الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / أرسطو /

فهرس الموضوعات

أرسطو

أرسطو

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/27 ۱۳:۴۱:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

وبشأن التعریف، أو الحد یقول أرسطو: التعریف مرکب من الجنس والفصول. والجنس هو المشترک بین أنواع کثیرة، والفصل، أو الاختلاف هو بدوره کیفیات غیر عرضیة، تفصل الأنواع عن بعضها البعض و تحدّدها. والتعریف یبین ماهیة شيءٍ، فمثلاً في الإجابة علی السؤال: ماهو الإنسان؟ نقول أولاً: حیوان – الذي یعیّن الجنس – ثم یجب أن نضیف إلیه جمیع الفصول التي لدی الإنسان و التي لیست لدی بقیة أنواع الحیوان، أي النطق والتفکیر؛ و یقال في تعریفه: الإنسان حیوان ناطق، أو مفکر.

والبحث المهم الآخر في المنطق الأرسطي هو بحث القضیة. فالقضیة البسیطة کلام یدل علی وجود، أو حضور شيء في شيء آخر، في الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل. و القضیة إما إیجابیة، أو سلبیة، أي إما أن تُنسب شیئاً إلی شيء، أو تسلب منه (باري أرمینیاس، الفصل 5، الورقة 17a، السطر 23، الفصل 6، الورقة 17a، السطر 25). وینبري أرسطو في «التحلیلات الأولی» لبحث هذه القضایا بالتفصیل.

والبحث المهم الآخر في منطق أرسطو هو القیاس. و المعرفة العلمیة بمعناها الحقیقي هي في استنتاج الجزئي من الکلي، أو المعلول من العلة، وبحسب تعبیر أرسطو، فإن معرفة أي شيء بشکل مطلق، تتم عندما نعرف علته، و هي علة هذا الشي و لیست علة شيء آخر، و أن نعرف أیضاً أن هذا الشيء لایمکن أن یکون بشکل آخر («التحلیلات الثانیة»، الکتاب I، الفصل 2، الورقة 71b، السطر 10). ومصطلح القیاس هو العنوان الذي کان قد اختاره أوائل مترجمي آثار أرسطو المنطقیة إلی العربیة في مقابل الکلمة الیونانیة سولوغیسموس. وهذه الکلمة إلی جانب معانیها العدیدة هي شکل من القیاس، أو المقولات المرکبة المقصود بها الاستنتاج. وقد استخدم أرسطو أیضاً هذا المصطلح بمعناه العام هذا (الخطابة، الکتاب I، الفصل 11، الورقة 1371b، السطر 9)، لکن المترجمین العرب کثیراً ماعرّبوا نفس الکلمة الیونانیة واستخدموها بشکل «سَلّوجسموس» و «سُلّیجسموس» (مثلاً ظ: أرسطو، المنطق، 1/ 104، 106).

یقول أرسطو في بدایة بحث القیاس: یجب أن نتناول أولاً ما هو موضوع بحثنا، و حولَ ماذا یدور؟ بحثنا حول البرهان والمعرفة البرهانیة، ثم نعلم بعدها المقدمة والحدّ والقیاس و أیها کامل و أیها غیر کامل؟ («التحلیلات الأولی»، الکتاب I، الفصل 1، الورقة 24a، السطر 10). والمقدمة هي قول موجب شیئاً لشيء، أو سالب شیئاً عن شيء. وهذا وهي، إما کلیة، و إما جزئیة، وإما مهملة (نفس الورقة، السطر 16). کذلک المقدمة علی نوعین: برهانیة، أو جدلیة (دیالکتیکیة)، والفرق بین هاتین الاثنتین هو أن المقدمة البرهانیة هي أحد جزئي التناقض، ذلک أن المبرهن لایسأل عن المقدمة، بل إنه یضعها، بینما المقدمة الجدلیة هي سؤال حول اختیار أحد طرفي التناقض (ن.م، الکتاب I، الفصل 1، الورقة 24a، السطور 23-25).

وعندها یقول أرسطو في تعریف القیاس: القیاس هو القول الذي إذا ماوُضعت الأشیاء تستدعي بالضرورة مجيء شيء من نفس تلک الموضوعات علی أثرها، و المقصود هو أن النتیجة تستحصل منها هي نفسها ولاحاجة لأي شيء آخر من الخارج لیجعل النتیجة ضروریة (نفس الفصل، الورقة 24b، السطور 10-23).

ولکل قیاس ثلاثة حدود: حد أکبر، حد أصغر، حد أوسط. والعلاقات المختلفة للحد الأوسط مع الحدین الآخرین تنتج الأشکال الثلاثة للقیاس. إذا کان الحد الأوسط في المقدمة الکبری موضوعاً، وفي المقدمة الصغری محمولاً، نتج الشکل الأول؛ و إذا کان في کلتا المقدمتین محمولاً نتج الشکل الثاني. و إن کان في کلتا المقدمتین موضوعاً، ظهر الشکل الثالث للقیاس. و من بین الأشکال الثلاثة للقیاس فإن الشکل الأول أکثرها علمیة، ذلک أنه لایستخدم في علوم الریاضیات فحسب، بل أیضاً في علوم الحساب و الهندسة والمناظر والمرایا، وبصورة عامة في جمیع العلوم التي تبحث في العلة («التحلیلات الثانیة»، الکتاب I، الفصل 14، الورقة 70a، السطور 18-21، لمزید من التفصیل، ظ: الفصل الورقة 25b، السطر 32، الفصل 5، الورقة 26b، السطر 34، الفصل 6، الورقة 28b، السطور 10-15، مخـ).

والقیاس لیس استدلالاً من الکل إلی الجزء فحسب، بل هو أیضاً استدلال من الجزئي إلی الکي، أي کشف کليٍّ ما عن طریق الجزئیات. ویسمي أرسطو هذه الطریقة استقراءً، أي الوصل إلی أحد الکلیات عن طریق تتبع الأفراد، أو الجزئیات و بحثها. و یُعثر علی هذا المصطلح للمرة الأولی لدی أرسطو. والاستقراء هو الانطلاق من الجزئیات نحو الکلیات، فمثلاً لو أن الریان الماهر أفضل ربان، و الحوذي الماهر أفضل حوذي، إذن بصورة عامة فإن کل شخص ماهر في أي أمر، هو الأفضل، والاستقراء أکثر إقناعاً و وضوحاً، و بحسب الإدراک الحسي، معروف بشکل أکبر، و هو مشترک بین عامة الناس، أما القیاس فهو أکثر إلزاماً، وأکثر عملیة في مجابهة الخصوم (طوبیقا، الکتاب I، الفصل 12، الورقة 105a، السطور 13-19).

و في نص آخر یقول أرسطو: یقدم الاستقراء مبدءاً وکلیةً، ویبدأ القیاس من الکلیات، إذن فالکلیات هي التي یبدأ القیاس منها، بینما القیاس لها هي، و تأتي عن طریق الاستقراء(«الأخلاق إلی نیقوماخوس»، الکتاب VI، الفصل 3، الورقة 1139، السطران 28, 31). ویقدم أرسطو قواعد الاستقراء في «التحلیلات الأولی» (الکتاب II، الفصل 23، الورقة 68b، السطر 15 و مابعده).

ویتناول أرسطو نوعاً آخر من الاستدلال هو البرهان: البرهان قیاس ینتج عن المقدمات الحقیقیة و الأولی، أو هو بنحو ینتج مبدأ معرفتنا به عن مقدمات أولی و حقیقیة. والمقدمات الحقیقیة و الأولی هي تلک التي توجد الاعتقادَ عن طریقها هي ولیس عن طریق شيء آخر، ذلک أنه من حیث مبادئ المعارف الیقینیة العلمیة لیس من الضروري أن نسأل عن علتها، بل إن کل واحد من تلک المبادئ یجِد بذاته الاعتقاد، إلا أن العقائد المسلَّم بها هي تلک التي یعتقد بها الجمیع، أو أغلبهم، أو العقلاء، أو أغلبهم، أو أشهرهم، أو أبرزهم (طوبیقا، الکتاب I، الفصل 1، الورقة 100a، السطر 27، الورقة 100b، السطر 23).

ویقول أرسطو في موضع آخر: البرهان هو القیاس الذي تنتج عنه المعرفة العلمیة الیقینیة («التحلیلات الثانیة»، الکتاب I، الفصل 2، الورقة 71b، السطور 10-19). فإذا کانت المعرفة بهذا المعنی، إذن فالمعرفة (أو العلم) البرهانیة یجب أن تکون من مقدمات صادقة (حقیقیة) و أولیة و مباشرة و أکثر معرفة و تقدماً من النتیجة و یعطي عللها (نفس الورقة، السطور 20-23). و مبدأ البرهان هو مقدمة مباشرة لم‌تسبقها مقدمة أخری. والمقدمة هي أیضاً إحدی جزئي القضیة التي یُحمل جزء فیها علی الجزء الآخر (نفس الفصل، الورقة 72a، السطور 7-9). ومن جهة أخری، فإن أرسطو کان یعلم أن المقدمات في الاستدلال القیاسي هي بذاتها بحاجة إلی إثبات. وعلی هذا النحو، إذا أردنا متابعة هذا العمل فسنقع في قضیة لانهایة لها. واستناداً إلی هذا، علینا أن نبحث عن مبدأ نعلم منذ البدء و بشکل مباشر بصحته ونسلم‌به عن طریق الرؤیة الذاتیة و من غیر الاستعانة بأي برهان آخر. و أهم المبادئ التي لاتحتاج إلی برهان مبدأ عدم التناقض الذي بموجبه لایمکن اجتماع وجود شيء وعدمه في زمان واحد و في نفس الشيء و من نفس الجهة. وهذا أکثر جمع المبادئ رسوخاً. فمن الواضح أنه لیس ممکناً أن یقبل نفس الشخص في نفس الزمان وجود شيء و عدمه («المیتافیزیقا»، الکتاب IV، الفصل 3، الورقة 1005b، السطر 20 وما بعده، الترجمة، 97).

 

فلسفة الطبیعة

إن معرفة الطبیعة لدی أرسطو هي إحدی أبرز منجزاته الفلسفیة، و إن المعرفة الکاملة بها بحاجة إلی بحث مستقل مما هو خارج عن نطاق هدفنا في هذه المقالة. ونکتفي هنا بالنوی الأساسیة لفلسفة الطبیعة لدیه. في البدء ینبغي التذکیر أنه کان یُتصور حتی الآن وبشکل تقلیدي أن فلسفة الطبیعة لدی أرسطو هي مشاهدة الطبیعة علی أساس العلل الأربع- التي سنشیر إلیها لاحقاً – و هذا الاستنتاج لیس صحیحاً إطلاقاً. ففلسفة الطبیعة لدی أرسطو لیست رؤیة شاملة و وحدة منظمة، و موضوعها الرئیس ظاهرة الطبیعة و الأشیاء الطبیعیة و ما یحدث فیها مثل الوجود و الحرکة والتغیر. و إن نظریة العلل الأربع هي أسلوب بحث یدرس باستخدامه هیکلیة الحوادث الطبیعیة. و إن نظریة العلل والمبادئ لدی أرسطو هي وسائل یسعی بمساعدتها إلی إدراک عالم التجربة الطبیعیة. ومن وجهة نظره، فإن عالم التجربة المباشرة هو في الأغلب «خلیط» من المعطیات الحسیة تتضح عناصرها و مبادئها فیما بعد عن طریق التحلیل («الفیزیاء»، الکتاب I، الفصل 1، الورقة 184a، السطر 22). و من جهة أخری، فإن الفلسفة الطبیعیة لدی أرسطو هي نتاج صراعاته مع نظریات من سبقوه، أي علم الطبیعة لدی الفلاسفة الذین سبقوا سقراط، و بشکل خاص صراعه مع نظریات أفلاطون ومعارضته لها. و إن مایدعی الیوم «الفیزیاء»، لأرسطو هو عبارة عن أربع مجامیع کان أندرونیقوس قد جمعها تحت عنوان السماع الطبیعي. وهذا الکتاب في حقیقة الأمر هو المذکرات التي کان أرسطو قد أعدّها لخطاباته و دروسه.

والسؤال الأساسي لدی الفلاسفة الذین سبقوا أرسطو کان کیف توجد الأشیاء و کیف یحدث هذا الوجود، و أخیراً ما هو الباعث علی التغیر لدی الموجودات. ویتناول أرسطو جمیع هذه الأسئلة و یسعی إلی العثور علی أجوبة منطقیة و عقلانیة لها. فهو یقول بشأن الطبیعة إن بعض الموجودات موجودة بشکل طبیعي (phusei)، والبعض بعلل أخری. و کلمة phusis في الیونانیة من المصدر phuõ بمعنی إظهار، تربیة، إنماء، ولادة. والموجودات التي توجد بشکل طبیعي مثل الحیوانات و أعضائها والنباتات و جمیع الأجسام البسیطة مثل التراب و النار و الماء و الهواء، فهذه جمیعاً تختلف عن تلک الأشیاء التي قوامها لیس بشکل طبیعي. فکل واحد من الموجودات الطبیعیة یتضمن في نفسه مبدأ الحرکة والسکون، البعض من حیث الحرکة في المکان، و البعض من حیث الزیادة، أو النمو، والبعض من حیث التغیر (ن.م، الکتاب II، الفصل 1، الورقة 192b، السطر 14).

والنواة الرئیسة في فلسفة الطبیعة لدی أرسطو هو مفهوم الحرکة، فالمشاهدة والإدراک الحسي یظهران أن الأشیاء في حالة تغیر دائم، فالشيء یصبح شیئاً آخر، و ذلک الذي صار شیئاً آخر، یتغیر بدوره مرة أخری. وبذلک فإن الموجودات بأسرها هي علی الدوام في حالة الصیرورة. و نتساءل الآن ماهو الباعث علی هذا التغیر، أو الصیرورة؟ یری أرسطو أنه الحرکة، فبعدد الأنواع الموجودة في العالم توجد حرکة وتغیّر. فکل شيء ندعوه موجداً إما أن یکون «فعلیّة» و واقعیة، أو إمکانیة و «قوّة». وعلی هذا یقول أرسطو: الحرکة هي الفعلیة، أو الکمال، والتحقق، أو بشکل دقیق هو البلوغ بما هو بالقوة إلی الهدف، من حیث کونه بالقوة؛ فمثلاً فعلیة ما هو قابل للتغیر، و من شأنه التغیر، تدعی تغیراً، وتسمی فعلیة ما هو متزاید و نقیضه المتناقص، زیادة و نقصان، أو فعلیة ماهو کائن، أو فاسد، کوناً و فساداً. وکذلک فعلیة مایتغیر مکانه، هي حرکة نقله (ن.م، الکتاب III، الفصل 1، الورقة 201a).

والمفهومان المهمان الآخران في فلسفة الطبیعة لدی أرسطو هما المادة (الهیولی) و الصورة، أو الشکل. و في کل شيء یتغیر ینبغي أن یکون هناک علی الدوام موضوع، أي شيء في حالة صیرورة. و برغم کونه واحداً من حیث العدد، إلا أنه لیس واحداً من حیث الصورة (ن.م، الکتاب I، الفصل 7، الورقة 190a، السطر 14). ویسمي أرسطو هذا الموضوع مادةً، ویقول في تعریفها: المادة هي أول موضوع لکل شيء مفرد ینتج عنه ذلک الشيء – و هو موجود فیه لیس بشکل عَرَضي – وإذا عُدِمت المادة فسیعدم ذلک الشيء في نهایة المطاف معها (نفس الکتاب، الفصل 9، الورقة 192a، السطر 30 ومابعده). والمادة بحدّ ذاتها غیر معروفة. وبعض المواد محسوس و بعضها معقول. و المادة المحسوسة مثل البرونز و الخشب و کل ما هو مادة متحرک. و المادة المعقولة هي ماهو موجود في المحسوسات، لکن لیس کالمحسوسات، مثل الموضوعات الریاضیة («المیتافیزیقا»، الکتاب VII، الفصل 10، الورقة 1036a، السطر 9، الترجمة، 238).

وتجدر الإشارة هنا إلی أن کلمة «هوله» (= المادة) في الیونانیة تعني في الأصل الخشب و الغابة. کما أن المادة هي موجود بالقوة، أي أنها شيء غیر موجود لحد الان («الفیزیاء»، الکتاب I، الفصل الورقة 192a، السطر 4). غیر أن الصورة فهي ذلک الشکل الذي تتخذه المادة خلال التغیر. والمادة، أو الصورة «العلّتان الثابتتان» للأشیاء الناتجة، مثل الأم (نفس الورقة، السطر 13). والصورة لیست مشتاقة لذاتها، ذلک أنه لانقص لدیها، بل إن المادة هي المشتاقة إلی الصورة، مثل الأنثی للذکر، والقبح المشتاق للجمال، لکن لیس بالذات، بل بالعَرَض (نفس الورقة، السطور 20-24).

الموجودات هي عبارة عن وجود المادة والصورة في آن واحد؛ وهذان الاثنان غیرمنفصلین عن بعضهما في الأشیاء علی الإطلاق. وبصورة عامة، فإنه من وجهة نظر أرسطو توجد في کل تغیّر ثلاث مقولات: المادة، أي الموضوع الذي یحدث فیه التغیر؛ الصورة التي یتخذها کل شيء قابل للتغییر؛ و کذلک العدم، أي الحالة التي کان علیها الشيء قبل أن یتغیر، أو الحالة التي لم‌یکن الشيء قد اتخذ فیها بعدُ صورة محددة (نفس الکتاب، الفصل VII، الورقة 191a، السطر 12 ومابعده). والموجود الحقیقي هو الکل المعیَّن، أو الکل مع بعضه، أو المرکب من المادة و الصورة. والمادة لوحدها تعرف بحسب الشبیه، ذلک أن نسبة البرونز إلی التمثال، أو الخشب إلی السریر، و بشکل عام المادة و ما هو بلاصورة – قبل قبوله الصورة – مثل نسبة المادة إلی الجوهر. و هذا الشيء – أي الشيء المفرد – موجود (نفس الورقة، السطور 8-12).

وبشدن العلاقة بالمادة والصورة، یورد أرسطو مقولتین مهمتین أخریین أیضاً: القوّة، والفعل، أو کمال التحقّق. وکلا هذین المصطلحین من مبتکرات أرسطو ولایوجدان لدی أفلاطون و غیره. ومصطلح «إنتلخیا» ابتکره أرسطو للتعبیر عن المرحلة التي وصل فیها الشيء إلی الغایة، أو الهدف. وکلا المصطلحین یتضمن معنی الحرکة. والحرکة والفعلیة صفتا وجود. وبهذا الشأن یقول أرسطو في موضع إن واحداً من أجناس الموجودات هو الجوهر، الذي بعضه مادة هي بذاتها لیست «هذا الشيء»، والآخر الصوررة و الشکل الذي یقال له «هذا الشيء»؛ والثالث موضوع من کلیهما. المادة قوة، والصورة کمال تحققها («في النفس»، الکتاب II، الفصل 1، الورقة 412a، السطر 6 ومابعده، قا: الفصل 2، الورقة 414a، السطر 14 ومابعده).

في موضع آخر یُقال إن المادة في الأشیاء التي ظهرت هي کالعلة إمکانیة وجودٍ، أو عدم («في الکون و الفساد»، الکتاب II، الفصل 9، الورقة 335a، السطر 32). وکذلک المقصود بالمادة أنها لیست هذا الشيء بالفعل، بل هذا الشيء بالقوة. وعلی هذا، فإن المادة لدی أرسطو هي قبل کل شيء إمکانیة؛ والقوة والإمکانیة لدی أرسطو واحد. وبهذا فإن ما لم‌یتخذ بعدُ صورةً في حالة التغیر و الصیرورة، أي لم‌یصبح شیئاً آخر، یکون وجوده إمکاناً فحسب، أو بتعبیر آخر قوة تظهر بالشکل الفعلي، أو الحقیقي بعد اتخاذها صورةً. أي أنهاتصل خلال الصیرورة إلی غایتها، أو هدفها، و خلال ذلک تتضح أهمیةمقولة الحرکة أیضاً. والفعلیة ترتبط بکمال التحقق، أو الواقعة، انتقلت بشکل خاص من الحرکات إلی أشیاء أخریف ذلک أنه استناداً إلی أرسطو، فإن المعتقد هو أن الفعلیة کانت حرکة أکثر من کل شيء («المیتافیزیقا»، الکتاب IX، الفصل الورقة 1-47، السطر 30، الترجمة، 286-287). والفعلیة هي «کون» الشيء (نفس الکتاب، الفصل 6، الورقة 1048a، السطر 31، الترجمة، 292). والفعلیة من جمیع النواحي مقدَّمة علی القوة. ومن جهة أخری – و کما ألمحنا فیما مضی – فهي الهدف، أو الغایة، و عمل الهدف و کذلک الفعلیة. وعلی هذا، فالفعلیة تتجه نحو کمال التحقق، والواقعیة و بلوغ الغایة (نفس الکتاب، الفصل 8، الورقة 1050a، السطران 10,23، الترجمة، 299؛ للاطلاع علی بحوثه الوافیة حول القوة والفعل، ظ: نفس الکتاب، الفصول 1-8).

ومن بحثو فلسفة الطبیعة الأخری لدی أرسطو، بحث العلل الأربع. وإنما یمکن معرفة شيء، یمکن إیضاح کیفیته وعلته. ولمعرفة کیفیات وعلل الأشیاء التي توجد و تفنی، ینبغي الاهتمام بالعوامل الرئیسة للتغیر الطبیعي و علاقات الظواهر ببعضها. و في هذا الموضع یقدم أرسطو أربع مبادئ، أو علل یرتبط بها کل شيء یحصل علی أثرها کل تغیر: 1. العلة تقال من جهة للشيء الذي ینتج «عنه شيءً» وفیه (المادة، العلة المادیة) مثل البرونز للتمثال، أو الفضة للکأس؛ 2. العلةالثانیة هي الصورة، أو الأنموذج، أو التمثال، و هذا هو مفهوم الماهیة و أنواعها؛ 3. العلة الأخری هي الشيء الذي هو مبدأ التغیر و السکون مثل الأب الذي هو علة الابن و بشکل عام الفاعل للمفعول و المغیِّر للمتغیِّر، علة (العلة الفاعلیة)؛ 4. العلة الأخری هي الغایة، أو الهدف الذي هو نما من أجله»، أي العلة الغائیة مثل المشي من أجل سلامة البدن («الفیزیاء»، الکتاب II، الفصل الورقة 194b، السطور 26-34).

ومن بین هذه العلل الأربع و برغم کون العلتین الدولیین مهمتین جداً، لکن العلة الغائیة لها أهمیة أساسیة. والطبیعة من وجهة نظر أرسطو ذات هدف. و تنبع أهمیة «الماهیة» و الصورة من کونهما تتضمنان الغایة والهدف و «ماهو لأجله»: الطبیعة تعمل لأجل شيء (نفس الکتاب، الفصل 7، الورقة 198، السطور 4-2). وفي موضع آخر یقال إن الله والطبیعة لایعملان أي شيء عبثاً («في لاسماء»، الکتاب I، الفصل 4، الورقة 271a، السطر 33، قا: الورقة 291b، السر 14).

الصفحة 1 من12

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: