الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن العدیم /

فهرس الموضوعات

ابن العدیم

ابن العدیم

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۹:۲۷:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ العديم، أبو القاسم كمال ‌الدين محمد بن أحمد بن هبة الله العقیلي (ذو الحجة 588- جمادی الأولی 660/ كانون الأول 1192- نیسان 1262)، مؤرخ وفقیه وأدیب وخطاط حلبي شهیر عاش في أیام الأیوبیین والممالیك.

وفضلاً عن المعلومات التي قدّمها ابن العديم في كتبه عن نفسه وعن أسرته العریقة، إلا أن أهم تلك المعلومات وصلتنا عن طریق یاقوت الحموي الذي عاصره وكان من أصحابه المقربین وقد تحدث بإسهاب عن أسرته اعتماداً علی ترجمة كتبها ابن العديم بطلب من یاقوت نفسه (ظ: آثاره)، ورغم ذلك لما كان یاقوت (16/35) قد سجّل تلك الترجمة في 620هـ، أي عندما كان ابن العديم في الثانیة والثلاثین من عمره، فلابد لنا أن نبحث عن المعلومات الأخری، لاسیما نشاطه السياسي وعناوین بعض آثاره، في مصادر أخری.

ینتسب ابن العديم إلی أسرة آل أبي جرادة التي تنتسب بدورها إلی محمد بن أبي جرادة عامر بن ربیعة، من بني عقیل وصاحب أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب‌(ع). وكانت هذه الأسرة تقطن البصرة في محلة بني عقیل حتی مطلع القرن 3هـ، وأول من انتقل منها إلی حلب كان موسی بن عیسی بن عبد الله الذي ورد الشام للتجارة وأقام في حلب وقیل أیضاً إن طاعوناً وقع بالبصرة فخرج منها جماعة من هذه الأسرة إلی الشام ومنهم موسی بن عیسی الذي استوطن حلب.

وكان آل أبي جرادة معروفین منذ زمن الرسول‌(ص) بقراءة القرآن وحفظه، كما أصبحوا في حلب من زمرة كبار رجال الأدب والفقه والقضا (یاقوت، 16/5-7)، حتی إن القاضي أبا الحسن أحمد بن هبة الله والد كمال ‌الدين (كنّی بعض الكتّاب كمال ‌الدين بـ «أبي حفص» ودعوة ابن عبد العزیز بن أحمد بن هبة الله، وحفید أبي الحسن، ظ: السخاوي، 595؛ الیافعي، 4/158؛ زیدان، 3/185؛ قا: یاقوت، ن.ص؛ الذهبي، 3/300؛ ابن العماد، 5/303) كان خطیب قلعة حلب في أیام نور الدین محمود زنكي، ثم ولي الخزانة في أیام ولده الملك الصالح إسماعیل، ثم تقلّد قضاء حلب، ولم یزل علی القضاء حتی 578هـ أوائل عهد صلاح ‌الدين الأیوبي (یاقوت، 16/34-35). ولاتبدو هناك معلومات دقیقة عن سبب اشتهار هذه الطائقة من أسرة أبي جرادة ببني العديم، غیر أن ابن العديم نفسه یحدس بأن أحد أجداده – القاضي أبا الفضل هبة الله ابن أحمد – كان معروفاً بالعديم لأنه كان یئن من الفقر في أشعاره رغم ثروته وغناه (م.ن، 16/6، قا: 16/20).

