الإخوان المسلمون
cgietitle
1443/2/27 ۱۸:۴۹:۰۲
https://cgie.org.ir/ar/article/237020
1446/10/21 ۱۰:۱۴:۱۱
نشرت
6
وکانت علاقات الإخوان بالحکومات والأحزاب غیرالدینیة وخاصة الشیوعیة، غالباً متوترة و عدائیة، رغم أنه کان یتم أحیاناً تقارب، دو ائتلاف مع بعض الحکومات، أو الأحزاب، إلا أن ذلک لمیدم لأنه کان قائماً علی إجراءات، أو سیاسات معینة، کما حدث في 1356هـ/ 1937م علی عهد وزارة محمد محمود باشا عندما طلب الإخوان رسمیاً إلی الحکومة أن تعدّل القوانین وفقاً لأحکام الشریعة (م.ن، 217)، حیث نشبت صراعات حادة بین الإخوان و الحکومة، واشتدت خلال الحرب العالمیة وبعدها عندما طرحت مسألة جلاء البریطانیین عن مصر و کذلک بشأن قضیة فلسطین. و بطبیعة الحال، فقد کانت الحکومات غالباً تمارس ضغوطاً شدیدة علی الإخوان من تلقاء نفسها، أو بإشارة من بریطانیا والحلفاء (م.ن، 113، 115، 192، 203-204).
ویلاحظ أکبر خصام حدث بین الإخوان و حزب الوفد المقتدر في الفترة الواقعة بین 1357-1371هـ/ 1938-1952م (ظ: ماردیني، مخـ)، وکان السبب الرئیس في هذا العداء أیضاً هو التناقض المبدئي في آراء الطرفین السیاسیة و الاجتماعیة. فقد کانت جمعیة الإخوان تعد تنظیماً دینیاً منادیاً بتطبیق الشریعة مستندة إلی الطبقات الوسطی والدنیا في المجتمع، بینما کان الوفد حزباً سیاسیاً غیردیني یحظی بدعم الطبقات الغنیة والمتنفذة (ظ: بیومي،219-221). وفي نفس الوقت، کان یظهر بین الاثنین أحیاناً وئام وتارب محدود حول وقائع، أو مطالب سیاسیة معینة ومشترکة (م.ن، 224، 228-230؛ السمان، 66-68).
إلا أنه کان هناک تناقض شدید بین الجمعیة والأحزاب الشیوعیة والمارکسیة، فخلال الحرب العالمیة الثانیة، لافت الشیوعیة و المارکسیة في مصر رواجاً کبیراً وازداد عدد الأحزاب الشیوعیة و تصاعدت نشاطاتها (بیومي، 189). وفي الوقت الذي کان فیه الإخوان یثنون علی موقف الشیوعیة المعادي للاستغلال والرأسمالیة، کانوا یرون أن خطر الشیوعیة في البلدان الإسلامیة أکبر من خطر التبشیر المسیحي (م.ن، 184). وقیل إن إعضاء جمعیة الإخوان کانوا یتعاونون مع الحکومة في مواجهة الشیوعیین بمصر، و کان جواسیس الإخوان یقدمون للحکومة معلومات عنهم وعن اجتماعات العمال وطلبة الجامعات (السعید، 117). ومنذ عام 1370هـ/ 1951م و مابعده کان الموقف الرسمي للإخوان ینسجم والالتزام الذي قطعه الهضیبي للملک بوقف أي تعامل مع الشیوعیین. ورغم کل ذلک، کان بعض أعضاء جمعیة الإخوان مثل صالح العشاوي و محمد الغزالي یبدون تسامحاً وانسجاماً فکریاً أحیاناً تجاه الإیدیولوجیة الشیوعیة ویرغبون في إقامة نوع من التعاون معها (ظ: البشري، 386-387). وتدل بعض الشواهد أیضاً علی تعاون الإخوان مع الشیوعیین في مراحل معینة، وکان هذا التعاون جلیاً في الکفاح ضد جمال عبدالناصر، بل قیل إن الشیوعیین کانوا في تلک الفترة یقومون بنشاطات بتغطیة من تنظیم الإخوان (الحسیني، 260-261)، إلا أن شکل علاقة الإخوان بالضباط الأحرار لیس واضحاً تماماً (ظ: ماردیني، 77-91، 117-147). وبسبب دعمها المعنوي للعسکریین، کانت الجمعیة تحظی علی الدوام بشعبیة کبیرة في صفوفهم (بیومي، 237-238). لهذا، فعندما شکلت «حرکة الضباط الأحرار» في الجیش المصري إیان الحرب العالمیة الثانیة، انضم کثیر من الضباط إلی جمعیة الإخوان، ویحتمل أن یکون الانضباط التنظیمي لدی الجمعیة وموقفها الواضح المعادي لبریطانیا و صبغتها الدینیة، ذا تأثیر في نزوع الضباط هذا إلیها. وقد جعلت حرب 1367هـ/ 1948م في فلسطین والتعاون الحمیم بین هاتین الحرکتین، هذه العلاقة أکثر متانة، إلا أن العلاقة بین الإخوان و الضباط تغیرت بد اغتیال البنا و بدء زعامة الضیبي (الحسیني، 224؛ بیومي، 244-251). ویبدو أن هذا التغییر حدث بسبب التقارب بین الهضیبي والبلاط، کماکان الضباط معترضین قبل هذا في 1365هـ/ 1946م أیضاً علی التقارب بین الإخوان و الحکومة (الحسیني، ن.ص). ویمکن القول إنه ورغم التعاون الوثیق الذي کان بین الإخوان والضباط فإن کلاً من هاتین الحرکتین کان قائماً بذاته (م.ن، 227؛ ناتینغ، 41).
وقد قیل الکثیر عن أسباب الخلاف بین الإخوان و الضباط، ورغم أن الضیبي آثر السکوت لمدة شهر بعد ثورة الضباط الأحرار (الحسیني، 228؛ ماردیني، 96)، إلا أن الضباط منحوا الإخوان عدة امتیازات مهمة (الحسیني، 230-231). وبعد انتصار حرکة الضباط الأحرار (الحسیني، 228؛ ماردیني، 96)، إلا أن الضباط منحوا الإخوان عدة امتیازات مهمة (الحسیني، 230-231). وبعد انتصار حرکة الضباط بشهر، أعلن الإخوان بصراحة أنهم یریدون حکومة دینیة (م.ن،231-232). وقد أعید طرح هذا المطلب في أول لقاء للهضیبي بجمال عبدالناصر بصفته ممثلاً لمجلس قیادة الثورة، واقترح الضیبي أن تقبل حکومة الضباط الأحرار بإشراف الإخوان علی إدارة الأمور و أن لایتم تحدید ملکیة الأرض بأقل من 500 فدان، إلا أن عبدالناصر رفض ذلک (م.ن، 232-237؛ ماردیني،96-97). وقد أشار محمد نجیب في کتابه مصیر مصر إلی آراء الطرفین المتصارعین و سبب الخلاف بینهما فقال: لاالضباط کانوا یؤمنون بحکومة دینیة ولا المجتمع المصري کان مهیأً لذلک (ظ: الحسیني، 229-230).
وهکذا اشتد الخلاف بنحو لایمکن اجتنابه معه بحیث أصبحت علاقة الإخوان بحکومة ناصر أکثر توتراً مما مضی، خاصة بعد غیاب نجیب عن الساحة السیاسیة (م.ن، 239-241، 262-265)، وتم إبعاد أمثال صالح العشماوي و محمد الغزالي من قادة الإخوان، عن الجمعیة بسبب تأییدهم لعبد الناصر (کوپل، 301). سافر الضیبي إلی بلدان عربیة عدیدة و تحدث في کل مکان ضد الثورة و بشکل خاص ضد عبدالناصر (الحسیني، 242). وفي أوائل أیلول 1954 وصلت الجمعیة إلی قناعة مفادها أنه ینبغي الوقوف بوجه الحکومة، لذا، قرر أعضاؤها القیام بمظاهرات عامة وخوض کفاح مریر، وتبع ذلک محاولة اغتیال عبدالناصر (م.ن، 254-255). وعقب ذلک بدأت حملات اعتقال الإخوان ومحاکمتهم.
کانت الجمعیة علی عهد البنا تسعی إلی أن تجعل من الزعامة الدینیة و العلمیة للأزهر، حامیاً و حلیفاً إستراتیجیاً لها، وأن تکون لها علی الأقل روابط حسنة معها. وکانت العلاقة الحسنة هذه قائمة لسنوات و کان البنا یعلن أن الأزهر نصیر تعالیم الإخوان (مجموعة، 289)، وکانت الجمعیة تسعی إلی أن یستعید الأزهر دوره الاجتماعي في الدفاع عن الإسلام والمسلمین. وقد حظیت بعض الإصلاحات التي تم القیام بها في الأزهر علی عهد مصطفی المراغي، بدعم الإخوان وتأییدهم (بیومي، 263). ومن جهة أخری، کانت الجمعیة تنوي عن طریق تغلغلها في الأزهر، استمالة الطلبة الشباب في هذه المؤسسة إلی الجمعیة (م.ن، 264). وکانت هذه السیاسة بطبیعة الحال ناجحة إلی حدّما. وفضلاً عن ذلک، کانت الجمعیة تسعی إلی الاستفادة من قوة الأزهر ودعمه في مقارعة خصومها السیاسیین، وکانت الجمعیة بحاجة إلی دعم کهذا، خاصة في مواجهتها المستمرة لحزب الوفد (م.ن، 263-268). ورغم کل هذا، فقد کانت علاقة الإخوان بالأزهر بین مدّ و جزر، حیث حدثت فجوة في العلاقات بین هاتین المؤسستین، خاصة عقب وفاة المراغي وکذلک بعد خوض الإخوان للصراع السیاسي (م.ن، 269). وفي 1950م ألّف الشیخ خالد محمدخالد أحد علماء الأزهر کتاباً بعنوان من هنا نبدأ في نقد الإخوان، فانبری الشیخ محمد الغزالي للرد علیه في کتاب من هنا نعلم (م.ن، 269-270؛ السمان، 54، الهامش؛ البشري، 382-383). وقد أدی هذا الصراع إلی ضعف الإخوان و قلل من إقبال طلبة الأزهر علی هذه الجمعیة (بیومي، 271). والتزم الأزهر غالباً جانب الحکومة بشکل رسمي خلال عهد جمال عبدالناصر و من بعده علی عهدي السادات و مبارک، وأدان بعض أفکار الإخوان و بشکل خاص أعمالهم ذات الطابع العنیف، بل أقدم علی تکفیرهم أحیاناً (الحسیني، 266؛ السعید، 146؛ کوپل، 26).
لمعرفة الدوافع إلی ظهور جمعیة الإخوان ودورها في التحولات السیاسیة والدینیة في العالم الإسلامي و بشکل خاص في العالم العربي، من الضروري الأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع العامة في البلدان الإسلامیة و العربیة، خاصة مصر في السنوات التي سبقت تأسیس جمعیة الإخوان.
کانت مصر تمر بمرحلة خطیرة عقب 1337هـ/ 1919م: کان قسم من البلاد المصریة (المحمودیة) واقعاً تحت الاحتلال البریطاني؛ کان نشاط الحرکة الوطنیة ضد الهیمنة الأجنبیة قد بلغ ذروته؛ تشکلت أحزاب واندلعت تظاهرات و تبلورت فعالیات سیاسیة واجتماعیة علی نطاق واسع وسادت روح البطولة والنضال الوطني (ظ: السعید، 12-38). ومن جهة أخری، ضاعف المبشرون المسیحیون من أنشظتهم التبشیریة، وکان أقباط مصر بزعامة بعض کتّابهم و مفکریهم (مثل سلامة موسی) یدعون إلی القومیة المصریة وبتعبیر آخر النزوع إلی القبطیة. و کان الاتبهار بالغرب و التفکیر وفق الأنماط الغربیة و شیوع العادات و التقالید الأوروبیة و بشکل خاص في أوساط الطبقة الأرستقراطیة وانتشار الاقتصاد الرأسمالي، قد أصبح من سمات المجتمع المصري الأخری. وکان بعض المثقفین المسلمین (مثل لطفي السید وطه حسین وعلي عبدالرازق) یتحدثون عن الفصل بین الدین والسیاسیة. والأهم من کل هذا، حدوث أزمة سیاسیة حادة في مصر و کافة البلدان العربیة نتیجة إلغاء الخلافة العثمانیة في 1342هـ/ 1924م و تقسیم البلاد الخاضعة لحکمها إلی دول صغیرة وعدیدة (بیومي، 33-64؛ متولي، 54). ورغم أن جهوداً بذلت من قبل الأزهر و مؤسسات أخری من أجل إحیاء الخلافة، إلا أن عوامل عدة و منها المنافسة بین بعض المطالبین بالخلافة، جعلت تلک الجهود غیرمجدیة (بیومي، 58-60). وفي مقابل ذلک، فإن الذي تنامی هو تیار القومیة العربیة والمطالبة بالوحدة العربیة، لا الإسلامیة (م.ن، 158). کان النظام القدیم والمتهرئ قد انهار، لکن أي نظام آخر لمیحلّ محله.
في أوضاع مضطبة کهذه، ظهرت حرکة إسلامیة جدیدة و کما یقول بیومي فإن عدد الجمعیات التي ظهرت في السنوات التي سبقت الحرب العالمیة الأولی والتي تلتها بدوافع إسلامیة و بهدف تطبیق أحکام الشریعة قد بلغ 135 جمعیة (ص 67-68، الهامش). وربما کان أهم هذه الجمعیات جمعیة الشبان المسلمین التي تأسست في 1345هـ/ 1927م وکانت تعد جمعیة دینیة – سیاسیة (م.ن، 64). وکان یبدو أنه لمیکن بمقدور حکام البلدان الإسلامیة و لاعلماء الدین والمؤسسات الرسمیة والتقلیدیة الدینیة ولاحتی الجماعات الإسلامیة الموجودة آنذاک، أن تفعل شیئاً لتنظیم أمور المسلمین المضطربة.
وفي خضم هذه الأزمة و حالة الاضطراب، ولد حسن البنا و ترعرع وکان من جهة شاهداً علی سقوط الخلافة الإسلامیة و تشتت المسلمین، ومن جهة أخری کان قد تأثر بالنهضة السلفیة و الحرکة الدینیة المسلمین، ومن جهة أخری کان قد تأثر بالنهضة لاسلفیة و الحرکة الدینیة السیاسیة لأسلافه في مصر. ورغم أن والد البنا کان من تلامیذ الشیخ محمد عبده (السعید، 31)، وکان البنا قد تأثر هو الآخر به، إلا أنه ینبغي القول: إنه تأثر أکثر ما تأثر بالسید جمال الدین الأسد آبادي و من بعده برشید رضا، و کان جمالالدین بمثابة الأب الروحي للإخوان، وإن کون الإخوان یعتبرون أن البنا هو سید جمال عصره (م.ن، 30)، یظهر مدی تأثر الإخوان بالسید، لکن البنا التقی رشید رضا وأفاد منه بشکل مباشر، لذا کان الفکر السلفي لرشید رضا واتجاهه التقلیدي قد ترکا فیه أثراً کبیراً (بیومي، 143؛ أیضاً ظ: البنا، مجموعة، 261 و مابعدها).
وعلی هذا، یمکن القول إن ظهور جمعیة الإخوان کان رداً علی اضطراب أوضاع المسلمین العامة – لاسیما أوضاع مصر – وإثبات عجز حکام البلدان الإسلامیة و العالم العربي و ضعف جهاز الزعامة الدینیة الرسمیة عن أداء دورها في حلّ الأزمات القائمة.
إلا أنه إلی أي مدیً تمکن نمط تفکیر الإخوان و أسالیبهم العملیة و التیار المنتمي للجمعیة من المساعدة في حل أزمات العلام الإسلامي والدول العربیة، هو أمر جدیر بالدراسة و البحث. وواضح أن هذه الحرکة هي رائدة نهضة إسلامیة فکریة وسیاسیة جدیدة، آثارها واضحة للعیان في جمیع أرجاء العلام الإسلامي. فبعد تأسیس الجمعیة في مصر و فروعها في سوریا و السودان و الأردن ولبنا و فلسطین و إندونیسیا وسیلان و باکستان وتونس والجزائر والمغرب و لیبیا و المملکة العربیة السعودیة و العراق و الدول العربیة في منطقة الخلیج الفارسي، بادرت الحرکات الإسلامیة فطأرجاء العلام الإسلامي و حتی المسلمون المقیمون في البلدان الغربیة، إلی إقامة ارتباط تنظیمي مع جمعیة الإخوان، أو تأثروا بهم بشکل من الدشکال (الحسیني، 153-154؛ ویلي، 103).
ورغم أن إیران و بقیة شیعة البلدان الإسلامیة والعربیة لمیرحبوا بجمعیة الإخوان، بشکل مباشر و رسمي، إلا أن حرکة الإخوان لمتکن دون تأثیر في النهضة الشیعیة السیاسیة و الثوریة المعاصرة في العراق وإیران و لبنان. فاستناداً إلی أقوال البعض، فإن تأسیس جماعة العلماء في العراق علی ید آیة الله السید محسن الحکیم في 1377هـ/ 1958م وکذلک تأسیس حزب الدعوة الإسلامیة علی ید آیةالله السید محمدباقر الصدر سنة 1376هـ/ 1957م، کان مستوحی من نضالات الإخوان المسلمین (ویلي، 54، 56) ویمکن أن نلمس هذا التأثر من خلال تقارب الأفکار و الشعارات و المطالب الاجتماعیة والسیاسیة للشیعة الأصولیین المتوائمة تقریباً و کذلک من بعض العلاقات العلنیة بین هذین النوعین من الحرکات. کما توضح المقارنة بین حرکة «فدائیان إسلام» (فدائیي الإسلام) في إیران و جمعیة الإخوان المسلمین – إلی حدّ ما – هذه العلاقة والتأثر علی الأقل. وإن سفر نواب صفوي (مقـ 1335ش/ 1957م) إلی مصر سنة 1954م و إلقاءه خطاباً في مظاهرات الإخوان و حتی وساطته بین الإخوان و جمال عبدالناصر (الحسیني، 238؛ خوشنیت، 144-145)، وأخیراً الزعم بوجود علاقات تنظیمیة لهذه الجمعیة الإیرانیة بجمعیة الإخوان في مصر (عنایت، 170-171)، دلیل علی صدق هذا الرأي. وربما لهذا السبب أشار الحسیني في تلک الفترة (1955-1956م) إلی فرع، أو فروع للإخوان في إیران (ص 154). والمثیر للانتباه أیضاً أن الکثیر من کتب الإخوان المهمة والتعلیمیة قد ترجمت إلی الفارسیة علی أیدي أتباع حرکة فدائیان إسلام منذ بدء تأسیس حرکتهم و حتی یومنا یهذا، وساعدت کثیراً علی نشر الفکر الإسلامي للإخوان في إیران.
قوبل الإخوان منذ البدء بردود أفعال معارضة. واستناداً إلی البنا (مذکرات، 80-81) فإنه کان في الإسماعیلیة أشخاص عارضوا فکر الإخوان، بل و أقدموا حتی علی العمل ضدهم، حیث انبری البعض من داخل الجمعیة و خارجها إلی انتقادها خاصة بعد أن دخلت مرحلة العمل السیاسي بکشل فاعل، معتبرین هذا النوع من الفکر و العمل مخالفاً للدین و لأسلوب الإخوان المسلمین الأوائل (بیومي، 92-93، 142؛ السمان، 65). وکان المنشقون «شباب محمد» الذین انفصلوا عن الإخوان في 1358-1359هـ/ 1939-1940م من بین أشد المنتقدین للبنا. و أهم اتهام وجّهوه هو أنه مستبد برأیه ولایلتزم بقرارات المجلس (بیومي، 277-280). وکان من منتقدي الإخوان علی عهد البنا بشکل مستمر المثقفون القومیون الأقباط المسیحیون في مصر الذین کانوا یدعون إلی الوحدة الأفریقیة حیال الوحدة العربیة، أو الوحدة الإسلامیة (م.ن، 312-313). کما کان المفکرون و أعضاء الأحزاب السیاسیة غیرالدینیة یعدون من أشد معارضي الإخوان، وکانوا ینتقدون باستمرار أفکار وأعمال هذه الجمعیة وکان من بین انتقاداتهم المعروفة وصف الإخوان بالرجعیة و التعصب الدیني،وکانوا یدّعون أن نزوع الإخوان إلی الإسلام یضعف الجبهة الوطنیة المعادیة للاستعمار (م.ن، 177-178)، إلا أن البنا و في الوقت الذي کان یعتبر فیه حرکة الإخوان تجدیداً للدعوة الإسلامیة في القرن 14هـ (مجموعة، 450-462) ویعد تنظیم الإخوان محور الاتجاه الإسلامي في هذا العصر (ن.م، 275)، کان یعتبر نفسه وجمعیة الإخوان بریثین من أي شکل من أشکال الرجعیة و الفرقة والتعصب والجزمیة ومعاداة العلم والعقل والحضارة (ن.م، 126، 368-373).
ومن الاتهامات الخطیرة التي وجهها حزب الوفد والشیوعیون لجمعیة الإخوان هو القول بتعاونها مع ألمانیا وإیطالیا و میلها للفاشیة، ومما لاشک فیه أن کلام البنا کان یطغی علیه شکل من الإعجاب بألمانیا والفاشیة والمیل إلیهما وأیضاً أن الجمعیة کانت تدعمهما ضمنیاً في مواجهة الحلفاء؛ إلا أن هذا یمکن تفهمه في خضم الأوضاع السائدة خلال الحرب العالمیة. وکانت أسباب هذا المیل أمور عدة: 1. کانت ألمانیا و إیطالیا تواجهان بریطانیا، مما کان یروق لجمعیة الإخوان التي تعتبر بریطانیا العدو اللدود للبلدان العربیة والإسلامیة؛ 2. کان النظام السیاسي السائد في البلدین المذکورین هو نظام الحزب الواحد و الزعامة الفردیة؛ 3. کانت ألمانیا و إیطالیا عدوّتین للیهود؛ 4. کانت السلطة السیاسیة و العسکریة في کلا البلدین قائمة بواسطة تنظیمات قویة؛ 5. کانت دول المحور تدعم الشعب الفلسطیني في مواجهة الصهیونیة والإمبریالیة. وکل ذلک کان مما یروق للإخوان (بیومي، 192-197)، خاصة و أن ألمانیا لمیکن لها آنذاک مستعمرات في العالم الإسلامي. و إن أخذ تلک الأسباب بنظر الاعتبار هو الذي جعل حتی الشیخ المراغي إمام الأزهر یطالب بالتقارب من تحالف إیطالیا و ألمانیا و الیابان (م.ن، 266-267). وفي نفس الوقت، انتقد البنا الفاشیة و سیاسة ألمانیا تجاه إثیوبیا و لیبیا (م.ن، 196-197).
وخلال ذلک، فربما کان أخطر اتهام وجه للإخوان هو ارتباطهم بالأجانب و خاصة بریطانیا، و قد قیل إنه کان للبنا – و من بعده للهضیبي – علاقة بالسفارة البریطانیة، وإنهما کانا یتمتعان بدعم مالي من السفارة (السعید، 95)، بل قیل إن أحد إشکالات أحمد السکري علی البنا، هو أنه (أي البنا) کان یتسلم أموالاً من بریطانیا (م.ن، 119). وتظهر الشواهد و الدلائل علی أن لقاءات تمّت بین البنا و بعض قیادات الإخوان و بین المسؤولین البریطانیین في الفترة الواقعة بین 1360-1366هـ/ 1941-1947م (بیومي، 205-206). وبطبیعة الحالف فإن البنا کذّب أن یکون قد تسلم أي نوع من المساعدات المالیة من الأجانب (مجموعة، 293-294).
وفي الفترة التي أعقبت ثورة یولیو وخاصة علی عهد عبدالناصر، وجهت الحکومة إلی الإخوان مراراً تهمة الارتباط بالأجانب و بشکل خاص بالسفارة البریطانیة، حتی إن عبدالناصر ذهب للقاء الضیبي في 1953م و طلب إلیه أن یقدم توضیحاً حول تلک اللقاءات، وقد أعلن الهضیبي أنه کان لقاء رسمیاً طُرحت فیه مواقف الإخوان و تبودلت فیه وجهات النظر. وقد تواصل هذا النوع من اللقاءات بعد ذلک أیضاً (ماردیني، 99-100). کما أن الحکومة السوریة في السنوات الأخیرة اتهمت علی الدوام الإخوان المسلمین في هذا البلد بالخیانة و الارتباط بالأجانب (ظ: الإخوان...، مخـ).
کما عُرّض الإخوان للنقد بسبب رؤاهم السیاسیة، فقد قالوا مراراً إن حرکتهم سلفیة لافلسفیة، وقد أدی هذا الأمر إلی أن لایکثروا الخوض في أعماق القضایا الفکریة، و یقللوا من جهة أخری من علاقتهم بالمثقفین و المتعلمین إلی أدنی درجة. وقد کان ارتباط الطلاب، أو السیاسیین بالإخوان سیاسیاً في الغالب، لادینیاً. وقد جعلت هذه السمة حرکة الإخوان التي کانت في البدء – بشکل من الأشکال – استمراراً لحرکة أمثال السید جمالالدین ومحمد عبده، تغیر مسارها فیما بعد (الحسیني، 194).
وقد بلغ تعصب الإخوان لنص الشریعة حداً جعلهم لایطیقون أدنی اجتهاد (م.ن، 176). وکذلک کان رأیهم في الغرب و الحضارة و التحدیث و مقتضیات العصر و أجوبتهم علی القضایا القائمة یعتربها الاضطراب إلی حدّما (م.ن، 185-188). ولهذا لمینجحوا في تقدیم نظریة واضحة حول القضایا الاقتصادیة و الاجتماعیة والعلمیة تتلاءم ودعوتهم (بیومي،321)، بینما برز علی مدی عمر جمعیة الإخوان علماء و کتّاب و مفکرون کثر ألفوا کتباً و مقالات جمة في الدفاع عن آرائهم وأحقیة أفکارهم.
آقائي، بهمن و خسرو صفوي، إخوان المسلمین، طهران، 1365ش؛ الإخوان المسلمون، نشأة مشبوهة و تاریخ أسود، 1985م؛ أمین، أحمد، یوم الإسلام، القاهرة، 1952م؛ البشري، طارق، الحرکة السیاسیة في مصر 1945-1952، بیروت/ القاهرة، 1403هـ/ 1983م؛ البنا، حسن، مجموعة الرسائل، بیروت، مؤسسة الرسالة؛ م.ن، مذکرات الدعوة الداعیة، بیروت/ دمشق، 1403هـ/ 1983 م؛ بیومي، زکریا سلیمان، الإخوان المسلمون و الجماعات الإسلامیة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م؛ التوبة، غازي، الفکر الإسلامي المعاصر، بیروت، 1977م؛ الحسیني، إسحاق موسی، الإخوان المسلمون کبری الحرکات الإسلامیة الحدیثة، بیروت، 1955م؛ خوشنیت، حسین، سیدمجتبی نواب صفوي، أندیشهها، مبارزات و شهادت أو، طهران، 1360ش؛ دکمجیان، هرایر، جنبشهاي إسلامي در جهان عرب، تجـ: حمید أحمدي، طهران، 1366ش؛ السعید، رفعت، قادة العمل السیاسي في مصر، القاهرة، 1977م؛ السمان، علي، رویاروئي مسلکها و جنبشهاي سیاسي در خاورمیانۀ عربي تا سال 1967، تجـ: ن.حمید، طهران، 1357ش؛ شاموق، أحمد محمد، کیف یفکر الإخوان المسلمون؟، بیروت/ الخرطوم، 1401هـ/ 1981م؛ عنایت، حمید، أندیشۀ سیاسي در إسلام معاصر، تجـ: بهاء الدین خرمشاهي، طهران، 1362ش؛ کوپل، جیل، پیامبر و فرعون،تجـ: حمید أحمدي، طهران، 1366ش؛ ماردیني، زهیر، اللدودان الوفد و الإخوان، دار إقرأ، 1406هـ/ 1986م؛ متولي، محمود، دراسات في تاریخ مصر، القاهرة، 1985م؛ ناتینغ، أنطوني، ناصر، تجـ: عبدالله گلهداري، طهران، 1353ش؛ ویلي، جویس، نهضت إسلامي شیعیان عراق،تجـ: مهوش غلامي، طهران، 1373ش.
حسن یوسفي إشکوري/ هـ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode