ابن سنان الخفاجي
cgietitle
1442/11/15 ۱۹:۳۷:۲۵
https://cgie.org.ir/ar/article/233620
1446/10/22 ۱۱:۰۵:۰۱
نشرت
3
اِبْنُ سِنان الخَفاجيّ، أبو محمد عبد الله بن محمد (تـ 466هـ/1074م)، أدیب وشاعر شامي شیعي المذهب. یعود أصله إلی قبیلة خفاجة التي هاجرت في مطلع القرن 4هـ/10م من الصحراء العربیة والحجاز إلی الشام الأعلی (ظ: زكار، 59). ویبدو مما ذكره ابن خلكان (5/273)، أنه ولد في الربع الأول من القرن 5هـ (قا: كحالة، 5/120؛ الصعیدي، «ج»؛ الزركلي، 4/122). وقد دان أهل حلب بعقیدة الإمامیة الاثني عشریة علی الأغلب آنذاك بمساع من سیف الدولة الحمداني (301-356هـ) (ظ: زكار، 212-215)، ولذلك ربما كانت أسرة ابن سنان شیعیة المذهب أیضاً. وكان والده من أشراف بني خفاجة (الصعیدي، ن.ص). قرأ أولاً القرآن الكریم والحدیث، وأتم فنون الأدب علی علماء حلب، وأصبح من المحدّثین وقراء القرآن (ابن تغري بردي، 5/96؛ نصر الله، 98). وقد عرفه القاصي والداني لقراءته القرآن بأسلوبه الخاص وبنغمة أهل حلب (الطباخ 4/142). من أساتذته أبو نصر المنازي وأبو العلاء المعري حیث رحل إلی المعرة للاستفادة من درسه فاستقبله بحفاوة وتكریم (ابن شاكر، 2/220؛ الصفدي، 17/504؛ الطباخ، ن.ص).
نظم ابن سنان الشعر صغیراً، ورثی مخلص الدولة المنقذي في 435هـ وهو لایزال يافعاً (ابن خلكان، 5/270)، ورثی أخاه أبا المغیث في 439هـ (م.ن، 5/273)، وحینما توفیت والدته في 446هـ رثاها أیضاً (الأمین، 8/73)، ولهذا اشتهر شاعراً وهو في عنفوان شبابه. وأنشد أبو العلاء ابن حسول (ظ:ن.د، 1/490) الباخرزي بیتین له بالري في دار الكتب سنة 443هـ (الباخرزي، 1/169).
تحلی ابن سنان بعدد من الفضائل بالإضافة إلی الشعر والأدب، وسرعان ما دخل بلاط الأمراء الشیعة في الشام الأعلی والجزیرة منهم بنو منقذ وبنو مُلهَم ولاسیما آل مرداس (ن.ع)، فمدح أمراءهم وجالس كتّابهم ووزارءهم (عماد الدین، 2/69، 178؛ الأمین، 8/71)، وشق طریقه عن هذا السبیل في السیاسة فأرسله آل مرداس سفیراً إلی القسطنطینیة في 453هـ (ابن القلانسي، 91؛ زكار، 26؛ الأمین، ن.ص). وأكبر الظن أن الغایة من سفارته هذه استنجاد محمود بن نصر بإمبراطور بیزنطة لتقویة مركزه تجاه عمه ثمال (ظ: زكار، 130). وبالنظر إلی هذه العلاقات والمعلومات یمكن اعتبار دیوان شعره وثیقة تاریخیة موثوقة عن تلك الفترة بالإضافة إلی ما فیها من قیمة فنیة. ذلك أنه یتضمن معلومات تاریخیة زاخرة عن العلاقات بنی آل مرداس وكل من الإمبراطوریة البیزنطیة والخلافة الفاطمیة (زكار، 25-26). كما أن الوصف الذي أورده عن فن بناء القصور والقلاع وزخرفتها من الداخل والخارج في غایة القیمة، خاصة وأنه لم یبق أثر من هذه الأبنیة الیوم (م.ن، 222).
وكان ابن سنان كمن عاصره من الشعراء كابن أبي حصینة وابن حیّوس یتلقی راتباً سنویاً في بلاط آل مرداس فضلاً عن الهدایا والأعطیات، ومنح أیضاً لقب «أمیر» لما له من مكانة في الأدب والسیاسة (زكار، 221-222). وسافر إلی مصر ومدح الأمیر أبا علي ناصر الدولة الثاني الحمداني بعدة قصائد (الأمین، 8/71). ویروی أیضاً أنه سافر إلی مكة في 463هـ (فیصل، 3/76).
وكان قد خطر للأمیر محمود بن نصر في 465هـ أن یؤمر علی قلاعه رجالاً من أهل حلب (ابن العدیم، 2/36؛ زكار، 146)، فاختار ابن سنان لقلعة عَزاز الواقعة قرب حلب وهي ذات موقع استراتیجي وذلك برأي وزیره ابن أبي الثریا، وتأیید كاتبه أبي نصر ابن النحاس الذي كان صدیقاً لابن سنان (ابن العدیم، 2/36-37). وقبل ذلك بسنتین، حینما خطب الأمیر محمود بإیعاز من شیوخ القبائل في شوال 463/تموز 1071 باسم الخلیفة العباسي القائم بأمر الله، مدحه ابن سنان بقصیدة (ابن الأثیر، عز الدین، 10/63؛ الأمین، 8/81)، غیر أن عامة أهالي حلب لم یرضوا عن ذلك، وما أن قرئت الخطبة الأولی باسم القائم وألب أرسلان حتی تركوا المسجد، واضطر الأمیر في الأسبوع التالي إلی أن یبقي الناس فیه بقوة السیف، حتی یتم صلاته. غیر أن النقمة لم تخمد، فضعفت مكانته (ظ: الصعیدي، 215). ویبدو أن هذه الأوضاع هي التي دعت ابن سنان إلی شق عصا الطاعة ضد محمود وعصی في قلعة عزاز.
استدعی الأمیر محمود ابنَ سنان عدة مرات للحضور، فلم یستجب، وأخیراً هدد أبا نصر ابن النحاس بالقتل إن لم یخلصه منه، فذهب أبو نصر إلی القعلة واحتال علیه وسمه فأرداه قتیلاً دون إثارة للنفوس (ابن العدیم، 2/37-39؛ ابن شاكر، ن.ص؛ الصفدي، 17/505)، ولم یسمح الأمیر محمود بأن یشترك ابنه سنان في تشییع جثمان أبیه من القلعة إلی حلب، وربما كان ذلك خوفاً من انكشاف المؤامرة، غیر أنه حضر بنفسه مع عدد من أسرة ابن سنان مراسم التشییع وصلی علیه بنفسه (ابن العدیم، 2/39).
أثنی أغلب الكتّاب علی شعر وأدب ابن سنان (السمعاني، 5/170؛ الأمین، 8/71؛ فروخ، 3/168؛ نصر الله، 98)؛ وقد درس الأدب علی كبار الأساتذة كأبي العلاء المعري (ابن تغري بردي، 5/96)، وتشبه في شعره بالشریف الرضي منذ كان یافعاً حتی إنه عارض بعض قصائده (الأمین، 8/75). یمتاز شعره بالبساطة والرقة وأنه سهل ممتنع، ولكنه مع ذلك یطفح بالصناعات البلاغیة والبدیعیة كالتشبیه والتوریة والأمثال. وقد نظم القصائد والمقطوعات الغزلیة وغیر الغزلیة وحتی الرسائل المنظومة في مختلف الأغراض كالمدح والرثاء والفخر والملاحم والعتاب والزهد والحكمة والهزل ووصف الطبیعة والدفاع عن أصول المذهب الشیعي (ظ: یاقوت، البلدان، 3/170، 4/1004؛ عماد الدین، 3/75-76؛ الصفدي، 17/504-508؛ ابن شاكر، 2/221-224؛ ابن خلكان، 1/459، 3/235، 5/273؛ ابن تغري بردي، ن.ص؛ الأمین، 8/71-82؛ الصعیدي، «ك– ن»؛ نصر الله، 98-100؛ فروخ، 3/168-169).
واقتبس الشعراء بعض ما ابتكر من المعاني (ابن خلكان، 1/459؛ عماد الدین، 3/75-76). كما أن ابن داغر الحلّي وهو شاعر شیعي عاش في القرن 9هـ/15م ضمّن بیتاً معروفاً لابن سنان في مدح الإمام علي(ع) في قصیدة له علی نفس الوزن والقافیة (ظ: الأمیني، 7/24-25).
أما أسلوبه في النثر فهو فني وواضح لاتعقید فیه وعلمي نقدي، ولكنه ومع ذلك مزج المباحث والمواضیع المختلفة والمتنوعة بشكل یصعب معه تقسیمها وتبویبها (ظ: ابن سنان، مخـ؛ الصعیدي، «و– ز»)، وألف كتابه سر الفصاحة في علم البلاغة بنفس الأسلوب، فأصبح مؤسس مدرسة لها میزاتها الخاصة (م.ن، «هـ- و»).
أثرت مدرسة ابن سنان في آثار الأدباء والنقاد الكبار بعده كالسكاكي وضیاء الدین ابن الأثیر والخطیب القزویني وحتی السُبكي تأثیراً یستحق الدراسة (الفقي، 190-192). یقول ضیاء الدین ابن الأثیر «لم أجد ما ینتفع به في ذلك [علم البلاغة والبیان] إلا كتاب الموازنة للآمدي وكتاب سر الفصاحة لأبي محمد عبد الله ابن سنان الخفاجي» (1/35-36). كما یری ابن سنان نفسه بأن كتابه «فرید في بابه غریب في غرضه» (ص 5).
ورغم أن موضوع الكتاب الأصلي هو الفصاحة والبلاغة غیر أن ابن سنان أورد فیه جریاً علی أسلوبه المزجي، البحوث الصرفیة واللغویة والنحویة والمنطقیة والكلامیة وحتی البحوث المتعلقة بالأصوات في اللغة العربیة (ظ: ص 5-14)، والحروف الهجائیة (ص 15-21)، مما دعا حاجي خلیفة إلی الخطأ في تحدید موضوعه (2/988)، وردّد القمي هذا الخطأ أیضاً (ظ: الكنی، 2/217، هدیة، 133). والأسلوب المزجي الذي اتبعه في تألیف سر الفصاحة أدی إلی عدم الاكتراث بهذا الكتاب، بینما هو أسهل وأكثر فائدة من كتاب السكاكي وكتابي عبد القاهر، دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة (الصعیدي، «ي»).
وقد عُرف ابن سنان بأنه صاحب رأي مهم في كتب البلاغة، ونقدت آثاره ودرست استند إلیها (ظ: ابن الأثیر، ضیاء الدین، 1/36، 2/109-110، 3/213؛ الفقي، ن.ص؛ ابن معصوم، 5/280، 6/253-254، 270؛ السید، 104-106).
1. الأصوات ومخارج الحروف العربیة، حققه فؤاد حنا الترزي وطبع في بیروت (1382هـ/1962م)؛ 2. دیوان شعر الخفاجي، طبع في بیروت (1316هـ)؛ 3. سر الفصاحة، حققه مرة علي فودة وطبع في القاهرة (1350هـ/1932م)، وطبع ثانیة فیها (1372هـ/1953م) بتحقیق عبد المتعال الصعیدي.
1. الحكم بین النظم والنثر، صغیر الحجم (ابن شاكر، 2/222؛ الصفدي، 17/505)؛ 2. حكم منثورة (ابن شاكر، الصفدي، ن.ص)؛ 3. الصرفة، كتاب حول «نظریة الصرفة» للرماني في إعجاز القرآن الكریم (یاقوت، الأدباء، 3/139؛ ابن شاكر، الصفدي، ن.ص)؛ 4. عبارة المتكلمین في أصول الدین، كتاب في علم الكلام وأصول العقائد (ابن شاكر، الصفدي، ن.ص)؛ 5. العروض؛ 6. في رؤیة الهلال (ن.ص).
ابن الأثیر، ضیاء الدین، المثل السائر، تقـ: أحمد الحوفي وآخرون القاهرة، 1379هـ/1959م؛ ابن الأثیر، عز الدین، الكامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن سنان، عبد الله، سر الفصاحة، تقـ: عبد المتعال الصعیدي، القاهرة، 1372هـ/1953م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن ظافر، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ ابن العدیم، عمر، زبدة الحلب، تقـ: سامي الدهان، دمشق، 1373هـ؛ ابن القلانسي، حمزة، ذیل تاریخ دمشق، بیروت، 1908م؛ ابن معصوم المدني، علي، أنوار الربیع، تقـ: شاكر هادي شكر، كربلاء، 1389هـ؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ؛ الأمیني، عبد الحسین، الغدیر، بیروت، 1387هـ؛ الباخرزي، علي، دمیة القصر، تقـ: محمد التونجي، دمشق، 1391هـ؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الزركلي، الأعلام؛ زكار، سهیل، إمارة حلب، دمشق، دار الكتاب العربي؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، تقـ: عبد الرحمن بن یحیی المعلمي، حیدرآباد الدكن، 1385هـ/1966م؛ السید، عز الدین علي، التكریر، بیروت، 1407هـ/1986م؛ الصعیدي، عبد المتعال، مقدمة سر الفصاحة (ظ: همـ، ابن سنان)؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: دوروتیا كرافولسكي، بیروت، 1401هـ/1981م؛ الطباخ، محمد راغب، إعلام النبلاء، حلب، 1343هـ/1925م؛ عباس، إحسان، تاریخ النقد الأدبي عند العرب، عمان، 1971م؛ عماد الدین الكاتب، محمد، خریدة القصر، قسم شعراء الشام، تقـ: شكري فیصل، دمشق، 1378هـ/1959م؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1984م؛ الفقي، محمد كامل، «ابن سنان الخفاجي وسر الفصاحة»، مجلة الأزهر، القاهرة، 1361هـ/1942م، ج 16، عد 1؛ فیصل، شكري، حواش علی خریدة القصر (ظ: همـ، عماد الدین الكاتب)؛ القمي، عباس، الكنی والألقاب، النجف، 1389هـ؛ م.ن، هدیة الأحباب، طهران، 1362ش؛ كحالة، عمر رضا، معجم المؤلفین، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ نصر الله، إبراهیم، حلب والتشیع، بیروت، 1403هـ؛ یاقوت، الأدباء، م.ن، البلدان.
غلام رضا جمشید نژاد/ن.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode