اِبْنُ عبدِ رَبِّه، أبو عثمان سعید بن إبراهیم (أو عبد الرحمن: صاعد، 187؛ ابن أبي أصیبعة، 2/44؛ قا: ابن الأبار، 2/544-545، الذي ردّ ذلك بصراحة) بن محمد بن عبد ربه بن حبیب بن حُدیر (محمد؟) بن سالم، طبیب وصیدلي قرطبي أندلسي من القرن 4هـ/ 10م، وابن أخي أبي عمر أحمد ابن عبد ربه صاحب العقد الفرید. وكان سالم جد أبي عثمان الأكبر من موالي هشام بن عبد الرحمن الأول من أمویي الأندلس. وبالإضافة إلی اختلاف الكتّاب في اسم جده فقد ذكر بعضهم سعیداً هو ابن أحمد بن عبد ربه وأنه كان فقیهاً وقاضیاً (ابن فرحون، 124؛ ابن الفرضي، 1/202؛ قا: ابن الأبار، 2/545).

ویبدو مما أورده ابن فرحون (ن.ص)، أنه ولد في 263هـ، ولاتتیسر معلومات عن فترة نشأته ودراسته وأساتذته، ولكنه عُدّ طبیباً شهیراً له مذهبه في مداواة الحمیات وتحضیر حبوب لعلاجها (ابن جلجل، 104)، وكان له مع ذلك بصر بحركات الكواكب ومهاب الریاح وتغیر الأهویة (صاعد، ن.ص)، كما كان معنیاً بكتابات الإغریق وعلوم الأوائل والفلسفة، ومن الأوائل الذین نظموا الأزجال في الأندلس (جنثالث پالنثیا، 156؛ للاطلاع علی نماذج من شعره، ظ: ابن جلجل، 105؛ الثعالبي، 2/56).

وذكر بعض الكتّاب المتأخرین أنه كان قاضیاً ومفتیاً وفقیهاً ومشاوراً في الأحكام أیام قضاء منذر بن سعید البلوطي (ابن الأبار، 2/545، 3/710؛ ابن فرحون، 124). سمع الحدیث من محمد بن عمر بن لبابة وأشلم بن عبد العزیز وأحمد بن خالد وغیرهم (ابن الفرضي، ن.ص؛ القاضي عیاض، 4/434). وحدث عنه الكثیرون مثل أبي حرملة الفقیه (ن.ص)، وربما خلط هؤلاء الكتّاب بینه وبین سعید بن أحمد بن محمد فقیه قرطبة وقاضیها الذي أشار إلیه ابن الفرضي في موضع آخر من كتابه (1/208). ورغم ما كان لسعید بن عبد ربه من شهرة علمیة فقد كان منقبضاً عن الملوك، وعُرف بأنه «صعب العشرة یتكلم لهجة دارجة خشنة» (صاعد، 188؛ جنثالث پالنثیا،ن.ص) وذكر أن الناصر المرواني استحضره لینظر علیه في العلم القدیم فقابله من الكلام العامي الجلف بما كرهه من أجله وأبعده (ابن سعید، 1/121). ویبدو من أبیات لعمه أحمد ابن عبد ربه، أنه كان بخیلاً وأن عمه كان یكره معاشرته بسبب هذه الصفات، حتی إنه امتنع عن عیادته حین مرضه (ابن جلجل، 105). وقد عمي في آخر أیامه (ن.ص)، وتوفي في 342هـ/953م (ابن الأبار، 2/545) وقیل في 332هـ/944م، أو في مطلع 356هـ/ 967م (ابن الفرضي، ابن فرحون، ن.ص).

آثاره

1. أهم مصنفات ابن عبد ربه كتاب الأقراباذین، والذي سماه الدكان، ویقع في 17 باباً، وهو في طرق تحضیر أنواع الأطعمة والأشربة والمعاجین والأدهان والحبوب والأكحال وغیرها وبیان منافعها وتأثیرها. ویعتبر الدكان أول كتاب من نوعه في الأندلس، وقیل إن تأثیره في غرب العالم الإسلامي لایقل عن تأثیر الأقراباذین لسابور بن سهل في شرقه. منه نسخة في المكتبة الظاهریة بدمشق (الظاهریة، 236-241)؛ 2. أرجوزة في الطب. وذكر ابن جلجل أن هذه الأرجوزة تدل علی تمكنه من علم الطب ودرایته بمذهب القدماء (ص 104). نشرت روساكونه هذه الأرجوزة في مجلة القنطرة، اعتماداً علی النسخة الوحیدة الموجودة بمكتبة مجلس الشوری بطهران (رقم 6520) (كونه، 279-238)؛ 3. تعالیق ومجربات في الطب (ابن أبي أصیبعة، 2/45).

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة لكتاب الصلة، تقـ: فرنسشكه قداره، مدرید، 1915م؛ ابن أبي أصیبعة، أحمد، عیون الأنباء، تقـ: أغوست مولر، القاهرة، 1299هـ/ 1882م؛ ابن جلجل، سلیمان، طبقات الأطباء والحكماء، تقـ: فؤاد سید، القاهرة، 1955م؛ ابن سعید المغربي، علي، المغرب في حلی المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة 1953؛ ابن فرحون، إبراهیم، الدیباج المذهب، القاهرة، 1351هـ؛ ابن الفرضي، عبد الله، تاریخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1954م؛ الثعالبي، یتیمة الدهر، تقـ: علي محمد عبد اللطیف، القاهرة، 1352هـ؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاريخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1950م؛ صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، تقـ: حیاة بوعلوان، بیروت 1985م؛ الظاهریة، المخطوطات (الطب والصیدلة)؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك وتقريب المسالك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت، 1387هـ؛ وأیضاً:

Kuhne, Rosa, «La Uryūza fi’ltibb...», Al-Qantara, Madrid, 1980, vol. I.

صادق سجادي/ ن.