اِبْنُ الغَضائريّ، أحمد بن الحسین بن عبید الله بن إبراهیم بن عبد الله الغضائري، رجالي ومحدث بغداد الإمامي في القرنین 4 و5هـ/10 و11م. كنیته أبو الحسن، أو أبو الحسین (ظ: الطوسي، ط المرتضویة، 1، ط الحیدریة، 24؛ النجاشي، 11؛ ابن طاووس، 25، 82، 195؛ العلامة الحلي، 8). یحیط بحیاته ظلال من الغموض لعدم وجود ترجمة له في مصادر الرجال الشیعیة كالفهرست و رجال الطوسي و رجال النجاشي والكتب المتأخرة المستندة علیها. هذا عدا النجاشي الذي أشار فیما نقله عنه من أقوال إلی شيء من حیاته وعلمه. ویستشف من القرائن كالسند الذي قدمه أفندي (2/135-136)، نقلاً عن فلاح السائل لابن طاووس، أنه توفي بعد وفاة والده (15 صفر 411) بقلیل (قا: الطوسي، ط المرتضویة، 2).

لانعرف عن أساتذته وشیوخه سوی والده الحسین بن عبید الله الغضائري (ن.ع)، وهو من محدثي بغداد المشهورین، وأحمد بن عبد الواحد ابن عبدون، وأبي الحسین محمد بن عثمان النصیبي (النجاشي، 83، 219، 258-259؛ أفندي، ن.ص، نقلاً عن فلاح السائل). كما لانعرف أحداً من تلامذته، ومانعرفه أن النجاشي أفاد كثیراً من آرائه الرجالیة والتاریخیة، وأنه كان یولي اهتماماً كبیراً بأقواله علی صعید الرجالیة والتاریخیه، (ظ: النجاشي، 269، الذي یشیر إلی اجتماعه بأبي الحسن علي ابن محمد بن شیران الأُبُلّي عند ابن الغضائري). وعلی أي حال، فإن ما قام به النجاشي من نقل آرائه والتعویل علیها في جرح وتعدیل الرواة، إنما یدل علی مدی اعتماده علیه ووثوقه به. ومما تجدر الإشارة إلیه أن یاقوت (2/202) أخبر عن شخص یحمل اسم ابن الغضائري ونسبته، ولقّبه بـ «الأسدي» و«الغضائري»، ولایبدو أنه شخص آخر غیر ابن الغضائري. وعدّه یاقوت من الأدباء والفضلاء وأضاف: له خط یُزري بخط ابن مقلة (ن.ع) علی طریقته.

وحول آثار ابن الغضائري یجب القول إن الطوسي في مقدمة الفهرست (ط المرتضویة، 1-2)، أشار ضمن حدیثه عن فهارس الإمامیة إلی كتابین له: أحدهما ذكر فیه «المصنفات»، والآخر ذكر فیه «الأصول» عند الإمامیة. وقال الطوسي إنه استوفاهما علی مبلغ ما وجده وقدر علیه. وأشار الطوسي أیضاً (ن.ص) نقلاً عن مصدر مجهول أن هذین الكتابین وغیرهما من كتبه قد تلفت بسبب عدم اهتمام ورثته. ومع ‌هذا نری أن النجاشي قد نقل آراء ابن الغضائري دون ذكر اسم كتاب له (عدا في موضع واحد، ظ: تتمة المقالة) مستخدماً في ذلك عبارة «قال أحمد بن الحسین» أو «ذكر…» (ص 11، 198، مخـ). ویبدو من خلال دراسة هذه المنقولات أن النجاشي ربما كان لدیه كتاب المصنفات لابن الغضائري وأنه اعتمد علیه كراراً (ظ: ص 37،459، مخـ). ویبدو أیضاً أن لابن الغضائري كتاباً آخر في التاریخ غیر الكتابین المذكورین، وقد أفاد منه النجاشي (ص 77) في ترجمة البرقي، ویحتمل أن یكون في ترجمة محدثي الإمامیة (قا: م.ن،52، 193-194، 258). ونقل النجاشي أیضاً في ثلاثة مواضع (ص 122، 154، 185) آراء ابن الغضائري في جرح وتعدیل الرواة، یمكن القول إنه استقاها من كتاب آخر.

ویفهم من دراسة ما أخذه النجاشي عن ابن الغضائري أنه كان ذا اهتمام بالغ في معرفة آثار الإمامیة، بل إن بعض الكتب لم یرها ولم یعرّفها أحد غیره. ویمكن ملاحظة دائرة هذا التحقیق والبحث في آثار الإمامیة الأدبیة والتاریخیة أیضاً (ظ: ن.م، 11، 37، 65-66، 141، مخـ). والذي یبدو من المسلّم به هو أن ابن الغضائري أفاد علی صعید «علم الرجال» و«البیلیوغرافیا» كثیراً من أبیه الذي كان من كبار علماء بغداد، وكان له علی مایبدو مذهب خاص في علم الرجال، وربما كان ذلك وراء اهتمام النجاشي إلی هذا الحد بأقوال زمیله في الدراسة. ومنذ القرن 7هـ/13م، وفي أعقاب الإشارة إلی كتاب یعرف بالضعفاء، نسبه لأول مرة أحمد ابن طاووس إلیه في «حل الإشكال» (ص 125؛ قا: العلامة الحلي، 8؛ ابن داود، 1-4؛ التستري، عبد الله، 1، 27، مخـ)، ویختص بذكر ضعفاء الرواة والمحدثین، أُثیر جدل واسع بین علماء الرجال المتأخرین، بحیث صیغ من ابن الغضائري شخصیة تمثل صاحب كتاب الضعفاء (ظ: ن.د، الضعفاء؛ حول أثره المحتمل الآخر عن الممدوحین، ظ: العلامة الحلي، 241؛ ابن داود، 383؛ التستري، محمدتقي، 1/292).

المصادر

ابن داود الحلي، الحسن، الرجال، تقـ: جلال‌ الدین محدث، طهران، 1342ش؛ ابن طاووس، أحمد، «حل الإشكال»، مع التحریر الطاووسي، تقـ: محمد حسن ترحیني، بیروت، 1408هـ/1988م؛ أفندي الأصفهاني، عبد الله، ریاض العلماء، تقـ: أحمد الحسیني، قم، 1403هـ؛ التستري، عبد الله، الضعفاء، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ التستري، محمد تقي، قاموس الرجال، طهران، 1379هـ؛ الطوسي، محمد، الفهرست، تقـ: محمد صادق بحر العلوم، النجف، المرتضویة؛ م.ن، ن.م، النجف، الحیدریة، 1380هـ/1960م؛ العلامة الحلي، الحسن، الرجال، النجف، 1381هـ/1961م؛ النجاشي، أحمد، الرجال، تقـ: موسی الشبیري الزنجاني قم، 1407هـ؛ یاقوت، الأدباء.

حسن أنصاري/ت.