اِبْنُ عِراق، أبو علي شمس‌ الدين محمد بن علي بن عبد الرحمن (878-صفر 933هـ/1473- تشرین الثاني 1526م)، عارف وشاعر. ولد بدمشق في أسرة من أمراء الشراكسة (طاش كوبري ‌زاده، 353-354؛ الغزي، 1/59؛ ابن العماد، 8/196). بدأ حیاته بقراءة القرآن والتجوید ودراسة الحساب وسائر مبادئ العلوم، وتزوج بعد وفاة والده في 895هـ. وفي هذه السنة سافر إلی بیروت لاستیفاء إقطاع والده وحصر الإرث، وزار فیها بعض أولیاء الصوفیة وكبارها، ثم رجع إلی دمشق واشتغل بالفروسیة والرمي والصید ولعب الطاولة والشطرنج وغیرها مما یشتغل به الأمراء، حتی صادف الشیخ إبراهیم الناجي وصحبه، ومال بإرشاده إلی التصوف، ولبس منه الخرقة. واشتغل في نفس الوقت بتعلم النحو والمعاني والبیان والتفسیر والفقه والحدیث، وقضی وقته في صحبة أهل العلم والتقوی، إلی أن التقی علي بن میمون المغربي والشیخ عبد القادر ابن حبیب في 904هـ وأفاد منهما (ظ: طاش كوبري‌ زاده، 354؛ الغزي، 1/59-61؛ ابن العماد، 8/196-197).

وفي 905هـ سافر إلی مصر عن طریق بیروت، واجتمع فیها بجماعة من كبار رجال العلم والعرفان كجلال‌ الدين السیوطي والدمیاطي وأحمد القسطنطیني، ثم سافر إلی دمیاط وحضر فیها درس عدد من العلماء الأفاضل، ومنها رجع إلی بیروت فدخلها في لیلة عید الفطر من نفس السنة. وبعد فترة عاد إلی دمشق (الغزي، 1/61؛ ابن العماد، 8/197). ومن دمشق حج ثم عاد إلیها قاصداً بیروت. فأقام فیها حتی 910هـ، لكنه أعرض عنها فجأة في هذه السنة ورجع إلی دمشق (ظ: الغزي، 1/61-62). وبعد سنة قدم علي بن میمون من الروم إلی حماة، وبعث كتاباً إلی ابن عراق، فأسرع إلیه في الحال. وبقي عدة أشهر عند أستاذه وشیخه، ثم أذن له علی بن میمون بالمسیر إلی بیروت، فسافر إلیها وقعد لتربیة وتعلیم الصوفیة (الغزي، 1/62؛ ابن العماد، 8/197-198). وقضی فترة إقامته في بیروت بالتألیف، وقیل إنه ألف 24 كتاباً، فلما بلغ علي بن میمون ذلك انقبض انقباضاً شدیداً، وكتب إلی ابن عراق أن یلقاه بالكتب في دمشق، ولما التقاه في أواخر رجب 913 بدمشق، عاتب الشیخ مریده وتلمیذه ولامه علی اشتغاله بمثل هذه الأعمال والأخذ بالقیل والقال. فوضع ابن عراق مؤلفاته بین یدي علي بن میمون، فغسلها ولم یبق منها سوی القواعد والتأدیب (ظ: الغزي، ن.ص؛ ابن العماد، 8/197-198). وقضی فترة إقامته في بیروت بالتألیف، وقیل إنه ألف 24 كتاباً، فلما بلغ علي بن میمون ذلك انقبض انقباضاً شدیداً، وكتب إلی ابن عراق أن یلقاه بالكتب في دمشق، ولما التقاه في أواخر رجب 913 بدمشق، عاتب الشیخ مریده وتلمیذه ولامه علی اشتغاله بمثل هذه الأعمال والأخذ بالقیل والقال. فوضع ابن عراق مؤلفاته بین یدي علي بن میمون، فغسلها ولم یبق منها سوی القواعد والتأدیب (ظ: الغزي، ن.ص؛ ابن العماد، 8/198). وبعد 6 سنوات من وفاة علي بن میمون، عاد في 923هـ إلی بیروت، وبنی رباطاً عمل فیه علی تربیة المریدین وإرشاد التلامیذ، إلی أن كاتبه جماعة من أعیان دمشق في القدوم علیهم، فسافر إلیهم وأقام فترة بدمشق ومدة في الغوطة وصفد، واشتغل أیضاً بإرشاد المریدین وتدریس التفسیر والفقه والحدیث. وكان یتقاطر إلیه أهل العلم والعرفان من الأطراف والأكناف. وفي 924هـ حج ثانیة، وقد عهد إلیه برئاسة أمور الحجاج، «ذهب في هذه السفرة ماشیاً» (الغزي، 1/62-64). ومنذ ذلك الوقت قطن في المدینة وقصد الإرشاد والتربیة، وتردد بین الحرمین مراراً، وحجّ كذلك مرات.

وأخیراً توفي بمكة عن 54 سنة وحضر جنازته جم غفیر من أهل مكة منهم سلطان مكة أبو نمي ابن بركات (م.ن، 1/67). وخلّف أولاداً كان اثنان منهما من أهل العلم والأدب، هما الشیخ علي والشیخ عبد النافع، (م.ن، 1/64؛ العیدروسي، 175، 177). وقد ذكر العیدروسي (ص 175-179) شیئاً من شعرهما.

كان ابن عراق طلیعه أهل عصره في علوم الظاهر والباطن، وقد وردت روایات عن زهده وورعه وریاضاته الشاقة (ظ: طاش كوبري زاده، 354؛ الغزي، 1/59، 64؛ ابن العماد، 8/196، 198). ونسبت إلیه بعض الكرامات (ظ: العیدروسي، 174)، وكان معتدلاً في عرفانه یأخذ فیه برعایة أصول الشریعة ومبادئها. ویبتعد عن أفكار وحدة الوجود وتصوراتها. ولكنه كان یستعمل الإشارات والنكات الكلامیة والفلسفیة في بیان صفات الله ووحدة الذات الإلهیة (ظ: العیدروسي، 175، نقلاً عن عقیدته؛ الغزي، 1/66، نقلاً عن حزب الإشراق المنسوب إلیه). وكان ینظم الشعر أیضاً وله مقطوعات في أغراض دینیة وعرفانیة وردت في بعض الكتب (ظ: الغزي، 1/65-67).

آثاره

كما ذكرنا سابقاً منعه أستاذه وشیخه علي بن میمون عن التألیف، وغسل أغلب مصنفاته التي دونها حتی 913هـ، ومع ذلك ففي مكتبات العالم الیوم عدد لابأس به من الكتب والرسائل باسمه، منها: 1. تأدیب الأقوال وتهذیب الأعمال وتربیة النیات علی أكمل الأحوال (سید، 1/117)؛ 2. رسالة في أهل الطریق (م.ن، 1/371)؛ 3. رسالة ابن عراق إلی الصوفیة في كافة الآفاق (الظاهریة، التصوف، 1/615-616)؛ 4. وصیة محمد بن عراق (ن.م، 3/152-153؛ أیضاً ظ: العیدروسي، 175)؛ 5. وصیة المنتظر غریب الوطن لكل حرّ أتی بالمصحف والكفن (الظاهریة، المجامیع، 1/394؛ ن.م، التصوف، 3/165؛ سید، 3/200؛ علوش، 1(2)/196)، نسب بروكلمان (GAL, II/513) هذه الرسالة لعلي ابن محمد نجل ابن عراق؛ 6. رسالة القواعد الشرعیة لطلاب الطریقة المحمدیة (سید، 2/221؛ علوش، 1(2)/169). ذكر حاجي خلیفة (2/1358) هذه الرسالة باسم القواعد الشرعیة لسالكي الطریقة المحمدیة؛ 7. رسالة العراقیة لسالك الطریقة المحمدیة (مجلة معهد…، 3(2)/249)؛ 8. جوهرة الغواص وتحفة أهل الاختصاص (آلوارت، رقم 427)، ذكره الزركلي (6/290) باسم جوهرة الخواص؛ 9. كشف الحجاب برؤیة الجناب (ظ: GAL, II/437؛ البغدادي، هدیة، 2/232)؛ 10. عقیدة ابن عراق، ذكره العیدروسي (ص 175) وأشار إلیه البغدادي (إیضاح، 2/116)؛ 11. حزب الإشراق، ینسب إلیه، وذكره الغزي (1/66) وأشار إلیه ابن العماد (8/199).

وذكرت الكتب التالیة له في التواریخ ضمن ترجمته: 1. السفینة العراقیة في لباس الخرقة الصوفیة (الغزي، 1/59؛ ابن العماد، ن.ص؛ البغدادي، ن.م، 2/17)، وقد أورد في هذا الكتاب تاریخ ولادته وترجمته؛ 2. سفینة النجاة لمن إلی الله التجاه (الغزي، 1/65؛ ابن العماد، ن.ص)؛ 3. رسالة في صفات أولیاء الله تعالی (الغزي، ابن العماد، ن.ص). ألفها باستدعاء أحد مریدیه باسم أحمد الداجاني المقدسي في 7 ربیع الأول 931؛ 4. هدایة الثقلین في فضل الحرمین (الغزي، ابن العماد، ن.ص؛ البغدادي، ن.م، 2/719)؛ 5. مواهب الرحمن في كشف عورات الشیطان (الغزي، ابن العماد، ن.ص؛ البغدادي، هدیة، 2/232)؛ 6. المنح الغنائیة والنفحات المكیة (الغزي، ابن العماد، البغدادي، ن.ص)، وذكره الزركلي (ن.ص)، باسم المنح العامیة والنفحات المكیة. وأورد له كل من الغزي (1/65) وابن العماد (ن.ص) رسالة ذكرا في شرحها أنها «رسالة كتبها إلی من انتسب إلی الطریقة المحمدیة في سائر الآفاق خصوصاً بمكة العلیة والمدینة المرضیة»، ولعلها الرسالة التي ذكرت آنفاً باسم رسالة ابن عراق إلی الصوtیة في كافة الآفاق.

المصادر

ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ؛ البغدادي، إیضاح؛ م.ن، هدیة؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الزركلي، الأعلام؛ سید، المخطوطات؛ طاش كوبري زاده، أحمد، الشقائق النعمانیة، تقـ: أحمد صبحي فرات، إستانبول، 1405هـ؛ الظاهریة، المخطوطات؛ علوش، ي. س. وعبد الله الرجراجي، فهرس المخطوطات العربیة، الرباط، 1373هـ/1954م؛ العیدروسي، عبد القادر، تاریخ النور السافر، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ الغزي، محمد، الكواكب السائرة، تقـ: جبرائیل سلیمان جبور، بیروت، 1364هـ/1945م؛ مجلة معهد المخطوطات العربیة، القاهرة، 1377هـ/1957م؛ وأیضاً:

Ahlwardt; GAL

قسم العرفان/ ن.