ابن طولون، أبوعبدالله
cgietitle
1442/11/21 ۱۹:۲۶:۲۹
https://cgie.org.ir/ar/article/233880
1446/10/21 ۱۵:۴۰:۲۳
نشرت
3
اِبْنُ طولون، أبو عبد الله (أبو الفضل) شمس الدين محمد بن علي بن أحمد (محمد) بن علي بن خمارویه بن طولون الدمشقي الحنفي (ح 880-12 جمادی الأولی 953هـ/1475-11 تموز 1546م)،محدث وفقیه وأدیب ومؤرخ. ولد في الصاحلیة الواقعة علی سفح جبل قاسیون بالقرب من دمشق (ابن طولون، «الفُلك»، 6)، وكان من أب تركي، ویبدو أنه من أحفاد الأمراء الطولونیین في مصر. وله صلة قرابة بالروم من ناحیة أمه أزدان التي توفیت بالطاعون وهو صغیر (ن.ص)، وكان والده أبو الحسن علاء الدين علي زاهداً صوفي النزعة (ن.م، 9)، وعمه القاضي جمال الدين یوسف مفتي دار العدل بدمشق فنشأ في كنفهما وكنف أخیه من أمه الخواجة برهان الدين ابن قندیل وتعلیمهم (ن.م، 6-7).
تعلم ابن طولون الخط في مكتب بالقرب من منزل والده، وحفظ القرآن وله سبع سنین، وكان علیه كعادة أهل السنّة أن ینجح في امتحان یؤمّ فیه صلوات التراویح وقراءة القرآن كله في ركعاتها، وقد بدئت المراسیم في اللیلة الأولی من شهر رمضان وختمت في الـ 21منه سنة 887هـ في أحد مساجد الصالحیة، وحضر خلفه في الصلاة عدد من علماء أهل السنة الكبار ورجال المدینة وأعیانها (ظ: ن.م، 7). ذكر ابن طولون أن جده توفي بالسكتة قبل أشهر من هذه المراسیم، كما توفي أخوه في مكة (ن.ص)، غیر أن كل هذه الحوادث كما نری لم تفتّ في عضده ولم تبعده عن دراسته الشاقة المقررة له، وكان والده یفضل أن یمتهن ابنه مهنة، ولكنه توجّه نحو العلم بإرشاد عمه (ن.م، 53، مخـ)، واشتغل حتی آخر حیاته مواصلاً القراءة والبحث والتدریس والتألیف والزیارة والعبادة والذكر والمراقبة (ظ: الغزي، 2/52-53).
بدأ ابن طولون دراسته الابتدائیة كعادة أهل ذلك العصر بحفظ عدد من الكتب الدراسیة المتداولة من 887 إلی 894هـ أي من السابعة إلی الرابعة عشرة من عمره، وعرض محفوظاته علی أساتذة تلك العلوم. وقد كناه أحد زعماء الشافعیة تقي الدين ابن قاضي عجلون – وكان من أقربائه البعیدین – في عرضه بأبي الفضل، ویبدو أن ذلك وقع في نفسه موقعاً حسناً فاستبدلها بكنیته الأصلیة أبي عبد الله في بدایة ترجمته، وشرح ذلك بإسهاب (ابن طولون، ن.م، 6-7).
وبعد انتهائه من مقدمات العلوم، حفظ تلخیص المفتاح في علم البلاغة والشمسیة في المنطق و ألفیة العراقي في علوم الحدیث والشاطبیة في القراءات السبع والدرّة في القراءات الثلاث الأخری، وعرضها علی عدد من الأستاتذة. وكان من جملة المشایخ الذین أجازوه في هذه الفترة ابن عبد الهادي جمال الدين یوسف بن المبرد (ن.م، 8-9)، وقرأ أثناء ذلك أي خلال السنوات 894 إلی 901 هـ التجوید والقراءات السبع علی محیي الدين الإربدي المقرئ، وفي 9 ربیع الأول 901 نال منه إجازة مسهبة تفیض بالتكریم في 4 دفاتر بخط الأستاذ، كما قرأ القراءات الثلاث الأخری لإتمام قراءاته العشر علی شمس الدين البصیر، وبعد سنتین ونصف أتمها، وأجازه في یوم الجمعة 8 شعبان 903 بالجامع الأموي بدمشق (ن.م، 9-10).
وكان ابن طولون قد أقبل أثناء إتمام القراءة، علی الحدیث في الوقت الذي تنكب عنه أهله، وقل الإقبال علیه، وعقد العزم علی أن یقتصر في عمله علی تحصیله (ابن طولون، ن.م، 10)، لاعتقاده بأن قضاء عمره في غیر القرآن والحدیث لاجدوی فیه (ظ: ن.م، 10، 14). فأقبل بكل وجوده علی جمع الحدیث، وكان في الصالحیة محدثون كبار وكثیر من أصحاب الأسناد، فوصفها بـ «معدن الحدیث»، وأخذ الحدیث عن شیوخ یبلغون الـ 500 وروی عنهم، وكان في الوقت نفسه یسعی إلی من هو أعلی سنداً فیهم، فحصل له روایته عالیاً عن ثمانیة من رواة ابن حجر بأسانیده (ن.م، 10؛ قا: الكتاني، 1/472)، ولازم محدث الصالحیة الكبیر ناصر الدين ابن زُریق نحو عشر سنین وأفرد له مشیخة وتحدث عنه بإسهاب في ترجمته لنفسه (ابن طولون، ن.م، 10-13)، وقرأ علیه نحو 700 جزء من الحدیث بالإضافة إلی الكتب الستة والموطّأ لمالك بن أنس ومُسنَد أحمد بن حنبل ومُسند أبي حنیفة ومُسنَد الشافعي (ن.م، 10-11).
وقد ولي ابن طولون جملة من الوظائف الإداریة وغیر الإداریة إلی جانب أعماله العلمیة قنع فیها بمعاشه (ن.م، 22-25)، وكانت الوظائف التي یتقبلها تتناسب مع أعماله العلمیة (دهمان، مقدمة القلائد، 21-29). ثم مرض في السنوات الأخیرة من حیاته فلم یستطع قبول الاقتراح بتولّي منصب الإفتاء للحنفیة وعدد من الوظائف العلمیة والإداریة بسبب الأوجاع التي كانت تنتابه (ابن طولون، ن.م، 25).
ویعتبر ابن طولون من الرجال المسلمین البارزین المعدودین الذین ترجموا لأنفسهم، وأكثر ما أوردناه في هذه المقالة هو من ترجمته هذه، وقد ألف هذا الكتاب بطلب من أستاذه النعیمي (ن.م، 5) وسماه الفُلك المشحون في أحوال محمد بن طولون، ذكر فیه بإسهاب مكان ولادته وزمانه وتحدث عن دراسته والعلوم التي قرأها، والإجازات التي كتبت له، والوظائف العلمیة والإداریة التي تولاها. وأورد ثبتاً لمؤلفاته مرتباً علی الأبجدیة. ومدائح العلماء المعاصرین له نظماً ونثراً فیه (ظ: ن.م، مخـ). ولم تكن العادة بین العلماء المسلمین أن یترجموا الأنفسهم، لذلك سعی ابن طولون في البدء إلی تعلیل عمله بشكل ما، وبعد بحث مسهب نسبیاً وجد أن من الأفضل لعلماء الإسلام أن یترجموا لأنفسهم كیلا یضیعوها (م.ن، 6).
وفي 920هـ سافر ابن طولون للحج، واجتمع بالمحدث الكبیر بمكة بدر الدين حسن بن فهد الهاشمي المكي. وأجازه بما یرویه عن عمه تقي الدين وابن حجر وأبي الفتح المراغي وطبقتهم، كما سمع هناك من عز الدين ابن فهد (الكتاني، 1/472-473). وأورد مشاهداته في كتاب باسم البرق السامي في تعداد منازل الحج الشامي (المعلوف، «ذخائر»، 3(2)/40)، وفي كتاب التیجان المزخرفة في معالم مكة المشرفة (ن.م، 3/41). وكانت هذه رحلة ابن طولون الوحیدة إلی خارج الشام (قا: زیدان، 3/314). وبنظرة إلی مؤلفاته یتبین أنه معجب بمسقط رأسه الصالحیة فنراه یصرح في القلائد من خلال حدیث نقله عن ابن الجوزي أن من سكن جبل قاسیون «لایطیب له سكنی غیره غالباً» (1/87). وكان یعجب بعد الصاحلیة بدمشق، فألف فیها كتاباً مستقلاً باسم بهجة الأنام في فضائل دمشق الشام (المعلوف، ن.م، 3(2)/40؛ المنجّد، معجم، 295). وفي رمضان 922/ تشرین الأول 1516تعرضت الصاحلیة لدخول عساكر السلطان سلیم العثماني إلیها وهجوم جنوده علی بیوت الناس وإخراجهم منها وقد رمیت كتب ابن طولون، ولم یوقّر أهل العلم والقرآن والحدیث والصوفیة (ابن طولون، إعلام، 286). وبعد 5 سنوات وفي صفر 927/ كانون الثاني 1521عاد الجنود العثمانیون لاحتلال دمشق ومنیت الصالحیة بخسائر فادحة (دهمان، مقدمة إعلام، «ر») وفقد ابن طولون خلال هذه الحوادث التي أطلق علیها اسم «الفتنة الغزالیة» كثیراً من كتبه ومخطوطاته (ابن طولون، «الفلك»، 18، 30، 33، 39، 41، 45).
قرأ ابن طولون علی أكثر علماء دمشق والصالحیة وكتب له أغلبهم إجازة أو أكثر، وقد ورد أسماء 35 عالماً منهم في ترجمته (ن.م، 5، 7-18)، ولكنه ذكر ثلاثة منهم بمزید من الإكرام والتعظیم هم: 1. ابن عبد الهادي الذي أورد اسمه مراراً في دروس وعلوم مختلفة وبألقاب متفاوتة؛ 2. النُّعیمي؛ 3. ابن زریق. وأستاذه الآخر أبوالفتح المزّي الذي أفرد له ابن طولون مشیخة مستقلة باسم الفتح العزي في معجم المجیزین لشیخنا أبي الفتح المزي (ن.م، 42). ومن أساتذته الشهیرین أیضاً: عز الدين ابن الحمراء (شیخ الحنفیة) وتقي الدين ابن قاضي عجلون (شیخ الشافعیة) وشهاب الدين العسكري (شیخ الحنابلة) ومحب الدين ابن القصیف (قاضي قضاة الحنفیة) وشهاب الدين ابن الفرفور (قاضي قضاة الشافعیة) ونجم الدين ابن مفلح (قاضي قضاة الحنابلة) (ن.م، 7-8)، وتعلم أیضاً عند أساتذة من غیر الشامیین وأجازه عدد من كبار علماء مصر والحجاز بالمراسلة (الغزي، 2/52-53)، منهم جلال الدين السیوطي الذي ذكره وحده مرات عدیدة في ترجمته بـ «شیخنا» (ابن طولون، ن.م، 17، 35، 38، 39، 42)، ورغم أن ابن طولون لم یذهب إلی مصر (قا: زیدان، ن.ص)، ولم یر السیوطي، ولكن تبدو علاقته شدیدة یكتبه، فقد شرح كتابه الاقتراح في أصول النحو (ابن طولون، ن.م، 35)، وألّف السبائك في أخبار الملائك، اقتباساً من كتاب الأرائك وغیره من آثار السیوطي (ن.م، 38)، وشرح الألفیة التي حذف السیوطي فیها زوائد ألفیة ابن مالك وأصلحها (ن.م، 39)، وكتب شرحاً ممزوجاً علی ألفیة أخری باسم عقود الجمان في علم المعاني والبیان (ن.ص؛ المعلوف، ن.م، 3(2)/41). وبدأ یتألیف كتاب عن الأحادیث الموضوعة، ولكنه رأی كتاباً للسیوطي في ذلك، فأعرض عما كتبه (ابن طولون، ن.م، 42).
وكان لابن طولون تلامذة كثیرون أیضاً منهم: شهاب الدين أحمد الطیبي الشافعي (ابن طولون، «الفلك»، 49) وعلاء الدين ابن عماد الدين والشیخ نجم الدين البهنسي خطیب دمشق. أما أشهر تلامذته والذین نالوا مزیداً من الشهرة والاحترام فهم: إسماعیل النابلسي (مفتي الشافعیة) وزین الدين ابن سلطان (مفتي الحنفیة) وشهاب الدين الوفائي (مفتي الحنابلة) (الغزي، 2/53)، ومن علماء الشیعة زین الدين بن علي ابن أحمد التحاریري الطاووسي الذي قرأ قسماً من الصحیحین علی ابن طولون، وأجازه روایته مع مایجوز له روایته بمدرسة الصاحلیة (ضاهر، 345).
وفي السنوات الأخیرة اشتهر ابن طولون بإیران إثر انتشار كتابه الأئمة الاثنا عشر (ظ: آثار) واهتمت الأوساط العلمیة والجامعیة به، وقد أشار ابن طولون فیه إلی كتابین آخرین له باسم هطل العین في مصرع الحسین؛ المهدي إلی ما ورد في المهدي، ویتحدث فیهما عن أئمة الشیعة أیضاً (الأئمة، 72، 118، «الفلك»، 45، 48) وله أیضاً الدر المنظوم في ما ورد في عاشوراء المحرم وطراز الكمّ فیما روي في غدیر خُم (ن.م، 35، 40).
یقع ضریح ابن طولون في مقبرة عائلته عند مزار عمه بسفح جبل قاسیون قرب كهف جبرائیل (الغزي، 2/54). ولكن لا أثر لقبره الیوم (ظ: «الفلك»، 3، الهامش).
لیس لآثار ابن طولون مثیل في تاریخ الإسلام، فهي تثیر العجب، فقد ورد في ترجمته 728 أثراً مرتبة علی الأبجدیة («الفلك»، 26-48؛ قا: المنجد، معجم، 290). منها ما لایزید علی عدة أوراق (وحتی ورقة واحدة، ظ: دروزة، 4/454)، ومنها ما كتب في عدة مجلدات أكثرها تلخیص وتذییل وتكملة وشرح وتعلیق (ظ: ابن طولون، الأئمة، 118). وآثاره كثیرة التباین والتنوع لإلمامه بأغلب علوم عصره ونذكر فیما یلي العلوم التي درسها وعمل بها وأهم الكتب التي ألفها في كل منها، ثم نقتصر علی دراسة كتبه المطبوعة منها:
كتب ابن طولون أثناء دراسته القراءات شرحاً ممزوجاً علی الشاطبیة التي تجمع القراءات العشر («الفلك»، 39)، وقرأ بعض أماكن من كتاب الإتقان للسیوطي والكشاف للزمخشري ونصوصاً أخری في التفسیر والعلوم القرآنیة علی عدد من الأساتذة (ن.م، 15)، وألّف مجموعة من الكتب فیها مثل: شرح الواضحة في تجوید الفاتحة (آربري، رقم 4741)؛ الطارئ علی زلة القارئ (آلوارت، I/217)؛ التوجیه الجمیل لأسرار آیات من التنزیل (التیموریة، 1/91)؛ خلاصة البیان في أیمان القرآن (ن.م، 1/144)؛ الحاوي لظُرف من التأویل علی طُرف من التنزیل (لندبرغ، رقم 146)؛ تفسیر قوله تعالی: «الرحمن علی العرش استوی» بخط المؤلف (التیموریة، 1/88).
كان ابن طولون كما یبدو من مؤلفاته (ظ: الكتاني، 1/473)، یحضر سماع الحدیث في دور القرآن والحدیث وفي المدارس ومساجد الصالحیة ودمشق وضواحیها خلال السنوات العشر لدراسته علی ابن زریق ولابد أن تدوینه لمجموعات كثیرة ومتباینة من الحدیث تم خلال جهوده في هذه السنوات (ابن طولون، «الفلك»، 26). وقد أورد الكتاني فهرستاً لكل ما لابن طولون من كتب ورسائل في الحدیث تشتمل علی 47 أثراً بسند مسلسل لـ 7 من الرواة استخرجها من فهرسته (ظ: 1/473-475).
وأعلی أسانید ابن طولون بكتب أهل السنة الستة ما عدّة الوسائط فیه مع مصنفیها 8 إلی 9 أنفس، وأعلی الأسانید التي عنده ما بینه وبین الرسول الأكرم(ص) بالسند وهي لاتزید عن 10 إلی 12 واسطة وكان یفخر لاقتنائه مثل هذه الأسانید ویقول: «وهو أعلی ما وقع لأعظم شیوخنا بل لأعظم شیوخهم» (ن.م، 14)، ومن ناحیة أخری فقد ابتدع ابن طولون أسالیب جدیدة ومبتكرة في تبویب الحدیث وتدوین مجموعاته. فألف السفینة الطولونیة في الأحادیث النبویة (عواد، 552)، وتشتمل علی 360 حدیثاً منتقاة من 360 جزءاً حدیثیة (أربعون حدیثاً) دوّنها بأسالیب مختلفة (الكتاني، 1/474)، وكان یولي الحدیث أهمیة بالغة، ویمكن القول إنه كان یفضل أن یطلق علیه صفة المحدّث والمُسند علی كل صفة أخری، وكان یورد في ختام بعض كتبه ورسائله عدداً من الأحادیث النبویة التي تتناسب مع الموضوع مع ذكر السند. كما فعل فأورد في آخر كتاب الأئمة الاثنا عشر 6 أحادیث بسند مسلسل لأئمة الشیعة الاثني عشر تنتهي بالرسول الأكرم(ص) (ص 119-122)، وروی في آخر كتاب القلائد الجوهریة 40 حدیثاً نبویاً بعدد أبواب الكتاب عن صاحلي دمشق والصالحیة (2/595-616)
لم یقتصر ابن طولون علی روایة الحدیث، بل اهتم بالدرایة ورجال الحدیث (ابن طولون، «الفلك»، 14)، فقرأ نخبة الفكر وشرحه علی ابن عبد الهادي، والألفیة للعراقي وكان قد حفظها علی العلامة شمس الدين ابن رمضان، وشرحها علی عمه (ن.ص). وله مؤلفات أیضاً في علم الرجال ودرایة الحدیث منها: التاج الثمین في أسماء المدلسین (ظ: دهمان، مقدمة القلائد، 18)؛ التبیان المحرّر في من له اسمان وكنیتان فأكثر (المعلوف، «ذخائر»، 3(2)/41؛ دهمان، ن.ص)؛ الشذرة في الأحادیث المشتهرة (التیموریة، 2/213).
كان ابن طولون یقرأ إلی جانب دروس القرآن والحدیث بالتناوب المتون الفقهیة وكتب أصول الفقه علی عمه القاضي جمال الدين وغیره من فقهاء الحنفیة الكبار. ومن أساتذته في الفقه: شمس الدين ابن رمضان الذي أجازه بتدریس الفقه في 7 ربیع الأول 899 ولم یتجاوز الـ 19 من عمره، وكذلك برهان الدين ابن عون الذي أجازه بالإفتاء في 29 ربیع الثاني 911 (ابن طولون، ن.م، 14، 17-18؛ قا: الغزي، 2/53). وله في الفقه مؤلفات منها: إتحاف النبهاء بنحو الفقهاء (لندبرغ، رقم 138)؛ تشیید الاختبار (الاختیار) لتحریم الطبل والمزمار (سید، 1/257)؛ تقویة الراغب في صلاة الرغائب (م.ن، 1/258)؛ تیسیر الإعلام بمذاهب الأئمة الأعلام (المعلوف، «خزائن»، 3(8)/227)؛ فرائد الفوائد في أحكام المساجد (المنجد، مقدمة قضاة، 10)؛ مستند الرحی في صلاة الضحی (سید، 1/273).
قرأ ابن طولون كتباً في الصرف والنحو علی أساتذة عصره منهم شمس الدين ابن رمضان (ابن طولون، «الفلك»، 14-15؛ قا: الغزي، ن.ص) وله شرح ممزوج مسهب علی مغني اللبیب لابن هشام، ونسخته الأصلیة مفقودة كما یقول هو نفسه (ن.م، 39). وتوجد منه نسخة أخری (المعلوف، «ذخائر»، 3/41). وألف في بحث التنازع أیضاً منحة الأفاضل في ما تنازع فیه العامل (لندبرغ، رقم، 136).
قرأ ابن طولون كتب ذلك العصر الطبیة الدراسیة علی عدد من الأساتذة مثل ابن عبد الهادي الذي قرأ علیه مؤلفه في الأعشاب والطب النبوي (ابن طولون، ن.م، 15)، وله أیضاً بعض المؤلفات في علم الطب منها: الإشراق لأحكام التریاق (الظاهریة، 2/346)؛ الدر المختوم فیما یتعلق بأحكام المجذوم (المنجد، مقدمة قضاة، 11)؛ شرح منظومة ابن سینا الكبری في الطب؛ شرح منظومة التشریح لیوسف التلمیذ؛ یاقوته الزمان في تشریح الإنسان (المعلوف، ن.ص)؛ رفع الملامة عما قیل في الحجامة (آربري، رقم (3)3317).
كان ابن طولون یعتبر التصوف علماً (ابن طولون، ن.م، 17)؛ قرأ علی أبي الفتح الإسكندري وابن عبد الهادي كتبهما في هذا العلم، كما قرأ عوارف المعارف للسهروردي علی أبي العراقیة الصوفي الذي وصفه بالزاهد، وألبسوه الخرقة جمیعاً (ن.ص؛ قا: الكتاني، 1/473). وله مؤلفات في التصوف أیضاً منها: دفع الباس في ترك مصاحبة الناس (آربري، رقم (1) 3485؛ سید، 1/157)؛ الجواهر المُضیّة في طب السادة الصوفیة (كحالة، 11/52). ویبدو أن مؤلفه الكبیر والجامع في التصوف هو كتاب مسالك التلطف إلی علم التصوف، ویشتمل علی 360 مقالة، وقد فقد أثناء هجوم الجنود العثمانیین علی الصالحیة (ابن طولون، ن.م،54). وله في نفس الوقت مؤلف مستقل في ترجمة محیي الدين ابن عربي (560-638هـ/1165-1240م) – وقبره من مزارات الصالحیة (ابن طولون، القلائد، 2/537)- سماه النطق المُنبّي عن ترجمة الشیخي المُحیوي ابن العربي (م.ن، «الفلك»، 48؛ آلوارت، IX/481). ویتطرق في كتاب القلائد (2/537-542) بإسهاب إلی ابن عربي ویذكر الآراء الموافقة والمخالفة له، ولایستبعد أن یكون ابن طولون من مریدیه بالنظر الی طریقته في تقسیم آراء الموافقین والمخالفین له. واعتماده علی رأي أستاذه السیوطي فیما رواه من رسالة تنبیه الغبي بتبرئة ابن عربي، التي تتضمن تصریحه بالاعتقاد بولایته (ن.م، 2/540) ولكن لایمكن إبداء الرأي في تصوفه قبل القیام بدراسة دقیقة للترجمة التي أوردها لابن عربي ودراسة رسالتي الرماح الخطیة في أضلاع الحلولیة (م.ن، «الفلك»، 37) وتحذیر العباد من الحلول والاتحاد (ن.م، 32). غیر أننا نعلم أنه عرف التصوف صغیراً متأثراً بآراء والده فیه، وكان یحضر مجالس الذكر (ظ: م.ن، القلائد، 1/303). وتنعكس الحیاة الصوفیة وأخلاق الصوفیة علی حیاته كلها، فقد كان یعیش غالباً في المدارس والخانقاهات، ونعلم مثلاً أنه كان یسكن بالخانقاه الیونسیة وهو بین الـ 21 إلی 28 من عمره (ظ: م.ن، «الفلك»، 23-24). وتولی لفترات طویلة إمامة الزوایا ورئاستها والإشراف علیها (ن.م، 23، 25)، وبالإضافة إلی ذلك عاش ابن طولون حیاته كلها بدون بیت وعائلة وزوجة (ظ: الغزي، 2/54).
اشتغل ابن طولون بالإضافة إلی ما مرّ في جمیع العلوم والفنون المتداولة في عصره (ن.م، 14)، فقرأ الكتاب الأساس في كل علم علی أساتذته، وألمّ بـ 72 علماً تحدث بإسهاب في ترجمته كیف تعلمها في مؤلف مستقل باسم اللؤلؤ المنظوم في الوقوف علی ما اشتغلت به من العلوم (كاتالوغوس، رقم (6)430). وجمع مجلد الإجازات التي كتبها له أساتذة هذه العلوم والفنون، وقد فُقد مع كتبه الأخری في 927هـ (ابن طولون، ن.م، 18). وكان من هذه الآثار عدة في العلوم النظریة هي: إرشاد الطلاب إلی علم الحساب (المعلوف، «ذخائر»، 3(2)/40)؛ تشنیف المسامع في علم حساب الأصابع (لندبرغ، رقم 137)؛ تعلیق وجیز في تدوین علم الكمون والبُروز (آلوارت، IV/436)؛ لب اللباب في فنون الحساب (المعلوف، ن.ص). ویبدو أنه كان لایرغب في المنطق والكلام والنجوم ككثیر من الفقهاء والمحدثین لوجود أسماء كتب في فهرسته تدل علی ذلك مثل القول المحتوم في ذم علم النجوم؛ القول المشرق في تحریم المنطق؛ السنان المبرق في النهي عن ملازمة الاشتغال بالمنطق؛ لجام العوام عن الاشتغال في علم الكلام (ابن طولون، ن.م، 38، 43-44).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode