الصفحة الرئیسیة / المقالات / الامامیه /

فهرس الموضوعات

الامامیه


تاریخ آخر التحدیث : 1441/11/16 ۱۳:۵۹:۳۱ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإمامیَّة،   أحد المذاهب الإسلامية الذي أدی دوراً أساسياً في تكوين الثقافة الإسلامية وحضارتها.
إن الشيعة الإمامية التي تسمى على سبيل الاختصار بالشيعة على لسان العامة وبالإمامية على لسان الفقهاء أیضاً، تعتبر اليوم مذهباً يتميز بخصائص معينة ويطلق عليه اسم المذهب الجعفري، أو الاثني عشري أيضاً. وبشكل عام، فإننا لانلاحظ اختلافاً في التداول الحالي بين المصطلحات المذكورة، حيث يتم التعامل معها باعتبارها ألفاظاً مترادفة. وفي هذا المجال، یتعلق مصطلح الشيعة في استعماله المطلق عند الإمامية، بالشیعة الإمامية، فيما يشمل في الاستعمال الأوسع الزيدية والإسماعيلية أيضاً. وإذا ما ابتعدنا عن القرن الحالي واتجهنا إلى الرؤية التاريخية، فإن كلاً من هذه  
المصطلحات يكتسب معنى خاصاً وتختلف علاقات العموم والخصوص بينها، متناسبة مع العصور التاريخية المختلفة.
لقد خضع مصطلح الإمامية للتغيير عبر التاريخ بشكل لايمكن اجتنابه ولذلك، يجب أن يكون هنالك مصطلح معرَّف، في العصور التاريخية المختلفة. ومنذ أوائل القرن 2ه‍ / 8م على الأقل، أطلق المعارضون على هذه الفئة الدينية اسم «الرافضة» الذي يحمل معاني الذم (مثلاً ظ: فرات، 139؛ ابن قتيبة، 71) ومن الطريف أن علماء الإمامية كانوا أحياناً يسعون لأن يقدموا تفسيراً يشيد بهذا الاسم (مثلاً ظ: فرات، ن.ص؛ البرقي، 157).
وعوداً على تعبير الشيعة، يجب القول إن الشيعة كانت تعني في اللغة العربية خلال القرن 1 ه‍ وباستخدامها المطلق المجموعة من الناس (مريم / 19 / 69) وأما إذا أضيفت فإنها تعني الأنصار والأتباع (القصص / 28 / 15). وأما مصدر ظهور مصطلح الشيعة، فهو الاستعمـال المركب لـ «شيعة علي» (ع) فـي التيارات التاريخيـة ـ الدينية للقرن 1 ه‍ ؛ ولكن يبدو أن الشكل المختصر لهذا المصطلح كان متداولاً أيضاً في هذا القرن نفسه (مثلاً ظ: ابن حنبل، 1 / 148 / 278). وبصورة عامة ودون أن ندخل في تفاصيل المباحث الكلامية، فإن من المعلومات التاريخية أن جماعة من المسلمین في صدر الإسلام، كانت ترى حقاً خاصاً للإمام علي (ع) في باب إمامة المسلمين بعد النبي (ص)، وهذه الجماعة هي نفسها التي كانت تعرف باعتبارها شيعة علي (ع)؛ کما استخدمت هذه التسمية «الشيعة» في الروايات المتعلقة بمعركة صفين لجماعة من خواص أصحاب الإمام علي (ع) (ظ: نصر بن مزاحم، 86، 359)، وقد كان أحد شروط صلح الإمام الحسن (ع) في 41ه‍ ، هو ألّا يؤذي معاوية أحداً من «شيعة علي» (ع) (مثلاً ظ: أبو الفرج، 67).
بشكل طبيعي، فإن علينا أن لانبحث عن طائفة خاصة من علماء الشيعة على الأقل تحت عنوان معين هو الإمامية، وذلك طيلـة القرن 1ه‍ في عصر سبق عهد إمامـة الإمامين الباقر والصادق (ع)، حيث لم تكن تعاليم الإمامية قد قدمت للشيعة بشكل مفصل. وما يمكن متابعته في هذا القرن باعتباره وجه اختلاف مهم بين الفئات الشيعية، هي وجهة نظرهم حول كون الإمام منصوصاً عليه ومفترض الطاعة. وفي الحقيقة، إن السبب في اختيار هذا العنوان لهذه الفئة من الشيعة وانتسابها إلى «الإمام» یکمن في أن هذه الفئة اعتبرت ثبوت الإمامـة بـ «النص الجلي» وتعيين كل واحد من الأئمة بالأمر الإلٰهي خلافاً للأغلبية الزيدية، وذلك منذ القرن 2ه‍ / 8م وماتلاه، حيث ظهر في الأوساط الشيعية نوع من المواجهة بين الإماميين والفرق غير الإمامية (أوضح نموذج لها، الأغلبية الزيدية) مما دعت الضرورة إلی وضع مصطلح الإمامية واستخدامه. وإلى جانب هذا یمکن ذکر بعض الخصوصيات الأخرى باعتبارها معتقدات هذه الفئة الأساسية، ومنها كون الإمام مفترض الطاعة ومعصوماً، وعدم خلو الأرض من الإمام في أي زمان (ظ: المفيد، أوائل... ، 46؛ الشهرستاني، 1 / 144-145).
لم یکد ینتهي القرن الأول حتی اهتم الإمام محمد الباقر (ع) بالتدقيق في تعاليم الشيعة وتفصيلها، وتدل الروايات المستفيضة المنقولة عنه (ع) حول الفقه والتعاليم الدينية الأخرى على أن التعاليم الدينية للشيعة اتجهت نحو التدوين والتکوین منذ ذلک الحین ورغم أن التیار الرئيس للتشیع بعد وفاته (ع)، كان يعترف بالزعامة لابنه الإمام جعفر الصادق (ع)، إلا أن فرقة من الشيعة اعترفـت بالإمامة في نفس الوقت لزيـد بن علي شقیق الإمـام الباقر (ع) وبذلك توفر المجال لظهور مذهب جديد بين الشيعة باسم الزيدية. ومنذ أواسط القرن 2ه‍ ، بإمکاننا متابعة تاريخ افتراق الشيعة في تيارين متوازيين: الإمامية والزيدية، وكذلك تيار انشق عن الإمامية باسم الإسماعيلية. وما حریّ بالذکر في هذا المجال، هو أن المذهب الفقهي للإسماعيلية كان مرتبطاً بمذهب الإمامية، بنوع ما وأما فيما يتعلق بالزيدية، فإن إحدى فرقهم وهي الجارودية كانت دوماً طيلة عمرها القصير أقرب إلى الإماميين من الزيدية الآخرين.
اقترن عهد إمامة الإمام الصادق (ع) بعهد الانتقال السياسي، وبالتالي بالأجواء المناسبة للنشاطات الفكرية من جهة، وبعصر تدوين العلوم الإسلامية من جهة أخرى؛ ولذلک اغتنم الإمام الصادق (ع) هذه الفرصة لمواصلة جهود الإمام الباقر (ع) في تدقیق تعاليم المذهب وتفصيلها، وكما يتضح من الروايات العديدة المنقولة عنه (ع)، فقد أدى أهم دور في تدوين فقه الإمامية في نفس الوقت الذي حدد فيه مواقف الإمامية من التعاليم الدينية وجوانبها المتعددة.
تفرق أتباع الإمام الصادق (ع) بُعید وفاته في 148ه‍ / 765م. والطائفة التي عرفت في التاريخ باسم الإسماعيلية كانوا يرون الإمامة لمحمد بن إسماعیل حفید الإمام، حيث كان والده وهو الابن الأكبر للإمام، قد توفي أثناء حياة الإمام؛ وإن طائفة أخری من أتباعه اختاروا للإمامة ابنه عبد الله الأفطح لكبره في السن فيما اعتقد البعض بإمامة موسى الكاظم (ع) متمسكين بنص الإمام الصادق (ع). وقد وردت في المصادر المتقدمة للفرق أسماء المدافعیـن الأوائل عن إمامتـه ومنهم شخصيـات كبيرة مثـل هشام بن الحكم، وهشام بـن سالـم وأبـي بصيـر والمفضـل بن عمـر (ظ: النوبختي، 65-67؛ سعد، 88؛ الكشي، 283-284).
توفـي عبد الله الأفطح بعد وفـاة أبیه بسبعین یوماً تقریبـاً ولم يترك ابناً من بعده (ظ: سعد، 87؛ أيضاً ابن عنبة، 195)، فلم یلبث حتی انتمی أتباعه جمیعاً إلى الإمام الكاظم (ع)؛ غیر أن هناک من اعتبروه الإمام الثامن، مصرین على مذهبهم الفطحي ومنهم من أعرضوا عن الفطحیة وعقدوا الإمامة للإمام الكاظم (ع) باعتباره الإمام السابع (ظ: النوبختي، 65؛ عن بقايا الفطحية حتى القرن 4ه‍ ، ظ: القاضي عبد الجبار، المغني، 20 (المتمم)  / 180).
في 179ه‍ / 795م أجبر الخليفة العباسي هارون الرشيد، الإمام الكاظم (ع) على الانتقال من المدينة إلى البصرة ومنها إلى بغداد، وأودعـه السجن والحصر حتى 183ه‍ ، بهدف الحد من زعامته (ظ: سعد، 93؛ أبو الفرج، 333-336).  وبعد وفاة الإمام الكاظم (ع) المثيرة للشكوك في السجن، ظهرت موجة جديدة من الاختلافات في صفوف الشيعة بحیث انقسم الشيعة الموسوية إلى فرقتين هما القطعية والواقفة. فاعتبرت الواقفة الإمام الكاظم (ع) المهدي متمسکین ببعض الروايات، وختموا الإمامة به، فيما عرف التیار الأصلي بالقطعیة لأنهم اعتبروا الإمام الرضا (ع) خلیفة للإمام الكاظم (ع)، بالتأکید والقطع. كان الإمام الرضا (ع) يقيم في المدينة خلال 183-200ه‍ / 799-816م، حتی توجه في 200ه‍ إلى خراسان بعد أن دعاه الخلیفة العباسي المأمون لولاية العهد ولكنه توفي في 203ه‍ خلال سفره. وتولى من بعده الإمامة علی التوالي كل من الإمام الجواد (ع) (إمامته: 203-220ه‍ / 818-835م)، فالإمام الهادي (ع) (إمامته: 220-254ه‍ ( فالإمام الحسن العسكري (ع) (إمامته: 254-260ه‍ / 868-873م). ومما يجدر ذكره فيما يتعلق بالإمام الهادي (ع) أن الخلیفة استدعاه إلی بغداد في 233ه‍ / 848م بسبب بعض النشاطات المناهضة للحكومة العباسية على مايبدو، ثم وقع تحت الرقابة فيها حتى وفاته (الیعقوبي، 2 / 484؛ المفيد، الإرشاد، 2 / 238 وما بعدها: عن الافتراقات بعد وفاة الإمام الهادي (ع)، ظ: سعد، 101).
ورغم أن فرق الإمامية المختلفة، مثل الفطحية، الواقفة والقطعية كانت قد اتخذت إزاء بعضها البعض مواقف حادة وعدائية في المباحث العقائدیة المتعلقة بالإمامة، إلا أن أوساطهم الفقهية لم تكن منفصلة عن البعض، حيث كان عدد من أهم فقهاء الإمامية في القرون الأولى ینتمي إلى هذه الفرق المنشقة.
مایجدر بالذکر أن مذهب الإمامیة وعبر تیار تاریخي مترامي الأطراف، توسع نطاقه من أقصى مناطق ماوراء النهر حتى أبعد مناطق المغرب الأقصى. ومن أكثر المصادر وثوقاً لدراسة انتشار أتباع هذا المذهب في القرون الأولى الهجرية الدراسة الإحصائية للرجال الإماميين في القرنين 2و3ه‍ ، حيث انعكست معطیات عنها في الكتب الأربعة لرجال الإمامية. وإنها تحظی بأهمية فائقة وخاصة من حيث أنها تعكس النفوذ الثقافي لهذا المذهب في جمیع البلدان الإسلامیة. وعلى هذا الأساس، فقد ظهر غالبية علماء الإمامية في مناطق العراق وعلـی وجه الخاص الكوفة، وإيران ولاسیما الري وقم. کما نشأ عدد کبیر منهم في مكة والمدينة، واليمن والبحرين وبلاد الجزيرة (شمال العراق) والشام وخاصة حلب، ومصـر، وبلاد ماوراء النهر ومنها بخاری وسمرقنـد، وخراسان خاصة مرو ونيسابور، وسجستان وكرمان وجرجان وطبرستان وآذربايجان وأرمينيا وخوزستان ومناطق الجبال في وسط إيران وغربیها. وفي أواخر القرن 4ه‍ / 10م تحدث المقدسي فـي طیـات کتابـه أحسـن التقاسیـم عـن المجتمعـات الشیعیـة ــ الإماميين على ما يبـدو ــ ومدی توزیعها في المناطق التي سبق ذکرها (ظ 90-91، 112، 153، 280). وتشير المصادر إلى أن المذهب الإمامي ظل سائداً وعلى مر القرون، في تلک المناطق وكذلك منذ عهود أكثر تأخراً في الهند وشرق أفريقيا. وما ینبغي للذکر أن انتشار هذا المذهب خلال القرون الأولى والوسطى لم یکن إلا حصيلة الجهود الذاتية والتدريجية لأتباعه؛ وأما في العصر الصفوي فقد ترکت الجهود المنسقة تأثیراً کبیراً في نشر هذا المذهب وخاصة في بعض المناطق مثل شبه القارة الهندية (للاطلاع على انتشار الإمامية في قارة أفريقيا، ظ: ن.د، أفريقيا، المدارس والمذاهب؛ حول قارة آسيا، ظ: ن.د، الإسلام، القسم التاسع).
يعتبر المذهب الإمامي، أو الشيعي الاثنا عشري، المذهب الرسمي في إيران وفي الوقت الحاضر، كما يشكل الشيعة قسماً مهماً من السكان في بلدان مثل العراق والبحرين وجمهورية آذربايجان ولبنان. وفضلاً عن ذلك، فإن عدداً ملفتاً للنظر من الإماميين يعيشون في البلدان المسلمة الأخرى مثل منطقة الخليج الفارسي وشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى والقفقاز وتركيا وسورية.

التعاليم والمؤسسات الرئيسة:

إذا ما أردنا أن نتحدث عن مذهب يمتد تاريخه إلى ألف وخمسمائة عام، ونشأت في أوساطه مذاهب فكرية كثيرة، فإنه من الصعوبة بمكان تقديم مجموعة من المعتقدات في الأصول، أو مجموعة من الفتاوى المشترکة بين جميع مدارسه، ولكن يمكن في الوقت نفسه الإشارة إلى عدد من التعاليم الأساسية في الأصول والفروع من الممكن أن تصدق باعتبارها نقاطاً مشتركة بين غالبیة مدارس هذا المذهب.
الإمامة والحجة:  قبل الحديث عن عقائد الإمامية، تجب الإشارة إلى أن أهم میزات هذا المذهب الأساسية، هي وجهة نظره الخاصة في باب الإمامة. فالإمامية وباعتبارهم أحد الاتجاهات الشيعية يرون أن الإمام علیاً (ع) هو الذي يتمتع بحق خلافة الرسول الأعظم (ص)، إذ أشار الرسول (ص) طيلة حياته مراراً إلى هذه الخلافة. وقد استندت المصادر الإمامية، إلى أحاديث مشهورة مثل حديث الغدير وحديث الثقلين وحديث المنزلة باعتبارها أدلة نقلية على ذلك، حيث أيد أصل صدورها قاطبة علماء أهل السنة، وکان الاختلاف الوحيد معهم هو في تفسيرها والاستنباط منها. وفي هذا المجال، فإن خصوصية الإمامية بالنسبة إلى الشيعة البتریین والبعض الآخر من الاتجاهات الزيدية، هي أنهم اعتبروا الإمام علياً (ع) هو الإمام الشرعي الوحيد بعد النبي الأعظم (ص)، معتبرين أي محاولة لسلبه هذا الحق عملاً ظالماً.
مما يجدر ذكره كحقيقة تاريخية، أن الإمامية لم يشككوا في أن علياً (ع) مد يد البيعة للخلفاء الثلاثة، وأنه قبل منصب الخلافة باعتباره الخليفة الرابع، رغم أنه کان مكرهاً في ذلک؛ ولكنهم فسروا هذا السلوك على أساس مبدأ التقية ورعاية مصالح الأمة الإسلامية. وقد تكررت وجهات النظر هذه وتم بيانها طيلة تاريخ هذا المذهب، باعتبارها المواقف الأساسية للإمامية في باب الإمامة، وسُجلت في كتب هذا المذهب العديدة في باب الإمامة.
لقد انتشرت نظرية الإمامة إلى حد بعيد باعتبارها أهم خصوصية في المجال العقائدي للإمامية، وأدت إلى تبيين بعض المعتقدات بشأنها. وقد اتفق الإمامية في القرن 2ه‍ ، على أصول ثابتة في نظامهم العقائدي وخاصة على أساس تعاليم الإمامين الباقر والصادق (ع) ويمكن تلخيص أهمها في العبارات القليلة التالية: لايمكن أن تخلو الأرض من حجة الله مادام هناك مكلف على الأرض وإن الحجة يكون في حین إماماً ظاهراً، أو إماماً غائباً في حین آخر وعلى أي حال، فإنه سوف يضفي أثره الوجودي على العالم؛ وهذا الحجة هو بالتأكيد إمام معصوم لايمكن أن يصدر منه الذنب والخطأ؛ والله وحده هو الذي يختار الأئمة والناس يطلعون على إمامتهم عن طريق النص؛ وطاعة هؤلاء الأئمة واتّباعهم هما فریضتان إلٰهیتان على الجميع والتخلف عن ذلك يؤدي إلى الضلالة (كمثال، ظ: الكليني، كتاب الحجة؛ المفيد، أوائل، 46 وما بعدها).
وقد عرف الأئمة الاثنا عشر (ع) بأسمائهم لدى الإمامية واعتبر أتباع هذا المذهب عصر حضور الأئمة منتهياً بوفاة الإمام الحسن العسكري (ع)، الإمام الحادي عشر في 260ه‍ / 874م، فدخلوا بذلك عصر الغيبة وعلى هذا الأساس، فإن الإمام الثاني عشر الذي تولى الإمامة منذ 260ه‍ ، يتابع مهام الأمة من خلال تمتعه بعمر طويل وبشكل خفي عن الأنظار وسوف يظهر في آخر الزمان (زمان قريب من القيامة) بعد توفر شروط الظهور، وسيملأ العالم قسطاً وعدلاً بعد أن يقهر القوى الجائرة (ظ: ن.د، الإمامة).
الأصول العقائدیة: تجب الإشارة كمقدمة إلى مبدأ معروف في الأوساط الإمامية في باب أصول الدين، حيث تضم هذه الأصول على أساسه التوحيد والنبوة والمعاد والإمامة والعدل؛ وقد تم الاستناد أحياناً إلى أن الأصول الثلاثة الأولى من أصول الدين، والأصلين الأخيرين هما أصول مذهب الإمامية. وعلى أي حال، فإن هذا التمايز نسبي، فإذا كان رأي الإمامية في باب الإمامة، يتفرد به هذا المذهب بشكل كامل، فإننا نلاحظ في مبحث العدل، تشابهاً كبيراً بين الإمامية والمعتزلة.
ومن خلال القیام بتحکیم عام بالنسبة إلى الأصول العقائدیة للإمامية ومقارنتها مع المذاهب الإسلامية المختلفة، مایجدر بالذکر أن مواقف الإمامیة في المواجهة بین آراء أصحاب الحدیث المهتمین بالنص وآراء أصحاب الکلام من الجهمیة والمعتزلة لکانت دوماً أقرب إلی الطائفة الأخیرة. ومما يستحق الاهتمام كملاحظة في تاريخ عقائد الإماميـة، أن العلمـاء الإمامييـن وحتی المهتمیـن منهم بالنص لم یبتعدوا كثيراً عن المتكلمين في معتقداتهم حول مواضيع مثل التوحيد؛ وعلى سبيل المثال، فإننا لانلاحظ أثراً للاختلاف في الآراء بین الأوساط الإمامية في مسائل مثل رؤية الباري التي كانت إحدى ساحات الصراع بين أصحاب النص والمتكلمين في الأوساط غير الشيعية ولم يُتخذ أبداً موقف يتوافق مع موضوع الرؤية من جانب أصحاب النص الإماميين. أن هذا الأمر يرتبط في الغالب بالحقيقة المتمثلة في أن المعتقدات الأساسية، في معظمها كانت قد تبینت في تعالیم أئمة أهل البيت (ع)، وقد جعلت هذه الخصوصية نفسها أصحاب النص الإماميين في ظروف مختلفة عن الأوساط الأخرى.
من خلال نظرة عامة إلى المعتقدات الأساسية للإمامية في باب التوحيد، يجب أن نلفت الانتباه إلى أن موقف علماء هذا المذهب فيما يتعلق بالصفات الإلٰهية، هو موقف ينزع إلى التنزيه ويقترب من مواقف المعتزلة؛ وبذلك، فقد اشتهرت بین الإمامیة هذه الرؤية وهي أن صفات الباري عين ذاته. وفيما يتعلق بوجهة نظر الإمامية فإنهم أنكروا دوماً وبتأكيد بالغ رؤية الباري، ورفضوا أحياناً نظرية قدم القرآن باستخدام تعبير حدوث القرآن، وذلك فيما يتعلق بمسألة خلق القرآن القديمة باعتبارها أحد فروع مبحث التوحيد (مثلاً ظ: ابن بابويه، التوحيد، 227).
وفي مبحث الإرادة، کان الإمامية دائماً ومن خلال الاستلهام من تعاليم أهل البيت (ع)، یحرصون علی تقديم تفسير لـ «أمر بين الأمرين»، وعارضوا بشدة الجبر وكذلك الاختيار التام للبشر. والجدير بالذكر أن بعض المباحث مثل دراسة علاقة الإرادة والمشيئة هي من خصائص هذا المذهب، رغم قربه الكبير من المواقف العدلية للمعتزلة. وقد حظي هذا المبحث بالاهتمام والتفصیل لدى الإمامية لأنه كان يمثل أساس تفسير نظرية البداء. والبداء الذي عرف من جانب المخالفين باعتباره أحد العقائد الخاصة بالإمامية، هو من خلال تعبير غير فني، نوع من تجديد الرأي في التقدیر الإلٰهي. وقد تم الاحتفاظ بهذا المعتقد في حدّ کلي، بين الفرق الإمامية المختلفة باعتباره عقيدة تقليدية؛ ولكن كلاً من هذه الفرق المختلفة قدم وحسب أصوله الفكرية تفسيراً مختلفاً عنه. وعلى سبيل المثال، فقد اعتبر الشيخ المفيد في التفسير الذي قدمه عن البداء، نزاع المذاهب الأخرى مع الإمامية، مجرد نزاع لفظي (ظ: ن.م، 92-93).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: