الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / إسماعیل بن أحمد الساماني /

فهرس الموضوعات

إسماعیل بن أحمد الساماني

إسماعیل بن أحمد الساماني

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/20 ۲۰:۳۸:۱۲ تاریخ تألیف المقالة

إسْماعيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّامانيّ، أبو إبراهيم (شوال ۲۳۴- صفر ۲۹۵/أيار ۸۴۹ ـ تشرين‌الثاني ۹۰۷م)، الأمير الساماني، ومؤسس دولة السامانيين الكبرى. تستند معلوماتنا حول إسماعيل، وخاصة قبل موت أخيه الأمير نصر، في الغالب إلى تواريخ إيران المحلية و الأسرية، و خاصة تاريخ بخارى للنرشخي، و لكن آثاراً مثل وفيات الأعيان لابن خلكان الذي أخذ أخباره صراحة من أخبار خراسان للسلامي، و الكامل لابن الأثير الذي استفاد على الأرجح من ذلك الكتاب نفسه، يشتملان أيضاً على معلومات مهمة. و تقدم لنا المصادر الأقدم مثل تاريخ الطبري و مروج الذهب للمسعودي معلومات دقيقة ذلك لأنها كانت تأخذ بنظر الاعتبار مركز الخلافة الإسلامية و الأحداث المرتبطة بها في الحالات التي كان الوضع السياسي لدولة الأمير إسماعيل يرتبط بشكل ما بجهاز الخلافة، خاصة فيما يتعلق بتاريخ وقوع الكثير من الحوادث التي تبدو مضطربة و مختلطة في التواريخ الأخرى. و مع كل ذلك، فإننا لانستطيع أن نتجاهل كتباً مثل تاريخ طبرستان و تاريخ سيستان و تواريخ العصر الغزنوي الأخرى مثل زين الأخبار و تاريخ يميني، فيما يتعلق بالعلاقات و الحروب بين الأمير إسماعيل، و بين الصفاريين و الزيديين.

و فيما يتعلق بخصال و منهج الأمير إسماعيل في إدارة البلاد، فإن مما لايخلو من الفائدة الرجوع أيضاً إلى مصادر مثل تاريخ قزوين للرافعي، و سياست نامه، و آثار الثعالبي، و تاريخ بيهق لعلي البيهقي، و الأنساب للسمعاني. و على أي حال فإن قصارى مانعلمه عن إسماعيل، قبل إمارته لبخارى، هو أنه ولد في فرغانة و أن أباه الأمير أحمد بن أسد بن سامان خُدات ــ أمير سمرقند وفرغانة من جانب آل طاهـر ــ توفي (۲۵۰ه‍) و لإسماعيل من العمر ۱۶ سنة، و أن أخاه نصر بن أحمد (ن.ع) تولى الإمارة من جانب طاهر بن عبدالله (حمزة، ۱۷۷). و كان الأمير نصر يكرم هذا الأخ الأصغر و يرعاه و كان إسماعيل بدوره يقضي أوقاته في خدمته (النرشخي، ۱۰۶؛ قا: بارتولد، 228، حيث اعتبر إسماعيل «صاحب الشُرط» للأمير نصر استناداً إلى هذا المصدر نفسه، في حين أن هذا المنصب يعود إلى مابعد هذا التاريخ). و في هذه الفترة كان يعقوب الليث الصفار في حالة نزاع مع آل طاهر (ن.ع) على خراسان و عندما أخرجهم في ۲۵۹ه‍ سادت بخارى الاضطرابات مثل مدن خراسان (م.ن، 222-223) و في ربيع الأول ۲۶۰ جاء الحسين بن طاهر الطائي الذي كان من الطاهرية على الأرجح (ن.ص)، من خوارزم و استولى على بخارى و أعمل فيها السلب و النهب، و لكن الأهالي هبوا للمواجهة فترك أخيراً المدينة و هرب. و يبدو أن حكم المدينة تولاه بعد ذلك الحسين‌بن محمد الخوارجي الذي قرأ الخطبة باسم الأمير الصفاري (النرشخي، ۱۰۶- ۱۰۸). و أُعتبر الحسين بن محمد الخوارجي من جملة زعماء الخوارج و من أعوان يعقوب الليث الذي كان قد أمسك بزمام إدارة المدينة في هذه الفترة، و كان يتنازع مع مدعي السلطة (بارتولد، ن.ص؛ فراي، ۶۳). و فضلاً عن ذلك فإن امتداد نطاق النزاع بين رافع بن هرثمة قائد الطاهرية السابق و بين يعقوب في خراسان و الذي كان قد شمل بخارى أيضاً، أدى إلى اضطراب الأوضاع أكثر من ذي قبل. و لذلك، فقد طلب بعض من وجهاء المدينة بزعامة أبي عبدالله الفقيه، نجل الخواجه أبي حفص الكبير، من الأمير نصر في سمرقند، أن يولي أميراً على بخارى. فبعث أخاه إسماعيل إليها. فجاء إسماعيل، ونزل في حوالى بخارى في قرمينة. و لكنه عندما بلغه أن ثورة حدثت في بخارى، مكث في مكانه و قد ساورته المخاوف حتى قدم وجهاء بخارى لاستقباله فتشجع. و قرروا هناك أن يكون إسماعيل أمير بخارى و أن يحكم الحسين الخوارجي بالنيابة عنه في المدينة. و بعد ذلك دخل إسماعيل المدينة في رمضان ۲۶۰ (قا: الطبري، ۹/۵۱۴؛ أيضاً ابن الأثير، الكامل، ۷/۲۸۰، ذيل وقائع سنة ۲۶۱ه‍.( و لكنه اعتقل في الفور الحسين الخوارجي الذي يبدو أنه لعب دوراً في التمرد، و استقر هو نفسه في المدينة مستقلاً (النرشخي، ۱۰۸، ۱۰۹). قيل إن إسماعيل عندما ذهب إلى بخارى، جرّد أمير خراسان رافع بن هرثمة أيضاً من عمل خوارزم (ابن‌الأثير، ن.م، ۷/۲۸۱). و في هذه الفترة بعث الموفق العباسي عهد حكم بلاد ماوراء‌النهر إلى الأمير نصر، و ألقيت الخطبة في بخارى باسمه هو و نائبه إسماعيل (النرشخي، ن.ص).

و بعـد فترة ولـى إسماعيل أخـاه الآخـر يحيى على بخـارى، و ذهب هو نفسه إلى سمرقند بأمر الأمير نصر. و لم‌يعجب ذلك الأمير نصر، و لكنه لم‌يقل شيئاً لإسماعيل، و لم‌يهتم للأمر، إلا أنه ولاه شرطة سمرقند حتى توسط بعض الأمراء، و أعاده الأمير نصر إلى بخارى، رغم أنه كان قد ساء ظنه بوفاء إسماعيل (م.ن، ۱۱۰-۱۱۱).

و في هذه المرة واجه إسماعيل مصاعب متزايدة. فبالإضافة إلى أنه كان يرى نفسه معرضاً للخطر من داخل المدينة و خارجها، فقد كان يجب عليه أن يزيل سوء ظن الأخ الذي لن يكون دون شك يساعده في قمع معارضيه و في هذه الفترة هاجم الحسين‌بن‌طاهر مرة أخرى بخارى، فهزمه إسماعيل الذي كان يعمد لأول مرة إلى الحرب بشكل مباشر. ثم قمع بعد ذلك قطاع الطرق حول بخارى و الذين كانوا يغيرون دوماً على المدينة. ثم أرسل متوسلاً بالحيلة مجموعة من وجهاء بخارى و أثريائها والذين كان يرى فيهم عقبة أمام سيطرته على الأمور، إلى سمرقند و طلب من الأمير نصر أن يبقيهم هناك. و قد بقوا فيها حتى استقام الأمر لإسماعيل، فعادوا إلى بخارى (م.ن، ۱۱۰-۱۱۳؛ أيضاً ظ: بارتولد، ۸۵-۸۶).

ظل إسماعيل يحكم في بخارى حتى هجم الأمير نصر في ۲۷۲ه‍ عليها بسبب عدم إرسال إسماعيل الخراج إلى سمرقند. ترك إسماعيل المدينة، و ذهب إلى فَرَب و طلب المساعدة من رافع بن هرثمة، فقدم على إسماعيل بجيش و لكن جيش إسماعيل و رافع ابتلي بنفاد المؤونة لأن قرى بخارى كانت كلها تابعة للأمير نصر، كما حل الجفاف ليضيق الخناق عليه. و أخيراً، توسط رافع بين الأخوين، و في ۲۷۳ه‍‍ انتهى الأمر بالصلح، على أن يكون إسماعيل عامل خراج بخارى، و يرسل إلى سمرقند نصف مليون درهم سنوياً، و يسقط اسمه من الخطبة (النرخشي، ۱۱۳-۱۱۵). و استناداً إلى رواية ابن الأثير (ن.ص) فإن الوشاية هي التي أدت إلى الحرب بين الأخوين، و أن حمويه بن علي من أمراء إسماعيل ورسوله إلى رافع و الذي كان يفكر في أن دعوة رافع إلى بخارى من الممكن أن تقلب الأمور في ماوراء‌النهر لصالحه، فيستتب له الأمر، حرّضه سراً على أن يقيم الصلح بين الأخوين.

إن إشارة صاحب تاريخ سيستان إلى هجوم جيش محمد بن عمرو الصفاري على رافع بن هرثمة و طلبه المساعدة من الأمير نصر و انطلاق إسماعيل لنصرته (ص ۲۴۴) و التي لانجد لها ذكراً في التواريخ الأخرى، لابد أن تكون قد حدثت في هذا التاريخ، ولكننا لانعلم فيما إذا كانت قبل نزاع إسماعيل مع الأمير نصر، أم بعده. و على أي حال، فقد امتنع إسماعيل مرة أخرى عن إرسال الخراج كما لم‌تنفع وساطة رافع، فاتجه الأمير نصر مرة أخرى إلى بخارى. هزم إسماعيل جيش سمرقند و سجن أخاه (منتصف جمادى الآخرة ۲۷۵)؛ و لكنه بالغ في احترامه، فطلب أن يعذره على تقصيره، و امتثل لطاعته، فأعاده إلى سمرقند و بقي هو نفسه في بخارى نيابة عنه (النرشخي، ۱۱۵- ۱۱۸؛ ابن‌الأثير، الكامل، ۷/۲۸۲؛ قا: الگرديزي، ۳۲۳). و لذلك، فقد ولى الأمير نصر أسماعيل سلفاً على أرجاء رقعة حكمه بعد ۴ سنوات، حيث توفي الأمير نصر في سمرقند (جمادى الأولى ۲۷۹)، و أوصى الأخوة الآخرين بطاعته. و توجه الأمير إسماعيل إلى سمرقند، و ولي أحمد بن نصر إمارتها بالنيابة عنه. و في هذه الفترة (محرم ۲۸۰)، بعث الخليفة المعتضد إلى إسماعيل العهد بحكم ماوراء‌النهر (النرشخي، ۱۱۸؛ الطبري، ۱۰/۳۰؛ ابن الأثير، ن.م، ۷/۴۵۶). فما كان من إسماعيل إلى أن هاجم تركستان و هزم حاكمها و عاد بأسرى و غنائم وفيرة و بلغ ذلك بغداد (المسعودي، ۴/۲۶۰؛ الطبري، ۱۰/۳۴؛ ابن الأثير، ن.ص، ۷/۴۶۴-۴۶۵). و استناداً إلى رواية النرشخي الأكثر دقة (ن.ص)، فقد فتح إسماعيل في هذه الحرب، مدينة طراز (تَلَس) في تركستان و حول كنيستها الكبيرة إلى مسجد، و اعتنق أمير تلك المدينة و الكثير من أعيانها الإسلام (أيضاً ظ: بارتولد، ۸۷). ثم أطاح بالأسرة القديمة الحاكة في أسروشنة (ع.ن) و ضم تلك المنطقة إلى رقعة حكمه (م.ن، 224).

و قد تمثلت أهم حادثة في هذه الفترة و التي أدت إلى سقوط خراسان بيد الأمير إسماعيل، و فتح أبواب طبرستان أمامه أيضاً، في هجوم عمرو بن الليث الصفاري على بلاد ماوراءالنهر و الذي أدى إلى فشله. و إن عمرو بـن الليث الذي كان قد استلم في ۲۷۹ه‍ من الخليفة المعتضد الأمر بتولي إمارة خراسان (ابن الأثير، ن.م، ۷/۴۵۷)، تغلب أخيراً على رافع و قتله وطلب من الخليفة إمارة ماوراءالنهر (ن.م، ۷/۵۰۰-۵۰۱). رفض الخليفة في البدء، ولكنه كتب بعد ذلك عهد الإمارة باسمه (ابن خلكان، ۶/۴۲۵-۴۲۶، نقلاً عن السلامي؛ قا: تاريخ سيستان، ۲۵۳-۲۵۵)، و في أواخر محرم ۲۸۵ قرئ مرسوم إمارة عمرو و عزل إسماعيل في بغداد (الطبري، ۱۰/۶۷). و استناداً إلى رواية النرشخي (ص ۱۱۹-۱۲۱)، فقد دعا عمرو في الفور أبا داود أمير بلخ و أحمد بن فريغون أمير جوزجانان و الأمير إسماعيل إلى الطاعة. فامتثل الأولان لطاعته فيما استعد إسماعيل للحرب. و أراد عمرو الذي يبدو أنه أصيب بالذعر، أن يبقي إسماعيل على حكم ماوراء‌النهر بالنيابة عنه، ولكن إسماعيل رفض، و أعاد رسله بعد أن أهانهم. وحينئـذ استعد عمرو للحرب، و أرسل جيشاً اختلف المؤرخون في أسماء قادته العديدين (م.ن، ۱۲۱؛ الگرديزي، ۳۱۷؛ تاريخ سيستان، ۲۵۳)، لمواجهة إسماعيل، ثم بعث أيضاً محمد بن بشر بجيش لإسناده، وبقي هـو في نيسابور. و توجه إسماعيل بنفسه إلى الجانب الآخر من نهر جيحون للحيلولة دون عبور جيش عمرو، وهزمه (شوال ۲۸۶، قا: ن.م، ۲۵۴؛ أيضاً ابن الأثير، ن.م، ۷/۵۰۱ الذي ذكر هذه الواقعة في وقائع ۲۸۷ه‍(. و أُسر بعض قادة عمرو وقتلوا، و لكن إسماعيل أحسن التعامل مع من تبقى من الجيش وأعادهم و ذهب هو نفسه إلى بخارى (النرشخي، ن.ص؛ تاريخ سيستان، ۲۵۳-۲۵۴؛ ابن الأثير، ن.م، ۷/۵۰۰-۵۰۱). و تفيد إحدى الروايات (تاريخ سيستان، ۲۵۴-۲۵۵) أن عمراً طلب من الخليفة بعد هذه الواقعة حكومة ماوراءالنهر فوافق الخليفة المعتضد، وبعث في نفس الوقت كتاباً إلى إسماعيل و أبقاه على حكم ماوراء‌النهر.

و يبدو أن الخليفة كان يرغب في هذا الوقت أن يوجه عمراً إلى ماوراء‌النهر و يجعله يواجه منافساً مثل إسماعيل، و ذلك من أجل أن يحرفه عن فكرة الهجوم على العراق. و مما يمكن أن يؤيد ذلك رواية ابن الفقيه (ص ۳۱۲) المفيدة بأن الخليفة كان يحرض عمراً و إسماعيل أيضاً ضد بعضهما البعض، و كذلك الإشارة التي وردت في سياست نامه (نظام‌الملك، ۲۴) في هذا المجال. كما ذكر ابن العمراني (ص ۱۱۲) أن إسماعيل خرج لحرب عمرو بأمر الخليفة. و على أي حال، فقد عمد عمرو بعد هذه الهزيمة إلى تجهيز الجيش مرة أخرى، فاتجه إلى بلخ من نيسابور. فكتب إليه إسماعيل أن يكتفي برقعة حكمه الواسعة، و أن يمنحه ماوراءالنهر. فرفض عمرو، و حشّد إسماعيل جيشاً كبيراً من جميع الطبقات و اتجه إلى بلخ و حاصر عمراً. و في هذه المرت طلب عمرو الصلح، و لكن إسماعيل لم‌يعره أهمية، و بادر إلى الحرب. وانضم بعض أعوان عمرو و قادة جيشه إلى إسماعيل، و هزم جيش عمرو منذ بداية القتال، و هرب هو نفسه، و لكنه لم‌يلبث أن أسر (الطبـري، ۱۰/۷۶؛ ابن الأثيـر، الكامل، ۷/۵۰۰-۵۰۲؛ ابن‌خلكـان، ۶/ ۴۲۸؛ قا: حمدالله، ۳۷۳). و قد حدثت هذه الواقعة في منتصف ربيع الأول، أو ربيع‌الآخر ۲۸۷ (ابن خلكان، ۶/۴۲۷، نقلاً عن السلامـي؛ ابن الأثير، ن.ص؛ الجرفادقانـي، ۲۰۰؛ قا: ابن‌خلكـان، ۶/ ۴۲۸، نقلاً عن ابن أبي طاهر؛ فراي، 138، الذي أبدى عدم اطلاعه عن تاريخ هذه الحرب في المصادر). و عندما جئ بعمرو إلى إسماعيل أكرمه و أبقاه (النرشخي، ۱۲۶) حتى طلبه الخليفة منه. و لكن إسماعيل الذي لم‌يكن يرغب في ذلك (ن.ص)، خيره بين البقاء، أو الذهاب إلى بغداد فطلب عمرو الذهاب إلى بغداد (الطبري، ۱/۸۳). و استناداً إلى رواية السلامي، فقد تم إرسال عمرو إلى بغداد في ۲۸۸ه‍، بعد أن بعث الخليفة التاج و الخلعة وعهد حكم خراسان مع رسول إلى إسماعيل حتى يرسل عمراً إلى بغداد (ابن خلكان، ۶/۴۲۷- ۴۲۸، الگرديزي، ۳۱۹؛ قا: النرشخي، ۱۲۷؛ ميرخواند، ۴/۳۵).

و بعد فترة قصيرة من هزيمة الأمير الصفاري، طمع محمد بن زيد الذي كان قد ثار على الخليفة، و استولى على طبرستان، في خراسان، و أعد جيشاً كبيراً. فمنعه إسماعيل من الهجوم على خراسان و عندما لم‌ينفع ذلك، أرسل لمواجهته محمد بن هارون ــ النائب السابق لرافع بن هرثمة في خراسان ــ فهزمه محمد بن هارون في جرجان و جرح محمد بن زيد و مات على أثر ذلك؛ أو هزم ابن هارون على رواية، و بعث رأسه إلى بخارى. ثم قبض على ابنه أبي الحسن زيد، و أرسله إلى إسماعيل في شوال ۲۸۷ (الطبري، ۱۰/۸۱؛ الصابي، ۲۲؛ ابن إسفنديار، ۱/۲۵۶-۲۵۷؛ قا: المرعشي، ۲۹۹-۳۰۰ الذي اعتبر إسماعيل هو المدعي باحتلال طبرستان و هو البادئ للحرب).

و بعد هذا الفتح، تولى محمد بن هارون إمارة جرجان وطبرستان من قبل إسماعيل (الگرديزي، ۳۲۳). و بعد بضعة شهور، خرج طاهر بن محمد الصفاري حفيد عمرو الليث للانتقام لجده، و حرض جنود فارس و الأهواز المرتزقة على الثورة ضد الخليفة و طرد عامله. و في جمادى الآخرة ۲۸۸ أرسل الخليفة الأموال من بغداد إلى خراسان لدى إسماعيل كي يتم التصدي لطاهر، و أضاف إليها قسماً من خراج ولاية الجبال. و أخرج إسماعيل طاهراً من فارس متوسلاً بالحيلة فخمدت ثورته (المسـعـودي، ۴/۱۷۹-۱۸۰؛ الطـبـري، ۱۰/۸۴؛ ابـن الأثيـر، ن.م، ۷/ ۵۰۹). و في هذه الفترة خرج الحسن بن علي الملقب بالناصر الكبير في ديلمان و جيلان انتقاماً لمحمد بن زيد، و قدم إلى آمل. فبعث إسماعيل ابنه أحمد و ابن عمه أبا العباس عبدالله بن محمد‌بن نوح للتصدي له، فهزما الناصر الكبير، فقُتل اثنان من أمراء الجيل و الديلم، الأميركاكي والد ماكان، و الأمير فيروزان الشكوري والد حسن فيروزان اللذان كانا يتعاونان مع الناصر الكبير، وعاد الأخير إلى ديلمان.

و منح إسماعيل بعد ذلك إمارة طبرستان إلى أبي العباس عبدالله (ابن إسفنديار، ۱/ ۲۵۹-۲۶۰) و تبع هو نفسه محمد بن هارون الذي كان قد أعلن تمرده، و ذهب إلى الري بعد أن دعاه أهاليها (رجب ۲۸۹)، و أخرج واليها (ألدتمش، أوكرتمش) (الطبري، ۱۰/ ۸۸-۸۹؛ ابن الأثير، ن.م، ۷/۵۱۷). هزم إسماعيل محمد بن هارون في الري، و استولى عليها و هي التي كان الخليفة قد ولاه على إمارتها قبل ذلك (ن.م، ۷/۵۲۲، ۵۲۷؛ قا: ياقوت، ۲/۹۰۱). و ولى عليها أبا صالح منصور بن إسحاق، الداعم لمحمد‌بن‌زكريا الرازي (منهاج، ۱/۲۰۶؛ ميرخواند، ۴/۳۵-۳۶). وتوجه محمد بن هارون إلى قزوين ثم إلى الديلم (الطبري، ۱۰/۹۶؛ قا: الگرديزي، ۳۲۳، ۳۲۴) و انظم إلى الناصر الكبير (ابن‌إسفنديار، ۱/۶۲). و دخل إسماعيل قزوين في مطاردته له على رواية الرافعي (۲/۲۸۹) ثم توجه إلى الديلم، و لكن ابن إسفنديار (۱/۲۵۹) ذكر أن إسماعيل جاء إلى آمل و بقي فيها بعد هروب ابن‌هارون. و عزم محمد‌بن‌هارون على الاستيلاء على طبرستان من الديلم مع جستان بن وهسودان. و خرج أبوالعباس عبدالله الساماني للمواجهة، و بعث إسماعيل بابنه أحمد بن إسماعيل الساماني (ن.ع) لمساعدته. و هزم أبوالعباس جيش محمد بن‌هارون و جستان (م.ن، ۱/۲۶۲) و في أواخر شعبان ۲۸۹ بلغ خبر هذه الهزيمة بغداد (الطبري، ۱۰/۹۴؛ قا: إقبال، ۱۲۰). و بعد فترة ظفر پارس الكبير، أمير جرجان متوسلاً بالخدعة بمحمد‌بن‌هارون الذي كان قد ذهب إلى مرو (أوآمل). و أرسله إلى بخارى، و قتل فيها بأمر إسماعيل، و قيل إنه سجن و بقي حتى توفي (ابن‌إسفنديار، ۱/۲۶۳؛ ابن الأثير، ن.م، ۷/۵۲۷).

و يبدو أن إسماعيل تصدى في خلال هذه الفترة لهجوم الروس الذين كانوا قد جاؤوا إلى طبرستان، و تسببوا في تدميرها، و ذلك من خلال إرسال جيش، فقضى عليهم بشكل كامل (المرعشي، ۳۰۲). ثم توجه إلى الأتراك الذين كانوا قد أعدوا في هذه الفترة جيشاً كبيراً للهجوم على ماوراء‌النهر، و كبدهم هزيمة فادحة، وقرئ كتاب فتحها في أواخر رجب ۲۹۰ في بغداد (الطبري، ۱۰/۱۱۶). هجم إسماعيل مرة أخرى على تركستان في ۲۹۳ه‍ واستولى علي مساحة واسعة من هذا البلد (ابن الأثير، الكامل، ۷/۵۴۷؛ ابن‌كثير، ۱۱/۱۰۱).

و يبدو أن آخر حادثة مهمة وقعت في عهد حكم إسماعيل وقبيل موته في ۲۹۵ه‍، كانت خروج رجل من القرامطة عند أقدام جبل غور و غرجه، حيث جمع حوله خلقاً كثيراً. فبعث إسماعيل أحد حاجبيه و يدعى تتش إلى ذلك الجانب بجيش، و هزم ذلك القرمطي و قتله (فصيح، ۳۹۴).

و في هذه الفترة، كان حكم إسماعيل نافذاً في منطقة واسعة من حدود تركستان الصينية و حتى الري (الإصطخري، ۱۲۵؛ البيهقي، ۱۱۸). وكان يسيطر في ماوراء‌النهر بالإضافة إلى المنطقة الأصلية، على الجزء الشمالي من خوارزم، أي جرجانج، ويبدو من العملات النقدية في هذا العصر أنه قضى على عدد من الدول الصغيرة في آسيا الوسطى، و استولى على مناطقها (فراي، 128). و منها أسرة الأفشين التـي كانت تسيطر على أسروشنه حتى ۲۷۹ه‍، حيث ضمها إسماعيل بعد هذا التاريخ إلى رقعة حكمه على ما تشهد بذلك العملات النقدية (بارتولد، ۲۱۱، نقلاً عن ماركوف).

الصفحة ۱ من۳ الصفحة التالیة