الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / الأسود العنسي /

فهرس الموضوعات

الأسود العنسي

الأسود العنسي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۲۲:۳۳:۳۰ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسْوَدُ الْعَنْسيّ، الأسود‌بن‌كعب بن عوف (مق‍ 11ه‍/‌632م)، من كبار اليمن، و من الذين ادعوا النبوة. لاتتوفر لدينا سوى معلومات قليلة عن حياته و ما نعلمه يعود إلى أواخر حياة النبي الأعظم (ص)، و ادعاء الأسود للنبوة و حروب الردة المختلطة بالأساطير.

كان الأسود من بني‌عنس أحد أرهاط قبيلة مذحج الكبيرة (ابن‌قتيبة، 65؛ المسعودي، 276؛ الدارقطني، 3/1622)، و قد ولد في خُبّان قرب نجران (الطبري، 3/185؛ الدارقطني، 2/745). يبدو أن أسـرة الأسود كانـت مـن «العباهلـة»، و لـذلك لقب الأسـود بـ‍ «عبهلة» (الطبري، 3/233؛ السهيلي، 7/445-446). و لكن العباهلة هو اسم ملوك اليمن المحليين الذين كان الحكم متوارثاً في أسرتهم، و كانوا يحكمون إلى جانب الحكام الإيرانيين الذين كانوا قد سيطروا على هذه المنطقة منذ عهد أنوشيروان و يبدو أن نسبهم كان ينحدر إلى ملوك حمير (الجاحظ، الحيوان، 7/101؛ أيضاً ظ: ابن سيده، 3/136؛ ابن منظور، مادة عبهل). و لعلنا نستطيع أن نعتبرهم من حيث الاستقلالية في الأمور الداخلية شبيهين بملوك السرير في العصر الساساني (ظ: كريستن سن، 84؛ أيضاً علي، 5/196).

و على أي حال، فقد بعث النبي (ص) في 10ه‍، أو 6ه‍ على رواية، ممثلين إلى القبائل و البلاد العربية دعوا الناس إلى الإسلام و منهم وائل بن حجر الذي كان هو نفسه من «أقيال» (= وجهاء) العرب، حيث بعثه برسالة إلى «الأقيال و العباهلة» (ابن سعد، 1/287؛ الهمداني، 2/ 338؛ ابن حجر، 3/ 628-629). كما قيل إن النبي (ص) أرسل جرير بن عبدالله البجلي إلى الأسود، و لكنه رفض الإسلام (البلاذري، 1/125). و اذا ما صحت هذه الرواية، فإنه يجب أن يكون الأسود من رؤساء القوم و حكامهم، أو من عباهلة اليمن كما يشير إلى ذلك لقبه. و مما يؤيد ذلك التفاف قبائل اليمن الكبرى حوله، و تمرده و حربه ضد جيش المدينة.

و على أي حال، فقد بدأت ثورة الأسود من غار خبان بالقرب من نجران و في عهد النبي (ص) (ابن هشام، 4/246؛ البسوي، 3/262؛ الطبري، 3/229-240) و لأن هذه الثورة لم‌تستمر سوى شهرين، أو 4 أشهر (ن.ص؛ أبوالفداء 1/64؛ ابن الوردي، 1/214) و لأنه توفي قبل وفاة النبي (ص) ببضعة أيام كما قيل (البلاذري، 1/127؛ الطبري، 3/240؛ ابن ماكولا، 2/543)، فإن من الممكن اعتبار ذي القعدة 10/شباط 632 بداية ثورته. و لكن هناك روايات أخرى تدل على أن ثورته و كذلك موته كانا بعد وفاة النبي (ص) و في عهد خلافة أبي بكر (اليعقوبي، 2/130؛ الهمداني، 8/27؛ ابن حزم، 2/214).

بعد أن جمع الأسود القبائل اليمنية الكبيرة مثل مذحج و كندة و هَمْدان، هاجم أولاً نجران، و أخضع لسيطرته جميع أرجاء المنطقة الساحلية، و كذلك الأقسام الداخلية من شبه الجزيرة حتى حضرموت و حدود الطائف. فسارع شهر بن باذان (باذام) إلى محاربته بالقرب من صنعاء، و لكنه لم‌يصمد، فقتل، و سيطر الأسود بعد 25 يوماً على صنعاء أيضاً بعد الخروج من غار خبان (البسوي، البلاذري، ن.صص؛ الطبري، 3/229؛ ابن الأثير، 2/ 378). و لجأ معاذ‌بن‌جبل و ممثلو النبي (ص) الآخرون في اليمن إلى القبائل، و توجه عمرو بن حزم و خالد‌بن‌سعيد بن العاص إلى المدينة لطلب المساعدة (الطبري، 3/ 229-230).

و مع انتشار خبر خروج الأسود، بعث النبي (ص) أشخاصاً إلى القبائل اليمنية كي تهب لمعارضته (م.ن، 3/231؛ ابن‌عبد‌البر، 4/1551)؛ و منهم وَبر بن يُحَنَّس الذي أرسله إلى صنعاء (ابن‌حبيب، 151؛ الطبري، 3/134؛ الكلاعي، 152؛ ظ: كائتاني، II(1)/678، الذي أحتمل أن يكون مسيحياً). فاتحد مع فيروز

ودادويه، و قتلوا الأسود و هو نائم بمساعدة قيس بن هبيرة الذي كان قد استشعر الخطر على حياته، و بمعاونة مرزبانة زوجة الأسود الإيرانية (ابن حبيب، ن.ص؛ البلاذري، 1/126؛ الطبري، 3/235-239). و قد حدثت هذه الواقعة بعد وفاة النبي (ص) ببضعة أيام، وقيل إن خبرها بلغ أبا‌بكر (البلاذري، 1/127؛ الطبري، 3/235-236؛ المسعودي، 277؛ قا: اليعقوبي، 2/130؛ الهمداني، ن.ص). وبعد موت الأسود، قتل قيس بن هبيرة دادويه في حربه من أجل السلطة، و لإرضاء أصحاب الأسود (ابن سعد، 5/534؛ ابن‌كثير، 3/331؛ أيضـاً ظ: ن.د، الأنبـاء) و أخـرج الإيرانييـن مـن اليمـن، و أعلن أيضاً تمرده على أبي‌بكر، فبعث أبوبكر أشخاصاً للقضاء عليه وأخيراً أسر، و أرسل إلى المدينة (البلاذري، ن.ص؛ الطبري، 3/323 و مابعدها).

و قد رأى بعض المعاصرين، أن خروج الأسود كان ثورة ضد تواجد الإيرانيين في اليمن (الحداد، 1/170؛ قا: EI2,I/728)؛ ولكن يجب القول: إن من المستبعد أن يكون قد ثار لمجرد معارضته الإيرانيين ذلك لأنه وضع الإيرانيين في عداد حاشيته و أعوانه، كما أنه تزوج من امرأة إيرانية. و لعلنا يمكن أن نعتبر ثورة الأسود كارتداد البحرين، حيث كان المنذر بن النعمان قد ثار ضد أبي‌بكر بهدف إعادة حكم اللخميين (الطبري، 3/304؛ ابن الأعثم، 1/ 48-49)، فكانت ثورته محاولة لإعادة دولة اليمن و الحميريين القوية (ظ: الطبري، ن.ص) حيث كانت ذكراها مازالت عالقة فى أذهان الناس، خاصة و إن المذحجيين و أهل نجران وعدوا الأسود أن يكون له ملك نجران (الكلاعي، 151؛ النويري، 4/54 و ما بعدها).

و ليس من الواضح تماماً متى بدأ الأسود يسئ التعامل مع الإيرانيين. و ما يمكن أن نستنتجه من الروايات، أنهم كانوا يترددون بسهولة على بلاطه، و في بعض المصادر يبدو لنا ترتيب الأحداث بشكل يدلنا على أن سوء ظن الأسود بالإيرانيين واضطهاده لهم كانا بعد التقاء فيروز و دادويه بممثل النبي (ص) واعتناقهما الإسلام (ابن حبيب، 151؛ الطبري، 3/237؛ مجمل التواريخ....، 255). و من قبل ذلك أيضاً كان الأسود و حينما مثّل بالنعمان اليهودي الذي كان قد أسلم (ابن سعد، 5/535) قد أظهر عداءه لكل ماله علاقة بالإسلام و النبي (ص)؛ و ما ذكر فيما بعد حول شهادته على نبوة الرسول (ص)، كان في الغالب بفعل تأثير المناقشات الكلامية اللاحقة (ظ: المقدسي، 5/154؛ ابن حزم، 2/214، 225).

اعتبر الأسود من الشعراء العرب (الجاحظ، البيان...، 1/280). حيث كان يدعو الناس إلى نفسه بالكهانة و الحيلة (البلاذري، 1/126؛ الطبري، 3/185؛ المسعودي، ن.ص). و قد جاء في بعض المصادر أن شيطانين يدعيان «سحيق» و «شقيق» كانا يوحيان إليه مايقوله (البيهقي، 5/335-336؛ السهيلي، 7/146). و ذكر أبوالفرج الأصفهاني رواية عن لقاء الأعشى بالأسود مدحه فيها و استلم منه صلة (8/83).

 

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن الأعثم الكوفي، أحمد، الفتوح، حيدرآباد الدكن، 1968م؛ ابـن‌حبيب، محمد، «أسماء المغتالين من الأشـراف...»، نوادر المخطوطات، تق‍ : عبدالسلام هارون، القاهرة، 1373ه‍/1954م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة في تمييز الصحابة، القاهرة، 1328ه‍؛ ابن حزم، علي، الفصل، تق‍ : محمد إبراهيم نصر و عبدالرحمان عميرة؛ ابن سيدة، علي، المخصص، القاهرة، 1317ه‍؛ ابن عبدالبر، يوسف، الاستيعاب، تق‍ علي محمد البجاوي، القاهرة، مطبعة نهضة مصر؛ ابن قتيبة، عبدالله، المعارف، تق‍ : ثروت عكاشة، القاهرة، 1960م؛ ابن كثير، البداية؛ ابن‌ماكولا، علي، الإكمال، تق‍ : عبدالرحمان بن يحيى المعلمي، حيدرآباد الدكن، 1392ه‍/1972م؛ ابن منظـور، لسان؛، ابن الوردي، عمر، المختصر فـي أخبار البشر، تق‍ : أحمد رفعت البدراوي، بيروت، 1389ه‍/1970م؛ ابن هشام، عبدالملك، السيرة النبويه، تق‍‌: إبراهيم الأبياري و آخرون، القاهرة، 1355ه‍/1936م؛ أبوالفداء، المختصر في أخبارالبشر، بيروت، 1375ه‍/1956م؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، بيروت، 1390ه‍/1970م؛ البسوي، يعقوب، المعرفة و التاريخ، تق‍ : أكرم ضياء العمري، بغداد، 1396ه‍/1976م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تق‍ : صلاح الدين المنجد، القاهرة، 1956م؛ البيهقي، أحمد، دلائل النبوة، تق‍ : عبدالمعطي قلعجي، بيروت، 1405ه‍/1985م؛ الجاحظ، عمرو، البيان و التبيين، تق‍ : حسن السندوبي، القاهرة، 1351ه‍/1932م؛ م.ن، الحيوان، تق‍ : محمد أبوالفضل إبراهيم، بيروت، 1388ه‍/1969م؛ الحداد، محمد يحيى، تاريخ اليمن السياسي، بيروت، 1407ه‍/1986م؛ الدارقطني، علي، المؤتلف و المختلف، تق‍ : موفق بن عبدالله، بيروت، 1406ه‍/1986م؛ السهيلي، عبدالرحمان، الروض الأنف، تق‍ : عبدالرحمان الوكيل، القاهرة، 1967م؛ الطبري، تاريخ؛ علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت، 1969م؛ كريستن سن، آرتور، إيران درزمان ساسانيان، تج‍ : رشيد ياسمي، طهران، 1367ش؛ الكلاعي البلنسي، سليمان، تاريخ الردة، تق‍ : خورشيد أحمد فاروق، القاهرة، دارالكتاب الإسلامي؛ مجمل التواريخ و القصص، تق‍ : محمد تقي بهار، طهران، 1318ش؛ المسعودي، علي، التنبية و الإشراف، ليدن، 1983م؛ المقدسي، المطهر، البدء و التـأريـخ، تق‍ : كلمان هـوار، بـاريس، 1916م؛ النويـري، أحمد، نهايـة الأرب، تج‍ : محمـود مهـدوي دامغانـي، طهـران، 1364ش؛ الهمدانـي، الحسن، الأكليـل، تق‍ : انستاس ماري الكرملي، بغداد، 1931م؛ اليعقوبي، أحمد، تاريخ، بيروت، دارصادر؛ و أيضاً:

 

Caetani, L., Annali dell’ Islām, New York, 1972; EI2.

محمد مهدي أميني/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: