الاتحاد السوفیاتي

وفي 8 تشرین الثاني 1917 صادق المؤتمر الثاني للمجالس علی مرسوم المصالحة. وقد شکلت في هذا المؤتمر مجالس المفوضیة الوطنیة التي کان لینین یتولی رئاستها. و قد ألغی هذا المجلس حق الملکیة الخاصة للأرض بشکلدائم، کما ألغیبت ملکیة الملاکین. وفي 3 آذار 1918 تم التوقیع علی معاهدة برست لیتوفسک للسلام بین حکومة روسیا السوفیاتیة الفتیة، والإمبراطوریة الألمانیة، فخرجت بذلک روسیا من الحرب رسمیاً («دائرة المعارف التاریخیة»، XIII/588).

وفي تموز 1918 تمت المصادقة علی أول دستور لروسیا في المؤتمر الخامس لمجالس أنحاء روسیا، وسمیت منذ ذلک الحین بـ «جمهوریة روسیا الاتحادیة الاشتراکیة» (ن.م، XIII/589). وکانت ماتزال هناک فترة طویلة نسبیاً حتی تأسیس «الاتحاد السوفیاتي الاشتراکي»، وکان من الواجب أن تحل قضایا کثیرة بشأن القومیات والشعوب غیر الروسیة. وقد طرحت وأخذت بنظر الاعتبار قضیة حق الشعوب غیر الروسیة التابعة للإمبراطوریة الروسیة في برنامج المؤتمر الثاني للحزب الاشتراکي الدیمقراطي العمالي، وذلک في 1903م؛ ولکن هذا المشروع لم یکن باقتراح لینین ولا البلاشفة، بل باقتراح المناشفة (آوتورخانوف، «إمبراطوریة... »، 15-16). کما أعلن حزب الاشتراکیین الثوریین في روسیا هذه القضیة بشکل قطعي في النشرة الناطقة باسمه تحت عنوان «روسیا الثوریة» (عد 18، 1903م). وذکر بأن هذا الحزب یؤید حق الشعوب في تقریر مصیرها دون قید، أو شرط وأنها تستطیع إذا ما رغبت أن تبقی بعد الثورة بشکل حر، وذلک من خلال اتحاد مع روسیة (ن.م، 16). ولم یکن لینین یوافق بصورة عامة علی حق الشعوب في تقریر مصیرها، بل إنه کان یطرح البرولیتاریا کمبدأ وحید للحق الوطني، وکان یعتبرها جزء من الحرکة العالمیة للطبقة العاملة، ویری أن هذا الجزء إذاما تناقض في ظروف معینة مع الکل ففي هذه الحالة یجب رفض الجزء (ن.م، 17). وقد اضطر لینین فیما بعد إلی قبول حق انفصال الشعوب بعد تنامي الحرکات الوطنیة في النهضات العمالیة، وکتب أن القصد من حق الشعوب في تقریر مصیرها، حقها في الانفصال عن مجموعة الشعوب غیر الروسیة، وتشکیل الحکومة الوطنیة (1(2)/370). ولکن عندما عزمت الشعوب غیر الروسیة الانفصال عن الإمبراطوریة الروسیة بعد الثورة البلشفیة، بادرت الحکومة الروسیة إلی قمعها بقوةالسلاح (آوتورخانوف، ن.م، 17-18). وذکر لینین في معرض تبریره لهذا الإجراء أن هدف الاشتراکیة لیس منع الانقسام إلی حکومات صغیرة فحسب، بل إن الهدف هو التقارب بینها ودمجها مع بعضها البعض (ظ: ن.م، 19). حتی إنه لمیکن یعیر اهتماماً إلی اللغات القومیة، بل أخذ اللغة العالمیة بنظر الاعتبار، وأید إقامة مجتمع دولي بلغة، أو لغتین، وکان یری أن اللغة العلامیة من الممکن أن تکون الإنجلیزیة وربما الروسیة تُضاف إلیها (ن.ص). ولذلک فقد أصبحت اللغة الروسیة هي اللغة الرسمیة الشائعة والمتداولة بالنسبة إلی الشعوب غیر الروسیة.

ویمکن تقسیم سیاسة لینین، وإجراءاته التکتیکیة الوطنیة إلی 4 مراحل: 1. مرحلة قبول حق الشعوب في تقریر مصیرها بشکل مشروط و دون ضمانة (لینین، 1(2)/388، مخـ). وقد امتدت هذه المرحلة من المؤتمر الثاني للحزب البلشفي في 1903م حتی مؤتمر نیسان 1917؛ 2. المرحلة التي أعلن فیها لینین مبدأ حق الشعوب في الانفصال کحق مضمون (م.ن، 2(1)/72-74)؛ 3. المرحلة التي بدأت من أول مؤتمر للمجالس في حزیران 1917، والتي أعلن فیها لینین: أن جمهوریة وروسیا لاترید أن تمارس الظلم بحق أي شعب – لابالأسلوب الجدید ولابالأسلوب القدیم – و لاترید لأي شعب سواء في فنلندا، أم أوکرانیا، أن یعیش باستخدام القوة (م.ن، 2(1)/86-87). وأضاف قائلاً: «نحن نرید جمهوریة روسیة واحدة، غیر قابلة للانقسام، وذات سلطة لاتقبل الخلل، وهذه السلطة تتحقق في حالة الموافقة الطوعیة للشعوب» (ن.ص). وقد نقد لینین في هذا التقریر تقسیم إیران، وسیاسة الضم أیضاً (م.ن، 2(1)/88)؛ 4. المرحلة التي أعلن فیها لینین بعد الوصول إلی السلطة في تشرین الثاني 1917عن موجودیة جمهوریة روسیا الفدرالیة الاشتراکیة.

أسس لینین مفوضیة خاصة للشؤون الوطنیة، وأوکل رئاستها إلی ستالین. وقد أصدرت المفوضیة المذکورة في معرض إعلانها عن الأهمیة الخاصة لبقاء شعوب التتار و باشقیر و ترکستان و القفقاز والقرم المسلمة في داخل روسیا، بیاناً في 20 تشرین الثاني 1917 خاطبت فیه الشعوب المسلمة بتوقیع لینین و ستالین. وجاء في هذه الوثیقة: إننا نعلن لکم أیها المسلمون الکادحون البؤساء في روسیا، والشرق، والتتار في سواحل الفولغا والقرم والقرغیز ومسلمو سیبیریا و ترکستان، وأتراک و تتار القفقاز وماوراء القفاز، والشیشان، وسکان الجبال في القفقاز، إننا سنحیي المساجد والمعابد التي دمرها قیاصرة روسیا، وسوف تکونون أحراراً في شعائرکم الدینیة. ومنذ هذا التاریخ ستکون آدابکم الدینیة، وتقالیدکم وأعرافکم، وکذلک مؤسساتکم الوطنیة والثقافیة حرة. وسوف تتمتوعون بحقوقکم في هذا المجال. ولکن عندما طالبت الشعوب المسلمة في باشقیر، والتتار، وترکستان، والقرم، والقفقاز بتشکیل حکومات مسلمة مستقلة بعد أن وافقت بشکل کامل علی هذا البیان في النصف الأول من سنة 1918م، أعادها لینین إلی داخل روسیا باستخدامه القوة (آوتورخانوف، ن.م، 35-39) واستبدل شکل الاتحاد الطوعي بالانضمام. وحدثت في معظم الجمهوریات التي – اعتبرت نفسها اتحادیة – ثورات ضد الحکومة الروسیة المرکزیة والحکومات البلشفیة. وااستطاعت فنلندا أن تنفصل منذ البدء. وعملت بعدها أوکرانیا للحصول علی الاستقلال، ولکنها واجهت الهجمات العسکریة البلشفیة، وتعرضت خمس مرات للهجوم منذ 1917 وحتی 1920م، وأخیراً سیطر علیها البلاشفة (ن.م، 116).

وفي القفقاز حدثت تغییرات بعد ثورة 1917م. وأسست في مقاطعات خوانین شرق القفقاز، حکومة جمهوریة من قبل حزب المساواة، سمیت بجمهوریة آذربایجان. وقد أمسک في أرمینیا الوطنیون الأرمن (الداشناک)، وفي جورجیا حزب الاشتراکیین الدیمقراطیین المناشفة بزمام الأمور، ولکن حکمهم انتهی إثر هجوم الجیش الأحمر. وفي 28 تشرین الثاني 1918 أعلنت أوکرانیا عن وجودها کجمهوریة اتحادیة، ولکن هذا لم یکن یعني الانتصار الکامل للبلاشفة فیها. وفي 23 شباط 1918 تم تغییر الحرس الأحمر إلی الجیش الأحمر. وقام تروتسکي بتحویل هذا الجیش الذي کان مؤلفاً حتی ذلک الوقت من المتطوعین وقوات الملیشیا، إلی جیش منظم (روتیتش، 169). ورغم أن جماعة «پتلیورا» المطالبة بالاستقلال کانت قد هزمت، إلا أن قوات الحرس الأبیض لم تکن قد غادرت أوکرانیا حتی أوائل 1920م (م.ن، 185؛ BSE3, XXIV(2)/510).

وفي 25 نیسان 1920 هجم الجیش الپولوني علی أوکرانیا واحتل کییف («تاریخ حزب»، 291). وفي آب من السنة نفسها هجم جیش الاتحاد السوفیاتي هجوماً معاکساً علی مدینة وارشو وآل بالفشل (ن.م، 294) و حصلت پولونیا علی استقلالها بعد نضالها و انفصلت عن روسیا. وفي الأول من کانون الثاني 1919 أعلنت في روسیا البیضاء، جمهوریة اتحادیة اشتراکیة (کالیستوف، 1/548-550). وأعلنت حکومات اتحادیة في کل من آذربایجان القفقاز في 28 نیسان 1920، وأرمینیا في 29 کانون الأول من نفس السنة، و جورجیا في 25 شباط 1921(م.ن، 1/581-582). کما تم الإعلان عن مثل هذا الحکم في جمهوریة باشقیر والتي تتمتع بالحکم الذاتي في 23 آذار 1919، وفي جمهوریة تتاریا التي تتمتع بالحکم الذاتي في 27 أیار 1920، وفي جمهوریة قرغیزیا في 26 آب 1920، وفي داغستان في 20 کانون الثاني 1921، وعدد آخر من الجمهوریات و المناطق التي تتمتع بالحکم الذاتي (م.ن، 1/584).

وفي تشرین الأول 1922 اقترح لینین في اجتماع مجمع اللجنة المرکزیة للحزب الشیوعي (البلشفي) الروسي بأن تستبدل جمهوریة رویا الاتحادیة الاشتراکیة بـ «اتحاد الجمهوریات السوفیاتیة الاشترکیة». وفي 30 کانون الأول 1922 انعقد أول مؤتمر لمجالس أنحاء البلاد بمشارکة ممثلي أوکرانیا، وروسیا البیضاء، واتحاد ماوراء القفقاز في موسکو، وصادق علی المشروع الخاص بتأسیس «اتحاد الجمهوریات السوفیاتیة الاشتراکیة» و الذي کان یشمل جمهوریة رویا الفدرالیة، وجمهوریة أوکرانیا، و روسیا البیضاء، واتحاد ماوراء القفقاز (BSE3, XXIV(2)/137). وقد تم في هذا المؤتمر انتخاب «اللجنة التنفیذیة المرکزیة» (ن.ص). وفي نهایة سنة 1925م کان الاتحاد السوفیاتي یضم 6 جمهوریات متحدة، و 15 جمهوریة تتمتع بحکم ذاتي، و 16 منطقة تتمتع بحکم ذاتي (کالیستوف، 2/627). وفي خلال السنوات 1918-1921م انتهت الحروب الداخلیة وتدخل الحکومات الأجنبیة، وبدأت المرحلة السلمیة.

وکانت أوضاع الإمبراطوریة الروسیة خلال الحرب العالمیة الأولی، والأوضاع الاقتصادیة و السیاسیة المضطربة لروسیا الاتحادیة بعد الثورة و خلال السنوات الأربع من الحروب الداخلیة تقضي حدوث تحولات في البلاد، و لذلک فقد طرح وأعلن لینین في 1921م خطة السیاسة الاقتصادیة الجدیدة (م.ن، 2/605-615). وکانت روسیا الاتحادیة بحاجة إلی تعاون الشعوب غیرالروسیة من أجل إحیاء اقتصادها. وأدتهذه الحاجة إلی أن تظهر مشاریع بشأن تأسیس الاتحاد السوفیاتي. وبعد سلسلة من الإجراءات في المناطق المختلفة تأسس – کما قلنا – أول مؤتمر لمجالس أنحاء البلاد في کانون الدول 1922. وصادق المؤتمر علی بیان تشکیل الاتحاد السوفیاتي الاشتراکي. وفي 13 کانون الثاني 1922 تأسس اتحاد من جمهوریة آذربایجان وأرمینیا و جورجیا باسم اتحاد الجمهوریات الاشتراکیة السوفیاتیة لماوراء القفقاز (BSE3, IX/297). وبعد ذلک صادق المؤتمر الثاني لمجالس أنحاء البلاد علی الشکل النهائي لدستور الاتحاد السوفیاتي الاشتراکي في کانون الثاني 1924 («تاریخ مختصر»، II/144؛ BSE3, XIII/50).

وفي کانون الثاني 1924 توفي لینین زعیم الاتحاد السوفیاتي. وفي أکتوبر 1924 ظهرت في آسیا الوسطی جمهوریات جدیدة. وفي 1925م وافق المؤتمر الثالث لمجالس أنحاء البلاد علی ضم جمهوریتي الترکمان و الأوزبک إلی الاتحاد السوفیاتي («تاریخ مختصر»، II/148). وفي 5 کانون الأول 1936 صادق المؤتمر الثامن الطارئ لمجالس الاتحاد السوفیاتي علی دستور آخر (ن.م، II/241). واستناداً إلی هذا الدستور انحل اتحاد ماوراء القفقاز، وتحولت أرمینیا و آذربایجان و جورجیا إلی جمهوریات مستقلة، ووصل عدد جمهوریات الاتحاد السوفیاتي من 7 إلی 11 (ن.م، II/243). وحلت في آسیا الوسطی کلی من جمهوریة أوزبکستان وکازاخستان وقرغیزیا و تاجیکستان محل جمهوریة ترکستان. وحل فیما بعد في 7 تشرین الأول 1977 دستور آخر محل الأساتیر السابقة («فرهنگ»، 1254). وکان یعمل به رسمیاً حتی انهیار التحاد السوفیاتي.

وبعد المؤتمر السابع عشر للحزب الشیوعي في الاتحاد السوفیاتي، تولی ستالین في 1934م بشکل عملي قیادة الحزب والحکومة. وفي 1940م سیطرت قوات الجیش الأحمر علی لتونیا و لیتوانیا و إستونیا. وقد ضمت هذه الجمهوریات الثلاث الواقعة علی ساحل البلطیق إلی الاتحاد السوفیاتي أیضاً («تاریخ مختصر»، II/301). وفي 12 آذار 1936 وقعت حکومة الاتحاد السوفیاتي مع حکومة منغولیا معاهدة تعاون مشترک. وفيصیف 1938م حدث بین حکومة الاتحا السوفیاتي وحکومة الیابان اشتباک عسکري (کالیستوف، 2/770-771). وفي 23 آب 1939 عقدت ألمانیا و الاتحاد السوفیاتي معاهدة عدم الاعتداء (م.ن، 2/775) عرف في التاریخ بمعاهدة مولوتوف – ریبن تروپ. وبعد فترة قصیرة من انعقاد هذه المعاهدة اقترحت حکومة الاتحاد السوفیاتي في أیلول 1939 علی البلدان البلطیقیة الثلاثة عقد معاهدة عسکریة. وتم التوقیع علی هذه المعاهدة في أوائل تشرین الأول من نفس السنة (م.ن، 2/776). وفي أیلول 1939 هاجم الجیش الألماني پولونیا. وفي 17 أیلول اجتازت وحدات الجیش الأحمر حدود پولونیا أیضاً («تاریخ مختصر»، II/299) واحتلت المناطق الشرقیة لها. وفي أوائل 1940 م ضمت جمهوریة لیتوانیا، ولتونیا، وإستونیا، وقسم من فنلندا إلی الاتحاد السوفیاتي (ن.م، II/301).

وفي 22 حزیران 1941 اجتازت القوات الألمانیة جمیع أنحاء الحدود الغریبة للاتحاد السوفیاتي تقریباً،وبعد أن سیطرت علی مناطق جدیدظ من پولونیا کانت قد احتلتها القوات الروسیة، هاجمت الاتحاد السوفیاتي. وبدأت معهذا البلد حرباً استمرت 1,400 یوماً بلیالیها. ومع أول هجمات الألمان تم تدمیر 800 طائرة روسیة وهي جاثمة علی الأرض. وفقد الاتحاد السوفیاتي في الأیام الأولی من الحرب حوالي 1,200 طائرة. واقتربت القوات الألمانیة من موسکو و حاصرت لینینغراد، وسیطر المهاجمون علی مدن مینسک، وسمولینسک، وکییف، ومنطقة دونباس في أوکرانیا (ن.م، II/339-341). واعتباراً من الأیام الأولی للحرب تم تهدید الجزء الأوروبي من الاتحاد السوفیاتي، وشبه جزیرة القرم، وشمال القفقاز، وسیطر الألمان فیما بعد علی القرم. وبمجرد أن هاجم الجیش الألماني الاتحاد السوفیاتي أعلن ونستون تشرشل رئیس وزراء بریطانیا آنذاک في 22 تموز 1941 عزم حکومته علی دعم الاتحاد السوفیاتي في حربه مع الجیش الألماني. وفي 24 حزیران 1941 أبدی فرنکلین روزفلت رئیس الولایات المتحدة الأمیرکیة رأیاً مماثلاً لرأي رئیس وزراء بریطانیا. و في صیف نفس السنة جرت مباحثات بین الاتحاد السوفیاتي وبریطانیا و الولایات المتحدة الأمیرکیة. وانتهت هذه المباحثات في 12 تموز 1941 بتوقیع معاهدة بین الاتحاد السوفیاتي و بریطانیا للتعاون المشترک في الحرب ضد ألمانیا. وفي بدایة شهرآب من نفس السنة أعلنت حکومة أمیرکا عن استعدادها لتقدیم السماعدات العسکریة والاقتصادیة إلی الاتحاد السوفیاتي (ن.م، II/352-353). وبذلک انضم الاتحاد السوفیاتي إلی مجموعة الحلفاء ضد هتلر.

وانتهج ستالین خلال فترة الحرب و مابعدها في داخل البلاد سیاسة تدمیر بعض القومیات و الشعوب المسلمة و منها النفي إلی المدن النائیة ونقل التتار المسلمین في شبه جزیرة القرم إلی آسیا الوسطی. وفي 18 أیار 1944 تم ترحیل 422,000 من مسلمي القرم خلال 24 ساعة إلی آسیا الوسطی بتهمة خیانة الوطن والتعاون مع الألمان. وقد توفي 2/46% من هؤلاء المنفیین الذین کان عددهم یصل حوالي 200 ألف و منهم 100 ألف طفل (آوتور خانوف، «إمبراطوریة»، 332-333). وفي هذه الفترة تم ترحیل الشیشان و الإینغوش مع بعض من القومیات الساکنة في شمال القفقاز إلی مسافة آلاف الکیلومترات بعیداً عن موطنهم (ن.م، 347). وفي أواخر الحرب العالمیة الثانیة احتلت قوات الاتحاد السوفیاتي پولونیا ورومانیا و تشیکوسلوفاکیا والمجر وبلغاریا. ومع هزیمة ألمانیا سیطر جیش الاتحاد السوفیاتي علی جزء من أراضیها أیضاً. وسیطرت الحکومات التابعة للکرملین تدریجیاً علی جمیع البلدان المحتلة.

کان ستالین یهدف إلی ضم جمیع بلدان أوروبا الشرقیة (عدا ألمانیا الشرقیة) إلی الاتحاد السوفیاتي، وکان علی البلدان المذکورة أن تجتاز بعض المراحل لإنهاء عملیة الضم هذه . وفي البدء کان من المقرر أن توجد ظاهرة تشبه البلدان ذات المصالح المشترکة لبریطانیا علی أن تکون علی أساس الإیدیولوجیة المارکسیة – اللینینیة. واستخدم في البیانات مصطلح «الشعوب الاشتراکیة المشترکة المصالح». وکان لینین قد طرح هذه الفکرة لأول مرة بشکل آخر. وذکر في المؤتمر الثامن للحزب الشیوعي في 1919 م أن جمیع الحکومات الشیوعیة التي سوف تظهر في المستقبل، تنضم إلی الاتحاد السوفیاتي و سوف تلغی الحدود مع هذه الحکومة. وقد کان مکتب الاستخبارات الشیوعیة (کمینفرم) الذي أسس علی ید ستالین عاملاً لتنفیذ هذا الهدف (م.ن، 93-96).

توفي ستالین – الذي کان الأمین العام للحزب الشیوعي لأکثر من 30 سنة – في 5 آذار 1953 م (BSE3, XXIV(1)/400)، وأدعی موته إلی حدوث فراغ سیاسي في الاتحاد السوفیاتي. وبعد الإعلان عن وفاة ستالین تم عقد اجتماع مشترک بین اللجنة المرکزیة للحزب الشیوعي، وهیئة الوزراء، وهیئة رئاسة المجلس الأعلی للاتحاد السوفیاتي، لحل قضیة زعامة الحزب و البلد و تم في هذا الاجتماع تعیین غیورکي مالنکوف رئیساً لمجلس الوزراء، ومولوتوف وزیراً للخارجیة. وتم دمج وزارتي الداخلیة والدمن الحکومي في وزرارة واحدة ترأسها بریا. وبعد أیام اعتزل مالنکوف الذي عین رئیساً للوزراء، من منصب الأمانة العامة للجنة المرکزیة للحزب، وعین خروتشوف في منصب السکرتیر الأول للجنة المرکزیة للحزب الشیوعي للاتحاد السوفیاتي. وقد تم الإعلان عن هذا القرار بعد 8 أیام في 22 آذار 1953 (مدودوف، 9-13).

وفي حزیران 1953 تم القبض علی بریا الذي کان من الشخصیات المرعبة في جهاز الأمن الداخلي للاتحاد السوفیاتي و إعدامه (آوتورخانوف، 297). وقد ذکرخروتشوف تفصیل ذلک في مذکراته (1/241 و مابعدها). وفي تشرین الأول 1956 حدثت في المجر ثورة عامة للحصول علی الحریة والاستقلال، استمرت 13 یوماً، وقمعت أخیراً علی یدجیش الاتحاد السوفیاتي. وکان یوري أندروپوف هو الذي یتولی منصب السفارة للاتحاد السوفیاتي في ذلک البلد. وبفشل ثورة شعب المجر تم إعدام إیمره ناجي رئیس وزراء المجر و عدد من رفاقه (مراي، 102 و مابعدها، 355-362،مخـ). وقدم خروتشوف في 1956م في المؤتمر العشرین للحزب الشیوعي للاتحاد السوفیاتي تقریراً مفصلاً عن «نزعة تقدیس الشخصیة و تبعاتها»، حیث کان له دور کبیر في طمر الستالینیة (مدودوف، 225 وما بعدها). وفي 18 حزیران 1957 قرر زعماء الحزب والحکومة في اجتماع المجلس الإداري للحزب الشیوعي أن یعزلوا خروتشوف من منصب السکرتاریة الأولی. وقد أوکل هذا القرار إلی التصویت، وصوت غالبیة أعضاء المجلس الإداري بعزل خروتشوف، ولکن مجموعة من أعضاء اللجنة المرکزیة طالبت بتشکیل الجمعیة العامة (پلنوم) للجنة المرکزیة. وبذلک فشل معارضو خروتشوف في مبادرتهم، وتم إخراج مولوتوف ومالنکوف وکاغانوفیتش وشیپلوف من عضویة اللجنة المرکزیة (مدودوف، 98-103).