اِبْنُ ماجَة، أبوعبدالله محمد بن یزید الرَبَعي القزویني (209-22 رمضان 273هـ/824-20 شباط 887م)، محدث کبیر و جامع السنن، سادس الصحاح الستة في الحدیث. و ماجة لقب والده (الرافعي، 2/49، نقلاً عن عدد من المدونات القدیمة؛ قا: ابن طاووس، 1/180)، کانت أسرته موالیة لقبیلة ربیعة العربیة فعرف بالربعي (ابن نقطة، 1/125، نقلاً عن تاریخ قزوین لأبي یعلی الخلیلي). ویعتبر ما خطه تلمیذه جعفر بن إدریس المصدر الأساس لسنة ولادته ووفاته (ابن القیسراني، 21). والناحیة الوحیدة التي أکثر من الحدیث عنها في حیاة ابن ماجة هي رحلاته العلمیة و شیوخه فیها. و یبدو من الروایات و المصادر التي ترجمت له والتي تتفق وأسانید السنن أن ابن ماجة شد رحال السفر بعد أن سمع من مشایخ مسقط رأسه قزوین کعلي بن محمد الطنافسي و أبي محمد عمرو بن رافع. ولکن لایمکن الجزم في ترتیبها إذ لم یرد في المصادر تاریخ لرحلاته. وعلی کل حال فقد قضی فترة بالعراق في طلب العلم، فسمع في الکوفة من کبار المحدثین کأبي کریب محمد بن العلاء وأبي بکر و عثمان ولدي أبي شیبة و محمد بن عبدالله بن نمیر و هناد بن السري، و في البصرة من نصر بن علي الجهضمة و محمد بن بشار بندار و غیرهما، و في واسط من أحمد بن سنان القطان و تمیم بن المنتصر وآخرین، و في بغداد من أبي خیثمة زهیر بن حرب و أبي ثور إبراهیم بن خالد و غیرهما. کما أقام في الشام و سمع في دمشق من هشام بن عمار و عبدالرحمان بن إبراهیم دُحَیم و عبدالرحمان بن أحمد بن بشیر بن ذکوان و غیرهم، و في حمص من محمد وبن المصفی و هشام بن عبدالملک الیزني وآخرین. وسافر إلی مصر أیضاً و سمع عدداً من مشایخها مثل محمد بن رمح و أبي طاهر ابن سرح و یونس بن عبدالأعلی، کما سمع عدداً من الشیوخ أثناء حضوره بمکة و المدینیة (ابن نقطة، 1/122-123، أیضاً 1/125-126، نقلاً عن تاریخ الخلیلي؛ یاقوت، 4/90-91، نقلاً عن تاریخ همدان لشیرویه الدیلمي؛ ابن عساکر، 16/125).

ویمکن بدراسة مشایخه تخمین سني أسفاره إلی الغرب في نحو 230-240هـ. أما فیما یتعلق برحلاته إلی الشرق، فرغم أننا نعلم أنه حط في الري و نیسابور، و أنه سمع في الري من محمد بن حمید الرازي (تـ 248هـ)، وفي نیسابور من محمد بن یحیی الذهلي (تـ 258هـ) (ابن نقطة، 1/126)، إلا أن تخمین تفاصیل هذه الرحلات یحتاج إلی مزید من الدراسات. ویبدو من حدیث مؤرخي قزوین کالخلیلي و الرافعي عن حیاة ابن ماجة و کذلک من دراسة تلامذته أنه عاد إلی قزوین بعد رحلاته واشتغل هناک بالتدریس و التألیف. ویمکن أن نذکر من تلامذته علي بن إبراهیم القطان و محمد بن عیسی الصفار الأبهري و إسحاق بن محمد القزویني و أبا عمرو أحمد بن محمد المدیني و أبا الطیب أحمد بن روح البغدادي (للاطلاع علی فهرست تلامته، ظ: ن.ص؛ یاقوت، 4/91؛ الرافعي، 2/49-50).

توفي ابن ماجة في قزوین ورثاه الشعراء (ظ: م.ن، 2/50-53؛ حمدالله، تاریخ …، 630، 813)، وکان مزاره في قزوین معروفاً لمدة طویلة (ظ: م.ن، نزهة …، 59، تاریخ، 784). ورغم شهرة ابن ماجة فإن مصادر ترجمته جد یسیرة، والمعلومات عن حیاته قلیلة (ظ: دراسة المصادر بعد سطور). و بنظرة عمیقة إلی المصادر المتعلقة به یتبین وجود علاقة مباشرة طوال التاریخ بین اشتهار شخص ابن ماجة و شهرة کتابه المعروف السنن، أي إنه کان أقل شهرة في القرون الأولی، کما أن السنن، کان أقل انتشاراً.

بدایة انتشار سنن ابن ماجة

بالمقارنة مع بقیة الصحاح الستة یمکن القول إن سنن ابن ماجة کان ینتشر محلیاً علی الأغلب ولاسیما في إیران. و بعبارة أخری قل أن تجاوز حدود إیران و لاسیما قزوین خلال روایة جیل لجیل في مدة ثلاثة قرون، ویمکن اعتبار الأوساط العلمیة المحدودة بقزوین، و علاقتها الضعیفة نسبیاً ببقیة المراکز أحد تلک العوامل.

کان ابن ماجة یقرأ في قزوین السنن علی تلامذته وأخذه عنه علي بن إبراهیم القطان القزویني وأحمد بن إبراهیم الخلیلي القزویني وسلیمان ابن یزید الفاسي القزویني وحامد بن لیثوبه الأبهري و محمد بن عیسی الأبهري و إبراهیم بن دینار الهمداني و غیرهم. و غلبت روایة القطان علی غیره. و عن ماضي الروایات الأخری الغامض، هناک من المعلومات مایکفي للقول إن روایة القزوینیین و الأبهریین ظلت مدة في منطقة قزوین (ظ: الخلیلي، 2/765-766؛ الرافعي، 2/50، 134، 3/343). وربما وصلت روایة إبراهیم الهمداني إلی العراق عن طریق همدان، وقد بقیت مخطوطتها إلی القرن 7 هـ دون الإشارة إلی انتشارها (ظ: ابن طاووس، ن.ص).

وکان لمکانة القطان بین أهل الحدیث و حیاته التي دامت إحدی وتسعین سنة أن التف حوله جماعة أخذوا السنن عنه، وقد تغلبت روایة أبي طلحة القاسم بن أبي المنذر القزویني علی بقیة أفراد هذه الجماعة، وراجت روایة أبي بکر ابن لال الهمداني قلیلاً في الدرجة الثانیة (ظ: أبوطالب الحسني، 138، 150؛ القاضي الأردبیلي، الورقة 185 الف؛ الجورقاني، 1/108-109، مخـ؛ ابن نقطة، 1/186، 286؛ الرافعي، 3/40، 95، 226، 343). کما نشر تلمیذ القطان الآخر عبدالرحمان بن أحمد القزویني بعض أحادیث السنن في بغداد سنة 409هـ أثناء مروره بها (ظ: الخطیب، تاریخ …، 10/303، السابق …، 118، لایخلو سنده من الضعف؛ قا: ابن ماجة، 1/647). وکان أبوطلحة القزویني یحدث بکتاب السنن في قزوین وقد مرّ مایزید عن 60سنة علی وفاة القطان، ویسمعه منه جماعة من المحدثین (ابن نقطة، 1/50، 2/225؛ الرافعي، 3/71، 438، 4/19)، منهم محمد بن الحسین المقومي القزویني الذي کان آنذاک في أول شبابه و استطاع أن یحافظ علی السنن نحو 80 سنة، وأن یتحدث به في قزوین في 480-481هـ (للاطلاع علی انتشار روایات مجالس المقومي بقزوین في القرن 6 هـ، ظ: أبوالخیر الحاکمي، 124؛ ابن نقطة، 1/70، 77، 2/274؛ الرافعي، 1/144، 2/78، 114، 3/85، مخـ).

إلا أن انتشار السنن بالري في منتصف القرن 5 هـ عن طریق روایة واقد بن الخلیل (عن علي بن الحسن بن إدریس عن القطان) وبشکل محدود (ابن نقطة، 1/50، 2/287). والحقیقة أنه یمکن اعتبار عام 484هـ/1091م الذي دخل فیه محمد بن الحسین المقومي الري وحدث بالسنن بروایة أبي طلحة (ظ: م.ن، 1/49-50) منعطفاً في تاریخ انتشار هذا الکتاب، فقد حضر مجلسه و سمع السنن منه هناک عدد من المحدثین مثل ابن ناصر البغدادي و أبي سعد عبدالرحمان الحصیري و أبي القاسم محمد الطالقاني وابن القیسراني وابنه أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي. وحمل ابن ناصر السنن معه إلی بغداد، وأخذه عنه ابن شهرآشوب و ابن الجوزي و غیرهما (ابن شهرآشوب، 1/9؛ ابن الجوزي، الموضوعات، 2/55؛ قا: الذهبي، سیر …، 21/366)، تم وقعت روایة الحصیري و الطالقاني بید عدد مثل السمعاني بخراسان و ابن عساکر في الشام (السمعاني، الأنساب، 12/405، التحبیر، 1/396؛ ابن عساکر، 16/125؛ للاطلاع علی نماذج من انتشار السنن في الري، ظ: السمعاني، ن.م، 2/328، المنتخب، الورقة 270 ألف – ب).

والجدیر بالذکر أن أبازرعة المقدسي (کان حیاً في 480هـ) کان صغیراً حین اشتراکه في مجالس المقومي، والنسخة التي کان یرویها هي في الواقع المتن الذي أخذه والده ابن القیسراني عن المقومي، ثم استنسخه (ابن نقطة، 1/50، 2/39؛ قا: الذهبي، ن.م، 19/365). وکانت فترة الـ 80 عاماً من بدایة جلسات المقومي حتی وفاته (566هـ) عاملاً لاعتبار أبي زرعة المقدسي – الشاهد الوحید لتلک المجالس – فیتوجه إلیه طلاب السنن، کما أدی تطلعهم لسند أعلی إلی إیداع روایة الطلاب الآخرین في زوایا النسیان، والعامل الآخر للتوجه إلی أبي زرعة أنه ذهب إلی بغداد في نحو 560هـ، و عمل هناک علی نشر السنن (ابن نقطة، 2/38-39؛ قا: ابن الدمیاطي، 132).

وأخیراً لابد من القول إن سنن ابن ماجه کان کما یروي ابن القیسراني ینال قدراً وافیاً من الانتشار والاعتبار في القرن 5هـ بمنطقه الجبال وجنوب خراسان (قهستان) و مازندران، بینما مازال غیر معروف عند أهل العلم کما ینبغي في المناطق الأخری (ظ: ابن نقطة، 1/124، نقلاً عن المنثور لابن القیسراني). وتصدق عدم المعرفة هذه حتی بالنسبة إلی بعض مناطق إیران کشمال خراسان أیضا (ظ: الصریفیني، مخـ؛ الذهبي، ن.م، 18/165).

ازدیاد انتشار سنن ابن ماجة

من دراسة الأسانید الباقیة عن تداول السنن یمکن الاستنتاج أن انتشاره الکبیر بدأ بأبي زرعة المقدسي، ووصل إلی کماله بفضل مساعي طلابه العراقیین و الشامیین. وکان أکثر هؤلاء الطاب تأثیراً موفق‌الدین ابن قدامة المقدسي و عبداللطیف بن یوسف البغدادي و عبداللطیف بن محمد القبیطي و عمر بن محمد السهروردي والأنجب بن أبي السعادات الحمامي و أبوبکر ابن باقا الذین یعتبرون حلقات الوصل في سلسلة روایات سنن ابن ماجة المتداولة (للاطلاع علی أسانید روایات أبي زرعة، ظ: الحازمي، الاعتبار، 173، مخـ؛ ابن قدامة، التبیین …، 226؛ ابن نقطة، 2/38-39، 135، 182-183؛ ضیاء المقدسي، المستخرج…، 1/196؛ الکنجي، البیان، 99؛ الجویني، 1/58؛ الذهبي، ن.م، 13/280، 22/352؛ السبکي، تقي‌الدین، 47؛ السبکي، تاج‌الدین، 1/5، 159؛ ابن الجزري، 122-123؛ ابن تغري بردي، 3/70؛ الکوراني، 13؛ النخلي، 17-18؛ البصري، 8؛ الفلّاني، 21-22؛ الشوکاني، 46-47؛ الترمسي، 16؛ وأیضاً أسانید المغربي في السطور التالیة).

ویبدو من الأسانید التي مر ذکرها أن سنن ابن ماجة عرف بشکل واسع في العراق و الشام ثم في مصر منذ النصف الثاني من القرن 6هـ. وبشکل أدق یشاهد النقل کثیراً من السنن في آثار مؤلفي هذه المناطق منذ هذه الفترة (کنموذج، ظ: ابن الصابوني، 346؛ ابن قدامة، المغني، 1/44، مخـ؛ ضیاء المقدسي، ن.م، 1/196، مخـ، فضائل …، 38، مخـ؛ البکري، 56، مخـ؛ المنذري، عبدالعظیم، 1/37، مخـ؛ الکنجي، ن.م، 100، مخـ، کفایة …، 53، مخـ؛ المنذري، محمد، 92، 131؛ المقدسي، یوسف، 59، مخـ؛ النووي، 27؛ المحب الطبري، 1/8، مخـ؛ و عن مخطوطة السنن المؤرخة في 370هـ ونیف والتي بقیت حتی القرن 9هـ، ظ: ابن حجر، فتح …، 7/27). ویبدو من الطبیعي أن تنفتح لهذا الکتاب طرق المغرب والأندلس بعد الشام و مصر. ففي القرنین 6 و 7 هـ / 12 و 13م لانجد أثراً لسنن ابن ماجة في الفهارس المغربیة مثل: فهرس ابن عطیة و فهرسة ابن خیر و برنامج الرعیني، ولکن لدینا ما یدل علی معرفة المغاربة بالسنن إلی حدما، وعلی سبیل المثال قدوم محمد إبراهیم بن الخطاب المغربي إلی قزوین أثنا رحلته العلمیة بُعید 580هـ، وسماعه السنن (ظ: الرافعي، 1/144). کما أن محمد بن أحمد القرطبي (تـ 671هـ) أفاد من السنن ونقل عنه مراراً (ظ: القرطبي، التذکرة، 1/21، مخـ، الجامع…، 1/28 مخـ). کما استند ابن خلدون في مقدمته (1/561، مخـ) إلی سنن ابن ماجة في القرن 8 هـ. ثم أخذ ابن رشید (3/224، 299) والوادي آشي (ص 202، 203) وابن غازي (ص 53، مخـ) روایة أبي زرعة المشهورة عن مشایخ المشرق و دونوها في فهارس المغرب، کما یمکن أن تشاهد روایة السنن بأسانید مختلفة في الفهارس المغربیة مثل ثبت البلوي (ص 117) وصلة الخلف للروداني (ص 66-67) بعد القرن 9هـ (قا: EI2، حیث قال فوک إن سنن ابن ماجة لم یلق أي اهتمام في المغرب).

سنن ابن ماجة سادس الصحاح الستة

لیس من الواضح في الأساس وجود نظریة باسم «الصحاح الستة» أو «الصحاح الخمسة» مثلاً قبل القرن 5هـ، لیصبح بالإمکان الحدیث من خلال ذلک عن وجود سنن ابن ماجة. والحقیقة أن أول شخصیة معروفة أوردت نظریة الصحاح الستة بالمشرق في کتابي شروط الأئمة الستة و أطراف الکتب الستة هي ابن القیسراني (تـ 507هـ)، حیث اعتبر ابن ماجة مؤلف سادس الصحاح الستة (إلی جانب البخاري و مسلم و أبي داود و الترمذي والنسائي؛ قا: GAL, I/171، حیث یظن بروکلمان أن سنن ابن ماجة لم یصبح ذا صفة رسمیة حتی أواخر القرن 6هـ). وبعد ابن القیسراني کان ابن عساکر قد جمع في مصنف باسم الأشراف «أطراف» السنن الثلاثة، وبعد قراءة کتاب ابن القیسراني أضاف إلیها «أطراف» سنن ابن ماجة أیضاً (ظ: حاجي خلیفة، 1/103، نقلاً عن الأشراف). کما جمع عبدالغني الجمّاعیلي المقدسي (تـ 600هـ) رجال الصحاح الستة في الکمال الذي اعتمد علیه المزّي فیما بعد في تهذیب الکمال (للاطلاع علی أدلة تشیر إلی انتشار السنن لابن ماجة باعتباره صحیحاً سادساً في أواخر القرن 6هـ وأوائل القرن 7هـ في إیران، ظ: الرافعي، 1/7، 2/49؛ الرازي، 1/392). وعلی کل حال فقد توطدت في المشرق نظریة الصحاح الستة بوضوح في القرنین 7 و 8هـ (کمثال، ظ: ابن خلکان، 4/279؛ أبوالفداء، 2/54؛ البرزالي، 1/382؛ المزّي، تهذیب…، 1/47، مخـ، تحفة …، 1/3، مخـ؛ الذهبي، الکاشف، 1/49، مخـ؛ ابن کثیر، «اختصار …»، 235)، ولکن لابد من الأخذ بنظر الاعتبار أنه کان إلی جانب النظریة الغالبة، نظریة الصحاح الخمسة (ظ: الحازمي، «شروط …»، 31؛ ابن صلاح، 112، 585؛ قا: ابن جماعة، 38، 109) ونظریات أخری وبشکل محدود جداً وکانت تورد سنن الدارمي مع حذف کتاب ابن ماجة أو ذکره (ظ: السخاوي، 1/87؛ الکتاني، 13؛ حمدالله، تاریخ، 630).

وقد عد رزین العبدري (تـ 525 هـ) الکتب الخمسة مع موطأ مالک هي الصحاح الستة، في الوقت الذي لم یکن المغرب المالکي المذهب قداطلع علی سنن ابن ماجة، حتی إن بعض الشرقیین کابن الأثیر الجزري قبلوا هذه النظریة في القرن 6هـ (ظ: ابن الأثیر، مجدالدین، 1/19-21)، ولکن مع انتشار سنن ابن ماجة وجدت نظریة الصحاح الستة الشرقیة طریقها إلی المغرب أیضاً (مثلاً ظ: ابن رشید، 3/223-224).

وبمقارنة ماتضمنه سنن ابن ماجة مع ماورد في الصحاح الأخری فإن هذا الکتاب یأتي في الدرجة السادسة دائماً من حیث قیمة الأحادیث، وقد انتقدت أحادیثه أکثر من مرة. وکان أول نقد شوهد لأبي زرعة الرازي (تـ 264هـ) و هو من محدثي الري الکبار، فبعد أن قرأ السنن أشار – في الوقت الذي أثنی علیه – إلی وجود عدد من الأحادیث الضعیفة (ظ: ابن القیسراني، 21؛ ابن عساکر، 16/125-126، نقلاً عن خطین قدیمین؛ ابن حجر، تهذیب …، 9/532، نقلاً عن المنثور لابن القیسراني). ثم یأتي بعده أبوالحسن القطان (تـ 345هـ) أهم راو للسنن، حیث یری أن بعض أسانید الکتاب معللة، وعلق علی حواشیه (ابن نقطة، 2/186؛ الذهبي، سیر، 13/279؛ قا: المیّانشي، 25؛ للاطلاع علی نماذج من نقد المتأخرین، ظ: الذهبي، ن.م، 13/278-279؛ ابن حجر، ن.م، 9/531).

وبغض النظر عن مسألة صحة الأسانید فإن حسن الترتیب و التبویب یعتبر من مزایا سنن ابن ماجة بالنسبة إلی غیره من الکتب (ظ: ابن نقطة، وماذکره القطان عن الترتیب الأول للکتاب (ظ: ابن نقطة، ن.ص؛ قا: ابن طاووس، 1/180، نقلاً عن مخطوطة إبراهیم بن دینار الهمداني بتاریخ 300هـ) یتفق تماماً مع الترتیب الحالي، وهذا یدل علی أن ترتیب سنن ابن ماجة أصیل خلافاً لبعض الکتب الأخری، ولایتعلق بالفترات التالیة (للاطلاع علی مزید من التفاصیل عن هذا الکتاب، ظ: ن.د، سنن ابن ماجة).

آثاره الأخری

ذکر لابن ماجة مصنفان بالإضافة إلی السنن: 1. التاریخ، ذکره الخلیلي، وابن القیسراني (ن.ص) الذي رأی نسخة منه أنه مرتب علی أساس الشخصیات و المناطق و یضم من عهد الصحابة إلی عهدالمؤلف، وقد نقل عنه الرافعي في بعض المواضع (2/50، 433؛ للاطلاع علی مانقل عنه مباشرة أو غیر مباشرة من التاریخ، ظ: ابن عساکر، 16/125؛ الذهبي، ن.م، 10/86). نشر في مجلة مجمع اللغة العربیة بدمشق في 1979م کتاب تاریخ الخلفاء باسم ابن ماجة بروایة أبي بکر السدوسي عن شخص باسم أبي عبدالله محمد بن یزید، ولایمکن أن یکون جزءاً من التاریخ المفقود لابن ماجة نظراً للشواهد الموجودة في متنه؛ 2. تفسیر، ذکره من القدماء الخلیلي (ابن القیسراني، ن.ص)، ولم یُذکر عنه شيء لمدة طویلة. وفي مطلع القرن 7هـ أورد ابن تیمیة (ص 80) اسمه فقط بین عدد من التفاسیر الروائیة، ثم ذکر المزّي بعده أنه وقع علی جزأین فقط من تفسیر ابن ماجة وقد عمل في مواضع عدیدة من تهذیب الکمال علی دراسة أسانیده (ظ: 1/150، 247، مخـ). والکتاب مفقود في الوقت الحاضر.

دراسة المصادر

أقدم المصادر عن ابن ماجة کتابات متفرقة لتلامذته و غیرهم، مثل کتابات إبراهیم بن دینار علی نسخة من السنن (ظ: ابن طاووس، ن.ص)، وجعفر بن إدریس علی ظهر التاریخ لابن ماجة (ظ: ابن القیسراني، ن.ص؛ یاقوت، 4/91)، و علي بن إبراهیم القطان (ظ: ابن نقطة، ن.ص؛ الرافعي، 2/49)، وهبة الله بن زاذان (ن.ص). وأبي حاتم خاموش علی ظهر نسخة قدیمة (ظ: ابن القیسراني، ن.ص). و کتابة مجهولة أفاد منها منتجب‌الدین الرازي (ظ: ابن عساکر، 16/125-126). وبالإضافة إلی هذه الکتابات المتفرقة، وردت في القرن 4 هـ معلومات عن ابن ماجة في تاریخ همدان لصالح بن أحمد (ظ: الذهبي، ن.م، 13/188). وفي القرن 5هـ ذکر کل من الخلیلي ترجمة له في تاریخ قزوین و شیرویه الدیلمي في تاریخ همدان. والجدیر بالذکر أن الخلیلي لم یتطرق إلی ترجمته في القسم المتعلق بقزوین في الإرشاد (ظ: ابن القیسراني، ن.ص؛ ابن نقطة، 1/125-126؛ المزّي، ن.م، 17/336؛ ابن کثیر، البدایة، 11/52؛ یاقوت، 4/90-91). بینما لم یورد ابن ماکولا إلا الیسیر من المعلومات عنه (7/199)، وجمع ابن القیسراني في الشروط ما أوردته بعض المصادر المذکورة عن ابن ماجة (ن.ص)، غیر أن بعض المعلومات التي ذکرها في المنثور جمعها بنفسه (ظ: ابن نقطة، ن.ص؛ ابن حجر، ن.م، 9/532). وفي القرن 6هـ أفاد ابن عساکر أثناء تألیفه تاریخ مدینة دمشق مما أورده ابن القیسراني في الشروط و من مذکرة لمنتجب‌الدین و ربما بعض المعلوما من تاریخ همدان لشیرویه (ابن عساکر، 16/125). وترجمة ابن ماجة المختصرة والتي أوردها ابن الجوزي في المنتظم (5/90) اقتباس من الشروط لابن القیسراني. وفي أوائل القرن 7 هـ نجد جِدّة فیما أورده الرافعي في التدوین (2/49-53) وإلی حدّما ابن نقطة في التقیید (1/122-126) فقط. والمصدر الأساس الذي اعتمد علیه یاقوت في معجم البلدان (ن.ص) هو تاریخ همدان لشیرویه الدیلمي ولم ضف عزالدین ابن الأثیر في الکامل (7/425) شیئاً علی ماذکره ابن الجوزي.

وکان عدد آخر من أفراد أسرة ابن ماجة من العلماء المعروفین أیضاً بقزوین، مثل أخیه أبي محمد الحسن بن یزید (ظ: الخطیب، تاریخ، 7/453؛ الرافعي، 2/50، 439)، وابنه أبي الحسن أحمد بن الحسن (ظ: السهمي، 108، مخـ؛ الجورقاني، 1/172؛ الرافعي، 2/157، مخـ) وابنه علي بن أحمد (ظ: م.ن، 3/328؛ وعن نجل ابن ماجة عبدالله و شقیق ابن ماجة الآخر أبي بکر بن یزید، ظ: ابن القیسراني ن.ص؛ الرافعي، 2/50).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الأثیر، مجدالدین، جامع الأصول، تقـ: محمدحامد الفقي، القاهرة، 1370هـ/1950م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن تیمیة، أحمد، مقدمة في أصول التفسیر، تقـ: عدنان زرزور، بیروت، 1392هـ/ 1972م؛ ابن الجزري، محمد، أسنی المطالب، تقـ: محمدهادي الأمیني، أصفهان، 1400هـ؛ ابن جماعة، محمد، المنهل الروي، تقـ: محیي‌الدین عبدالرحمان رمضان، دمشق، 1406هـ/1986م؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1357هـ؛ م.ن، الموضوعات، تقـ: عبدالرحمان محمدعثمان، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذیب التهذیب، حیدرآبادالدکن، 1326هـ؛ م.ن، فتح الباري، القاهرة، 1348هـ؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: ف. قداره، بغداد، 1963م؛ ابن الدمیاطي، أحمد، المستفاد، حیدرآبادالدکن، 1391هـ/1971م؛ ابن رشید، محمد، ملء العیبة، تقـ: محمد الحبیب ابن الخوجة، تونس، 1402هـ/ 1983م؛ ابن شهرآشوب، محمد، مناقب آل أبي طالب، قم، المطبعة العلمیة؛ ابن الصابوني، محمد، تکملة إکمال الإکمال، بیروت، 1406هـ/1986م؛ ابن الصلاح، تقي‌الدین، مقدمة، تقـ: عائشة عبدالرحمان، القاهرة، 1974م؛ ابن طاووس، علي، الطرائف، قم، 1400هـ؛ ابن عساکر، علي، تاریخ مدینة دمشق، [عمان]، دار البشیر؛ ابن عطیة، عبدالحق، فهرس، تقـ: محمد أبوالأجفان و محمد الزاهي، بیروت، 1983م؛ ابن غازي، محمد، فهرس، تقـ: محمد الزاهي، الدار البیضاء، 1399هـ/1979م؛ ابن قدامة، عبدالله، التبیین في أنساب الفرشیین، تقـ: محمد نایف الدلیمي، بیروت، 1408هـ/1988م؛ م.ن، المغني، بیروت، 1404هـ/1984م؛ ابن القیسراني، محمد، شروط الأئمة الستة، تقـ: طارق المسعود، بیروت، 1408هـ/1988م؛ ابن کثیر، «اختصار علوم الحدیث»، مع الباعث الحثیث، تقـ: أحمد محمدشاکر، بیروت، 1403هـ/1983م؛ م.ن، البدایة؛ ابن ماجة، سنن، تقـ: محمدفؤاد عبدالباقي، القاهرة، 1952-1953م؛ ابن ماکولا، علي، الإکمال، تقـ: نایف العباس، بیروت، نشر محمدأمین دمج؛ ابن نقطة، محمد، التقیید، حیدرآبادالدکن، 1403-1404هـ/1983-1984م؛ أبوالخیر الحاکمي، «کتاب الأربعین المنتقی»، مجلة تراثنا، قم، 1405هـ، عد 1؛ أبوطالب الحسني، یحیی، تیسیر المطالب، تقـ: یحیی عبدالکریم الفضیل، بیروت، 1395هـ/ 1975م؛ أبوالفداء، المختصر في أخبار البشر، بیروت، دار المعرفة؛ البرزالي، قاسم، مشیخة قاضي القضاة… ابن جماعة، تقـ: موفق بن عبدالله بن عبدالقادر، بیروت، 1408هـ 1988م؛ البصري، عبدالله، «الإمداد»، رسائل خمسة أسانید، حیدرآبادالدکن، 1328هـ/1910م؛ البکري، الحسن، کتاب الأربعین حدیثاً، تقـ: محمد محفوة، بیروت، 1400هـ/1980م؛ البلوي، أحمد، ثبت، تقـ: عبدالله العمراني، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ الترمسي، محمد محفوة، کفایة المستفید، تقـ: محمد یاسین الفاداني، بیروت، 1408هـ/1987م؛ الجورقاني، الحسین، الأباطیل و المناکیر، تقـ: عبدالرحمان عبدالجبار الفریوائي، بنارس 1403هـ/1983م؛ الجویني، إبراهیم، فرائد السمطین، تقـ: محمدباقر المحمودي، بیروت، 1398هـ/1978م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الحازمي، محمد، الاعتبار، حیدرآبادالدکن، 1400هـ/1980م؛ م.ن، «شروط الأئمة الخمسة»، مع شروط الأئمة الستة (ظ: همـ، ابن القیسراني)؛ حمدالله المستوفي، تاریخ گزیده، تقـ: عبدالحسین نوائي، طهران، 1362ش؛ م.ن، نزهة القلوب، تقـ: ج. لسترنج، لیدن، 1915م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ م.ن، السابق واللاحق، تقـ: محمدبن مطر الزهراني، الریاض، 1402/1982م؛ الخلیلي، الخلیل، الإرشاد، تقـ: محمدسعید بن عمر إدریس، الریاض، 1409هـ/1989م؛ الذهبي، محمد، سیرأعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وآخرون، بیروت، مؤسسة الرسالة؛ م.ن، الکاشف، تقـ: عزت علي عید عطیة وموسی محمدعلي الموشي، القاهرة، 1392هـ/1972م؛ الرازي، محمد، نزهة الکرام، تقـ: محمد شیرواني، 1361ش؛ الرافعي، عبدالکریم، التدوین في أخبار قزوین، حیدرآباد الدکن، 1985م؛ الروداني، محمد، صلة الخلف، تقـ: محمد حجي، بیروت، 1408هـ/1988م؛ السبکي، تاج‌الدین، طبقات الشافعیة الکبری، تقـ: محمود محمد الطناحي و عبدالفتاح محمد الحلو، القاهرة، 1383هـ/1964م؛ السبکي، تقي‌الدین، شفاء السقام، حیدرآباد الدکن، 1402هـ/ 1982م؛ السخاوي، محمد، فتح الغیث، بیروت، 1403هـ/1983م؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، حیدرآبادالدکن، 1401هـ/1981م؛ م.ن، التحبیر، تقـ: منیرة ناجي سالم، بغداد، 1395هـ/1975م؛ م.ن، المنتخب، مخطوطة مکتبة أحمد الثالث بإستانبول، رقم 2953؛ السهمي، حمزة، تاریخ جرجان، بیروت، 1407هـ/1987م؛ الشوکاني، محمد، «إتحاف الأکابر»، رسائل خمسة أسانید، حیدرآبادالدکن، 1328هـ/1910م؛ الصریفیني، إبراهیم، تاریخ نیسابور (منتخب السیاق لعبد الغافر الفارسي)، تقـ: محمدکاظم المحمودي، قم، 1403هـ؛ ضیاءالمقدسي، محمد، فضائل الأعمال، تقـ: مجدي السید إبراهیم، القاهرة، 1407هـ؛ م.ن، المستخرج من الأحادیث المختارة، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ الفلّاني، صالح، «قطف الثمر»، رسائل خمسة أسانید، حیدرآبادالدکن، 1328هـ/1910م؛ القاضي الأردبیلي، عبدالله، فوائد، مخطوطة في المکتبة الظاهریة، رقم (13) 3764؛ القرطبي، محمد، التذکرة، تقـ: فواز أحمد الزمرلي، بیروت، 1408هـ/1988م؛ م.ن، الجامع لأحکام القرآن، القاهرة، 1372هـ/1952م؛ الکتاني، محمد، الرسالة المستطرفة، إستانبول، 1986م؛ الکنجي، محمد، البیان، تقـ: محمدمهدي الخرسان، قم، 1399هـ/1979م؛ م.ن، کفایة الطالب، تـ: محمدهادي الأمیني، النجف، 1390هـ؛ الکوراني، إبراهیم، «الأمم لإیقاظ الهمم»، رسائل خمسة أسانید، حیدرآبادالدکن، 1328هـ/1910م؛ المحب الطبري، أحمد، الریاض النضرة، بیروت، 1405هـ/ 1984م؛ المزّي، یوسف، تهذیب الکمال، تقـ: بشار عواد معروف، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ م.ن، تحفة الأشراف، بومباي، 1384هـ/ 1965م؛ المقدسي، عبدالغني، الکمال في معرفة الرجال، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ المقدسي، یوسف، عقد الدرر، تقـ: عبدالفتاح محمد الحلو، القاهرة، 1399هـ/1979م؛ المنذري، عبدالعظیم، الترغیب والترهیب، تقـ: مصطفی محمد عمارة، بیروت، 1388هـ/ 1968م؛ المنذري، محمد، مشیخة النعّال البغدادي، تقـ: ناجي معروف و بشار عواد معروف، بغداد، 1395 هـ/ 1975م؛ العیانشي، أبوحفص، «إیضاح مالایسع المحدث جهله»، ثلاث رسائل في علوم الحدیث، تقـ: علي حسن علي عبدالحمید، الزرقاء [الأردن]، الوکالة العربیة؛ النخلي، أحمد، «بغیة الطالبین»، رسائل خمسة أسانید، حیدرآبادالدکن، 1328هـ/1910م؛ النووي، یحیی، الأذکار، تقـ: محیي‌الدین الشامي، دار البشائر؛ الوادي آشي، محمد، برنامه، تقـ: محمد محفوة، بیروت، 1982م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

EI2; GAL.

أحمد پاکتچي/ ن.