ابن عزرا
cgietitle
1442/11/24 ۱۴:۱۲:۱۰
https://cgie.org.ir/ar/article/234031
1446/10/21 ۲۱:۲۰:۵۵
نشرت
3
اِبْنُ عِزرا، إبراهیم بن میر (مایر) (ح 484-562هـ/ 1091-1167م)، مفسر للتوراة وأدیب ومترجم للكتب من العربیة إلی العبریة، وفلكي وریاضي یهودي أندلسي. یعرف في المصادر العربیة بأبي إسحاق إبراهیم بن مجید، وهو أول باحث ترجم كتب المسلمین إلی اللغة العبریة، وساعد علی نشر علوم المسلمین ویهود الشرق وآرائهم بنی یهود أوروبا (جنثالث پالنثیا، 500-501؛ سارتون، II/187).
ولد ابن عزرا في طلیطلة، ثم هاجر مع أسرته إلی قرطبة، ویمكن تقسیم حیاته إلی مرحلتین متمیزتین: الأولی وتمتد نحو نصف قرن، قضاها في إسبانیا. وقد نبغ في فترة شبابه في الشعر وعلم اللغة، فاشتهر قبل خروجه من إسبانیا شاعراً وعالماً. وتبدأ المرحلة الثانیة من حیاته بهجرته من إسبانیا في 535هـ/1140م. وربما كانت بسبب ما كان یعاني من فقر وفاقة (هوسیك، 187)، واستمرت هذه المرحلة إلی آخر حیاته، قضاها في رحلات طویلة، كما أن ابنه إسحاق، وكان شاعراً معروفاً أیضاً، ترك إسبانیا مع أبیه إلی بغداد، وفیها صادق الطبیب والفیلسوف هبة الله بن ملكا، المعروف بأبي البركات البغدادي، ونظم شعراً فیه، ثم اعتنق الإسلام. فأصابت ابن عزرا صدمة روحیة عمیقة تجلت في شعره، وسافر إلی بغداد لیعید ابنه إلی الیهودیة فلم یفلح («دائرة معارف الیهود»، VI/521). ومنذ ذلك الوقت قضی ابن عزرا حیاته في السفر والغربة، حیث تبدو آثار أسفاره هذه في أسلوب كتابته بوضوح، وتقتصر مصنفاته في هذه المرحلة علی المقالات والرسائل القصیرة التي تفتقد للترتیب والتبویب. وفي 535هـ استقر في روما، وربما كان ذلك بعد رحلة إلی شمال إفریقیة والشرق الأوسط (جودائیكا، VIII/1163-1165). وكتب هناك تفاسیر لعدد من أسفار العهد العتیق لم تلق اهتماماً یذكر من الیهود، كما كتب تصانیف في قواعد اللغة العبریة، طبعت بالبندقیة في 953هـ/1546م.
وفي 542هـ غادر إیطالیا إلی فرنسا فاستقبله الیهود فیها بحفاوة بالغة. وفیها كتب أهم تفاسیره علی الأسفار الخمسة. وفي 553هـ ذهب إلی لندن وعاد بعد سنتین أو ثلاث إلی فرنسا، وترجم كتاباً في الفلك من العربیة إلی العبریة، وربما ذهب في أواخر حیاته إلی قلهورة بشمال الأندلس، ومات فیها (سارتون، ن.ص؛ قا: جودائیكا، VIII/1164).
یعتبر ابن عزرا أحد كبار مفسري العهد العتیق وشارحیه، فقد كتب منذ 535هـ وحتی 20 عاماً تفاسیر علی الكثیر من أسفاره، تشمل الكتاب كله تقریباً، وأهم تفاسیره عن الأنبیاء ونشید الأناشید (ن.م، - VIII/11661167). وتختلف شروحه للعهد العتیق اختلافاً كبیراً عن شروح الاخرین، وترتكز علی الموازین العلمیة وعلم اللغة (هوسیك، ن.ص). وقد كتب ابن عزرا تفاسیره علی ضوء النصوص الدینیة وشرح كذلك مجموعة قوانین كبار الیهود الشرعیة والعرفیة، وكان أكثر اهتمامه في شؤون الدین الشرعیة في كتب التلمود (جودائیكا، VIII/1166). ویمكن اعتباره فیما أبدعه في تفاسیره سابقاً لإسبینوزا فیلسوف القرن 17م (بریتانیكا، V/270). ویُلحّ ابن عزرا – خلافاً للاعتقادات السائدة آنذاك – علی أن الأسفار الخمسة لیس لموسی(ع) (جودائیكا، VIII/1167)، ویعتقد بأن كتاب أشعیا یضم آراء نبیَّن، وقد ثبت هذا الرأي الیوم (سارتون، II/188). عرف ابن عزرا بأبي نقاد التوراة بسبب آرائه الدینیة الحدیثة (جودائیكا، ن.ص)، ورغم أنه لم یعدّ من الفلاسفة إلا أن أفكاره الفلسفیة تستشف من خلال تفاسیره (هوسیك، 187). وهو یعتقد بأن الجهلة من الناس لایفهمون كلامه ولم یُرد أیضاً أن یدرك جمهور الناس عقائده المتطرفة، ولذلك صاغ كتبه بعبارات معقدة غامضة (جودائیكا، VIII/1168).
وتتأثر عقائده الفلسفیة بالأفلاطونیة الحدیثة، وابن جبیرول (ن.ع) أیضاً، مع ذلك كان یعتقد كفلاسفة المسلمین الأرسطوئیین أن علم الخالق یتعلق بالأمور الكلیة ولیس بالجزئیة (هوسیك، ن.ص). ولم یبد ابن عزرا رأیاً خاصاً بالجبر والاختیار لاعتقاده بتأثیر النجوم في تعیین مصیر الإنسان (جودائیكا، ن.ص).
وكان ابن عزرا ینظم الشعر، وتحتوي بعض قصائده الدینیة علی معان فلسفیة، كما یتحدث فیها عن السیر نحو الخالق والاتحاد معه. وتُنشد أكثر هذه القصائد في أعیاد الیهود الدینیة، أما أشعاره غیر الدینیة فتتحدث عن الصداقة والحب والطبیعة، وله أعراض شعریة جدیدة في شعره العبري، منها شعره التعلیمي علی لسان الحیوانات، وأشعار في قالب الألغاز، ومقطوعات هجائیة. وقد اقتبس بعض شعره من قصة حي ابن یقظان لابن سینا (ن.م، VIII/1165-1166). وتمكن ابن عزرا أن یطلع الشعراء الأوروبیین الغربیین علی الشعر الإسباني وأشعار الیهود العربیة. فأقبل هؤلاء الشعراء بعد فترة إلی انتهاج أسلوبه في النظم كالشعر الإسباني في مضمونه وقوالبه. حقق دیوانه یعقوب اگرس، وطبع ببرلین في 1304هـ/1886م (جودائیكا، ن.ص).
ویعتبر ابن عزرا في الحقیقة أحد رواد علم قواعد اللغة العبریة، ورغم أنه لم یأت بقواعد وآراء جدیدة، إلا أنه استطاع جمع ما دونه علماء اللغة العبریون الذین كانت لهم كتب بالعربیة في المشرق والأندلس، وأن یترجمها إلی العبریة، وبذلك تمكن یهود أوروبا من التعرف إلی كتب العلماء الذین ألفوا باللغة العربیة، ویدركوا مدی التقارب بین اللغتین العربیة والعبریة (ن.ص).
وكان ابن عزرا ذا اطلاع واسع علی النجوم والعلوم الریاضیة، فخلف الكثیر من الكتب في هذا المجال باللغة العبریة، وعلّم الیهود – بما لدیه من معلومات أخذها عن الریاضیین الذین كتبوا بالعربیة – النظام العشري وقدم لهم مساعدة كبیرة باستعماله للحروف العبریة «الألف» إلی «تت» بدلاً من 1 إلی 9، ووضع علامة خاصة للدلالة علی الصفر، كما وضع العشرات علی یسار الرقم، كما هي علیه الآن (جودائیكا، VIII/1168).
ومن أهم أعماله ترجمة شرح البیروني علی زیج الخوارزمي، فقد ترجم هذا الكتاب إلی العبریة في 555هـ/1160م، وفُقد الأصل العربي، وبقیت الترجمة العبریة (نلّینو، 164). استهل ابن عزرا هذا الكتاب بمقدمة، وطبع شتاین شنایدر قسماً من نصه مع ترجمته الألمانیة («عن تاریخ ترجمة…»، 359-355). وقد نوّه ابن عزرا في هذه المقدمة بتأثیر أفكار الریاضیین والفلكیین الهنود علی العلماء الناطقین بالعربیة وذكر كنكة الریاضي والفلكي الهندي في بلاط هارون الرشید، ویعتقد ابن عزرا بأن كنكة علّم العرب الأعداد الأصلیة (التسعة) والنظام العشري (ن.م، 331). ویقول إن لهذا الشخص زیجاً اقتبس منه الخوارزمي في إعداد زیجه. كما ترجم إلی العبریة رسالتي ما شاء الله في أحكام النجوم («دائرة معارف الیهود»، GAL, S, I/391; VI/524). وقد استطاع العلماء الأوروبیون أن یطلعوا عن طریق تراجم ابن عزرا وتصانیفه في علم الفلك علی معلومات الفلكیین والریاضیین الناطقین بالعربیة ومعطیاتهم (سارتون، II/188). ویقال إنه أقام مدة في الهند، وأفاد في تدوین كتبه من مصادر هندیة، غیر أن شتاین شنایدر («هل كان ابن عزرا في الهند؟»، 432-427) یرد هذه النظریة.
لابن عزرا نحو 108 كتب بالعبریة أو مترجمة، وقد تُرجم أكثرها خلال القرون الماضیة إلی اللغات اللاتینیة والألمانیة والفرنسیة، ولم یكن الداعي إلی الاهتمام بكتبه ما تضمنته من معلومات عمیقة وواسعة فقط، بل إن أسلوب كتابته تمتاز بجملها القصیرة الموجزة، ومضمونها الهزلي في قالب من الألغاز وبروح نقدیة مثیرة في نفس الوقت یشد القارئ ویدفعه إلی التفكیر الفردي الحر (جودائیكا، VIII/1168).
جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، مكتبة النهضة المصریة؛ نلّینو، كرلو، علم الفلك، روما، 1911م؛ وأیضاً:
Britannica, 1973-1974; GAL, S; GAS; Husik, Isaac, A History of Mediaeval Jewish Philosophy, New York, 1916; The Jewish Encyclopedia; Judaica; Sarton, George, Introduction to the History of Science, Baltimore, 1931; Steinschneider, M., «UqI tsI Esra in Indien gewesen?», ZDMG, 1866, vol. XX; id, «Zur Geschichte der Übersetzungen aus dem Indischen in’s Arabische und ihres Einflusses auf die arabische Literatur», ibid, 1870, vol. XXV.
شهناز رازپوش/ ن.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode