الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن تیمیة /

فهرس الموضوعات

ابن تیمیة


تاریخ آخر التحدیث : 1443/5/15 ۱۳:۳۲:۰۴ تاریخ تألیف المقالة

الرد علی وحدة الوجود

یعتبر ابن تیمیة من أشد المعارضین للقائلین بوحدة الوجود، وقد عکف علی نقد و نقض أقوال أتباع وحدة الوجود کمحیي‌الدین ابن عربي و صدر‌الدین القونوي و التلمساني في رسالة ألّفها باسم «حقیقة مذهب الاتحادیین أو وحدة الوجود» والتي تم طبعها ضمن مجموعة الرسائل و المسائل (ج 4-5). واعتبرهم خارجین عن دین الإسلام، فیقول: إن التصور الجید و الدقیق لمذهب أهل الاتحاد أو وحدة الوجود یکفي وحده لإثبات فساده و بطلانه و لاحاجة لدلیل آخر والمشکلة أن أکثر الناس لایدرکون حقیقة کلامهم و مقصودهم، حتی أنهم أنفسهم لایدرکون حقیقة مایقولون و لذلک وقعوا في التناقض في کلامهم. و هو یقسم أهل الاتحاد أو وحدة الوجود إلی ثلاث مجموعات: عقائد محیي‌الدین ابن عربي و عقائد صدر‌الدین القونوي و عقائد التلمساني.
یقول في عقائد ابن عربي: مع أن کلامه کفر فهو أقرب إلی الإسلام من المجموعتین الأخریین لأن في کلامه آراء کثیرة جیدة، و لیس ثابتاً في قوله بالاتحاد کالاثنین الآخرین. و خیاله واسع و یتخیل الحقیقة أحیاناً و الباطل أحیاناً أخری، و أخیراً یقول عنه: «الله أعلم بمامات علیه ..». ویری ابن تیمیة أن کلام ابن عربي مبني علی أصلین باطلین:
الأصل الأول أنه یعتبر المعدوم أمراً ثابتاً و مقصوده «الأعیان الثابتة» في أقوال محیي‌الدین، و یعتقد أن أصلها من المعتزلظ الذین یرون أن المعدوم نشيء ثابت في العدم» و یرون أیضاً أن الماهیات و الأعیان ثابتة و غیرمجعولة و غیر مخلوقة، ووجود کل شيء زائد علی ماهیته. ویقول ابن تیمیة: یعتقد هؤلاء الأشخاص أن أعیان الأشیاء قدیمة و ثابتة وأن مواد العالم، أي الأعیان الثابتة قدیمة. و أن صورها، أي الوجودات حادثة (ن.م، 4/8-9). وخطأ هؤلاء الأشخاص یکمن دن الله یعلم الأشیاء قبل أن یوجدها و یخلقها و یقول: «إنما أمره إذا أراد شیئاً أن یقول له کن فیکون» (یس/ 36/82). فالمعدوم في علمه و قدرته و إرادته متمیز و حاصل و ثابت قبل الجود، ثم یلبسه لباس الوجود، ولکن أولئک لایعلمون أن مجرد العلم بالشيء لایکفي لإثباته و لایستلزم العلم والتقدیر الإلهط ثبوت ماهیات الأشیاء.
یقول ابن تیمیة: الماهیات مجعولة، و ماهیة کل شيء عین وجده ووجود الشيء لیس زائداً علی ماهیته. و ما في الخارج عین الشيء ووجوده و ماهیته، و خطأ هؤلاء الأشخاص ینشأ من قولهم: یتصور الإنسان ماهیة الشيء أحیاناً و لاعلم له بوجوده؛ فالماهیة إذن غیر الوجود. ویقول ابن تیمیة: الماهیة هي الوجود الذهني العلمي و هي في الخارج عین وجود الشيء. ولا وجود لأمرین منفصلین باسم الوجود و الماهیة، و لیس علم الله بأن الأشیاء ستوجد بمعنی الماهیات و الأعیان الثابتة.
والأصل الثاني، عند محیي‌الدین ابن عربي أن الوجود الخارجي للأشیاء هو وجود الحقف فالأشیاء ثابتة و متکثرة و متنوعة من حیث الماهیات وواحدة من حیث الوجود في الخارج. ویقول ابن تیمیة: إن ابن عربي منکر للخالقیة و الربوبیة لاعتباره وجود الحق ووجود الأشیاء واحداً، ذلک أن الوجود لیس مخلوقاً والأعیان الثابتة لیست مجعولة و مخلقوة أیضاًف فلا وجود لخالق و مخلوق في الحقیقة («حقیقة …»، 4/22).
ویری ابن تیمیة أن قول صدر‌الدین القونوي أکثر کفراً من قول ابن عربي، و أنه أقل معرفة منه بالإسلام و لذلک یقول أیضاً: إنه أعرف وأحذق من ابن عربي بالکفر، ویقول ابن تیمیة: إن صدر‌الدین القونوي لایعلم جیداً الفرق بین وجود الأشیاء و الماهیات أو الأعیان، ثم إنه یدعو الله «وجوداً» و لذلک یجب القول بالفرق بین وجود الموجودات ووجود الله. و هو یری هذا الفرق في المطلق والمقید (أو المعین) و یقول: الله وجود مطلق. والموجودات وجودات مقیدة و معینة، الله وجود مطلق غیر متعین و یصبح الوجود حقاً بعد التعیّن و التقیّد، سواء أکان في مرتبة الألوهیة، أو في مرتبة المخلوقیة، أو الموجودات الأخری.
ویری ابن تیمیة أن الکفر أشد في هذه العقیدة، ذلک أن العقیدة الأولی، یعني عقیدة محیي‌الدین تقول بوجود غیر الأعیان و الممکنات للحق و یقول: یفیض الوجود من الحق علی الممکنات. أما صدرالدین القونوي فیصرح بأنه لاشيء یسري في الموجودات سوی الوجود المطلق، ویقول ابن تیمیة لاوجود للمطلق في الخارج، و إذا کان مقصود صدرالدین، المطلق بدون شرط، فوجوده عین الأشیاء المعیّنة و المقیّدة. وفي هذا الکلام محذوران: الأول وجود الحق (المطلق لابشرط) عین وجود الأشیاء المعیّنة، أي لیس للحق أو الله وجود مستقل و منفصل، والثاني، التناقض الذي یبدو فیه، أي أنه یری الله مطلقاً و لیس معیّناً (وبهذه الصورة لایمکن أن یوجد). والحقیقة أن صدر‌الدین القونوي یری الله مقابل الأشیاء کالکلّي مقابل الجزئیات أو الجنس و النوع مقابل الأفراد. ولما کان الوجود الکلي بمعنی وجود الأفراد فوجود الله في رأیه بمعنی وجود الأشیاء المتعیّنة و المتمیزة (ن.م، 4/27).
أما عقیدة التلمساني فهي علی عکس عقیدة ابن عربي وصدرالدین القونوي فهي وحدة کامل الوجود التامة من جمیع الجهات، فهو خلافاً لابن عربي وصدرالدین لایقول بالفرق بین الوجود و الأعیان الثابتة أو الفرق بین الوجود المطلق و الوجود المعین، و لایری هناک «ماسواه» و «ماهو غیره»، ولایعتبر الکائنات جزئیات الوجود الکلي و المطلق، بل أجزاء و أبعاض الوجود. ویری أن جمیعالموجودات کأمواج البحر، بالنسبة إلی البحر فهذه الأمواج في الحقیقة لیست سوی البحر ویقول الشاعر:
البحر لاشک عندي في توحّده/ و إن تعدّد بالأمواج و الزید
و یری ابن تیمیة أن هذا القول أکثر کفراً من القولین الآخرین لأنه یعتبر «الرائي» عین «المرئي» و «الشاهد» عین «المشهود» و لایفرق بین «الظاهر» و «المظهر».

اثبات الصانع و التوحید و النبوة والمعاد

یعتقد ابن تیمیة أن الاعتراف بالصانع أمر فطري، و یری اعتماداً منه علی الآیة: «فأقم وجهک للدین حنیفاً فطرت الله التي فطر الناس علیها…» (الروم / 30/30) أن الإسلام دین الفطرة. و لذلک یری أن إثبات الصانع عن طریق النظر و الاستدلال لیس صحیحاً. و طرق إثبات الصانع التي ذکرها الفلاسفة و المتکلمون بالتفصیل باطلة. ولهذا یبطل قو الذین یقولون إن النظر و الاستدلال لإثبات الله واجب (مجموعة تفسیر، 267 و مابعدها). ویقول: لم یقل أحد من الأنبیاء و الرسل بأن معرفة الله أولی الواجبات ویقول أیضاً، من المسلّم به أن الرسول لم یوجب معرفة الرب علی الناس و لم یستدل الله و کبار علماء‌الدین لإثبات الصانع، لأن الاعتقاد بوجود الصانع للعالَم أمر ضروري و فطري و لایحتاج إلی إثبات. و ما أوجبه الرسول و الأنبیاء قبل ذلک علی الناس، وجعلوه مبدأ‌الدین هو التوحید، و أول شهادة للدخول في الإسلام هي الشهادة بالتوحید و لیس إثبات الصانع. فکلمة لا إله إلا الله للاعتراف بوحدانیة الله، أي أن وجود الصانع للعالم أمر مفروض  مسلّم به ولایحتاج إلی إثبات، و ماهو بحاجة إلی إثبات هو التوحید. فأول آیة نزلت علی الرسول أیضاً: آیة «اقرأ باسم ربک الذي خلق» (العلق/96/1) ووجد الرب و الخالق فیها مسلّم به و إن کانت الآیة التالیة «خلق الإنسان من علق» إثباتاً ضمنیاً للخالق. و ابن تیمیة یرید بهذا الشرح أن یقول: إذا کان الاستدلال العقلي ضروریاً لإثبات الخالق، فلا قیمة لاستدلال القرآن وأدلة الآخرین. فالاستدلال العقلي الذي یورده القرآن عن طریق الإنسان نفسه إنما ینبهه فیه إلی أنه لایستطیع أن یکون خالق نفسه. ذلک لأن ابتداء خلفه موجود یسمی العلق. و هذا أکبر دلیل لینبه الإنسان إلی أنه لم یک شیئاً و أن آخَرَ خلقه و ذلک فيقوله تعالی لزکریا: «… وقد خلقتک من قبل ولم تک شیئاً» (مریم، 19/9)؛ و کذلک یبین في الآیة 5 من سورة الحج (22) المراحل الأولی لخلق الإنسان، من علقة حتی المراحل التالیة و هذا أکبر دلیل عقلي علی إثبات الخالق یذکر في القرآن ولاحاجة لأدلة أخری. ویقول ابن تیمیة: الآیات الأولی من سورة العلق دلیل علی وجود الله و النبوظ معاً، لأنه تعالی یقول: «اقرأ و ربّک الأکرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم یعلم» (العلق/ 96/3-5). فتعلیم الإنسان بواسطة الأنبیاء أیضاً. لأن الإنسان في هذا العالم قد یکون مطلعاً علی کثیر من الأشیاء کالعلم بخصائصها و کیفیاتها، و لکنه لایعلم مصیره. و لایعلم من أین أتی و إلی أین سیذهب، و هذا یتیسر بتعلیم الأنبیاء فقط، الذین یبینون مبدأه و معاده، لذلک فإن إثبات المعاد بالدلیل العقلي المذکور في القرآن ممکن أیضاً، کما في قوله: «ألم یک نطفةً من منيٍّ یُمنی، ثم کان علقة فخلق فسوّی … ألیس ذلک بقادر علی أن یحیي الموتی» (القیامة/ 75/37-40). فالقیاس العقلي في هذه الآیة و أمثالها إن الله الذي خلق الإنسان من نطفة، من الأولی به أن یحییه مرة أخری. و کما في قوله: «إن کنتم في ریب من البعث فإنّا خلقناکم من تراب ثم من نطفة…» (الحج/ 22/5). و ابن تیمیة في مواضع متعددة من آثاره یسمي هذا النوع من القیاس «القیاس الأولی» و هو یفضله علی القیاس المنطقي الذي یسمیه القیاس الشمولي. فابن تیمیة لایری حاجة إلی أدلة أهل الکلام والفلسفة مع وجود القرآن.
ویؤخذ الاستدلال العقلي لإثبات وحدانیة الله أیضاً من القرآن: «… و ما کان معه من إلیه إذاً لذهب کل إله بما خلق و لعلا بعضهم علی بعض…» (المؤمنون/ 23/91). ففي هذه الآیة دلیلان علی إثبات وحدانیة الله: الأول، أنه إذا وجد صانعان أو خالقان فلن یستقل أي منهما، و إذا شارکا في إیجاد مخلوق، فسیکون دلیلاً علی عجزهما معاً؛ والثاني، في حال وجود خالقین، فلن یقبل أي منهما الآخر ولعلا الواحد علی الآخر، و بما أن اللازم قد انتقی فالملزوم ینتفي أیضاً.
لکن ابن تیمیة لایری في الآیة «لوکان فیهما آلهة إلا الله لفسدتا…» (الأنبیاء/21/22) دلیلاً علی توحید الله من ناحیة تعدد الآلهة الواقعي والتکویني، و إنما هو دلیل علی توحید العبادة، و یقول: المقصود من الآیة، صلاح الخلق أن یکون لهم معبود واحد، وإذا کثر المعبود فسدت الأرض والسماء و ضاعتا (منهاج السنة، 2/70 و مابعدها). و استدلال ابن تیمیة هذا لیس صحیحاً، لأن المراد من «فسدتا» في الآیة، فساد السماء و الأرض لاختلاف الآلهة و تمانعهمو لیس لفسادهما بسبب تعدد المعبود. ولو کان تعداد المعبود سبباً للفساد لوجب أن یفسد کل عالم الشرک (من الناحیة التکوینیة و الخلقیة)، ولم یحدث هذا، ذلک أن القرآن ینفي الفساد المرافق لتعدد الآلهة.

الحکم

یعتقد ابن تیمیة بأن الحکم و ولایة المسلمین أمانة، یجب أن تؤدی إلی أهلها. و یری أن الآیتین 58 و 59 من سورة النساء شاهد علی ذلک: «إن اللّه یأمرکم أن تؤدوا الأمانات إلی أهلها و إذا حکمتم بین الناس أن تحکموا بالعدل…»؛ ویقول: یری العلماء أن هذه الآیة والآیة التي تلیها نزلت في ولاة الأمور والحکام، وأحد طرق أداء الأمانة في الحکم انتخاب «أصلح من یجده لذلک العمل» وروی حدیثاً في هذا المعنی عن الرسول (ص): من ولي من أمر المسلمین شیئاً فولّی رجلاً و هو یجد من هو أصلح منه فقدخان الله و رسوله (السیاسة الشرعیة، 6).
ویری أن الأصلح من یتصف بالقدرة و الأمانة، ولکن من الصعب الجمع بینهما، فهناک من هم أکثر شجاعة و کفاءة، و أقل أمانة، و هناک بالمقابل من کان أکثر زهداً وأمانة و تقوی و أقل کفاءة، و تفضیل أحد هذین الشرطین یعود إلی ماهیة العمل و نوعه. فإن کان ذلک العمل کالحرب و القتال و یقتضي القدرة و الکفاءة، فضّل ذا الکفاءة والقدرة، وإذا کان العمل یقتضي الأمانة و الصلاح وجب انتخاب الأمین کما في حفظ أموال المسلمین. وفي بعض الأعمال کجبایة الضرائب والصدقات یلزم الکفاءة و الأمانة معاً. وفي منصب القضاء یقدم الأعلم أو الأورع. و یعتقد ابن تیمیة إذا کان موضوع الحکم بحاجة إلی دقة نظر، انتخب الأعلم، وإذا کان حکم المسألة واضح و لاحاجة إلی الدقة والدراسة العلمیة قدم الأورع. کما بیّن طریقة معرفة الأصلح (ن. م، 22-27).
و أداء الأمانة في الأموال واجب علی الحاکم و علی الرعیة معاً. فعلی الحاکم رعایة حقوق الجمیع المالیة، وعلی جباة الضرائب جبایة حق‌الدولة کاملاً بلانقص وإیصاله إلی الخزینة، و علی الرعیة أداء الأموال المفروضة علیهم و لو کانالسلطان ظالماً. ویجب ألّا یتصرف الحکام في أموال‌الدولة کتصرف المالک، وإنما کتصرف الأمین و الوکیل في أموال موکله.
وکل من یمتنع عن دفع حقوق‌الدولة جاز علیه الحبس و الضرب، و إذا أخذ موظفو‌الدولة أموالاً من الناس بالقوة، فعلی الحاکم أن یستعیدها منهم و یرجعها إلی أصحابها، و تعد الهدایا و الرشوة من هذا القبیل. و إذا تعذّر إعادة هذه الأموال إلی أصحابها، أنفقت في مصالح المسلمین (ن. م، 44).
ویجب إنفاق الأموال السلطانیة – التي تجمع من الغنائم الحربیة والزکاة (الصدقات) و الفيء – علی الجیوش و المقاتلة، و الموظفین في‌الدولة و الجباة و القضاظ و العلماء و أئمة الصلاة و المؤذنین و أمثالهم، کما توفر نفقات شق الطرق و ترمیمها و سداد الثغور و تنظیف الأنهار و… من الأموال السلطانیة.
ومن الواجبات المفروضة علی الحاکم إقامة الحدود و تنفیذ الأحکام الإلهیة و لایحق للحاکم أن یتقاضی مالاً أو نحوه تعطل به الحدود، لا لبیت المال و لالغیره (ن.م، 66، 68-69).
وإلی جانب هذه المسائل یبحث ابن تیمیة حول الجهاد (ن.م، الفصل 8) و محاربي الله و قطاع الطرق (ن. م، 77-97) و وجوب اتخاذ الإمارة والحکومة (ن.م، 161-168) والحدود و الحقوق التي لأشخاص معینین والتي تشتمل علی القتل العمد و شبه العمد و الخطأ و الجراح و الأعراض (ن.م، الباب 2، 143-168) و إقامة الحد علی شارب الخمر (ن.م، 104-108). و یری أن «الحشیشة» خمر أیضاً و تعاطیها حرام ویقول: «یجلد صاحبها کما یجلد شارب الخمر» (ن.م، 108) و یری بعض الفقهاء أن الحشیشة کالبنج، و أن أکلها یعزرّ، ویقول ابن تیمیة: إن حد أکلي الحشیش کحد شاربي الخمر لما فیها من فساد المزاج و العقل. وقد ورد في نص الکتاب المطبوع (ن.ص) أن الحشیشة مصنوعة من «ورق العنب» و هذا خطأ واضح، ولابد أنها «ورق القِنَّب»، فالحشیشة تصنع من أوراقه.

الآراء الفقهیة

کان ابن تیمیة تابعاً للمذهب الحنبلي في الفقه، ولکن سعة اطلاعه في الفقه و الحدیث و إحاطته بآراء المذاهب الفقهیة الأخری أتاحت له الاستقلال و حتی اتخاذ الآراء المستدلة في المذاهب الفقهیة الأخری، و علی هذا یمکن اعتبار ابن تیمیة مجتهداً مستقلاً، و إن کان أکثر اعتماده فیما یختار من أحکام علی مذهب أحمد بن حنبل و إن الآراء التي استقل بها واختص باتخاذها بمعزل من المذاهب الفقهیة الأخری و أفتی بها معدودة. غیر أن هذه المسائل المعدودة کانت سبباً لشهرته وکثرة أعدائه و أدّت إلی إیذائه و حبسه.
وإحدی المسائل الفقهیة التي أفتی بها مستقلاً عن المذاهب الأخری: مسألة قصر الصلاة في السفر. فهو لایعرف حداً للسفر و لایضع حداً بین السفر القصیر والسفر الطویل و یقول: لایوجد أصل للتمییز بین السفر القصیر و الطویل في کتاب الله وسنة الرسول، و الأحکام المتعلقة بالسفر مشروطة بمطلق السفر، کما قال سبحانه: «… و إن کنتم مرضی أو علی سفرٍ …» (النساء/4/43)، فلیس فیها إشاره إلی حد السفر أ قوله تعالی: «فمن کان منکم مریضاً أو علی سفر…» (البقرة/ 2/184) فلم یشر فیها إلی حد السفر و مقداره أیضاً (مجموعة الرسائل و المسائل، (1/243 و مابعدها).
و من آرائه المستقلة الأخری، لیس الوضوء لازماً في تلاوة آیات السجدة: و علی هذا الرأي أیضاً عبدالله بن عمر بن الخطاب و البخاري صاحب الصحیح؛ و لیس قضاء الصیام واجباً علی من یفطر في رمضان لظنه بحلول اللیل؛ و أن في بیع الفاکهة بعصیرها لیس رباً کبیع الزیتون بزیت الزیتون؛ و کذلک جواز بیع الفضة و الذهب بمصنوعاتها کالأقراط و غیرها من الحلي مع التفاضل و جعل المقدار الزائد مقابل الصناعة والفن في هذه الحلي و أن الماء القلیل لایتنجس إثر ملاقته الأشیاء النجسة مالم یتغیر لونه و طعمه و أمثالهما، و کذلک جواز الوضوع بالماء الطاهر سواء أکان مطلقاً أو مضافاً.
ولابن تیمیة في الطلاق فتاوی خاصة: وقد أشیر فیما سبق إلی مسألة الحلف بالطلاق، بأن الحنت لایوقع الطلاق. و یری الطلاق بلفظ الثلاث هو طلاق واحد فقط  ویعتقد خلافاً لأهل السنة، أن الطلاق لایقع في الطلاق الحرام کطلاق الحائض (ظ: مجموعة الفتاوی، 3(1)/79-80).
ولابن تیمیة رسالتان في مسألة الحلف بالطلاق باسم تحقیق الفرقان بین التطلیق و الأیمان (في 40 کراسة) و الفرق المبین بین الطلاق و الیمین (في 20 کراسة تقریباً) و رسائل أخری في هذا المجال (ن.ص).
ولایجیز ابن تیمیة التحلیل في الطلاق وله رسالة في ذلک باسم «إقامة الدلیل علی إبطال التحلیل»، طبعت في مجموعة فتاوی ابن تیمیة  (ج 3). یقول في هذه الرسالة: إذا طلّق رجل امرأة ثلاث مرات فتلک المرأة علیه حرام مالم تتزوج زوجاً آخر و تطلق منه و عندئذ یعقد علیها. وهذه هي سنة الرسول و إجماع الأمة علیها، أما إذا تزوجها أحد بنیةتحلیلها للزوج الأول فهذا الزواج حرام و باطل. ویقول ابن تیمیة إن النکاح المحلِّل یصح فقط حینما یکون القصد منه الزواج الدائم و ألا یقصد الزوج الثاني طلاقها و تحلیلها لزوجها الأول. و یری أن التحلیل هو حیلة شرعیة مالم یکن بالشکل الذي بیّنه وکل حیلة شرعیة بأیة صورة وفي أي نوع من المعاملات و العقود و الإیقاعات غیر مقوبلة و غیر صحیحة (ظ: ن.م، 3(2)/79).

زیارة القبور و المشاهد

یری ابن تیمیة أن زیارة القبور و المشاهد و الأماکن المقدسة  و بناء العمارات علیها بدعة بالاستناد إلی عدد من الأحادیث مثل «لعن الله الیهود و النصاری اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد» و «فلاتتخذوا القبور مساجد فإني أنهاکم عن ذلک» و «اللهم لاتجعل قبري وثناً تُعبد». و رغم أن مخاطبه في هذا الکلام عامة المسلمین، غیر أنه یوجه سیف هجومه في منهاج السنة (1/131 و مابعدها). إلی الشیعة، لأنهم یکنون أهمیة واحتراماً خاصّین لمراقد الأئمة الأطهار (ع). وقد ألف کتاباً حول ذلک باسم الجواب.

المصادر

ابن بطوطة، رحلة، بیروت، 1384هـ/1964م؛ ابن تیمیة، «الإکلیل»، مجموعة الرسائل الکبری، بیروت، 1392هـ/ 1972م؛ م. ن، «حقیقة مذهب الاتحادیین أو وحدة الوجود»، مجموعة الرسائل و المسائل، بیروت، 1403هـ/1983م؛ م. ن، الردّ علی المنطقیین، بیروت، دار المعرفة؛ م.ن، السیاسة الشرعیة، القاهرة، دار الکتاب العربي؛ م.ن، «العقیدة الحمویة الکبری»، مجموعة الرسائل الکبری، بیروت، 1392هـ/1972م؛ م. ن، مجموعة تفسیر ابن تیمیة، بمباي، 1374هـ/1954م؛ م. ن، مجموعة الرسائل والمسائل، بیروت، 1403هـ/1983م؛ م. ن، مجموعة الفتاوی، مصر، 1400هـ/1980م؛ م. ن،منهاج السنة النبویة، القاهرة، دار الفکر؛ م. ن، موافقة صحیح المنقول لصریح المعقول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ ابن حجر العسقلاني، الدرر الکامنة، تقـ: محمد عبد المعیدخان، حیدرآباد الدکن، 1393هـ/1973م؛ ابن خلّکان، وفیات؛ ابن رجب، عبد الرحمن، الذیل علی طبقات الحنابلة، القاهرة، 1372هـ/1953م؛ ابن شاکر، محمد، فواتالوفیات، مصر، 1951م؛ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ؛ ابن کثیر، البدایة و النهایة، بیروت، 1966م؛ أبو زهرة، محمد، ابن تیمیة حیاته و عصره…، مصر، 1958م؛ الدواداري، أبوبکر، کنز الدرر و جامع الغرر، القاهرة، 1379هـ/ 1960م؛ الذهبي، محمد، تذکرة الحفاظ، حیدرآباد الدکن، 1956م؛ السبکي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة الکبری، مصر، 1383هـ/1964م؛ القرآن الکریم؛ کرمي، مرعي بن یوسف، الکواکب الدریة في مناقب المجتهد ابن تیمیة، بیروت، 1406هـ/1986م؛ لاؤوست، هنري، نظریات ابن تیمیة في السیاسة والاجتماع، تجـ: محمد عبدالعظیم علي، القاهرة، 1977م؛ المزّي، یوسف، تهذیب الکمال، بیروت، 1403هـ/1983م؛ المقریزي، أحمد، السلوک، القاهرة، 1941م؛ و أیضاً:


EI2.
عباس زریاب

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: