الأصبغ بن نباتة

اَلْأَصْبَغُ بْنُ نُباتَة، أبوالقاسم، من أصحاب الإمام علي ‌ابن أبي طالب (ع). كان من بني حنظلة من رهط مجاشع بن دارم (البرّي، 1 / 186؛ ابن‌حزم، 231).كان كوفياً، و في خلافة الإمام علي‌(ع) كان يُعدّ أحد أشهر أصحاب الإمام و أشدهم ثباتاً (ابن‌سعد، 6 / 225). أما الروايات القائلة إنه أدرك حياة النبي (ص) (ابن‌حجر، 1 / 108) و كذلك روايته عن عمر بن الخطاب (المزي، 3 / 308)، فلاتبدو مما يمكن الركون إليه.
و بحسب رواية نصر بن مزاحم (ص 442-443)، فإن الأصبغ كان شيخاً ناسكاً و عابداً و يُعدّ من مقاتلي العراق و من قادة جيش علي (ع). و ذُكر الأصبغ في عداد «شرطة الخميس» في معركة صفين (خليفة، 1 / 231). و روي عنه تفسير هذه التسمية بقوله إننا عاهدنا الإمام (ع) على أن نموت دونه (ظ: الكشي، 103؛ الخوئي، 3 / 222). كما توجد عن الأصبغ بعض الروايات في الحديث عن وقائع معركة الجمل (ابن أبي‌الحديد، 1 / 248، 263). و كان أيضاً أحد رواة بعض وقائع معركة صفين (مثلاً ظ: نصر بن مزاحم، 322، 442). و يتضح جلياً من بعض الروايات قيمة الأصبغ و منزلته لدى الإمام (ع) (مثلاً ظ: الطوسي، أمالي، 1 / 176).
كمـا ورد أنـه كــان يعيـش لفترة بعد وفـاة الإمـام علـي (ظ: النجاشي، 8)، و روى قصة استشهاده (ظ: المفيد، 351)، بل قيل إنه توفي بعد القرن 1ه‍ (ظ: آقا بزرگ، 25 / 105). و لاتتوفر رواية تؤيد كونه حياً بعد استشهاد الإمام علي لفترة طويلة، كما أن الروايات المختلفة بشأن حياته هي الأخرى مستقاة من رواياته المختلفة الواردة في المصادر الروائية. و قد وردت عنه أيضاً رواية عن الإمام الحسن (ع) (ظ: الخوئي، 3 / 223) و الإمام الحسـيـن (ع) (ظ: ابـن‌شـهـرآشـوب، 4 / 52). و أورد الـطـوسي ( الفهرست، 63) أيضاً أنه كان للأصبغ كتاب حول مقتل الإمام الحسين (ع) وذكر سنده إليه؛ لكن يجدر الحذر بشدة في الاعتماد على هذه الحالات، ذلك أن الطريق الروائي للأثر المذكور عُدّ ضعيفاً بسبب كثرة المجاهيل (ظ: الخوئي، 3 / 222). وقد عدّه الطوسي في طبقة أصحاب الإمام الحسن (ع) أيضاً (رجال، 66). 
إن أكثر ما كان سبباً في شهرة الأصبغ هو شخصيته الروائية وأغلب الروايات التي نقلها تنتهي إلى الإمام علي (ع). و قد ظهر أغلب هذه الروايات في المصادر الشيعية (للاطلاع على فهرست برواياته في الكتب الأربعة لدى الشيعة، ظ: الخوئي، ن.ص). ومضامين رواياته في الأغلب تاريخية و فقهية و أخلاقية. و أشهر روايات الأصبغ عن الإمام علي (ع) العهد الشهير للإمام إلى مالك الأشتر؛ و الأخرى وصية الإمام لولده محمد بن الحنفية (النجاشي، ن.ص؛ الطوسي، الفهرست، 62-63). 
و روى الأصبغ أيضاً عن أبي‌أيوب خالد بن زيد الأنصاري وعمار بن ياسر و عمر بن الخطاب (الذهبي، ميزان...، 1 / 271؛ المزي، 3 / 308). و روى عنه جمع، منهم أبوالجارود زياد بن المنذر و خالد النوفلي و محمد بن داود الغنوي و الأجلح بن عبدالله الكندي و أبوحمزة الثمالي (ابن‌حبان، 1 / 357؛ المزي، ن.ص).
عدّ أغلب علماء الرجال و محدثي أهل السنة الأصبغ غير ثقة و ضعيفاً (يحيى بن معين، 2 / 42؛ ابن سعد، 6 / 225؛ ابن‌حبان، 1 / 174؛ ابن‌عدي، 1 / 298؛ الجوزجاني، 47؛ النسائي، 156؛ الدارقطني، 67؛ ابن‌حجر، 1 / 81)، مما يبدو معه أن هذا الأمر لم‌يكن على غير صلة بالعلاقة الحميمة للأصبغ بالإمام علي (ع)؛ إلـى الحد الذي عدّه البعض رافضياً و أحيانـاً من غلاة الشيعـة (ظ: البسوي، 3 / 190؛ الذهبي، المغني، 1 / 93؛ ابن‌حجر، ن.ص). ومع كل ذلك، فإن العجلي عدّ الأصبغ في الثقات (ص 71). و قد وثقه علماء الرجال الشيعة و عدّوه من الثقات البارزين (مثلاً ظ: العلامة الحلي، 24؛ الحر‌العاملي، 20 / 142-143).

المصادر

آقـا بزرگ، الذريعة؛ ابن أبي‌الحديد، عبدالحميد، شرح نهج البلاغـة، تق‍ : محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1378ه‍ / 1959م؛ ابن‌حبان، محمد، كتاب المجروحين، تق‍ : محمود إبراهيم زايد، بيروت، 1396ه‍ / 1976م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تقريب التهذيب، تق‍ : عبدالوهاب عبداللطيف، بيروت، 1395ه‍ / 1975م؛ ابن‌حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ ابن‌سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دارصادر؛ ابن شهر‌آشوب، محمد، مناقب آل أبي طالب، قم، المطبعة العلمية؛ ابن‌عدي، عبدالله، الكامل في ضعفاء الرجال، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ البرى التلمساني، محمد، الجوهرة في نسب النبي و أصحابه العشرة، تق‍ : محمد التونجي، الرياض، 1403ه‍ / 1983م؛ البسوي، يعقوب، المعرفة والتاريخ، تق‍ : أكرم ضياء العمري، بغداد، 1396ه‍ / 1976م؛ الجوزجاني، إبراهيم، أحوال الرجال، تق‍ : صبحي البدري السامرائي، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ الحر العاملي، محمد، وسائل الشيعة، تق‍ : محمد الرازي، بيروت،1389ه‍ ؛ خليفة بن خياط، تاريخ، تق‍ : سهيل زكار، دمشق، 1967م؛ الخوئي، أبوالقاسم، معجم رجال الحديث، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الدارقطني، علي، كتاب الضعفاء و المتروكين، تق‍ : صبحي البدري السامرائي، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ الذهبي، محمد، المغني، تق‍ : نورالدين عتر، حلب، 1391ه‍ / 1971م؛ م.ن، ميزان الاعتدال، تق‍ : علي محمد البجاوي، بيروت، 1382ه‍ / 1963م؛ الطوسي، محمد، أمالي، تق‍ : محمد صادق بحرالعلوم، النجف، 1384ه‍ / 1964م؛ م.ن، رجال، النجف، 1380ه‍ / 1961م؛ م.ن، الفهرست، تق‍ : محمود راميار، مشهد، 1351ش؛ العجلي، أحمد، تاريخ الثقات، تق‍ : عبدالمعطي قلعجي، بيروت، 1405ه‍ / 1984م؛ العلامة الحلي، الحسن، الرجال، تق‍ : محمد صادق بحرالعلوم، النجف، 1381ه‍ / 1961م ؛ الكشي، محمد، معرفة الرجال، اختيار الطوسي، تق‍ : حسن المصطفوي، مشهد، 1348ش؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال، تق‍ : بشار عواد معروف، بيروت، 1413ه‍ / 1992م؛ المفيد، محمد، الأمالي،تق‍ : الحسين أستاد‌ ولي و علي‌أكبر الغفاري، قم، 1403ه‍ ؛ النجاشي، أحمد، رجال، تق‍ : موسى الشبيري الزنجاني، قم، 1407ه‍ ؛ النسائي، أحمد، «كتاب الضعفاء و المتروكين»، مع كتاب الضعفاء الصغير للبخاري، تق‍ : محمود إبراهيم زايد، بيروت، 1406ه‍ ؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفين، تق‍ : عبدالسلام هارون، القاهرة، 1382ه‍ ؛ يحيى بن‌معين، التاريخ، تق‍ : أحمد محمد نور سيف، مكة، 1399ه‍ / 1979م.

حسن يوسفي إشكوري / م.