اِبن صاحِبِ الصَّلاة، أبو مروان، أو أبو محمد عبد الملك بن محمد بن أحمد الباجي الإشبیلي (تـ بعد 594هـ/1198م)، مؤرخ ومن كتّاب الدیوان بالأندلس. لاتتوفر معلومات عن تاریخ ولادته ونشأته ودراسته . والوحید الذي أشار إلی اسمه وكنیته من الكتّاب القدماء هو ابن الأبار (التكملة، 3/620). ویمكن الوقوف علی معلومات متفرقة عن نشاطاته في طیات تاریخ المن بالإمامة وهو الكتاب الوحید لابن صاحب الصلاة، ویبدو منه أنه كان في مدینة قرمونة عندما فتحها أبو محمد عبد الله بن حفص في 557هـ/1162م وأنه هنّأه بذلك (ص 185). ویذهب التازي إلی الظن – اعتماداً منه علی بعض الشواهد– أنه كان آنذاك شاباً یبلغ من العمر 20 عاماً، وبناءً علی هذا لابد أنه ولد في نحو 537هـ/1142م (ص 15). وكان ابن صاحب الصلاة في تلك السنة من كتّاب الدولة الموحدیة بقرطبة (ص 204). وفي 560هـ/1165م ساعده بنو حفص في دخول بلاط الموحدین و بلغ غایة مراده (م.ن، 258-260). كما سنحت له الفرصة في تلك الأیام لمجالسة بعض علماء البلاط الموحدي كأبي الحسن علي بن محمد الإشبیلي.

وفي 561هـ ترك مراكش متوجهاً إلی الأندلس برفقة أبي عبدالله محمد بن أبي إبراهیم والي إشبیلیة الجدید، وبقي فیها كما یبدو حتی 564هـ حین دعي الشیخ محمد للعودة إلی مراكش، ثم نفتقد أخباره إلی 566هـ، فقد استطاع في هذه السنة الذهاب إلی أبي یعقوب یوسف الموحدي بمساعدة الوزیر إدریس بن جامع والفقیه أبي محمد عبدالله المالقي وصار من مقربیه، ولعل هذه الصلة هي التي دعته إلی تدوین تاریخ الموحدین الذي شاهد اكثیر من حوادثه (ابن صاحب الصلاة، 430؛ التازي، 19-24). وآخر مرة أشیر فیها إلی ابن صاحب الصلاة إقامته الخطبة بجامع إشبیلیة الكبیر في 594هـ/1198م بأمر من المنصور الموحدي (ن.م، 24)، ولكننا لاندري متی غادر مراكش إلی الأندلس.

ویظهر أن ابن صاحب الصلاة كان یمارس التعلیم أیضاً، وقد تتلمذ علیه أفراد مثل أبي محمد عبدالله بن مغیث الأنصاري القرطبي، المعروف بأبي الصفار، وأبي الحكم عبد الرحمن بن الحجاج (م.ن، 26). كما أن تاریخ وفاته مجهول. ویُخلط أحیاناً بینه وبین من سموا باسمه من الأشخاص (المنوني، 72). ویری التازي أنه ربما توفي في أواخر القرن 6 هـ/12م (ن.ص).

لم یبق من شعر ابن صاحب الصلاة مما یمكن أن یطلعنا علی منزلته إلا القلیل والظاهر أنه لم یكن من شعراء عصره المجیدین حتی إنه انتقد في ذوقه الأدبي (ابن الأبار، الحلة السراء، 2/266؛ قا: التازي، 28).

ولیس بین أیدینا لابن صاحب الصلاة سوی كتاب في تاریخ المغرب والأندلس في عهد الموحدین، ویشتمل علی 3 أجزاء أو 3 أسفار لم یعرف منها غیر السفر الثاني باسم تاریخ المن بالإمامة، وقد تم نشره. ویبدأ هذا الجزء بحوادث سنة 554هـ/1159م، وینتهي بحوادث آخر سنة 568هـ/1173م. وكان لكتاب اسم طویل، ویبدو أن الجزء الأول منه عبارة عن مقدمة له، والجزأین الآخرین یشتملان علی معلومات عن ظهور الموحدین، وقیام ابن تومرت، الملقب بالمهدي، ووصف بعض الاضطرابات والصراعات الدینیة والسیاسیة بالمغرب والأندلس في النصف الأول من القرن 6هـ (ابن صاحب الصلاة، 118، 146، 193، 368؛ التازي، 35). ویتناول الجزء الثالث من الكتاب علی هذا النحو وصف الحوادث السیاسیة والعسكریة في عصر الموحدین، ولاسیما نهایة فترة أبي یعقوب (ن.ص). ویدل اسم الكتاب الطویل الذي اقتبس من الآیة 5 من سورة القصص (28) علی محتواه. وقد أدت صلة ابن صاحب الصلاة ببلاط الموحدین واشتراكه في بعض الحوادث آنذاك إلی اكتساب الكثیر من المعلومات عن مؤسس الدولة الموحدیة وأول حكامها وأوضاعهم السیاسیة والاجتماعیة ومؤسساتهم الإداریة. ویری التازي أن أسلوبه یعتمد علی الدقة والأمانة والحكم الصحیح (ص 41-42). ویعتد في سرده للروایات التاریخیة – كما یبدو من متن الكتاب – علی مشاهداته (ص 146، 252، 269)، ومسموعاته من الرواة الثقات (ص 170، 218، 219، 286)، وكتب السلف (ص 202، 258). وكانت طریقته عرض المعلومات سنة بسنة، وإن كان أحیاناً لایتقید بها (التازي، 44).

ولابن صاحب الصلاة كتاب آخر أشار إلیه مراراً في كتاب تاریخ المن بالإمامة، هو كتاب ثورة المریدین، أو تاریخ المریدین، أو المرتدین (التازي، 29). ویتحدث عن تمرد أبي العباس أحمد بن قسي وأنصاره المشهورین بالمریدین، وكانوا قد ثاروا علی الموحدین ثم التحقوا بهم.

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة، تقـ: فرنسشكه قداره، مدرید، 1882م؛ م.ن، الحلة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن صاحب الصلاة، عبد الملك، تاریخ المن بالإمامة، تقـ: عبدالهادي التازي، بیروت، 1964، م؛ التازي، عبد الهادي، مقدمة تاریخ المن بالإمامة (ظ: همـ، ابن صاحب الصلاة)؛ المنوني، محمد، العلوم والآداب والفنون علی عهد الموحدین، الرباط، 1977م.

محمد هدایي/ ن.