الامامیه
cgietitle
1441/11/16 ۱۳:۵۹:۳۱
https://cgie.org.ir/ar/article/259992/الامامیه
1446/10/28 ۰۹:۳۸:۲۸
نشرت
9
تعتبر العقود المؤدية من القرن 3 إلى 4ه والتي صادفت عصر الغيبة الصغرى، فترة حساسة في تاريخ كلام الإمامية. ففي هذا العصر، بذل علماء الإمامیة مساعیهم في تألیف آثار کثیرة في مباحث الإمامة في المراكز العلمية في إيران والعراق، ولكن مدرسة بني نوبخت وعلى رأسها أبو سهل النوبختي، هي الوحیدة التي استطاعت أن تقدم منظومة كلامية شاملة بإمکانها الرد على هجمات المتكلمين المعارضين. وقد كان أبو سهل النوبختي قادراً على الاضطلاع بهذه المهمة حيث جعل العبارة التالية شعاراً له: «إن أمر الدين كله بالاستدلال يُعلم» (ص 92). وهذا الدور الأساسي له دفع المؤلفين الإماميين إلى أن یطلقوا علیه لقب «شيخ المتكلمين» (الطوسي، الفهرست، 12؛ النجاشي، 31).لقد دوّن أبو سهل النوبختي تعاليم المذهب الأساسية في إطار منظومة كلامية تنسجم مع منظومة المعتزلة آنذاك من حيث لغة التعبير في التعريف والاستدلال، وكذلك من حيث التنظير للمباحث والتبويب ولاشك في أن تعامله القريب مع معتزليين مثل أبي علي الجبائي کان له تأثیر علی هذا الأمر، وفي الحقيقة، فإن هذه اللغة المشتركة والتناغم هي التي دفعت كبار علماء المعتزلة إلى اعتباره متكلماً مختلفاً عن أسلافه الإماميين، بل نظروا إليه كمتكلم قريب منهم (ظ: القاضي عبد الجبار، «فضل... »، 321؛ أيضاً الشريف المرتضى، ن.م، 1 / 97).ولكن هناك تساؤلاً وهو إلى أي مدى ترتبط المباحث الكلامية لأبي سهل مع الكلام المعتزلي من حیث المضمون، بغض النظر عن اللغة المشتركة والانسجام العام. وتدل عناوين آثار أبي سهل في المباحث الكلامية المختلفة على أنه يتفق كلياً في الكثير من المسائل مع تعاليم المعتزلة، ما عدا مباحث الإمامة، ومما يؤيد هذا الاستنتاج بعض الآراء المنقولة عن بني نوبخت في أوائل المقالات للشيخ المفيد (مثلاً ظ: 71-72، 96- 98؛ أيضاً مادیلونغ، 15-16). ومع كل ذلك، هناک بعض المسائل حتى في غير موضوع الإمامة، كان أبو سهل قد ابتعد فيها عن موقف المعتزلة. ففي مبحث الإيمان كان يسمي الفاسق مؤمناً بشكل مطلق (المفيد، ن.م، 99). وبذلك، فقد كان يرفض الرأي الأساسي للمعتزلة، وهو منزلة بين المنزلتين. والمواقف التي نقلها الشيخ المفيد عن بني نوبخت، وأبي سهل حول بعض المسائل المتعلقة بالوعيد، معقدة إلى حد ما (ظ: ن.م، 96- 98)، ولكنه یلتزم الصمت عند الحديث عن وجهة نظر الإمامية في الوعيد، بشأن معارضة بني نوبخت (ن.م، 53؛ قا: مادیلونغ، 16).أبدى أبو سهل في المباحث الکلامیة الدقیقة وفي المسائل المختلف عليها بشأن الجواهر والأعراض، ميلاً إلی مدرسة البصرة و ذلك بين وجهة نظر البصریین بزعامة أبي علي الجبائي والبغداديين بزعامة أبي القاسم البلخي (ظ: المفيد، ن.م، 114، 121).قد أظهر أبو سهل الهوية الشيعية لمنظومته الكلامية في مباحث الإمامة؛ ولكن هناك عدة آراء فرعیّة سبب اقتراب أبي سهل من المعتزلة وابتعاده عن الإماميين ذوي النزعة التقلیدیة: فقد نقل الشيخ المفيد بعض آراء بني نوبخت، ومنها عدم ظهور المعجزة على يد الأئمة، وعدم ارتباط الأئمة بالملائكة وعدم إمکانیة الارتباط بهم بعد الوفاة (ن.م، 79-80، 84)؛ في حين أنه نسب إليهم القول بمعرفة الأئمة لجميع الصفات واللغات على أساس العقل (ن.م، 77؛ أيضاً مادیلونغ، ن.ص).وفضلاً عن استمرار حركة أبي سهل في أسرته وظهور متكلمين بارزين من آل نوبخت مثل الحسن بن موسى النوبختي، يجب الالتفات إلى أن هذه الحركة استمرت بوتيرة متسارعة في المراكز الشيعية المختلفة واتجهت أوساط الإمامية من جدید إلى المباحث الكلامية بعد فتورها لفترة ما. وما يشهد على هذا التحول في أوساط الإمامية طيلة 3 أجيال، هو ظهور شخصيات مثل ابن قبة الرازي، أبي الطيب الرازي، ابن مملك الأصفهاني، ابن عبدك الجرجاني، محمد بن بحر الرهني الكرماني، أبي منصور صرام النيسابوري، أبي الحسين السوسنجردي، أبي الأحوص المصري وابن أبي عقيل العماني؛ إلا أن المعلومات القليلة حول آراء هؤلاء المتكلمين لم تخضع بعد للتحليل الكافي.مما يجدر ذكره أن البحوث العقائدیة أیضاً كانت ماتزال تحظی بالاهتمام في أوساط أصحاب الحديث الإماميين طيلة القرن 4ه / 10م، وذلك فضلاً عن المتكلمين، وعلى الرغم من وجود الاختلاف في الاتجاهات والسيطرة النسبية لأهل النص على البیئة الإمامية في هذه الفترة، أنه لایلاحظ تعارض في المباحث المبدئیة بين عقائد هاتين الطائفتین (ظ: الكليني، قسم الأصول؛ ابن بابويه، التوحيد، صفحات متعددة من الكتاب). وأما مواضع الاختلاف التي أشار الشيخ المفيد إلى بعضها في أوائل المقالات، فهي تقتصر على مباحث فرعية مثل التفضل، والاستحقاق في باب النبوة، واستماع الأئمة إلی کلام الملائکة (ظ: ص 72، 80، 81، مخ).على أي حال، فقد انتقلت تعاليم مذهب أبي سهل الكلامية عن طريق تلامذته مثل الناشئ الأصغر وأبي المظفر البلخي وتلميذه طاهر، إلى الشيخ المفيد وبذلك، تركت تأثيراً في ظهور أحد أهم المذاهب الكلامية للشیعة (ظ: الطوسي، الفهرست، 89-90، 169؛ النجاشي، 208، 422).
يجـب اعتبار الشيخ المفيد (تـ 413ه / 1022م) العالم البغدادي المعروف، شخصية مؤثرة أخرى في تحول المذهب الكلامي للإمامية. ورغم أنه كان يرفع سلسلته العلمية في الكلام إلى أبي سهل النوبختي عن طريق أستاذیه أبي الجيش البلخي وطاهر، ولكن يبدو أن تکوین فکرته الکلامیة كان في الغالب حصيلة جهوده الشخصية. فقد كانت لـه بحوث ودراسات واسعة في الآثار المعتزليـة ــ وخاصة مؤلفات أبـي القاسـم البلخي زعيـم المدرسة البغدادیـة ــ وكـان يستند كثيراً إليها في الأسالیب والمناهج الكلامية، فضلاً عن اطلاعه العميق على الأدب الروائي للإمامية وآراء المتكلمين الإماميين السابقين. ويمكن القول في معرض المقارنة بين آرائه الكلامية، وتعاليم المعتزلة، إنه كان قريباً للغاية من مذهب المعتزلة في مبحثي التوحيد والعدل، فيما كانت تفصله هوة شاسعة عنهم في مباحث مثل الإمامة والوعيد.أثناء المقارنة بين آراء الشيخ المفيد الکلامیة وآراء بني نوبخت ما يجب ذکره هو أن تعديل المواقف في كلام الشيخ المفيد، یکون غالباً في المسائل المرتبطة بالإمامة والوعيد؛ وعلى الرغم من أن عدول الشيخ المفيد عن مواقف بني نوبخت یتمثل في الاستدلالات العقلية وتجنب المواقف المتطرفة (مثلاً ظ: أوائل، 75، 77)، إلا أننا نلاحظ بوضوح تام في بعض المواضع أن وجه عدول الشيخ المفيد هو اتّباع أخبار أئمة أهل البيت (ع). وعلى سبيل المثال فقد انتقد في مباحث مثل استماع الأئمة لكلام الملائكة (ن.م، 80-81) ومسألة «الموافاة» (ن.م، 97)، قول بني نوبخت بسبب عدم تطابقه مع تعاليم أهل البيت (ع). ومن خلال تحکیم عام، يجب اعتبار منهج الشيخ المفيد متمثلاً في إصلاح الاستدلالات العقلية للمتكلمين السابقين في جانب، والأخذ بمنهج يتوسط بين الاستدلال العقلي وتفسير الأدلة النقلية في جانب آخر (لتحليل نظامه الكلامي، ظ: مكدرموت، صفحات متعددة من الکتاب).استمر التيار الذي أحدثه الشيخ المفيد، على يد تلامذته البارزين مثل الشريف المرتضى والشيخ الطوسي، حیث قاموا بتألیف آثار عدیدة ومفصلة أحیاناً في مذهب الإمامية الكلامي مثل الذخيرة للشريف المرتضى، تقريب المعارف لأبي صلاح الحلبي وتمهید الأصول للشيخ الطوسي، حيث كانت جمیعاً تمثل أصولاً متماثلة. وبالطبع، فإن هذا لایعني أن هذا التماثل بلغ حده النهائي، بل تتضارب آراؤهم أحیاناً في الفروع. وعلى سبيل المثال فقد كان قطب الدين الراوندي قد جمع في رسالة له الاختلافات الكلامية بين الشيخ المفيد والشريف المرتضى تناهز 95 مسألة (ظ: ابن طاووس، كشف... ، 20). وفي هذا المجال يجب أن نركز الاهتمام بشكل خاص على القسم الخاص بالكلام في رسالة جمل العلم والعمل للشريف المرتضى، حيث لفت أنظار العلماء اللاحقين باعتباره نصاً مختصراً، وكتبت عليه شروح عديدة.لقد استمر التيار الكلامي الذي كان الشریف المرتضى قد أوجده بما يربو على قرنين بعده ويعتبر عبد الجليل بن مسعود الرازي من الشخصيات البارزة لهذه الحركة في القرن 6ه / 12م، حيث ألف آثاراً عديدة منها كتاب الفصول في الأصول على مذهب آل الرسول (ع) في علم الكلام (ظ: منتجب الدين، 110). ومنهم سديد الدين الحمصي، العالم الرازي في النصف الثاني للقرن 6ه ، ومن آثاره المنقذ من التقليد؛ ففي هذا الأثر، كان الحمصي يتماشى مع المتكلمين في بغداد، في أسلوب عرض المسائل والأصول الكلامية معارضاً المعتقد غير المستدل والتقليدي في أصول الدين. ويبدو من الشواهد التاريخية أن الذين أنکرهـم الحمصي فـي هذا الكتـاب ــ بابتعادهم عن الاستدلال واتجاههم إلى التقليد في الأصول ــ كانوا يمثلون فئة من الإمامية تذم علم الكلام، وتسلک في أصول الدين سبيل اتباع الأخبار. ولذلك، فقد ألف العالم القزويني الكبير، ناصر الدين محمد الحمداني في القرن 6ه / 12م، إلى جانب مناظراته مع الإسماعيلية، كتاباً في دحض آراء هذه الفرقة من الإمامية، وسماه الفصول في ذم أعداء الأصول (ظ: م.ن، 161). ومن الآثار الكلامية الأخرى للإمامية في هذا القرن، کتاب النقض لعبد الجليل القزويني الرازي والذي أكد فيه ــ فضلاً عن أصل الإمامـة ــ على أصل العدل وأصل التوحيد بتفسير إمامي ـ معتزلي مشترك، وعرّض فيه المذاهب التي أخذت بالجبر والتشبيه للنقد اللاذع (مثلاً، ظ: ص 41، 236، 255، مخ ). وقد اعتبر القزويني نفسه في هذا الأثر، منتمياً إلى الجماعة الأصولية من الإمامية، وبذلك، وقف في وجه المعادین للكلام.ومن الجدير بالذكر أن التيار المعادي للكلام ظل مستمراً في القرون التالية، فكان رضي الدين بن طاووس أبرز ممثليه في القرن 7ه / 13م (ظ: ابن طاووس، ن.م، 19 وما بعدها).
لقد ظهر تطور آخر في الدراسات الكلامية بين أوساط الإمامية في القرن 7ه ، ويعتبر نصير الدين الطوسي (تـ 672ه / 1273م) العالم الإيراني المعروف، رائد هذا التحول؛ حیث استخدم بشكل منقطع النظير الأساليب والأسس الفلسفية في المباحث الكلامية في كتابه الكلامي «تجريد الاعتقاد». ورغم أن هذه النزعة الفلسفية ألقت بظلالها على جميع المباحث العقلية لعلم الكلام، غیر أننا نلاحظ تجسدها في الغالب في فصول بعنوان «الأمور العامة» (ص 5 وما بعدها) و«الجواهر والأعراض» (ص 100 وما بعدها) حيث استأثرت بنصف الكتاب. کما أن قضیة الجبر والاختیار التي تطرق إلیهـا فـي رسالـة مستقلـة لـه اکتسبت صبغـة فلسفيـة كاملة (ظ: «رسالة ... »، 476 وما بعدها).1.ورغم أن النزعة الفلسفية في مباحث الإمامیة الکلامیة ظهرت في النصف الثاني من القرن 7ه ، غیر أنه من الممکن العثور علی نماذج من انعکاسها في آثار علماء الکلام الإماميين في الفترة نفسها؛ وعلى سبيل المثال في قواعد المرام لابن ميثم البحرانـي (تـ 699ه / 1300م) الذي تم تألیفه بعد آثار نصير الدين الطوسي بفترة قصیرة وقد بدأ ابن ميثم بمباحث مختصرة في باب المنطق الصوري (ص 21 وما بعدها) والأمور العامة (ص 38 وما بعدها) والجواهر والأعراض (45 وما بعدها)، ثم تابع بحثه بالحديث عن التوحيد.فقد بلغ الميل إلى منهج نصير الدين ذروته في شرح العلامة الحلي على التجريد، حيث ظل لفترة طويلة النص الدراسي لعلم الكلام في أوساط الإمامية. في حین، کانت بعض الآثار المستقلة للعلامة الحلي مثل الرسالة السعدية، أو الباب الحادي عشر، أقرب إلى أسلوب المتقدمين، بعيدة عن المباحث الفلسفية الخاصة مثل الأمور العامة. لقد استمرت في العصور اللاحقة حرکة التأليف الكلامي في منهجین، الأول المنهج التقلیدي والآخر منهج الشیخ الطوسي الفلسفي، إلا أن استمرار هذين المنهجین إلى جانب بعضهما البعض ینبغي أن لايعتبر نوعاً من المواجهة المذهبية؛ وعلـى سبيل المثال اتخذ مقـداد السيوري (تـ 826ه / 1423م) في إرشاد الطالبين في شرح نهج المسترشدين للعلامة الحلي (ط قم، 1405ه)، المنهج الفلسفي، فيما اتّبع المنهج التقليدي في أثر واسع الانتشار مثل شرح الباب الحادي عشر.وکذلک في مجال المنهج التقلیدي یمکن ذکر الصراط المستقيم لزيـن الدين البيضـاوي (تـ 877ه / 1472م) حيـث یتميز بمنهج بعيد عن الفلسفة ویقوم غالباً على تقالید الإمامیة الروائیة (ط طهران، 1384ه(. وفيما يتعلق بالنزعة الفلسفية، يجب ذكر شروح وتعليقات على التجريد للشيخ نصير الدين بقلم علماء مثل جـلال الـديـن الـدوانـي (تـ 908ه / 1502م) وفيـاض الـلاهيجـي (تـ 1052ه / 1642م) وآقـا جمـال الخوانسـاري (تـ 1125ه / 1713م) (ظ: الشوشتري، 2 / 225؛ اللاهیجي، صفحات متعددة من الكتاب؛ أیضاً ظ: ن.ع، آقا جمال الخوانساري). کما يعتبر تألیف صدر الدين الشيرازي، الفيلسوف الإمامي المعروف في شرح قسم من مباحث أصول الكافي ــ وهو فرید من نوعه ــ من الآثار المؤلفة في هذا الموضوع، (ط حجرية، طهران). وما یجدر بالذکر في هذا الصدد أن بعض المباحث الكلامية مثل الجبر والاختيار حظيت في القرون الأخيرة بالاهتمام وإعادة النظر، وانعكست نتائجها ضمن مـؤلفـات منفـردة عديـدة؛ ومنهـا رسائـل لميـردامـاد (تـ 1040ه / 1630م) والفيض الكاشاني (1090ه / 1679م) والوحيد البهبهاني (1205ه / 1791م) (طبعت النصوص الثلاثة ضمن کتاب كلمات المحققين، طهران، 1315ه ).
لیس من السهل حتی الیوم الإجابة علی السؤال التالي وهو: ما هو الدور الذي لعبته الشخصيات والفئات الشيعية بشكل عام، والإمامية الأولى بشكل خاص في مسيرة اجتياز الفقه أولی مراحل تكونه، وما هي المواقف التي اتخذتها. ويمكن القول إن الفئات الشيعية المختلفة ــ بالرغم من الخلافات الجدیة في العقائـد ــ كانت قد حافظت حتى أوائل القرن 2ه على ترابطها في نطاق المسائل الفقهية على أقل تقدیر. ومن الشخصيات البارزة في فقه الإمامية في هذا العصر طائفة من أصحاب الإمام علي (ع)، مثل الحارث الأعور والأصبغ بن نباتة وزاذان الكندي ومن المتأخرين مثل جابر بن يزيد الجعفي وأبي حمزة الثمالي الذين كانوا قد عرفوا في عصرهم كفقهاء بارزين.وفيما يتعلق بفقه الإمامية قبل عصر الإمام الصادق (ع) يجب القول إن هذا المذهب الفقهي يقوم في الغالب من حيث المصادر النقلية على الآراء الفقهية المنقولة عن الإمام علي (ع)، ويتمتع بتنوع نسبي من حيث أساليب التوصل إلى الأحكام؛ ولإيضاح هذا التنوع يجب القول إن الفئات الشيعية المختلفة حتی أوائل القرن 2ه كانت قد حافظت على ترابطها في نطاق المسائل الفقهية على الأقل، رغم الاختلافات العقائدیة العميقة. وقد أدت مثل هذه الخصائص إلـى أن يعتبر الإمامیة تراث الفقهاء السابقين منسوخاً لم یبـدوا اهتماماً للمحافظة عليه، وذلك بعد أن بادر الإمامان الباقر والصادق (ع) إلى إيضاح المسائل الفقهية على نطاق واسع، بعد اتضاح أسس استنباط الأحكام.إن سلسلة زعماء الإمامية، هي حلقات مترابطة من أئمة أهل البيت (ع) بدأت منذ القرن الأول الهجري بالإمام علي (ع)، واستمرت بشكل متواصل في القرنين 2و3ه بأئمة مثل الإمامين الباقر والصادق (ع) واللذين عرفا في مصادر المذاهب المختلفة أيضاً باعتبارهما فقيهين بارزين. إن ما أدى بشکل نسبي إلى أن تهمل المصادر الروائية السابقة القائمة بشكل رئيس على الروايات العلوية، في المصادر الإمامية بعد عصر الإمام الصادق (ع)، هو الاعتقاد بأن الرواة أبدوا عامدين، أو جاهلين بعض القصور والتقصير في نقل تعاليمه نظراً إلى تنوع الآراء، ولذلك يجب أخذ التعاليم العلوية الأصيلة من جدید ومن خلال تعاليم الصادقين (ع).وعلى إثر جهود الإمام الصادق (ع)، تم تقديم فقه الإمامية بصيغة مدونة واكتسب اسم المذهب الجعفري؛ ولكن هذا التدوين أدى بدوره إلى ظهور تحدیات جدیدة واجهها فقهاء الإمامية في أواسط القرن 2ه في طريق فهم الفكر الفقهي الإمامي؛ فاستناداً إلى المواقف المرتبطة باستخدام الأدلة الفقهية المختلفة في الروايات المتبقیة منهم، يمكن بالإجمال تحديد بعض الفئات المتمیزة عن البعض نسبياً، حيث كانت آراؤهم الفقهیة تقوم علی تحلیل يتجاوز نصوص الروايات؛ وفي هذا المجال یجب الأخذ بنظر اهتمام أکثر مدرستین ثابتتین عرفتا باسمي هشام بن الحکم وهشام بن سالم من أصحاب الإمام الصادق (ع). تتمیز المدرسة الأولی التي کان یمثلها خلال الأجيال المتتالية بعد هشام بن الحكم، أمثال يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان، بخصائص مثل الحد من العمل بالأخبار الآحاد وتجويز العمل بالقياس في استنباط الأحكام الفقهية.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode