الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن قیس الرقیات /

فهرس الموضوعات

ابن قیس الرقیات

ابن قیس الرقیات

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۲۰:۵۰:۰۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ قَیْس الرُّقَیّات، عبید الله بن قیس بن شُریح (تـ ح 81هـ/700م)، شاعر حجازي من بني عامر وهم بطن صغیر من قریش. لایُعرف علی وجه الدقة عام ولادته ووفاته. ویقول أبو الفرج الأصفهاني (4/157-158) إنه كان في الستین من عمره بعد مقتل مصعب بن الزبیر بسنة (72هـ/691م). فیحتمل أنه ولد بین 13-15هـ، ویُرجّح ولادته في مكة (ناصف، 6-7؛ قا: EI2). ورغم تصنیف الكتّاب القدامی عدة مؤلفات حوله (ظ: ابن الندیم، 160، 164، 167)، غیر أن المصادر الموجودة لاتوفر لنا معلومات ذات بال عنه. أقام في 37هـ مع مجموعة من أبناء عمومته في أحد ودیان الرَّقة شمالي ما بین النهرین ویدعی «مَوزَن» أو «وادي الأحرار» (ابن قیس، 97، 103؛ ناصف، 13). وفي هذا المكان بالذات اشتهر بـ «الرقیات» لتغزله بثلاث نسوة اسم كل واحدة منهن رقیة، إحداهن بنت عبد الواحد بن أبي سعد من أبناء عمومته (أبو الفرج، 4/155)، والأخری ابنة عم لها، والثالثة امرأة من بني أمیة (ابن حبیب، 299-300؛ ابن قتیبة، الشعر…، 2/450). ورغم أن ابن سلام عزا شهرته تلك إلی اسم جداته (ص 137)، والأصمعي إلی زوجاته (الجوهري، مادة رقي)، إلا أن تغزله برقیة لایؤید ذلك (ظ: أبو الفرج، 4/156، 166؛ ابن قیس، 48، 56، 63، 137، 139، 156، 169).

ولاتتوفر معلومات عنه منذ ذلك الحین وحتی ثورة عبد الله بن الزبیر، عدا أن اثنین من أبناء عمومته هما سعد وأسامة قد قُتلا في وقعة الحرّة (63هـ/683م) وكان آنذاك في الرقة فاغتمّ لذلك ورثاهما بمرثیتین (ص 97-100، 103-105). وذكر أنه وقع في الأسر وكاد أن یُقتل بسبب نزاع بین بني عامر وبني ذكوان ومقتل شخص من بني ذكوان علی ید حرب بن عبد الواحد شقیق رقیة، وقد أنقذه رجل من بني قنفذ (م.ن، 103؛ ناصف، 13-14).

سافر إلی مدن عدیدة، ویبدو أنه كان یفضّل العیش في الحجاز قریباً من السلطان (ابن قیس، 69؛ ناصف، 14-15). وكان في سجستان عند اندلاع ثورة عبد الله بن الزبیر، ومَدَح والیها عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات وهو من مشاهیر كرماء العرب (ص 17؛ ابن خلكان، 3/88؛ ضیف، 92؛ ناصف، 17). ویبدو أنه التحق بالزبیریین في هذه الفترة بعد تعاظم أمرهم واحتمال انتصارهم، وعُرف منذ ذلك الحین بشاعر الزبیریین، ومدحهم بقضائد عدیدة واحتفظ حتی آخر لحظة بعلاقته بهم (المبرد، 1/399؛ أبو الفرج، 4/157؛ ابن سلام، ن.ص). وكان في معركة دیر الجاثلیق مع مصعب بن الزبیر، وعندما رأی مصعب أنه مقتول لامحالة وهبه مالاً كثیراً ودعاه إلی الانطلاق حیث یشاء، فأبي ذلك وأقام معه حتی قُتل (أبو الفرج، ن.ص)، ورثاه ببعض القصائد (ابن قیس، 133-136، 184-185).

اتجه ابن قیس بعد ذلك إلی الكوفة ولجأ إلی دار امرأة من الخزرج یُقال لها «كثیرة»، فأقام عندها أكثر من حول تقیم له ما یصلحه ولاتسأله من هو (أبو الفرج، 4/15، 160)، الأمر الذي أدی إلی نشوء علاقة غرامیة بینهما (الوشاء، 133؛ ابن قیس، 1-2، 23، 43، 61، 101).

وخلال هذه الفترة كان الأمویون قد اشتدوا في البحث عنه وجعلوا علی قتله جُعلاً (أبو الفرج، 4/157؛ التنوخي، 4/281-283؛ أبو عبید، 1/294). وكانت مدائحه للزبیریین وتعرضه للأمویین وعداؤه لهم، أضرّت بالأمویین كثیراً (ابن قیس، 87-96؛ ابن قتیبة، ن.م، 2/450-451، عیون…، 1/103؛ المرزباني، 169-170؛ أبو الفرج، 4/158).

وبعد هدوء العاصفة، خرج إلی مكة والتقی أسرته، ثم دخل إلی المدینة متنكراً وعاذ بعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فرحّب به وأخذ یمهّد لخلاصه (ظ: م.ن، 4/157-159؛ ابن قتیبة، الشعر، ن.ص)، وسأل عبد الملك العفو عنه وهناك روایات مختلفة حول طلب ذلك العفو، لكن یبدو أن لأم البنین بنت عبد العزیز بن مروان وزوجة الولید دوراً مهماً في ذلك فقد سألها عبد الله أن تشفع لابن قیس عند عبد الملك (أبو الفرج، ن.ص). ویُحتمل أن هذین الاثنین یعرف كل منهما الآخر قبل تلك الفترة: فابن قیس قد تغزّل في هذه المرأة مراراً، وربما كان عبد الله علی علم بذلك (ظ: ناصف، 26-29).

ومنذ ذلك الحین لجأ ابن قیس إلی مدح الأمویین أعداء من مدحهم من قبل (ص 1-6، 7-11، 12-16، 71-74) ووصف خصومهم بالضلال والكذب (ص 5؛ ناصف، 123-124). ومع ذلك فإن عبد الملك الذي حرمه منذ البدایة من العطاء (ابن قتیبة، ن.م، 2/451؛ أبو الفرج، ن.ص)، لم یكن یتوسّم فیه الود والوفاء (م.ن، 4/158؛ المرزباني، 169-170، 200-201؛ أبو هلال، 98؛ أبو عبید، 1/295-296)، إلا أن عبد الله بن جعفر تدارك عدم اهتمام الخلیفة به من خلال إغداق المال علیه وحمایته (أبو الفرج، 4/158-159؛ ابن قتیبة، ن.ص؛ ناصف، 49-50)، فمدحه ابن قیس مدحاً أثار حسد الخلیفة (أبو الفرج، ن.ص). ویبدو أنه لم یمكث طویلاً في بلاط عبد الملك فتوجه إلی مصر وانضم إلی عبد العزیز بن مروان شقیق عبد الملك (ناصف، 44) وبذل جهوداً لإثارة الخصومة بین الأخوین وإظهار أفضلیة عبد العزیز للخلافة (أبو الفرج، 16/58-59؛ ابن قیس، 14-15، 151-152؛ ضیف، 296-298). كما مدح بشر بن مروان (ص 144-145). ومع ذلك یستشف من بعض قصائده أن قلبه لم یكن مع الأمویین (ناصف، 33-35). ویظهر أن صلة الشاعر بآل الزبیر لم تنقطع بعد انقطاعه للأمویین (أبو الفرج، 4/164؛ ناصف، 48). وقال البعض إن تغزله وتشبیبه بأم البنین، زوجة الولید بن عبد الملك كان هجائیاً أراد به أن یغیظ الأمویین وینال منهم (ضیف، 60؛ ناصف، 114-116)، غیر أنه لیس هناك أي دلیل صریح علی ذلك (ن.ص)، وإلا لما قبل عبد الملك شفاعة أم البنین فیه.

ولانعرف كیف انتهی الأمر بابن قیس، ویحتمل أنه توفي سنة 81هـ عندما كان في خدمة عبد العزیز بن مروان. ویری جرجي زیدان أنه توفي في 75هـ (م.ن، 63). ألف كل من الزبیر بن بكار وحماد بن إسحاق – حفید إبراهیم الموصلي – كتابین باسم «أخبار عبید الله بن قیس الرقیات». كما صنّف ابن المرزبان كتاباً بنفس الاسم مع مختارات من شعره كما أن ابن أبي طاهر طیفور جمع مختارات من شعره أیضاً (ظ: ابن الندیم، 124، 160، 164، 167)، غیر أن أیاً من هذه الآثار لم یصل إلینا.

یعتبر ابن قیس الرقیات نموذجاً بارزاً لتلك الطائفة من شعراه الغزل التي ظهرت بالحجاز في النصف الثاني من القرن الأول للهجرة. حیث حدث تطور عمیق نسبیاً في بناء الغزل العربي ومفاهیمه بسبب الحیاة المترفة جداً، ودخول الأسری، ونفوذ الثقافات الأجنبیة لاسیما الإیرانیة، وأهم من كل ذلك ظهور الموسیقی وكبار الموسیقیین في تلك البلاد. وكان الغزل یشكل المصدر الرئیس للثروة الفنیة عند العرجي وابن قیس، ثم أنشأ عمر بن أبي ربیعة منه بعد سنوات مدرسة خاصة وتمكنت قریش بظهور هؤلاء الشعراء الغزلیین أن تتفوق في الشعر أیضاً علی باقي القبائل العربیة (ظ: أبو الفرج، 3/101، 4/156).

ووقف ابن قیس في مصاف أفضل شعراء الغزل العربي ومجددیهم لتغزله في عدد كبیر من النساء (م.ن، 4/162)، وجرأته وتهوره في الكلام، لكنه كلام لایتجاوز حدود العفة، ولازالت آثار قوة الشعر الجاهلي وصدر الإسلام واضحة في ألفاظه وكلماته واستخدام الأوزان القصیرة ذات الإیقاع الموسیقي التي تسهل عمل الملحنین والمغنین.

والموضوع الذي یحتل المرتبة الثانیة في شعره بعد الغزل هو المدیح، فیما یفقد الفخر والحماسة والهجاء بریقه فیه (ناصف، 99-100، 149؛ أیضاً ظ: ضیف، 89-90). وهتف فيغزله بكثیر من أسماء عشیقاته (ص 26، 33، 43، 48، مخـ؛ ناصف، 112)، وقد یتغزل في مقطوعة واحدة بأربع منهن (ص 26-27؛ ناصف، 102). وقد جعله حبه لـ «كثیرة» من مشاهیر العشاق (الوشاء، ن.ص). ولم تكن عشیقة الشاعر امرأة بدویة قعیدة الهودج كي یبكي الشاعر علی آثار مخیّم قبیلتها، بل من مغنیات المدینة وحضریّات مكة والكوفة (ابن قیس، 43، 66-67، 69؛ أبو الفرج، 8/7؛ ناصف، 23-24، 83). ولهذا لم یبال الشاعر بركاكة القافیة والأغلاط النحویة (= اللحن) (ظ: المرزباني، 169؛ أبو هلال، 450)، بل سعی لأن یكون شعره صالحاً للغناء، ولهذا كان یمیل إلی الأوزان القصیرة (ناصف، 95-97). ورغم ذلك فقد استند إلی شعره المتكلمون العرب. وأورد أبو الفرج الألحان التي وُضعت لبعض شعره (2/177، 4/71، 155، 6/57، الفهرست). وظلت الألحان تصاغ لشعره حتی عصر العباسیین (م.ن، 4/161)، وكان شعره هذا یُنشد في الأوساط الأدبیة إلی وقت متأخر (م.ن، 4/166-167؛ الوشاء، 161-162)، كما كان وراء ظهور بعض الحوادث الطریفة (ظ: أبو الفرج، 4/161).

ولابد لنا أن نعتبر ابن قیس شاعراً غزلیاً، رغم أنه وُصف بشاعر السیاسة والغزل (ظ: ناصف، مخـ)، ورغم أن مدائحه ذات طابع سیاسي في بعض الأحیان، لكن العثور علی أغراض سیاسیة بحتة في المدائح أمر في غایة الصعوبة.

والحقیقة أن الشاعر لجأ إلی المدیح لتأمین العیش في مجتمع تغیر فیه أسلوب الحیاة (ضیف، 89-90). وإلقاء نظرة علی مدائحه یكشف عن أنه كان یمدح الكرماء دائماً، مثل طلحة الطلحات وعبد الله بن جعفر اللذین كانا أشهر الأجواد آنذاك (ظك م.ن، 91-92). ویُعدّ بعبد العزیز بن مروان من الأجواد أیضاً حیث كان بن قیس في خدمته حتی آخر عمره (م.ن، 28). وعندما التحق بالزبیریین مدح عبد الله بن الزبیر بأقل مما مدح به أخاه مصعباً، لأن عبد الله اشتهر بالبخل وغلبة الانقباض علیه، ومصعب اشتهر بالكرم والعطاء (ظ: ابن قتیبة، عیون، 1/103؛ التنوخي، 4/20؛ ناصف، 18-19)، ونال منه كما یبدو مالاً كثیراً (أبو الفرج، 4/157؛ ابن شاكر، 4/143-144). وقیل إن ابن قیس لم یقل شعراً، إلا وحصل بواسطته علی ثروة (ن.ص). وهنا یتباد هذا السؤال: إذن ما هو الدافع من انضمامه إلی آل الزبیر؟ ربما یكون ذلك رغبته في سیادة قریش (ابن قیس، 87-69)، تلك السیادة التي عرّضها الأمویون للخطر بأحقادهم، وإذا صحّ هذا، فیمكن اعتباره دافعاً سیاسیاً.

 

المصادر

ابن حبیب، محمد، «أسماء المغتالین»، نوادر المخطوطات، تقـ: عبد السلام هارون، القاهرة، 1374هـ/1954م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن سلام، محمد، طبقات الشعراء، بیروت، دار النهضة العربیة؛ ابن شكر الكتبي محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1974م؛ ابن قتیبة، عبد الله، الشعر والشعراء، بیروت، 1964م؛ م.ن، عیون الأخبار، القاهرة، 1343هـ/1925م؛ ابن قیس الرقیات، عبید الله، دیوان، تقـ: محمد یوسف نجم، بیروت، 1378هـ/1958م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو عبید البكري، عبد الله، سمط اللآلي، تقـ: عبد العزیز المیمني، القاهرة، 1354هـ/1936م؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بیروت، 1390هـ/1970م؛ أبو هلال العسكري، الحسن، كتاب الصناعتین، تقـ: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهیم، بیروت، 1406هـ/1986م؛ التنوخي، المحسّن، الفرج بعد الشدة، تقـ: عبود الشالجي، بیروت، 1398هـ/1978م؛ الجوهري، إسماعیل، الصحاح، تقـ: أحمد عبد الغفور العطار، بیروت، 1404هـ/1984م؛ ضیف، شوقي، التطور والتجدید في الشعر الأموي، القاهرة، 1952م؛ المبرد، محمد، الكامل، بیروت، مكتبة المعارف؛ المرزباني، محمد، الموشح، تقـ: محب ‌الدین الخطیب، القاهرة، 1343هـ؛ ناصف، علي النجدي، ابن قیس الرقیات، شاعر السیاسة والغزل، القاهرة، 1368هـ/1949م؛ الوشاء، محمد، الظرف والظرفاء، تقـ: فهمي سعد، بیروت، 1405هـ/1985م؛ وأیضاً:

EI2.

محمد سیدي/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: