ابن شداد، أبوالمحاسن
cgietitle
1442/11/17 ۲۱:۴۴:۵۶
https://cgie.org.ir/ar/article/233711
1446/10/20 ۰۳:۴۰:۳۲
نشرت
3
اِبْنُ شَدّاد، أبو المحاسن بهاء الدين یوسف بن رافع بن تمیم بن عقبة بن محمد بن عتّاب الأسدي (رمضان 539-14 صفر 632/آذار 1145-8 تشرین الثاني 1234)، فقیه وقاضٍ ومؤرخ شافعي. ولد في الموصل، وتوفي أبوه وهو صغیر السن، فنشأ عند أخواله بني شداد فنُسب إلیهم، وكان شداد جده لأمه (ابن خلكان، 7/84). حفظ القرآن في صغره، وعندما قدم الشیخ أبوبكر یحیی بن سعدون القرطبي إلی الموصل لازمه وقرأ علیه الحدیث والتفسیر والقرآن بالطرق السبع (ن.ص). ومن أساتذته أیضاً عبد الله بن الخضر، المعروف بابن الشیرجي، وقد سمع علیه بعض تفسیر الثعلبي. وسمع علی فخر الدين سعید بن عبد الله الشهرزوري مسانید الشافعي وأبي عوانة وأبي یعلی، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود وأجازه في 567/1172م. ومن شیوخه أیضاً مجد الدين عبد الله بن محمد الأشیري وسراج الدين محمد بن علي الجیاني الذي قرأ علیه صحیح مسلم، وشُهدة الكاتبة ببغداد وأبو المغیث والشیخ رضي الدين القزویني المدرس بالنظامیة في بغداد (م.ن، 7/85-86). ثم انحدر إلی بغداد بعد التأهل التام ونزل بالمدرسة النظامیة وترتّب فیها معیداً نحو أربع سنین. وعاد إلی الموصل في 569هـ فترتّب مدرساً في المدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين الشهرزوري، وانتفع به ابن خلكان في هذه الفترة (م.ن، 7/86-88).
ثم حجَّ في 583هـ/1187م وقصد زیارة بیت المقدس والخلیل(ع)، وعندما دخل دمشق استدعاه صلاح الدين الأیوبي (حكـ 564-589هـ/1169-1193م) وقابله بالإكرام التام. ولما عاد من بیت المقدس اجتمع بصلاح الدين في حصن الأكراد بطلب من الأخیر، وقدم إلیه كتاباً صنّفه في دمشق في باب الجهاد وآدابه أحكامه. ثم اتصل بخدمته في مستهل جمادی الأولی سنة 584 (ابن شداد، 75-87)، وكان صلاح الدين وغیره یوفدونه أحیاناً إلی سنجار والجزیرة والموصل وإربل وغیرها للوساطة أو للحصول علی عساكر مساعدة من الخلیفة وسائر الحكام (م.ن، 70، 115). تولی قضاء العسكر وقضاء القدس؛ ومنذ هذا التاریخ حتی 589هـ - عام وفاة صلاح الدين– رافق صلاح الدين في كافة أسفاره وغزواته صدیقاً مستشاراً ومساعداً مؤرخاً، وكان یشترك أحیاناً في المعارك ویقاتل العدو (م.ن، 108). وقد سمحت له تلك الصداقة والرفقة بتدوین حوادث عهد صلاح الدين بصورة حیة.
وفي عام 591هـ/1195م خدم الملك الظاهر غیاث الدين نجل صلاح الدين (حكـ 582-613هـ/1186-1216م)، فولاه قضاء حلب ونظر أوقافها (السبكي، 5/151). وفضلاً عن ذلك فقد كان موضع استشارة غیاث الدين في الشؤون السیاسیة والحكومیة. وكانت حلب آنذاك قلیلة المدارس ولیس بها من العلماء إلا نفر یسیر، ولهذا أنفق ما توفر له من إقطاعاته وهو ما یزید علی مائة ألف درهم في السنة (أبو الفداء، 3/156)، علی إعمار المدارس واستقطاب الفقهاء من كل صوب بها، وفي 601هـ/1204م أمر بتأسيس مدرسة شافعية بحلب وإحداث دار لتدريس أحاديث النبوية، كما بنى مقبرة لنفسه بينهما ولها بابان: باب إلی المدرسة وباب إلی دار الحدیث.
وفي 607هـ/1210م جهزه الملك الظاهر رسولاً إلی الملك العادل بمصر الذي تجهز لمواجهة الفرنج، فظن أنه لأجله، فاستحلف العادل له (ابن نظیف، 64-65). وفي 608 هـ قدم ابن شداد ثانیة من حلب إلی القاهرة یخطب ابنة العادل لابن عمها الظاهر فجیب إلی ذلك (المقریزي 1(1)/174). وبعد وفاة الظاهر، قام من بعده ابنه الملك العزیز (حكـ حتی 634هـ/1236م) وعمره یومئذ سنتان وأشهر (م.ن، 1(1)/185)، فأصبح حل الأمور وعقدها بید ابن شداد والوصي علی العزیز، أي شهاب الدين أبي سعید طغرل الذي كان یتولی تدبیر الدولة. وكان لابن شداد خلال هذه الفترة نفوذ عظیم، وللفقهاء في أیامه حرمة تامة. ویورد ابن خلكان أنه استمر في هذه الفترة على روایة الحدیث رغم الهرم والمرض (7/91). وفي 626هـ/1229م توجه إلی مصر في محفّة وقد صار من الكبر منطویاً (ابن واصل، 4/314)، لإحضار ابنة الملك الكامل (حكـ 615-635هـ/1218-1238م) إلی حلب وكان قد عقد نكاحها علی الملك العزیز لأهداف سیاسیة خلال رحلتین قام بهما في 613 و626هـ (م.ن، 4/254). ولما وصل إلی حلب وجد الملك الشاب قد استقل بنفسه ورفعوا عنه الحجر، فلم یُعجب القاضي ذلك، فلازم داره، وصار یفتح بابه لإسماع الحدیث حتی توفي بحلب ودفن في التربة المقدم ذكرها، وأصبحت داره خانقاه الصوفیة.
ومن الممیزات الجدیرة بالاهتمام في العهد الأیوبي هي أولاً العلاقة الثنائیة التي كانت قائمة بین الفقهاء والسلطة الحاكمة وثانیاً تصنیف الكتب التاریخیة (وكان أغلبها یدور حول نشوء الدول وسقوطها وأسالیب الحكم) علی أیدي علماء العلوم الدينیة. وقد ذكر الباحثون عدة دوافع لكل من هاتین الظاهرتین اللتین تبرزان بوضوح في شخصیة ابن شداد. وكانت كتابة التاریخ في المدارس وكذلك بین العلماء قد ازدهرت آنذاك واتخذت لها أبعاداً مختلفة، وقد یكون أحد أسباب ذلك ظهور ولع خاص في تدوین التاریخ لدی بعض كبار علماء الحدیث والفقه. وفضلاً عن ابن شداد، یمكن الإشارة إلی شخصیات أخری كابن عساكر وأبي شامة وابن خلكان، حیث برزوا بادئ ذي بدء في غیر التاریخ كالفقه والحدیث، وهم نماذج بارزة علی هذه الحقیقة. وبعبارة أخری، فقد ساهم بعض علماء هذه الحقبة، الذین كانوا یتولون مناصب حكومیة، في كتابة التاریخ من خلال تسجیل الأحداث والاعتماد علی الوثائق الرسمیة التي سمحت لهم أعمالهم بالحصول علیها. ولاشك فإن كتاب النوادر السلطانیة لابن شداد یعد إحدی تلك الكتابات التي حظیت بأهمیة خاصة علی صعید تدوین التاریخ.
1. النوادر السلطانیة: رغم أن ابن شداد صحب صلاح الدين خمسة أعوام فقط، إلا أن أثره هذا یعد مصدراً مهماً وموثقاً حول حیاة صلاح الدين وحروبه. ورغم أن النوادر لایعدو كونه عملاً صغیراً قیاساً إلی كتابات عماد الدين الكاتب، إلا أنه كتاب قیّم لما امتاز به من لغة واضحة بسیطة، ودقة في تسجیل ما شاهده ابن شداد غالباً بنفسه (ابن شداد، 87). ویمكن تقسیم الكتاب إلی جزءین: الجزء الأول، یتضمن حیاة صلاح الدين وعبادته وسجایاه الأخلاقیة، وقد تناول كلاً منها تحت عنوان خاص وفي فصل صغیر. وهذا الجزء الذي ینتهي بأحداث 584هـ/1188م یعتمد علی ما سمعه ابن شداد ممن یثق به (ص34-86)، لأنه لم یحضر تلك الوقائع. والصورة التي یرسمها لصلاح الدين في مستهل كتابه هي أقرب إلی العارف البائس منها إلی السلطان القوي. ونری المؤلف في هذا الجزء یشیید بمعارضة صلاح الدين للفلاسفة وذلك أثناء حدیثه عن آراء صلاح الدين ومعتقداته. كما یبرر إیعازه بقتل شهاب الدين السهروردي (تـ 587هـ/1191م) بقوله: «قیل عنه كان معانداً للشرائع مبطلاً» (ص 10). والجزء الثاني والرئیس من الكتاب یتناول الوقائع التي تبدأ بسفر شیركوه إلی مصر وتنتهي بوفاة صلاح الدين في 589هـ. ومع ذلك فإن بعض ما كتبه لایخلو من الهفوات، ولابد من الرجوع إلی بعض المصادر كتصانیف أبي شامة وابن خلكان لتصحیحه (كنموذج قارن بین كتابات هؤلاء الثلاثة حول أول سفر لشیركوه إلی مصر). ولم یذكر المؤلف –عدا في 4 مواضع من الكتاب– الوثائق التي اعتمدها في كتابته؛ وربما یعود ذلك إلی أنه لم یكن كاتباً رسمیاً في دیوان صلاح الدين شأنه شأن القاضي الفاضل وعماد الدين الكاتب. وهذا الأثر إنما یقدم نموذجاً من نماذج الحیاة الملكیة، فضلاً عن أهمیته في سرد الأحداث المتسلسلة. وهو یعتمد علی دراسة صلاح الدين كسلطان صاحب أهداف، لاعلی جمع الحكایات، فلانظیر لمثل هذا التاریخ في القرون الإسلامیة الأولی (حلمي، 88-82؛ غابریلي، 104).
2. أحكام الجهاد، طبع عام 1755م في لیدن.
1. أسماء الرجال الذین في المهذب للشیرازي، منه نسخة في مكتبة ولي الدين جار الله باستانبول (سید، 2(2)/11)؛ 2. دلائل الأحكام، حول الأحادیث الفقهیة، وهو في 4 مجلدات، منه نسخة في الأحمدیة بحلب (م.ن، 1/303)، وأخری في باریس (دوسلان، رقم 736)؛ 3. دروس حول الحدیث، وهي حصیلة دروسه في 629هـ/1232م (GAL, I/386)؛ 4. كتاب العصا، حول قصة موسی(ع) وفرعون، ودراسة حول العصا (مولوي عبد الحمید، 2/516)؛ 5. ملجأ الحكام عند التباس الأحكام (الخدیویة، 3/277-278).
ابن خلكان، وفیات؛ ابن شداد، یوسف، النوادر السلطانیة، تقـ: جمال الدين الشیّال، القاهرة، 1964م؛ ابن نظیف، محمد، مفرج الكروب، تقـ: حسنین محمد ربیع، القاهرة، 1972م؛ أبو شامة، عبد الرحمن، الذیل علی الروضتین، تقـ: محمد الكوثري، القاهرة، 1366هـ؛ أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر، بیروت، دار المعرفة؛ الخدیویة، الفهرست؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، القاهرة، 1324هـ؛ سید، فؤاد، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1954م؛ المقریزي، أحمد، كتاب السلوك، تقـ: محمد مصطفی زیادة، القاهرة، 1957م؛ مولوي عبد الحمید، مفتاح الكنوز الخفیة، باتنه، 1922م؛ وأیضاً:
De Slane; Gabrieli, F., «The Arabic Historiography of the Crusades», Historians of the Middle East, eds. B. Lewis and P.M. Holt, London, 1962; GAL; Hilmy Ahmad, M., «Some Notes on Arabic Historiography during the Zengid and Ayyubid Periods», Historians of the Middle East, London, 1962.
ناصر گذشته/ت.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode