الافلاس
cgietitle
1442/12/3 ۰۹:۳۶:۴۸
https://cgie.org.ir/ar/article/236494
1446/10/22 ۰۲:۵۷:۵۰
نشرت
8
اَلْإفْلاس، مصطلح فقهي يعني عدم تكافؤ ملكية الشخص المدين لتأدية ديونه. وفي بعض التعاريف الفقهية للإفلاس يوجد القيد التالي أيضاً وهو أن يكون المرجع القضائي أيضاً قد حكم بحجر المدين. وقد ورد بحث الإفلاس وشروطه والآثار المترتبة عليه في الأبواب الفقهية المختلفة مثل البيع والدين والرهن والحوالة والحجر. والإفلاس لغة مشتق من الفَلْس، والمقصود به الوقوع في الفاقة (ظ: الفيومي، ابن منظور، أيضاً القاموس، مادة فلس). والتفليس الذي يستخدم هو الآخر بوصفه مصطلحاً في الفقه هو عمل القاضي في الحكم بإفلاس المدين. وقد اتخذ الإفلاس في العرف التجاري مفهوماً أخص، وبحسب هذا المفهوم، فإن مجرد كون شخص مديناً ولن تكون له القدرة على دفع تلك الديون في الوقت المفروض لايُعد إفلاساً، بل إن شرط تحقق الإفلاس هو أن يكون زمن دفع الديون قد حانَ. وفي النظرة العرفية، فإنه حتى في وقت حلول زمن الدفع أيضاً كانت المماشاة دوماً مأخوذة بعين الاعتبار، وما دام جميع، أو بعض الدائنين لم يجرّوا أمر المطالبة إلى المراجع القضائية بسبب شدة قلقهم من عدم استيفاء الدين، فإن الإفلاس لم يُحرز للمدين بعد. والخصائص المذكورة بشأن كيفية تحقق الإفلاس في العرف التجاري، اتخذت عملياً أساساً للأحكام الفقهية أيضاً، وهكذا تبلـورت الشروط الأربعة لتحقق الإفـلاس؛ وهذه الشروط هـي: 1. ثبوت دين الشخص لدى المرجع القضائي؛ 2. عدم التكافؤ بيـن الملكيـة ومقـدار الـديـون؛ 3. حلـول وقـت أداء الـديـون؛ 4. المطالبة بحجر المفلس من قبل جميع الدائنين، أو بعضهم. وعلى أية حال، فإن الإفلاس لايتحقق قبل حكم القاضي، وإن من لم يصدر حكم إفلاسه من المرجع القضائي بعد لايواجه محدودية، أو ممنوعية خاصة من حيث أحكام التجارة، إلا أن يكون بتصرفه في أمواله قبل صدور الحكم ينوي التهرب من بعض الالتزامات. وفي أغلب المذاهب الإسلامية، أُخذ بعين الاعتبار في موضع الإفلاس أن يُمنع الشخص المفلس من التصرف بممتلكاته بشكل موقت، لتتوفر إمكانية إحقاق حقوق الدائنين قدر المستطاع. وإن منع المفلس من التصرف بأمواله عُدّ واحداً من مواضع الحجر في الفقه. ومن هذا المنطلق، فإن المفلس وضع في مصاف الشخص غير البالغ، أو المجنون مع فارق أن حجر غير البالغ والمجنون، إنما هو بسبب وجود نقص في المحجور وبهدف حفظ ماله، بينما حجر المفلس هو بهدف حفظ مصالح غرمائه (ظ: الشهيد الأول، 2 / 270). لذا، فإن حجر المفلس هو بمعنى منعه من التصرف في الأموال بشكل يؤدي إلى تضييع حقوق الغرماء ومصالحهم (ظ: الشهيد الثاني، 4 / 34). وعلى هذا الأساس، وبعد الانتهاء من بيع الأموال وبتقسيم مايملكه بين الغرماء بحسب نسبة الدين ينتفي حجر المفلس أيضاً (مثلاً ظ: المحلي، 2 / 288؛ الخرشي، 5 / 269). والأصل في حالة وقوع الإفلاس هو أنه ينبغي تقسيم ما يملكه المفلس بين الدائنين بحسب نسبة ديونهم، أما فيما يتعلق بباقي المطالبات، فإن العسر يرفع عنه بحكم الآية الكريمة (البقرة / 2 / 280)، وهو حكم متفق عليه لدى المذاهب الإسلامية (بهذا الصدد، ظ: ن.د، الإعسار). كما يلاحظ ما يدعم ذلك في الأحكام المنقولة عن النبي (ص) ومنها في واقعة إفلاس الصحابي، معاذ بن جبل (ظ: البيهقي، 6 / 48-50؛ ابن حجر، 177- 178)؛ لكن الحكم بحجر المفلس ومنعه من التصرف بأمواله كان له معارضون. وبهذا الشأن، فإن أبا حنيفة ونظراً لرأيه الخاص بشأن الحريات الفردية، لم يرَ الإفلاس والدين من موجبات الحجر، خلافاً للرأي المشهور، وعدّ المفلس والمدين حراً في التصرف في أمواله وفقاً لمصلحته وتدبيره. وهو يستند إلى أن حجر المدين هو إهانة لشخصيته الإنسانية، وعلى المرجع القضائي في حالة الضرورة أن يلزم المدين ــ بحبسه ــ ببيع أمواله وتقسيمها بين الدائنين (ظ: الغنيمي، 2 / 72؛ أيضاً ن.د، 4 / 534-535). كما يُلاحظ القول بحرمة سلطة المدين على ماله بشكل آخر في قول ابن حزم (ظ: 8 / 170، 278). ومن أقدم الموضوعات الفرعية في بحث الإفلاس هو الحالة التي يجد فيها أحد الغرماء عين ماله بين الأموال الموضوعة تحت تصرف المدين؛ وموقف غالبية أهل السنة والإمامية يقوم على أنه يمكن لصاحب المال أن يستردّ عين ماله، لكن بعض الفقهاء رأوا أن الدين هو بذمة المدين ولم يضعوا فرقاً في أداء الدين بين غريم كهذا والغرماء الآخرين (ظ: ابن هبيرة، 1 / 242؛ الطوسي، 3 / 265؛ المحقق الحلي، 2 / 89-90؛ ابن رشد، 2 / 287- 288؛ العلامـة الحلي، 5 / 463). و قـد نقل بهذا الشـأن حديث عـن النبي (ص) أيضاً وفق القول الأشهر (البيهقي، 6 / 44- 48؛ ابن حجر، 176-177؛ أيضـاً أحـاديـث عـن الأئمـة (ع)، الحـر العـاملـي، 18 / 414-416). ومن الفروع الأخرى المهمة في بحث الإفلاس هو إمكانية طلب الشخص المدين حكماً بالإفلاس. وعلى الرغم من أن غالبية الفقهاء يرون أن طلب الحكم بالحجر يمكن أن يقدم إلى المراجع القضائية من قبل الدائنين فحسب، لكن من وجهة نظر فريق من الفقهاء وخاصة بعض الشافعية، فإن طلب حكم كهذا من قبل المدين يمكن أن يكون طلباً عقلائياً ومقترناً بالمصلحة ويمكن للقاضي أن يرتب عليه أثراً (ظ: المحقق الحلي، 2 / 89؛ ابن قدامة، 4 / 529؛ المحلي، 2 / 286). وفي بعض المسائل الفرعية الأخرى مثل اعتبار إقرار المدين في حالة الإفلاس، وكذلك إمكانية وضع مستثنيات الدين مثل الدار للبيع، كانت هناك بحوث ذات خلفيات عريقة بين فقهاء المذاهب المختلفة (مثلاً ظ: الطوسي، 3 / 270، 273؛ ابن هبيرة، ن.ص؛ العلامة الحلي، 5 / 467 وما بعدها؛ المحلي، 2 / 90). كما تم في بعض المصادر الفقهية البحث في آداب التعامل مع أمر الإفلاس، وكذلك في آداب بيع أموال المدين (مثلاً ظ: المحقق الحلي، 2 / / 93-94). وفي قانون مدني الإيراني ودون أن يقدم تعريف للإفلاس والمفلس، قُرر على أساس القول المشهور للإفلاس ما يلي: «في حالة إفلاس المشتري وكان عين المبيع موجوداً لديه، فللبائع الحق في استرداده، وإن كان المبيع لم يُسلَّم بعد يمكنه الامتناع عن تسليمه» (المادة 380). كذلك قُرر في المادة 1265 من هذا القانون ودون تبيان العلاقة بين الإفلاس والتفالس: «إن إقرار مدعي الإفلاس والتفالس، لايرتب أثراً في الأمور المتعلقة بأمواله بهدف حفظ حقوق الآخرين، حتى يُحدَّد إفلاسه»، أو عدم إفلاسه، حيث يمكن أن يُعدّ عطف هذين المصطلحين من قبيل عطف المترادفين (قا: جعفري، 68). وفي قانون تجارت الإيراني، حل مصطلح التفالس محل الإفلاس بشكل كامل، وفي البابين 11 و12 منه بُينت البحوث الخاصة بالإفلاس بشكل مفصل، وإن بعض مواده فحسب قابلة للمقارنة بفروع الإفلاس في المصادر الفقهية، وفيه عُدّ التفالس التقصيري و التفالس الاحتيالي جرماً، ووضعت له عقوبات أيضاً. كما كما أن مضمون المادة 34 من قانون آيين دادرسي مدني القائم على أن دعوى توقف التاجر عن الوفاء بديونه التي بعاتقه يمكن أن تُسلم إلى المحكمة من قبله هو، أو من قبل الدائنين، أو المدعي العام، هي قابلة للمتابعة بحسب رأي تلك المجموعة من الفقهاء التي كانت ترى أن تقديم المدين طلباً إلى المرجع القضائي لأجل صدور حكم الإفلاس، هو أيضاً معتدّ به.
ابن حجر العسقلاني، أحمد، بلوغ المرام، تق : محمد حامد الفقي، القاهرة، 1352ه ؛ ابنحزم، علي، المحلى، بيروت، دار الآفاق الجديدة؛ ابن رشد، محمد، بداية المجتهد، بيروت، 1406ه / 1986م؛ ابن قدامة، عبد الله، المغني، بيروت، 1404ه / 1984م؛ ابن منظور، لسان؛ ابن هبيرة، يحيى، الإفصاح، تق : محمد راغب الطباخ، حلب، 1366ه / 1947م؛ البيهقي، أحمد، السنن الكبرى، حيدرآباد الدكن، 1355ه ؛ جعفري لنگرودي، محمد جعفر، ترمينولوژي حقوق، طهران، 1370ش؛ الحر العاملي، محمد، وسائل الشيعة، قم، 1409ه ؛ الخرشي، محمد، شرح على مختصر سيدي خليـل، القاهرة، 1318ه ؛ الشهيـد الأول، محمد، القواعد والفوائـد، تق : عبد الهادي الحكيم، قم، 1399ه / 1979م؛ الشهيد الثاني، زين الدين، الروضة البهية، بيروت، 1403ه / 1983م؛ الطوسي، محمد، الخلاف، قم، 1411ه ؛ العلامة الحلي، الحسـن، مختلـف الشيعـة، قـم، 1416ه / 1374ش؛ الغنيمـي، عبـد الغني، اللبـاب، تق : محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، 1383ه / 1963م؛ الفيومي، أحمد، المصباح المنير، القاهرة، 1347ه / 1929م؛ القاموس؛ قانون آيين دادرسي مدني؛ قانون تجارت؛ قانون مدني؛ القرآن الكريم؛ المحقق الحلي، جعفر، شرائع الإسلام، تق : عبد الحسين محمد علي، النجف، 1389ه / 1969م؛ المحلي، جلال الدين محمد، «شرح منهاج الطالبين»، بهامش حاشيتان للقليوبي وعميرة، القاهرة، مكتبة عيسى البابي الحلب
رحمت الله عروجي / م
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode