الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / آلتین أُردو /

فهرس الموضوعات

آلتین أُردو

آلتین أُردو

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/23 ۲۱:۰۷:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

آلتین أُردو (المخیّم الذهبي)، اصطلاح یطلق علی‌الدولة التي أسّسها أولاد باتو بن جوچي في دشت القفجق [سهل القفجق] والمقاطعات والمناطق الشرقیة والجنوبیة والغربیة والشمالیة له. استمرت هذه‌الدولة من النصف الثاني للقرن 7ھ/13م حتی النصف الثاني 9/15 ثم انقسمت الی دویلات سقطت فیما بعد بأیدي حکومة روسیا القیصریة، و تشکّل الآن جزءاً من أراضي الحکومة السوڤیتیة وتشتمل علی عدد من جمهوریاتها. و«آلتین أردو» لفظة ترکیة مرکبة تقابل في اللغة المغولیة کلمة «سِیر أُردو» و في الفارسیة «أردوي زرین» و في الروسیة «زولوتایا أوردا». وینسب المؤرخون الغربیون (کما تنسب دائرة المعارف الاسلامیة) هذه التسمیة إلی الروس، ویرجع السبب في ذلک إلی أن المعسکر (المخیّم) وقبة الملوک والخانات کانت تزیّن بالصفائح الذهبیة. وکتب ابن بطوطة في وصف بلاط السلطان أزبک أحد خانات آلتین أردو الکبار یقول «ومن عادته أن یجلس یوم الجمعة بعد الصلاظ، في قبة تسمّی قبة الذهب مزیّنة بدیعة، وهي من قضبان خشب مکسوّة بصفائح الذهب» (ص 332). وربّما یرجع السبب أیضاً إلی لون خیامهم الأصفر الذي یعتبر شعاراً لأقوام آسیا الوسطی، وقد تعود هذه التسمیه إلی أنهم لقّبوا أنفسهم بهذا اللقب لاظهار عظمتهم و کبریائهم. أما اصطلاح «سیر أردو» فیبدو أنه من أصل مغولي ولم یترجم من الروسیة. ولدینا مصدران فارسیان یعودان الی أوائل القرن 8ھ/14م، ورد في أحدهما اصطلاح «سیر أردو»، وجاء في الثاني هذا الاصطلاح بالاضافة إلی اصطلاح «أردوي زرین». وأحد هذین المصدرین هو تاریخ وصّاف الذي جاء فیه: وأحرقوا أردوي زرین الذي یدعی سیر أردو أیضاً (ص 517). وقد وردت هذه العبارة بمناسبة الحرب الاهلیة الشاملة التي دارت في تلک الفترة بین الأمراء المغول في سهول آسیا، وکانت بین خلفاء چپر (چاپار) بن قَیدُو (قایدو) من جهة و بین توا من أحفاد چغاتاي (ابن جنگیز) وحلفائه من جهة أخری والتي أدت إلی تدمیر قوات چپر بن قیدو (ابن اوگتاي)، وکان آلتین أردو أو خلفاء باتو في هذه الحروب یدعمون چپر والقیدو ولعلهم أرسلواجیشاً لمساعدتهم وأدّی هذا العمل إلی اعتبار مؤلف تاریخ وصّا‌ اندحار القیدو اندحاراً لآلتین أردو. وکان الایلخانیون الایرانیون أعداء لآلتین أردو، وقد انعکست هزیمة هذه‌الدولة وحلفائها في الکتب الایرانیة آنذاک بشکل إیجابي. أما المصدر الآخر فهو تاریخ أولجایتو للکاشاني الذي ذکر خلال أحداث سنة 704ھ/1304م الحروب التي دارت بین الأمراء الجنگیزیین نقلاً عن ألسنة مبعوثیهم إلی بلاط أولجایتو بقوله: وأخیراً إن ییسور وچنکشي تغلّبوا علی القیدو وهزموهم ونهبوا الـ «سیرة أردو» أي الآلتین أردو (ص 36). والمراد هنا من «سیرة أردو» الجیش الذي أرسله‌خان المخیّم الذهبي لمساعدة القیدو. وعلی هذا فان «سیر أردو» ما هو إلا اصطلاح مغولي.

وکان المخیم الذهبي اصطلاحاً یطلق في التاریخ علی الامبراطوریة الواسعة لـ باتوبن جوچي (الابن الأکبر لجنگیز) و خلفائه والتي کانت تحدّ ممتلکات آق أردو من الشرق و الجنوب الشرقي، کما کانت تحدّها من الجنوب السواحل الشمالیة والشمالیة الغربیة لبحر الخزر ونهر تِرِک (الذي یجري في جیورجیا والقفقاس من الغرب إلی الشرق ویصب في بحر الخزر) والبحر الأسد، کما تحدّها من الغرب الدول التي تعرف الیوم بأوروبا الشرقیة.

وأفضل وصف وأشمله لمنطقة نفوذ خانات المخیم الذهبي ما أورده المؤلفون والجغرافیون العرب في القرنین 8 و 9ھ/14 و 15م و ذلک لوجود علاقات سیاسیة واقتصادیة وثیقة بین خانات (ملوک) المخیم الذهبي ودولة الممالیک بمصر، حیث أن مبعوثي سلاطین مصر کانوا قد جمعوا معلومات دقیقة وشاملة عن المخیّم الذهبي وممتلکاته. وقد أورد القلقشندي خلاصة هذه المعلومات (4/453-469). کما ذکر نقلاً عن مسالک الأبصار معلمات عن الشیخ علاءالدین بن النعمان الخوارزمي حول حدود منطقة «المخیم الذهبي»، أو کما یقول «خوارزم وقبچاق» جاء فیها: «إن طول هذه المملکة من بحر اصطنبول (البحر الأسود) إلی نهر أریس (وهوالنهر الذي یجري من الشرق إلی الغرب في بلاد ترکستان و یصب في سیردریا أو سیحون) ستة أشهر و عرضها من بلغار (إلی جانب نهر الڤولغا) إلی باب الحدید (باب الأبواب أو دربند و هي مدینة باکو) أربعة أشهر تقریباً. وإن مجموع هذه المملکة من ورعات (والصحیح: دَرغان) خوارزم من الشرق إلی باشقرد و عرضاً من خوارزم إلی أقصی بلاد سیر و هي منتهی العمارة في الشمال (4/452)، ویتابع القلقشندي حدیثه نقلاً عن مسالک الأبصار قائلاً إن «مبدأ عرض هذه المملکة من دیر قپو (؟) وهي مدینة من بناء الاسکندر کان علیها باب من حدید قدیماً إلی بلاد بوغرة، وطولها من ماء أریس… من ناحیة بلاد الخِطا إلی اصطنبول یعني القسطنطینیة … و یتجاوز هذا الطول قلیلاً إلی بلاد تسمّی «کَمخ» مشترکة بین الروس والفرنج».

أما دیرقیو الذي ذکره ابن النعمان ما هو إلا تصحیف و تحریف لـ «دمیر قپو» والذي یعني باب الحدید باللغة الترکیة والمقصود به هو نفس باب الأبواب. وکلمة «بوغرة» ضبط آخر لـ بلغار و بُرغار والتي کانت تقع إلی جانب الڤولغا. أما بلاد «کَمخ» المشترکة بین الروس والفرنج فهي نفس بلاد الکومان (فکمخ تصحیف لـ کُمَن) التي کانت تطلق أولاً علی أتراک «دشت القفجق» ثم أصبحت تطلق علی قسم من هنغاریا بعد إلحاق الهزیمة بهؤلاء الأتراک علی ید باتو و هروبهم إلی هنغاریا والمجر.

ویقول القلقشندي أیضاً: «وحکي عن حسن الرومي التاجر السفّار أن طولها (هذه المملکة) من مدینة باکو المعروفة بالباب الحدید إلی حدود بلاد الخِطا (الصین الشمالیة)، فیکون بسیر القوافل خمسة أشهر، وعرضها من نهر جیحون إلی نهر طونا (الدانوب)» (4/452-453). ثم بدأ القلقشندي بتعداد الدول المختلفة التي کانت تشتمل علیها هذه المنطقة الواسعة وهي: 1. خوارزم؛ 2. دشت القفجق؛ 3. بلاد الخزر مع مرکزها المسمی بَلَنجَر؛ 4. القِرِم (شبه جزیرة کریمة) ومرکزها صُلغات مع مدن أُکَک وصُوداق وکَفا؛ 5. بلاد أَزَق (آزوف) مع مدینة کَرش (کرچ الواقعة في مضیق کرچ بین البحر الأسود و بحر آزوف)؛ 6. بلاد الچرکس؛ 7. بلاد البلغار (الی جانب الڤولغا)؛ 8. بلاد الأولاق (الأفلاق أو والاخي)؛ 9. بلاد آص (آس)؛ 10. بلاد الروس.

وکان القسم الأوروبي من ممتلکات المخیّم الذهبي یضم الامارات الروسیة، و هي کیف وموسکو وریازان و چرنیکوف و سوزدال وسمولینسک و فلادیمیر و غیرها. وقد تم احتلال أکثر هذه الولایات في عصر أوکتاي قاآنف واشترک في هذه الحروب أبناء أوکتاي و جغتاي وجوچي، وکذلک القائد المغولي الکبیر سبتاي أو سوباداي. ولکن یبدو أن القائد العام لکل هذه القوات الکبیرة کان باتو الابن الأکبر لـ جوچي. واتجه هذا الجیش العظیم في سنة «القرد» في جمادی الثانیة 633/ شباط 1236 إلی روسیا وأوروبا. ویقول رشیدالدین فضل‌اللَّه (جامع‌التواریخ، تحقیق بلوشة، 2/43) إن باتو اتجه مع الجیش الی پولو (بولندا) و باشغرد. وکان البولندیون جماعات کثیرة ونصرانیة، تقع ولایتهم علی الحدود مع الفرنج، وبعد فتح بلندا أخذوا آس و بلغار. وفي خریف 634ھ/1237م فرضوا الحصار علی مدینة «ریازان» ثم استولوا علیها بعد ثلاثة أیام. وحاصر باتو مدینة کیف مدة شهرین واستطاع أخیراً فتحها بمساعدة قدان و بوري، وفتحوا موسکو أیضاً في خمسة ایام (م. ن، 2/45-46). ویذکر گروسة أن فتح موسکو تمّ في رجب 635/ شباط 1238. وقد أحرق المغول مدینة سوزدال وارتکبوا مذبحة بحق أهالي مدینة فلادیمیر (ص 434-435).

وأعملت القوات المغولیة النهب والسلب والقتل في بولندا والمجر واجتازت نهر الدانوب حتی وصلت قرب ڤینا. وفي هذه الأثناء وصل خبر وفاة اوگتاي قاآن في 4 جمادی الثانیة 639/10 کانون الأول 1241 إثر إفراطه في تناول المسکرات. فتوقّف الجیش المغولي عن التقدّم في أوروبا الشرقیة وعاد بسرعة إلی منغولیا.

وعلی هذا فان ممتلکات باتو بن جوچي کانت تشتمل علی المناطق الواقعة غرباً حتی الأنهار التي تصبّ في البحر الأسود، وإلی شبه جزیرة القرم أو الکریمة وکانت وصیة جنگیز تنص علی أن جمیع المناطق التي وطئتها حوافر خیل المغول في جهة الغرب لجوچي؛ وقام بات بتوسیع هذه الممتلکات وأصبح بذلک وریثاً لأبیه.

ویصف القلقشندي أقالیم «المخیم الذهبي» أو کما یقول «خوارزم والقفجق» ابتداءٌ من خوارزم. ورغم انفصال هذه البلادعن المخیم الذهبي واحتلال تیمور و أولاده لها قبل عصره بمدة طویلة إلا أنه یصفها أثناء حدیثه عن عهد باتو و برکة (برکاي) وأوزبک. أما ابن‌ بطوطة الذي کان قد سافر في النصف الأول من القرن 8ھ/14م إلی خوارزم إبّان سلطنة السلطان محمد أوزبک (712-741ھ/312-1340م) فقد ذکر أن أمیر خوارزم کان قُطلودَمر ابن خالة أوزبک وأکبر أمرائه (ص 361).

ثم ینتقل القلقشندي الی وصف دشت القفَجق و مدینة صراي (سراي، عاصمة المخیم الذهبي) ویتحّدث عن بلاد الخزر والقرم (شبه جزیرة القرم) و عن مرکزها «صُلغات» (استاري – کریم حالیاً) ذاکراً مدینة «اُکَک» احدی مدن القرم، إلا أنه أخطأ هنا (بنقله عن أبي الفداء في تقویم البلدان) وقال: تقع أُکک الی جانب إتل (= الڤولغا) و بین سراي وبُلار. و بعدها یقول إن أُکَک تقع إلی الشمال الشرقي من صُوداق و إلی الشمال الغربي من کَفا (4/460). فاذا کانت أُکَک تقع علی ضفاف نهر الڤولغا، فلیست من القرم، أما إذا کانت واقعة بالقرب من صُوداق و کَفا فهي من القرم، کما لایمکن أن تقع علی ضفاف الڤولغا. ولکن ما أورده یول في تعلیقاته علی رحلة مارکوپولو (جیب، 357) یشیر إلی أن أُکَک کانت تقع علی ضفاف الڤولغا (وهي إیضاً من بلاد المخیم الذهبي) وعلی بعد 6 أمیال من سارا توف. أما أُکَک الواقعة في القرم فهي بلدة صغیرة ذکرت في الخرائط البحریة القدیمة باسم لوکاکي أو لوکاگ وکانت تقع علی ساحل بحر آزوف و هي نفس المدینة التي زارها ابن بطوطة وحدّد المسافة بینها و بین مدینة سراي بمسیر عشرة أیام (ص 344؛ جیب، 357).

ومن مدن القرم التي نقلها القلقشندي عن أبي الفداء في تقویم البلدان مدینة صُوداق أو سوداق والتي ذکرها ابن بطوطة أیضاً. ویقول جیب إن هذه المدینة تسمی الیوم سوداق (ن.م) والمدینة المشهورة الأخری في شبه جزیرة القرم هي کَفا أو کفة. ثم یصف القلقشندي (4/461-466) بلاد الأزق أوالآزوف نقلاً عن تقویم البلدان، و یتحدّث بعد ذلک عن بلاد الچرکس الواقعة إلی الشرق من البحر الأسود ثم عن بلغار الواقعة علی ضفاف الڤولغا و مدینتي اقجاکرمان و صادرمي کرمان.

ثم ینتقل القلقشندي إلی الحدیث عن «بلاد الأولاق» والتي هي الأفلاق و البُغدان نفسها أوما سُمّط فیما بعد بـ والاخیا. ثم یتحدث عن بلاد «آص» (آس، أوست، آلان) و بعدها عن بلاد الروس. و یعتبر «کوماجر» من مدن المخیم الذهبي والتي تقع بین باکو و آزوف. وهي نفس مدینة ماجَر التي زارها ابن بطوطة (ص 328-331). وکانت ماجَر تقع علی ضفاف نهر کوما ولهذا یقال لها کوماجر أیضاً. وتعرف هذه المدینة الیوم بـ برگو مجاري و تقع علی بعد 110 کم إلی الشمال الشرقي من جئورجیوسک (جیب، 357).

 

مدینة سراي

یقول عطاملک الجویني الذي ألّف کتابه في 658ھ/1260م: «إن باتو أقام في مخیمه الواقع حوالي ایتیل (الڤولغا)، وأمر ببناء مدینة سمیت سراي». ویعد هذا أقدم مصدر لدینا یتحدّث عن تشیید مدینة سراي عاصمة دولة المخیّم الذهبي. ثم یقول رشید‌الدین فضل الله (جامع التواریخ، تقـ : بلوشة 2/137): «إن باتو توفي سنة 650ھ/1252م بجوار نهر اتیل في سراي». ومع کل ذلک فقد نسب بعص المتأخرین بناء مدینة سراي إلی برکة (برکاي) ثالث أبناء جوچي (القلقشندي، 4/457). ویحتمل أن المدینة التي بناها برکرة هي سراي الجدیدة.

ویقول بارتولد: في الوقت الذي یتحدّث فیه الجغرافیون عن مدینة باسم سراي، تلاحظ کلمة «سراي الجدید» علی المسکوکات المکتشفة (وهذا یعني أن هذه المسکوکات ضربها خانات المخیم الذهبي في مدینة سراي الجدیدة) ویعود تاریخ أقدم هذه المسکوکات إلی 710ھ/1310م. وکان شمس‌الدین الشجاعي المصري المؤلف الوحید من قدامی المؤرخین الذي ذکر اسم «سراي الجدیدة» و نقل عنه ابن قاضي شهبة (دائرة المعارف الاسلامیة، الأول، مادظ سراي). وبناء علی هذا یمکن القول إن أزبک‌خان کان قد توفي في سراي الجدیدة (743ھ/1342م).

وفیما یتعلق بآثار مدینة سراي فقد عثر علی خرائب مدینتین بجوار نهر آختوبا (آق تپة) وهو من فروع الڤولغا، وتقع إحدی هذه الخرائب في مدینة تسارِف و الأخری بجوار مدینة سلیت رنویة أوسلیت رنوگوردوک (م. ن) ولیس هناک مایؤکد ما إذا کانت سراي الجدیدة قسماً من مدینة سراي أو أنها مدینة حدیثة تمّ تشییدها في مکان آخر ولایعلم أیضاً أیهما کانت عاصمة دولة المخیم الذهبي. یقول أبوالفداء: إن بین مصّب الڤولغا في بحر الخزر و مدینة سراي مسیرظ یومین. وینطبق هذا القول علی مدینة سلیت رنویة. إلا أن مدینة سراي، و کما یصرّح بذلک أبوالفداء، شیّدت علی أرض منبسطة. ویقول ابن بطوطة: «في بسیط من الأرض». و یذکر شهاب‌الدین العمري أن برکة صغیرة کانت توجد وسط المدینة، و هذا الوصف یتلاءم مع مدینة تسارف (ن.م). ویقول بارتولد: إن التنقیبات التي قام بها ترشچنکو في 1259-1267ھ/1843-1851م في موضع سراي لاتدع مجالاً للشک في وجود مدینة کبیرة في هذا المکان قدیماً، تؤید ذلک الدراسات التي أجراها گریگوریف في 1261ھ/1845م. وربما کانت سلیت رنویه قد حلّت محل سراي التي بناها باتو، وقد أعرب عن هذا الرأي سابلوکوف في 1260ھ/1844م حیث أکد علی أن سلیت رنویه یجب أن تکون قد شیّدت مکان «سراي القدیمة» وأن تسارف شیّدت مکان «سراي الجدیدة». وأیّد هذا الرأي فیما بعد بقیة العلماء الروس. ومن الطبیعي أن هناک أقوالاً تعارض هذا الرأي. وفي 797ھ/1395م دمّرت مدینة سراي علی ید تیمور. قد أدت التنقیبات التي أجراها ترشچنکو هناک إلی اکتشاف هیاکل عظمیة بشریة بلا رؤوس أو أید أوأرجل. وفي 876ھ/1472م دمّر قطّاع الطرق الویاتکییون مدینة سراي ثانیة، ولربما کان ذلک أثناء اتحادهم مع خانات القزم وفي حوالي 961ھ/1554م کانت المدن المجاورة لتسارف وسلیت رنویه أطلالاً عندما استولی الروس علی مدینة استراخان (ن.م).

وینقل القلقشندي (4/457) عن مسالک الأبصار: أن مدینة سراي «في أرض سبخة بغیر سور، ودار الملک بها قصر عظیم علی علیائه هلال من ذهب زنته قنطاران بالمصري، یحیط بالقصر سور و أبراج فیها الأمراء، و بهذا القصر یکون مشتاهم؛ والسراي مدینة کبیرة ذات أسواق و حمامات و وجوه برّ مقصودة بالأجلاب، وفي وسطها برکة ماؤها من نهر الحل ماؤها للاستعمال. أما شربهم فمن النهر یسقی لهم في جرار فخّار، وتصّف علی العحلات و تجرّ إلی المدینة وتباع بها… وبُعدها عن خوارزم نحو شهر و نصف».

ویقول ابن بطوطة الذي کان قد سافر إلی مدینه سراي في عهد أزبک خان: «وصلنا إلی مدینة السرا، و تعرف بسرا برکة… و مدینة السرا من أسن المدن متناهیة الکبر في بسیط من الأرض تغصّ بأهلها کثرة، حسنة الأسواق، متّسعة الشوارع. ورکبنا یوماً مع بعض کبرائها وغرضنا التيواف علیها و معرفة مقدارها، و کان منزلنا في طرف منها. فرکبنا منه غدوة، فما وصلنا لآخرها إلا بعذ الزوال، فصلینا الظهر، وأکلنا طعامنا، فما وصلنا إلی المنزل إلّا عندالمغرب. ومشینا یوماً في عرضها ذاهبین و راجعین في نصف یوم، و ذلک في عمارة متصلة الدور لاخراب فیها و لابساتین. و فیها ثلاثة عشر مسجداً لاقامة الجمعة أحدها للشافعیة، و أما المساجد سوی ذلک فکثیر جداً. وفیها طوائف من الناس منهم، المغُل و هم أهل البلاد و السلاطین، و بعضهم مسلمون، و منهم الآص و هم مسلمون و منهم القفجق و الجرکس و الروس والروم و هم نصاری. و کل طائفة تسکن محلة علی حدة فیها أسواقها. والتجار والغرباء من أهل العراقین و مصر و الشام و غیرها ساکنون بمحلة علیها سور احتیاطاً علی أموال التجارة. و قصر السلطان بها یسمی ألطون طاش، وألطون معناه الذهب و طاش معناه حجر» (356-357). وهذه هي المرة الأولی التي نجد فیها «آلتین» أو «آلطون» بمعنی الذهب للقصر الذهبي في آلتین أردو في مصدر من المصادر. و هذا یدل علی أمرین؛ الأول، غلبة اللغة الترکیة و العنصر الترکي علی اللغة المغولیة والعنصر المغولي في دولة کان أصلها مغولیاً، والثاني، الربط بین القصر الذهبي والحجر الذهبي و بین المخیّم الذهبي. و من الطبیعي أن القصر لایمکن أن یکون ذهبیاً، وأن اسم «ألطون طاش» هو ذکری لتسمیة سیر أردو أو المخیم الذهبي القدیمة، إما لبیان قیمته أو للونه الذهبي، و ربما کان لوجود «الهلال الذهبي الذي کان یزن قنطارین مصریین» والذي ورد ذکره في مسالک الأبصار أثر في هذه التسمیة.

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: