الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أصحاب الصفة /

فهرس الموضوعات

أصحاب الصفة


تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/28 ۱۳:۵۷:۰۶ تاریخ تألیف المقالة

أَصْحابُ الصُّفَّة، فريـق من أصحاب النبـي (ص) ــ من المهاجرين ــ اتجهوا بعد الهجرة إلى المدينة بسبب فقدانهم، أو تركهم منازلهم و ممتلكاتهم و مكانتهم في القبائل، إلى العبادة والتعليم و التعلم و المشاركة في الجهاد متحملين الفقر و الفاقة (ظ: السراج، 132-133؛ البيضاوي، 1 / 267). و قد اشتهر هؤلاء الذين كانوا يعيشون في القسم الشمالي من مسجد النبي (ص) في المدينة (ابن تيمية، 1 / 34) في مكان مسقوف و كبير خارج المسجد، لكنه متصل به يدعى «الصفّة» بمعنى الظُلة، أو الإيوان (ابن منظور، مادة صف)، تدريجياً باسم أصحاب الصفة، أو أهل الصفة و أحياناً أصحاب الظلّة (ظ: ابن سعد، 1(2) / 48، مخ‍ (، وتحولوا إلى أسوات في القبول بالفقر والتخلي عن المظاهر الدنيوية لأجل التفرغ للآخرة. 
كان النبي (ص) يحيط أصحاب الصفة برعايته، و من خلال مؤانسته و مجالسته لهم و تسميته إياهم «أضياف الإسلام» (ظ: أحمد بن حنبل، 2 / 515)، يشجع المسلمين على إكرامهم، و في نفس الوقت معرفة فضلهم و منزلتهم (السراج، ن.ص). و في الروايات جرى الحديث بكثرة عن شدة فقر أصحاب الصفة وفاقتهم؛ حتى قيل إنهم و لشدة فقرهم كانوا يقنعون بتمرة، ولعريهم كانوا أحياناً يدفنون أنفسهم في الرمال. و برغم أن ظروفهم المعاشية تحسنت تدريجياً إثر جهود النبي (ص)، و كان من يرغب بالخروج من الصفة منهم قد حصل على إمكانية السكن في مكان أفضل، فإن فريقاً ممن كانوا قد زهدوا في الدنيا تماماً وبرغم توفر التحسن النسبي، ظلوا كسابق عهدهم يمارسون العبادة و التعليم و التعلم. و كان هذا الأمر قد أدى إلى أن يختلف الشكل الأول لأصحاب الصفة، و يتحول هذا الوصف من صورته الخاصة إلى وصف عام و كلي و يطلق على الذين كانوا فيما بعد يعيشون في الصفة بسبب ضيق ذات اليد و عدم امتلاكهم مسكناً (ظ: الذهبي، 400؛ السيوطي، 2 / 89). و قد أدت التغيرات الشكلية والاختلاف الدلالي في عنوان أصحاب الصفة في الروايات التاريخية أيضاً إلى ظهور اختلاف في وجهات النظر بشأنهم، وقدم كل واحد من الرواة وقت حضوره في المدينة و مشاهدته هذا الفريق، رأياً يتناسب والظروف الزمانية، و بلغوا بعددهم 400 شخص أحياناً (ظ: الراوندي، 25؛ البيضاوي، ن.ص). 
و قد ذكر أبو نعيم الأصفهاني (1 / 143، 374، مخ‍ ( والهجويري (ص 97-99) و غيرهما من الكتّاب الذين كانوا ينظرون إلى أصحاب الصفة نظرتهم إلى أولياء الله في آثارهم أسماء عدد من هـؤلاء يُلاحظ من بينهم أشخاص من صحابة النبي (ص) مثـل أبي ذر الغفاري و سلمان الفارسي و بلال بن رباح و واثلة بن الأسقع و كذلك اسم أبي هريرة (أيضاً ظ: أحمد بن حنبل، 3 / 490؛ ابن سعد، 1(2) / 14، 48، مخ‍ ؛ الهجويري، 97، 98)؛ لكن اختيار الأسماء و ذكر أشخاص في عداد أصحاب الصفة لم‌يكن أحياناً بعيداً عن اتجاهات الكتّاب (مثلاً ظ: م.ن، 99). 
كانت خصائص أصحاب الصفة أرضية لأن يتحدث بعض المفسرين عن نزول عدد من الآيات القرآنية (البقرة / 2 / 273؛ الأنعام / 6 / 52؛ الكهف / 18 / 28) بشأنهم و يشيروا إلى ذلك في تفاسيرهم (مثلاً ظ: ابن سعد، 1(2) / 13؛ القمي، 1 / 202؛ الطبري، 25 / 19؛ فخر الدين، 7 / 84؛ السيوطي، 2 / 88، 7 / 352).
كما استفاد الكتّاب و الشعراء من موضوع أصحاب الصفة، بحيـث انبـرى أبوعبـد الرحمـان السلمـي (تـ 412ه‍( للحديث عن فضائلهـم و مناقبهـم فـي كتـاب بعنـوان تاريـخ أهـل الصفـة (ظ: الهجويري، ن.ص؛ ابن تيمية، 1 / 36). و في القرنين 4و5ه‍ كانت مجاميع الزهاد و بشكل خاص الصوفية ينسبون أنفسهم بشكل ما إلى أصحاب الصفة (ظ: السراج، 27)، بحيث عدّوا اسم الصوفي مشتقاً من الصُّفّة محاولين إظهار متانة هذه الآصرة وتجذّرها؛ وهو الاشتقاق الذي له مفهوم دلالي، لكنه من حيث الصَّرْف غير صحيح (ظ: ابن الجوزي، 162)، كما عدّه اثنان من كبار الصوفية وهما أبو القاسم القشيري (تـ‍ 465ه‍( و شهاب الدين السهروردي (تـ 632ه‍ ( و بشكل صريح اشتقاقاً دلالياً و ليس لغوياً (ظ: خاوري، 1 / 33؛ أيضاً الكلاباذي، 21). 

المصادر

ابن تيمية، أحمد، مجموعة الرسائل و المسائل، بيروت،1403ه‍ / 1983م؛ ابـن الجوزي، عبد الرحمان، تلبيس إبليس،تق‍ : محمد منير الدمشقي، القاهرة، 1347ه‍ / 1928م؛ ابن سعد، محمد، كتاب الطبقات الكبير، تق‍ : زاخاو و آخرون، ليدن، 1904-1915م؛ ابن منظور، لسان؛ أبو نعيم الأصفهاني، أحمد، حلية الأولياء، القاهرة، 1351ه‍ / 1932م؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313ه‍ ؛ البيضاوي، عبدالله، أنوار التنزيل، بيروت، مؤسسة شعبان؛ خاوري، أسدالله، ذهبية، طهران، 1362ش؛ الذهبي، محمد، تاريخ الإسلام، قسم السيرة النبوية، تق‍ : عمر عبد السلام تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي؛ الراوندي، فضل الله، النوادر، النجف، 1370ه‍ / 1951م؛ السراج، عبدالله، اللمع في التصوف، ليدن، 1914م؛ السيوطي، الدرالمنثور، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الطبري، تفسير؛ فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، القاهرة، المطبعة البهية؛ القرآن الكريم؛ القمي، علي، تفسير، قم، 1387ه‍ / 1968م؛ الكلاباذي، محمد، التعرف لمذهب أهل التصوف، تق‍ : عبد الحليم محمود و طه عبد الباقي، القاهرة، 1380ه‍ / 1960م؛ الهجويـري، علـي، كشـف المحجـوب، تق‍ : جـوكوفسكـي، سـان ـ بطرسبرج، 1344ه‍ / 1926م         

حميد أبوطالبي / م. 
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: