الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / الأسدي الطوسي /

فهرس الموضوعات

الأسدي الطوسي

الأسدي الطوسي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/14 ۱۹:۳۷:۳۵ تاریخ تألیف المقالة

و الخلاصة فإن‌ أخبار التذكرات‌ القائلة بكون‌ الأسدي أستاذاً للفردوسي، و تشجيعه‌ على‌ نظم‌ الشاهنامه‌ و كذلك وجود أي نوع‌ من‌ القرابة بينهما، لاأساس‌ لها‌. و على‌ حد قول‌ الفردوسي (1/23-24)، فإن‌ الشخص‌ الذي دفعه‌ إلى‌ نظم‌ الشاهنامه‌ هو شاب‌ من‌ «جوهر الأبطال‌» من‌ المحتمل‌ جداً أنه‌ كان‌ منصور ابن‌ أبي منصور محمد بن‌ عبدالرزاق‌ (ع‌.ن‌)؛ و ليس‌ كما قال‌ دولتشاه‌ و الآخرون‌ من‌ أنه‌ أستاذ الفردوسي، أو قريبه‌، أو ابن‌ أخته‌ (للنسبة الأخيرة، ظ: هرن‌، 20، عبارة في بداية مخطوطة الفاتيكان‌ من‌ لغت‌ فرس‌).

و من‌ المحتمل‌ أن‌ التشابه‌ بين‌ الأثرين‌ الملحميين‌ الكبيرين‌، الشاهنامه‌ و گرشاسپ‌ نامه‌ أدى‌ إلى‌ أن‌ يربط مؤلفو التذكرات‌ والأشخاص‌ الآخرون‌ هذين‌ الشاعرين‌ الملحميين‌ الشهيرين‌ بعلاقة الأستاذ و التلميذ، أو القرابة. و على‌ هذا يجب‌ تجاهل‌ أخبار التذكرات‌ بشكل‌ كامل‌ في رسم‌ حياة الأسدي، و الاستناد أكثر إلى‌ المعلومات‌ المذكورة في آثاره‌ هو نفسه‌، كما يجب‌ أن‌ نضع‌ جانباً فرضية وجود أسديين‌ (الأب‌ و الابن‌)، آخذين‌ بنظر الاعتبار الدراسات‌ التي قام‌ بها تشايكين و برتلس‌ و خالقي مطلق‌. وحينئذ يمكن‌ رسم‌ حياة الأسدي كالتالي: من‌ المحتمل‌ أنه‌ ولد في أواخر القرن‌ 4ه‍/10م‌، أو السنوات‌ الأولى‌ من‌ القرن‌ 5ه‍/11م‌ في طوس‌. وترعرع‌ في مدرستها الشعرية، و تأثر بشكل‌ خاص‌ بالشاهنامه‌ للفردوسي، و لكنه‌ أقبل‌ أولاً على‌ نظم‌ القصائد، و نظم‌ قصيدة على‌ شكل‌ مناظرة (مناظرة العرب‌ و العجم‌) لأبي جعفر محمد، عميد نوقان‌، الذي كان‌ من‌ دهاقنة تلك المنطقة الإيرانيين‌. ثم‌ توجه‌ من‌ طوس‌ إلى‌ غرب‌ إيران‌ تزامناً مع‌ هجوم‌ التركمان‌ السلاجقة‌ (431ه‍)، و الجفاف‌ في خراسان. و في 447ه‍ كتب‌ في بلاط أبي نصر جستان‌، أمير طارم‌، كتاب‌ الأبنية لأبي منصور الهروي، ومدحه‌ في قصائده‌. و في حوالي سنة 455ه‍/1063‌م كان‌ يعيش‌ في بلاط أبي دلف‌ الشيباني حاكم‌ نخجوان‌، ومنذ هذا التاريخ‌ وحتى‌ 458ه‍ كان‌ منشغلاً في نظم‌ گرشاسپ‌ نامه‌. ثم‌ كتب‌ لغت‌ فرس‌، و في شيخوخته‌ سافر إلى‌ آني بدعوة من‌ حاكمها شجاع‌ الدولة منوچهر، و نظم‌ مناظرة «الرمح‌ والقوس‌» (ظ: «مناظرات‌»، 104 و مابعدها) لهذا الأمير الشدادي، و استأذن‌ في الأبيات‌ الأخيرة من‌ هذه‌ المناظرة (ص‌ 109، البيت‌ 57)، منوچهر أن‌ يعود إلى‌ «مأواه‌» الذي ربما كان‌ نخجوان‌، أو طوس‌.

توفي الأسدي في حدود سنة 465ه‍، و دفن‌ في محلة سرخاب‌ بتبريز، وسميت‌ المقبرة التي دفن‌ فيها بمقبرة الشعراء (ابن‌‌الكربلائي، 1/211؛ أيضاً ظ: سجادي، 252). و لذلك، ربما كان‌ بالإمكان‌ القول‌ إن‌ الأسدي كان‌ يعيش‌ في تبريز في أواخر عمره‌. وقذ ذكر ابن‌ الكربلائي (ن‌.ص‌)، بيتين‌ من‌ شعره‌ كانا قد نقشا على‌ شاهدة مزاره‌ (أيضاً ظ: الحشري، 116).

لم‌‌يمدح‌ الأسدي في آثاره‌ سوى‌ الإسلام‌ و النبي (ص‌) ماعدا ديباجة گرشاسپ‌ نامه‌، حيث‌ أشار فيها بعد مدح‌ النبي (ص‌) إلى‌ موضوع‌ الشفاعة (ص‌ 2، البيت‌ 11)، ثم‌ في الثناء على‌ الدين‌ بظهور المهدي (ع‌) (ص‌ 4، الأبيات‌ 26-33) في نهاية العالم‌، حيث‌ من‌ الممكن‌ أن‌ يدل‌ ذلك على‌ ميله‌ إلى‌ التشيع‌ (ظ: خالقي، «گردشي...»، 391). و يبدو أيضاً كما رأينا قبل‌ ذلك، من‌ مناظرة «العرب‌ و العجم‌» أن‌ الأسدي كان‌ يميل‌ إلى‌ الشعوبية في شبابه‌. ورغم‌ أنه‌ يهاجم‌ الديانة الزرادشتية في مناظرة «المسلم‌ والمجوسي» («مناظرات‌»، 79 و مابعدها). دفاعاً عن‌ الدين‌ الإسلامي، و لكنه‌ يميل‌ إلى‌ الروايات‌ الإيرانية القديمة، بحيث‌ أن‌ مشاعره‌ القومية العارمة دفعته‌ إلى‌ نظم‌ گرشاسپ‌ نامه‌. و على‌ أي حال‌، فإن‌ تأثير التعاليم‌ الإسلامية تبدو بوضوح‌ على‌ الأسدي، وهذه‌ التعاليم‌ لاتطالعنا في مناظراته‌ و حسب‌، بل‌ في گرشاسپ‌ نامه‌ أيضاً التي من‌ المفترض‌ أنها تقوم‌ على‌ وجهات‌ النظر القديمة قبل‌ الإسلام‌ فقط (ظ: برتلس‌، 23).

و يبدو بوضوح‌ من‌ بعض‌ المعلومات‌ المندرجة في گرشاسپ‌‌نامه‌ أن‌ الأسدي كان‌ يتمتع‌ بمعلومات‌ ملفتة للنظر في العلوم‌ الدينية و الفلسفة و التاريخ‌ و الجغرافيا و الفلك بالإضافة إلى‌ مهارته‌ في الشعر و نظم‌ الملاحم‌ (ظ: يغمائي، 2-3؛ فروزانفر، 441). و هو يبدي في هذه‌ المنظومة اهتماماً بالموضوعات‌ العلمية والدينية و الحكمية إلى‌ درجة أنه‌ لقب‌ بـ‍ «الحكيم‌» أو «أسد الحكماء» (ظ: النخجواني، 8، 10؛ هدايت‌، 1/286-287؛ أوحدي، مادة «حكيم‌ أسدي طوسي»؛ ريپكا، 269). كما كان‌ الأسدي مطلعاً أيضاً على‌ دواوين‌ الشعراء العرب‌، و قد استخدم‌ بعضاً من‌ مضامينها في گرشاسپ‌ نامه‌. و كما أظهر فروزانفر (ن‌.ص‌، ها 2) فإن‌ مضمون‌ بيتين‌ للأسدي ينطبقان‌ جيداً على‌ بيتين‌ للمتنبي الشاعر العربي الشهير.

 

آثـاره‌

1.گرشاسپ‌‌نامه‌. يقول‌ الأسدي في ديباجة هذه‌ المنظومة (ص‌ 13) عن ‌سبب‌ نظمها: في ذات‌ يوم‌ كان‌ دفتر «التاريخ‌ القديم‌» يقرأ في مجلس‌ وزير الشاه‌ أبي‌دلف‌ باسم‌ محمد و أخيه ‌‌إبراهيم‌ ابني إسماعيل الحصي، و عندما دارالحديث‌ عن‌ الفردوسي الطوسي وشاهنامته‌، اقترح‌ هذان‌ الأخوان‌ عليه‌ أن‌ ينظم‌ قصة‌ من‌ كتاب‌ «التاريخ‌ القديم‌» باسم‌ أبي‌دلف‌. فوافق‌ الأسدي، و أتم‌ بعد 3 سنوات‌ في 458 نظم‌ گرشاسپ‌ نامه‌، و أهداها إلى‌ أبي‌دلف‌ (ص‌ 476، البيت‌ 2، ص‌ 477- 478، ها 10، البيت‌ 4).

و ليس‌ لگرشاسپ‌ في الأفستا (كِرِشاسپَ في الأفستية بمعنى‌ صاحب‌ الحصان‌ الضامر) نسبة مع‌ الأسرة الكيانية، و لكن‌ وجوده‌ يعد مصدر سلسلة من‌ القصص‌ المرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع‌ تاريخ‌ الكيانيين‌ في الروايات‌ القومية. و يعد گرشاسپ‌ في الأفستا وكذلك النصوص الدينية البهلوية أقوى‌ الرجال‌، و القاتل‌ المعروف‌ للتنين‌، ومن‌ الخالدين‌، و لكن‌ بسبب‌ إهانته‌ للنار، وضربها بالسوط أمام‌ أورمزد، فقد منعت‌ النار روح‌ گرشاسپ‌ من‌ دخول‌ الجنة، و لكنه‌ استقر في البرزخ‌ بوساطة زرادشت‌، وسينهض‌ گرشاسپ‌ عند القيامة من‌ النوم‌ الطويل‌ كي يقتل‌ الضحاك مع‌ كيخسرو (كريستن‌ سن‌، 145- 148 و مابعدها). وباتساع‌ تاريخ‌ إيران‌ القصصي و إكماله‌ و الذي تم‌ بعد فترة تدوين‌ يشتها، لم‌‌يستطع‌ گرشاسپ‌ أن‌ يحتل‌ مكانة معينة في هذا التاريخ‌؛ ففي هذه‌ الفترة كان‌ موضع‌ منوچهر، ثم‌ أُزَو (= زو)، ونوذر بعد ذلك قد تعين‌ في الخارطة التاريخية لملوك إيران‌، ولذلك كان‌ من‌ الصعب‌ تعيين‌ مكانة مناسبة لگرشاسپ‌. و قد كان‌ مدونو الروايات‌ يعتبرونه‌ أحياناً وزيراً لأزو، أو مشاوره‌، و كان‌ ابن گرشاسپ و خليفته‌ و زال‌ و رستم‌، يؤدون‌ الدور الرئيس‌ في جميع‌ الحروب‌ التي حدثت‌ في فترة حكمه التي دامت‌ 5 سنوات‌ (م‌.ن‌، 187).

و قد نظم‌ الأسدي الطوسي منظومة گرشاسپ‌ نامه‌ لملء الموضع‌ الخالي تقريباً لگرشاسپ‌ في الشاهنامه‌ للفردوسي. و لكن‌ يجب‌ الالتفات‌ إلى‌ أن‌ أدوار گرشاسپ‌ في هذا المنظومة والشاهنامه للفردوسي و الأفستا و النصوص‌ الدينية البهلوية تختلف‌ عن‌ بعضها البعض‌. و يذكر الأسدي الروايات‌ التي تضفي على‌ گرشاسپ‌ نفس‌ القيمة التي افترضت‌ لرستم‌ في الشاهنامه للفردوسي، و بعض‌ المصادر الأخرى‌. و خلاصة قصة گرشاسپ‌‌نامه‌ هي كالتالي: بعد أن‌ هزم‌ جمشيد أمام‌ الضحاك، هرب‌ إلى‌ سجستان‌، و عشق‌ فيها إبنة الملك گورنج‌، ثم‌ تزوجها، وأنجبت‌ له‌ صبياً سماه‌ تور، و لكنه‌ عندما علم‌ أن‌ الضحاك عرف‌ بمكانه‌، هرب‌ أولاً إلى‌ بلاد الهند، ثم‌ إلى‌ الصين‌؛ حتى‌ وقع‌ أخيراً في الصين‌ في قبضة الضحاك ليقسمه‌ إلى‌ نصفين‌ بالمنشار. و من‌ بعد جمشيد حكم‌ في سجستان‌ ابنه‌ تور و جميع‌ أخلافه‌ و هم‌ حسب‌ الترتيب‌ شيدسپ‌، و طورج‌ و شم و أثرط. حتى‌ ولد لأثرط صبي اسمه‌ گرشاسپ‌، و هنا يبدأ تفصيل‌ قصة گرشاسب‌. فقد قتل‌ وله‌ من‌ العمر 14 سنة تنيناً‌ بناء على‌ طلب‌ من‌ الضحاك الذي كان‌ قد حل‌ ضيفاً على‌ أبيه‌ أثرط، و منذ هذا الوقت‌ أصبح‌ گرشاسپ‌ في خدمة الضحاك، فهجم‌ على‌ الهند، و هاجم‌ بعد عودته‌ منها القيروان‌ و البلاد الأخرى‌. ثم‌ قتل‌ العفريت‌ منهراس‌، ليرى‌ العجائب‌ في هذه‌ البلدان‌ كما حدث‌ في الهند. ثم‌ يذهب‌ إلى‌ بلاد الروم‌، ويتزوج‌ فيها من‌ ابنة ملكها‌، و يجمعه‌ حديث‌ مع‌ برهمن‌ الرومي. ثم يعود بعد ذلك إلى‌ إيران‌، و ينخرط في خدمة فريدون‌ تزامناً مع‌ موت‌ أبيه‌. و هنا يدخل‌ القصة نريمان‌ ابن‌ أخي گرشاسپ‌، ليسطر بدوره‌ الملاحم‌ و البطولات‌ و يحارب‌ گرشاسپ‌ ملك طنجة وله‌ من‌ العمر 700 سنة، ليموت‌ أخيراً وله‌ من‌ العمر 733 سنة (ظ: خالقي، «گردشي»، 396-397).

و لم‌‌يتحدث‌ الأسدي بصراحة عن‌ مصدره‌ في نظم‌ گرشاسپ‌‌نامه‌. فهو يقول‌ في بداية المنظومة: كان‌ يوجد كتاب مذكرات للوجهاء حول‌ گرشاسپ‌ لم‌‌يذكره‌ الفردوسي في الشاهنامه‌؛ في حين‌ أن‌ قصة گرشاسپ‌ هي فسيلة تفرعت‌ من‌ نفس‌ الشجرة التي تيبست‌، و ذبلت‌، و أصبحت‌ عديمة الثمار (ص‌ 19، البيت‌ 1، ص‌ 20، الأبيات‌، 16- 18). و لكن‌ ما اسم‌ هذا الكتاب‌، ومن‌ كان‌ مؤلفه‌؟ نقل‌ المؤلف‌ المجهول‌ لكتاب‌ تاريخ‌ سيستان‌ (ص‌ 3-5) معلومات‌ عن‌ گرشاسپ‌ تتفق‌ عناوينها على‌ نفس‌ الترتيب‌ مع‌ گرشاسپ‌ نامه‌ للأسدي، و لكنه‌ لم‌‌يذكر هو أيضاً مصدره‌ هنا، واكتفى‌ بالقول‌ إن‌ قصة گرشاسپ‌ طويلة، و أنها ستذكر كلها في كتابه‌ (ن‌.ص‌). و بغض‌ النظر عن‌ بعض‌ التناقضات‌ الجزئية، حيث‌ تختلف‌ رواية بناء مدينة سجستان‌ في تاريخ‌ سيستان‌ (ص‌ 2-4) عن‌ گرشاسپ‌ نامه‌ (ص‌ 267- 269)، يمكن‌ الاستنتاج‌ أن‌ گرشاسپ‌ نامه‌ ليس‌ مصدر تاريخ‌ سيستان‌، و أنهما استندا إلى‌ مصدر مشترك حول‌ گرشاسپ‌. و يقول‌ مؤلف‌ تاريخ‌ سيستان‌ في موضع‌ آخر (ص‌ 35-37) عند نقل‌ رواية ناركركوي (موضوعها فتح‌ قلعة آذرگشسپ‌ على‌ يد كيخسرو و رستم‌) إنه‌ أخذ هذه‌ الرواية من‌ كتاب‌ باسم‌ كتاب‌ گرشاسپ‌ لأبي المؤيد البلخي (ن‌.ع‌). و على‌ هذا يمكن‌ التخمين‌ على‌ أساس‌ هذه‌ الرواية أن‌ مصدر گرشاسپ‌ نامه‌ هو أيضاً كتاب‌ گرشاسپ‌ المذكور في تاريخ‌ سيستان‌. إلا أن‌ ما يزعزع‌ أسس‌ هذه‌ الفرضية هو أنه‌ لم‌‌يرد ذكر في گرشاسپ‌ نامه‌ لنار كركوي التي تعود إلى‌ عهد كيخسرو ورستم‌، و مؤلف‌ تاريخ‌ سيستان‌ يشير صراحة إلى‌ اسم‌ مصدره‌ ومؤلفه‌ عندنقل‌ هذه‌ الرواية و ينقل‌ مؤلف‌ تاريخ‌ سيستان‌ في 4 مواضع‌ أخرى‌ (ص‌ 13-14، 16- 18) معلومات‌ حول‌ عجائب‌ سجستان‌ عن‌ أبي المؤيد البلخي، لم‌‌يرد أي منها في گرشاسپ‌‌نامه‌ الملئ بسرد العجائب‌ (ظ: خالقي، ن‌.م‌، 400-402) ولكن‌ نقلت‌ من‌ كتاب‌ أبي المؤيد الآخرى‌ الذي ذكره‌ البلعمي (ص‌ 132-133) باسم‌ شاهنامۀ بزرگ‌ معلومات‌ عن‌ جمشيد، تماثل‌ تماماً قصة جمشيد في بداية گرشاسپ‌ نامه‌ (ص‌ 21 وما بعدها). و يستنتج‌ خالقي (ن‌.م‌، 403) أن‌ مصدر الأسدي في گرشاسپ‌ نامه‌ (كذلك مصدر تاريخ سيستان)، كان‌ قسماً من‌ الشاهنامه‌ لأبي المؤيد البلخي؛ و لكنه‌ يذكّر (ن‌.م‌، 403-405). بأن هناك عوائق‌ تتعرض‌ هذه‌ الفرضية، و منها استناداً إلى‌ أخبار البلعمي (ص‌ 133) أن‌ سام‌ هو حفيد گرشاسپ‌ في الشاهنامه‌ لأبي المؤيد، و لكنه‌ ابن‌ أخيه‌ في گرشاسپ‌ نامه‌ للأسدي (ص‌ 328، الأبيات‌ 16- 18، ص‌ 432، الأبيات‌ 1-3). و من‌ العوائق‌ الأخرى‌ أن‌ هناك سؤالاً يبقى‌ دون‌ جواب‌ و هو: لماذا ذكر مؤلف‌ تاريخ‌ سيستان‌ أبا المؤيد بالاسم‌ كلما نقل‌ موضوعاً عنه‌، و لكنه‌ لم‌يذكر اسماً لمؤلف‌ مصدره‌ الذي نظنّه‌ أبا‌المؤيد، عندما ينقل‌ خلاصة أخبار گرشاسپ‌ بالضبط.

نستنتج‌ من‌ كل‌ ذلك، و كما يبدو بوضوح‌ من‌ الأبيات‌ الأولى‌ لگرشاسپ‌‌نامه‌، فإن‌ من‌ المرجح‌ أن‌ مصدر الأسدي كان‌ كتاباً مستقلاً حول‌ أعمال‌ گرشاسپ‌ كتبه‌ أبوالمؤيد البلخي، و قد ذكر في تاريخ‌ سيستان‌ تحت‌ عنوان‌ كتاب‌ گرشاسپ‌. و ربما كان‌ شاهنامۀ بزرگ‌ أيضاً كتاباً آخر لأبي المؤيد، كان‌ يضم‌ أخبار گرشاسپ‌ بالإضافة إلى‌ أخبار أبطال‌ مثل‌ نريمان‌ و سام‌ و كيقباد (ظ: مجمل‌ التواريخ‌ ...، 2). و يمكن‌ الاحتمال‌ بأن‌ الأسدي الطوسي تجاهل‌ روايات‌ من‌ كتاب‌ گرشاسپ‌ لأبي المؤيد و خاصة ما كان‌ مرتبطاً منها برستم‌ الذي كان‌ من‌ أحفاد گرشاسپ‌، و ربما كان‌ السبب‌ أنه‌ لم‌‌يكن‌ يريد أن‌ يدخل‌ منظومته‌ بطل‌ معروف‌ مثل‌ رستم‌، ليلقي بظلاله‌ على‌ بطولات‌ گرشاسپ‌. و يبدو أن‌ الأسدي أسقط لهذا السبب‌ رواية ناركركوي المرتبطة بأعمال‌ رستم‌ والتي كانت‌ في كتاب‌ گرشاسب‌ لأبي المؤيد البلخي برواية تاريخ‌ سيستان‌ (ص‌ 35-37). و هو نفس‌ العمل‌ الذي أقدم‌ عليه‌ الفردوسي على‌ حد زعم‌ الأسدي (گرشاسپ‌ نامه‌، 19-20) وتجاهل‌ أمام‌ رستم‌ بطولات‌ گرشاسپ‌عن علم.

يقول الأسدي (ن‌.م‌، 21، البيت 1) في بداية قصـة گرشاسپ‌:

سراينـده دهـقـان مـوبـد نــژاد زگفت‌ دگر‌ موبدان‌ كرد ياد

و يبدو أن‌ هذا الناظم‌ الدهقان‌ المنحدرة أصوله‌ إلى‌ الموبذين‌ لاعلاقة له‌ بأبي المؤيد، و يبدو أنه‌ راوي مصدره‌ نفسه‌ الذي بقي في منظومة الأسدي (ظ: خالقي، «گردشي»، 404). و الخلاصة، يبدو أن‌ الأسدي نظم‌ گرشاسپ‌ نامه‌ على‌ أساس‌ مصدر مدون‌، كما يظهر أن‌ مواضيعها ليست‌ من‌ بنات‌ أفكار الشاعر، عدا المحسنات‌ الأدبية، و تصوير المشاهد، و الأوصاف‌.

و رغم‌ أن‌ الأسدي يذعن‌ في أوائل‌ گرشاسپ‌‌نامه‌ بأن‌ الفردوسي حاز على‌ قصب‌ السبق‌ في البلاغة، و لكنه‌ يوحي بأن‌ گرشاسپ‌ في منظومته‌ أفضل‌ من‌ رستم‌ في الشاهنامه للفردوسي، وهو يفخر بأن‌ رستم‌ هزم‌ في الحروب‌ لمرات‌ عديدة، في حين‌ أن‌ گرشاسپ خرج‌ مرفوع‌ الرأس‌ من‌ جميع‌ ساحات‌ القتال‌ (ص‌ 19، البيت‌ 1 و مابعده). و يذكّر خالقي بحق‌ أن‌ مراد الأسدي من‌ هذا الكلام‌ ليس‌ الحط من‌ قيمة الشاهنامه‌، بل‌ يقصد الإشادة بالفردوسي الذي اتبع‌ أسلوب‌ نظمه‌، و يروّج‌ لنفسه‌ في نفس‌ الوقت‌؛ كي لايظن‌ الآخرون‌ أنه‌ مقلد محض للفردوسي (ن‌.م‌، 413-414).

و على‌ حد قول‌ هنري ماسيه‌، فإن‌ گرشاسپ‌‌نامه‌ تشتمل‌ على‌ عناصر جديدة في الملحمة الإيرانية، و هذه‌ العناصر هي: وصف‌ البلاد العجيبة، الأسئلة و الأجوبة ذات‌ العمق‌ الفلسفي لگرشاسپ‌ مع‌ حكيمين‌ و الأحجيات (ص‌ 12-13). و يرى‌ هنرى‌ ماسيه‌، أن‌ الأسدي هو الذي مزج‌ هذه‌ العناصر مع‌ أصل‌ رواية گرشاسپ‌. كما يرى‌ ذبيح‌ الله‌ صفا أن‌ الأسدي قلل‌ إلى‌ حدما من‌ الجمال والبداعة الحماسيين لگرشاسپ‌‌نامه‌ من‌ خلال‌ مزجها مع‌ الأساطير المغلوطة مثل‌ عجائب‌ الجزر المختلفة و قد أراد الأسدي من‌ خلال‌ إضافة بعض‌ المواضيع‌ مثل‌ الثناء على‌ الدين‌، و وصف‌ السماء، وصفة الطبائع‌ الأربع‌، و البحث‌ في مذهب‌ الفلاسفة، أن‌ يزيل‌ جفاف‌ هذه‌ القصة، و يضفي عليها الحياة، و لكنه‌ لم‌‌يفلح‌ في ذلك (ص‌ 285-286). و إذا ما اعتبرنا مصدر گرشاسپ‌ نامه‌ هو الكتاب‌ المنثور لأبي المؤيد البلخي حول‌ گرشاسپ‌، فلاتتوفر معلومات‌ دقيقة عن‌ جميع‌ مواضيعه‌ سوى‌ نقولات‌ متفرقة منه‌ في بعض‌ المصادر (ظ: السطور السابقة). و على‌ هذا، فمع‌ الأخذ بعين‌ الاعتبار عدم‌ امتلاكنا للمعلومات‌ عن‌ مصدر الأسدي من‌ الصعب‌ القول‌ إن‌ أياً من‌ المواضيع‌ لم‌‌تكن‌ في مصدر الأسدي، و إن‌ الشاعر هو الذي أضافها إلى‌ أصل‌ الرواية. فالفصل‌ بين‌ أصل‌ الرواية، و الإضافات‌ التالية للشاعر في گرشاسپ‌ نامه‌ مثل‌ الشاهنامه‌ للفردوسي هو في الأصل‌ عمل‌ صعب‌ للغاية. ولكن‌ دراسة هنري ماسيه‌ في تمييز هذه‌ العناصر الثلاثة عن‌ الملحمة الإيرانية، تستحق‌ الاهتمام‌ حقاً. ويرى ماسيه‌ (ن‌.ص‌) أن‌ العجائب‌ تشكل‌ في گرشاسپ‌‌نامه‌ مجموعة مفصلة خلافاً للشاهنامه‌ للفردوسي، هذه‌ العجائب‌ التي حدثت‌ في الهند و أندونيسيا، و لايمكن‌ التغاضي عن‌ مقارنة هذا القسم‌ من‌ گرشاسپ‌ نامه‌ مع‌ محتويات‌ كتاب‌ عجائب‌ الهند. ولعل‌ الأسدي تأثر بهذا الكتاب‌ الذي ألف‌ قبل‌ بضع‌ سنوات‌ من‌ نظم‌ گرشاسپ‌‌نامه‌.

و يوجد في گرشاسپ‌‌نامه‌ سؤالان‌ و جوابان‌، الأول‌ بين‌ گرشاسپ‌ و برهمن‌ و الذي يدور بشكل‌ رئيس‌ في علم‌ الهيئة، ثم‌ يتناول‌ بالبحث‌ حول‌ روح‌ الإنسان‌ (ص‌ 127 و مابعدها)، و يدور الحوار الثاني بين‌ گرشاسپ‌ و برهمن‌ الرومي حول‌ الروح‌ و العقل‌ (ص‌ 312 و ما بعدها). و على‌ حد قول‌ ماسيه‌، فإن‌ مصدر الكثير من‌ الأفكار التي تطرح‌ في هذين‌ الحوارين‌، هو آراء أقدم‌ فلاسفة اليونان‌ في مجال‌ تكوين‌ العالم،‌ أو آراء أفلاطون‌ و أرسطو والأفلاطونيين‌ المحدثين‌، و هما يشبهان‌ في بعض‌ الأوجه‌ رسائل‌‌ إخوان‌ الصفاء (تأليف‌: ح‌ 370ه‍/980م‌) (ص 18-19). و لكننا لانعلم‌ بالضبط عن‌ طريق‌ أي مؤلف‌ مسلم‌ نفذت‌ هذه‌ الأفكار في گرشاسپ‌‌نامه،‌ أو مصدرها بتعبير أصح‌ ربما، كما أبدي في هذه‌ المنظومة‌ اهتمام‌ خاص‌ بالمواضيع‌ الأخلاقية و النصائح‌، و من‌ المحتمل‌ جداً أنها أخذت‌ من‌ كتب‌ الوعظ البهلوية (ظ: ص 467: در أندرزنامه‌ سخن‌ هرچه‌ گفت‌...).

و تلاحظ في گرشاسپ‌‌نامه‌ التعاليم‌ الإسلامية أيضاً، و لكنها لم‌ تنفذ كثيراً في أصل‌ الروايات‌. و على‌ سبيل‌ المثال‌، فكلما دار‌الحديث‌ عن‌ الرد على‌ الوثنية، فإن‌ هذا الحديث‌ يحمل‌ طابعاً زرادشتياً أكثر منه‌ إسلامياً. ففي أحد المواضع‌ يحول‌ گرشاسپ‌ معابد الأوثان‌ التابعة للعدو إلى‌ معابد للنار (ص‌ 418، البيت‌ 27). كما نفذت‌ في گرشاسپ‌ نامه‌ الامتزاجات‌ التي كانت‌ قد حدثت‌ بين‌ الأساطير الإيرانية و السامية في بداية العصر الإسلامي. و في أحد المواضع‌ اعتبر زرادشت‌، هو إبراهيم‌ نفسه‌ (ص‌ 441، البيت‌ 50)، و في موضع‌ آخر، اعتبر هود نبي عهد جمشيد (ص‌ 36، البيت‌ 31). و مع‌ كل‌ ذلك، فإن‌ من‌ الممكن‌ جيداً إبراز أصالة بعض‌ من‌ روايات‌ گرشاسپ‌ نامه‌ عن‌ طريق‌ مقارنتها مع‌ الأفستا والأدب‌ البهلوي (ظ: خالقي، «گردشي»، 406-412).

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: