أَبوسَهْلٍ الْحَمْدَويّ، أحمد بن الحسن (تـ بعد ۴۳۲هـ/۱۰۴۱م)، رئیس الدیوان والوزیر والأمیر البارز في العهد الغزنوي. وردت نسبته في بعض المصادر الحمدوئي و حتی الحمدني، إلا أن معاصره الثعالبي أورد اسمه و نسبته بشکل أحمد بن الحسن الحمدوي. وقد ورد في قوافي أشعار مادحیه العربیة والفارسیة، الحمدوي أیضاً (العثعالبي، ۲/۶۰، ۷۴؛ فرخي، ۴۰۰؛ قا: قزویني، ۴/۱۶۱، ۱۶۲).
واستناداً إلی أبي الفضل البیهقي الذي یُعدّ کتابه أهم مصادرنا فیما یتعلق بحیاة أبي سهل علی عهد مسعود الغزنوي بشکل خاص، فإن أباسهل شق طریقه في سني شبابه إلی بلاط السلطان محمود و حظي برعایته، وتتلمذ منذ تلک الفترة علی أحمد بن الحسن المیمندي (ن.ع) وزیر السلطان محمود، ثم أصبح صاحب دیواني غزنة والهند (ص ۴۶۸، ۵۰۲). وبعد وفاة محمود (۴۲۱هـ/۱۰۳۰م) تسنم منصب الوزارة علی عهد حکومة ابنه الأمیر محمد التي لم تدم سوی عدة أشهر (ن.ص؛ الگردیزي، ۷۴)، إلا أنه لم یبق وفیاً لمحمد، بل انبری – بانضمامه إلی کبار رجال البلاط – لدعم مسعود شقیق محمد و منافسه، ولهذا السبب علاشأنه في بلاط مسعود خلافاًلبقیة أنصار الأمیر محمد (البیهقي، ۱۹، ۱۰۸). وفي ۴۲۲هـ عندما تولی أحمد بن الحسن المیمندي الوزارة، عُیّن أبوسهل – باقتراح من الوزیر – رئیساً لدیوان الإشراف (».ن، ۱۹۶)، وأبدی من الکفاءة والحکنکة ماجعل السلطان یرفض اقتراح الوزیر الذي أراد تعیین أبي سهل في السنة التالیة رئیساً لدیوان العرض (م.ن، ۴۲۹). وفي ۴۲۴هـ بعد اطلاع مسعود علی أوضاع بلاد الري المضطربة، لقّب أباسهل بالعمید وعینه بدلاً من طاهر الکاتب بمنصب «کدخدا» (ناظر) الري والجبال، وقد صعب منح أبي سهل هذا اللقب علی أحمد بن عبدالصمد الوزیر خلیفة أحمد بن الحسن المیمندي، إلا أن أبا نصر مشکان (ن.ع) رئیس دیوان الرسائل هبّ لمعاضدته.
وفي رجب من نفس السنة، تحرک نحو الري أبوسهل الذي کان مکلفاً بتمهید الأوضاع في الري لحکم الأمیر سعید بن السلطان مسعود بعد کفّه ید علاءالدولة بن کاکویه عن همدان و أصفهان. و في الري ألغی کثیراً من الضرائب المجحفة التي کان السبهسالار تاش فراش قد فرضها هناک، وعامل الناس بالعدل (م.ن، ۴۹۹-۵۰۶، ۵۰۹؛ ابن الأثیر، ۹/۴۲۸-۴۲۹). وفي ۴۲۵هـ/ ۱۰۳۴م، توجه أبوسهل إلی أصفهان، فهاجمه و هو في الطریق إلیها علاءالدولة بن کاکویه و فرهاد بن مرداویج، لکنهما هُزما و قُتل فرهاد. و مع کل هذا فقد أرسل أبوسهل کتاباً إلی علاءالدولة یبلغه فیه بضرورة انصیاعه لأوامر السلطان و إرسال المال، علی أن یبقی مقابل ذلک حاکماً علی منطقته، إلا أن علاءالدولة رفض ذلک، فاستولی أبوسهل علی أصفهان و نهب أموال علاءالدولة و خزائنه وأرسل مؤلفات أبي علي ابن سینا وزیر علاءالدولة إلی غزنة (الحسیني، ۶؛ ابن الأثیر، ۹/۴۳۵-۴۳۶). وظل أبوسهل في أصفهان إلی أن هاجم علاءالدولة المدینة بدعم من الدیالمة و غیرهم في ۴۲۷هـ، إلا أنه هزم هذه المرة أیضاً وولی هارباً (م.ن، ۹/۴۴۶- ۴۴۷)، غیر أن علاءالدولة استطاع في ۴۲۸هـ و بشفاعة من وزیر خلیفة بغداد أن یأخذ أصفهان إقطاعاً من السلطان مسعود (البیهقي، ۶۶۸-۶۶۹).
وخلال ذلک اجتاح الترکمان الغز بلاد الري بعد انطلاقهم من خراسان و نهبهم المدن التي في طریقهم. فطلب أبوسهل و تاش فراش العونَ من السلطان مسعود ووالیي جرجان و طبرستان، إلا أن مسعوداً الذي کان قد جهَز جیشه لمحاربة السلاجقة في خراسان، لم یکن بإمکانه إرسال العون، فحطم الغز جیش تاش فراش و هرب أبوسهل أیضاً إلی أطراف الري، ولجأ إلی قلعة طبرک، فدخل الغز الري. لکن أبا سهل أسر ابن أخت یغمر – أحد قادة الغز – وبادله بالأسری الذین أخذوا من الري وبالأموال التي نهبت منها، ثم ذهب من هناک. و حینما اتجه الغز إلی آذربایجان، استغل علاءالدولة الفرصة فدخل الري، وضمن إعلانه الطاعة للسلطان مسعود، اقترح الصلح أیضاً علی أبي سهل، إلا أنه رفض ذلک. ثم إن علاءالدولة بإعطائه إقطاعاً لقادة الترکمان الغز تمکن من أن یجمع حوله فریقاً منهم ویکوّن جیشاً قویاً، إلا أن عری ذلک الاتحاد النفصمت بعد انفصال الغز عنه. و مع کل ذلک طلب علاءالدولة مرة أخری إلی أبي سهل الذي کان مقیماً آنذاک في طبرستان، أن یعطیه الري إقطاعاً، فوافق أبوسهل هذه المرة علی ذلک آخذاً بنظر الاعتبار ضعف علاءالدولة وثقته بطاعته، ثم ذهب هو إلی نیسابور في۴۲۹هـ/ ۱۰۳۸م (م.ن، ۶۸۴-۷۰۶؛ ابن الأثیر، ۹/۳۷۹-۳۸۱).
ویبدو أن الحوادث الأخیرة کانت قد استمرت حتی النصف الأول من سنة۴۲۹هـ، ذلک أن البیهقي ذکر وصول رسائل مهمة بشأن حوادث الري في جمادی الآخرة من هذه السنة (ص ۷۰۵). وصل إلی غزنة في رجب ۴۲۹، نبأ دخول أبي سهل نیسابور (م.ن، ۷۰۶)، وقد دخلها في وقت کان الجیش الغزنوي بقیاة سُباشي الحاجب یستعد لمحاربة السلاجقة، فعارض أبوسهل و بعض الأمراء الآخرین هذه الحرب في رسالة بعثوا بها إلی مسعود، إلا أن هذه المعارضة لم تجدِ نفعاً أمام الأوامر الصریحة لمسعود بالحرب (م.ن، ۷۰۷-۷۰۸؛ البنداري، ۸). ولما ذهب سباشي إلی الحرب نقل أبوسهل مع سوري صاحب دیوان خراسان الأموال الضخمة للري و نیسابور إلی قلعة میکالي في بست، وظلا یترقبان نتیجة الحرب (البیهقي، ۷۱۵، ۷۱۶، ۷۲۰-۷۲۲). وبعد هزیمة سباشي أمام الترکمان السلاجقة، هرب أبوسهل و سوري إلی جرجان وأمضیا فترة عند أبي کالیجار (م.ن، ۷۲۵-۷۲۶).
وفي ربیع الأول ۴۳۱ عاد أبو سهل إلی خراسان بعد هرب طغرل من نیسابور أمام جیش مسعود، فأوکل الأخیر إلیه وإلی سوري مهمة المحافظة علی الأمن في نیسابور (م.ن، ۸۰۴-۸۰۵). وبعد فترة عاد مسعود إلی نیسابور عقب تخلیه عن ملاحقة طغرل. أما أبوسهل الذي أدرک أن السلطان کان متألماً منه بسبب و شایة أحمد بن عبدالصمد الوزیر، فقد وسط مسعود بن اللیث، وتمکن أخیراً بدفعه ۵۰ ألف دینار من کسب رضا السلطان الذي اختاره ندیماً له و کلفه بمهمة نقل أموال الري و نیسابور من قلعة میکالي إلی غزنة (م.ن، ۸۱۳-۸۱۴).
کان مسعود في غیاب أحمد بن عبدالصمد الوزیر یستشیر أباسهل في جمیع الأمور، إلا أن أبا سهل علی مایبدو کان یکره هذا العمل بسبب توجسه من الوزیر، وکان یُشهد في خلوته مع السلطان أبا الفضل البیهقي، ویخبر الوزیر بمجریات الأمور عن طریقه (م.ن، ۸۹۲-۸۹۳). وفي ۴۳۲هـ عندما قرر لاسلطان مسعود الذهاب إلی الهند خوفاً من هجوم السلاجقة علی غزنة، کان أبوسهل من بین الذین عارضوا السلطان في ذلک، لکن السلطان لم یعر اهتماماً لمعارضیه و سمح لهم بالانضمام إلی السلاجقة إذا دخلوا غزنة. و منذ ذلک الحین لایوجد لدینا خبر عن أبي سهل (م.ن، ۸۹۵-۸۹۹).
کان أبوسهل من أفاضل و علماء عصره و کان له باع في الأدب أیضاً، وقد نقل لاثعالبي نموذجاً من أشعاره العربیة و کذلک الأشعار التي نظمها في مدحه أبوالقاسم ابن الحریش و أبوبکر علي بن الحسن القهستاني بالعربیة (۲/۶۰- ۶۲، ۷۳-۷۴). کماکان أبوسهل ممدوح فرخي السیستاني أیضاً، وقد تحدث هذا الشاعر في شعره عن عظمة وشرف عائلته الأثیل خلال ألف عام (ص ۳۴۰-۳۴۲، ۳۹۸-۴۰۱)، وهذا ماجعل بعض الباحثین المعاصرین یعتقدون أن أبا سهل کان ینتسب إلی أسر إیران القدیمة (یوسفي، ۱۱۳).
المصادر
ابن الأثیر، الکامل؛ البنداري، الفتح، تاریخ دولة آل سلجوق، بیروت، ۱۴۰۰هـ/۱۹۸۰م؛ البیهقي، أبوالفضل، تاریخ، تقـ: علي أکبر فیاض، مشهد، ۱۳۵۶ش؛ الثعالبي، عبدالملک، تتمة الیتیمة، تقـ: محمد إقبال، طهران، ۱۳۵۳هـ؛ الحسیني، علي، أخبار الدولة السلجوقیة، تقـ: محمد إقبال، بیروت، ۱۴۰۴هـ/۱۹۸۴م؛ فرخي السیستاني، دیوان، تقـ: محمد دبیر سیاقي، طهران، ۱۳۶۳ش؛ قزویني، محمد، یادداشتها، تقـ: إیرج أفشار، طهران، ۱۳۳۷ش؛ الگردیزي، عبدالحي، تاریخ، طهران، ۱۳۲۷ش؛ یوسفي، غلام حسین، فرخي سیستاني، مشهد، ۱۳۴۱ش.
محمد عبدعلي/ هـ.