وُلد ابن العديم – حسب روایته – في ذي الحجة 588هـ (م.ن، 16/38-39؛ قا: ابن كثیر، 13/249؛ ابن شاكر، 3/126)، وانبری لتلقي العلم وهو في السابعة من عمره ولتعلم الخط بتشجیع من أبیه، وختم القرآن وله تسع سنین. سمع الحدیث علی أبیه وعمّه أبي غانم محمد وعمر بن طبرزد وبهاء الدین ابن شداد قاضي حلب وكاتب سیرة صلاح ‌الدين، وسمع الحدیث كذلك علی الشریف افتخار ‌الدين عبد المطلب الهاشمي، واشتغل بدراسة الفقه علی محمد بن یوسف بن الخضر (یاقوت، 16/38-41؛ ابن شاكر، ن.ص؛ الطباخ، 4/340؛ الدهان، 1/29). صحب في صباه أباه مرتین إلی القدس ودمشق، وكان أبوه یهتم كثیراً بتعلیمه وتربیته، وانصرف هناك إلی سماع الحدیث لاسیما علی تاج ‌الدين وأبي الیمن زید بن الحسین الكندي وأحمد بن موسى بن طاووس والحسین ابن صصری وابن البناء (ابن العماد، ن.ص؛ الدهان، 1/29-30)، وكان شغوفاً بذلك طوال عمره، وما ورد في روایة ابن شاكر من أنه قد أخذ الحدیث أیضاً عن علماء الحجاز والعراق (ن.ص)، فلابد أن ذلك قد حدث في فترة لاحقة خلال ذهابه لأداء الحج أو في مهام سیاسیة وانتهازه الفرصة للأخذ عن علماء تلك البلاد.

حلّ بعد وفاة والده- وكان قاضیاً علی حلب – محله في ذي الحجة 616 وعمره یومئذ 28 سنة، وسرعان ما أظهر كفاءة علمیة وموهبة خارقة (یاقوت، 16/44). هذا فضلاً عن تدریسه في المدرسة الحلویة بحلب (الطباخ، 2/73). وأنشأ مدرسة في حلب ابتدأ في عمارتها سنة 639 وتمت في 649هـ، ولم یدرّس بها أحد (م.ن، 4/499). من تلامذته جمال ‌الدين عثمان ابن الجاجب (تـ 646هـ)، ومحمد ابن مسدي الأندلسي (تـ 663هـ)، وشرف ‌الدين عبد المؤمن الدمیاطي (تـ 705هـ)، وابنه أبومحمد مجد الدین عبدالرحمن بن كمال ‌الدين (تـ 695هـ) (الدهان، 1/30).

وفضلاً عن منزلته العلمیة، فقد كان من الساسة البارزین في بلاط الأیوبیین بالشام كالملك الظاهر غازي بن صلاح ‌الدين وابنه الملك النصار أیضاً، وقد أنیطت به مهام سیاسیة خطیرة، فوفد في 634هـ علی السلطان غیاث ‌الدين كیخسرو لتجدید تحالف الملك الناصر مع سلاجقة آسیا الصغری (ابن العديم، زبدة…، 3/232)، وكلّف في العام اللاحق بالوساطة بین أمراء حمص وحماة (ن.م، 3/233-234). وفي 638هـ سیره الملك الناصر أمیر حلب إلی الملك الصالح إسماعیل أمیر دمشق طالباً منه النجدة للدفاع عن حلب التي زحفت إلیها القوات الخوارزمیة (ن.م، 3/245). ووفد علی مصر مراراً، اتصل به في إحدی المرات ابن سعید المغربي وصحبه إلی حلب وكتب له نسخة من كتابه المُغرب في حُلی المغرب وأهداها لخزانته (ضیف، 1/ط، 7). وربما تمت تلك السفرة إلی مصر في 644هـ (ابن سعید، 1/7: قا: الدهان، 1/22). وكان ابن العديم بالعراق في عامي 650 و654هـ. ففي 650هـ وفد علی بغداد حاملاً بیعة الملك الناصر للخلیفة. لكننا لانعرف مهمته في سفرته الثانیة (ابن العديم، بغیة…، 3/1292؛ العیني، 1/117).

وعندما زحف التتار علی دمشق خرج الملك الناصر من حلب إلی أطراف دمشق. ویبدو أن ابن العديم قد وفد علی مصر في هذه الواقعة وذلك في 657هـ لاستنجاد المصريين علی مقاتله التتار (العیني، 1/218،220). ورغم أن العیني (1/218) قد عدّ ابن العديم – في هذه الحادثة – وزیراً للملك الناصر، إلا أن المصادر الأخری عبّرت عنه بنائب سلطنة دمشق (مثلاً ظ: الیافعي، 4/159؛ الذهبي، ابن العماد، ن.ص). ویبدو أن العیني خلط بین هذا المنصب – وهو المنصب الرسمي السیاسي الوحید لابن العديم – والوزارة. وقد عدّه زیدان قاضیاً علی حلب حتی عام 658هـ وهو العام الذي غزا فیه التتار حلب (3/185) وربما اعتمد في ذلك علی إشارة مبهمة لابن العماد (ن.ص). ورغم أن أغلب أفراد آل العديم قد تولوا منصب القضاء، لكن لاتتوفر روایة صریحة تتحدث عن كون ابن العديم قاضیاً لحلب عند غزو التتار لها علی الأقل. هذا فضلاً عن أن ابن العديم نفسه قد ذكر في ذیل حوادث كل عام أسماء قضاة حلب (مثلاً، زبدة، 3/219، 225).

وعلی أي حال، فقد حثّ ابن العديم المصریین علی حرب التتار، غیر أن هولاكو دخل الشام ومارس القتل والنهب في حلب، ثم زحف نحو مصر، وكان ابن العديم بها عندما هزم القائد المملوكي قطز التتار في عین جالوت، لكنه غادرها إلی حلب في 659هـ، وعندما وجدها مدمّرة خاویة تأثیر كثیراً وأنشد قصیدة في ذلك، ثم عاد إلی مصر وسكن القاهرة، ولم یلبث أن توفي فیها. وقیل إن هولاكو استدعاه إلی حلب لیولیه قضاء القضاة بها، لكنه رفض ذلك (زیادة، 1(2)/476).

لقد أثنی علی فضل ابن العديم وعلمه وأدبه وعقله وحسن سیرته لاسیما براعته في الحدیث والتاریخ، العلماء الذین عاصروه كیاقوت الحموي وابن سعید المغربي والكتّاب المتأخرین (یاقوت، 16/37؛ ابن سعید، الیافعي، ابن العماد، ن.ص). وقیل إن رئاسة أصحاب أبي حنیفة قد انتهت إلیه (الطباخ، 4/494)، وعدّه ابن سعید رئیس الأئمة الحنفیة (ن.ص)، واشتهر كثیراً في حسن الخط وفضّلوه في هذا الفن علی ابن البوّاب. وقد بیعت خطوطه التي حاكي فیها ابن البواب بأسعار أعلی من خطوط الأخیر نفسه (یاقوت، 16/46). وكان یستنتسخ عادة الكتب بخطه (الدهان، 1/39-40؛ أیضاً ظ: عبد المعید خان، 70). وكان یقرض الشعر أیضاً، وقد نقل یاقوت بعض أشعاره التي لاشك أنه أنشدها في أیام شبابه (16/49-50). وأثنی علیه في أشعارهم شعراء أمثال علم ‌الدين ابن المرصص وأبي الحسین الجزار (ظ: الدهان 1/25).

لاتتوفر لدینا معلومات ذات بال عن أعقاب ابن العديم، لكننا نعرف شخصاً آخر في القنر 9هـ یدعی كمال ‌الدين ابن العديم الحنفي، وكان قاضیاً ومتولیاً لخانقاه شیخو في ضواحي القاهرة (ابن تغري بردي، 5/362، 392)، ویحتمل أن یكون الأخیر أحد أحفاد ابن العديم الذي كان یسكن القاهرة في أواخر أیامه وتوفي بها.

 

آثاره

تعود جلّ شهرة ابن العديم لآثاره التي صنفها في مختلف أبواب التاریخ والأدب، والتي یعد بعضها فریداً في نوعه.

 

ألف- المطبوعة

1. الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري، في الدفاع عن المفكر والشاعر الشهیر أبي العلاء المعري الذي تعرض في تلك الفترة إلی حملة شعواء من التهم والانتقاد. وبعد أن تحدث المؤلف في هذا الكتاب عن أسرة أبي العلاء وذكر آثار وأشعار وفضائل أبرز أفرادها، عرّج علی أبي العلاء فتطرق إلی أساتذته وآثاره وأفكاره وسجایاه ومنزلته العلمیة ورد علی التهم الموجهة إلیه. وغالب الظن أنه ألّف هذا الكتاب حوالي عام 640هـ، حیث أشار فیه إلی وفاة شیخه ابن شاكر في 638هـ بمعرة النعمان. نشر محمد راغب الطباخ هذا الكتاب لأول مرة، ثم نشرته لجنة إحیاء آثار أبي العلاء (الدهان، 1/45-46).

2. بغیة الطلب في تاریخ حلب، أكبر كتب ابن العديم وأشهرها، ویُعرف أیضاً بتاریخ حلب. وإذا كان یاقوت یرید بتاریخ حلب هذا الكتاب بالذات (16/45)، فلابد أنه دُوّن في أوان شبابه. قیل إنه یتألف من 30 أو 40 جزءاً (ابن كثیر، 13/249؛ ابن العماد، 5/303)، لكن ورد أنه قد أدركته المنیة قبل إكمال تبییضه (ابن شاكر، 3/126؛ أیضاً ظ: الدهان، 1/51، نقلاً عن ابن خطیب الناصریة)، فإذا كان كذلك فلایمكن أن یكون هو ذلك الكتاب الذي أشار إلیه یاقوت، أو أن ابن العديم قد بیّضه في الأیام الأخیرة من حیاته. وعلی أي حال، یُعد بغیة الطلب من أوائل آثار ابن العديم وأهمها، ولم یكن في تاریخ حلب فحسب، بل في تاریخ وجغرافیة شمالي سوریة، وفي كثیر من المواضع في تاریخ سوریة بكاملها (زكار، 1/6). وقد حذا ابن العديم في تصنیف هذا لاكتاب حذو الخطیب البغدادي في تاریخ بغداد، وابن عساكر في تاریخ دمشق (روزنثال، 233؛ زكار، 1/7). وبدأ المؤلف الجزء الأول من الكتاب في ذكر بناء ووصف المدینة وبیان فضائلها، ثم تطرق إلی مدن شمال الشام كقنسرین وأنطاكیة ومنبح وخناصرة وبالس ومعرة النعمان وكفر طاب وحماة، وكذلك أنهار وجبال هذه المنطقة وموقع البحر المتوسط، والفتوح الإسلامیة لهذه البلاد وأخبار ثغور الشام. وتناول في الأجزاء الأخری تراجم الشخصیات التي ولدت في حلب وسكنت فیها، وحتی التي مرّت بها، سواء كان ذلك قبل الإسلام أم بعده. رتّب المؤلف الكتاب علی أساس أسماء الرجال ثم أسماء آبائهم، غیر أن النص الموجود لایتطرق بهذا النحو إلی أكثر من سعید بن سلام، فقد رتبه بعد ذلك علی أساس الكنیة بدءاً بأبي إبراهیم وانتهاءاً بأبي یوسف. ثم أورد بعد ذلك الشخصیات المعروفة بأسماء آبائها بدءاً بابن إصطفانوس الرومي الأنطاكي وانتهاءاً بابن یعلی. ثم أورد من اشتهر بلقبه بدءاً بأجدع سكاسك وانتهاءاً بالوصاف. ثم أورد من اشتهر بقبیلته أولاده بدءاً بالأنطاكي وانتهاءاً بالملطي، وأورد في النهایة أیضاً من اشتهر باسم أبیه بادئاً بابن الخشاب وخاتماً بابن عبد الرحمن الهاشمي (ظ: بغیة، مخـ).

واهتم كثیر من الكتّاب بهذا الكتاب بعد ابن العديم وحذوا حذوه في تصانیفهم (روزنثال، 234؛ الدهان، 1/57)، ومنهم ابن تغري بردي في المنهل الصافي (مثلاً ظ: 1/228)، والعیني في عقد الجمان (ظ: 1/97)، وسبط ابن العجمي في كنوز الذهب في تاریخ حلب، وابن شدّاد في الأعلاق الخطیرة، والمقري في نفح الطیب (الدهان، 1/57-58). كما ذیّل ابن خطیب الناصریة (تـ 843هـ) علیه باسم الدر المنتخب في تكملة تاريخ حلب، ولخص مقدمة بغیة الطلب وأوردها في بدایة كتابه (روزنثال، ن.ص؛ الدهان، 1/57). كما أن كتاب در الحبب في أعیان حلب لابن الحنبلي (تـ 971هـ) هو تكملة أخری علی كتاب ابن العديم (م.ن، 1/58). ولخص ابن شحنة (تـ 883هـ) كتاب بغیة الطلب وأسماه الدر المنتخب في تاریخ مملكة حلب (م.ن، 1/57).

نُشر الجزء الخاص بتاریخ السلاجقة من هذا الكتاب عام 1976م بأنقرة بتحقیق علي سویم. وقد طبع سهیل زكار بدمشق النص الموجود في 11 مجلداً مع مقدمة وفهارس وذلك في 1408هـ/1988م.

3. «الدراري في ذكر الذراري»، كتبه للملك الظاهر غازي بن صلاح ‌الدين بمناسبة مولد ابنه الملك العزیز الذي أصبح أمیر حلب فیما بعد (ظ: ص 50؛ یاقوت، 16/44-45). ولما كان الملك العزیز قد ولد في منتصف ذي الحجة 610، فلابد أن یكون عمر ابن العديم حینئذ 22 عاماً (الدهان، 1/41). جعل المؤلف كتابه في 13 باباً في الأخبار والأحادیث والأشعار والنوادر التي قیلت في «الولد» (ابن العديم،ن.م، 22-23). وعدّه الدهان شبیهاً بالبیان والتبین أو المحاسن والأضداد (1/42). طبع هذا الكتاب مع عدد من الرسائل وجنان الجناس في علم البدیع للصفدي وذلك عام 1299هـ.

4. زبدة الحلب من تاریخ حلب، وهو منتخب بغیة الطلب كما أشار إلی ذلك ابن العديم نفسه (زیدة، 1/6). وقد رُتب علی أساس توالي السنوات، وحُذفت منه أسماء الرواة والكتّاب واقتصر فیه علی روایة واحدة في كل حادثة. ویحتمل سامي الدهان أن ابن العديم ألّف ذلك بطلب من الملك العزیز شهاب ‌الدين طغرل أو أحد كبار دولته (1/61-62). یضم الجزء الأول من هذا الكتاب بعد المقدمة فتح حلب، وزحف المسلمین نحو الشام، وولاة حلب حتی الحكم الأموي، والتاریخ السیاسي للعصرین الأموي والعباسي، وولاة حلب وقضاتها حتی الدولة الحمدانیة ودولة بني مرداس. ومن فوائد هذا الجزء إشاراته إلی علاقات حلب ومصر، والمعلومات التي یقدمها عن الطولونیین والإخشیدیین. أما الجزء الثاني فیتناول حوادث الفترة 457-569هـ أي أواخر عهد بني مرداس وأیام بني عقیل وسلاجقة الشام والأرتقیین حتی عصر الأتابك نور الدین محمود زنكي وظهور الأیوبیین، وهي فترة خطیرة جداً في تاریخ الشام. ففضلاً عن الحروب الصلیبیة، نشبت نزاعات حادة بين الأمراء المسلمین بالشام. والجزء الثالث یتحدث عن حوادث 569 وحتی 641هـ، فیتطرق إلی وقائع أیام الملك الصالح ابن نور الدین زنكي وإخوته في الشام، وتغلب صلاح ‌الدين الأیوبي علی الزنكیین، واستمرار الحروب الصلیبیة، وخلفاء صلاح ‌الدين وصراعاتهم مع بعضهم، وغزو التتار لبلاد الشام في أیام الملك الناصر صلاح ‌الدين ابن الملك العزیز.

لقد انبری ابن العديم في زبدة الحلب إلی سرد الحوادث بشكل حیادي، سیما الحروب الصلیبیة، ویبدو هذا جلیاً من مقارنة هذا الكتاب بآثار الكتّاب المسیحیین الذین تناولوا الحروب الصلیبیة. ولم یغفل في كتابه حتی عن آثار المؤرخین النصاری مثل یحیی بن سعید الأنطاكي. كما أفاد من الأشعار والمسكوكات ونقوش البوابات والحصون، وقدّم معلومات عن الأوضاع الاجتماعیة والسیاسیة في سوریة التي تبدو الیوم مفیدة للغایة، وما أكثر المعلومات التي أوردها عن الحروب الصلیبیة التي لانجدها في المصادر المسیحیة (الدهان، 1/64-65).

و فریتاغ هو أول من طبع جزءاً من هذا الكتاب طبعة تصویریة مع مقدمة ممتعة وترجمة لاتینیة ویضم حوادث السنوات 16-337هـ، وقد نشره في باریس عام 1819م. وفي 1920م نشر فریتاغ أیضاً في بون حوادث السنوات 356-381 هـ وهو القسم الخاص بسعد الدولة الحمداني، مع مقدمة بالألمانیة، وفي 1823م نشر حوادث السنوات 381-391هـ كنموذج للآثار التاریخیة وتناول أیام سعد الدولة الحمداني. وبادر مولر بعده إلی ترجمة حوادث 394-470هـ أي عصر بني مرداس ونشرها في بون عام 1830م، وقد تعرض مولر بسببها لانتقاد شدید. ثم قام بلوشه بنشر حوادث الفترة 541-640هـ في كتابه «تاریخ حلب» وقدم له بالفرنسیة (الدهان، 1/69-70؛ زیدان، 3/185).

وطبع زبدة الحلب بدمشق في ثلاثة أجزاء خلال الفترة 1370-1386هـ/ 1951-1966م، مع مقدمة بتحقیق سامي الدهان.

 

ب- المخطوطة والآثار المنسبوبة إلیه

1. الأخبار المستفادة في ذكر بني جرادة، كتبه بطلب من یاقوت وهو في ترجمة أسرته ومآثرهم وفضائلهم. وما أورده یاقوت عن هذه الأسرة مستل من هذا الكتاب (16/5-6، 45)؛ 2. تبرید حرارة الأكباد في الصبر علی فقد الأولاد، لم یعقر علیه حتی الآن، وقد أشار إلیه ابن شاكر (3/127) وحاجي خلیفة (1/327)؛ 3. تذكرة ابن العديم، تضم أنواع الشعر والنثر والحكمة والموعظة. ذكر ابن العديم فیه كافة المصادر التي اعتمدها والتي لایتوفر بعضها الیوم. وأورد الدهان الذي شاهد هذا الكتاب، وهو بصدد نشره، «أن أربعة أبواب من مجموع أبواب الكتاب البالغة 16 باباً مفقودة، وقد علق في أطراف النسخة الموجودة علاء الدین بن خطیب الناصریة» (1/47-47)؛ 4. دیوان شعر، ذكر الطباخ أنه في الإسكندریة، لكن لم یعثر علیه حتی الآن (ظ: الدهان، 1/31، الهامش). ویحتمل أن تكون القصیدة التي قالها ابن العديم في مدح عائشة ورآها زیدان في بطرسبورغ (3/185) جزءاً من هذا الدیوان؛ 5. سوق الفاضل، منه نسخة في جزأین في مكتبة عارف حكمت بالمدینة المنورة (ظ: كحالة، 8؛ الزركلي، 5/40)؛ 6. ضوء الصباح في الحث علی السماح، كتبها للملك الأشرف مظفر الدین موسی وبعثها إلی حرّان. قیل إن الملك لما وقف علی خطه أعجبه، فدعاه وأكرمه وخلع علیه (یاقوت، 16/45)؛ 7. الوصلة إلی الحبیب في وصف الطیبات الطیب، في أنواع العطور وطریقة صنع التوابل وماء الورد، وموجز في المعاجین والمسك والعنبر، أشار حاجي خلیفة (2/2014) إلی هذا الكتاب دون ذكر اسم المؤلف. لاتحمل النسخ الموجودة في دار الكتب بالقاهرة والظاهریة بدمشق اسم المؤلف، أما في نسخة برلین فقد ورد اسم المؤلف، عمر بن أحمد ابن العديم (ظ: آلوارت، رقم 5463). وعدّ الدهان انتسابه إلی ابن العديم صحیحاً لانسجامه مع أسلوبه ومواصفاته اللفظیة والمعنویة (1/48-49؛ أیضاً ظ: زیدان، 3/185). وقد طبع هذا الكتاب أخیراً بتحقیق سلیمی محجوب ودریة الخطیب في حلب عام 1406هـ/ 1986م؛ 8. كتاب في الخط وعلومه، ووصف آدابه وأقلامه وطروسه وهو لم یتم إلی وقت ترجمة یاقوت لكمال ‌الدين (یاقوت، ن.ص)؛ 9 و10. ونسب الشیخ محمد العرضي – من رجال القرن 11هـ - كتابین إلی ابن العديم باسمي الإشعار بما للملوك من النوادر الأشعار، ومراد المراد ومواد المواد. وشكك الدهان في صحة نسبة هذین الكتابین إلیه (1/49-50).

 

المصادر

ابن تغري بردي، یوسف، المنهل الصافي، تقـ: محمد محمد أمین، القاهرة، 1985م؛ ابن سعید المغربي، علي، المغرب في حلی المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953-1955م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1974م؛ ابن العديم، محمد، بغیة الطلب في تاریخ حلب، تقـ: سهیل زكار، دمشق، 1408هـ/1988م؛ م.ن، «الدراري في ذكر الذراري»، مع جنان الجناس في علم البدیع للصفدي، بیروت، دار المدینة؛ م.ن، زبدة الحلب من تاریخ حلب، تقـ: سامي الدهان، دمشق، 1370هـ/1951م؛ ابن العماد الحنبلي، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة،1351هـ؛ ابن كثیر، إسماعیل، البدایة والنهایة، تقـ: أحمد أبو ملحم وآخرون، بیروت، 1405هـ؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الدهان، سامي، مقدمة زبدة الحلب (ظ: همـ، ابن العديم)؛ الذهبي، محمد، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ روزنثال، فرانز، علم التاریخ عند المسلمین، تجـ: صالح أحمد العلي، بغداد، 1963م؛ الزركلي، الأعلام؛ زكار، سهیل، مقدمة بغیة الطلب (ظ: همـ، ابن العديم)؛ زیادة، مصطفی، تعلیقات علی السلوك للمقریزي، القاهرة، 1376هـ/1957م؛ زیدان، جرجي، تاریخ آداب اللغة العربیة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1957م؛ السخاوي، محمد، الإعلان بالتوبیخ، تقـ: فرانز روزنثال، بغداد، 1382هـ/1963م؛ ضیف، شوقي، مقدمة المغرب (ظ: همـ، ابن سعید)؛ الطباخ، محمد راغب، إعلام النبلاء، حلب، 1343هـ/ 1925م؛ عبد المعید خان، محمد، حواش علی المجتنی لابن درید، حیدرآباد الدكن، 1382هـ/1963م؛ العیني، محمود، عقد الجمان، تقـ: محمد محمد أمین، القاهرة، 1407هـ/1987م؛ كحالة، عمر رضا، المنتخب من مخطوطات المدینة المنورة، دمشق، 1393هـ/1973م؛ الیافعي، عبد الله، مرآة الجنان، حیدرآباد الدكن، 1338هـ؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً:

Ahlwardt.

صادق سجادي/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: