اِبْنُ عُقدَة، أبو العباس أحمد بن محمد بن سعید الهمداني (15 محرم 249-7 ذو القعدة 332هـ/10 شباط 863 – أول تموز 944م)، محدث شیعي كبیر. و«عقدة» لقب أبیه، وكان ورّاقاً ومعلماً في الكوفة، تربط أسرته صلة قرابة ببني هاشم (یبدو أنه الفرع العباسي منهم) وبقبیلة همدان (فرع سبیع) عن طریق الولاء عتاقة (الخطیب، 5/14-15؛ الطوسي، الفهرست، 28؛ ابن بابویه، التوحید، 229؛ قا: السمعاني، 7/668) ولذلك عرف ابن عقدة بالهمداني.

قضی أغلب حیاته في الكوفة ویقول تلمیذه ابن الجعابي إنه دخل بغداد ثلاث مرات (الخطیب، 5/18، 19، قا: 5/14). وسمع في المرة الأولی من علي بن داود القنطري (تـ 272هـ/886م، ظ: الخطیب، 5/14، 11/425) ولذلك لابد أن سفره إلی بغداد كان قبل 272هـ. ویمكن تحدید تاریخ أدق لرحلته هذه بالحدس فحسب وقد أبدی النعماني (ص 34، 191، مخـ) أدلة علی أن ابن عقدة سمع الحدیث بین سنتي 262-266هـ/876-880م وسنتي 271-277هـ/884-890م، ویبدو من بعض الشواهد أنه كان في الكوفة آنذك ولذلك ربما كانت رحلته الأولی إلی بغداد بین سنتي 266-271هـ ورحلته وسفرته الثانیة إلیها والتي سمع فیها من أحمد ابن یحیی الصوفي (تـ 306هـ/ 918م، ظ: الخطیب، 5/14، 215) كانت ولا شك قبل 306هـ. وهو ما یتفق مع ما أورده ابن الجعابي حول رحلته الثانیة (م.ن، 5/18-19). وانتهت هذه الرحلة قبل 318هـ وهي السنة التي توفي فیها یحیی بن صاعد (ظ: م.ن، 14/234)؛ ففي هذا التاریخ كان ابن عقدة قد عاد إلی الكوفة (م.ن، 5/19). وكل ما نعرفه عن رحلته الثالثة إلی بغداد أنه أملی الحدیث في 330هـ/942م في جامع الرصافة ومسجد براثا (الطوسي، الأمالي، 1/276). وصرح الخطیب (5/14) أیضاً أنه «قدمها في آخر عمره» وتوفي بُعید عودته إلی الكوفة (م.ن، 5/22-23؛ أیضاً ظ: الطوسي، الرجال، 442).

كان ابن عقدة زیدیاً جارودیاً، وعلی ذلك مات (م.ن، الفهرست، 28؛ النجاشي، 94) وكان والده زیدیاً أیضاً (الخطیب، 5/15). وكان ابن عقدة یملي في جامع براثا مثالب الشیخین التي تتفق وتعالیم الجارودیة، ومع‌ ذلك فقد نسب إلیه حدیث في فضیلة عثمان (م.ن، 5/15، 22).

وعرف بحفظ الحدیث ویحكی أنه كان یحفظ 100 ألف حدیث بأسانیدها ویذاكر بـ 300 ألف من أحادیث أهل البیت خاصة (م.ن، 5/16-17؛ الطوسي، الرجال، 442). وقد بلغ علمه بالحدیث حداً أن یحیی بن صاعد روی ببغداد حدیثاً عن شیخ أخطأ في إسناده، فكشف ابن عقدة عن خطئه هذا (الخطیب، 5/18-19)، ولكن لایخلو هو نفسه من الخطأ، وقد أشیر إلی أحد أخطائه في سؤالات الحاكم النیسابوري للدار قطني، وذلك في حدیث ابن عمر عن غسل الجمعة، فقد رواه ابن عقدة عن طریق الثوري عن أبي إسحاق عن نافع. غیر أن الدار قطني والحكام النیسابوري یعتقدان بأنه استبدل یحیی بن وثاب خطأ بنافع (الحاكم، 97). وإن رُوی هذا الحدیث أیضاً عن طریق أبي إسحاق عن نافع أیضاً (ظ: أحمد، 2/42، 115، 145؛ ابن ماجه، 1/246؛ المزي، 6/191-192)، إلا أن ما عرف عن طریق الثوري عن أبي إسحاق هو حدیث یحیی بن وثاب (ظ: أحمد، 2/53، 57؛ المقري، 6/261-262).

وابن عقدة مقبول عامة من الناحیة الرجالیة بین الإمامیة، وعنه رُوي قسم كبیر من أصول الشیعة (الطوسي، الرجال، 442، الفهرست، 3، 4، مخـ؛ النجاشي، 6,4، مخـ)، وقد وردت أحادیثه بكثرة في الكتب الأربعة، وأكد علی وثاقته من قدماء الإمامیة كل من النعماني (ص 14) والطوسي (الفهرست، 28) والنجاشي (ص 94). بینما ذكره كل من العلامة الحلي (ص 203) وابن داود الحلي (ص 422) في القرون التالیة بین الضعفاء، لأنه لم یكن إمامیاً كما یظهر. وقد أثنی علیه من علماء أهل السنة أبو علي الحافظ (الخطیب، 5/19)، وطعن فیه البعض أیضاً. وبنظرة دقیقة إلی العبارات یمكن الظن بأن سبب الطعن به وجرحه یعود علی الأغلب لاعتماده علی «الوجادات» (ابن عدي، 1/208-209؛ الحاكم، 96)، ولاستغراب الأحادیث أحیاناً وحتی لتشیعه (الخطیب، 5/19-22)، ولكن لابد من الشك فیما بنسب إلیه من التدلیس والحیلة والكذب (ابن عدي، الخطیب، ن.ص؛ ابن حجر، لسان، 1/266).

ویعتبر ابن عقدة أحد الرجالیین بین الإمامیة، وجرحه وتعدیله في كتبه الرجالیة موضع عنایتهم (كنموذج ظ: العلامة الحلي، 209؛ ابن داود، 75). وقد شغل بنقل الروایات التاریخیة بالإضافة إلی روایة الحدیث، یدل علی ذلك وجود أسماء مثل كتاب الشوری وكتاب یحیی ابن الحسین بن زید وأخباره بین تصانیفه المفقودة (ظ: الطوسي، الفهرست، 29). ثم إن قسماً لابأس به من الروایات التاریخیة في مقاتل الطالبیین لأبي الفرج الأصفهاني هي من روایات ابن عقدة.

سمع ابن عقدة الحدیث من عدد كبیر من المشایخ في الكوفة وبغداد منهم إبراهیم بن أبي بكر بن أبي شبیة وأحمد بن أبي خیثمة وحمید بن زیاد وعلي بن الحسن بن فضال (ابن ‌بابویه، التوحید، 162، 377)؛ النعماني، 67؛ الخطیب، 5/14). وقد أورد كل من الخطیب (ن.ص) والذهبي (15/341-342) والخوئي (2/277-280) ثبتاً لبعض مشایخه (وأیضاً ظ: ابن شاذان، 40-41، 148؛ ابن بابویه، التوحید، 374؛ الخزاز، 255، مخـ المفید، الأمالي، 21-30، 334؛ منتجب ‌الدین، 53؛ الإسترابادي، 1/297، مخـ).

ویلاحظ بین رواة ابن عقدة عدد من المحدّثین المشهورین كمحمد بن یعقوب الكلیني وأبي الحسن الدار قطني وأبي القاسم الطبراني وأبي الفرج الأصفهاني وأبي غالب الزراري وابن أبي زینب النعماني وابن عدي الجرجاني وأبي حفص ابن شاهین وابن أبي زینب النعماني وابن عدي الجرجاني وأبي حفص ابن شاهین وابن الجعابي وهارون بن موسی التلعكبري (الكلیني، 5/4، مخـ؛ النعماني، 21، مخـ؛ أبو الفرج، 3، مخـ؛ الزراري، 84؛ المفید، الأمالي، 21؛ الطوسي، الرجال، 442؛ الخطیب، ن.ص). وروی عنه محدثون من الشیعة والسنة (قا: النجاشي، 95). وقد أورد ثبتاً لرواته كل من الخطیب (ن.ص)، والذهبي (15/342)، والأردبیلي (1/66؛ أیضاً ظ: ابن بابویه، التوحید، 374، عیون، 1/230؛ ابن شاذان، 40؛ ابن عیاش، 4؛ الزراري، 29؛ المفید، الأمالي، 39، الاختصاص، 85؛ الطوسي، الأمالي، 1/252، 2/75؛ الإسترابادي، 1/297).

آثاره

ألف- المطبوعة

كتاب باسم ذكر النبي‌(ص) ینسب لابن عقدة، حققه وترجمه إلی الإنجلیزیة نبیه عبود وطبع بشیكاغو باسم «بردیات الأدب العربي» في 1957م (GAS, I/182). وربما كان نفس الكتاب الذي ذكره الطوسي (الفهرست، 29) باسم ذكر النبي‌(ص) والصخرة والراهب وطرق ذلك.

ب- المخطوطة

توجد بعض أحادیث ابن عقدة في 6 ورقات ضمن مجموعة في المكتبة الظاهریة (الظاهریة، 87).

ج- المفقودة

1. تفسیر القرآن، رأی النجاشي نسخة منه (ص 94-95)، كما كان عند ابن طاووس نسخة نقل عنها في سعد السعود (ص 71، 117-130) ومحاسبة النفس (ص 17)؛ 2. الرجال، ألف عن رواة الإمام جعفر الصادق‌(ع) (الطوسي، الفهرست، 28). ویقول الطوسي إنه أفاد منه كاملاً في تألیف الرجال (ظ: ص 2، 142-342). وفیما یتعلق بالمعلومات التي نقلت عن ابن عقدة في رجال العلامة الحلي (ص 28مخـ) وابن داد (ص 75، مخـ) عن أصحاب الإمام الصادق‌(ع) حیناً، وحیناً آخر عن أصحاب الأئمة‌(ع) الآخرین (العلامة الحلي، 35، 51، مخـ؛ ابن داود، 286، مخـ)، لابد من القول إنها أخذت عن نسخة أو نسخ كانت موجودة في القرن 7هـ، ذلك أن هذه المعلومات لاتشاهد في أي من مصادر هذین الاثنین الأخری، ولكن من المحتمل أن هذه النسخة أو النسخ تشمل بالإضافة إلی كتاب الرجال قسماً آخر من كتب ابن عقدة الرجالیة (قا: الطوسي، الفهرست، 28)؛ 3. الولایة، جمع المؤلف في هذا الكتاب حدیث الغدیر من 105 طرق (ابن شهرآشوب، المناقب، 3/25)، وهو أحد المصادر التي أفاد منها أبو موسی المدیني (تـ 581هـ) في تدوین مستدرك معرفة الصحابة لابن منده (ظ: ابن الأثیر، 1/368، مخـ؛ ابن حجر، الإصابة، 4/80، مخـ) وكان عند ابن طاووس (الأمان، 91، الیقین، 33-35) نسخة منه أیضاً، وأورد فهرستاً عن طرق الأحادیث المذكورة فیه في كتابه الطرائف (1/140-142).

كما ذكر الطوسي في الفهرست أسماء بعض كتب ابن عقدة الأخری (ص 28-29)، ولكن یبدو من عبارته أنه لم یرها كلها بنفسه وأنه نقل أسماءها عن تلمیذ ابن عقدة ابن الصلت الأهوازي. وأضاف النجاشي ضمن نقله كلام الطوسي كتابین إلی أسمائه فقط (ص 94-95)، كما أضاف ابن شهرآشوب كتاباً إلی فهرست الطوسي باسم التمسیة في فقه أهل البیت بالأخبار (المعالم، 17)، وربما أخذه من بعض نسخ الفهرست، وكانت لدی ابن شهرآشوب (المناقب، 1/9، 2/306) وابن طاووس (فتح الأبواب، 159-160) بالإضافة إلی ما ذكراه ثلاثة تصانیف أخری لابن عقدة باسم الدلائل و المجموع و تسمیة المشایخ. وكان له أیضاً في القرنین 6 و7 هـ/12 و13م كتب أخری تحتاج معرفتها إلی مزید من التحقیق والبحث (ظ: الطبرسي، 6/374؛ ابن شهرآشوب، المناقب، 2/65، 3/205، 207، 4/215؛ ابن طاووس، الأمان، 70).

المصادر

ابن الأثیر، أسد الغابة، القاهرة، 1286هـ؛ ابن بابویه، محمد، التوحید، تقـ: هاشم الطهراني، طهران، 1387هـ؛ م.ن، عیون أخبار الرضا‌(ع)، النجف، 1390هـ/1970م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة، القاهرة، 1328هـ؛ م.ن، لسان المیزان، حیدرآباد الدكن، 1329-1331هـ؛ ابن داود الحلي، الحسن، الرجال، تقـ: جلال ‌الدین المحدث، طهران، 1342ش؛ ابن شاذان، محمد، مائة منقبة، قم، 1407هـ؛ ابن شهرآشوب، محمد، معالم العلماء، النجف، 1380هـ/1961م؛ م.ن، المناقب، قم، مؤسسسۀ انتشارات علامة؛ ابن طاووس، علي، الأمان، قم، مكتبة المفید؛ م.ن، سعد السعود، النجف، 1369هـ/1950م؛ م.ن، الطائف، قم، 1400هـ؛ م.ن، فتح الأبواب، تقـ: حامد الخفاف، بیروت، 1409هـ؛ م.ن، محاسبة النفس، طهران، مكتبة المرتضوي؛ م.ن، الیقین، النجف، 1369هـ/1950م؛ ابن عدي، عبد الله، الكامل في ضعفاء الرجال، بیروت، 1405هـ/1985م؛ ابن عیاش، أحمد، مقتضب الأثر، قم، مكتبة الطباطبائي؛ ابن ماجه، محمد، سنن، تقـ: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، 1952م؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبیین، النجف، 1385هـ/1965م؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313هـ؛ الأردبیلي، محمد، جامع الرواة، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الإسترابادي، علي، تأویل الآیات الظاهرة، قم، 1407هـ؛ الحاكم النیسابوري، سؤالات الحاكم النیسابوري للدار قطني، تقـ: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، الریاض، 1404هـ؛ الخزار، علي، كفایة الأثر، قم، 1401هـ؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحدیث، النجف، 1398هـ/1978م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وآخرون، بیروت، 1404هـ/1984م؛ الزراري، أبو غالب، رسالة في آل أعین، تقـ: محمد علي موحد الأبطحي، أصفهان، 1399هـ؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، حیدرآباد الدكن، 1396هـ/1976م؛ الطبرسي، الفضل، مجمع البیان، صیدا، 1333هـ؛ الطوسي، محمد، الأمالي، بغداد، 1384هـ/1964م؛ م.ن، الرجال، تقـ: محمد صادق آل بحر العلوم، النجف، 1380هـ/1961م؛ م.ن، الفهرست، تقـ: محمد صادق آل بحر العلوم، النجف، المكتبة الحسن، الرجال، النجف، 1381هـ/1961م؛ الكلیني، محمد، الكافي، تقـ: علي أكبر الغفاري، طهران، 1388هـ؛ المزي، یوسف، تحفة الأشراف، بومباي، 1395هـ/1975م؛ المفید، محمد، الاختصاص، تقـ: علي أكبر الغفاري، قم، جماعة المدرسین في الحوزة العلمیة؛ م.ن، الأمالي، تقـ: أستاد ولي والغفاري، قم، 1403هـ؛ منتجب الدین، علي، الأربعون حدیثاً، قم، 1407هـ؛ النعماني، محمد، الغیبة، بیروت، 1403هـ/1983م؛ وأیضاً:

GAS.

أحمد پاكتچي/ن.