إسْماعيلُ صَبْري (1270-1341ه‍/1854-1923م)، شاعر مصري، رحل إلى فرنسا بعد إنهاء دراسته في مسقط رأسه القاهرة. عاد إلى مصر بعد نيله شهادة البكلوريوس في القانون عام 1879م، و تولى منصب القضاء في وزارة العدل، فمحافظاً للإسكندرية في 1896م، ثم تقلد مناصب أخرى في وزارة العدل و انتهى به المطاف إلى اعتزال الأعمال الحكومية عام 1907م و هو في الستين من عمره ليتفرغ للنشاطات الأدبية (الرمادي، 220-221؛ الدسوقي، 2/ 319). و في أواخر حياته نزع نحو الزهد و نظم الزهديات وتوفي في القاهرة و له من العمر 69 سنة (الطناحي، 113-114؛ آل‌جندي، 2/447).

بدأ إسماعيل صبري نظم الشعر و هو في السادسة عشرة من عمره بأبيات في مدح الخديوي إسماعيل كانت تنشر آنذاك في مجلـة روضـة المـدارس (الدسوقـي، 2/327؛ الموسـوعـة ، 159-160)، و في البداية شغف بأشعار القدماء كما عُهد عليه، وكان مغرماً بشعر البحتري و حافظاً لديوان ابن الفارض، و على هذا نجد أشعارة تارة ناجحة و أخرى غير ناجحة في تقليده لهم (عبد‌الجليل، 392؛ الدسوقي، 2/324-327؛ الرمادي، ن.ص)، و قد تعـرض للنقـد و التقريع أحيانـاً بسبب هـذا التقليـد (الدسوقـي، 2/ 328-329؛ محرم، 128-129). و مع كل ذلك فقد أدت معرفته بالأدب الفرنسي إلى أن يعيد النظر إلى حدّما في أسلوبه الشعري، حيث أهمل النمط التقليدي تدريجياً و اتجه في التعبير عن عواطفه وأفكاره القومية و الوطنية نحو أسلوب جديد ( الموسوعة، 160؛ ضيف، 34). كانت موسيقى أشعاره سلسة و مطربة، و لهذا السبب عدّ من رواد الشعر الغنائي و كان شعره من أكثر ماغنى به المغنون (الرمادي، 225-226؛ آل جندي، 2/447؛ الفاخوري، 4/447). كان شاعراً مقلاً، مجيداً في اختيار الألفاظ الرقيقة ولهذا كان شديد الإصرار على تهذيب شعره الذي لم‌يتجاوز أحياناً 3 أو 4 أبيات (ضيف، ن.ص؛ عطا الله، 2/345).

يحتل الغزل بعد المديح أكبر حجم من أشعار صبري، إلاّ أنه لم يأت بجديد فيه (العقاد، 250؛ الدسوقي، 2/335- 338).

و من الأغراض التي عُقد لها باب خاص في ديوان صبري، «الشكوى من الحياة»، حيث نجده ينبري إلى ذم الدنيا و المادة، ومع أن هذه الأشعار لم‌تنبئ عن أنه كان جاداً في نزوعه نحو الزهد و الهروب من الحياة، إلا أنها تدل على نظرته المتشائمة للحياة، و كان يرى الموت بداية الراحة و الأمن و يقول: مقابر من ماتوا مواطن راحة / فلاتك إثر الهالكين جزوعا / و إن تبك ميتاً ضمه القبر فادخر / لميت على قيد الحياة دموعا.

و الأغراض الشعرية التي أوردها صبري في زهدياته هي في الغالب نفس‌المعاني المكررة و المتداولة التي استخدمها الشعراء القدامى كأبي‌العتاهية و أبي‌العلاء المعري و صالح بن عبد‌القدوس في ذم الدنيا و الدهر (م.ن، 2/361-364).

و لصبري أشعار كثيرة في رثاء بعض الشخصيات و أصحاب البلاط و أصدقائه و قد حذا في رثائه حذو المشهورين في الرثاء كأبي‌تمام و ابن‌الرومي (م.ن، 2/365-367).

عدّ إسماعيل صبري باشا أحد كبار شعراء مصر و أستاذاً للشاعرين المعروفين أحمد شوقي و حافظ إبراهيم، و صنف في طبقة محمود سامي البارودي (كردعلي، 6؛ الأمين، 4/185).

جُمع ديوان صبري بعد وفاته على يد أحمد الزين، و تم نشره في 1938م.

و قد عاصره شاعر آخر كان له نفس الاسم و كنيته أبو أميمة (1303-1372ه‍/1886-1953م) و هو أقل شهرة من إسماعيل صبري باشا (ظ: الزركلي، 1/315)، له ديوان طبع عام 1938م في القاهرة بتحقيق أحمد كمال زكي و آخرون.

المصادر

آل‌ جندي، أدهم، أعلام الأدب و الفن، دمشق، 1958م؛ الأمين، حسن، الموسوعة الإسلامية، بيروت، 1399ه‍/1979م؛ الدسوقي، عمر، في الأدب الحديث، بيروت، 1970م؛ الرمادي، جمال‌الدين، «إسماعيل صبري»، مجمع اللغة العربية بدمشق، 1380ه‍/1961م، عد 3؛ الزركلي، أعلام؛ ضيف، شوقي، دراسات في الشعر العربي المعاصر، القاهرة، 1974م؛ الطناحي، طاهر أحمد، على فراش الموت، القاهرة، 1939م؛ عبدالجليل، ج. م.، تاريخ أدبيات عرب، تج‍ : آذرتاش‌آذرنوش، طهران، 1363ش؛ العريان، محمد سعيد، حياة الرافعي، القاهرة، 1366ه‍/1947م؛ عطا‌الله، رشيد يوسف، تاريخ الآداب العربية، بيروت، 1405ه‍/1985م؛ العقاد، عباس محمود، مجموعة أعلام الشعر، بيروت، 1970م؛ الفاخوري، حنا، الموجز في الأدب العربي وتاريخه، بيروت، 1985م؛ كردعلي، محمد، «شعر صبري»، مجلة المجمع العلمي العربي، ‌دمشق، 1362ه‍/1942م، عـد 18؛ محرم، أحمد،‌ «إسماعيل‌‌ صبري»، أبولـو، 1934م، ج 3 عد 1؛ الموسوعة العربية الميسرة، تق‍ : م.ش. غربال، القاهرة، 1965م.

عنايت‌الله فاتحي‌نژاد/ت.