الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن القیسراني، أبو عبدالله /

فهرس الموضوعات

ابن القیسراني، أبو عبدالله

ابن القیسراني، أبو عبدالله

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۲۰:۳۶:۴۷ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الْقَیْسَرانيّ، أبو عبد الله محمد بن نصر (478-21 شعبان 548هـ/1085-11 تشرین الثاني 1153م)، شاعر مدّاح. نسبه یاقوت إلی خالد بن الولید (19/64)، لكن ابن خلكان أثار الشكوك حول ذلك اعتماداً علی أقوال المؤرخین وعلماء الأنساب (4/461)، وأیّد روایة مصعب الزبري حول انقطاع نسب خالد (ص 328). ولد بعكا (السمعاني، 10/538)، وهاجرت أسرته إلی قیساریة بالقرب من عكا لأسباب مجهولة، فترعرع فیها (ن.ص)، ولهذا لقّب بابن القیسراني (ظ: عماد الدین، 1/96). وفي 490هـ اندلعت الحروب الصلیبیة واحتل الصلیبیون جزءاً من السواحل الفلسطینیة وله من العمر 12 عاماً، وعندما احتلوا قیساریة بعد 4سنوات وقتلوا أهلها ونهبوا ما فیها (ظ: إبراهیم، 27)، اضطر ابن القیسراني إلی مغادرتها. واضطربت المصادر بعض الشيء في الجهة التي قصدها. فذكر ابن الجوزي (8(1)/213) وابن شاكر (12/456) وابن تغري بردي (5/302) أنه ذهب من قیساریة إلی حلب فدمشق، في حین ذكر ابن عساكر (11/208) – وهو من تلامذته – أنه سكن دمشق أولاً، ثم غادرها إلی حلب لبعض الأسباب. وأورد یاقوت أنه سمع بحلب من هاشم بن أحمد الحلبي وأبي طاهر الخطیب (ن.ص). ویؤید ذلك ما أورده الصفدي (5/112-113) من أنه كان یسكن دمشق في عهد تاج الملوك بوري بن طغتكین وبعده، وأنه تولی إدارة الساعات التي علی باب الجامع الأموي، ثم سكن حلب مدة. ویبدو أن ابن العماد (4/150) اعتمد علی ما أورده الصفدي. كما یبدو أیضاً أن هذه الروایة هي الأصح استناداً إلی الأدلة التي أوردها إبراهیم (ص 28-31).

قرأ الأدب بدمشق علی ابن الخیاط الشاعر، وتوفیق بن محمد الدمشقي (یاقوت، ن.ص؛ القفطي، 1/259)، وسرعان ما لازم ابن الخیاط، وجمع دیوانه بعد ذلك، ولم یوثّق ابن الخیاط إلا روایته عنه (ظ: الهرفي، 224)، ووصف هذا التلمیذ الشاب بـ «الشیخ الأجل الأدیب» (ن. ص؛ مردم بك، 18). وروی الشعر أیضاً عن توفیق بن محمد الدمشقي (القفطي، ن.ص). وكانت له ید قویة في علم النجوم والأحكام والهیئة (ابن القلانسي، 498) وكان – بالإضافة إلی ذلك – عارفاً بالحساب والهندسة (الذهبي، 3/7). أخذ عنه أبو سعد السمعاني وابن عساكر وأبو المعالي الخطیري (ظ: السمعاني، ابن عساكر، یاقوت، ن.ص). مكث بدمشق ما یقرب من 33 عاماً (إبراهیم، 29)، إلا أنه تركها بعد أن هجا شمس الملوك إسماعیل بن بوري وأقام بحلب (ابن عساكر، ابن الجوزي، ن.ص).

واقترن رحیله إلی حلب بفترة ازدهار حیاته، فبادر فیها إلی مدح عماد الدین زنكي وباقي أمراء سلالة الأتابكة الزنكیة (ظ: عماد الدین، 1/111، 115، 154)، وولي بها خزانة الكتب (الصفدي، 5/113). وأخذ ینافس ابن منیر الطرابلسي الشاعر المعاصر له (ابن القلانسي، ن.ص؛ تدمري، 31) حتی انتهی بهما الأمر إلی التهاجي (یاقوت، ن.ص؛ ابن خلكان، 1/159؛ تدمري، 32؛ أیضاً ظ: عماد الدین، 1/92-95).

ویبدو أنه كان شغوفاً بالسفر، وهناك عدد من الروایات حول سفره إلی عدد من المدن: الموصل (عماد الدین، 1/102)، وبغداد (الصفدي، ن.ص)، والأنبار، حیث أشار في إحدی قصائده إلی إقامته فیها (ظ: إبراهیم، 30)، وشیزر (الركابي، 21)، والمعرة، حیث زار عند اجتیازها قبر أبي العلاء المعري ورثاه ببیتین من الشعر (ابن الوردي، 2/85)، وعَزاز المحتلة (عماد الدین، 1/155-156)، وأنطاكیة المحتلة في 540هـ (م.ن، 1/99)، ودمشق في 547هـ (إبراهیم، 62)، رغم أن البعض یری أن الهدف من بعض تلك الجولات هو الوفود علی الممدوحین ومدحهم (عماد الدین، 1/102). وآخر سفر له (548هـ) كان إلی دمشق بدعوة مجیر الدین آبق فحضر مجلسه ومدحه بقصیدة (ابن القلانسي، ن.ص)، واعتل بعد ذلك مباشرة، ثم مات بعد عشرة أیام كما یقول ابن عساكر الذي عاده، ودفن في مقبرة باب الفرادیس بدمشق (11/209). وقیل إن آخر سفر له إلی دمشق كان بسبب الخلاف بینه وبین نور الدین (الركابي، 24). ولانعرف سبباً واضحاً لذلك الخلاف عدا بیت من قصیدة نقلها عماد الدین (1/115-119)، یمكن أن یثیر مثل هذا الحدس. ولما كان قد أنشد هذه القصیدة في 547هـ - أي قبل عام من توجهه الأخیر إلی دمشق – فیمكن أن تكون بدایة لتوتر علاقته بنور الدین رغم ما أظهره عماد الدین من أن أسرته كانت مكرّمة لدی نور الدین، وكان ولده ذا منصب في الدولة، في حین كان یعیش هو بدمشق بعد إنشاد هذه القصیدة (1/125).

ویبدو أن الملك العادل أذن له بإقامة علاقة مع مجیر الدین حاكم دمشق ومدحِه، ویحتمل أن یكون ذلك ناجماً عن رغبة ابن القیسراني بالعودة إلی هذه المدینة؛ ویعزز هذا الرأي أن تلك الزیارة تمت بعد قدوم مجیر الدین إلی حلب وبذله الطاعة لنور الدین (إبراهیم، 62). ومع هذا فقد تأثر الملك العادل من ترجیح الشاعر لمجیر الدین علیه. مما أدی إلی توتر العلاقة بین الأمیر والشاعر.

أثنی معاصرو ابن القیسراني علی شعره الذي جُلّه في المدیح والغزل. وشعره علی غرار شعر عصره حافل بالبدیع والصناعة اللفظیة كالجناس والطباق (ظ: إبراهیم، 198-214). أما من حیث الأسلوب والبیان وحتی التعابیر والصور الشاعریة فمتأثر بالمتنبي وأبي تمام، وبتعبیر أصح تقلید لشاعري القرنین 3 و4هـ الشهیرین. وقدّم إبراهیم (ص 172-197) نماذج كثیرة من هذا لاتقلید. وتعود شهرة ابن القیسراني وقبل أي شيء إلی شعره المعروف بالشعر الجهادي الذي مزج فیه مدح ممدوحیه سیما عماد الدین ونور الدین زنكي بوصف انتصاراتهم في حربهم مع الصلیبیین، وأفاد من الدوافع الدینیة لتشجیع الجیوش الإسلامیة وحثها (ظ: إبراهیم، 140-150).

وعلی صعید المدیح وتقلید الشعراء القدامي، فقد تأثر بابن الخیاط أستاذه وبابن حیّوس الشاعر الشامي الذي أحبّ اللحاق به (عماد الدین، 1/96)، لكنه كان محروماً من فنون ابن حیوس وما تمیز به من حدة الذكاء في المدیح. أما علی صعید شعره الغزلي المعروف بـ «الثغریات»، فكان ذا استقلالیة أكبر، لهذا نجده وانطلاقاً من مشاعره الصادقة وشاعریته (قا: إبراهیم، 226) ینشد أحیاناً مقطوعات جمیلة ومطبوعة (ظ: عماد الدین، 199، 101، 119، 120؛ إبراهیم، ن.ص)، أغلبها في نساء النصاری. وافتتانه بالمحاسن الظاهریة كان یُطلق لمشاعره العنان ویُسيء بالتالي إلی سمعته كشاعر شریف متزن الهدف له سوی انتصار المسلمین علی الصلیبیین، ولُقّب ببركة قصائده الجهادیة القویة القاصمة بشرف‌ الدین وشرف المعالي وعُدّة‌ الدین ومهذّب ‌الدین وغیرها من الألقاب (ظ: یاقوت، 19/64؛ ابن خلكان، 4/458؛ الصفدي، 5/112). وفي سفره إلی أنطاكیة كان شغفه بالنصرانیات عظیماً جداً بحیث غبط سكان تلك المدینة المندحرة وحتی الأسری لقربهم من ذلك الجمال (ظ: عماد الدین، 1/100، سیما البیت الأخیر).ویمكن مشاهدة هذه الحالة أیضاً في مقطوعات أخری قالها في غلام یهودي (م.ن، 1/140-141) وغانیة رومیة نصرانیة (م.ن، 1/120) ومجالس اللهو (م.ن، 1/119، 136-137). وقد شبّه البعض شعره في هذه الأغراض الخاصة بشعر أبي نواس (ظ: إبراهیم، 221-232). ومع ذلك یبدو أن شعره الجهادي الذي أنشده غالباً بدافع المدیح، لایخلو أحیاناً من الصدق والإخلاص، حتی إنه یمكن أن یعدّ في بعض الحالات، ترجمة لآمال المجتمع الإسلامي آنذاك (ظ: إبراهیم، 155-160)، لكنه لم یشهد أباً من الوقائع التي وصفها (م.ن، 137). ومدائحه غالباً في نور الدین محمود زنكي (ظ: عماد الدین، 1/102، 111، 115، 128، مخـ؛ الصفدي، 5/113؛ أبو شامة، 2/38، 54؛ یاقوت، 19/70).

وقصائده الجهادیة اعتماداً علی زمن إنشادها عبارة عن: 1. قصیدة من 22 بیتاً في مدح تاج الملوك بوري بعد فك الحصار عن دمشق في 523هـ، وقد نقلها أبوشامة (1/54-55)؛ 2. قصیدة من 30 بیتاً في مدح عماد الدین زنكي بعد استعادته قلعة بحرین من الصلیبیین في 534هـ (م.ن، 2/34؛ الركابي، 25-28)؛ 3. قصیدة من 28 بیتاً في مدح عماد الدین عند فتحه مدینة الرُّها الاستراتیجیة في 539هـ، نقلها أبو شامة (2/37-38)؛ 4. قصیدة من 46 بیتاً بروایة عماد الدین الكاتب (1/108-111) في تهنئة جمال ‌الدین جواد، وزیر سیف ‌الدین الغازي حاكم الموصل وشقیق نور الدین زنكي بمناسبة صد الصلیبیین عن احتلال مدینة الرها ثانیة في 541هـ؛ 5. قصیدة من 20 بیتاً بروایة أبي شامة (2/55-56) في مدح نور الدین زنكي عند انتصاره علی الصلیبیین في یَغری عام 543هـ. ویری أبو شامة (ن.ص) أنها قیلت في وقعة «بصری»، وربما كانت في الأصل «یغري»، ووقع التحریف من الناسخین، لأن ابن الأثیر (11/134) نقل خمسة أبیات منها في وقعة یغری؛ 6. قصیدة من 52 بیتاً بروایة أبي شامة في مدح نور الدین زنكي عند انتصاره علی الصلیبیین في وقعة أنّب (آنب) في 544هـ (2/58-60)؛ وقصیدة أخری بعد هذه الوقعة من 19 بیتاً في مدح نور الدین أیضاً (م.ن، 2/56)؛ وقصیدة أخری من 12 بیتاً في مدح نور الدین وحول هذه الوقعة أیضاً (م.ن، 2/60)؛ 7. قصیدة من 51 بیتاً بروایة أبي شامة في مدح نور الدین عند أسره القائد الصلیبي جوسلین في 545هـ (1/72-74).

ولابن القیسراني دیوان شعر أثنی علیه ابن عساكر (11/208). وقد رأی دیوانه عماد الدین الكاتب (1/126) وأبو شامة (2/54) ویاقوت (19/65). وكانت عن الصفدي (ن.ص) مخطوطة منه بخط الشاعر، نقل مقطوعات منها، غیر أن ما في متناولنا لیس سوی مخطوطة تتألف من 45 ورقة محفوظة في دار الكتب بالقاهرة وقد كتبت في حدود القرن 9هـ (ظ: سید، 1/453). ویقول محمود إبراهیم (ص 70-71) إن ما أورده أبو شامة في كتاب الروضتین، والكثیر مما أورده عماد الدین الكاتب وابن الأثیر ویاقوت وابن خلكان من شعره غیر موجود في هذه المخطوطة. وأشار إبراهیم (ص 72) إلی ورقات احتوت شیئاً من شعر ابن القیسراني موجودة في المتحف البریطاني. ویُعدّ عماد الدین الكاتب (مخـ) أكثر المصادر نقلاً لشعره، حیث بلغ مجموع مانقله 762 بیتاً.

 

المصادر

إبراهیم، محمود، صدی الغزو الصلیبي في شعر ابن القیسراني، عمان، 1408هـ/1988م؛ ابن الأثیر، الكامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، حیدرآباد الدكن، 1370هـ/1951م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر ونبیلة عبد المنعم داود، بغداد، 1397هـ/1977م؛ ابن عساكر، علي، تاریخ دمشق، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1350هـ؛ ابن القلانسي، حمزة، تاریخ دمشق، تقـ: سهیل زكار، دمشق، 1403هـ/1983م؛ ابن منیر، أحمد، دیوان، تقـ: عمر عبد السلام تدمري، بیروت، دار الجبل؛ ابن الوردي، عمر، تتمة المختصر، تقـ: أحمد رفعت البدراوي، بیروت، 1389هـ/1970م؛ أبو شامة، عبد الرحمن، كتاب الروضتین، القاهرة، 1287هـ؛ تدمري، عمر عبد السلام، مقدمة دیوان (ظ: همـ، ابن منیر)؛ الذهبي، محمد، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1985م؛ الركابي، جودت، الأدب العربي من الانحدار إلی الازدهار، دمشق، 1982م؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، حیدرآباد الدكن، 1399هـ/1979م؛ سید، فؤاد، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1954م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، بیروت، 1389هـ/190م؛ عماد الدین الكاتب، محمد، خریدة القصر (قسم شعراء الشام)، تقـ: شكري فیصل، دمشق، 1375هـ/1955م؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1369هـ؛ مردم بك، خلیل، مقدمة دیوان ابن الخیاط، دمشق، 1377هـ؛ مصعب الزبیري، نسب قریش، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1953م؛ الهرفي، محمد، شعر الجهاد في الحروب الصلیبیة في بلاد الشام، بیروت، 1400هـ؛ یاقوت، الأدباء.

عباس حجت جلالي/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: