عادات و تقاليد الفرثيين و الأرمن و تسامح الفرثيين و رعايتهم للأرمن، قد أدى إلى دعم الأرمن لهم. ومنذ 54م بدأت الحرب بين الروم والإيرانيين للاستيلاء على أرمينيا و استمرت 10 سنوات (حتى 64م). و قد دُمرت خلال هذه الحرب مدينتا آرتاكساتا (آرتاشات) و تيغراناكرت. وفي 60م انبرى تيرداد للمجابهة، لكنه لميكن قادراً على ذلك. و قد أدى الهجوم المباغت الذي قاده بلاش إلى إلحاق الهزيمة بالروم و تراجعهم. و أخيراً تم القبول بتيرداد ملكاً على أرمينيا شريطة أن يُتَوَّج من قبل نيرون. وبذلك روعيت هيبة الروم و في نفس الوقت تمت تلبية مطلب الدولة الإيرانية. و في 66م غادر تيرداد إلى روما، حيث توّجه نيرون ملكاً على أرمينيا و منحه أموالاً طائلة أيضاً لإعادة بناء مدينة آرتاشات. و لهذا السبب سُميت هذه المدينة لبضع سنوات نيرونيا، نسبة إلى اسم الإمبراطور الروماني، لكنه استعادت اسمها القديم بعد ذلك (سركيسيان، ن.م، 56-57؛ پيغولوسكايا، 78؛ كالج، 44، 45؛ بيوار، 3(1)/180-185). و بذلك تمكن بلاش الأول من الحصول على سلام راسخ مع الإمبراطورية الرومانية (ن.ص).
و بعد فترة نظر شعب أرمينيا إلى تيرداد نظرتهم إلى واحد من أبطالهم، و هذا هو الذي دعا إلى أن يختلط تيرداد بشخصية من أمثال آرتاشس الأول و يحظى بالاحترام و الشعبية (خداورديان، 1/96). كان اختلاط اسم تيرداد باسم آرتاشس إلى الحد الذي دعاه موسى الخورني باسم آرتاشس، بينما يمكن الاستنتاج مما ورد في كتابه أن الشخص المعنيّ لديه لميكن آرتاشس، بل تيرداد (ظ: موسى الخورني، 95-101).
لاتتوفر لدينا معلومات وافية عن تاريخ أرمينيا في الفترة التي أعقبت تيرداد. فقد ذكر البعض أن نهاية حكم تيرداد كانت في العقد التاسع من القرن 1م (سركيسيان، ن.م، 59؛ پاسدرماجيان، 91، 94). و بعد تيرداد يبدو أنه تعاقب على حكم أرمينيا 8 حكام من الأسرة الأشكانية حتى سنة 238م. و كانت أرمينيا وإلى 226م عندما تولى الحكم في إيران أردشير بابكان، موضعاً للنزاع بين الإمبراطورية الرومانية و الدولة الأشكانية (ن.ص). إن أحد الوقائع المثيرة للاهتمام في هذه الفترة، الحرب مع الخزر التي حدثت على عهد فلارش (بلاش الأول من الأسرة الفرثية، 117-140م) التي ذكرها موسى الخورني. فقد ذكر أن مدة حكم هذا الملك امتدت 20 عاماً. بنى هذا الملك مدينة فلارش (بلاش) آباد (في الأرمنية = واغار شاوان) و سماها باسمه: فلارشاپات واتخذها عاصمة له. و كانت هذه المدينة إحدى عواصم أرمينيا وتدعى اليوم إچميادزين و المسافة بينها و بين مدينة يريفان هي 20 كم (سركيسيان، ن.ص، أيضاً تعليقات، 249، الهامش؛ موسى الخورني، 114).
و إلى عهد فلارش الثاني (216-217م) و تيرداد الثاني، أو خسرو الأول (217-238م) كان ملوك أرمينيا يعينون من بين أخلاف و ذريّة الملوك الفرثيين، و لكن منذ عهد هذين الملكين الذي صادف جزء منه تأسيس الدولة الساسانية اتخذ وضع ذريّة ملوك أرمينيا الأشكانيين منحىً آخر. و لذلك دُوِّنت فترة حكم الأرشكيين (الأشكانيين) الأرمن، بعد هذه الفترة (سركيسيان، أقسام من، 58؛ پاسدرماجيان، 94). و يعزو موسى الخورني استتباب أمر أردشير بابكان إلى أن فرعين من الأسرة البهلوية (الفرثية): بهله إسپهبذ و بهله سورن حسدا فرعاً من أسرتهما كان يحكم الفرثيين، فاستعدا لإعانة أردشير (ص 118-119). ولايرى فلاديمير لوكونين مبرراً للتشكيك في صحة هذه الرواية، ويضيف قائلاً إن الأسر المعروفة لمتكن قادرة بمفردها على الإطاحة بالأسرة الأشكانية (ص 38). يواصل موسى الخورني كلامه فيقول: غير أن أسرة بهلة كارن (قارن) هبّت لمناوئة أردشير و حاربته (ص 119). و لاتتفق رواية موسى الخورني بقائمة أفراد بلاط سابور الأول التي في كعبة زرادشت.
ففي القائمة المذكورة ذُكرت أسر وَراز و بهلة سورن و بهله كارن بوصفها مؤيدة لأردشير (لوكونين، ن.ص). وكما يستفاد من نقوش أوائل العهد الساساني، فإن أسرة بهله كارن كانت لها منزلة رفيعة. يقول لوكونين إن الخورني كان واهماً عندما ذكر أن انهيار أسرة كارن حدث فى أوائل العصر الساساني، ذلك أن انهيار هذه الأسرة و عزلة أبنائها إنما حدث بعد الفترة التي كان فيها نرسة (نرسي) (293-302م) حاكماً على إيران (ص 122,123). و ربما كان السبب هو أن أسرة كارن كانت تدعم بهرام سكانشاه في مواجهته (ظ: م.ن، 189). قاد خسرو (تيرداد الثاني) ملك أرمينيا مرتين هجوماً عسكرياً ضد أردشير، لكنه لميتمكن من النيل منه و قُتل في 238م. و يرى موسى الخورني أن قتل أفراد أسرة كارن بهلو (بهله كارن) كان في عهد خسرو ملك أرمينيا. بينما الحقيقة هي أن هذه الواقعة حدثت في عهد نرسة. و لاتتوفر لدينا معلومات كثيرة عن مصير أسرة بهله كارن. وقبل نرسة (نرسي) كانت أسماء أفراد هذه الأسرة تحظى بمنزلة رفيعة في قائمة الأسر الكبرى في البلاد، و تأتي بعد اسم الملك و أفراد الأسرة الملكية، لكن لميرد لهم ذكر في نقش نرسة (م.ن، 122,123).
يستفاد من هذه النقوش أنه إلى وفاة أردشير (243م)، فإن أرمينيا لمتكن قد أصبحت بعد جزءاً من إيرانشهر، و لميكن للدولة المركزية نفوذ يذكر في البلدان الخاضعة لحكم الأسر الفرثية سورن و كارن و وراز (م.ن، 51). و خلال السنوات من 224-253م استولى الجيش الإيراني على جزء من أرمينيا، فعُيّن هرمزد أردشير الابن الأكبر لسابور الأول و خليفته حاكماً على تلك البلاد باسم «كبير ملوك الأرمينيين» (م.ن، 56,60). وقد ذكرت أرمينيا في نقش سابور الأول الموجود في كعبة زرادشت بوصفها إحدى بلدان إيرانشهر (م.ن، 62). كما أن نرسة كان في السنوات 276-293م يحمل لقب «كبير ملوك الأرمينيين»، لكن هذا اللقب لايعبر عن الواقع بالمعنى الحرفي له، ذلك أن أرمينيا لمتكن حتى ذلك الوقت قد تم الاستيلاء عليها بشكل كامل (م.ن، 111).
و عقب قيام الدولة الساسانية، فإن الوقائع الخاصة بفتح أرمينيا مضطربة إلى حد كبير. إذ يستفاد من الطبري احتمال أن يكون أردشير قد فتح أرمينيا الجنوبية و أطراف الموصل (2/40-41). وكتب ابن الأثير أن ملك أرمينيا تحالف مع أردوان و ذهبا سوية لحرب أردشير. و في أحد الأيام التي كانت فيها مقرراً أن تكون الحرب مع ملك الأرمن، لميذهب أردشير لحربه وتصالح معه. وعقب انتصاره على أردوان و قتله، ذهب إلى همذان و الجبل (ميديا) وآذربايجان و أرمينية والموصل و فتحها (1/383). وفي كلا المصدرين ورد اسم أرمينية إلى جانب الموصل مما يُتصور معه أن المقصود بذلك هو أرمينيا الجنوبية، ذلك أنه لميرد في كارنامۀ أردشيربابكان ذكر لحربه مع الأرمن. فقد ورد في كارنامه بأن أردشير كان ينوي الذهاب إلى بلاد الأرمن، لكنه تخلّى عن ذلك و توجه إلى فارس ليصلح أمورها (ص 57). ويستفاد من النقوش أن أرمينيا و جورجيا و أديابنة في الغرب لمتكن أصبحت جزءاً من إيرانشهر حتى زمن وفاة أردشير، ولميكن للساسانيين قوة عسكرية في أرمينيا عملياً (لوكونين، 51,52). كما أن ماركوارت ذكر بالظن و الاحتمال فتح أردشير لأرمينيا ( إيرانشهر، 114). و ربما كان جزء من أرمينيا قد فتح على يد الجيش الساساني، ذلك أن اسم هرمزد أردشير يشاهد في نقش سابور الأول في كعبة زرادشت بوصفه حاكماً لهذا الجزء وبلقب ملك أرمينيا الكبير (لوكونين، 56,60)، مما يحتمل أن يكون خاصاً بسنوات حكم سابور الأول. وقد ورد في نقش الموبذ كرتير الموجود في كعبة زرادشت أن سابور قد أحرق بلدان أرمينيا وجورجيا و بلاسكان حتى بوابة ألبانيا (م.ن، 87-88). وللأسف فإنه لاتتوفر معلومات محددة عن تاريخ هذه الواقعة. ويبدو أن هجوم سابور الأول الناجح على أرمينيا حدث بعد مقتل خسرو الأول (تيرداد الثاني) ملك أرمينيا الأشكاني. و يحتمل أنه صمد أمام الجيش الساساني حتى ذلك الوقت (BSE2, XLVI/337؛ پاسدرماجيان، 114).
إن ما كتبه موسى الخورني يختلف عما ورد في كارنامۀ أردشير بابكان. فقد ذكر المعركة التي دارت بين أردشير و خسرو، و قال إن خسرو الذي هو نفسه كان من الأسرة الفرثية أرسل سفراء إلى أقاربه الفرثيين (بهلويك)، أي إلى زعيمي أسرتي بهله سورن و بهله إسپهبذ و طلب إليهما أن يدعماه، لكن زعماء الأسرتين المذكورتين امتنعا عن ذلك. ثم بلغه بعد ذلك أن أسرة بهله كارن قد تخلت عن تبعيتها لأردشير. و ذكر موسى الخورني انتصارات ملك أرمينيا الأشكاني خسرو (تيرداد الثاني) على أردشير و قال إن خسرو ألحق الهزيمة بأردشير. ثم انبرى أردشير أن يقتل خسرو سراً. و قد كُلِّف أناك الذي كان أحد أفراد أسرة بهله سورن، بقتل خسرو. فأظهر أنه هرب من عند أردشير. و في السنة الثالثة لقدومه إلى أرمينيا و السنة الثامنة و الأربعين لحكم خسرو، قام بقتله (ص 118-121).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode