الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / ابن میمون، موسی /

فهرس الموضوعات

ابن میمون، موسی

ابن میمون، موسی

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/14 ۱۲:۴۳:۳۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ مَیْمون، موسی بن میمون الإسرائیلي القرطبي (530-601هـ/1135-1204م)، عالم و فیلسوف و طبیب یهودي نال مکانة رفیعة في الفقه و الشرائع الیهودیة حتی قال فیه الیهود: «لم یظهر منذ موسی (ع) وإلی موسی (ابن میمون) رجل مث لموسی». ورد اسمه في الکتب الإنجلیزیة وبعض اللغات الأخری بشکل Maimonides، وفي الکتب الفرنسیة بشکل Maĩmonide، فیما یسمیه أحبار الیهود Rambam (اختصار «الربي موسی بن میمون»).

ورغم أن ابن میمون من علماء الیهود و أحبارهم، لکنه یُحسَب أیضاً علی دائرة الثقافة الإسلامیة لأنه نشأ في بیئة ثقافیة وعِلمیة إسلامیة، وکتب آثاره الطبیة والفلسفیة بالعربیة وکنّاه المؤخون العرب بأبي عمران، وربما کان ذلک نسبة إلی اسمه «موسی» وإلا فلم یکن له ولد باسم عمران حتی یکنّی به (ظ: ولفنسون، 1، 2). وأسماه بعض الکتّاب المسلمین موسی بن عبیدالله (أبوعبدالله التبریزي، 26)، في حین أن اسم أبیه کان «میمون». ویحتمل أن یکون اسمه «عبدالله» تعریباً لاسم «عوبادیة»، حیث عُرف اثنان من أجداده بهذا الأسم. وقد نسب نفسه في نهایة کتاب السراج أو شرح المِشنا بهذا الشکل: «موسی بن میمون، دیّان (قاضي) قرطبة، بن الحکیم یوسف بن القاضي إسحاق بن القاضي یوسف بن القاضي عوبادیة بن الربّي (الحبر) سلیمان بن القاضي عوبادیة…». ویصل نسبه – علی قول بعض المؤخین الیهود – إلی یهوداها – ناسي من کبار أحبار الیهود في القرنی 2 و 3م و جامع المشنا (قوانی الیهود و شرائعهم).

ولد موسی في مدینة قرطبة من بلاد الأندلس. وکانت هذه المدینة من مراکز الثقافة الإسلامیة الکبری في الأندلس و من مراکز الثقافة الیهودیة الکبری أیضاً. وکان أبوه میمون من مشاهیر علماء الیهود و من تلامذة یوسف بن میکاش وإسحاق الفاسي، وکان قاضیاً في المحکمة الشرعیة الیهودیة بقرطبة. وقد استولی الموحدون علی مدینة قرطبة عام 543هـ/ 1148م. وکانت قبل ذلک تحت تصرف ابن غانیة من زعماء المرابطین، لکنه استنجد ببدران بن محمد زعیم الموحدین بعد ضغوط النصاری، فاشترط علیه أن یخرج من قرطبة. وانتهز النصاری تلک الفرصة فحاصروا هذه المدینة. وبعث الأمیر الموحدي أبومحمد عبدالمؤمن (تـ 558هـ/1163م) جیشاً إلی قرطبة فأخضعها لسیطرته (ظ: عنان، 1/331-333). وتغیر وضع الیهود والنصاری في قرطبة بعد دخول الموحدین إلیها، لأن أمیر الموحدین قد أمر أتباع هاتین الدیانتین إما باعتناق الإسلام، أو الخروج من المدینة خلال مدة معینة. فإن أسلموا فلهم ماللمسلمین و علیهم ماعلیهم، وإن امتنعوا فسیکونوا بعد الأجل مُستهلَکي النفس والمال (القفطي، 317-318). وبعد صدور هذا الحکم خرج المُخفّون من الیهود والنصاری، وأظهر المُثقَلون الإسلام ممن شق علیهم التخلي عن أموالهم و عیالهم، لکنهم أسَرّوا دینَهم. وذکر المؤرخون المسلمون أن أسرة ابن میمون أظهرت الإسلام والتزمت بتفاصیل أحکامه إلی أن وجدت فرصة الخروج من الأندلس و المغرب (ن.ص). وخرج میمون (والدموسی) بأسرته من قرطبة، واستمر تشرده مدة 10 سنوات (ظ: جودائیکا، XI/754). ومن المدن التي أقامت فیها هذه الأسرة خلال تشردها مدینة ألمریّة الواقعة جنوبي الأندلس، حیث إنها سقطت في تلک الفترة بأیدي النصاری، ولم یستطع المسلمون استرجاعها إلا في عام 552هـ - حسب قول ابن الأثیر – علی ید جیش عبدالمؤمن (11/223). ویبدو أن أسرة ابن میمون قد غادرت هذه المدینة بعد استیلاء المسلمین علیها. وبعد سنوات من التشرد، استقرت في مدینة فاس بمراکش، وربما کان إظهارها للإسلام قد حدث في هذه المدینة. وقیل إنهم استوطنوا فیها عام 555هـ/ 1160م (جودائیکا، ن.ص؛ ولفنسون، 6-7). ویتحدث ابن میمون في نهایة کتاب السراج عن ذلک التشرد قائلاً: «حینما کان فکرنا مضطرباً، وعندما کنا في المنفی نرحل من مکان لآخر، ونبحر من هذا الصوب إلی ذلک الصوب بین أمواج البحر…» (جودائیکا، ن.ص). وصاغ دساسه العلمي خلال هذه الفترة و بدأ بالتألیف أیضاً. وفي 553هـ/1158م وضع الخطوط العریضة لکتاب السراج. وفي هذا العام أیضاً کتب رسالة موجزة حول التقویم الیهودي تدعی معمرها – عبوّر بطلب من أحد أصدقائه، کما ألّف رسالة في المنطق بالغة العبریة تدعی میلوت حقایون، وأکمل بعض الحواشي علی شرح بعض رسائل التلمود البابلي، و کتب کتاباً في استخراج شرائع الیهود من التلمود الأورشلیمي (ن.ص).

وغیّر الأمیر الموحدي عبدالمؤمن سلوکه مع الیهود إلی حدّما في أواخر عمره و مال إلی التسامح. وانطلاقاً من ذلک فقد رأت أسرة ابن میمون أن من الصلاح الذهاب إلی مراکش و الإقامة في فاس (ح 554 أو 555 هـ). وفي تلک الفترة کان حبر یهودي شهیر یُعرف بیهودا کوهن یقیم في فاس أیضاً، فقرأ ابن میمون علیه و کان یبلغ من العمر 25 عاماً (ن.م، XI/755). وکان الکثیر من الیهود آنذاک قد تظاهروا بالإسلام رغم انزعاجهم النفسي. وکتب میمون (والدموسی) رسالة باسم إیغرت ها – نحامه (رسالة السلوان) بهدف إراحة ضمائر هؤلاء المعذّبة، وبشّرهم بأن من صلی ودعا حتی ولو بأوجز شکل ممکن وقام بأعمال الخیر فسیظل یهودیاً. وکتب موسی مقالة بالعربیة عنوانها في سبیل تقدیس اسم الله و هي بمثابة رد علی حبر یهودي انتقد الیهود لاستسلامهم للملاحقة والأذی. وحمل علیه ابن میمون بعنف وقال بأنه وأمثاله لم یتعرضوا للملاحقة و التعذیب کي یغیّروا عقائدهم، ولایعلمون کم هي المصائب التي تحملها أبناء دینهم علی هذا الصعید. ویقول في نهایة هذه الرسالة إن کل یهودي أُجبر علی التخلي عن دینه، یجب ألّا یظل في مدینته، بل أن یجلس في بیته حتی ینفتح طریق الهجرة (ولفنسون، 8؛ جودائیکا، ن.ص). وعملت أسرة ابن میمون بهذا الاقتراح و خرجت من بلاد المغرب في 560هـ/1165م. وکان سبب خروجها وفاة الأمیر الموحدي عبدالمؤمن في 20 جمادی الآخرة 558، ومجيء ولده أبي یعقوب یوسف وقیامه بملاحقة الیهود وإیذائهم، وإصداره أمراً بقتل کل من یجاهر بتمسکه بالیهودیة. وکان من نتیجة ذل أن قُتل الحبر الیهودي یهوداً کوهن، وکادت أن تُقتل أسرة ابن میمون لولا أنها خرجت من فاس وأبحرت في رجب 560 ووصلت بعد 28 یوماً إلی عکا بفلسطین. وأضحی یوم خروج هذه الأسرة من فاس ویوم نجاة سفینتها من العاصفة البحریة یومي صیام لهذه الأسرة، وأوصی ابن میمون أسرته بأن تصوم دائماً هذین الیومین، کما أنه أعلن یوم الوصول إلی عکا یوم احتفال لهذه الأسرة (ن.م، XI/756؛ ولفنسون، ن.ص).

وأقامت أسرة ابن میمون 6 أشهر في عکا، زارت خلالها الأماکن المقدسة لدی الیهود. وکانت فلسطین خلال تلک الفترة ترزح تحت احتلال الصلیبیین، وکان المسلمون و الیهود یعانون من ضغوطهم. أما في مصر حیث کان الفاطمیون یحکمونها، فقد کان الیهود یتمتعون بالحریة ویعیشون في رخاء. وتوجه موسی مع أخبه و أخته إلی مصر فیما ظل أبوه میمون في فلسطین، ویبدو أنه قد توفي بها. وذهب موسی إلی الإسکندریة أولاً ودقام فیها قلیلاً، ثم توجه إلی القاهرة حیث أقام بالفسطاط في محلة مصیصة. وکان أعیان الیهود و أثریاؤهم یقیمون في هذه المحلة، وکانت کنائس الیهود و أسواقهم بالقرب منها. ویُقال إن سبب ترجیح موسی للقاهرة علی الإسکندریة هو أنه أراد أن یضرب نحلة الیهود القرّائین التي تتفوق علی نحلة الربانیین و یعارض القرائین لأنهم لایعترفون بالتلمود و یعتقدون أن التوراة و العهد العتیق هما المصدر الوحید لفقه الیهود و شریعتهم.

واشتغل أخوه داود بتجارة الجواهر في الفسطاط، وانصرف موسی براحة بال إلی أداء وظائفه الشرعیة بالمجتمع الیهودي و تألیف الکتب. وفرغ من کتاب السراج في 563هـ/1168م. وفي 1169م غرق داود في المحیط الهندي أثناء سفر تجاري قام به مما أدی إلی ضیاع کافة ثروة أسرة ابن میمون و غیرها، وواجهت هذه الأسرة مصیبة کبری. ویتحدث ابن میمون في رسالة بعثها إلی یافث بن إلیاس – رئیس یهود عکا – عن المصائب الناجمة عن وفاة أخیه و مؤامرات الأعداء (جودائیکا، ن.ص؛ ولفنسون، 8-10). ویرید بمؤامرات الأعداء معارضة رئیس طائفة یهود مصر له و یدعی «یحیی الشریر»، و کان یحیی هذا یُثقِل علی الیهود التابعین له، ونال رئاسة الیهود بالرشوة، إلی أن عُزل عنها بأمر من أولیاء الدولة و نفي عن الفسطاط (م.ن، 18).

کان موسی لسنوات عضو المحکمة الشرعیة الیهودیة بالفسطاط إلی أن انتُخب عام 583هـ/1187م رئیساً عاماً للیهود فقام بعد تولیه هذا المنصب بإصلاحات کثیرة في أعراف الیهود و مراسیمهم، ومن بینها تحریم استخدام التعاویذ، لأنه یعدّها نوعاً من عبادة الأصنام. وقد امتنع من أخذ أجرة أو راتب لقاء رئاسته للطائفة الیهودیة، وکان یقول إن أخذ درهم عن طریق الحیاکة أو التجارة أفضل من أخذ أجر و راتب إزاء منصب الربّي أو الحبر (جودائیکا، ن.ص؛ ولفنسون، 19). وعلی هذا قرر أن یرتزق من الطبابة واشتهر کثیراً في هذا المجال. یقول القفطي: وقرأ علیه الناس علوم الأوائل (الفلسفة الریاضیات) و ذلک في أواخر أیام الدولة المصریة العلویة (الفاطمیة)، وراموا استخدامه في جملة الأطباء وإخراجه إلی ملک الفرنج بعسقلان لأنه طلب منهم طبیباً فاختاروه، فامتنع من الخدمة والصحبة (ص 318).

والمراد بملک عسقلان، الملک الصلیبي علی هذه المدینة. فقد سقطت عسقلان في ید الصلیبیین عام 548هـ/ 1153م، ویُدعی الأمیر الذي فتحها بالدوین الثالث. وظلت هذه المدینة في أیدي النصاری حتی عام 583هـ، ولیس بعیداً أن یکون ملک عسقلان الذي طلب موسی بن میمون من الفاطمیین هو بالدوین الرابع (سلـ 560-581هـ/1165-1185م) ملک بیت المقدس الذي کان یملک عسقلان أیضاً.

ولایصح ماقیل من أن ملک بریطانیا ریتشارد الأول، المعروف بریتشارد قلب الأسد قد طلبه من صلاح‌الدین الأیوبي، لأن ریتشارد – بطل الحملة الصلیبیة الثالثة المعروف و الذي تشیر إلیه الکتب الإسلامیة باسم «ملک إنکلتار» (ظ: ابن الأثیر، 12/64) – قد وصل إلی عکا قادماً من أوروبا في 13 جمادی الأولی 587، وفتح هذه المدینة مع باقي الملوک الصلیبیین في 17 رجب 587، وقد صالح صلاح‌الدین الأیوبي في 588هـ/1192م و عاد إلی أوروبا بعد معارک شهیرة خاضها معه . ولهذا لایمکن أبداً أن یکون قد طلب ابن میمون من الخلفاء الفاطمیین، و هناک مقالة في هذا الشأن للمستشرق المعروف برنارد لویس.

ویقول القفطي لما ملک «المعزّ» [؟] مصر وانقضت الدولة العلویة الفاطمیة، اشتمل علی ابن میمون القاضي الفاضل عبدالرحیم بن علي البَیْساني و نظر إلیه وقرر له رزقاً فکان یشارک الأطباء ولاینفرد برأیه لقلة مشارکته في العلاج (ن.ص).

وحول کلام القفطي یجب القول إن کلمة «المعز» غیر صحیحة والصحیح هو «الغُزّ» و یراد بهم الجیش الترکي الذي یشکل النواة الأصلیة لجیش صلاح‌الدین الأیوبي و أبیه و عمه. و عبرت بعض کتب التاریخ عن جند صلاح‌الدین بالأتراک، رغم أن صلاح‌الدین نفسه کان من أکراد أذربیجان الروّادیة.

أما القاضي الفاضل البیساني فقد کان من مشاهیر کتّاب عصره و خدم الفاطمیین أول الأمر، ثم أصبح وزیراً لدی صلاح‌الدین، حیث استخدمه و جعل له مرتباً. و ما أورده القفطي حول قلة مشارکته في الطب – أي قلة تجربته في المعالجات آنذاک – أمر صحیح، لأنه و کما نقلنا عن القفطي نفسه، کان منشغلاً بادئ الأمر في علوم الأوائل و منهمکاً بالتدریس و المطالعة في الفلسفة و الریاضیات، وقد اضطر بعد وفاة أخیه داود أن یرتزق عن طریق الطب، وهذا ما دفع بالقفطي إلی التحدث عن قلة تجربته في المعالجة والتدبیر. غیر أن احتضان القاضي الفاضل له کطبیب من أطبائه یدل علی بصیرته في الطب وإن کان قلیل التجربة في بدایة الأمر (ظ: القفي، ن.ص). وسرعان ما اشتهر في حرفة الطب إلی درجة أن ابن أبي أصیبعة دعاه بأوحد زمانه في صناعة الطب وقال بأن صلاح‌الدین کان یری له ویستطبّه (2/117).

ولابد من القول هنا، لوصح ماقیل إن «ملک عسقلان» کان قد طلبه من الفاطمیین، فیجب أن تکون شهرته في الطبایة قد ذاعت في أیام الفاطمیین ولیس بعدهم. کما أن قربه من القاضي الفاضل یجب أن یکون أیام کتابة هذا القاضي عند الفاطمیین. وهناک تساهل في کلام القفطي علی هذا الصعید یجب الانتباه إلیه.

تزوج ابن میمون أخت أبي المعالي الیهودي کاتب أم الأفضل بن صلاح‌الدین، وتزوج أبوالمعالي أخت موسی. و کان من ثمرة زواج موسی ولد و بنت. توفیت البنت في شبابها، أما ابنه إبراهیم فکان من کبار أطباء زمانه. وکان موسی بن میمون طبیباً في بلاط صلاح‌الدین والقاضي الفاضل حتی أصبح الطبیب الخاص للملک الأفضل نجل صلاح‌الدین الأکبر. وکان الأفضل منذ ربیع الأول 595 و حتی 18 ربیع الثاني 596 سلطان مصر نیابة عن ابن أخیه الصغیر (ابن الأثیر، 12/155-156؛ جودائیکا، XI/757؛ ولفنسون، 20-21).

وهناک رسالة لابن میمون کتبها إلی تلمیذه یوسف بن عَقنین قال فیها إنه نال شهرة واسعة لدی کبار رجال المدینة کقاضي القضاة و الدمراء وفي بلاط الفاضل (القاضي الفاضل)، ولهذا یجب أن یُمضي الأیام في القاهرة للقاء المرضی (م.ن، 23). ویبدو أنه کتب هذه الرسالة عندما کان السلطان صلاح‌الدین منهمکاً في الشام و فلسطین بمقارعة الصلیبیین، لأنه لم یشر فیها إلی (خرج صلاح‌الدین من مصر قاصداً الشام و حرب الصلیبیین في محرم عام 578 ولم یعد إلی مصر حتی وفاته، ظ: ابن الأثیر، 11/478).

وهناک رسالة أخری له کتبها إلی شموئیل بن یهودا، تلمیذه والمترجم العبري لـ دلالة الحائرین، جاء فیها: إن مسکني بمصر (الفسطاط) والسلطان في القاهرة و المسافة بیننا سبتان (السبت 1200متر). أذهبُ ساعات الصباح للقاء السلطان وإذا کان أحد من أفراد حاشیته أو ابنه مریضاً فإني أقضي أغلب ساعات النهار في القصر. وإذا لم یحدث شيء أعود إلی الفسطاط عصراً وأنا متعب جائع وبانتظاري کثیر من المسلمین والیهود والأشراف و العوام و القاضي و الشحنة و الصدیق و العو (ولفنسون، ن.ص). ویقول ولفنسون إن ابن میمون کتب هذه الرسالة في أواخر عمره. وإذا صحّ هذا، فبما أن أواخر عمره في حدود 600-605هـ، فتکون وفاته قد تزامنت مع عهد سیف‌الدین أبي بکر بن أیوب، المعروف بالملک العادل (سلـ 596-615هـ؛ ظ: المقریزي، 1/152، 190) شقیق صلاح‌الدین؛ وأن مراد ابن میمون بالسلطان أو الملک في رسالته هو الملک العادل.

أورد المؤرخون الیهود وفاة ابن میمون یوک الاثنین 13 کانون الأول 1204الموافق ربیع الثاني 601. وقال القفطي إن وفاته کانت في حدود عام 605هـ (ص 319)، فیما یعتقد ابن شاکر أنه توفي عام 610هـ (4/176). وأورد القفطي أن ابن میمون قد أوصی أن یحملوه إذا انقطعت رائحته إلی طبریة (في فلسطین) وید فنوه هناک طلباً لما فیها من قبور بني إسرائیل و مقدمیهم في الشریعة (ن.ص). وذکر ولفنسون نقلاً عن کامنکا – أحد علماء یهود فینا – أنه یشک في نقل رفاة ابن میمون من مصر إلی فلسطین (ص 25، الهامش). أما ولفنسون نفسه فقد قال بأن رفاة ابن میمون ظلت لسنوات بالقاهرة في «کنیسة موسی بن میمون»، ثم نُقلت فیما بعد إلی طبریة. ویقدّس الیهود هذه الکنیسة (ص 26). ویری ولفنسون خطأ التاریخ الذي أرّخ به القفطي وفاة ابن میمون ویُرجع في هذا الشأن إلی مقالة مصطفی عبدالرازق في مجلة الشمس (30 نیسان 1935) (ن.ص، الهامش).

وکان عبداللطیف البغدادي الموصلي (تـ 629هـ/1232م) العالم والطبیب والفیلسوف المعروف في عصره قد التقی ابن میمون في القاهرة فونقل ابن أبي أصیبعة (2/205) تفاصیل هذا اللقاء. وقد وصف ابنَ میمون بأنه رجل فاضل یغلب علیه حب الرئاسة. ثم یتحدث عن کتاب دلالة الحائرین یضیف بأن ابن میمون قد لعن مَن یکتب هذا الکتاب بغیر الخط العبري (کُتب الکتاب باللغة العربیة وبالخط العبري). وقال عبداللطیف البغدادي بأنه طالع هذا الکتاب فوجده کتاباً سیئاً یُفسد أصول الشرائع و العقائد (م.ن، 2/205-206).

وکما ذکرنا خلّف ابن میمون ولداً یدعی إبراهیم. ولد في 582هـ/ 1186م و توفي عام 635هـ/1238م، وأصبح رئیساً للطائفة الیهودیة قبل وفاة أبیه، و من أطباء الملک الکامل (حکـ 615- 635هـ / 1218-1238م). یقول ابن أبط أصیبعة فیه: کان طبیباً مشهوراً وفي خدمة الملک الکامل ویتردد أیضاً إی البیمارستان الذي بالقاهرة من القصر. واجتمعتُ به في سنة 631 أو 632هـ بالقاهرة وکنتُ حینئذ أطب في البیمارستان بها فوجدته شیخاً طویلاً، نحیف الجسم، حسن العشرة، لطیف الکلام، متمیزاً في الطب (2/118). ألّف إبراهیم کتاباً بالعربیة في فقه الیهود باسم کفایة العابدین، وکتاباً یدعی کتاب الحوض في تفسیر التوراة، ورسالة أخری بعنوان الکفاح في سبیل الله (ولفنسون، 22، الهامش).

ویعدّ یوسف بن عَقنین من أشهر تلامذة ابن میمون وقد عُرف في الکتب العربیة بأبي الحجاج یوسف بن یحیی بن إسحاق السبتي (القفطي، 392)، وقد کتب ابن میمون دلالة الحائرین (ظ: 1/7-8) له. وقال القفطي إنه کان معروفاً في سبتة (بالأندلس) بابن سمعون (ن.ص). هاجر ابن عَقنین من المغرب إلی مصر والتحق بابن میمون وقرأ علیه و سأله إصلاح هیئة ابن أفلح الأندلسي التي جاء بها إلی مصر. وخرج من مصر و أقام في حلب والتقی فیها القفطي. توفي بحلب في ذي الحجة 623 (م.ن، 392-394؛ أیضاً ظ: ن.د، ابن سمعون).

 

قضیة إسلام ابن میمون

وکما أشرنا سابقاً، فقد قال المؤخون المسلمون و منهم القفطي و ابن أبي أصیبعة: أسلم ابن میمون عندم کان في الأندلس والمغرب خوفاً علی حیاته. یقول القفطي: إنه أظهر العمل بأحکام الإسلام إلی أن خرج من الأندلس إلی مصر، ونزل مدینة الفسطاط فأظهر دینه (ص 318)، ویضیف: وابتلي في آخر زمانه برجل من الأندلس یُعرف بأبي العرب ابن معیشة وصل إلی مصر وحاقّه علی إسلامه بالأندلس وشنّع علیه ورام أذاه، فمنعه عنه القاضي الفاضل و قال له: رجل مُکرَه لایصح إسلامه شرعاً (ص 319). ویقول ابن أبي أصیبعة أیضاً: قیل إن ابن میمون کان قد أسلم في المغرب و حفظ القرآن و اشتغل بالفقه، ثم لما توجه إلی الدیار المصریة و أقام بالفسطاطا ارتد (2/117).

ویقول ابن شاکر: «لما قدم ابن میمون من المغرب صلّی بمن في المرکب التراویح في شهر رمضان، وجاء إلی الدیار المصریة، وجاء إلی دمشق، فاتفق للقاضي محیي‌الدین ابن الزکي مرض خطر، فعالجه موسی وبالغ في نصحه. فرأی له القاضي ذلک وأراد مکافأته علی ذلک فحلف أیماناً مغلّظة أنه مایأخذ شیئاً دبداً. ثم بعد مدة اشتری داراً و سأل من القاضي تقدیم التاریخ إلی خمس سنین متأخرة، فما بخل لاقاضي علیه بمثل ذلک، ولم یعلم أن في ذلک مفسدة، ثم إنه أثبت ذلک، وبعد مدة توجه إلی الدیار المصریة و خدم القاضي الفاضل، فجاء من کان في المرکب وقالوا إنه جاء معنا من المغرب وصلّی بنا التراویح في السنة الفلانیة، فأنکر ذلک وأخرج المکتوب وقال: أنا کنت في دمشق قبل هذه السنة بمدة واشتریت داراً و هذا خط القاضي بذلک. فلما رأی القاضي خط محیي‌الدین ابن الزکي بالثبوت ماشک فیه واندفعت القضیة» (4/175-176).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: