الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / الأشعریون /

فهرس الموضوعات

الأشعریون


تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/27 ۱۱:۰۵:۴۱ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَشْعَريّون،   اسم قبيلة عربية، و عدد من أصحاب النبي (ص)، و فريق من العلماء و المحدثيـن الشيعة في القرنين 2و3ه‍. و ينسب الأشعريون إلى نبت بن أُدَد بن زيد بن يَشجُب بن عَريب ابن‌ زيد بن كهلان، المعروف بالأشعر (الكلبي، 1/ 339؛ خليفة، 1/329). و كان للأشعر سبعة أبناء أصبح كل واحد منهم زعيم قبيلة، وكانوا جميعاً يُدعون بالأشعري. و المقصود بالأشعريين في هذه المقالة هم ذرية الجماهر أحد أبناء الأشعر (ظ: الكلبي، ن.ص).
و كان هؤلاء الأشعريون قبل الإسلام يُعَدّون من القبائل الشهيرة و المتنفذة في شتى بقاع اليمن و منها الساحل الغربي لتلك البلاد (القمي، 283-284؛ علي، 2/380). و قيل إن جمعاً منهم ساعد أبرهة في هجومه على مكة سنة 570م (ابن فهد، 1/29-30). و في المصادر الإسلامية نسبت إلى الأشعريين في فترة ما قبل الإسلام فضائل جمة، و جرى الحديث عن مروءتهم و حسن خُلُقهـم. و قيـل إنهم كانـوا و كأنهم أشركو الناس في أموالهـم وأملاكهم و منازلهم (القمي، 280- 281). 
لاتتوفر معلومات دقيقة عن زمن اعتناقهم الإسلام. فعلى قول صاحب تاريخ قم (م.ن، 267)، فإن أول من اعتنق الإسلام منهم كان يدعى مالك بن عامر الذي التقى النبي (ص) في مكة وأسلم. و استناداً إليه (ص 268)، فإنه كان أول من هاجر من اليمن بغية الإسلام. و من بعده أسلم عدد أكبر من الأشعريين و هاجروا فيما بعد إلى المدينة، لكن أغلب المصادر أوردت ــ دون الإشارة إلى هجرتهم لمكة ــ أنه في السنة السابعة و خلال غزوة خيبر، قدم جمع من الأشعريين من اليمن إلى المدينة بقيادة أبي‌موسى الأشعري (ن.ع)، و أسلموا على يد النبي (ص)، بل و أصبحوا شركاء في غنائم فتح خيبر (ابن سعد، 2/ 108، 7/434). 
و تتحدث رواية شهيرة أخرى عن أن هؤلاء الأشعريين هم من المسلمين الذين كانوا قد هاجروا إلى الحبشة و قدموا إلى المدينة خلال هذه الفترة (م.ن، 4/105). و على هذا، فإن الأشعريين المذكورين ينبغي أن يكونوا قد اعتنقوا الإسلام في مكة. و على أية حال، فإن النبي (ص)، استقبل الأشعريين بحفاوة و دعا لهم (ابن القاسم، 71). 
أصبح الأشعريون في المدينة مصدر خدمات جليلة. و فضلاً عن أبي‌موسى الأشعري، فإن أشهر شخصية أشعرية على عهد النبي (ص) هو أبوعامر الأشعري الذي شارك في فتح مكة وغزوة حنين و استشهد في المعركة الأخيرة (ابن سعد، 4/357- 358). كما كان ابنه عامر بن أبي‌عامر من الصحابة، و قد شارك في عدة غزوات و يُعدّ من الرواة (م.ن، 4/ 358). و كان نجله مالك بن عامر أيضاً من مشاهير صدر الإسلام و شارك في حرب المسلمين ضد الإيرانيين، و هو أول من عبر الفرات بالفَرَس عند فتح المدائن (القمي، 269). و الأشعري المعروف الآخر في صدر الإسلام هو أبوبردة عامربن‌قيس شقيق أبي ‌موسى الأشعري، من الصحابة ورواة الحديث النبوي و الذي سكن الكوفة فيما بعد (ابن سعد، ن.ص؛ خليفة، 1/156). و كان شقيقه الآخر أبو رهم بن قيس من الصحابة و سكن الشام فيما بعد (ابن سعد، 7/434؛ عن عدد آخر من مشاهير الأشعريين في هذه الفترة، ظ: م.ن، 4/ 359، 7/441-443؛ خليفة، 1/157، 298-299؛ ابن دريد، 417- 418؛ السمعاني، 1/266). 
و يستشف من أوضاع الأشعريين أنه بعد النبي (ص) ‌والتغيرات السياسية خلال النصف الأول من القرن الأول، انقسم كبار شخصياتهم من الناحيتين العقائدية و السياسية إلى فرق مختلفة وتفرقوا في شتى المناطق مثل العراق و الشام و إيران، لكن عدداً من الأشعريين المسلمين من سكنة اليمن ارتدوا بعد وفاة النبي (ص) و تمّ القضاء عليهم مع أهل الردّة (الطبري، 3/320-321).
و قد سكن أشهر الأشعريين في الكوفة و بشكل عام في العراق. و كان سعد بن مالك بن عامر الأشعري من كبار شخصيـات الأشعرييـن و أشرافهم فـي الكوفة و هو الذي شهـد ــ أيام خلافة عثمان بن عفان ــ لدى الخليفة على شرب الوليد‌بن‌ عقبة أمير الكوفة للخمر (القمي، 290-291). كما كان السائب‌ بن ‌مالك من كبار شخصيات شيعة الكوفة و كان رجلاً مقاتلاً ومن أصحاب المختار بن أبي‌عبيد الثقفي، و قد قتل (67ه‍( في الحرب ضد مصعب بن الزبير (م.ن، 284، 290). و قد شارك أبناء سعد والسائب خلال القرن 1ه‍  في شؤون العراق و إيران السياسية والجهاد ضد الأمويين، كما عُيِّن بعضهم أمراء على بعض مدن إيران (م.ن، 287، 290). و بعد مقتل محمد بن السائب في الكوفة على يد الحجاج، أصبح أبناؤه و بقية أفراد أسرة الأشعري مطاردين، فاضطروا إلى مغادرة العراق و هاجروا إلى أماكن أخرى و منها قم. 

الأشعريون في قم

يبدو أن عبدالله و الأحوص ‌ابني ‌‌سعد كانا أول الأشعريين الذين ذهبوا إلى قم و سكنوا فيها. و بعد ذلك دعوا أبناء عمومتهم، أبناء السائب إليها، فقدم أولئك بدورهم إلى قم (م.ن، 262-263). و برغم أن تاريخ هذه الواقعة ليس معلوماً بشكل دقيق، إلا أن هذه الهجرة تمت في 94ه‍ بحسب ما يقوله مؤلف تاريخ قم (م.ن، 242). و ليس معلوماً ما إذا كان المقصد الأصلي لعبدالله و الأحوص هو قم، أم موضعاً آخر. فبحسب إحدى الروايات (م.ن، 264)، فإن الأشعريين كانوا ينوون الذهاب إلى مناطق آذربايجان ليغادروا من هناك إلى أرمينية، أوخراسان، ذلك أن أبناء عمومتهم (ليس من ذرية الأشعر فيما يحتمل) كانوا أصحاب نفوذ و ثروة في تلك المناطق. و قال البعض أيضاً (ظ: م.ن، 261) إنهم كانوا ينوون الذهاب إلى أصفهان، لكن أهل قم طلبوا إليهم أن يدافعوا عنهم في ضد هجمات الديالمة الموسمية على هذه المناطق، فسكنوا في قم استجابة لهذا الطلب. و يبدو أن كون قم و المناطق المحيطة بها التي كانت قد فتحت قبل ذلك على يد أبي موسى و مالك بن عامر الأشعريين، لم‌يكن دون تأثير في رغبة هؤلاء الأشعريين، أو أهل قم في إقامتهم بهذه البلاد، ذلك أن الأشعريين كان لهم أنصار في تلك البلاد (م.ن، 260-261). و استناداً إلى رواية، فإن حاكم همذان أسكن الأشعريين في منطقة قم و باعهم إياها (م.ن، 263). و يبدو أن هذه المجموعة كانت أول العرب الذين سكنوا قم. و يستشف من روايات السمعاني (10/484-485) و ياقوت (4/175) أن قم لم‌يكن لها وجود حتى ذلك الحين، أو أنها لم‌تكن ذات أهمية تذكر، و أن المدينة بناها هؤلاء الأشعريون؛ لكن الشواهد التاريخية فضلاً عن ذكرها في وقائع الفتوحات بوصفها من توابع أصفهان تثبت خلاف ذلك (أيضاً ظ: فقيهي، 50-63). و برغم كل ذلك، فإن من المسلَّم‌ به أن الأشعريين قاموا بتوسيع قم بشكل سريع و فصلوها عن أصفهان، و جعلوها مدينة مستقلة و زادوا من أهميتها (حسيني، 172). و تزامناً مع وصول الأشعريين كان جميع أهل قم، أو أغلبهم يعتنقون الدين الزرادشتي (أرباب، 18-19)، فدمّر الأشعريون بيت النار الذي فيها، و بنوا أول مسجد هناك (القمي، 37). و قد أدى وصول الأشعريين إلى قم، إلى دخول وانتشار الإسلام و المعتقدات الشيعية. و بحسب رواية القمي (ص 278)، فإن أول من جعل تشيع هؤلاء القوم علنياً و سعى إلى الترويج لهذا المذهب كان موسى بن عبدالله بن سعد الأشعري. 
و لو أمكن التشكيك في كون أشعريي الكوفة شيعة، فإنه لاينبغي ــ على ما يبدو ــ التشكيك في تشيع أشعريي قم. فقد أعلن هؤلاء عن تشيعهم بعد قدومهم إلى قم بقليل و اهتموا بنشر التشيع، و حولوها بشكل سريع جداً إلى واحدة من قواعد التشيع. و قد نبغ من بينهم علماء و فقهاء و محدثون و متكلمون كبار كان مشاهيرهم حتى نهاية عصر الإمامة و بداية الغيبة الكبرى، على صلة‌ما بأئمة زمانهم و كانوا يروون الحديث عنهم، كما أخذ البعض منهم أحياناً وكالة إمام عصره في قم بشكل رسمي، و بهذه الطرق قدموا مساعدات جمة للأئمة (ع) و الفكر و الثقافة الشيعية، خاصة و أن الأشعريين وسّعوا من نفوذهم و سلطتهم في أماكن أخرى أيضاً. فحمزة بن اليسع الأشعري مثلاً كان يحكم قزوين أيضـاً فضلاً عن إمارتـه على قم. كمـا أضيفـت تدريجيـاً سـاوه و فراهان و تفرش وكاشان إلى المناطق الخاضعة للأشعريين (القمي، 263، 279). و مهما يكن، فقد نقل عن أئمة الشيعة أيضاً مدح بحق أشعريي قم و بشكل خاص بحق عدد منهم (مثلاً ظ: النجاشي، 91، 174، مخ‍ ؛ الكشي، 623-625، مخ‍ ؛ العلامة الحلي، 15، 75، مخ‍ (. و من المؤكد أن أسرة الأشعريين كانت منذ البدء تعدّ من أشهر الأسر العربية المسلمة بحسن السمعة. و قد رويت أحاديث كثيرة عن النبي (ص) في فضائل هذه الأسرة قبل الإسلام و بعده (ظ: مسلم، 2/1944-1945؛ أحمد‌بن‌حنبل، 4/164). بل قيل إن آيات من القرآن نزلت بحق الأشعريين (القمي، 272-277؛ السيوطي، 2/36-37). و من حيث معتقداتهم و آرائهم الكلامية أيضاً يتمتع الأشعريون بمنزلة خاصة في تطور الفكر الشيعي الإمامي، و من أبرز معتقداتهم ردّ فعلهم المتميز تجاه الغلوّ والغلاة، فهم لم‌يكونوا يطيقون أدنى كلام فيه غلوّ بحق الأئمة (ع). لهذا فإنهم لم‌يكونوا يوثِّقون الكثير من الرواة الذين كانوا في عداد الغلاة بزعمهم، بل كانوا يتعاملون معهم بفظاظة أحياناً، وكمثال على ذلك، يمكن الإشارة إلى نفي أحمد بن محمد بن خالد البرقي من قم على يد أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري (ظ: القهپائي، 1/ 138). و يبدو أن هذا السبب هو الذي جعل أشعريي قم يُسمّون بالتقليديين (ظ: دانشنامه، 9/1224). و بطبيعة الحال، فإن الفكر المعتدلي للقميين كان موضع نقد بعض مشاهير الشيعة و منهم الشيخ المفيد (تـ 413ه‍( )ص135-136).
و كان أشعريو قم ــ و بسبب التشيع أيضاً ــ غير منسجمين تماماً مع جهازي الحكم في الدولتين الأموية و العباسية، فلم‌يكن هؤلاء يستقبلون غالباً الوالي غير الشيعي، و كذلك القاضي المعين من قبل الخليفة و لايسمحون له بدخول المدينة (القمي، 241). كما كانوا يدفعون الخراج للحكومة المركزية بصعوبة، و حين كانـوا يضطـرون إلـى الإذعـان لذلك، كانـوا يـدفعـون الخمـس و الحقوق الشرعية لإمامهم (م.ن، 279). و في الحقيقة فإن أشعريي قم كانوا مستقلين بأنفسهم عملياً، و كانوا يصطدمون أحياناً بالجهاز الحاكم، مما يؤدي أحياناً إلى اندلاع حالات تمرد وصراعات حادة وردت تفاصيلها في المصادر التاريخية. و لم‌تكن حالة العداء و الخلاف دائمة بين الأشعريين و الخلفاء العباسيين، فقد كان الخليفة يعيِّن منهم الأمراء أحياناً، كما حدث عندما وافق هارون الرشيد سنة 189ه‍ على طلب حمزة بن اليسع الأشعري باستقلال قم عن أصفهان. كان حمزة والياً على قم، كما تولى هذا المنصب من بعده ابنه علي (م.ن، 28، 101، 164). كما أن عامر‌بن عمران بن‌عبد‌الله الأشعري عُيِّن حاكماً على قم من قبل هارون‌الرشيد (م.ن، 164). و في 225ه‍ أرسل اليسع بن حمزة الأشعري إلى قم من قبل المعتصم لقياس مساحة بلاد قم (م.ن، 102).
و استناداً إلى القمي (ص 240-241)، فإن الأشعريين ظلوا في قم 280 سنة و عاشوا سنين مديدة بعزة و اقتدار، لكن خلافاً نشب بينهم بعد فترة، فثاروا ضد بعضهم و اتجهوا نحو الضعف بطبيعة الحال، و أخيراً فقدوا قوتهم و منعتهم في قم. 

المصادر

  ابن دريد، محمد، الاشتقاق، تق‍ : عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1378ه‍/ 1958م؛ ابن‌سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر؛ ابن فهد، محمـد، إتحاف الـورى بأخبار أم القـرى، تق‍ : فهيـم محمـد شلتوت، مكة، جامعـة أم القـرى؛ ابـن القاسم، يحيى، غايـة الأماني، تق‍ : سعيدعبـد الفتاح عاشـور، 1388ه‍/ 1968م؛ أحمـد‌ بن ‌حنبل، مسنـد، إستانبـول، 1401ه‍/1981م؛ أربـاب قمـي، محمد، تاريخ دار الإيمان قم ، تق‍ : مدرسي طباطبائي، قم، 1353ش؛ حسيني قمي، محمد، خلاصـة البلدان، تق‍ : مدرسي طباطبائي، قم، حكمت؛ خليفة بن خياط، الطبقات، تق‍ : سهيل زكار، دمشق، 1966م؛ دانشنامه؛ السمعاني، عبدالكريم، الأنساب، حيدرآباد الدكن، 1382- 1399ه‍/1962- 1979م؛ السيوطي، الخصائص الكبـرى، بيروت، 1405ه‍/1985م؛ الطبري، تاريخ؛ العلامة الحلي، الحسن، رجال، تق‍ : محمد صادق بحر العلوم، النجف، 1381ه‍/1961م؛ علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام،بغداد/ بيروت، 1976م؛ فقيهي، علي‌أصغر، تاريخ جامع قم، قم، حكمت؛ القمي، الحسن بـن محمد، تاريخ قم، تج‍ : الحسن بن علي القمي، تق‍ : جلال الدين الطهراني، طهران، 1361ش؛ القهپائي، عنايت الله، مجمع الرجال، قم، 1384ه‍ ؛ الكشـي، معرفـة الرجـال، اختيـار الشيـخ الطوسي، تق‍ : مهـدي رجائـي، قـم، 1404ه‍ ؛الكلبي، هشام، نسب معد و اليمن الكبيـر، تق‍ : ناجـي حسن، بيـروت، 1408ه‍/ 1988م؛ مسلـم بـن الحجاج، صحيـح، تق‍ : محمد فؤاد عبد الباقي، إستانبول، 1401ه‍/1981م؛ المفيد، محمد، «تصحيح الاعتقاد»، مصنفات، قم، 1371ش، ج 5؛ النجاشي، أحمد، رجال، تق‍ : موسى الشبيري الزنجاني، قم، 1407ه‍ ؛ ياقوت، البلدان                           

. حسن يوسفي إشكوري/ ه‍
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: