إسلام کراي
cgietitle
1442/9/19 ۱۸:۳۷:۳۴
https://cgie.org.ir/ar/article/236181
1446/10/17 ۱۴:۳۲:۲۶
نشرت
7
إسْلامْ كِراي، اسم عدد من الحكام و أبناء الحكام المسلمين من الأسرة الجنكيزية «كراي» من سلالة جوتشي التي كانت تحكم في شبهجزيرة القرم خلال القرون 9-12ه/15- 18م:
ابنمحمد كرايخان الأول (تـ 929ه/1523م). خضعت دولة حكام القرم لنفوذ الدولة العثمانية منذ عهد مينغلي كراي في أواخر القرن 9ه/15م، و منذ ذلك الحين كان يعيش دوماً ابن أحد الحكام كرهينة في البلاط العثماني (أولياچلبي، 8/48، جودت، 2/261-262). و لأن الدولة العثمانية لمتؤيد حكم إسلام كراي، فإنه لمتصلنا سوى معلومات قليلة عن فترة حكمه. حتى إن البعض لميسجلوا اسمه في قائمة حكام القرم، و وصفه البعض في المرتبة العاشرة في ترتيب حكم الكرائيين (لينپول، 423، 425)؛ كما لميدر الحديث في بعض المصادر سوى عن حاكمين كرائيين كحكام للقرم و هما إسلام كراى الثاني و الثالث (ظ: تتمة المقالة) و لكن لميرد ذكر لإسلام كراي الأول (سامي، 2/940) و استناداً إلى قول زامباور (ص 367) فقد حكم إسلام كراي الأول خلال 932-939ه/1526-1533م، في حين أن بعض المصادر المتقدمة حدّدت عهد حكمه «الغاصب» بـ 5 أشهر فقط (كازيميرسكي، 365؛ جودت، 2/264) علماً أن في فترة حكم سعادت كراي الأول، ابنمنغلي كراي الذي حكم القرم بعد عزل غازي كراي في محرم 930/ تشرين الثاني 1523 (م.ن، 2/263) و الذي قتل بعد فترة غازي كراي الذي كان «قالغازي» أي ولياً للعهد (هامرپورغشتال، 2/ 968)، ظهر انشقاق بين كبار العائلة الحاكمة في القرم، أي الكرائيين، فقد أيدت فئة بقيادة سعادت كراي، الدولة العثمانية، فيما كانت فئة أخرى بزعامة إسلام كراي شقيق غازي كراي المقتول مؤيدة لاستقلال تتار القرم عن الدولة العثمانية و معادية للروس بشدة، و لكن إسلام كراي سرعان ما أخضع لسيطرته معظم القبائل الكبرى و أمسك بزمام السلطة الحقيقة في القرم (IA,V(2)/1104). و هكذا فقد كانت توجد في القرم قوتان متنافستان حتى تنحي سعادت كراي عن السلطة بعد 9 سنوات من الحكم، حيث كان إسلام كراي على رأس السلطة الحقيقة و لكن بشكل غير رسمي (ن.ص).
هاجم إسلام كراي في 933ه/1527م الإمبراطورية الروسية، ودحرها حتى منطقة رازان (ريازان)، و هدد موسكو. و في داخل القرم دخل في معارك ضارية مع سعادتكراي بهدف الثأر لأخيه في الظاهر و قد استمرت هذه المعارك حوالي 5 سنوات (ن.م، أيضاً جودت، ن.صص؛ هامرپورغشتال، 2/ 969). و أخيراً خرج سعادت كراي لمواجهة إسلام كراي بالتعاون مع بالي بك حاكم كفة العثماني، و شاهين بك، حاكم آزاق (آزف) إلى الجوار من نهر دون بالقرب من ميناء آزاق، و لكنه هزم أمامه هزيمة فادحة، و هرب إلى إستانبول (شوال، 938/ أيار 1532). ثم جلس إسلام كراي على مسند حكم القرم و نصب أخاه أوزبك كراي «قالغازي» ولياً للعهد (الپچوي، 1/171؛ كازيميرسكي، ن.ص، عطايي، 94؛ IA، ن.ص). و لكن هذا الوضع لميدم طويلاً، فعندما أدرك إسلام كراي أنه لايقوى على مواجهة سليمان القانوني، السلطان العثماني المقتدر، ندم على ماقام به، و أوكل تعيين حاكم القرم إلى السلطان العثماني في رسالة بعثها إليه (IA، أيضاً كازيميرسكي، ن.صص).
و كتب مرسوم حكم القرم في ربيع الأول 939/تشرين الأول 1532 باسم صاحب كراي ابن منغلي كراي و عم إسلام كراي وجلس الحاكم الجديد على مسند الحكم و عين إسلام كراي ولياً للعهد (جودت، 2/264)، و لكن السياسات المزدوجة ظلت قائمة في القرم و بلغت هذه الازدواجية حداً بحيث أن إسلام كراي المعادي للروس، انضم إليهم في عهد ولاية العهد، تنافساً مع صاحب كراي المؤيد للدولة العثمانية. فعندما هاجم حاكم القرم في 940ه/1533م الإمبراطورية الروسية، نبه إسلام كراي الذي كان يرافق هو نفسه صاحب كراي، فاسيلي ملك الروس في رسالة إلى هذا الهجوم و لكن الروس واجهوا في البدء هزيمة ساحقه رغم اتخاذهم للتدابير اللازمة (رمزي، 100-101)، إلا أنهم انتصروا أخيراً على التتار بالقرب من زرايسك (هاورث، II/(1)479).
و على أثر هزيمة صاحب كراي، ظهرت مرة أخرى الازدواجية السرية في جهاز حكم القرم، و هب إسلام كراي لمحاربة الحاكم مستعيناً بالروس. و من الجانب الآخر، أمر صاحب كراي الذي كان قد علق الآمال على دعم العثمانيين له، الأمير باقي بك أحد رؤساء قبيلة منصور، بقتل ولي العهد. فهزم إسلام كراي و طلب الأمان، و لكنه قتل بعد فترة خلال هجوم باقي بك (كازيميرسكي، 366-368). و قذ ذكر تاريخ هذا الحدث في المصادر على أنه 944ه (زامباور، 367) و كذلك 940ه (IA، ن.ص). و قد كان له من العمر 45 سنة عند مقتله (ن.ص) أو 30 سنة على رواية أخرى (كازيميرسكي، 365). و لمتعرف في عهد حكم إسلام كراي عنه عملة نقدية باسمه (هاورث، ن.ص). و بمقتل إسلام كراي زالت الفئة المؤيدة للاستقلال (عن الدولة العثمانية) في القرم، و سيطر العثمانيون مرة أخرى عليها (IA، ن.ص).
ابندولت كـراي خـان (تـ 985ه/ 1577م)، الحاكم الحادي عشر من أسرة الكرائيين في القرم (زامباور، ن.ص؛ أيضاً ظ: بازورث، 236) و أول ابن حاكم تتار رهينة في البلاط العثماني تولى حكم القرم («دائرة المعارف...») XVII/370).
تم إرساله في عهد حكم أبيه كرهينة إلى إستانبول حسب الأعراف السائدة آنذاك، و كانت له مكانة في بلاط السلطان سليمان القانوني و السلطان سليم الثاني، و لكنه رحل إلى قونية مع جلوس السلطان مراد الثالث (982ه/1574م) عندما لميعد يتمتع بمكانته السابقة و عاش حياة متواضعة بعد دخوله في حلقة المتصوفة المولويين (جودت، 2/266؛ هامرپورغشتال، 2/1512).
و في 992ه/1584م أطاح عثمان باشا القائد العثماني بحاكم القرم محمد كراي شقيق إسلام كراي، بسبب تمرده على أوامر السلطان العثماني، فتولى الحكم قالغاي و أخوه ألب كراي، و لكن محمد كراي الذي مايزال يعتبر نفسه حاكم القرم، حاصر عثمان باشا في قلعة كفه. و مع تحرك قوات الإسناد العثمانية إلى القرم، استدعى إسلام كراي في الفور من قونية إلى إستانبول و توجه إلى القرم بالمرسوم الخاني (سلانيكي، 143-144؛ الپچوي، 2/90-91؛ منجم باشي، 3/553؛ جودت، هامرپورغشتال، ن.صص). وبوصول قوات الإسناد إلى كفه و انتشار خبر دخول الحاكم الجديد، انفصل معظم التتار في القرم و خاصة النبلاء و رؤساء القبائل، عن محمد كراي، و انضموا إلى إسلام كراي، و تم تعيين ألب كراي وليعهد لإسلام كراي و قتل محمد كراي خان و هو في حالة الهروب على يد أخيه ألب كراي، أو على يد إسلام كراي نفسه (سلانيكي، الپچوي، ن.صص؛ منجم باشي، 3/554). ثم هاجم سعادت كراي ابن الحاكم المقتول، على حين فجأة «باغجهسراي» مقر الحاكم، بمساعدة أمراء نوغاي الكبير، انتقاماً لأبيه (جودت، ن.ص). فاضطر إسلام كراي لأن يلجأ إلى القوات العثمانية في قلعة كفه بعد أن جرح (رمضان، 992) و طلب المساعدة من الدولة العثمانية (سلانيكي، 149). و أخيراً، تغلب إسلام كراي على سعادت كراي و أجبره على الهروب، بمساعدة قبودان قليج علي باشا و عثمان باشا الصدر الأعظم الذي كان قد أرسل من إستانبول لمساندته، و ذلك في معركة نشبت في سهل أندال، و جلس هو نفسه مرة أخرى على مسند الحكم منتصراً في أواخر 992ه/1584م (م.ن، 152؛ جودت، ن.ص؛ هاورث، II(1)/520).
و بذلك تجسد مرة أخرى النفوذ و التدخل العثمانيين في مصير القرم السياسي و رغم أن سعادت كراي هب لمحاربة الحاكم بعد فترة بعد أن أعد قوة من قزاقي دون، و تتار نوغاي، ولكنه هزم هذه المرة أيضاً أمام قوات ألب كراي قالغاي و هرب إلى الفولغا و أخيراً توفي في 999ه/1591م في سن الأربعين بين النوغائيين (كازيميرسكي، 379-380).
و في شوال 995/أيلول 1587 طلب قادة التتار من خلال إرسال سفير إلى إستانبول، من السلطان العثماني أن يبعث جيشاً بقيادة إسلام كراي خان كي يستولي على هشترخان (آستاراخان) و يغلق بذلك طريق نفوذ الروس (سلانيكي، 190-191). فما كان من البلاط العثماني إلا أن وعدهم بالمساعدة، و قرر أن يبعث إسلام كراي مع علي بك رئيس قبيلة شيرين و ميرزاوات نوغا الكبير إلى هشترخان، و لكن هذا الهجوم لميحقق نتيجة. و في هذه الفترة سلك قيصر روسيا نهجاً مسالماً مع حاكم القرم لأنه كان مهدداً من قبل بولونيا، بل إنه كان يحاول أن يكسب تعاونه في مواجهة بولونيا و أوكرانيا. و من جهة أخرى ذكّرت الدولة العثمانية مبعوث القيصر أن يمنع هجوم القزاق المدعومين من قبل روسيا على المناطق العثمانية، و يحول دون سوء معاملة المسلمين في روسيا (إينالجيك، 394؛ هاورث، II(1)/521-522). ثم إن تتار القرم الذين كانوا يخشون أن تبقى أهالي بلادهم عزلاء، أمام الروس بعد تحركهم إلى هشترخان، قرروا أن يهاجموا روسيا مباشرة (إينالجيك، ن.ص). و يبدو أن إسلام كراي هاجم منطقة الشركس في هذه الفترة و عاد بغنائم كثيرة. و عند العودة، هاجم بُغدان (ملدافيا) دون إذن من السلطان العثماني و نهب النوغائيين فيها عندما بلغه تجاسر واليها عليه. و بعد أن علم السلطان العثماني بماحدث أمر حاكم القرم أن يعيد ما كان قد أخذه من ملدافيا، فامتثل الحاكم لأمره (كازيميرسكي، 380). و من إجل إثبات ارتباطه بالدولة العثمانية، أمر لأول مرة في تاريخ حكام القرم أن يذكر اسم السلطان العثماني في الخطب قبل اسم الحاكم. و رغم أن هذه العادة استمرت منذ ذاك الحين، و لكن العملة كانت ماتزال تضرب باسم حكام القرم (جودت، 2/267؛ غروسيه، 778).
و في أواسط جمادى الأولى 996 توفي إسلام كراي خان وهو في طريق هجومه على الإمبراطورية الروسية (سلانيكي، 201) ودفن جثمانه إلى جوار مسجد آقاكرمان الكبير (ه م). و قيل إنه قتل مسموماً. و ولي من بعده أخوه غازي كراي على حكم القرم من قبل السلطان العثماني (هامرپورغشتال، 2/ 1558). و قد وصف إسلام كراي بأنه عاقل و مدبر و كامل و صاحب علم (جودت، ن.ص).
أكبر أبناء سلامت كراي، و الحاكم الحادي و العشرون من أسرة كراي في القرم (زامباور، 368).
أسر في عهد حكم جاني بك كراي (عزل و نفي في 1032ه/1621م)، في إحدى المعارك مع بولونيا، حيث كان يرافق وليالعهد و بقي في الحبس 7 سنوات في بولونيا. و في فترة الأسر، شارك مع التتار المرافقين له في بعض حروب البولونيين مع أعدئهم، و تفيد رواية بأن ملك بولونيا أطلق سراحه عندما رأى بطولاته و شجاعته، و استناداً إلى رواية أخرى فقد بودل مع 10 من كبار الأسرى البولونيين لدى العثمانيين بناء على معاهدة السلطان مراد الرابع مع بولونيا (IA,V(2)/1105-1106؛ سامي، 2/940؛ نعيما، 4/82-83). و في عهد حكم أخيه بهادر كراي (1046-1051ه/1636-1641م) عين ولياً للعهد و في الأسفار الحربية لآزاق قمع المتمردين من قبيلة منصور، خدم خدمة حسنة (ن.ص).
و بعد وفاة بهادر كراي، لميتم تأييد حكم سلامت كراي بسبب معارضة الصدر الأعظم العثماني، قره مصطفى باشا فاختير أخوه الأصغر محمد كراي، ثم استدعي إسلام كراي إلى إستانبول و أسكن في قلعة سلطانية. (IA,V(2)/1106). و رغم أن حاجبه سعى كثيراً بعد مقتل قره مصطفى لأن ينتزع الحكم لإسلام كراي، و لكن كتاب محمد كراي بلغ الباب العالي في تلك الأثناء مؤكداً فيه أن حكمه سوف لايكون قوياً و مستقلاً و بعيداً عن الشائعات ما لمينفِ إسلام كراي إلى رودس. فنفى إسلام كراي إلى رودس، و لكن الدولة العثمانية عزلت بعد فترة محمد كراي بسب سوء تدبيره و اتهامه بقتل باشا كفه. ثم جيء بإسلام كراي من رودس إلى إستانبول و نفي محمد كراي بدلاً منه إلى تلك الجزيرة (نعيما، 4/83-85).
وفد إسلام كراي على السلطان العثماني و عين خاناً (حاكماً) من قبله و تعهد بأن يكون خادماً للسلطان (م.ن، 4/85-86).
و بعد عودة إسلام كراي إلى القرم، عين أخاه قريم كراي ولياً للعهد، و غازي كراي نورالدين (ولياً للعهد الثاني)، و بعد موت قريم كراي، نصب غازي كراي ولياً للعهد و أخاه الآخر عادل كراي نوراً للدين. و عين حاجبه سفر غازي آغا الذي لعب دوراً كبيراً في بلوغ إسلام كراي الحكم، في منصب «باش آغاليق» (أمير الأمراء) (IA، ن.ص؛ هاورث، II(1)/547).
تغلب إسلام كراي منذ بداية حكمه على الشراكسة عبر التدخل في شؤون بلادهم الداخلية، و لكن سرعان ماظهرت داخل الهيئة الحاكمة للقرم انشقاقات ملفتة للنظر. فمن جهة كان «أولوغ آغا» أي سفر غازي آغا يعتبر نفسه الدستور الأكرم و المشير الاُفخم و الوزير الأعظم و الوكيل المطلق للخان، كما كان رؤساء قبائل القرم الأربع الكبرى يؤيدونه. و في الجانب الآخر. كان قريم كراي ولي العهد يعتمد على القوات القابوقولية المرتزقة من الحكومة، و أخيراً أدى التنافس بينهما إلى نشوب حرب أهلية في القرم (IA,V(2)/1107). فقطع أولوغ آغا مرتبات الجنود فهددوه بالقتل. فسجنه الخان، و لكنه مالبث أن هرب و اختفى بطريقة مابين قبائل التتار (نعيما، 4/225؛ IA، ن.ص). و اقترح وجهاء العشائر التتارية الذين كانوا ساخطين على حاكم القرم من قبل أيضاً، شروطاً صعبة للمصالحة كان من جملتها إبقاء الخان أولوغ في منصبه السابق (ن.صص). و لكن الخان رفض هذا المقترح، ثم هزم كبار القبائل في معركة نشبت في 1055ه/1645م بين آق مسجد و قره سو، و انطلقوا مع قبائلهم باتجاه السهول، و لكن خان القرم لميسلم حتى بعد ذلك من هجمات هذه القبائل و بعد معركة دموية حدثت في 1057ه/1647م بالقرب من أورقابي بينهـم، اضطر إسلام كـراي إلـى أن يذعـن لمطالب المعارضيـن و يعيد سفرغازي لمنصبه السابق و هكذا، تفوقت القوات المعارضة للخان في القرم (IA، ن.ص).
لمتسر العلاقات بين إسلام كراي و الروس على وتيرة واحدة. فبعد جلوسه، واصل خطة محمد كراي الحربية في الهجوم على روسيا (نعيما، 4/86) و كللها بالانتصار، و وافق القيصر الروسي، ميخائيل رومانوف عى أن يرسل إتاوات سنوية و هدايا. و في أواخر 1054ه/1644م أقسم إسلام كراي في حضور مبعوثي القيصر على الصلح و الصداقة مع روسيا (IA,V(2)/1106؛ جودت، 2/271)، و لكن جيشاً من قبل الخان هاجم موسكو بقيادة غازي كراي نورالدين في شتاء السنة التالية و أسر 300,6 نسمة من القوات الروسية (IA، ن.ص). و في السنة التالية، تقدم الروس باتجاه آزاق و القرم بعد أن شكوا هجوم التتار للسلطان العثماني. و هزم الروس في المعركة التي نشبت بالقرب من قلعة آزاق بينهم من جهة و بين القوات المتحالفة مع خان القرم و الدولة العثمانية من جهة أخرى، و أسر 400 منهم، و بعد أن علم الباب العالي بهذا الانتصار، أرسل الخلعة و السيف إلى إسلام كراي (نعيما، 4/225-226).
و يبدو أن خان القرم أسر في هذه الفترة أكثر من 40 ألفاً خلال هجوم آخر على روسيا، و لكن إعلان هذا الفتح للباب العالي لميؤد إلى تقدير الخان و حسب، بل إن الوزير الأعظم أحمد باشا غضب على مبعوث الخان لأن إسلام كراي هاجم بلاد الروس في حين أنهم تصالحوا مع الدولة العثمانية. فما كان من الخان إلا أن رضخ لأوامر السلطان و أجاب أنه كان ينوي إجبار ملك روسيا على الامتثال للسلطان العثماني كما فعلت ملدافيا (م.ن، 4/286-287). و قد اعتبرت مبادرة الخان هذه دليلاً على تحركه المستقل وسياسته الفاعلۀ إزاء السياسة الانفعالية و الانعزالية للدولة العثمانية أمام القوى في شمال البحر الأسود (ظ:IA,V(2)/1107). ثم عقد قيصر روسيا معاهدة صداقة مع إسلام كراي و تقرر بموجبها أن يبعث الروس خراجاً سنوياً إلى القرم. و بغض النظر عن الهجوم الفردي لقبيلة شيرين على بلاد الروس في 1057ه/1647م، فقد استمرت معاهدة الصلح هذه حتى نهاية حكم إسلام كراي، حتى إن خان القرم طرح في 1063ه/1653م على الروس مشروع عمل عسكري مشترك ضد بولونيا، و لكن إسلام كراي تصالح مع بولونيا في السنة التالية، و توفي الخان بعد فترة قصيرة دون أن يرى هذا المشروع النور (ن.م، V(2)/1106).
و فيما يتعلق بعلاقات إسلام كراي مع بولونيا، يجب القول إن خان القرم بعث في بداية حكمه سفيراً إلى ملك بولونيا طلب منه أن يوسع علاقات الصداقة بين البلدين أكثر من ذي قبل؛ حتى إنه اقترح أن يدعم ملك بولونيا في محاربته القزاق في زابورغ (ساري قميش) التابعة لبولونيا ــ حيث كانت أعمالهم تؤدي إلى توتر العلاقات بين الطرفين، و لكن لمتمض مدة طويلة حتى أعرض القزاق أنفسهم و الذين كانوا يهاجمون من قبل سواحل البحر الأسود، و يحاربون المسلمين أحياناً، عن ملك بولونيا، وأعلنوا في 1056ه/1646م تبعيتهم لخان القرم (نعيما، 4/285-286). و قيل إن سبب هذا التغيير في الموقف، الإهانة الصريحة للنبلاء و مجلس بولونيا، لقائد القزاق المعروف (هاورث، II(1)/547؛ نعيما، ن.ص). فما كان من الخان إلا أن استقبل بحرارة رؤساء القزاق بسبب تأخر ملك بولونيا في إرسال الخراج السنوي، و تعهد بأن يدعمهم في حربهم مع بولونيا، ثم هاجمت القوات المتحالفة مع خان القرم و القزاق في نفس السنة روسيا و بولونيا، و عادت محملة بغنائم كثيرة و أسرى عديدين (IA,V(2)/1107). و قد كان انضمام 40 ألفاً من القزاق إلى إسلام كراي إنجازاً مهماً كان يشير و يستند إليه متباهياً في جوابه على الرسالة التي بعثها إليه الوزير الأعظم العثماني معاتباً إياه (نعيما، 4/287؛ هاورث، II(1)/549).
و كان السلطان العثماني يؤجج في الخفاء تمرد القزاق خلال مباحثاته مع الروس و تصالحه معهم و أخيراً، تقرر عقد معاهدة صلح بين بولونيا و القرم و تعاهد ملك بولونيا بأن يدفع إتاوه سنويـة و 300 ألـف فلورين، و أن يعلن العفـو العام عن القـزاق و يعيد إليهم امتيازاتهم. و تعهد الخان بدوره بأن يدعم ملك بولونيا أمام أعدائه و أن يسحب قواته من بولونيا دون تأخير (ن.ص). و من الملاحظات المثيرة للدهشة في معاهدة الصلح هذه، أن التتار طلبوا الإذن بأن ينهبوا خلال خروجهم من بولونيا المناطق الواقعة في طريقهم. و رغم هذه المعاهدة، فقد حدثت مرة أخرى اشتباكات بين القوات القزاقية و التترية المشتركة و بين بولونيا (م.ن، II(1)/549-551). و في المرة الأخيرة، عندما قرر ملك بولونيا مع قوات من النمسا أن يهاجم منطقة القرم في 1063ه/1653م، اتجه إسلام كراي في 27 شوال/10 أيلول من نفس السنة من باغجهسراي إلى مناطق العدو (نعيما، 5/366). استمرت غارات التتار في تلك المناطق و المعارك المحدودة حتى الشتاء و في نهاية المطاف، رضخ البولونيون لشروط الصلح المقترحة من قبل الخان. و كان من جملة شروط هذه المصالحة إرسال خراج سنوي إلى القرم، و امتناع البولونيين من التطاول على أراضي السلطان و ولاية القزاق (م.ن، 5/370)، و لكن التتار التابعين للخان و الذين لميكونوا راضين عن هذه الحرب العديمة الغنائم بادروا إلى نهب المناطق الواقعة في طريقهم (27 محرم 1064ه/8 كانون الأول 1653م) و عادوا بغنائم و عدد من الأسرى (م.ن، 5/372؛ هاورث، II(1)/551-552).
و قيل إن إسلام كراي كان حاكماً مدبراً و شجاعاً و كان هو، أو وليعهده الأول، أو الثاني يحاربون الأعداء بشكل مستمر ولذلك، فقد امتلأت القرم بأنواع الغنائم في عهد حكمه. فكانت فترة حكمه مقترنة بالخير و البركة لذلك البلد (جودت، 2/271). وقد اعتبر أحد الحكام الكفوئين الأربعة في عهد الفتور الذي طرأ على حكام القرم. فكان مدعاة لشرف تلك الأسرة و عزتها (م.ن، 2/ 69).
و قد ذكرت المصادر حاكمين آخرين يحملان اسم إسلام كراي: أحدهما ولي العهد عادل كراي (حك 1076-1081ه( الحاكم الثاني و العشرون للقرم (هامرپورغشتال، 4/2463) و الآخر ابنشقيق قوبلاي كراي خان الأول (حك 1143-1149ه( الذي كان معاصراً لنادر شاه الأفشاري و الذي أرسل من قبل السلطان العثماني سفيراً إلى نادر شاه بعد الحرب بين إيران و الدولة العثمانية في محرم 1148 و التي انتهت بالصلح أخيراً (الإسترابادي، 261-262).
الإسترابادي، محمد مهدي، جهانگشاي نادري، تق : عبدالله أنوار، طهران، 1341ش؛ أولياچلبي، سياحت نامه، إستانبول، 1928م؛ بازورث، ك. إ.، سلسلههاي إسلامي، تج : فريدون بدرهإى، طهران، 1371ش؛ الپچوي، تاريخ، إستانبول، 1383ه؛ جودت أحمد، تاريخ، إستانبول، 1309ه؛ رمزي، م.م.، تلفيق الأخبار و تلقيح الآثار، أورنبورغ، 1908م؛ زامباور، معجم الأنساب، تج : زكي محمد حسن و آخرون، بيروت، 1400ه؛ سامي، شمس الدين، قاموس الأعلام، إستانبـول، 1306ه؛ عطايـي، عطـاء الله، حـدائق الحقائق فـي تكملـة الشقائـق، تقـ : عبدالقادر أوزجان، إستانبول، 1989م؛ غروسيه، رنه، إمپراتوري صحرانوردان، تج : عبدالحسين ميكده، طهران، 1353ش؛ لين پول، إستانلي و آخرون، تاريخ دولتهاي إسلامـي و خاندانهاي حكومتگـر، تج : صادق سجادي، طهـران، 1370ش؛ منجم باشي، أحمد، صحائف الأخبار، إستانبول، 1285ه؛ نعيما، مصطفى، تاريخ، إستانبـول، 1281-1283ه؛ هامرپورغشـتال، يـوزف، تاريخ إمپراتـوري عثمانـي، تج : ميرزا زكي عليآبادي، تق : جمشيدكيان فر، طهران، 1367- 1368ش؛ و أيضاً:
Howorth, H. H., History of the Mongols, New York, 1880; IA; İnalcık, H., «Osmanlı-Rus rekabetinin menṣei ve Don-Volga kanalı teṣebbüsü (1569)», Belleten, Ankara, 1948, vol. XII; Kazimirsky, A. and A. Jaubert, «Précis de l’histoire des khans de Crimée…», JA, 1833, vol, XII ; Selaniki, M., Tarih, ed. M. İpṣirli, Istanbul, 1989; Türk ansiklopedisi, Ankara, 1972.
يوسف رحيم لو/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode