اِبْنُ عِنَبَة، جمال ‌الدين أحمدبن علي بن الحسین الحسني الحسیني (ح 748-828هـ/ 1347-1424م)، مؤرخ ونسابة شیعي. یصل نسبه بعشرین واسطة کما أورده بنفسه إلی الإمام علي بن أبي طالب‌(ع)، وهو من أعقاب عبد الله المحض، لذا فإن أجداده حسنیون حسینیون، فهو ینتسب إلی الإمام الحسن‌(ع) عن طریق أبیه وإلی الإمام الحسین (ع) عن طریق أمه، وهذا ما دعا إلی اعتباره أحیاناً حسنیاً (کیا گیلاني، 55) وأحیاناً حسینیاً (القمي، هدیة…، 84). ودعي أیضاً بالداودي ذلک أن محمد بن داود بن موسی الثاني أحد أجداده (کیاگیلاني، ن.ص؛ القمي، الفوائد…، 21). وعرف بابن عنبة لأن جده کان یدعی عنبة الأصغر، وهو بدوره من أعقاب عنبة بن محمد الوارد (عنبة الأکبر) (ابن عنبة، عمدة…، مطبوعة، 130). ومع ذلک فقد دعاه بعضهم خطأً بابن عنبسة وابن عتبة وابن عقبة (مدرس، 8/127). وکان عنبة الأکبر جد قبیلة من أشراف بني الحسن بالعراق ونواحي الحلة (تاج العروس، مادة عنب). وربما ولد ابن عنبة في الحلة.

تتلمذ في شبابه علی النسابة الشیعي الشهیر أبي عبد الله محمد بن القاسم ابن معیة الدیباجي (تـ 776هـ/1374م)، وتعلم علیه الفقه والحساب والأدب والشعر والتاریخ وعلم الأنساب، وصار من ملازمیه وخاصته. وقد أفاد ابن عنبة أثناء دراسته من کثیر من الکتب والأساتذة، ولکن مما لاشک فیه أنه اکتسب أغلب زاده العلمي من تصانیف ابن معیة (ابن عنبة، ن.م، 169، 170، 272، 368). ویبدو من سیرة حیاته أنه قام برحلات عدیدة بعد وفاة ابن معیة، فسافر إلی أصفهان وهراة وسمرقند ومکة ومذار (في دستمیسان) وأفاد من علماء النسب (ن.م، 21، 38، 81، 150، 151، 273، 277، 351).

یعتبر ابن عنبة من طبقة الشهید الأول، فکلاهما رویا عن العلامة الحلي عن طریق ابن معیة (الأمین، 3/40).

آثاره

وجمیع ما بقي من تصانیفه أو ما نسب إلیه في علم الأنساب ذات أهمیة کبیرة، وأهمها کتاب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، دوّن ابن عنبة هذا الکتاب 3 مرات في أحجام مختلفة. وربما دون النسخة الأولی وهي أکثرها تفصیلاً ولکنها غیر مبوبة في 802هـ، وقدمها للأمیر تیمور گورکان، ولذلک عرفت بـ عمدة الطالب التیموریة، وقد صرح الکاتب في أول الکتاب أنه أخذ معلوماته عامة من مختصر شیخه أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن الصوفي، وکتاب آخر للشیخ أبي النصر سهل بن عبد الله البخاري وضم إلیها فوائد من أماکن أخری (عمدة، مخطوطة، 4). وتعرف النسخة الثانیة بـ عمدة الطالب الجلالیة، کتبها لجلال ‌الدين الحسن بن علي بن الحسن بن محمد الحسیني في 812هـ، وذلک بانتخاب نحو ثلثي النسخة الأولی، ورتبها علی 3 أبواب، قسم کل باب إلی عدة فصول وأضاف إلیها مقدمة (عمدة، مطبوعة، 18-19). وأعد ابن عنبة النسخة الثالثة للسلطان الشریف محمد بن فلاح المشعشعي جد الولاة السادة بالحویزة، وتمه في 10 صفر 827 (آقابزرگ، 15/337-339). وأطلق المرعشي النجفي (ص 43) علی هذه النسخ الثلاث اسم الکبری والوسطی والصغری. توجد من عمدة الطالب التیموریة مخطوطات في مکتبة آیة الله المرعشي بقم (ن.ص)، وجامعة طهران (المرکزیة، 2/630)، والجامع الکبیر بصنعاء (فهرس، 615)، والحکیم (النجف، 1/45-46). طبع عمدة الطالب الجلالیة في 1318هـ/1900م ببومباي، وفي 1358هـ/1939م بالنجف وفي 1380هـ/1961م فیها أیضاً بتحقیق محمد حسن آل الطالقاني. ویقول آقابزرگ (15/339) أن نسخة من عمدة الطالب المشعشعیة ناقصة الأول والآخر توجد في مکتبة الشیخ علي آل کاشف الغطاء بالنجف.

ویقول ابن عنبة في النسخة الأولی والثانیة أنه ألف هذا الکتاب لأن جماعة یشکون في شجرة نسب آل أبي طالب (عمدة، مخطوطة، 4، مطبوعة، 18). وهو في عمدة الطالب الجلالیة، یعدد بعد الاستهلال في مقدمة طویلة أجداد إبراهیم‌(ع)، ثم أولاده إلی أبي طالب، وبعدها یذکر من أولاد أبي طالب: عقیل وجعفر وعلي‌(ع)، ثم یذکر في فصولٍ أولادهم باختصار، وأخیراً یذکر بتفصیل أکثر أحفاد علي بن أبي طالب‌(ع) من أولاده الحسن‌(ع) والحسین‌(ع) ومحمد الحنفیة والعباس وعمر الأطرف في 5 فصول، وورد في هذا النسب معلومات یسیرة ولکنها مفیدة عن انتشار العلویین في البلاد وأماکن سکنهم. ولها فائدة جلی اللمؤرخین، وورد في خاتمة الکتاب مصطلحات في علم النسب لایعلم إن کانت للمؤلف نفسه. وقد أفاد المؤرخون والمحدثون المتأخرون مثل کیا گیلاني في سراج الأنساب والحر العاملي في أمل الآمل والمجلسي في بحار الأنوار من کتاب عمدة الطالب إفادة کبیرة.

وکتاب ابن عنبة الثاني هو الفصول الفخریة في أصول البریة بالفارسیة، حققه جلال ‌الدين الحسیني المحدث الأرموي وطبع بطهران في 1346ش، رتبه علی مقدمة وثلاثة فصول، عنوان مقدمته «في بیان منشأ النسل». ذکر في هذا الکتاب أجداد البشر من آدم إلی نوح باختصار، ثم أولاد نوح أکثر تفصیلاً، وبتبویب أوضح، وذکر أعقاب کل من أولاد نوح ولاسیما ملوک منطقة ما بین النهرین وإیران وأماکن أخری، ویمتد هذا النسب إلی القبائل العربیة وأجداد الرسول‌(ص) متصلة بأبي طالب، وأخیراً دراسة وتبویب أبناء أبي طالب علی نهج عمدة الطالب. ومال أحیاناً في هذا الکتاب إلی نقد آراء الآخرین (ص 189)، وقد أشبه هذا المصنف کتاب عمدة الطالب إلی حد دعا بعضهم لاعتباره ترجمة له.

کتب ابن عنبة هذا الکتاب لفخر ‌الدين الحسن بن شمس ‌الدين محمد، من أحفاد الإمام زین العابدین‌(ع)، وکان من علماء سبزوار (ص 3-4). ومن تصانیف ابن عنبة أیضاً والتي لدینا مخطوطات منها: بحر الأنساب في نسب بني هاشم (بالعربیة)، منه نسخة في الروضة الرضویة (آستان، 76)، ودار الکتب بمصر (الخدیویة، 5/17)، ومعهد المخطوطات العربیة (وکیل، 2(4)/59)، ومکتبة الحکیم بالنجف (النجف، 2/196)؛ التحفة الجمالیة في أنساب الطالبیة، منه نسخة في مکتبة المرعشي بقم (المرعشي، 43)، وذکر الزرکلي (1/177) مخطوطة من تألیفه باسم رسالة في أصول شجرة السادة آل أبي علوي.

وینسب له آقابزرگ (2/376) کتاباً آخر باسم أنساب آل أبي طالب، ربما کان ترجمة عمدة الطالب، مع تغییرات یسیرة.

ویشک في مذهب ابن عنبة، فشک بعضهم بأنه شیعي (الدواني، 4/324)، ومثل هذا الشکل غیر جائز، ولکن لایمکن القطع بأنه کان إمامیاً، فقد اعتبره بعضهم زیدیاً (الأعلمي، 3/199)، یدعم هذا الظن بعض إشاراته وعباراته، فیقول مثلاً عن الإمام الثاني عشر الغائب‌(ع): «ثاني عشر الأئمة عند الإمامیة، وهو القائم المنتظر عندهم» (عمدة، مطبوعة، 199). والأهم من هذا أنه أورد في مستهل عمدة الطالب التیموریة (ص 5-6) أثناء ذکره صفات الأمیر تیمور العبارة التالیة في مدحه: «…صاحب الملکات العلیة والأنباء النبویة والفصاحة الصدیقیة والحصانة الفاروقیة والسماحة النوریة والحماسة المرتضویة…»، ومع ذلک فإن ما هو أکثر قبولاً واحتمالاً کونه إمامیاً، لاسیما وأنه کان تلمیذ ابن معیة الإمامي وصهره، وقضی الشطر الأول من حیاته في خدمته، ونهل من معین أفکاره وعقائده ومعنویاته، وظل وفیاً لأستاذه.

المصادر

آستان قدس، الفهرست؛ آقابزرگ، الذریعة؛ ابن عنبة، أحمد، عمدة الطالب التیموریة، مخطوطة مشکوة، رقم 181؛ م.ن، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب (الجلالیة)، تقـ: محمد حسن آل الطالقاني، النجف، 1380هـ/1961م؛ م.ن، الفصول الفخریة، تقـ: جلال ‌الدين المحدث، طهران، 1387هـ/1967م؛ الأعلمي، سلیمان، دائرة المعارف، قم، 1375هـ/1955م؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ/1983م؛ تاج العروس؛ الخدیویة، الفهرست؛ الدواني، علي، مفاخر إسلام، طهران، 1314ش؛ الزرکلي، الأعلام؛ فهرس مخطوطات المکتبة الغربیة بالجامع الکبیر بصنعاء، تقـ: أحمد محمد عیسوي ومحمد سعید الملیح، الإسکندریة، منشأة المعارف؛ القمي، عباس، الفوائد الرضویة، طهران، 1327ش؛ م.ن، هدیة الأحباب، طهران، 1363ش؛ کیا گیلاني، أحمد، سراج الأنساب، تقـ: مهدي رجائي، قم، 1409هـ/1988م؛ مدرس، محمد علي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ المرعشي النجفي، شهاب الدین، مقدمة المجدي لعلي بن محمد العمري، تقـ: أحمد المهدوي الدامغاني، قم، 1409هـ/1988م؛ المرکزیة، المخطوطات؛ النجف، محمد مهدي، فهرست المخطوطات المصورة في مکتبة الإمام الحکیم العامة، النجف، 1399هـ؛ وکیل، مختار، فهرست المخطوطات المصورة، القاهرة، 1390هـ/1970م.

حسین یوسفي إشکوري/ن.