الأفضل کتیفات

اَلْأَفْضَلُ كُتَيْفات، أبـو علـي أحمـد (مق‍ 526ه‍ / 1132م)، الوزير والحاكم المصري، نجل الأفضل بن بدر الجمالي وحفيد أمير الجيوش بدر الجمالي، وزيري العصر الفاطمي الشهيرين. 
لاتتوفر معلومات وافية عن حياة أبي علي قبل استيزاره، وإن المؤرخين الذين تحدثوا عن وزارة أبي القاسم شاهنشاه وهجوم أبنائه على فلسطين ومحاربتهم الصليبيين، ذكروا شرف المعالي وسماء الملك الحسين ولم يذكروا أبا علي أحمد، إلا أن يكون شرف المعالي هو نفسه أحمد وهو لقبه قبل وزارته. 
قيل إن الآمر الفاطمي قام عقب قتل الأفضل بن بدر الجمالي باعتقال أبنائه ومنهم أبوعلي أحمد (ابن خلكان، 3 / 235). وحين قتل الآمر في ذي القعدة 524 وتولى الخلافة ابنُ عمه، أبوالميمون عبد المجيد الذي لقَّب نفسه الحافظ، ثار عليه الجند وأطلقوا سراح أبي علي ونصبوه حاكماً (ابن ميسر، 2 / 74؛ ابن خلكان، 3 / 235-236). والأمر الجدير بالاهتمام هو قصر فترة خلافة أبي علي وإمامته وحدود هيمنته على شؤون الدولة. وقيل إن الآمر اختار لولاية عهده ولده الذي كان مايزال في بطن أمه، فلما مات عيّن قادةُ الدولة أبا الميمون نائباً للخلافة إلى أن يولد ذلك الجنين (ابن ميسر، ن.ص؛ ابن الأثير، 10 / 665)؛ لكن الوليد جاء أنثى، فأصبح الحافظ خليفة (ابن تغري بردي، 5 / 237-239)، ثم أن الحافظ نفسه استوزر أبا علي (ابن القلانسي، 229). ولاتنسجم هذه الرواية مع البعض الآخر من الروايات، أولاً إن أبا علي جاء به الجند المؤيِّدون لوالده ونصّبوه، وكان هو بدوره على ثقة منهم، ولهذا استطاع الحد من صلاحيات الخليفة بشكل كبير ونكبته؛ وثانياً ــ وكما سيأتي ــ فيحتمل أن يكون الآمر قد خلّف ولداً ذكراً أصبح وجوده فيما بعد موضـع خلاف (ظ: ستيرن، «استخلاف ...»، 202 ff.,). وأخيراً، فإن أبا الميمون الحافظ هذا هو من الذين كانت لهم يد في مؤامرة قتل والد أبي علي فيما يبدو (ابن الأثير، 10 / 590-591)، وكان من المستبعد أن يستوزر ابنه المطالب بثأره. ويدعم ذلك أيضاً الوقائع التي تلت ذلك وعداء أبي علي للحافظ. 
ومهما يكن، فإن الأفضل حين تولى الوزارة، قسا على الحافظ كثيراً، وقيل إنه ألقى به في السجن ولم يذكر اسمه في الخطبة والسكة، بل إنه مارس الحكم باسم الإمام المنتظر (ابن ميسر، ن.ص؛ ابن خلكان، 3 / 235؛ المقريزي، 1 / 357؛ ابن ظافر، 94). وإن الروايات بشأن الإمام المنتظر هذا غامضة قليلاً. وقد أورد ابن ميسر (2 / 72) أن الآمر كان له ولد ذكر، يدعى أبا القاسم الطيب كان ولّاه العهد؛ ولما مات الآمر قام رائض دوابه وبالاتفاق مع أبي الميمون بأخذ هذا الولد إلى مكان مجهول ولم يبق له أثر (ستيرن، ن.م، 198). ومن جهة أخرى، نعلم أن إسماعيلية اليمن خرجوا على طاعة مصر في تلك الأيام وانبرى جمع منهم لمبايعة الطيب، فعرفوا بالطيبية. ويبدو أن أناساً هبوا لدعمه في الإسكندرية أيضاً وضربوا السكة باسمه (حسن، 176؛ ستيرن، ن.م، 195-196). وعن المسكوكات التي كانت قد ضربت في الإسكندرية والقاهرة والفسطاط في 525 و526ه‍ التي وردت فيها عبارتا «الإمام المهدي القائم بأمر الله حجة الله على العالمين» و«الإمام محمد أبو القاسم المنتظر لأمر الله» (لين پول، 167)، ينبغـي القول إن الأفضل منذ البدء جعل الخطبة والسكة باسم الإمام المنتظر، وكان قد لقّب نفسه عندما ذكر اسم الإمام المهدي على السكة وفي موضع آخر، بلقب نائبه وخليفته (ستيرن، «حكومة ...»، 447). وقد سعى البعض إلى المواءمة بين أبي القاسم الطيب والنظرية الطيبية وبين الإمام المنتظر (ن.م، مخ‍ )، غير أن بعض المؤرخين رأى أن الأفضل كان يميل إلى الشيعة الإمامية بشكل علني وكان يبالغ في ذم الفاطميين، وقد هبّ الإسماعيليـة لمعاداته بشدة (ابن الأثيـر، 10 / 672-673؛ الذهبـي، 2 / 428)، ذلك أن اسم وكنية الإمام القائم لدى الإمامية أيضاً هو أبو القاسم محمد.
وإن تعامل الأفضل هذا مع الإسماعيلية ينبغي أن يكون متأثراً بتعامل أبيه، الأفضل بن بدر الجمالي الذي أغلق دار الحكمة في القاهرة عِداء لهم وقضى على شعار الدعوة الباطنية (عنان، 292؛ الذهبي، 2 / 405). وبدوره أسقط الأفضل من الخطبة اسم إسماعيل ابن الإمام الصادق (ع) والذي ينتسب الإسماعيلية إليه (ابن الأثير، 10 / 672؛ ابن ظافر، ن.ص)؛ واعترف أيضاً في 525ه‍ بثلاثة مذاهب إسلامية أخرى هي الإمامية والمالكية والشافعية، واختار من كل واحد من هذه المذاهب قاضياً وهو مالم يكن معهوداً آنذاك (ابن ميسر، 2 / 74). وهو بذلك انبرى لمعارضة الإسماعيلية بشكل علني وسعـى إلى عدم الاعتراف بهم وإلـى القضاء على أغلبهم؛ لكنـه لم يجد الفرصة الكافية، حيث قتل على يد أحد غلمان الحافظ الإفرنج بتحريض وتآمر من الحافظ وأعوانه في منتصف محرم (16، أو 20) سنة 526 بينما كان منهمكاً بلعب الصولجان (ابن خلكان، 3 / 236؛ المقريزي، 1 / 357، 490-491؛ ابن الأثير، 10 / 673). و قد بدأت الخلافة الفعلية للحافظ منذ ذلك التاريخ، وسمى يوم قتل الأفضل «عيد النصر» وبادر إلى الخطبة وإقامة صلاة العيد والاحتفالات. وكان يحتفل بذلك كل سنة (المقريزي، 1 / 357، 490-491)؛ وكذلك انتقم بيد ابنه ووزيره، الحسن من جميع الأمراء الذين كانوا أنصاراً للأفضل وأتباعاً له (ابن الأثير، 11 / 22؛ ابن ميسر، 2 / 77). 
امتُدح الأفضل ــ شأنه شأن أبيه ــ بالعدل وحسن السيرة؛ فقد أعاد لدى تسلمه الوزارة الأموال والأملاك التي كانت قد صودرت قبله من الناس إلى أصحابها، وانبرى لملاحقة المفسدين والقضاء عليهم (م.ن، 2 / 75؛ ابن القلانسي، 229؛ القلقشندي، 13 / 370)؛ كما أنه جلب أموال قصر الخلافة إلى مقره، ذلك أنه كان يعدّها ملكاً لأبيه كان الآمر قد صادرها بعد قتله (ابن الأثير، 10 / 665؛ حسـن، ن.ص). وإن الألقـاب والعناويـن الطنانة التـي لم يسبق لها مثيل والتي كان الخطباء يصفونه بها في الخطب (ابن الأثير، 10 / 672)، دالة على هيمنته المطلقة على أمور مصر. وفضلاً عن الأفضل وكتيفات (مثلاً ابن ميسر، ابن الأثير، ن.صص؛ ابن ظافر، 98)، فقد ذُكر من ألقابه أيضاً، أمير الجيوش والأكمل (الذهبي، 2 / 428؛ ابن تغري بردي، 5 / 237؛ اليافعي، 3 / 250)، ويدل لقب «أمير الجيوش» على أن أبا علي كان يتولى قيادة الجيش أيضاً. 

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلكان، وفيات؛ ابن ظافر، علي، أخبار الدول المنقطعة، تق‍ : أندري فيري، القاهرة، 1972م؛ ابن القلانسي، حمزة، ذيل تاريخ دمشق، تق‍ : آمدروز، بيروت، 1908م؛ ابن ميسر، محمد، أخبار مصر، تق‍ : هنري ماسيه، القاهرة، 1919م؛ حسن، حسن إبراهيم، تاريخ الدولة الفاطمية، القاهرة، 1964م؛ الذهبي، محمد، العبر، تق‍ : محمد السعيد بن بسيوني زغلول، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ عنان، محمد عبد الله، الحاكم بأمر الله و أسرار الدعوة الفاطمية، القاهرة، 1379ه‍ / 1959م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشى، القاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ المقريزي، أحمد، الخطط، بيروت، دار صادر؛ اليافعي، عبد الله، مرآة الجنان، بيروت، 1390ه‍ / 1970م؛ وأيضاً: 

Lane Poole, S., A History of the Egypt, Karachi, 1977; Stern, S. M., «A Fātimid Decree of the Year 524 / 1130 », Bulletin of the School of  Oriental and African Studies, 1960, vol. XXIII; id, «The Succession to the Fatimid Imam al-Āmir …», Oriens, 1951, vol. IV. 

صادق سجادي / ه‍