الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أحمد بن حنبل /

فهرس الموضوعات

أحمد بن حنبل

أحمد بن حنبل

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/13 ۱۳:۳۶:۲۶ تاریخ تألیف المقالة

أَحْمَدُبْنُ حَنْبَل، أبوعبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشیباني المروزي (ربیع‌الأول 164 -12 ربیع‌الأول 241/ تشرین الثاني 780 -31 تموز 855)، إمام الحنابلة، من قادة فکر أصحاب الحدیث الکبار، و المحدث المعروف الذي نال شهرة کبیرة حتی في فترة حیاته، بسبب الدور الذي أداه في حادثة «المحنة». کان أحمد المدافع والداعي إلی طریقة أصحاب الحدیث في فترة کان یتمتع فیها المعتزلة بقوة و نفوذ ملفتین للنظر. یعتبر المدافع عن أصحاب الحدیث و أفکارهم، بسبب مخالفته لنظریة خلق القرآن في حادثة المحنة. لم یحي أحمد طریقة أصحاب الحدیث التي کان قد ورثها هو نفسه من السف فحسب، بل سعی من خلال التعالیم التي قدمها إلی تنظیم أسسهم الفکریة، ولذلک، فقد استند أصحاب الحدیث من بعده إلی أقواله و مؤلفاته أکثر من أي شخص آخر في تأیید أفکارهم.

 

القسم الأول – حیاته و آثاره

 

حیاته

رُفع نسبه الشیباني أحیاناً إلی أسرة شیبان بن ذُهل بن ثعلبة العربیة (أبو نعیم، 9/ 162؛ الخطیب، 4/ 414)، و إلی بني ذهل بن شیبان أحیاناً أخری (ظ: ابن عساکر، 7/ 219–222؛ ابن الجوزي، 16–20). کانت أسرة أحمد من خراسان (مرو)، و کان جده حنبل بن هلال والي سرخس، و کان خلال ثورة العباسیین في عداد «أبناء الدعوة». توفي أبوه الذي کان قائداً عسکریاً و غازیاً في الثلاثین من عمره. قدمت والدته صفیة بنت میمونة بنت عبدالملک الشیباني، و هي حبلی به من مرو إلی بغداد ، و ولد أحمد في بغداد و نشأ فیها (العجلي، 49؛ الخطیب، 4/ 415؛ ابن الجوزي، 14). کان یبلغ من العمر 14 سنة عندما کان یذهب إلی الکتّاب، و کان مایزال یافعاً عندما کان یحضر حلقات العلماء الکبار. و قال أحمد نفسه: إن القاضي أبا یوسف (تـ 182 هـ) تملیذ أبی حنیفة المعروف کان أول من کتب الحدیث لدیه، و تلقی العلم منه، ولم یکن أحمد آنذاک یتجاوز السادسة عشرة. و في نفس الوقت تقریباً سمع الحدیث من هُشَیم بن بشیر أیضاً، و کان أول ما سمع منه في 179هـ، و اسمتر حتی 183 هـ سنة وفاة هشیم. ویبدو بشکل عام استناداً إلی تاریخ ولادة أحمد، أنه سمع الحدیث في أواخر سنة 179 هـ من أبي یوسف أولاً، ثم من هشیم بعد فترة قلیلة (ظ: صالح، 28–31؛ ابن الجوزي، 23، 26–27، 29)، کما تلقی الحدیث في نفس السنة من علي بن هاشم بن برید أیضا (الخطیب، 4/ 416).

توجد أحمد في نفس تلک السنة التي توفي فیها هشیم إلی الکوفة، و قد کانت هذه أول رحلة علمیة له (ظ: ابن عساکر، 7/ 229)، لکنه لم یمکث في الکوفة کثیراً و عاد إلی بغداد. و قد تلقی العلم في هذه الرحلة من وکیع بن الجراح (ابن الجوزي، 29؛ الذهبي، سیر ..، 11/ 186). ویبدو أنه کانت له رحلة، أو رحلات أخری إلی الکوفة أیضاً، وسمع الحدیث في حلقة وکیع و آخرین، و ماقیل من أن أحمد کان قد کتب الحدیث لدی وکیع أکثر من أي شخص أخر یؤید ذلک (ظ: ابن الجوزي، 33؛ الذهبي، ن م، 11/ 307). و خلال رحلته الأولی إلی البصرة في 186 هـ سمع الحدیث من معتمر بن سلیمان (ابن عساکر، ن ص؛ ابن‌الجوزي، 31). کانت أسفاره الأخری إلی البصرة سنة 190 و 194 و 195 و 200هـ. وفي سفره سنة 195 هـ سمع الحدیث من یحیی بن سعید بن القطان حوالي نصف سنة (م ن، 31–32)، و بعد انقطاعه عن حلقة یحیی، حضر لفترة في حلقة یزید بن هارون في واسط، و انتفع من دروسه (م ن، 31).

أدی أحمد الحج 5 مرات، ثلاثة منها راجلاً. وفي سفره الأول (187 هـ) تلقی العلم من سفیان بن عیینة (ابن عساکر، ن ص). و کانت رحلتاه التالیتان في 191و 196هـ. وفي رحلة 197هـ أقام في مکة، ولعله غادر الحجاز في أوائل سنة 198هـ. وفي صفر 199 توجه من مکة إلی صنعاء، و فیها سمع الحدیث من عبدالرزاق بن همام الصنعاني حوالي 10 أشهر، و تلقی العلم منه، وفي المرة الأخری قدم مکة في موسم الحج من نفس السنة (م ن، 7/ 229–230؛ الذهبي، ن م، 11/ 306). سافر أحمد إلی الشام و بلاد الجزیرة أیضاً، و تلقی العلم من مشایخ الحدیث الکبار في تلک المناطق أیضاً (ابن الجوزي، 26). ویبدو أن سفره إلی الشام کان حوالي سنة 209هـ (ظ: الذهبي، ن م).

استطاع أحمد خلال فترة قصیرة أن یکون مرجعاً لتدریس الفقه و الحدیث؛ بحیث جاء في تقریر، أنه کان یدرس الفقه و الحدیث، ویفتي في مکة، في حین أن سفیان بن عیینة کان مایزال علی قید الحیاة (ابن الجوزي، 256). و مع ذلک، فقد قیل: إنه لم‌یکن یتصدی للإفتاء حتی ما قبل سن الأربعین (م ن، 257).

کان له تلامذة ورواة کثیرون، و یحضر حلقة درسه أشخاص کثیرون. و من خلال نظرة إلی آثار المحدثین الذین تلوا طبقته و حضروا درسه، ندرک الدور الذي أداه أحمد في نقل آثار السلف من أصحاب الحدیث إلی الخلف، و إلی أي مدی استفادت الأجیال التالیة من تعالیمه في الحدیث و الرجال و الفقه. و فضلاً عن فترة المحنة، و السنین الأخیرة من عمره، فقد کان دوماً و باعتباره محدثاً معروفاً، یحظی باهتمام طلاب العلم الذین اختاروا بغداد لتعلم الحدیث.

و علینا أن نعتبر حادثة المحنة منعطفاً في حیاة أحمد بن حنبل، و قد دفعت هذه الحادثة المادحین إلی المغالاة أحیاناً و تجاوز الواقع. بحیث إن أصحاب الحدیث کانوا یعتبرون أحمد بطل المحنة. بل کانوا یظنون أحیاناً أن أشخاصاً مثل الشافعي قد أبلغوه قبل وقوع الحادثة أن النبي (ص) تراءی لهم في منامهم، و أَبلغ أحمد بقصة المحنة. حتی قیل فیما یتعلق برؤیا الشافعي إن النبي (ص) قرأ السلام علی أحمد، و أمره أن یراعي جانب الحق في قضیة خلق القرآن (ابن الجوزي، 609–611، 616–618).

و استناداً إلی الروایات التاریخیة حول حادثة المحنة، فقد وجه المأمون في 218هـ کتاباً من الرقة إلی إسحاق بن إبراهیم صاحب شرطة بغداد، و أمره بأن یمتحن عقیدة القضاة و المحدثین في مسألة خلق القرآن، و أن یبعث سبعة منهم إلی المأمون في الرقة، من جملتهم یحیی بن معین، و أبو خیثمة زهیر بن حرب، و أحمد بن إبراهیم الدورقي، و محمد بن سعد کاتب الواقدي. و قد هُددوا بأنهم إن لم یذعنوا لعقیدة خلق القرآن فسوف یُقتَلون، و لذلک فقد أذعنوا جمیعهم لخلق القرآن. و أمر المأمون إسحاق بن إبراهیم مرة أخری بأن یسأل القضاة و الفقهاء في هذا الشأن، و أن یجبرهم علی أن یؤمنوا بخلق القرآن. و لذلک فقد استدعی إسحاق جماعة من العلماء و منهم أحمد بن حنبل، وقرأ علیهم کتاب المأمون مرة أخری، و طلب منهم أن یشهدوا بعقیدتهم علی خلق القرآن. و طلب أن یتحدثوا بصراحة في هذا الأمر، و عندما جاء دور أحمدبن حنبل، لم یزد علی أن قال إن القرآن هو کلام الله. و بالإضافة إلی أحمد اکتفت جماعة أخری من الأشخاص الذین کانوا قد أحضروا بالتصریح بأن القرآن کلام الله، ولم یشهدوا علی کونه مخلوقاً. و أخبر إسحاق المأمون بتفاصیل ما حدث، فبعث الخلیفة کتاباً مطولاً إلی إسحاق وصف فیه أحمد بالجهل و أکد علیه بأن یبعثهم إلیه إن لم یعدلوا عن رأیهم. و أخیراً شهد الجمیع بخلق القرآن سوی أحمد بن حنبل و محمد بن نوح، فأسلوهما موثوقین إلی مقام الخلیفة في طرسوس، ولکن المأمون توفي قبل وصولهما إلیه. و مات محمد بن نوح أیضاً عند عودته إلی بغداد في عانات، و أعید أحمد وحیداً موثوقاً إلی بغداد (حنبل، 35–39؛ الطبري، 8/ 637–645؛ الأرذي، 412–414؛ ابن الجوزي، 419–426؛ المقدسي، 40–69).

کان أحمد سجیناً عندما تولی المعتصم الخلافة. و قد حبس بعد عودته في الیاسریة بالقرب من بغداد لفترة، ثم في بیت قرب دار العمارة، و أخیراً سجن في سجن عام في درب الموصلیة (صالح، 51–52). وفي رمضان 219 هـ نقل إلی دار إسحاق بن إبراهیم، و ناظر فیها إسحاق و آخرین. ثم استدعي إلی مجلس المعتصم. و حارب أحمد عقیدة خلق القرآن في حضور الخلیفة و أحمد بن أبي دؤاد (ن ع) و أخرین - رغم أنه کان قد هدد بالسیاط - بشجاعة و مقاومة تدعو إلی الإعجاب جعلت منه بطلاً في أعین عامة الناس، و جاء بالحجة علی عدم خلقه، من الکتاب و السنّة.

و قیل إنه ضرب بالسیاط بسبب ذلک، و أثخن جسده بالجراح التي بقیت آثارها حتی موته. و تختلف المصادر فیما یتعلق بتاریخ حضوره لدی المعتصم، و ضربه بالساط، ولکن من المحتمل أن تکون هذه الحادثة قد وقعت في رمضان 219. وقیل إن أحمد قضی في السجن ما مجموعه 28 شهراً منذ أن سجن في بغداد في أواخر عهد المأمون و أرسل إلی طرسوس، حتی إن تخلص من سجن المعتصم. و رغم أن بعض المصادر یدعي أن البعض کان یقترح علی الخلیفة قتل أحمد، ولکن بعد أن اتضح ثباته في إعراضه عن عقیدة خلق القرآن، أطلقوا سراحه. ویبدو أنه منع بعد إطلاق سراحه عن إقامة حلقات التحدیث و التدریس العلنیة، ولم یجهر بذلک، إلامرة واحدة بعد موت المعتصم في 227 هـ لفترة قصیرة مالبث أن عطل مجلسه بعدها (م ن، 53–67؛ حنبل، 41 و ما بعدها؛ أبوالعرب، 435– 441؛ ابن‌الجوزي، 431–471؛ المقدسي، 73–115).

و مما یجدر ذکره أن المعلومات المتعلقة بمحنة أحمد في عهد المعتصم متناقضة بشکل واضح، و لذلک لا یمکن التحدث بدقة حول تفاصیلها.

و رغم أن أحداً لم یتعرض لأحمد في عهد الواثق بشأن عقیدة خلق القرآن، لکنه عاش بتنویه الخلیفة بشکل سري حتی وفاته (ابن الجوزي، 472–474؛ المقدسي، 166–167).

و بعد أن تولی المتوکل الخلافة في ذي‌الحجة 232، تغیرت أوضاع أصحاب الحدیث رأساً علی عقب، فبسبب تأیید الخلیفة لهم، و محاربة المعتزلة، یبدو من الطبعي أن یحظی أحمد أیضاً بالاحترام و الإعزاز في نظر دیوان الخلافة، ولکن المعلومات التي تقدمها لنا المصادر جاءت علی نحو آخر: کان أحمد قد مُنع بأمر إسحاق بن إبراهیم رئیس شرطة بغداد من حضور الجمعة و الجماعات و الخروج من البیت، و هُدد بأن یلقی مثل مالقیه في عهد المعتصم إن تصرف بما یخالف ذلک. ولا یعلم بالضبط سبب هذا السلوک من إسحاق في عهد المتوکل. وفي 237هـ، و عندما خلف عبدالله أباه إسحاق، و شی به المناوئون له لدی المتوکل بأن أحمد یخفي أحد العلویین الهاربین، فأمر المتوکل بأن یتحروا الأمر.

و بعد أن عبر أحمد عن وفائه لدیوان الخلافة بواسطة بعض الأشخاص للمتوکل، أقسم بأنه لا یعلم شیئاً عن ذلک العلوي الهارب. و مع ذلک فقد فتش عمال الخلیفة داره. و قیل إن المتوکل حاول أن یطیّب نفس أحمد بعد یومین، و منحه صلة تکون مؤونته في سفره إلی سامراء (العسکر)، ولکن أحمد لم ینفق تلک الصلة علی نفسه، بل وزعها بین المحتاجین.

و رغم أنه امتنع عن الذهاب إلی المتوکل، إلا أنه اضطر بعد إصراره و إصرار الأمراء الآخرین، ذلی أن یتوجه صوب سامراء. وفي سامراء حاول المتوکل تطییب خاطره کثیراً، و أکرمه، و طلب منه أن یروي الحدیث هناک، و یقیم حلقة الدرس. ولم یعر أحمد أهمیة لإکرام الخلیفة، بل إنه لم یکن یأکل من الطعام الذي کانوا یرسلونه إلیه، ولذلک فقد ضعف و مرض، فجاء ابن ماسویه الطبیب إلی سریره لمعالجته. و رفض أیضاً الدار التي کانوا قد أعدوها له، و سکن بیتاً بالإیجار. کان أحمد خلال هذه الفترة یحظی باحترام أمراء و رجال دیوان الخلافة. ولکن عدم اهتمامه بما کان المتوکل یعده له، أقنع الخلیفة أخیراً أن یسمح له التوجه إلی بغداد. وتعامل أحمد هذا مع أصحاب السلطة، و تحقیره للدنیا، لم یکونا أقل تأثیراً من حادثة المحنة في استقطاب مؤیدیه إلیه. و علی أي حال، فإن أحمد کان یحظی دوماً بعد إقامته القصیرة في سامراء باحترام خاص لدی المتوکل.

و کما أشار بعض المصادر، فقد انصرف أحمد دفعة واحدة عن نقل الحدیث قبل حوالي 8 سنوات من موته. وقیل في تفسیر ذلک إن المتوکل عندما طلب من أحمد أن یعلّم ابنه المعتز الفقه و الحدیث، أبلغ الخلیفة بأنه أقسم أن لایروي حدیثاً بالکامل حتی موته. ولا یمکننا أن نبدي رأیاً بسهولة حل صحة هذه الروایة، ولکن ما یمکن قوله استناداً إلی المصادر الموجودة إن أحمد و منذ أن ابتلي بحادثة المحنة، حُرم – کمامرّ – من إقامة مجالس دراسیة کثیرة في عهد المتوکل (صالح، 99–118؛ حنبل، 75–76؛ ابن‌الجوزي، 485–510؛ المقدسي، 176–197؛ عن حکایة المحنة و أحداث عهد المتوکل، أیضاً ظ: أبو نعیم، 9/ 193–220؛ الذهبي، ترجمة...، 41–75، سیر، 11/ 232– 298).

عاش أحمد 77 سنة، و توفي في بغداد بعد مرض دام 9 أیام، صلی علیه محمد بن عبدالله بن طاهر، و شیعه جم غفیر. و نظمت في موته الکثیر من المراثي نقلت في المصادر (ظ: ابن الجوزي، 540–582؛ الذهبي، ن م، 11/ 334–344).

خلّف أحمد ذربة، و کما نقل عنه، فقد کان قد تزوج و هو في الأربعین. أنجبت له زوجته الأولی العباسة ابنة الفضل صالحاً، و بعد موتها تزوج أحمد من إمرأة تدعی ریحانة و کانت ثمرة زواجهما ولد اسمه عبدالله.

و بعد موت ریحانة تزوج من جاریة اسمها حُسن فولدت له أولاداً باسم زینب و حسن و محمد و سعید.

ولد أبوالفضل صالح في 203 هـ، و کان قاضي أصفهان، و توفي فیها سنة 265هـ. سمع من أبیه حدیثاً کثیراً. یعد أبو عبدالرحمان عبدالله الذي کان راویاً لأکثر آثار أبیه من المحدثین المعروفین. ولد في 213هـ، و توفي في 290هـ. توفي سعید الذي کان قد ولد قبل 50 یوماً من وفاة أحمد، قبل 290 هـ، و تولی قضاء الکوفة لفترة (ابن الجوزي، 402–415؛ الذهبي، ن م، 11/ 332–333).

 

مکانته العلمیة و الاجتماعیة

تلقی أحمد بن حنبل العلم من مشایخ کثیرین ذکرت أسماء عدد منهم في المصادر الرجالیة. و ذکر عالم حسن صبري في کتاب بعنوان معجم شیوخ أحمد بن حنبل في المسند أسماء 292 منهم، و جمع موجزاً عن حیاتهم.

و من مشایخ أحمد الأکثر تقدماً و الذین لم تذکر أسماؤهم سابقاً: محمد بن حُمید الیشکري و زیاد بن عبدالله البکّائي و عباد بن العوّام و محمد بن صُبیح بن السمّاک و یوسف بن یعقوب الماجشون. و من مشایخه البارزین الآخرین: إسماعیل بن إبراهیم بن عُلَیّة و سفیان بن عیینة و أبو داود سلیمان بن داود الطیالسي و أبو عاصم الضحّاک بن مَخلَد النبیل و عبدالرحمان بن المهدي البصري، و عبدالرزاق بن همام الصنعاني، و أبو نعیم الفضل بن دُکَین و محمد بن جعفر غُندَر و أبو معاویة محمد بن خازم الضریر و وکیع بن الجراح و یحیی بن آدم و یحیی بن سعید القطان. و من أقرانه الذین سمع منهم الحدیث، قتیبة بن سعید (تـ 240 هـ) و عثمان بن محمد بن أبي شیبة (تـ 239هـ) و عبدالله بن محمد بن أبي شیبة (تـ 235 هـ) و علي بن المدیني (تـ 234هـ) و یحیی بن معین (صبري، 61–63، مخـ؛ أیضاً ظ: ابن الجوزي، 40– 68؛ المزي، 1/ 437–440؛ الذهبي، سیر، 11/ 180–181).

و أما تلامذته و رواته فکثیرون أیضاً، یتمتع عدد منهم بأهمیة أکبر باعتبارهم نقلة لآثار أحمد و أفکاره إلی الأجیال التالیة و منهم: أبوالعباس أحمد بن جعفر الإصطخري و أحمد بن أبي خیثمة زهیر بن حرب و أبویعلی الموصلي و أبوبکر أحمد بن محمد بن الحجاج المرّوذي و أبوبکر الأثرم و أبوالعباس ثعلب و أبراهیم الحربي و أبو إسحاق إبراهیم ابن هاني النیسابوري و أبو إسحاق إبراهیم بن یعقوب الجوزجاني و إسحاق بن منصور الکوسَج المروزي وبقّی بن مخلد و الحسن بن عرفة و حُمید بن زنجویه و حرب بن إسماعیل الکرماني و حنبل بن إسحاق و أبو داود السجستاني و عبدالله بن محمد ابن أبي الدنیا و أبو زرعة الرازي و علي بن حُجر و عبدوس بن مالک العطار و أبو خلیفة الفضل بن الحباب الجُمحي و محمد بن إسماعیل البخاري و أبو حاتم الرازي و مسلم بن الحجّاج و مسدود بن مُسَرهَد و یعقوب بن إبراهیم الدورقي و یعقوب بن سفیان البسوي و ابناه عبدالله و صالح. و ذکر ابن الجوزي أسماء عدد آخر من مشایخ أحمد سمعوا منه الحدیث مثل عبدالرزاق بن همام و عبدالرحمان بن مهدي و محمد بن إدریس الشافعي و الحسن بن موسی الأشیب، و کذلک قتیبة بن سعید و علي بن المدیني و اللذان کانا من أقرانه (ظ: ابن الجوزي، 107–142، 673–680؛ المزي، 1/ 440–442؛ الذهبي، ن م، 11/ 181–183؛ العلیمي، 1/ 55–158).

کان أحمد بن حنبل یتمتع بمنزلة سامیة في علم الحدیث و العلوم المرتبطة به، یدل علی ذلک مسنده و آثاره الأخری. و کان یحفظ ألف ألف حدیث علی مایقول أبو زرعة الرازي (الخطیب، 4/ 419). کما روي من أحمد نفسه أنه کتب بیده ألف ألف حدیث، عدا الأحادیث التي کتبها الآخرون له (ابن الجوزي، 72). و الأطرف من ذلک أن أبا زرعة قال في معرض مقارنته مع أحمد، و تفضیله في حفظ الحدیث علی نفسه: إن أحمد لم یکتب في أوائل أجزاء کتبه أسماء المحدثین الذین سمع منهم، و أنه کان یعرف أسماء المشایخ الذین سمع منهم کل جزء من تلک الأجزاء (ابن أبي حاتم، 296).

کان أحمد یحیط علماً برجال الحدیث و معرفة الرواة، و کذلک علل الحدیث، و کانت آراءه في علم الرجال خاصة تحظی دوماً باهتمام علماء الرجال من بعده. و کان متبحراً أیضاً في علم القراءات حتی ذکر ابن‌الجزري (1/ 112) نقلاً عن الکامل للهذلي، أنه کان قد تلقی القراءة علی طریقة العرض من یحیی بن آدم و عبید بن عقیل و إسماعیل بن جعفر و عبدالرحمان بن قلوقا. و ذکر الهذلي له في القراءة اختیاراً (عن مکانته في الفقه، ظ: القسم الثاني من هذه المقالة). و علی أي حال، فقد کان أتباع أحمد یرون أنه یتمتع بمنزلة عظیمة في العلم حتی کأن الله قد جمع فیه علم الأولین و الآخرین في کل فرع من العلوم (ابن الجوزي، 77).

و قد نقلت نصوص کثیرة عن تلامذته و أتباعه بشأن منزلته العلمیة لاسیما أخلاقه، بحیث إن بعض مشایخه و أقرانه أثنوا علیه بأشکال مختلفة. و قد ذکرت هذه النقول في جمیع مصادر ترجمته تقریباً، لکنها جمعت بشکل منظم علی ید ابن الجوزي في المناقب: فبعد أن یذکر عبدالرزاق بن همام أنه لم یر أفقه و أورع من أحمد، یعتبره الأعلم و الأکثر درایة بین 4 محدثین عراقیین کانوا قد تلقوا العلم منه و هم (الشاذَکوني، و علي بن المدیني، و یحیی بن معین، و أحمد بن حنبل).

و کان عبدالرحمان بن المهدي أیضاً یعده أعلم الناس في حدیث سفیان الثوري، و یعتبره یحیی بن آدم إمامه. کما کان قتیبة بن سعید یری أن من أراد أن یتبع «السنة و الجماعة» فعلیه أن یحب أحمد. و نقل عن الشافعي أنه لم یکن یعرف في بغداد أفقه و أعلم و أورع من أحمد بن حنبل. و کان علي بن المدیني یعتبره حجة الله علی خلقه، و هو یری بعد أن یشیر إلی حادثة المحنة أن أحمد هو أحدی الشخصیتین اللتین أعز الله بهما هذا الدین. و کان أبو عبید القاسم بن سلام یقول إنه لا یعرف أعلم من أحمد في السنّة، و کان یحیی بن معین یری أنه لا یستطیع أبداً أن یکون مثل أحمد، و کان إبراهیم الحربي یقرنه مع سعید بن المسیب و سفیان الثوري (ظ: أبو نعیم، 9/ 163–174؛ ابن الجوزي، 77–79، 83–106، 143–189؛ الذهبي، ترجمة، 17–22، سیر، 11/ 186–205). و اعتبره ابن سعد (7/ 354) ثقة، و ثبتاً، و صدوقاً، و کثیر الحدیث؛ و وصفه العجلي (ص 49) بأنه «ثبت في الحدیث، نزه النفس، فقیه في الحدیث». و اعتبره ابن حبان في الثقات (8/ 18) حافظاً، متقناً، و ورعاً و حافظاً للعبادة، و عده الخطیب البغدادي أیضاً (4/ 412) إمام المحدثین، و ناصرالدین، و حامیاً للسنة و صبوراً في المحنة.

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: