اَلْأَدْوار، أحد أهم مصادر الموسیقی الإیرانیة في العصر الإسلامي، من تألیف صفيالدین عبدالمؤمن [بن یوسف] بن فاخر الأرموي (تـ۶۹۳هـ/ ۱۲۹۴م) أعظم موسیقار إیراني و خبیر في الموسیقی بعد الفارابي.
وبالرغم من أن عبارة «فقد أمرني من یجب عليَّ امتثال أوامره»، التي تلاحظ في بدایة الأدوار (ص ۸۹)، تُظهر أن صفي الدین امتنع عن ذکر اسم الذي أمره، لأسباب، إلا أن مخطوطة أکسفورد المؤرخة في ۷۳۴هـ تذکر اسمه بشکل «هو مولانا ملک الفضلاء... الخواجه نصیر الملة والحق والدین»، ویقصد الخواجه نصیرالدین الطوسي العالم الإیراني الشهیر (تـ ۶۷۲هـ) (ظ: خشبة، ۸۶-۸۷). ومع أنه لایمکن الرکون إلی «خبر الواحد»، أو ذکره في إحدی مخطوطات الأدوار فحسب، للقول بشکل جازم إن صفي الدین الأرموي قد انبری لتألیف الأدوار بتشجیع، أو بأمر من الخواجه نصیرالدین الطوسي، إلا أن علاقة صفيالدین و الخواجه ببلاط هولاکو تظهر هذا الأمر شیئاً مقبولاً، خاصة وأنه بعد سقوط بغداد عی ید هولاکو و مقتل المستعصم آخر الخلفاء العباسیین (حکـ ۶۴۰-۶۵۶هـ)، تمکن صفيالدین بفنه أن یحظی بالاهتمام و أن تربطه بأسرة الجویني – و منهم شمسالدین محمد وزیر هولاکو – علاقة إلی الحد الذي عهد فیه إلیه أمر تربیة و تعلیم ولدي الوزیر: بهاءالدین محمد (تـ ۶۷۸هـ) و شرفالدین هارون (تـ ۶۸۵هـ). ومن جهة أخری، فقد کان الخواجه نصیرالدین الطوسي محباً للموسیقی وعارفاً بها إلی درجة أن نُسب إلیه تألیف کتاب في علم الموسیقی (ظ: فارمر، «تاریخ[۱]...»، 226)، واعُبر قطبالدین الشیرازي (تـ۷۱۰ هـ) مؤلف درة التاج الذي خصص فیه قسماً للموسیقی، أحدَ أفضل تلامیذه (م.ن، «العصور الإیلخانیة[۲]»، 2796)، وفي ترکیا نُسب إلی الخواجه نصیرالدین صنع نوع من آلات النفخ الموسیقیة یدعی مهتر دودوک [۳](م.ن، «تاریخ»، 226-227، «دراسات[۴]...»، II/ 650-651).
وبالرغم من أن الإیجاز و الاختصار و کون صفيالدین الأرموي حاول أن یصب الموضوعات و المسئل المهمة، أو الأساسیة للموسیقی النظریة في قوالب عبارات و جمل قصیرة، یُعد میزة لعلمله، لکنه بالمقابل عَسَّرَ الاستفادة من هذا الأثر القیم، لذلک کُتبت له شروح یتمتع بعضها لقدمه بأهمیة کبیرة مثل شرح الکاشاني (شرح في ۷۴۶هـ) و شرح الصیر في التبریزي (تـ۷۴۲ أو ۷۵۳هـ) و شرح السمرقندي (شرح في ۷۹۸هـ) و شرح مبارکشاه (ظ: دانشپژوه، ۸۹-۹۰). ونخض بالذکر شرح عبدالقادر المراغي (تـ ۸۳۸هـ) لکونه بالفارسیة ویضم فضلاً عن الشرح الوافي، ملاحق مثل الفوائد العشر (ظ: بینش، ۳۶-۳۷).
ومن المحتمل أن الأدوار کان کتاباً مدرسیاً، أو علی الأقل حظي باهتمام و مراجعة أهل الفن بعد فترة من تألیفه، ذلک أن عبدالقادر المراغي ضمن حدیثه عن رهانه في ۷۷۸هـ بتبریز و في مجلس السلطان جلالالدین حسین الجلائري (۷۷۶-۷۸۴هـ)، یشیر إلی حضور شرّاح الأدوار و أشخاص مثل العبیدي و سعدالدین کوچک و عمر تاج الخراساني الذین کانوا قد کتبوا شروحاً علی الأوار لصفي الدین (جامع الألحان، ۲۴۳).
عرفت مخطوطات عدیدة للأدوار یتمتع بعضها مثل المخطوطة المؤرخة في ۶۳۳هـ بترکیا، والمؤرخة في ۷۲۶هـ بمصر، أو المؤرخة في ۷۲۷هـ بخط عبدالکریم السهروردي، مما یحمل تواریخ استنساخ قریبة نسبیاً من عصر المؤلف، و هوما أکسبها أصالة و أهمیة (ظ: خشبة، ۸۵).
وخلاصة مندرجات الفصول الخمسة عشر للأدوار هي کالتالط:
الفصل الأول، في تعریف النغم [۵]و أن النغمة هي صوت مع مدٍ زمني محدود وفي نفس الوقت «محنون إلیه بالطبع» (ص ۹۱) أو ملائمة للطبع (المراغي، شرح ...، ۹۰)،وإشارة عابرة إلی حدة الصوت و ثقله، أو الزیر والبَمّ.
الفصل الثاني، في تقسیم الدساتین[۶]، أو الدساتین السبعة عشر التي کانت – بحسب رأي صفيالدین الأرموي – موجودة في الوتر [۷]الواحد، ویتشکل منها جمیعاً مایسمی بـ «الذي بالکل[۸]» (ص ۹۱-۱۰۵).
وإن کتابة النغمات بالحروف الأبجدیة کما یلاحظ في الأدوار، کان له وجود قبل صفي الدین الأرموي، و من ذلک أن یعقوب بن إسحاق الکندي (تـ ۲۶۰هـ) في آثاره، في «الذي بالکل الأول» (الجواب الأول) من الألف حتی اللام بحسب الترتیب الأبجدي. وکرر ذلک في الذي بالکل الثاني (الجواب الثاني). ثم إن الفارابي (تـ ۳۳۹هـ) و بدلاً من التکرار، واصل في الذي بالکل الثاني (الجواب الثاني) کتابة الحروف الأبجدیة من المیم و مابعدها؛ وأخیراً اهتم ابن زیلة الأصفهاني بالمفهوم العددي للحروف الأبجدیة بدلاً من تسلسلها. واستخدم بعد «ي» (= ۱۰)، «یا» (= ۱۱)، و«یب» (=۱۲۲) إلی «یح» للجواب الأول (یوسف، مقدمة، ۱۲). ولذا یمکن القول إن صفيالدین الأرموي قد استخدم هذه الطریقة، فکتب نغمات الجواب الأول من «أ» حتی «یح»، ونغمات الجواب الثاني من «یح» حتی «له» (ص ۱۰۴-۱۰۵). وبناءً علی هذا، فإن هذه النغمات – بحسب الموسیقی التطبیقیة – کما کتبها شرّاح الشفاء – ستکون کمایلي:
وهنا افتُرض أن مطلق البم مساویاً لـ «الصول» (یوسف، الحاشیة، ۱۴۸).
ویعدّ الفصل الثالث و عنوانه «في نسب الأبعاد» أحد أهم فصول کتاب صفيالدین، ذلک أنه انبری في هذا الفصل و بعد تعریفه البُعد (الفاصلة[۹]) بأنه «مجموع نغمتین مختلفتین في الحدة ولاثقل»، بحث الأعباد الأساسیة و دورها الخلّاق علی عصره. و بما أن التواتر [۱۰]و عدد الارتعاشات في الثانیة لمیکونا قد عُرفا آنذاک بوصفهما علامتین ممیزتین للأبعاد، فإنه کان یؤخذ بنظر الاعتبار البعد الطولي للنغمات، أو موقع [۱۱]النغمات علی الوتر و مقبض الآلة الموسیقیة. وبحسب هذه الطریقة أو النظام[۱۲]، کان المعتقد أن أکمل الآلات الموسیقیة بعد حَلق الإنسان[۱۳]، أو حنجرته[۱۴]، هي العود (المراغي، جامع الألحان، ۱۹۸)، التي کانوا یمیزونها – ولکونها تعدّ أنموذجاً راقیا للآلات الموسیقیة الوتریة [۱۵]- بنظرة تجریدة بـ «الوتر الواحد» (ص ۹۳). ولم تکن جمیع الآلات الوتریة فحسب، تُقیّم علی هذا الأساس، بل آلات النفخ[۱۶]، وبشکل عام جمیع الآلات الموسیقیة.
ویقمس صفيالدین الأبعاد بشکل عام إلی مجموعتین: متفقة ومتنافرة [۱۷](ص ۱۰۷)، ویذکر أهم الأبعاد المتفقة علی النحو التالي:
الذي بالکل (الجواب) ألف – یح do-do
الذي بالخمس[۱۸] ألف – یا do-sol
الذي بالأربع[۱۹] ألف – ح do-fa
الطنیني (ط) ألف – د do-ré
المجنّب (جـ) ألف – جـ do-réd
البواقي (ب) ألف – ب do-réb
الفصل الرابع، في الأسباب الموجبة لتنافر الأبعاد [۲۰]مثل الجمع بین الأبعاد الثلاثة اللحنیة، أي الطنیني والبواقي والمجنب في بعد ذيالأربع (ص ۱۱۷-۱۲۰).
الفصل الخامس، عنوانه «في التألیف الملائم»، (ن.ص)، و هو یختص بتألیف[۲۱]، أو صیاغة الألحان المتفقة. وقد عدّها صفيالدین الأرموي عبارة عن الأقسام السبعة لذي الأربع، والأقسام الاثني عشر لذي الخمس، مما دعاه بالطبقة الأولی والطبقة الثانیة (ص ۱۲۱-۱۴۶).
أما الفصل السادس، الذي هو في حقیقته حصیلة الفصل السابق، ففي الأدوار و نسبها (ص ۱۴۷). أنه بإضافي، أو ترکیب تلک الأقسام السبعة لذي الأربع مع الأقسام الاثني عشر لذي الخمس، حص ۸۴ (۱۲×۷) دائرة (ص ۱۴۷-۱۴۸)، تشکلت کل منها من دَورٍ مثل سلم الأنغام (ص ۱۵۶). وکمثال علی ذلک فإن السلم الکبیر ینتج عن إضافة القسم السادس من الطبقة الأولی (ذي الأربع) إلی القسم العاشر من الطبقة الثانیة (ذي الخمس) (ص ۲۷۵).
الدور الکبیر (الطبقة الأولی)
وهو نفس سلم الأنغام في نظام صفيالدین (السلم ذو السبعة عشر قسماً):
do réd mid fa sold sol la la do
وفي السلّم ذي الأربعة و عشرین قسماً:
do rép mip fa solp sol la si do
(خالقي، ۲۱۶).
ویشیر صفيالدین أیضاً إلی القسم الثالث عشر من أقسام الطبقة الثانیة، أو ذي الخمس بوصفه سهلاً (ص ۱۲۲-۱۲۳) وجعل استخراجه علی حد تعبیر عبدالقادر المراغي «موقوف طلب طلبه» (جامع الألحان، ۷۸).
ویدور الفصل السابع حول اصطخاب الوترین (ص ۲۲۹) و هو ذو علاقة بالدستان [۲۲]أو الدستتنة[۲۳]، ذلک أن الاصطخاب في اللغة هو تداخل الأصوات (الزوزني، ۲/ ۳۴۵). ویفهم من التوضیح الذي یقدمه صفيالدین الأرموي عن الاصطخاب أن هذا هو المفهوم الذي کان یرمي إلیه. لذلک فهو یشیر إلی صعوبته ویقول إن اصطخاب الأوتار هو عمل عسیر علی المبتدئ (ص ۸۹)، ذلک أن اوتر الواحد لایحتاج إلیه، إي إلی الاصطخاب (ص ۸۹-۹۰).
ثم یذکر الأرموي استخراج الدور الأول أو سلّم عشّاق کمثالٍ ویشرح تناسق دساتین الوترین في هذا الدور، و مجموعها في الوترین عشرة دساتین علی أسماء الأصابع، فیکون في الوترین الزیر و المَثنی (الوترین الثالث و الرابع في العود من جهة البم) علی النحو التالي (ص ۲۳۲؛ خالقي، ن.ص):
ویمکن أن نعد الفصل الثامن الخاص بالعود [۲۴]أنموذجاً للاستخدام الشهیر لهذه الآلة علی عهد صفيالدین (ص ۲۳۱-۲۳۳)، کما أولی ابن سینا فيالشفاء (ص ۱۴۵-۱۴۸)، وابن زیلة في الکافي (ص ۷۵-۷۷) هذه الآلة اهتماماً خاصاً، وعدّها الخوارزمي هي البریط الآلة الإیرانیة الأصیلة (ص ۲۳۸). وکان للعود في الماضي البعید أربعة أوتار أسماؤها: البم، المَثلث، المثنی والزیر، أضاف إلیه الفارابي وتراً خامساً یسمی الحادّ کما یقول عبدالقادر المراغي (ن.م، ۱۰۸).
ولصفيالدین إشارة إلی الدساتین تقوم علی أساس طریقة الأصابع، أي تسمیتها بأسماء أصابع الید (ن.ص).
(ن.ص).
والفصل التاسع في أسماء الأدوار المشهورة. وهو یقول في بدایة هذا الفصل إن الموسیقیین یسمون الأدوار شدوداً – کما یقول عبدالقادر المراغي، فإنها سمیت کذلک بمناسبة تشبیه النغمات باللآلئ و تشبیه وضعها الخاص بالنظم (ظ: جامع الألحان، ۹۹) – ثم یذکر الأوار الاثني عشر التي کانت متداولة في ذلک العصر (ص ۲۳۵)، ویشیر إلی تسلسل کل دائرة من الدوائر الأربع والثمانین، ویظهر بجدولٍ کیفیة استخراجها علی الوتر (ص ۲۳۶-۲۴۰). وعندها یقول: وبعض الأدوار یسمونه آوازه، أو آواز (بحسب اختلاف مخطوطات الکتاب)، و بعضها لا اسم له ویقرأ بشکل مرکب من أقسام ذي الأربع و ذي الخمس، ثم ینهي هذا الفصل بذکر أسماء «الآوازات الستة» و سداتینها علی العود ۰ص ۲۴۱-۲۴۶).
والفصل العاشر، یتحدث عن أن الأدوار غالباً ماتکون لها نغمات مشترکة، کما في دوائر عشّاق ونوی و بوسلیک، حیث توجد نغمات مشترکة و یمکن مشاهدة تشارک النغم بالشکل الدقیق والملفت للنظر الذي یلاحظ في الأدوار (ص ۲۴۷-۲۴۸).
ویتضمن الفصل الحادي عشر طبقات الأدوار وجداولها الاثني عشرو هو ذلک بقوله: فهذه الأدوار في مواضعها تسمی طبقات، والطبقات بأسرها سبع عشرة بعدد النغمات (ص ۲۴۹-۲۵۲).
الفصل الثاني عشر، في الاصطخاب الغیر المعهود (ص ۲۷۷-۲۷۸) الذي یمکن عدّه إلی حدّما شبیها بالمفتاح الأیسر في الجوزة (الکمنجة) ذات الأوتار الخمسة، أو الجوزة ذات الأوتار الثلاثة، أو المفاتیح التي اخترعها أساتذة فن الموسیقی من أمثال علي أکبر شهنازي.
وفي الواقع نصل مع الفصل الثالث عشر إلی الإیقاع [۲۵]الذي هو القسم الثاني من الأدوار، ذلک أن الموسیقیین القدماء یرون أن علم الموسیقی یتضمن بحثین أساسیین: التألیف، أي البحث في کیفیة النغمات و الإیقاعات، أو البحث في الزمان بین النغمات، أو الفواصل الزمنیة (ظ: ابن سینا، ۹)؛ و علی هذا النحو وباشلک الذي ذکره صفيالدین في نهایة الفصل السابق، انبری في هذا الفصل لبیان طفٍ من علم الإیقاع (ص ۲۷۸). وهو یشیر بشکل عابر إلی هذه النقطة الفنیة الدقیقة و هي أن تشخیص الوزن و تناسق الزمن في أوار الإیقاع، أمر طبیعي، أو رهن بامتلاک الموهبة، فضلاً عن أن هذه الموهبة لیست بنفس القدر لدی الجمیع، و کما لوحظ فإن أشخاصاً – و بلارغم من جهود حثیثة – لمیتمکنو من تحقیق نجاح کامل (ص ۲۷۹). ومثل غیره من کبار الموسیقیین القدماء، استخدم صفيالدین الأرموي، النقرة التي تعني في اللغة الضربة الواحدة و جمعها نقرات، مصطلحاً بدل الضرب[۲۶]. وبحسب رأیه، فإن النقرةتعادل حرکة في أداء «الأثانین»، أو بمعنی أن سبب خفیف تَنَ، نقرتان ، و سبب ثقیل تَنْ ، ووتدتَنَن ، هو الفاصلة الصغری لـ تَنَنَن ، (ن.ص). وستکون الأزمنة بین النقرات: ألف – في سبب الثقیل ؛ ب- في سبب الخفیف ؛ ج- في الوتد ؛ د- في الفاصلة الصغری أو .
وختام هذا الفصل من الأدوار بحث في الضروب المشهورة، أو بعبارة أخری الأوزان الموسیقیة السائدة آنذاک، التي یقول الأرموي عنها مشیراً إلی رواجها بین أرباب هذه الصناعة: الثقیل الأول، الثقیل الثاني، خفیف الثقیل، الرمل، خفیف الرمل، الهزج (ص ۲۸۵).
ثم یفصّل هیکلیة هذ الأدوار الإیقاعیة و یرسم لکل واحدة منها دائرة (ص ۲۸۷-۳۰۷)، مما یمکن تلخیصه علی النحو التالي:
الثقیل الأول ۱۶ نقره (۱۶ وحدة زمنیة) = تَنَنْ تَنَنْ تَنَنَنْ تَنْ تَنَنَنْ
الثقیل الثاني مثل الثقیل الأول مع اختلاف في فترات الصمت = تَنَنْ تَنَنْ تَنْ: تَتَنْ تَنَنْ تَنْ
خفیف الثقیل، مثل الثقیل الأول مع اختلاف في فترات الصمت = تَنْ تَنَ تَنْ تَنَ: تَنْ تَنَ تَنْ تَنَ
الرمل ۱۲ نقرة (۱۲ وحدة زمنیة) = تَنْ تَنْ تَنْ تَنْ تَنْ تَنْ
خفیف الرمل ۱۰ نقرات = تَنَ تَنَنْ تَنَ تَنَنْ
الهزج مثل خفیف الرمل مع اختلاف في فترات الصمت = تَنَنْ تَنْ تَنَنْ تَنْ (م.ن، ۲۸۶-۳۰۳).
و ینتهي هذا الفصل بالإشارة إلی الضرب الفاختط في ۲۰ نقرة، و هو خاص بالعجم (= الناطقین بغیر العربیة)، أو بإیران، وقلیلٌ ماأُلِّف فیه (ص ۳۰۶-۳۰۷). لکن لما کان عبدالقادر المراغي ذکر أنواعاً له مثل الفاخشي الصغیر، الفاخشي الکبیر و الفاختي الزائد (جامع الألحان، ۲۲۱-۲۲۲)، یتضح من ذلک أنه کان موضع اهتمامه. وربما کان هذا الضرب قد استلهم في الأصل من صوت الفاختة. ومهما یکن، فإن عبدالقادر المراغي – شأنه شأن صفيالدین الأرموي – یقول: إن تصانیفهم [= القدماء] في هذا العصر لمتکن مسموعة ضمن تلک الدائرة (= الفاختي)، أو أنهم لمیؤلفوا، أو أنهم ألفوا، لکن ما ألفوه لمیصل إلی أسماع أهل هذا الزمان (ن.م، ۲۲۲)، ویضیف: لکن هذا الفقیر (یعني نفسه) قد ألف تصانیف کثیرة في هذا الدور (ن.ص).
والفصل الرابع عشر في تأثیر النغم، و هو خلاصة لبحث تفصیلي في أن الألحان الموسیقیة یمکن أن تکون لها تأثیرات، و تؤثر حتی في مراج الإنسان. وکان یسود تصور منذ القدم – و ربما تأثراً بفلاسفة الیونان القدماء – أن کل واحد من الأوتار الأربعة البم و المثلث و المثنی والزیر، یرتبط بالعناصر و الأخلاط الأربعة، وبالنتیجة ستکون له خواصه و آثاره. الزیر مع النار و الصفراء؛ المثنی مع الهواء و الدم؛ المثلث مع الماء و البلغم؛ البم مع التراب و السوداء (رسائل ...، ۱/ ۲۱۳).
واستناداً إلی هذا الاعتقاد و کمثال فإن ألحان البم، أو النغمات التي کانت تعزف بوتر البم، کانت تهیج السوداء، وعلی العکس فإنها تقلل من هیجان الدم (ن.ص). و من جهة أخری و لما کان کل واحد من الألحان یؤدی في دستان و دور معین، کان له نفس الخواص بما یتناسب و مقتضی الحال. ولذا فإن صفيالدین الأرمويفومن خلال إشارته إلی کون الشدود، أو الأوار تبعث اللذة في النفس (ص ۳۰۹). فأنغام عشّاق ونوی و بوسیلک تبعث في النفس الشجاعة والبسط (الانشراح)، وهي ملائمة لطباع الأتراک و الأحباش والزنوج و سکان الجبال، بینما تؤدي أنغام بزرگ و راهوي و زیر أفگند و زنگوله و الحسیني و الحجازي (أو حجاز) إلی الحزن و الفتور (ن.ص).
وللفصل الخامس عشر، أو آخر فصول الأدوار، أهمیة خاصة لکون صفي الدین یقدم فیه – مشیراً إلی طریقة العزف، أو مباشرة العمل (ص ۳۱۱) – أمثلة من تولید النغمات لدی القدماء. و هذه الأمثلة التي تتضمن مقطعات من نوروز و کواشت (گواشت، گوشت)، والطریقتین القدیمتین فيمجنّب الرمل و لاثقیل الأول المطلق، یُقدم فیها أولاً الشعر الخاص بذلک اللحن تحت عنوان صوت (الشعر الملحّن)، ثم ینبري لتقطیع ذلک الشعر من حیث الهجاء[۲۷]، ویورد أعداد النقرات بالخط الهندي، أو بالعدد، مرةً تحت الأجزاء المقطعة للشعر، أو الکلمات و أخری بشکل منفصل. وعلی هذا و بالاستفادة من هذه المعطیات، یمکن تحویل تلک المقطعات إلی الرموز التي تکتب بها النوتة الیوم، والحصول علی تشکیلها من جدید إلی حدّما. وکون صفيالدین قد حدّد في کل طریقة اسم اللحن، یساعد علی معرفة جذور [۲۸]الألحان. کما أن الفواصل الزمنیة بین النغمات تعرف بسهولة بواسطة تلک الأرقام الهندیة مع الانتباه إلی ضرورة اختیار وحدة بوصفها أصغر، أو أقصر ضربة، مثل دولا في القیثارة.
ومن بین الطرق الأربع التي ذکرها صفيالدین الأرموي بهدف تقدیم أنموذج لطریقة العزف، لایمکن معرفة الطریقتین الأخیرتین اللتین تحملان اسم «القدیم» بسبب عدم وجود اسم لحنٍ لهما. في أي لحن کانتا تُعزفان ومع أي من الألحان الحالیة في الموسیقی الإیرانیة یمکن أن یتطابقا. أما الطریقتان الأخریان اللتان وردتا في البدء فلکونهما في مقامي نوروز وکواشت (گواشت)، یمکن عدّهما ذکری من وصلات نوروز عرب و نوروز صبا و نوروز خارا في مقام همایون وراست پنجگاه (معروفي، «د –هـ»)، أو راست و پنجگاه (فرصت، ۳۴). کما یلاحظ گواشت بشکل گوشت في نفس مقام نوا (م.ن،۳۶). وکان نوروز بحسب نظام الأدوار القدیم، واحداً من «الآوازات الستة» الذي ینتج عن امتزاج أحد أنواع ذي الأربع بذي الخمس (المراغي، شرح، ۲۱۳)، والتي تکتب نوتاتها بالشکل التالي (برکشلي، ۳۱):
نموذج تسجیل النوتات القدیمة واجدیدة
کتابة نوروز القدیم (من الآوازات الستة)
عَـــلَی صَبّـــکم یا حــاکِمیَن تــرفـَقَـوُا
(صفيالدین، ۳۱۳).
(خشبة، ۳۱۵=۳۱۶)
المصادر
ابن زیلة، الحسین، الکافي في الموسیقی، تقـ: زکریا یوسف، القاهرة، ۱۹۶۴م؛ ابن سینا، الشفاء، الریاضیات، جوامع علم الموسیقی، تقـ: زکریا یوسف، قم، ۱۴۰۵هـ؛ برکشلي، مهدي، شرح ردیف موسیقي إیران، طهران، ۱۳۴۲ش؛ بینش، تقي، مقدمة شرح الأدوار (ظ: همـ، المراغي)؛ خالقي، روح الله، نظري به موسیقي، طهران، ۱۳۷۰ش؛ خشبة، غطای عبدالملک، حواش علی الأدوار (ظ: همـ: صفيالدین الأرموي)؛ الخوارزمي، محمد، مفاتیح العلوم، بیروت، ۱۴۰۴هـ؛ دانشپژوه، محمدتقي، مداومت در أصول موسیقي إیران، طهران، ۱۳۵۵ش؛ رسائل إخوان الصفاء، بیروت، دارصادر؛ الزوزني، الحسین، المصادر، تقـ: تقي بینش، مشهد، ۱۳۴۵ش؛ صفيالدین الأرموي، الأدوار، تقـ: غطاس عبدالملک خشبة ومحمود أحمد الحفني، القاهرة، ۱۹۸۶م؛ فرصت شیرازي، محمدنصیر، بحور الألحان، بومباي، ۱۳۳۲هـ؛ المراغي، عبدالقادر، جامع الألحان، تقـ: تقي بینش، طهران، ۱۳۶۶ش؛ م.ن، شرح الأدوار، تقـ: تقي بینش، طهران، ۱۳۷۰ش؛ معروفي، موسی، «ردیف هفت دستگاه موسیقي إیراني»، مع شرح ردیف موسیقي إیران لمهدي برکشلي، طهران، ۱۳۴۲ش؛ یوسف، زکریا، حواش علی «جوامع علم الموسیقی» (ظ: همـ، ابن سینا)؛ م.ن،مقدمة الکافي في الموسیقی (ظ: همـ، ابن زیلة)؛ و أیضاً:
Farmer, H., A History of Arabian Music, London, 1967; id, «Il-Khānid and Timürid Periods», A Survey of Persian Art, Tehran etc., 1964, vol. VI; id, Studies in Oriental Music, Frankfurt, 1986.
تقي بینش/ هـ.