اِبْنُ مَحَلّيّ، أبوالعباس أحمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن القاضي السجلماسي (967-مقـ 8 رمضان 1022هـ/1560-12تشرین الأول 1613م)، فقیه وصوفي. ولد في سجلماسة (محمد الصغیر، 200، 208؛ کحالة، 1/300)، وذکر في کتابه إصلیت الخِرّیت أنه ینتسب إلی عم الرسول (ص) العباس بن عبدالمطلب، ولکنه یبدي جهله في تکنیة عائلته بابن محلي ویضیف أنها تعرف في بلده بأولاد القاضي وأولاد ابن الیسع (محمد الصغیر، 200-201؛ السلاوي، 6/26). کان والده یعمل في القضاء (EI2, S,28)، أما هو فقد قصد فاس طلباً للعلم بعد أن أنهی دراسته الابتدائیة في نحو 980هـ/ 1572م، وأقام فیها مدة 4 أو 5 سنوات، ثم ترکها إثر حوادث تعرضت لها، خارجاً إلی البادیة، وبعد عودة الأمن والاستقرار عاد إلیها ثانیة (محمد الصغیر، 201-202).

کان ابن محلي یرغب أولاً في الفقه (م.ن، 203)، فقرأ في فاس علی أبي القاسم بن القاسم بن القاضي وأبي العباس أحمد القدومي ومحمد بن عبدالله التلمساني وابن مجیر وأبي محمد شقرون التلمساني، وفي مصر التي رحل إلیها أیضاً فقد أخذ عن علمائها کالسنهوري و اللقاني والطناني وطه البحیري و غیرهم (الأزهري، 27). وحینما کان في البادیة تأثر ببعض شیوخ المتصوفة في عصره وتعلم علی یده، ونزع إلی التصوف، فصحب محمد بن مبارک الزُّعري مدة 18سنة، ودخل سلک أهل الطریقه، فأقبل الخلق علیه یزورونه، وطبقت شهرته الآفاق وازداد عدد أتباعه (محمد الصغیر، 202-203).

ولما رأی ابن محلي إقبال الناس علیه توجه إلی جنوبي المغرب، فاستقبل الناس دعوته للتخلص من المفاسد والبدع. ثم لم یلبث أن ادعی أنه المهدي المنتظر، وکتب رسائل إلی رؤساء القبائل و عظماء البلدان باسم دعوة الناس إلی الجهاد، یأمرهم فیها بالمعروف (م.ن، 205؛ الأمین، 2/149). ولما بلغه أفعال ابن المنصور السیئة في العرائش تجاه المسلمین وذخلائها من الناس و بیعها للکفار (الإسبانیین)، خرج إلی سجلماسة (محمدالصغیر، 206-207) ودعا الناس إلی حرب مقدسة والنظال للقضاء علی زیدان بن أحد السعدي (حاکم مراکش)، فخرج عامل زیدان لمصادمته، ولکنه هزم رغم تفوقه العددي ودخل ابن محلي سجلماسة، واشتدت قدرته وشوکته (م.ن، 207)؛ وعندئذ سارنحو مراکش واحتلها وأعلن فیها حکمه حوالي 1018هـ/1609م (الأمین، 2/150). ثم وزع خزائن المملکة بین الناس وازداد نفوذه (فانیان، 443).

وفي هذه الأثناء نسي ابن محلي العبادة و التصوف وانشغل بالصراعات (محمد الصغیر، 207) واستنج زیدان لصده بعالم وصوفي آخر باسم یحیی بن عبدالله و کان له نفوذ بین مریدیه وأتباع و ینفذون أوامره و یطیعونه طاعة عمیاء، فلبی دعوته وسار لقتال ابن محلي، ودارت الحرب بینهما في موضع علی مرحلتین من مراکش، فکانت أول رصاصة أصابت ابن محلي فمات مکانه (م.ن، 208-209؛ فانیان، ن.ص)، فعلق رأسه مع رؤوس جماعة من أصحابه علی سور المدینة مدة 12 سنة (محمدالصغیر، ن.ص) إلی أن دفن في مقبرة أبي العباس السبتي قرب المسجد الجامع (المراکشي، 2/90). وزعم أصحابه أنه لم یمت ولکن تغیب (محمد الصغیر، ن.ص). ویقول السید محمد مرتضی الزبیدي الحسیني إنه لم یمت في هذه الحادثة، بل هرب وبقي حیاً لمدة إلی أن قتل في 1031هـ/1622م في ضواحي السوس الأقصی (الأزهري، 27-28).

آثاره

1. إصلیت الخریت في قطع بلعوم العفریت، ویسمی أیضاً عذراء الوسائل وهودج الرسائل في مرج الأرج ونفحة الفرج إلی سادة مصر وقادة العصر (البغدادي، هدیة، 1/154، إیضاح، 1/91). ویتضمن هذا الکتاب مذکرات رحلة ابن محلي الثانیة إلی الحجاز. منه مخطوطتان في القاهرة (ظ: التیموریة، 3/270؛ الخدیویة، 4/281-282؛ GAL, II/616).

2. منجنیق الصخور في الرد علی أهل الفجور (محمد الصغیر، 204؛ البغدادي، هدیة، ن.ص، إیضاح، 2/574). ورد هذا الکتاب في مجموعة مع رسالتین مخطوطتین أخریین لابن محلي باسم منجنیق الصخور لهدم بناء شیخ الغرور ورأس الفجور (ظ: مجموعة مختارة …، 1/60).

3. مهراس رؤوس الجهلة المبتدعة ومدارس النکوس السفلة المنخدعة، منه مخطوطة في الرباط (ظ: الزرکلي، 1/161).

وینسب إلیه عدا الکتب المذکورة عدد آخر من المصنفات باسم الوضاح والقسطاس و الهودج و جواب الخروبي عن رسالته الشهیرة لأبي عمرو القسطلي (السلاوي، 6/33).

المصادر

الأزهري، محمد البشیر ظافر، الیواقیت الثمینة في أعیان مذهب عالم المدینة، مطبعة العلاجئ، 1324هـ؛ الأمین، حسن، الموسوعة الإسلامیة، بیروت، 1396هـ/ 1976م؛ البغدادي، هدیة، م.ن، إیضاح؛ التیموریة، الفهرست؛ الخدیویة، الفهرست؛ الزرکلي، الأعلام؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1955م؛ کحالة، عمررضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1376هـ؛ مجموعة مختارة لمخطوطات عربیة نادرة، بیروت، 1407هـ/1986م؛ محمد الصغیر، نزهة الحادي بأخبار ملوک القرن الحادي، تقـ: هوداس، الرباط، مکتبة الطالب؛ المراکشي، عباس، الإعلام بمن حل مراکش وأغمات من الأعلام، فاس، 1355هـ/ 1936م؛ وأیضاً:

EI2, S; Fagnan, E., Extraits inédits relatifs au Maghreb, Alger, 1924; GAL.

أبوالحسن دیانت/ ن.