الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن تیمیة /

فهرس الموضوعات

ابن تیمیة


تاریخ آخر التحدیث : 1443/5/15 ۱۳:۳۲:۰۴ تاریخ تألیف المقالة

ونجد مثل هذا المعنی فیما نقله ابن تیمیة عن أحمد بن حنبل و أورده شاهداً علی کلامه: فقد شبه أحمد بن حنبل و حدانیة الله بوحدة النخلة، فیقول: ألیس لها جذع و کرب ولیف وسعف و خوص و جُمّار، لکن هذه الشجرة بکل أجزائها هذه واحدة، و یقال لها «نخلة». وهکذا ذات الله بصفاته (ن. م، 1/234). و بیان أحمد بن حنبل هذا ینتهي إلی نفس ما اتهمه بسببه مخالفوه بالتجسیم و التشبیه.
ویذکر ابن تیمیة أن أحمد بن حنبل یجد دلیلاً آخر علی قوله و اعتقاده في تفسیره للآیة «ذرني و من خلقت وحیداً» (المدثر/ 74/11)، لأن الله دعا الولید بن المغیرة المخزومي «وحیداً» مع أن له کغیره من الناس عیناً وأذناً و حلقاً وأنفاً ویداً ورجلاً. فالله الذي دعا نفسه في القرآن أن له یداً و عیناً ووجهاً، في هذا المعنی واحد و قصد أحمد بن حنبل و ابن تیمیة أن «الوحدة» لاتتباین مع وجود الأجزاء وإذا ماسمینا شیئاً واحداً فالمراد وحدة تشخصه ولیس بساطته الکاملة من کل الجهات. و حینما نقول «إنساناً» أي أن له وحدة الشخصیة و إذا قیل شجرة أو «نخلة» أي لها وحدة من ناحیة الشخصیة و لاتخلّ کثرظ أجزائها في وحدتها، وهکذا الله أیضاً.
غیر أن «وحیداً» في الآیة المذکورة لیست بمعنی الواحد – ووحدة التشخص في الآیة المذکورة لاتؤدي معنی محصَّلاً – وإنما تعني «المتوحد» کما قال أکثر المفسرین، والمقصود أنه کان في البدایة وحیداً، ثم أصبح له زوجة وولد و مال، والدلیل علی ذلک قوله تعال في الآیتین التالیتین: «وجعلت له مالاً ممدوداً و بنین شهوداً» (المدثر/ 74/12، 13).
لکن مخالفي الحنابلة یقولون: إن الترکب من الأجزاء یستلزم حاجة المرکب إلی أجزائه و افتقاره لها. و إذا کانت ذات الله مرکبة، یلزم احتیاج ذاته إلی أجزائه، و هذا یتنافي مع معنی الألوهیة و معنی صفة «الغني» التي وردت في القرآن أي أن الله بناء علی القول المذکور محتاج للغیر.
ویستعین ابن تیمیة في الجواب بالمعاني اللغویة لـ «غیر» و «ترکیب» و «جزء» و «احتیاج» لتخلیص الموافقین له من المحذورات التي ترد من القول المذکور و الاعتراض علیهم، فیقول: إن لفظ «غیر» مجمل و له ثلاثة معان: الأول، أن یکون «غیران» مفترقان في الزمان و المکان؛ والثاني، غیران غیر متماثلین؛ و الثالث، أحدهما مجهول و الآخر معلوم، وبما أن لفظ «غیر» مجمل فاستعماله في الاستدلال لیس صحیحاً، ولهذا کما یقول ابن تیمیة، لم یقل أحمد بن حنبل إن علم الله غیر الله أو بالعکس، ولذلک أیضاً کان أحمد بن حنبل وأتباعه یمتنعون عن إطلاق الألفاظ المجملة علی الله نفیاً و إثباتاً. فإذا کان المقصود من «غیر» شیئاً بمعنی مباین فلیست صفات الله غیر اله، ولذلک فإن القسم بصفات الله صحیح، کالقسم بالله فصفاته لیست غیره، أما إذا أقسم أحد بغیر الله فهو مشرک.
وقد اعتبر ابن تیمیة بذلک صفات الله عین ذاته و هذا ماکان یسعی جاهداً للابتعاد عنه، و یسمی من یعتقد به «نافي الصفات» أو «المعطَلة». ذلک لأن الصفات التي تباین الذات دلیل علی الثنویة و الغیریة. فلابد إذن من اعتبار الصفات عین الذات، وعلی هذا فإن القسم بالصفات عین القسم بالذات.
وحول الاستدلال بأنه إذا لم تکن صفات الله عین ذاته یلزم ترکیب الباري من ذات و صفات و یصبر الله مرکباً و المرکب محتاج لأجزائه، یقول ابن تیمیة: لایعني افتقار المراکب الأجزائه أن الأجزاء وجدت دونه وأثرت فیه، بل یعني أن المجموع أو المرکب لایصیر موجوداً بدون وجود الأجزاء، کما، أن الذات لاتوجد بدون الذات نفسها؛ وإذا قال أحد: بما أن الذات لاتوجد بدون أجزائها فإنها تحتاج إلی أجزائها إذن فکلامه بلامعنی (منهاج السنة، 1/246).
ویبدو أن قول ابن تیمیة هذا لیس صحیحاً، ذلک أن احتیاج الذات إلی نفسها کلام فارغ لامعنی له، لکن احتیاج الذات المرکبة إلی أجزائها و إن کان کلاماً حشواً وزائداً و خال من الفائدة، ولکنه لایخلو من معنی. وهذا هو الکلام الذي یقبله ابن تیمیة و یقول: لاتوجد ذات مرکبة بدون أجزاء، فذلک هو الافتقار و الاحتیاج، غیر أنه یقول: الذات و الأجزاء موجودان معاً في الخارج وافتراقهما أمر ذهني، ولذلک فإن الاحتیاج أمر ذهني أیضاً.
ویقول ابن تیمیة: إن الذین یرون أن الصفات عین الذات أو أن کلاً عین الأخری فکلامهم سفسطة لأنه کقولهم: السواد عین البیاض و الأسود عین الأبیض (ن. ص)، ولکن لابد من الانتباه إلی أن هذا الکلام قدورد في الصفات المعنویة کالعلم و القدرة والإرادة و أمثالها، ولیس في الصفات الجسمانیة والمادیة کالسواد و البیاض. فالعلم في الإنسان في المراتب العلیا للنفس عبن القدرة والقدرة عین الإرادة، وهذا النوع من الصفات في الإنسان و إن کانت مفترقة من حیث المفهوم و المعنی، غیر أنها واحدة من حیث المصداق. وإذا کان في الإنسان کذلک فمن الأولی أن یکون هکذا في الذات الأحدیة التي هي کمال المعنویة و التجرد. وبما أن ابن تیمیة لایعتقد بالأمور غیر الجسمانیة و غیر المادیة، ویعتبر مثل هذه الأمور من صنع الذهن، فهو مضطر لمقارنة السواد و البیاض بالعلم و القدرة، أي أن یعتقد بأن الصفات و الأعراض الجسمانیة کالصفات المعنویة و الروحیة.

الجبر والاختیار

لم یصل المتکلمون إلی نتیجة فیما اقترحوه من طرق حل لمسألة الجبر والاختیار، وأقوال علماء الکلام حول ذلک مضطربة. ولم یستطیعوا أن یجدوا جواباً إیجابیاً و منطقیاً للمسألة. ولما کان ابن تیمیة یعتقد بالمشیئة الإلهیة السابقة، والقضاء والقدر، فلایمکن أن یعتقد بالاختیار، وبما أنه من ناحیة أخری یری الإنسان مسؤولاً بضرورة الکتاب و السنة والضمیر عن أعماله، فلایمکن أن یوافق الجبریین. ولذلک یخالف الجهمیة الذین هم جبریون تماماً، و یری الأشاعرة جبریین أیضاً و یستهزئ بطرق حلهم لهذه المسألة، حیث یتشبثون بـ «الکسب» و یُری ذلک في أکثر کتبه و منها في مواضع متعددة من منهاج السنة (مثلاً 2/16 و مابعدها). أما الحل الذي یقترحه ابن تیمیة فلا یحل المشکلة، فهو یفرق بین «الفعل» و «الخلق» و یری أن أفعال الإنسان من فعله، ولکنها من خلق الله. و بذلک یرید أن یعتقد بالاختیار(لأن أفعال الإنسان من فعله و عمله) و أن یقول أیضاً: إن کل شيء من خلق الله وصنعه، ولکن ما الفرق بین الفعل و الخلق؟ و کیف یمکن أن یخرج فعل الإنسان من إطار الخلق الإلهي و یبقی مستقلاً؟
فالعلامة الحلي یقول في الرد علی الذین یرون أن جمیع الأفعال من خیر و شر من الله، وبناء علی هذا فإن الفرق یرتفع بین الذین یحسنون و یسیئون، لأن الفاعل في کلیهما هو الله؛ ولایصح شکر من یحسن إلینا و ذم من یسيء لنا، لأنه لااختیار لأي منهما فيعمله (ظ: ابن تیمیة، ن.م، 2/22)، و یجیب ابن تیمیة علیه بقوله: إن اشتراک فعلی الخیر و الشر في أنهما من خلق الله لایوجب اشتراکهما في کل الأحکام، فقد خلق الله النور و الظلمة، ولکن أحکامها لیست مشترکة؛ و خلق الجنة و جهنم أو اللذة والألم ولکن أحکامهما لیست مشترکه.
وابن تیمیة في الجواب المذکور یخلط الأشیاء بالأفعال و یقیس الواحدة علی الأخری، فالمسألة هي في اشتراک الفعل القبیح والفعل الحسن من حیث نسبتهما إلی الله، فبنسبتهما معاً إلی الله تُسلب المسئوولیة من الإنسان و یعودان إلی فاعلمهما و خالقهما الذي هو الله، و صفة المسؤولیة هذه بین الخیر و الشر و لاقبحو الحسن مشترکة، أما في نسبته الأشیاء والأمور العینیة إلی الله فلیس الکلام عن مسؤولیة الإنسان و معاقبته أو إثابته.

ربط الحادث بالقدیم

یری ابن تیمیة کما ذکرنا أن الصفات زائدة علی الذات وقدیمة. ومسألة ربط الحادثات بالقدیم الذي هو الله یثیر مشکلة، ذلک أن الخلق من صفات الله و هي کصفات الله الأخری قدیمة في اعتقاده، و قدم صفة الخالق یستلزم قدم المخلوق. فلایمکن القول أن الله خالق منذ الأول، ولیس له مخلوق، فالخلق الدائم یعنی دوام المخلوق و دوام المخلوق بمعنی القدم و إن کان هذا القدم کما یقول الفلاسفة «ذاتیاً» ولیس «زمانیاً». والحقیقة أنه إن کان الله علة موجبة للعالم فلاوجود للزمان و الآن، بین العلة الموجِبة و المعلول الموجَب. وکل مایقال حول ذلک لامعنی له. ولکن قدم العالم شيء لایقبله ابن تیمیة و الأشاعرة قط وقد کفّر الغزالي الفلاسفة بسبب هذه العقیدة.
وفي الجواب علی هذه المشکلة لایری ابن تیمیة أن ذات الله علة موجبة وذلک لأن الإیجاب و الاضطرار یتنافیان مع الاختیار و القدرة، والله بإجماع المسلمین فاعل مختار، غیر أن هذه الفاعلیة بالاختیار هي قدیمة أیضاض لأنها من صفات الله، و النتیجة أن الله فاعل بالاختیار دائماًف أي له دائماً معلول و مُحدَث، وحاصله قدم العالم أیضاً. ولحل هذه المشکلة یفرق ابن تیمیة بین أفراد الحادثات و نوع الحادثات و یقول: حکم الأفراد غیر حکم النوع. فإذا کان الإنسان أسود اللون، فلیس السواد دلیلاً علی نوعه، وکذلک بیاض الإنسان. فنوع الإنسان لیس سواداً و لابیاضاً. ویستنتج ابن تیمیة من هذا أنه إن کان کل فرد من أفراد أمور العالم حادث، وهذا معلوم بالضرورة فلایلزم من حدوث کل الأفراد مع کون الحوادث متعاقبة حدوث النوع؛  علی هذا فنوع الحوادث قدیمة، وأفراد أمور العالم حادثة (منهاج السنة، 1/118 و مابعدها).
ولکن طریقة حل ابن تیمیة هذه لاتتفق مع أقواله في مواضع أخری، فقد قال مراراً: لیس للکلي وجود خارجي. ویتفق جمیع المنطقیین علی هذا الکلام، فوجود الکلي الطبیعي بوجود أفراده أیضاً، فالادعاء بأن نوع الحادثات قدیم، ادعاء لوجود ذهني لالوجود خارجي، لأنه لامعنی للنوع بذاته إلا في وجود أفراده.
ولما کان قدم صفة الخلق في الله یستدعي الاعتراف بالتسلسل في الحوادث، فإن ابن تیمیة یجیز هذا النوع من التسلسل، ولکنه یقول: إذا کان التسلسل في العلل و المؤترات فهذا ممتنع لأن هذا النوع من التسلسل یستوجب نفي علة العلل و العلة الأولی، و إذا لم یصل هذا التسلسل بمؤثر واجب بنفسه، فلن یوجد، ذلک لأن کل محدِثٍ سیکون نفسه حادثاً وإذا جمع عدد غیر متناه من المحدِثات الحادثة، فلن یوجد بدون مُحدِث غیر حادث.
ولکن في تسلسل الآثار و الحوادث ثلاثة أقوال: الأول إن الحوادث غیر متناهیة و متسلسلة من البدایة و النهایة؛ والثاني، أنها متناهیة من البدایة و من النهایة أیضاً. وعلی هذا فإن هذا التسلسل ممتنع من البدایة و النهایة أو في الماضي و المستقبل؛ والثالث، أن التسلسل ممتنع في البدایة أو في الماضي، و جائز في المستقبل و ممکن. وکون التسلسل ممتنع في البدایة والنهایة هو قول جهم بن صفوان و أبي الهذیل العلاف. فأکثر المتکلمین یعتقدون بأن التسلسل في البدایة و الماضي ممتنع، ولکنه جائز في المستقبل، غیر أن أکثر أهل الحدیث و أکثر الفلاسفة یعتقردون بأن تسلسل الحوادث في الماضي و المستقبل جائز. و هذا قول ابن تیمیة و عقیدته أیضاً. لأنه یری أن صفات الله و منها کونه مؤثراً و خالقاً أزلیة و أبدیة، ولابد من الإذعان بالتسلسل في الماضي و المستقبل، ولکن ابن تیمیة مضطر بناء علی هذه العقیدة للقبول بقدم العالم الزماني، وإن کان یستوحش من ذلک.
کلام الله: بحث ابن تیمیة مراراً في کتبه حول کلام الله و اختلاف المسلمین فیه إن کان مخلوقاً أو غیر مخلوق. والحقیقة أن هذه المسألة کانت منذ القرن 2هـ/ 8 م و حتی زمانه إحدی أهم مباحث علم الکلام أو کما هو مصطلح علیه معرکة الآراء.
ویوردابن تیمیة عن کلام الله أقوالاً مختلفة (منهاج السنة، 1/221): 1. کلام الله معان تفیض علی النفوس. و یقول البعض: إن هذه الإفاضة من العقل الفعال و یقول البعض الآخر من غیره. و یقول ابن تیمیة: إن القول الأول للصابئة و الفلاسفة التابعین لهم کابن سینا و الفلاسفة ذوي النزعة الصوفیة کأصحاب وحدة الوجود؛ 2. القرآن مخلوق و خلقه الله مفترقاً عنه. و هذا قول الشیعة الإمامیة المتأخرین و قول الزیدیة و المعتزلة و الجهمیة؛ 3. کلا الله معنی واحد قدیم قائم بذات الله، و یعتقد ابن الکِلّاب و الأشعري بهذه العقیدة؛ 4. کلام الله حروف وأصوات مجتمعة في الأزل و هذا قول جماعة من المتکلمین و أصحاب الحدیث؛ 5. کلام الله حروف و أصوات، وحادث، وتکلم الله حدث فیما بعد و لم یکن متکلماً و هذا قول الکرامیة و قول هشام بن الحکم من الشیعة وأمثاله؛ 6. کان الله دائماً و کان منذ الأزل متکلماً متی شاء و تکلمه بصوت یسمع. و نوع الکلام أزلی و قدیم، و إن لم یکن الصوت المعین قدیماً. وهذا کلام أئمة الحدیث و أئمة السنة؛ 7. کلام الله شيء حدث عن علم و إرادة قائمی بذاته؛ 8. کلام الله یتضمن معنی قائماً بذاته. و قد خلقه في غیره؛ 9. کلام الله مشترک بین معنی قدیم قائم بالذات و أصوات تخلق في الغیر و هذا قول أبي المعالي الجویني  والأشاعرة المتأخرین.
وقد نقلت هذه الأقوال عن ابن تیمیة لأنه ذکرها بشکل أجمع وأکثر تفصیلاً، وذکرها في الحقیقة یعود إلی عقائده و آرائه في هذا الخصوص. یقول ابن تیمیة تتلخص أقوال أهل السنظ و الحدیث في أن کلام الله لیس مخلوقاً وأن القرآن الذي هو کلام الله غیر مخلوق أیضاً. و یدّعي ابن تیمیة أن القول الأول هو قول الفلاسفة القائلین بقدم العالم. والقول الثاني هو قول الجهمیة و عدد من المعتزلة.
وعقیدته أنه إن کان کلام الله مخلوقاً و منفصلاً عنه، فلایمکن أن یکون کلام الله و یمکن القول إن القرآن کلام الله حینما یکون قائماً بذاته. و دلیله: أن الله خلق الحرکات و الأفعال في الأشیاء  والإنسان منفصلة عنه و لذلک لایمکن وصفه بتلک الحرکات و الأفعال. و إذا کان الله قد خلق الحرکة و الفعل في الإنسان، فلایمکن القول إن الله متحرک و إذا ضحک إنسان أوبکی فلیس بالمستطاع القول إن الله یضحک و یبکي لأنه خلقه. أما کلام الله فننسبه إلیه، و نقول کلام الله، فکلام الله لیس مثل الأفعال و الحرکات المذکورة مخلوقاً و منفصلاً عنه، یقول الله في القرآن: «یوم تشهد علیهم ألسنتهم و أیدیهم  أرجلهم…» (النور/24/24)؛ فهل یمکن نسبة هذه الشهادة إلی الله لأنه خالق و القول أنه یشهد حقیقة؟ و نحن إذا ماجمعنا قول هؤلاء الأشخاص مع القول إن الله خالق جمیع الأشیاء، لابد أن نقول أن کلام جمیع الناس هو کلام الله، لأنذلک الکلام کله مخلوق و منفصل عن الله. و یقول ابن تیمیة: أصحاب الحلول من أتباع الجهمیة کابن عربي علیهذه العقیدة و قد قال:
وکل کلام في الوجود کلامه/ سواء علینا نثره و نظامه
وعلی هذا لابد أن کلام فرعون الذي یقول: «أنا ربکم الأعلی» (النازعات/79/24) هو کلام الله. ویقول: لایقبل أيعاقل أن یقال کلام ولایکون قائماً بمتکلمه. ویقول:ودلیل احمد بن حنبل الذي یعتقد بأن کلام الله غیر مخلوق هو حدیث الرسول (ص):أعوذ بکلمات الله تعالی التامّات…؛ و المعروف أنه لایعوذ أحد بشيء سوی الله، فلایمکن أن تکون «کلمات الله» التي استعاذبها الرسول (ص) مخلوقه.
وخلاصة کلام ابن تیمیة حول کلام الله أنه من حیث النوع قدیم و من حیث الجزئیات کقراءة الناس للقرآن في قالب الحروف و الأصوات مخلوق و حادث، والله لایزال متکلم بمشیئته وإرادته.

مکان

یقول العلّامة في منهاج الکرامة: إن أهل السنة جوزوا علیه (الله) فعل القبیح و الإخلال بالواجب … (ابن تیمیة، منهاج السنة، 1/124). ویجیب ابن تیمیة قائلاً: لم یقل أحد من المسلمین إن الله یفعل القبیح ویخل بالواجب، أما المعتزلة والشیعة فیحرمون علی اللّه ما یحرمونه علی الإنسان، و یوجبون علی الله مایرونه واجباً علی الإنسان، و لذلک یضعون قانوناض لله، و یقارنونه بالمخلوق أي الإنسان فالمعتزلة والشیعة إذن مشبّهة في الأفعال، أي یرون أفعال الله شبیهة بأفعال الإنسان و یقارنونه بالعباد. أما أهل السنة و تلک الجماعة من الشیعة التي تؤمن بالقضاء و القدر الإلهیین، فیتفقون علی أن أفعال الله لایمکن أن تشبّه و تقاس بالخلق، أي إن ما وجب علی الإنسان لایمکن أن یجب علی الله و ماحرم علی الإنسان لایمکن أن یحرم علی الله، و لاما قبح منا قبح من الله و لاما حسن من الله حسن من أحدنا. ولایصنع أحد منا شیئاً یجب علی الله أو شیئاً یحرم علیه (ن. ص).
وابن تیمیة یؤید فيالحقیقة قول العلّامة بکلامه هذا، لأنه یقول: لیس ماقبح منا قبح من الله. و هذا یعني أن ماقبح منا من فعل یمکن لله أن یفعله، و ما وجب علینا لیس واجباً علی الله. و هذا ماقاله العلامة: «وجوزوا علیه فعل القبیح والإخلال بالواجب» (ظ: ن. ص).
والمسألة تعود إذن إلی تحدید ماهیة الحسن و القبح، فإن کانا عقلیین فکلام العلّامة صحیح و ملزم، وإذا کان العقل لایمیز بین الحسن و القبح، ولایثبت الحسن و القبح إلا بالشرع، یتبادر عندئذ هذا السؤال: لماذا اعتبر الله أحد الأمور قبیحاً و سیئاً وإذا اعتبره کذلک فلماذا خلقه؟ ذلک أن أهل السنة و منهم ابن تیمیة یعتقدون بالقدر و یرون أن أفعال العباد مخلوقة والله بخلقه الفعل القبیح قد ارتکب في الحقیقة فعلاً قبیحاً. و عذر ابن تیمیة بأن الخلق غیر الفعل عذر غیر مقبول، والخلق و الفعل في المصداق واحد، والاختلاف في مفهوم لفظ الفعل و الخلق لایحل المسألة. و من ناحیة أخری یقول ابن تیمیة هنا: «أما في حق الله فلأن القبیح ممتنع منه لذاته» و هنا یجب أن نتساءل: أي قبح ممتنع علیه؟ هل هو القبح العقلي أو القبح الشرعي؟ فأیهما کان، فإن ابن تیمیة لایجیز لله ما هو قبیح للعباد. وهذا هو نفس تشبیه و قیاس الخالق بالمخلوق و عندئذ یکون ابنتیمیة نفسه من المشبّهة في الأفعال و یشمله نفس الاتهام الذي یوجهه إلی الشیعة و المعتزلة.
ویمکن إیراد نفس هذا الکلام عن الصفات أیضاً، لأن أهل السنة و ابن تیمیة یرون أن الصفات زائدة و عارضة علی الذات، و هذا قیاس وبالإنسان و المجودات الأخری. أي حینما یرون أن صفة العلم و القدرة والإرادة في الإنسان غیرذاته، یقولون في ذات الله کذلک. فهم یقیسون الخالق بالمخلوق. و یشبهون الله في الصفات بالمخلوق، و إذا قالوا في الجواب: «لیس کمثله شيء» وجب علیهم الکف عن قیاس صفات المخلوق بصفات الخالق.

 

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: