الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن القوطیة /

فهرس الموضوعات

ابن القوطیة

ابن القوطیة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۲۰:۲۹:۲۱ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الْقوطیَّة، أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزیز (تـ 367هـ/978م)، مؤرخ وأدیب ولغوي وشاعر وفقیه مالكي أندلسي. ینتسب إلی جدته قوطیة حفیدة غَیطشة آخر ملوك القوط (ابن عبد المنعم، 6). وعلیه فابن القوطیة أندلسي من أمه وعربي من أبیه، ذلك أن القوطیة تزوجت من عیسی بن مزاحم أحد موالي الخلیفة الأموي عمر بن عبد العزیز (جنثالث پالنثیا، 203). وقد تحدث ابن القوطیة عن هذا الزواج في كتاب تاریخ افتتاح الأندلس (ص 29، 30-32). وفي روایة أقرب إلی الأسطورة أن القوط ینسبون إلی قوط بن نوح، وكانوا بالأندلس من أیام إبراهیم‌(ع) (یاقوت، الأدباء، 17/275-276). ومن المؤكد أن ابن القوطیة من أهل قرطبة وأصله من إشبیلیة (ابن الفرضي، 2/78؛ القاضي عیاض، 4/554).

لاتتوفر لدینا معلومات دقیقة عن سنة ومكان ولادته، وإذا كان ما قاله ابن كثیر (11/188)، إنه تجاوز الـ 80 عند وفاته صحیحاً أمكن القول إنه ولد في نحو 285هـ/898م. ویصرح ابن خلكان (4/368) أنه ولد بقرطبة، وربما ذهب بعدها إلی إشبیلیة ثم عاد إلی قرطبة. أما ما ذكره یاقوت (البلدان، 3/562) أن ولادته كانت في طوطالقة (مدینة بالأندلس) فیبدو أنه غیر صحیح، وأنه أراد شخصاً آخر.

من مشایخه في إشبیلیة یمكن ذكر حسن بن عبد الله الزبیري (ابن خلكان، ن.ص: الزبیدي) وسعید بن جابر وعلي بن أبي شیبة، وفي قرطبة طاهر بن عبد العزیز وابن أبي الولید الأعرج ومحمد بن عبد الوهاب بن مغیث (ابن الفرضي، 2/78-79).

وكان ابن قوطیة من علماء الأندلس الشهیرین ولاسیما قرطبة، متقدماً في أكثر علوم عصره كالفقه والحدیث والتاریخ واللغة والأدب والنحو، لایلحق شأوه. ورغم أنه كان فقیهاً حافظاً للحدیث إلا أنه لم یكن بالضابط للروایة فیهما، فكان مایُسمع علیه من ذلك إنما یحمل علی المعنی لا علی اللفظ، ولذلك قیل إن ما كان یقرأ علیه في الفقه والحدیث لیس له أصول یرجع إلیها ولاروایة له فیه علی جهة التصحیح (ن.ص)، أما قولهم إنه كان غیر ضابط لروایته في الحدیث (القاضي عیاض، ن.ص)، فربما لتسامحه في روایته. ویبدو أنه كان یتسامح في الفقه أیضاً. ویدل علی توسعه في الاستنباطات الفقهیة قولهم بأنه كان فقیهاً مالكیاً لین العریكة لایمیل إلی التعصب لفریق دون فریق (جنثالث پالنثیا، 203).

وكان ابن القوطیة یقرض الشعر أیضاً، وقیل إنه جید الشعر صحیح الألفاظ واضح المعاني إلا أنه تركه ورفضه (القاضي عیاض، ن.ص). أورد نماذج منه كل من الفتح بن خاقان (ص 59)، ویاقوت (الأدباء، 17/276-277)، وابن فضل الله (11/378) والسیوطي (1/198) وغیرهم. وكان بارعاً باللغة إلی درجة أن أبا علي القالي البغدادي لما دخل الأندلس وسأله الخلیفة المستنصر الحكم بن عبد الرحمن عن أنبل لغوي بالأندلس، قال: ابن القوطیة، ولذلك كان یبالغ في تقدیمه وتعظیمه (الثعالبي، 2/64؛ یاقوت، ن.م، 17/273). ولذلك دعي إماماً في اللغة. وكتابه تصاریف الأفعال الذي لدینا الیوم، هو في هذا العلم. وبصورة عامة یعتبر من رواد المؤلفین في هذا الفن. وقد بلغ كتابه من الأهمیة ما جعل الثعالبي (ن.ص) یقول إنه لم یسبقه أحد إلی كتابة مثله في الصرف. ویقول یاقوت إنه أول مصنف في ذلك (ن.م، 17/275). وزاد فیه ابن طریف – وكان نحویاً مشهوراً وأحد تلامذته – زیادات جعلته أكثر فائدة (الحمیدي، 1/642). كما هذبه أبو القاسم علي بن جعفر السعدي، المعروف بابن القطاع (ابن شاكر، 12/121). وقد طبع التهذیب هذا باسم كتاب الأفعال بحیدرآباد في 3 مجلدات عام 1360-1364هـ، وفي 1403هـ ببیروت أیضاً. ویدل علی أهمیة الكتاب اهتمام علماء اللغة في عصره والعصور التالیة به وأخذهم عنه. حقق غویدي تصاریف الأفعال لابن قوطیة في 1894م بلیدن وطبع في 1952 و1958م بمصر بعنایة علي راتب وعلي فودة.

ورغم ذلك فإن شهرة ابن القوطیة تعود إلی كتابه المهم تاریخ افتتاح الأندلس. وقد كان هذا الكتاب الصغیر الحجم الذي یتناول الكلام فیه تاریخ الأندلس من لدن فتح المسلمین لها في 93هـ/712م إلی إمارة الأمیر عبد الرحمن في 299هـ/912م باختصار یتمتع بأهمیة خاصة. وطالما أفاد منه الباحثون المسلمون والغریبون. وإن كان هناك شك في أنه من إنشاء ابن قوطیة نفسه. وقد نتج هذا الشك من أن الكتاب یبدأ بجملة: «أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العزیز قال…» ثم یستمر. وهذا یدل علی أن الكتاب لیس من إنشائه كما یدل علی ذلك أن ابن الفرضي تلمیذ ابن القوطیة لم ینسب الكتاب إلیه. ومن المحتمل أنه أملاه ثم كتبه أحد تلامذته أو أصدقائه (ظ: الشكعة، 617). ویذهب ریبیرا – الذي ترجم الكتاب إلی الإسبانیة – إلی هذا الظن (جنثالث پالنثیا، ن.ص).

یكشف ابن القوطیة في هذا الكتاب عن تحمسه لقومه ووطنه وحتی فخره بكونه أحد الأمراء بمبالغته في مدح ملوك القوط (ص 29؛ الشكعة، 616). ویبدو أن عصبیته القومیة هذه هي التي دعته لإیراد بعض الأساطیر والحكایات العامیة كقتل طارق بن زیاد للأسری الأندلسیین وطبخهم وأكل لحومهم لإرعاب الناس المحلیین (ص 35). والجدیر بالذكر أن ابن القوطیة یذكر في هذا الكتاب (ص 82) رؤیا تعبر بصراحة عن محو الإسلام بالأندلس وغلبة النصاری علیها. طبع هذا الكتاب بباریس في 1856 و1867م وبمدرید في 1868م، وببیروت في 1957م بتحقیق عبد الله أنیس الطباع، وفي بیروت أیضاً عام 1982م بتحقیق إبراهیم الأبیاري. كما نشر هوداس قسماً منه في 1889م بباریس، وفي 1926م ترجمه ریبیرا إلی الإسبانیة، وطبع في مدرید.

وله عدا الكتابین السابقین كتاب باسم المقصور والممدود، وشرح رسالة أدب الكاتب، وهو شرح لمقدمة أدب الكاتب لابن قتیبة (GAS, IX/222).

أخذ عن ابن القوطیة كثیر من العلماء وقرؤوا علیه الحدیث والفقه والأدب ورووا عنه، منهم: ابن الفرضي (2/79؛ قا: الذهبي، 16/220)، والقاضي أبو الحزم (الحمیدي، 1/129)، ویحیی بن هذیل القرطبي، وأبو القاسم ابن عریف القرطبي (فروخ، 4/309، 312)، وأبو بكر محمد ابن هشام القیسي المصحفي (ابن الأبار، 1/381). وأفاد منه جماعة مثل محمد بن حسن الزبیدي الأندلسي في كتاب طبقات النحویین واللغویین، وابن حیان القرطبي في مواضع عدیدة من كتاب المقتبس والبكري في كتاب فصل المقال، والسیوطي في بغیة الوعاة إذ أخذوا عنه بعض الآراء التاریخیة والأدبیة.

مال ابن القوطیة في أواخر حیاته إلی الزهد والعبادة والاعتزال عن الحیاة الاجتماعیة واختار الانقطاع عن الناس للعبادة في مزرعة بسفح جبل في ضواحي قرطبة (ظ: الثعالبي، یاقوت، ن.ص). دفن بعد وفاته بمقبرة قریش وصلی علیه أبو جعفر ابن عون الله وكان قد أوصی بذلك (ابن الفرضي، ن.ص).

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة لكتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، 1375هـ؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر، بغداد، 1977م؛ ابن عبد المنعم، محمد، صفة جزیرة الأندلس، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1937م؛ ابن الفرضي، عبد الله، تاریخ العلماء، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1954م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالك الأبصار، نسخة مصورة، في مكتبة أحمد الثالث، إستانبول، رقم 2797؛ ابن القوطیة، محمد، تاریخ افتتاح الأندلس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1982م؛ ابن كثیر، البدایة؛ الثعالبي، عبد الملك، یتیمة الدهر، تقـ: علي محمد عبد اللطیف، القاهرة، 1352هـ؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ الحمیدي، محمد، جذوة المقتبس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1403هـ؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وأكرم البوشي، بیروت، 1404هـ؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ؛ الشكعة، مصطفی، مناهج التألیف عند العلماء العرب، بیروت، 1982م؛ الفتح ابن خاقان، مطمح الأنفس، قسطنطینیة، 1302هـ؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1984م؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت، 1967م؛ یاقوت، الأدباء؛ م.ن، البلدان؛ وأیضاً:

GAS.

حسن یوسفي إشكوري/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: