اِبْنُ الشَّجَريّ، أبو السعادات هبة الله بن علي العلوي الحسني (450-20 رمضان 542هـ/1058-12 شباط 1148م)، نحوي ولغوي وأدیب وشاعر شیعي. یصل نسبه إلی الإمام الحسن المجتبی‌(ع) ولذلك عرف بالعلوي الحسني. واختلف في اشتهاره بابن الشجري، فیری یاقوت أنه نسب إلی بیت الشجري من قبل أمه (19/282)، ویقول ابن خلكان: «لا أدري إلی من ینتسب، هل نسبته إلی القریة أم إلی أحد أجداده وكان اسمه شجرة» (6/50؛ للاطلاع علی الآراء الأخری، ظ: السیوطي، 1/324).

قرأ الأدب والنحو علی ابن طباطبا والخطیب التبریزي وسعید بن علي السلالي وابن فضال المجاشعي، وسمع الحدیث من جماعة من الشیوخ كأبي الحسن المبارك بن عبد الجبار الصیرفي ومحمد بن سعید ابن نبهان الكاتب (یاقوت، 19/282-283؛ القفطي، 3/356؛ ابن خلكان، 6/46). وروی عن الدوریستي وابن قدامة وغیرهما (أفندي، 5/318). ولم یتوقف عن طلب العلم، فقد سمع في الشیخوخة من أبي الحسین ابن الطیوري وغیره (الذهبي، 2/463)، وذلك رغم تجاربه الكثیرة في فنون الأدب وكونه أنحی علماء العربیة في بغداد. وغدا لمدة نقیب الطالبیین في الكرخ ببغداد نیابة عن الطاهر أبي عبد الله أحمد بن أبي الحسن العلوي (ابن الأنباري، 284؛ ابن كثیر، 11/223). وقیل إنه أقرأ النحو والأدب 70 سنة، وأخذ عنه في هذه المدة الطویلة كثیر من مشاهیر النحو واللغة الأنباري، 286)، وابن الخشاب (الفیروزآبادي، 278). وروی عنه الشیخ برهان ‌الدین الحمداني القزویني والقطب الراوندي وأمثالهما أیضاً (أفندي، ن.ص).

أثنی الجمیع علی منزلته العالیة، فوصفه منتجب‌ الدین بالفاضل والصالح (ص 197). وأوصل ابن الأنباري سلسلة مشایخه في النحو إلی الإمام علي‌(ع) (ص 285-286) كما بالغ یاقوت (ن.ص) في مدحه، وقال: «كان أوحد زمانه وفرد أوانه في علم العربیة ومعرفة اللغة وأشعار العرب وأیامها وأحوالها متضلعاً من الأدب كامل الفضل» (ن.ص). واعتمد ابن هشام علی آرائه في مواضع عدیدة (1/45، 60، 64-65، مخـ)، وأشار ابن خلكان إلی تبحره في الاستشهاد بشعر العرب (6/46-47). وقد بلغ ابن الشجري درجة من المنزلة والشهرة دعت عالماً كالزمخشري یمضي إلی زیارته لما قدم بغداد قاصداً الحج، وتحدث معه في الحدیث والشعر والأدب بحضور جماعة منهم ابن الأنباري (یاقوت، 19/128؛ ابن خلكان، ن.ص). وكان ابن الشجري ینظم الشعر أیضاً، ولكن لم یبق من شعره سوی مقطوعتین قصیرتین في 5 أبیات وكذلك 16 بیتاً من قصیدة في مدح الوزیر نظام‌ الدین أبي نصر المظفر (ابن خلكان، 6/47-48). ویبدو أن شعره لم ینل إعجاب أهل الأدب، فقد حطّ الشاعر البغدادي الحسن بن أحمد بن جكینا من قدره (ابن خلكان، 6/49؛ ابن شاكر، 1/321). توفي ابن الشجري في بغداد ودفن بالكرخ حي الشیعة فیها (القفطي، 3/356).

آثاره

ترك آثاراً في موضوعات مختلفة هي:

1. الأمالي، وهو فرید من نوعه وقیم، أورد فیه الكثیر من الآراء النحویة مع شواهد شعریة مختلفة أملاها علی تلامذته في 84 مجلساً. وقد ذكر تاریخ الكثیر من المجالس بدقة، ولكن لیست لدینا أیة معلومات عن المجلس الأول، ولما كان قد أملی المجلس الثامن في أوائل جمادی الأولی 524 ثم استمر في إملائه بالترتیب فمن المحتمل أنه بدأ مجالسه في أوائل ربیع الأول من السنة نفسها. كما أورد ه ابن الشجري في هذا الكتاب آراء الكثیرین دون ذكر أسمائهم، فنقل مثلاً عدة فصول كاملة من كتاب الأزهیة للهروي دون الإشارة إلی المصدر (الأمالي، 2/343-351؛ قا: الهروي، 148-157؛ ابن الشجري، ما لم‌ینشر، 30-31؛ قا: الهروي، 54-55، مخـ).

وخص ابن الشجري قسماً كبیراً من الأمالي (ظ: ابن الشجري، ما لم‌ینشر، 41-65) في ذكر زلّات مكي بن أبي طالب المغربي في كتابه مشكل إعراب القرآن. ویرجع بعض المتأخرین سبب ذلك إلی الخلافات المذهبیة، إذ أن مكي بن أبي طالب وهو مالكي المذهب، هاجم المعتزلة في عدة مواضع من كتابه ووصمهم بالإلحاد، فأورد ابن الشجري هذه الانتقادات دفاعاً عنهم (الضامن، 6-7). ولكن لابد من النظر إلی هذا الرأي بعین الشك، ففي تلك الانتقادات ما هو صحیح (ابن الشجري، ن.م، 43).

طبع كتاب الأمالي ناقصاً في 1349هـ بحیدرآباد في مجلدین وطبع مرة أخری بدون ذكر تاریخ الطباعة. كما حقق القسم الأخیر منه حاتم صالح الضامن وطبع في 1405هـ/1984م ببیروت باسم ما لم‌ینشر من الأمالي الشجریة، ویضم بقیة المجلس 78 حتی المجلس 84.

2. الحماسة، تضم مختارات من أفضل الشعر وجیده لشعراء فحول من العصرین الجاهلي وصدر الإسلام والعصرین الأموي والعباسي، نحا فیها منحی أبي تمام والبحتري في حماستیهما ویعتقد بعضهم أن حماسة ابن الشجري من أجل كتب الحماسة في العربیة (مردم بك، 882)، حققها المستشرق الألماني فریتس كرنكو، وطبعت بحیدرآباد في 1345هـ، كما حققها عبد المعین الملوحي وأسماء الحمصي، وطبعت في دمشق سنة 1970م.

3. مختارات شعراء العرب، وتضم 50 قصیدة من القصائد الشهیرة لشعراء من العصر الجاهلي والمخضرمین، حققها محمود حسن الزناتي، وطبعت طباعة حجریة بالقاهرة في 1344هـ، كما حققها محمد البجاوي وطبعت ثانیة هناك في 1975م.

4. منظومة ابن الشجري، طبعت في القاهرة سنة 1330هـ.

ویوجد في برلین بالإضافة إلی ذلك مخطوطة لمعجم في الألفاظ المشتركة (GAL, S, I/493)، ربما كانت الكتاب الذي ذكره یاقوت (19/283) باسم ما اتفق لفظه واختلف معناه.

وتنسب إلی ابن الشجري كتب أخری هي: 1. الانتصار، أتمه ابن الشجري أثناء إملائه كتاب الأمالي، وطلب ابن الخشاب أن یقرأه علیه، فامتنع، فرد بعض موضوعاته وأجابه ابن الشجري بـ الانتصار (یاقوت، ن.ص؛ القفطي، 3/356-357)؛ 2. شرح التصریف الملوكي لابن جني؛ 3. شرح اللمع لابن جني (ابن خلكان، 6/45).

المصادر

ابن الأنباري، عبد الرحمن، نزهة الألباء، تقـ: إبراهیم السامرائي، بغداد، 1959م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، دار صادر؛ ابن الشجري، هبة الله، الأمالي، حیدرآباد الدكن، 1349هـ؛ م.ن، الحماسة، تقـ: فریتس كرنكو، حبدرآباد الدكن، 1345هـ؛ م.ن، ما لم‌ینشر من الأمالي الشجریة، تقـ: حاتم صالح الضامن، بیروت، 1405هـ/1984م؛ ابن كثیر، البدایة؛ ابن هشام، عبد الله، مغني اللبیب، تقـ: محمد محیي ‌الدین عبد الحمید، القاهرة، المكتبة التجاریة الكبری؛ أفندي الأصفهاني، عبد الله، ریاض العلماء، تقـ: أحمد الحسیني، قم، 1401هـ؛ الذهبي، محمد، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ السیوطي، بغیة الوعاة، محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة 1384هـ/1965م؛ الضامن، حاتم صالح، مقدمة ما لم‌ینشر (ظ: همـ، ابن الشجري)؛ الفیروزآبادي، محمد، البلغة، تقـ: محمد المصري، دمشق، 1392هـ/1972م؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ مردم بك، عدنان، «التعریف والنقد»، مجلة مجمع اللغة العربیة بدمشق، 1390هـ/ 1970م، ج 45، عد 4؛ منتجب الدین، علي، فهرست أسماء علماء الشیعة، تقـ: عبد العزیز الطباطبائي، بیروت، 1406هـ؛ الهروي، علي، الأزهیة، تقـ: عبد المعین الملّوحي، دمشق، 1391هـ/ 1971م؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً:

GAL, S.

عنایت ‌الله فاتحي ‌نژاد/ ن.