اِبْنُ عبد البَرّ، أبو عمر یوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري (25 ربیع الثاني 368-آخر ربیع الأول 463هـ/30 تشرین الثاني 978-5 كانون الأول 1071م)، فقیه ومحدث ومؤرخ وأدیب أندلسي، عرف بالنمري نسبة إلی النَّمِر بن قاسط بن دُعمي بن جدیلة بن أسد بن ربیعة بن نزار (ابن حزم، 300-302)، ولد بقرطبة ونشأ فیها، وكان أبوه من فقهائها، وتوفي وعمر ابن عبد البر 18 سنة (القاضي عیاض، 4/556). درس في قرطبة العلوم المتداولة في عصره (الحمیدي، 344)، من أساتذته: أبو الولید ابن الفرضي وأبو عمر الطلمنكي وقاسم بن أصبغ البیّاني الذي سمع منه الحدیث (م.ن، 106، 238، 312)، وقرأ علیه كل من أبي عمر ابن المكوي وسعید بن نصر (القاضي عیاض، 4/808)، وأحمد بن فتح التاجر وأحمد بن قاسم التاهرتي البزاز صریح السنة والتبصیر وفضائل الجهاد المحمد بن جریر الطبري، كما قرأ علیه القاضي ابن الصفّار وابن الجسور ذیل المذیل (الحمیدي، 99، 132، 133، 362).

كان ابن عبد البر أولاً ظاهري المذهب، ثم تحول مالكیاً مع میل أحیاناً إلی الفقه الشافعي في مسائل (الذهبي، 18/156-157). وقد دأب في طلب العلم ودرس وبرع براعة فاق فیها من تقدمه من رجال الأندلس (القاضي عیاض، 4/809). لقیه الحمیدي في 448هـ/1056م ونال منه إجازة بفهرسة مسموعاته ومجموعاته (ص 345، 346). ومن تلامذته الآخرین: أبو العباس الدلائي وأبو محمد ابن أبي قحافة وطاهر بن مفوز وأبو بحر سفیان بن العاصي وأبو علي الغساني الذي قرأ علیه الموطأ وابن بُربال الحِجاري وكذلك ابن حزم (ابن عطیة، 78، 108، 128-133؛ القاضي عیاض، 4/808-809).

كانت قرطبة أیام كان ابن عبد البر فیها عاصمة الأمویین بالأندلس، ویحكمها المؤید بن الحكم (حكـ 366-399هـ/977-1009م). في جمادی الثانیة قام علیه محمد بن هشام، الملقب بالمهدي خلعه، وفي 5 شوال 399 قام علیه هشام بن سلیمان بن الناصر مع البربر، وقام عامة أهل قرطبة مع محمد بن هشام وهزموا البربر. واجتمعوا ثانیة قدموا علی أنفسهم سلیمان بن الحكم بن سلیمان، واستعانوا بالنصاری وبدأوا حرباً دمویة قتل فیها من أهل قرطبة خلق عظیم منهم ابن الفرضي أستاذ ابن عبد البر (الحمیدي، 238)، وانهزم المهدي. وفي 400هـ/1010م جمع المهدي جیشاً واستولی في شوال من هذه السنة علی قرطبة، ولكنه وبعد مواجهة أخری مع الربربر، هزم أمامهم ثم قتل، وعاد المؤید بن الحكم إلی الحكم (م.ن، 18، 19). ولم یجد ابن عبد البر أمامه سوی الابتعاد عن هذه الفتن والذهاب إلی مكان آمن هادئ. فخرج من قرطبة، إلا أنه لم یخرج من الأندلس أبداً (م.ن، 344). وكان یفتش عن مكان یلائمه، فلم یجد سوی دانیة أقصی نقطة في شرقي الأندلس، وكانت قرب بلنسیة یحكمها أبو الحسن مجاهد العامري (حكـ 408-432هـ)، وقد اشتهر بحبه للعلم، فاستقر فیها. وكان ابنه، أبو محمد بن أبي عمر، في هذه الفترة وزیر أحد ملوك الطوائف في إشبیلیة بالأندلس وهو المعتضد بن عباد (حكـ 434-461هـ)، فتعرض لغضبه وأُلقي به في السجن.

ولما بلغ ابن عبد البر أن حیاة ابنه في خطر أسرع إلی إشبیلیة، وشفع المعتضد فیه، فأطلقه له وهو الذي قل أن یعفو عن أحد، وسار أبو عمر بابنه الذي احتال لنجاته (ابن بسام، 3(1)/125-126؛ ابن سعید، 2/407-408؛ ابن الأبار، 220، 221) إلی دانیة، ولكن لم تمض فترة حتی توفي قبل أبیه في 450 هـ (الحمیدي، 249). وقد كانت مدة إقامة أبي عمر في دانیة من أثمر فترات حیاته وأكثرها بركة، فقد دون هناك أكثر كتبه الكبیرة، وتجلی علمه في أفق هذه المدینة (ابن سعید، 2/407-408). ولكن یبدو أن وجد الحیاة في دانیة غیر ملائمة بعد وفاة مجاهد وتولي ابنه علی الحكم بعده (المراكشي، 74)، فغادر شرق الأندلس جائلاً في غربها بحثاً عن مأوی جدید. وفي هذه الفترة تولی الحكم في بطلیوس مظفر بن الأفطس (حكـ 437-460هـ)، كان یتصف بالعقل والأدب والشجاعة (ابن العذاري، 3/236، 237)، فتوجه ابن عبد البر نحوه، وولاه قضاء الأشبونة وشنترین (ابن خلكان، 7/67). وتوفي أخیراً بشاطبة (القاضي عیاض، 4/810).

آثاره

ألف- المطبوعة

1. الاستذكار، وهو اختصار لكتاب آخر ألفه ابن عبد البر باسم التمهید، في شرح موطأ مالك بن أنس. بحث فیه آراء فقهاء السلف ونقدها، القاهرة، 1973م؛ 2. الاستیعاب في معرفة الأصحاب، في سیر صحابة النبي‌(ص)، وهو من أهم المصادر في موضوعه، طبع مراراً، منها في القاهرة، 1380هـ/1960م؛ 3. الإنباه علی قبائل الرواة، وهو في علم الأنساب، تحدث فیه عن القبائل المهمة التي روی رجالها الحدیث عن النبي الأكرم‌(ص)، القاهرة، 1350هـ؛ 4. الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، وهو في ثلاثة من أئمة المذاهب الفقهیة: مالك والشافعي وأبي حنیفة، طبع هذا الكتاب في بیروت؛ 5. الإنصاف فیما في بسم الله من الخلاف، القاهرة، 1343هـ؛ 6. بهجة المَجالس وأُنس المُجالس، بیروت 1981م، جمع فیه الأمثال السائرة والأبیات النادرة والروایات اللطیفة، وأقوال حكماء السلف، والحكایات الممتعة وأمثالها. ولم یقتصر فیه علی إیراد كمیة مهمة من شعر شعراء الأندلس والتي لایعثر علیها في المصادر الأخری، بل ذكر في بعض المواضع شعراً لشعراء المشرق مما لايعثر علیه حتی في المصادر الشرقیة، ویعتبر هذا الكتاب من أهم المصادر عن الأدب الأندلسي في القرنین 4 و5 هـ (الخولي، 28-30)؛ 7. التمهید لما في الموطأ من المعاني والأسانید، الرباط، 1387-1401هـ. یقول ابن حزم عن هذا الكتاب: «لا أعلم في الكلام علی فقه الحدیث مثله أصلاً فكیف أحسن منه» (المقري، 3/169)؛ 8. جامع بیان العلم وفضله، یتحدث عن معنی العلم وفضله، والإشادة والاهتمام به، طبع في بیروت؛ 9. الدرر في اختصار المغازي والسیر، القاهرة، 1966م، وهو في السیرة النبویة، واختصار لسیرة ابن إسحاق. وأورد فیه بالإضافة إلی ما في كتاب ابن إسحاق، روایات من كتابي موسی بن عقبة وابن أبي خیثمة وكذلك روایات عن أساتذته، وقد أفاد منه ابن حزم صدیق ابن عبد البر – وعلی قول آخر تلمیذه – في جوامع السیرة (ضیف، 17)؛ 10. الزیادات التي تقع في الموطأ عند یحیی بن یحیی عن مالك، القاهرة، 350هـ؛ 11. القصد والأَمَم في التعریف بأصول العرب والعجم، وهو مثل الإنباه في علم الأنساب ولكنه أصغر حجماً منه، بحث في أصول العرب والبربر وشعوب الحبشة ومصر وحتی الیونان والأتراك والصین وغیرهم. طبع هذا الكتاب مع الإنباه؛ 12. الكافي في فقه أهل المدینة المالكي، الریاض 1978م.

ب- المخطوطة

1. تعریف فقهاء المالكیة (ظ: سید، 2(2)/40)؛ 2-4، التمهید في الأنساب؛ رسالة في آداب المجالسة وخوض اللسان؛ نزهة المستعمعین وروضة الخائفین (ظ: GAL, S, I/629؛ وعن ثلاث مخطوطات أخری من تألیفه، ظ: الزركلي، 8/240).

المصادر

ابن الأبار، محمد، إعتاب الكتّاب، تقـ: صالح الأشتر، دمشق، 1380هـ/ 1961م؛ ابن بسام، علي، الذخیرة، تقـ: إحسان عباس، لیبیا/ تونس، 1981م؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بیروت، 1403هـ/1983م؛ ابن الخطیب، محمد، تاریخ إسبانیة الإسلامیة، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن سعید، علي، المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1955م؛ ابن عذاري المراكشي، محمد، البیان المغرب، تقـ: كولان ولیفي بروفنسال، بیروت، 1929م؛ ابن عطیة، عبد الحق، فهرس، تقـ: محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، بیروت، 1983م؛ الحمیدي، محمد، جذوة المقتبس، تقـ: محمد بن تاویت الطنجي، القاهرة، 1372هـ/1952م؛ الخولي، محمد مرسي، مقدمة وحواش علی بهجة المجالس لابن عبد البر، بیروت، 1981م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1405هـ/1984م؛ الزركلي، الأعلام؛ سید، فؤاد، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، مطبعة السنة المحمدیة؛ ضیف، شوقي، مقدمة الدرر لابن عبد البر، القاهرة، 1966م؛ القاضي عیاض. ترتیب المدارك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت، 1387هـ/1967م؛ المراكشي، عبد الواحد، المعجب في تلخیص أخبار المغرب، تقـ: محمد سعید العریان ومحمد العربي العلمي، القاهرة، 1386هـ/1949م؛ المقري أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

GAL, S.

ناصر گذشته/ن.