الأشعث بن قیس الکندي
cgietitle
1442/9/27 ۰۹:۵۵:۵۶
https://cgie.org.ir/ar/article/236292
1447/1/13 ۰۷:۳۰:۰۵
نشرت
8
اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْديّ، أبـو محمد (تـ ح 40، أو 41ه / 660، أو 661م)، من الرجال المشاهير في تاريخ النصف الأول مـن القرن الأول الهجـري. و كان له ــ و هو زعيم قبيلة كندة ذات النفوذ الواسع ــ منذ بدء إسلامه حتى وفاته، دور فاعل في كثير من الوقائع. و يمكن القول إن حضوره في بعض المواقف كان بحدّ ذاته سبباً لوقائع. و كان للزعامة و الحكم تاريخ طويل في أسرته. و لهذا يبدو الاهتمام بوضع قبيلة كندة و مكانتها في شبه الجزيرة العربية أمراً مهماً لمعرفة الكثير من تحركات الأشعث ومواقفه السياسية (ظ: ن.د، كندة، قبيلة). و قبيلة كندة من عرب الجنوب الذين هاجروا حوالي القرن 5ه إلى نجد واليمامة و كانت لهم في تلك المنطقة دولة تقع بين الدولتين الصنيعتين لإيران و بلاد الروم، أي اللخميين و الغسانية (پيغولوسكايا، 292-301؛ تقي زاده، 121 و ما بعدها، 134 و ما بعدها). و كانت الحروب بين إيران و بلاد الروم ذات تأثير كبير في الأوضاع و العلاقات بين هاتين الدولتين و بشكل خاص حروب كندة و اللخميين التي انتهت بزوال كندة، و التي هي من الوقائع المهمة لشبه الجزيرة العربية في القرن 6م. و مع كل ذلك يبدو أن قوة كندة و نفوذها لم يضمحلا تماماً، ذلك أن هناك كلاماً في المصادر التاريخية الخاصة بحوادث صدر الإسلام والفترة التي تلتها بقليل، عن أهمية ملوك كندة و أفراد هذه القبيلة. و قد أوصل بعض المؤرخين سلالة ملوك كندة إلى الأشعث بن قيس (ظ: حمزة الأصفهاني، 112؛ مجمل التواريخ...، 179). و في الحقيقة، فإن الأشعث بوصفه أهم ما بقي من ملوك كندة، كان يبحث في كل واقعة عن تحقيق المكانة العريقة لأجداده و هذا هو الأمر المهم جداً الذي يجدر الاهتمام به دوماً منذ بدء دراسة حياته السياسية حتى وفاته. و شأنه شأن جده، كان اسمه معدي كرب، أما «الأشعث» فكان لقبه (ابن قتيبة، 333؛ ابن الأثير، أسد الغابة، 1 / 97؛ الذهبي، 2 / 38؛ ابن حجر، 1 / 51)؛ كما كان أبوه قيس يحمل لقب الأشج (ظ: ابن الأثير، ن.ص؛ ابن أبي الحديد، 1 / 292). و قد أوردت بعض المصادر نسب الأشعث حتى الجدّ الأكبر لقبيلة كندة بشكل متسلسل (ظ: ابن عبد البر، 1 / 133؛ ابن أبي الحديد، ن.ص؛ أيضاً ظ: پيغولوسكايا، 355، التي قدمت جدولاً بسلسلة نسبه). ولد الأشعث في حضرموت، و مع الأخذ بنظر الاعتبار سنّه عند الوفاة (63 سنة)، يمكن القول إنه ولد حوالي 596م ومابعدها. و على هذا، ينبغي القول إنه كان في حوالي الخامسة و العشرين من عمره عند هجرة النبي (ص). و عن أخبار الأشعث إلى ماقبل اعتناقه الإسلام، فإن ما نعرفه عنه هو أنه انبرى لحرب بني مراد طلباً لدم أبيه قيس الأشج، لكنه هزم و وقع في الأسر وافتدى بنفسـه بـ 000,3 آلاف مـن الإبـل ــ و ذهـب فيمـا بعـد مثـلاً ــ فأُطلق سراحه (الكلبي، 1 / 78-79؛ ابن رسته، 229؛ ابن قتيبة، 333، 555-556؛ الزمخشري، 1 / 432). و في سنة الوفود (9ه( قدم الأشعث بن قيس أيضاً مع عدد من وجهاء كندة إلى المدينة وأسلم (ابن هشام، 4 / 232؛ ابن سعد، 1 / 328؛ الطبري، 3 / 138-139؛ أيضاً ظ: الكلبي، 1 / 68، الذي يشير إلى أسماء بعض أعضاء هذا الوفد)، لكن ليس من الواضح ما إذا كان الأشعث قد ترأس هذا الوفد، أم لا؟ غير أنه يستشف من قوله بهذا الشأن أن الآخرين كانوا يتقبلون تقدّمه عليهم (ظ: البخاري، 37). و مهما يكن، فإن إسلام الأشعث و كندة لميدم طويلاً، فأصبحت أرهاط كندة ممن كانوا قد بدأوا بالتمرد قبل وفاة الرسول (ص)، في عداد المرتدين. كما أن الأشعث نفسه لميظهر ترحيباً في ردّه على زيد بن لبيد الذي كان يعلمه بوفاة النبي (ص) و خلافة أبي بكر و يطالبه بمبايعته (الواقدي، 94؛ ابن حبيش، 1 / 132). و إن امتناع الأشعث عن إعطاء جواب صريح وواضح، دالٌّ على ذكائه (ظ: الواقدي، 98-99، 102، 106؛ البلاذري، فتوح...، 101؛ ابن حبيش، 1 / 135). و يبدو أن الأشعث كان يتحين الفرص لقمع هذه الأرهاط لتدعيم أركان زعامته. و لذا فإن أخلاف بقية الأرهاط عندما قدموا إلى الأشعث، عَدَّ مرافقته لهم في حرب زياد و نصرته إياهم مشروطة بأن يجعلوه ملكاً عليهم. فلقبوه بدورهم بالملك، و وضع التاج على رأسه (أبوهلال، 249، نقلاً عن المدائني؛ الواقدي، 115: كان هو الذي وضع تاج أجداده على رأسه؛ قا: البلاذري، ن.ص؛ الطبري، 3 / 334).انتهت أول معركة خاضها بنوكندة بزعامة الأشعث ضد جند زياد، بهزيمة الأخير (الواقدي، 107)، لكن حاقت الهزيمة فيما بعد بالأشعث و بني كندة، فالتجأوا إلى قلعة (الطبري، 3 / 335-336). فطلب الأشعث الذي كان قد وقع في ورطة، الأمان من زياد له ولأسرته مقابل تسليم القلعة، فوافق زياد على ذلك (ابن حبيش، 1 / 137- 138؛ قا: الواقدي، 114، 115؛ ابن حجر، 2 / 258). كما قيل إن الأشعث ــ و بحيلة ــ استثنى بني كندة عند أخذه الأمان له ولأسرتـه، و لهذا أصبح موضع لعنهم و سخطهم، بل إنهم لقّبـوه بـ «عرف النار» بمعنى ناقض العهد (ظ: الواقدي، 116-117؛ الطبري، 3 / 338؛ ابن حبيش، 1 / 138). و قد جيء بالأشعث إلى المدينة مع بقية الأسرى، لكن أبا بكر أطلق سراحه و زوّجه من أختـه (الواقـدي، 123-124؛ ابـن حبيـش، 1 / 139-140؛ الطبـري، 3 / 339)، برغم أنه ندم فيما بعد على ما فعل (ظ: اليعقوبي، 2 / 137؛ البلاذري، ن.م، 104؛ الطبري، 3 / 430-431). مكث الأشعث في المدينة، و على عهد عمر بن الخطاب أرسل لنصرة سعد بن أبي وقاص عند فتح العراق (البلاذري، ن.م، 257؛ الخطيب، 1 / 196؛ ابن عبد البر، 1 / 134). و بفتح العراق، أي البلاد التي حارب آباؤه لأجلها قبل سنوات مع ملوك الحيرة، بل إنهم كانوا قد انتزعوها من أيديهم لفترة أيضاً (لمزيد من التفاصيل، ظ: نولدكه، 319؛ پيغولوسكايا، 304، 334-335)، وجد الأشعث مجالاً مناسباً للتحرك. كما شارك الأشعث في معركة القادسية و كانت راية كندة معه (الدينوري، 120، 122؛ الطبري، 3 / 487). و شارك أيضاً في معركة اليرموك و فيها فقد إحدى عينيه (ابن رسته، 224؛ ابن قتيبة، 586؛ ابن العديم، 4 / 1890). و كان الأشعث من أوائل الذين سكنوا الكوفة بعد بنائها (الطبري، 4 / 129). و بطبيعة الحال فإنه مع الأخذ بنظر الاعتبار أهمية العراق لبني كندة، فليس عجيباً أن يكون أغلب أرهاطها قد سكنوا في العراق و بشكل خاص في الكوفة القريبة من الحيرة العريقة (ظ: الكلبي، 1 / 141-142).و على عهد الخليفة عثمان أصبح الأشعث عاملاً على آذربايجان، و كان من الذين أقطع الخليفةُ كلَّ واحد منهم منطقة (البلاذري، ن.م، 273-274؛ الدينوري، 156؛ الطبري، 4 / 422). ولما تولى أمير المؤمنين علي (ع) الخلافة ظل الأشعث والياً على آذربايجان و أرمينيا (البلاذري، ن.م، 205، 327). و عقب معركة الجمل أمره الإمام علي (ع) بتسليم أموال آذربايجان (ظ: نصر بن مزاحم، 20-21؛ أيضاً اليعقوبي، 2 / 200؛ ظ: قسماً من هذا الكتاب في نهج البلاغة، الكتاب 5). وعلى هذا، فإن الرواية التي ذُكر فيها حضوره في معركة الجمل، لاتبدو صحيحة (ابن حبيب، 291-292)؛ لكنه حضر في حرب صفين بأمر الإمام علي (ع) (ظ: البلاذري، أنساب...، 2 / 296؛ أيضاً ظ: الطبري، 4 / 561). صحيح أن الأشعث انضم إلى الإمام علي (ع) في حربه ضد المارقيـن في الشـام و العـراق: لكـن ــ و كما تظهر الروايات المتوفرة ــ فإن الإمام علياً (ع) و أتباعه المخلصين لميكونوا يثقون به. و في الحقيقة، فإن ما يمكن إدراكه من ثنايا الروايات المضطربة الباقية من هذه الفترة، هو نوع من العصبية اضطر الأشعث للانضمام إلى جيش العراق: استناداً إلى رواية، فإنه عندما استلم ــ و هـو فـي آذربايجـان ــ أمر الإمام (ع) بشأن تسليم الأموال، أراد الالتحاق بمعاوية (نصر بن مزاحم، ن.ص)، بل واستناداً إلى رواية أخرى، فإنه منذ ذلك الحين شرع بمراسلة معاوية (البلاذري، ن.ص)، لكنه لما تشاور مع أنصاره ذمّ هؤلاء الانضمام إلى الشاميين، فتراجع الأشعث عن رأيه (نصر بن مزاحم، 21). ويبدو أن بني كندة كانوا ــ و منـذ ذلك الـحـيـن ــ يرون معاوية خليفة للملوك الغساسنة، و ظهرت مرة أخرى المنافسات والنزاعات الكندية ـ الغسانية بزيّ عراقي ـ شامي. و ربما كان ذلك دليلاً على حلول نوع من التعصب المدني محل التعصب القَبَلي. و على هذا، فإن انضمام الأشعث إلى الإمام علي (ع) كان بدافع أنه و بوصفه زعيماً لقبيلة كندة، مضطر للمحافظة على الموقع الجغرافي لقبيلته. و مراعاة لسنة النبي (ص) الذي كان يهمل العلاقات القبلية قدر المستطاع، و كذلك بسبب عدم ثقته بالأشعث، أراد الإمام علي (ع) إسناد زعامة كندة وربيعة التي كانت بيد الأشعث، إلى حسان بن مخدوج، لكن مالك الأشتر النخعي و عدي بن حاتم الطائي منعا الإمام من ذلك (م.ن، 137؛ قا: الدينوري، 224، الذي يقول إن زعامة كندة عُرضت على حجر بن عدي). و بينما كان معاوية يسعى إلى استقطاب الأشعث إليه بسبب إهمال الإمام له، عيّن الإمام علي (ع) الأشعث لقيادة قسم من الجيش (نصر بن مزاحم، 139، 205؛ أيضاً ظ: الدينوري، 171). و في أول اصطدام أغلق معه جُند الشام شريعة في الفرات على جيش الإمام (ع)، انتزع الأشعث بن قيس ــ بإذن من أمير المؤمنين (ع) ــ الشريعة من هيمنة جيش الشام (نصر بن مزاحم، 165-167؛ أيضاً ظ: الطبري، 4 / 569-572). و خلال معارك متفرقة أخرى أيضاً أبدى الأشعث بطولات (نصر بن مزاحم، 171، 174، 191، 192)، إلى أن اشتد وطيس المعركة و رأى معاوية الهزيمة قريبة، أرسل أخاه عتبة بن أبي سفيان إلى الأشعث مقترحاً التخلي عن القتال. و برغم أن الأشعث خلال تلك المحادثات امتدح الإمام علياً (ع) و لميعطِ جواباً إيجابياً (م.ن، 408-410)، لكن و في ليلة الهرير و عندما شارف جيش الإمام على إنهاء الحرب بشكل حاسم، نهض الأشعث في جمع الكنديين و طالب ــ ضمن خطبـة ــ وبلهجة مصلحية، بالتوقف عن إراقة دماء أكثر. و بحسب هذه الروايات، فإنه بمجرد وصول نبأ خطبة الأشعث إلى معاوية، أمر بأن ترفع المصاحف على أسنة الرماح (م.ن، 480-481؛ أيضاً ظ: الدينوري، 188-189). و في رواية اليعقوبي ذُكر بشكل صريح وجود مراسلات و علاقة بين الأشعث و معاوية بهذا الشأن (2 / 188-189). و عقب هذه الواقعة كان الأشعث يلحّ على الإمام علي(ع) بقبول اقتراح العودة إلى كتاب الله، و قيل إنه و فريقاً من بني كندة كانوا يطالبون بفضّ النزاع أكثر من أي أحد آخر (نصر بن مزاحم، 482، 484). كما أن الأشعث تقبّل رأي معاوية بتحكيم حَكَم من الشام و آخر من العراق (م.ن، 499؛ أيضاً ظ: ابن أعثم، 3 / 325)، و اختار مع بني كندة أبا موسى الأشعري، و عارض تحكيم ابن عباس، أو مالك الأشتر ليكونا ممثلين عن الإمام علي (ع) و العراقيين (ظ: نصر بن مزاحم، 499-500؛ البلاذري، أنساب، 2 / 333؛ الطبري، 5 / 51-52؛ ابن أعثم،4 / 2-4؛ أيضاً ظ: الإسكافي، 172).و استناداً إلى رواية اليعقوبي، فإنه حين حدث الخلاف على تلقيب الإمام علي (ع) بأميرالمؤمنين عند كتابة وثيقة الصلح بين ممثلي الجيشين، كان الأشعث من الذين طالبوا بإزالة هذا اللقب عن تلك الوثيقة، و اعترض عليه مالك الأشتر بشدة (2 / 189). وبرغم أن دور الأشعث واضح جداً في الروايات التاريخية المتوفرة عن واقعة التحكيم، لكن المثير للانتباه هو أنه لمترد في وجهات النظر الباقية عن فريق من خوارج القرنين 2و3ه ، أي الإباضية، أدنى إشارة إلى دور الأشعث في واقعة التحكيم (مثلاً ظ: أبو قحطان، 1 / 111 و ما بعدها؛ ابن سلام، 106)؛ بينما يعدّ أحد الإباضيـة المعاصـريـن ــ آخذاً بنظر الاعتبار بعض الروايات التاريخية ــ قضية التحكيم بأسرها من فعل الأشعث و عمرو بن العاص و معاوية (ظ: سليمان، 81 و ما بعدها). و مهما يكن، فإنه مع ظهور اتجاه الخوارج الذين حاول الإمام علي (ع) قدر المستطاع أن لايصطدم بهم، كان الأشعث من الذين اعتقدوا بأنه ينبغي محاربة خوارج النهروان أولاً قبل معاودة الحرب مع معاوية (البلاذري، ن.م، 2 / 368؛ الطبري، 5 / 82). وعقب حرب النهروان دعا الإمام علي (ع) أنصاره إلى حرب معاوية، لكن الأشعث تذرع بسأمه من الحروب، و قد ترك كلامه أثراً كبيراً في الجند أيضاً، و لهذا توجه الإمام علي (ع) إلى الكوفة (ظ: إبراهيم، 1 / 24-25؛ الدينوري، 211؛ ابن العديم، 4 / 1911؛ ابن الأثير، الكامل، 3 / 349).و آخر موقف في حياة الأشعث قضية علاقته بابن ملجم ودوره في مؤامرة قتل الإمام علي (ع)، و هو ما لايمكن الوصول معه إلى نتيجة جازمة من ثنايا الروايات المضطربة الواردة في المصادر. وبطبيعة الحال فإن الإمام علياً (ع) لميكن يثق بالأشعث، بل إنه تحدث معه بشدة مرة من على منبر الكوفة ( نهج البلاغة، الخطبة 19؛ أيضاً ظ: أبو الفرج، الأغاني، 8 / 159؛ ابن أبي الحديد، 1 / 291، 297؛ أيضاً ظ: المبرد، 2 / 579؛ إبراهيم، 2 / 500-501). كما قيل إن الأشعث هدد الإمام علياً (ع) مرة بالقتل (ظ: أبوالفرج، مقاتل...، 34؛ ابن العديم، 4 / 1914؛ الذهبي، 2 / 40-41).و من جهة أخرى، يبدو أن ابن ملجم كان على علاقة بكندة عن طريق الحلف، أو القرابة من طرف الأم (الكلبي، 1 / 121؛ أيضاً ظ: البلاذري، ن.م، 2 / 402، 489؛ الطبري، 6 / 346)، و ربما كان هذا هو السبب الذي جعل ابن ملجم يقيم في دار الأشعث لدى قدومه من مصر إلى الكوفة (ابن الفقيه، 252؛ اليعقوبي، 2 / 212). واستناداً إلى إحدى الروايات، فإن الأشعث علم بنية ابن ملجم المشؤومة، و إنه أبلغ الإمام (ع) أيضاً بذلك، لكنه جوبه بجواب الإمام يقول: «ماقتلني بعدُ» (ظ: المبرد، 3 / 1117). و قد ورد في أغلب الروايات أن الأشعث ــ وقبل قليل من دخول الإمام (ع) مسجد الكوفة ــ قال لابن ملجم جملة مضمونها أن يعجِّل بتحقيق هدفه قبل طلوع الصبح. و قد سمع هذا القول حجر بن عديّ الكندي، أوعفيف الكندي اللذان كانا في المسجد، و في نفس الوقت نسبا إليه قتل الإمام علي (ع) و قد أنكر الأشعث ذلك بطبيعة الحال (ظ: ابن أبي الدنيا، 94؛ ابن سعد، 3 / 36؛ البلاذري، أنساب، 2 / 493-494؛ أبو الفرج، ن.ص؛ المسعودي، 3 / 165-166؛ المفيد، 1 / 19؛ قا: الطبري، 5 / 144، الذي لايرد في روايته اسم الأشعث). و بحسب الروايات كان الأشعث على علم بالمؤامرة، بل كان يتابع تنفيذها. و قد تبلور هذا الموضوع في رسالة لأحد الإباضية المعاصرين بشكل نَسَبَ معه كلَّ المؤامرة إلى الأشعث، و هو يرى أن ابن ملجم كان كندياً و لم تكن كندة في عداد الخوارج (سليمان، 193 و ما بعدها؛ قا: شهيدي، 134). و لميمتد العمـر بالأشعث عقـب استشهاد الإمام (ع)، حيث وافتــه المنيـة بعـد ذلك بقليــل ــ بعد 40 يوماً بحسب إحدى الروايات ــ و هو في الثالثة و الستين، أي يحتمل أن يكون قد توفـي في ذي الحجة سنة 40 / نيسـان 661 (ظ: خليفة، تاريـخ، 1 / 228، طبقات، 71؛ ابن العديم، 4 / 1918-1919؛ ابن حبان، 45؛ الخطيب، 1 / 197؛ الذهبي، 2 / 42). و في بعض المصادر أشير إلى سنـة 42ه ــ عقـب صلـح الإمـام الحسن (ع) ــ تاريخـاً لوفاتـه (ظ: البلاذري، فتوح، 102؛ ابن الأثير، أسد الغابة، 1 / 98؛ ابن عبدالبر، 1 / 134). كان الأشعث من أشراف الكوفة و أثريائها و قد نقلت حكايات عن ثرائه (ظ: بحشل، 160؛ الثعالبي، 88-89؛ ابن العديم، 4 / 1914؛ الذهبي، 2 / 41). و قيل إنه كان أول من يسير راكباً و إلى جانبه رجال يمشون، و هو أمر يذكر بسلوك الملوك و الأمراء (ظ: ابنقتيبة، 551). عُدّ الأشعث من صحابة النبي (ص)، كما رويت عن طريقه أحاديث (ظ: أحمد بن حنبل، 5 / 211-212؛ الطبراني،1 / 203؛ ابن عبد البر، ن.ص؛ المزي، 1 / 76- 78). و من طبقة التابعين روى الحديث عنه أمثال الشعبي و أبي وائل و قيس ابن أبي حازم (ظ: الذهبي، 2 / 38). و كان نفوذ الأشعث و زعامته لقبيلة كندة في الكوفة يُفرض عن طريق أسرته التي كان كل واحد من أفرادها يُعَدّ من شخصيات المدينة. فقد كان لابنه الكبير محمد من أم فروة شقيقة أبي بكر، دور فاعل في إلقاء القبض على حجر بن عدي صاحب رسول الله (ص) و من أنصار الإمام علي (ع)، و كان من الأمراء الذين يحظون بثقة زياد بن أبي سفيان و ابن زياد، و قد شارك في اعتقال هاني بن عروة و مسلم بن عقيل و قتلهما قبيل واقعة كربلاء (الطبري، 5 / 263-264 367، 369، 380؛ عن عبد الرحمان نجل محمد، ظ: ن.د، ابن الأشعث). و كان ابنه الآخر قيس من الذين دعوا الإمام الحسين (ع) إلى الكوفة، و مع ذلك انضم إلى جيش الشام و أنكر أن يكون قد راسل الإمام الحسين (ع) (الطبري، 5 / 417، 422، 425). و هو الذي سلب الإمامَ ثوبه بعد استشهاده (م.ن، 5 / 453). أما جعدة ابنة الأشعث التي أصبحت زوجة للإمام الحسن (ع) بحيلة من أبيها (ظ: البلاذري، أنساب، 3 / 14)، فقـد سمت الإمام (ع) بخدعـة من معاويـة (ن.م، 3 / 55؛ أبو الفرج، مقاتل، 73؛ عن بقية أولاده و أفراد أسرته، ظ: ابن حبيب، 452؛ ابن سعد، 8 / 249). كان لأسرة الأشعث حتى إلى القرن 3ه أيضاً في الكوفة، دور فـي الحـوادث السياسية لمصلحـة الحكام في الغالـب (ظ: ن.د، أبو السرايا)، و اشتهروا على دوام بالخديعة (ابن رسته، 229). ولما أراد أحدهم لقاء الإمام الصادق (ع)، رفض الإمام ذلك (ظ: الكشي، 412-413).
إبراهيم بن محمد الثقفي، الغارات، تق : جلال الدين محدث أرموي، طهـران، 1355ش؛ ابن أبـي الحديد، عبد الحميـد، شرح نهج البلاغة، تق : محمـد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1378ه / 1959م؛ ابن أبي الدنيا، أبوبكر، «مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام»، تق : عبد العزيز الطباطبائي، تراثنا، قم، 1408ه ، س 3، عد 3؛ ابن الأثير، علي، أسد الغابة، القاهرة، 1280ه ؛ م.ن، الكامل؛ ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح، حيدرآباد الدكن، 1389ه / 1969م؛ ابن حبان، محمد، مشاهير علماء الأمصار، تق : فلايشهمر، القاهرة، 1379ه ؛ ابن حبيب، محمد، المحبر، تق : إيلزه ليختن شتيتر، حيدرآباد الدكن، 1361ه / 1942م؛ ابن حبيش، عبد الرحمان، الغزوات، تق : سهيل زكار، دمشق، 1412ه / 1992م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة، القاهرة، 1328ه ؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفيسة، تق : دي خويه، ليدن، 1891م؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر؛ ابن سلام الإباضي، بـدء الإسلام، و تق : فيرنرشفارتس و سالم بن يعقوب، فيسبـادن، 1406ه / 1986م؛ ابن عبد البر، يوسف، الاستيعاب، تق : علي محمد البجاوي، القاهرة، 1380ه / 1960م؛ ابن العديم، عمر، بغية الطلب،تق : سهيل زكار، دمشق، 1409ه / 1988م؛ ابن الفقيه، أحمد، البلدان، تق : يوسف الهادي، بيروت، 1416ه / 1996م؛ ابن قتيبة، عبدالله، المعارف، تق : ثروت عكاشة، القاهرة، 1960م؛ ابن هشام، عبدالملك، السيرة النبوية، تق : مصطفى السقا و آخرون؛ بيروت، دار إحياء التراث العربي؛ أبو الفرج الأصفهانـي، علي، الأغانـي، القاهرة، دار الكتب المصريــة؛ م.ن، مقاتل الطالبييـن،تق : أحمد صقر، القاهرة، 1368ه / 1949م؛ أبو قحطان، خالد، «سيرة»، مع السير و الجوابات، تق : سيدة إسماعيل الكاشف، عمان، 1406ه / 1986م؛ أبو هلال العسكري، الحسن، الأوائل، تق : محمد سيـد وكيل، المدينـة، 1385ه / 1966م؛ أحمـد ابن حنبــل، مسنـد، بيـروت، دار صـادر؛ الإسكافـي، محمد، المعيـار و الموازنـة، تق : محمـد باقر المحمودي، بيـروت، 1402ه / 1981م؛ بحشل، أسلـم، تاريخ واسـط،تق : كوركيس عواد، بيروت، 1406ه / 1986م؛ البخاري، محمد، التاريخ الصغير، بيروت، 1406ه / 1986م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تق : محمد باقر المحمـودي، بيروت، ج2، 1394ه / 1974م، ج3، 1397ه / 1977م؛ م.ن، فتوح البلدان، تق : دي خويه، ليدن، 1863م؛ پيغولوسكايا، ن.، أعراب در حدود مرزهاي روم شرقي وإيران، تج : عنايت الله رضا، طهران، 1372ش؛ تقي زاده، حسن، أز پرويز تا چنگيز، طهران، 1349ش؛ الثعالبي، عبدالملك، ثمار القلوب،تق : محمد أبو الفضل إبراهيـم، القاهرة، 1384ه / 1965م؛ حمـزة الأصفهانـي، تاريـخ سنـي ملـوك الأرض و الأنبياء، بيروت، دار مكتبة الحياة؛ الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، القاهرة، 1349ه ؛ خليفـة بن خياط، تاريخ، تق : سهيل زكار، دمشق، 1966م؛ م.ن، طبقـات،تق : أكرم ضياء العمري، الرياض، 1402ه / 1982م؛ الدينوري، أحمد، الأخبار الطوال، تق : عبد المنعم عامر، القاهرة، 1960م؛ الذهبي، محمد، سير أعلام النبلاء، تق : شعيب الأرنؤوط و آخرون، بيروت، 1404ه / 1984م؛ الزمخشري، محمود، المستقصى من أمثال العرب، بيروت، 1408ه / 1987م؛ سليمان بن داود، الخوارج هم أنصار الإمام علي (ع)،قسنطينة، 1403ه ؛ شهيدي، جعفر، تاريخ تحليلي إسلام، طهران، 1363ش؛ الطبراني، سليمان، المعجم الكبير، تق : حمدي عبد المجيد السلفي، القاهرة، مكتبة ابن تيمية؛ الطبري، تاريخ؛ الكشي، محمد، معرفة الرجال، اختيار الطوسي، تق : حسن مصطفوي، مشهد، 1348ش؛ الكلبي، هشام، نسب معد و اليمن الكبير، تق : محمود فردوس العظم، دمشق، دار اليقظة العربية؛ المبرد، محمد، الكامل، تق : محمـد أحمـد الدالـي، بيـروت، 1406ه / 1986م؛ مجمل التواريـخ و القصص، تق : محمد تقي بهار، طهران، 1318ش؛ المزي، يوسف، تحفة الأشراف، بومباي، 1384ه / 1965م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق : شارل پلا، بيروت، 1965م؛ المفيد، محمد، الإرشاد، قم، 1413ه ؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفين، تق : عبد السلام محمد هارون، القاهرة، 1382ه / 1962م؛ نهج البلاغة؛ نولدكه، ثيودور، تاريخ إيرانيان و عربها در زمان ساسانيان، تج : عباس زرياب، طهران، 1360ش؛ الواقدي، محمد، الردة، رواية ابن أعثم الكوفي، تق : محمد حميد الله، باريس،1409ه / 1989م؛ اليعقوبي، أحمد،تاريخ، بيروت، دار صادر.
.علي بهراميان / ه
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode