الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن القطاع، أبو الاصبغ /

فهرس الموضوعات

ابن القطاع، أبو الاصبغ

ابن القطاع، أبو الاصبغ

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۰۹:۱۲:۵۹ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ القَطّاع، أبو الأصبغ عیسی بن سعید الیَحْصُبي (مقـ ربیع الأول 397/كانون الأول 1006)، كاتب ووزیر وصاحب الشرطة لدی المنصور محمد بن أبي عامر، ثم وزیر ولده عبد الملك، وكان كل منهما حاجباً في الدولة الأمویة بالأندلس. ینتمي ابن القطاع إلی أسرة عربیة مجهولة تنتسب إلی بني الجزیري الذین استوطنوا «باغة» جنوبي قرطبة (یاقوت، 1/474). كان أبوه معلماً. ولانعرف شیئاً عن بدء عمله، لكن من المؤكد أنه أصبح في خلافة المستنصر (366هـ) في عداد أصحاب المنصور محمد بن أبي عامر، وتولی بعض الأعمال الدیوانیة (ابن بسام، 1(1)/102-103؛ عنان، 2/574). وتعود أغلب ما لدینا من معلومات حوله إلی اشتراكه في الحوادث التي وقعت بعد 392هـ، أي السنة التي توفي بها المنصور، وخلفه ابنه عبد الملك (م.ن، 2/566). كان كاتباً لدی المنصور، ولازم هذا المنصب سنوات عدیدة، ثم رقي إلی منصب الوزارة في أواخر عمره. ولم یحظ منصب الوزارة بأهمیة كبیرة في الدولة الأمویة بالأندلس، خلافاً للمشرق الإسلامي، وكان للأمویین بالأندلس عدة وزراء، ولكل صنف وزیر مستقل (ابن خلدون، مقدمة، 2/670).

ومن الأحداث التي وقعت في عهد المنصور هو الصراع الذي نشب بینه وبین زیري بن عطیة، والدور الذي لعبه ابن القطاع في ذلك. فبعد أن هبّ زیري معارضاً المنصور، عقد المنصور لواضح مولاه علی حربه. وعندما انكسر واضح، أوفد المنصور ابنه عبد الملك لإسناده، وتمكن الاثنان من غلبة زیري. وأورد ابن خلدون (العبر، 7(1)/66-67) أن قمع زیري بن عطیة تم علی ید عبد الملك وواضح، لكن ظاهر عبارة ابن خلدون ینمّ عن أن المنصور قبل تجهیزه للجیش الذي قاده واضح، بعث ابن القطاع إلی مراكش لتولي أمورها بدلاً من زیري بن عطیة، فلم یقبل به أهلها. ومكث عبد الملك ستة أشهر في فاس بعد دحره لزیري، ثم استدعاه المنصور إلی الأندلس وأوفد ابن القطاع بدلاً منه والیاً علی مراكش. وظل في مراكش حیث عزله المنصور عن منصبه في صفر 389، فعاد إلی الأندلس (السلاوي، 1/216).

وبعد وفاة المنصور، خلفه ابنه عبد الملك المظفر حاجباً للخلیفة الأموي هشام المؤید. وكان عبد الملك منهمكاً في اللذة، فاستعان علی التدبیر بخواص خدمه وأكابر رجاله العامریین منهم ابن القطاع الذي أبقاه علی الوزراة وقدمه علی كافة رجاله، فاستطاع بمهارته أن ینشر النظام والأمن في سائر البلاد الخاضعة لحكم عبد الملك، مما دفع ببعض رجال العامریة إلی حسده، فشجعوا الغلمان الصقالبة، سیما رئیسهم طرفة خادم عبد الملك علی مناوأته. وتفاقم الصراع بین الاثنین حتی حظي طرفة بثقة عبد الملك وأمسك بزمام الأمور وحدّد من أعمال ابن القطاع. وفي جمادی الاخرة 396 مرض عبد الملك، فانفرد طرفة في إدارة البلاد وأسرف في العطاء بلا مبرر وأساء معاملة الناس. وبعد أن برئ عبد الملك من مرضه أبلغه ابن القطاع في رمضان 396 بتعامل طرفة السيء مع الناس، فأمر عبد الملك بسجنه ومن ثم تقله (ابن عذاري، 3/25-26)، وأعاد ابن القطاع إلی إدارة أمور البلاد، فأخذ یصرّفها كما یشتهي، وانبری لملاحقة أعدائه وإلحاق الأذی بهم، وتفویض الأمور المهمة إلی أصحابه، الأمر الذي ألَب البعض علیه. ومن الأمور التي عملت علی تعاظم منزلة ابن القطاع زواج ولده أبي عامر عبد الملك من الأخت الصغری للحاجب عبد الملك في 396هـ، وقد أقیمت ولیمة عظیمة. ومن ثم تناهت أمور ابن القطاع في الجلالة وأخذته الألسنة (ابن بسام، 1(1)/103).

وبلغ في اكتناز المال مداه في هذه الفترة. ومن القضایا التي خلقت له المشاكل فیما بعد، تدخله في شؤون العسكر واستئثاره بالموالي، مما أدی إلی زیادة حدة التنافس بین فئات الجند وهیأ مقدمات سقوطه. وقد فتح ابن القطاع بعنفه وتكبره وعدم اكتراثه بمشاكل الناس ومعظلاتهم المجال لخصومه ومنافسیه للتآمر علیه (ابن عذاري، 3/28-29). واتفق أیضاً أن حقد عبد الرحمن بن المنصور – شقیق عبد الملك – علی ابن القطاع ورصد السعي علیه بعد أن عرَّف الأخیر أخاه عبد الملك بتمرده علیه في أول دولته بصحبة طائفة من أصحابه. ومن جهة أخری فقد كان ابن القطاع لایحضر مجلس شراب عبد الملك إلا في الندرة أو الدعوة إلیه، فأمكن أعداءه القول فیه لغیبته بما شاؤوا (ابن بسام، 1(1)/104). وكان عبد الملك یرد كلَّ ما یُنمی إلیه عنه لثقته به، إلا أن أعداءه أفلحوا آخر الأمر في إفساد العلاقة بینهما. وكان ابن القطاع قد عزم علی الإمساك بزمام الأمور وتنحیة عبد الملك والخلیفة هشام المؤید الذي كان ألعوبة في ید العامریین، وتفویض أمور الخلافة إلی رجل من بني مروان یدعی هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمان الناصر. والتقی ابن القطاع سراً بهشام بن عبد الجبار وكشف له عن خطته في إسقاط بني عامر وهشام المؤید، فوافق علی ذلك. وكانت خطة ابن القطاع تقضي في إقامة دعوة عظیمة لعقیقة مولود رُزقه ابنه أبو عامر یدُعي إلیها عبد الملك وأخوه عبد الرحمن وكبار رجال الدولة للإجهاز علیهم هناك (ظ: ابن عذاري، 3/29-31)، غیر أن أحد الذین یثق بهم ابن القطاع كشَفَ لنظیف – وهو غلام صقلي لعبد الملك – عن الخطة، فدخل نظیف لوقته إلی عبد الملك وأعلمه الخبر (ابن بسام، 1(1)/105؛ ابن عذاري، 3/23؛ عنان، 2/619)، فاعتزم قتل ابن القطاع. وقد شدّ أخوه عبد الرحمن الذي كان یضمر له الحقد عزیمته علی قتله. ونُفّذت خطة القتل في الولیمة التي أقامها أبو عامر بن عیسی في لیلة السبت 20 ربیع الأول 397، حیث قُتل ابن القطاع مع اثنین من أصحابه. وأنفذ عبد الملك في الوقت ذاته جنده للهجوم علی بیوت ابن القطاع وأصحابه ومصادرة أموالهم. كما أمر باعتقال أولاده وإجبار ابنه أبي عامر – صهر عبد الملك – علی طلاق زوجته (ابن بسام، 1(1)/105-107؛ ابن عذاري،3/33).

 

المصادر

ابن بسام، علي، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة، القاهرة، 1358هـ/1939م؛ ابن خلدون، العبر؛ م.ن، مقدمة، تقـ: علي عبد الواحد وافي، القاهرة، 1401هـ؛ ابن عذاري، أحمد، البیان المغرب، تقـ: ج.س. كولان ولیفي بروفنسال، بیروت، دار الثقافة؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر ومحمد النصاري، الدار البیضاء، 1954م؛ عنان، محمد عبد الله، دولة الإسلام في الأندلس، الخلافة الأمویة والدولة العامریة، القاهرة، 1408هـ/1988م؛ یاقوت، البلدان.

مهدي جلیلي/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: