اِبْنُ اللُّبوديّ، أبوالعباس شهاب‌الدین أحمد بن خلیل بن أحمد ابن إبراهیم اللبودي (834-896هـ/ 1431-1491م)، مؤرخ وأدیب ومحدث شافعي، عرف بابن عُرعُر أیضاً. ولد في الصالحیة بدمشق و کانت آنذاک مرکزاً للعلماء و الفقهاء و المحدثین (السخاوي، 1/293). وکانت أسرته کلها محدثنی من أهل علم و معرفة، ولکنهم کانوا یکسبون معاشهم عن طریق المهنة (ظ: م.ن، 3/189، 11/260). وکان والده من محدثي الصالحیة، کما کان جده لأمه جمال‌الدین یوسف بن محمد الحَجیني (ح 773-849هـ) قطّاناً في سوق الصالحیة و هو محدث حنفي وصاحب إسناد وله تلامذة أیضاً (م.ن، 10/328). اشتهر مع أبیه بابن عُرعُر (م.ن، 3/189: وهي بمعنی رئیس و کبیر).، و ربما تدل علی مکانتهما و شهرتهما في الصالحیة.

وقد عُهد بابن اللبودي في أول نشأته إلی شعبان بن محمد بن جمیل المحدث الحنبلي من أهل الصالحیة، بعد أن حفظ القرآن الکریم و قرأ الکتب الضروریة، وذلک لیتعرف علی التاریخ و الحدیث، وسمع منه قسماً کبیراً من سیرة ابن هشام (م.ن، 1/293). ثم التحق بعدد من حلقات الدرس في الصالحیة لیتابع مسیرته العلمیة. فکان من أساتذته في الآداب العربیة شهاب‌الدین ابن زید، وفي الفقه بدرالدین ابن قاضي شهبي وزین‌الدین ابن النشاوي (ن.ص)، و تخرج بالحدیث علی الخیضري (محمد ابن محمد بن خیضر) الذي تعرف علیه عند أول مرب له و أستاذ. کما سمع من محدثین کبار آخرین کشهاب‌الدین ابن عبدالهادي و مجیر‌الدین ابن الذهبي. و یقول السخاوي: لما دخلت دمشق سمع ابن اللبودي بقراءتي علی جمع من شیوخها (ن.ص).

حجّ ابن اللبودي ولقي تقي‌الدین ابن فهد وسمع منه الحدیث (ن.ص؛ أیضاً ظ: GAL, S,II/225). ومابقی له من آثار یدل علی تبحره في الحدیث وسعیه للوصول إلی الأسانید العالیة. ومع ذلک یبدو مما ذکره السخاوي (ن.ص) أنه یعمل علی جمع المعلومات التاریخیة علی الأکثر.

وکان ابن اللبودي مغرماض بالنظم و النثر و الآداب العربیة فضلاً عن الحدیث و التاریخ. و قد حصل السخاوي علی مجموعة من أقواله ومدوناته مباشرة أثناء إقامته في دمشق، ثم عن طریق المراسلة، وأثنی علی ما کابده ابن اللبودي من مشقة لتعلم الشعر والنثر العربیین في شبابه (ن.ص)، وأورد له 5 أبیات من نظمه (1/294).

عمل ابن اللبودي في دمشق مفتشاً للمدارس والموقوفات بباب البرید. و یقول السخاوي إنه کان ذکیاً متواضعاً و متودداً لطیفاً. و یبدو أنه وقع بینه و بین السخاوي و حشة، ولکنه استطاع بوساطة ابن فهد وإهدائه کتبه المنظومة و المنثورة أن یعید ماانقطع من حبل الود و الصداقة معه (م.ن، 1/293). لم تتخط قدمه الصالحیة ودمشق طیلة حیاته سوی لزیارة بیت الله الحرام، وتوفي فیها وصلي علیه بالجامع الأموي ثم بالجامع المظفري، ودفن عند أبیه (م.ن، 1/294).

یبدو أنه لم یکن لابن اللبودي مجلس درس ولاتلامذة، ولذلک لم یعرف في تاریخ العلم و الأدب کما یجب، ومعلوماتنا عن حیاته تقتصر علی ماأورده السخاوي تقریباً، وأکثر کتبه مفقود، وأغلب مابقي له لایزال مخطوطاً مبعثراً في مکتبات العالم.

آثاره

ألف- المطبوعة

1. إخبار الأخبار بما وجد علی القبور من الأشعار، مجموعة شعریة تضم ماوجد من شعر علی صُوی القبور، حققها لویس شیخو و طبعت في مجلة المشرق (عد 20، بیروت، 1922م). نسب حاجي خلیفة هذا الأثر إلی أبي العباس شمس‌الدین ابن اللبودي (تـ 637هـ)، واعتبر کتاب غایة الاعتبار فیما وجد علی القبور من الأشعار لابن طولون (ن.ع) مختصراً لهذا الکتاب (1/25؛ قا: البغدادي، إیضاح، 1/39، هدیة، 1/143)؛ 2. حولیات دمشقیة، منه مخطوطة ناقصة في المتحف البریطاني تشتمل علی الحوادث بین سنتي 834-839هـ. حققه حسن حبشي و طبع بالقاهرة في 1968م. لم یذکر في هذه النسخة اسم المؤلف، و یری المنجد (ص 266) أن الکتاب هو نفس التاریخ الذي کان یؤلفه ابن اللبودي أثناء لقائه السخاوي. وقد استفتحه من سنة مولده واستمد فیه من تاریخ ابن قاضي شهبة (ن.ع) و غیره (ظ: السخاوي. 1/293)؛ 3. مصنفات شیخ الإسلام ابن حجر، طبع في لیدن (1850م).

ب- المخطوطة

1. أبیات منقولة، مجموعة شعریة صغیرة، أکثرها لابن الوردي (ن.ع)، توجد مخطوطة منها ضمن مجموعة بخط المؤلف في المکتبة الظاهریة بدمشق رقم 3327 (الظاهریة، 2/274-277). وتضم هذه المجموعة 5 آثار لم تطبع للمؤلف (ظ: رقم 2، 5، 6، 7، 10 في بقیة المقالة)؛ 2. الأحادیث العشاریات، و تشتمل علی 10 أحادیث في معاني 10 من مرویات 10 عن مشایخ 10 عن حفاظ 10 من طریق رواة 10 عن ثقات 10 عن تابعین 10 عن السادة (الصحابة) العشرة، بین مخرجها و رواتها 10 (ن.ص)؛ 3. أحادیث منتقاة من فوائد الحسین الحنائي (لندبرغ، 32)، ویبدو أنها مختارات من أحد محدثي دمشق الشهیرین أبي عبدالله الحسین بن محمد بن إبراهیم بن الحسین الحنائي(تـ 450هـ)؛ 4. أحادیث و أخبار وأشعار منتقاة من حدیث عبدالرحیم بن عبدالکریم السمعاني، منها مخطوطة بخط المؤلف في 867هـ بمکتبة لیدن (المنجد، ن.ص)؛ 5. تخریج أربعین حدیثاً من عوالي مرویات اللبودي عن أربعین شیخاً عن أربعین من الصحابة الموالي. وتشتمل کما یبدو من اسمها علی 40 حدیثاً عالیاً خرجها المؤلف من مرویاته عن 40 من مشایخه عن 40 من صحابة الرسول الأکرم (ص) (الظاهریة، ن.ص)؛ 6. جزء في الحدیث، یشتمل علی 12 حدیثاً خرجها المؤلف من مرویاته (ن.ص؛ قا: GAL, S, II/85)؛ 7. جزء في الحدیث، خرج فیه المؤلف 3 أحادیث (الظاهریة، ن.ص)؛ 8. فهرست مصنفات إبراهیم بن عمر البقاعي، بخط المؤلف، و یوجد في مکتبة لیدن (المنجد، ن.ص)؛ 9. منتقاة من السفینة البغدادیة للحافظ السلفي، و هي مختارات من کتاب السفینة البغدادیة لأبي طاهر صدر‌الدین السلفي الأصفهاني (تـ 576هـ) (GAL, S,I/624, II/85؛ لندبرغ، ن.ص)؛ 10. النجوم الزواهر في معرفة الأواخر، جمع فیه الأخیر من کل شيء، مثل آخر الأنبیاء (ص)، وآخر زوجات الرسول الأکرم (ص)، وآخر صحابي توفي في الشام أو خراسان، وآخر خطبة ألقاها عمر أو أبوبکر و … (الظاهریة، ن.ص؛ GAL, S,II/85). ذکر البغدادي (إیضاح، 2/627) هذا الکتاب للقاضي شمس‌الدین ابن اللبودي.

ولانعرف عن کتابین آخرین له سوی الاسم: 1. إعلام الأعلام بمن ولي قضاء الشام، و هو تذکرة منظومة عن قضاة الشام شرحها ابن طولون (البغدادي، ن.م، 1/101، هدیة، ن.ص؛ قا: حاجي خلیفة، 1/125)؛ 2. الروض البسّام فیمن ولي قضاء الشام، أرجوزة عن قضاة الشام مع شرحها (المنجد، 365)، وربما کان هذا الکتاب هو الذي وعد ابن اللبودي السخاوي في رسالة بتألیفه، ثم اطلع علیه السخاوی (1/293) فیما بعد بمکة عند عزالدین ابن فهد.

المصادر

البغدادي، إیضاح؛ م.ن، هدیة؛ حاجي خلیفة، کشف؛ السخاوي، محمد، الضوء اللامع، القاهرة، 1353-1355هـ؛ الظاهریة، المخطوطات (المجامیع)؛ المنجد، صلاح‌‌الدین، معجم المؤرخین الدمشقیین، بیروت، 1398هـ/1978م؛ وأیضاً:

GAL, S; Landberg, Carlo, Catalogue de manuscrits arabes, Leiden, 1883.

عباس حجت جلالي/ ن.