الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن سعدان، أبوعبدالله /

فهرس الموضوعات

ابن سعدان، أبوعبدالله

ابن سعدان، أبوعبدالله

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/15 ۱۷:۱۴:۳۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ سَعدان، أبو عبد الله الحسین بن أحمد (مقـ ربیع الأول 375هـ/تموز 985م)، من عمال الدواوین ووزیر صمصام ‌الدولة البویهي. لاتتوفر معلومات دقیقة عن حیاته ودخوله إلی بلاط آل بویه، ویبدو أن هندوشاه هو الوحید الذي ذكر أن ولادته كانت بشیراز عام 337هـ/948م (ص 246). وقد ورد اسمه لأول مرة في المصادر المتوفرة لدینا في حوادث 369هـ/980م، باعتباره أحد عارضَي جیش عضد الدولة البویهي (أبو شجاع، 40) وكان یتوجه إلی قرمیسین لردَ الأكراد (م.ن، 9؛ قا: مارغلیوث، 382). ویبدو أن ابن سعدان كان یتولی في أواخر عهد عضد الدولة منصباً أكثر أهمیة، وكان مقرباً جداً منه فقد سعی في الإفراج عن أبي إسحاق الصابي من سجن عضد الدولة عام 371هـ (أبو شجاع، 24). كما هدّأ في موضع آخر غضب الأمیر علی القاضي التنوخي (التنوخي، 4/96، 79). وحدث في الیوم الأول بعد موت عضد الدولة في شوال 372هـ أن قُبض علی أبي الریان أحمد بن محمد، أحد عمال الأمیر في الدیوان، فنظر ابن سعدان فیما كان ینظر فیه من أمور الأعمال (أبو شجاع، 78)، ووصف بأنه كان ذا جهاز وحاجب (م.ن، 39). ویبدو أن ابن سعدان كان من الذین أخفوا وفاة عضد الدولة ریثما یتم إجلاس ابنه أبي كالیجار مرزبان علی العرش (م.ن، 78).

ولما تولی صمصام ‌الدولة الحكم، استوزر ابن سعدان فكان في منصبه الجدید «مانعاً للقائه باذلاً لعطائه، فبسط یده في الصلات والإنفاق، وأحدث من الرسوم استیفاء العشر مما تسبب به موظفوا الدولة وصرفه في التجمل» (أبو شجاع، 85)، مما أدی إلی غلاء أسعار ما یحتاج إلیه الناس من قمح وغیره، وفرغت الخزائن واضطربت الأعمال (هندوشاه، ن.ص)، فثار الناس ورجموا زورقه، وهجموا علی نهب داره فردهم صمصام ‌الدولة (أبو شجاع، ن.ص؛ قا: أبو حیان، الإمتاع، 2/26).

ومن الحوادث المهمة في حیاة ابن سعدان عودة فخر الدولة إلی الحكم بوساطة الصاحب بن عباد، وسعی ابن سعدان إلی إصلاح مابین فخر الدولة وصمصام الدولة، حتی إن الخلیفة أرسل الخلع والعهد والرایة إلیه، وأرسل رسالة إلی فخر الدولة مع شخص یدعی أبا موسی أو محمد بن موسی (ظ: ن.د، آل بویه؛ ابن الجوزي، 7/123؛ مارغلیوث، 387). وفي هذه الأثناء استولی الحسین بن دوستك، المعروف بباد من الأكراد الحمیدیة علی الموصل، وسما إلی طلب بغداد، فنظر صمصام الدولة مع وزیره ابن سعدان في أمره، فأنفذ الوزیر جیشاً بقیادة زیار بن شهراكویه، فهَزم باد في صفر 374، وولّی ابنُ سعدان سعدَ الدولة الحمداني علی دیار بكر (ابن خلدون، 4(3)/538-539). ویبدو أن الصابي هو الذي كتب رسالة ابن سعدان إلی فخر الدولة «في بشارة الفتح» (القلقشندي، 8/137).

وفي أواخر عام 374هـ سعی ابن سعدان لوالده أبي نصر في كتابة والدة صمصام الدولة بدلاً من أبي الحسن علي بن أحمد العماني الذي توفي وكان كاتبها، فعمل أبو القاسم عبد العزیز بن یوسف علی إحباط مساعیه، لعداوة كانت بینهما، وقد تحدث الوزیر عن هذه العداوة لأبي حیان (الإمتاع، ن.ص)، وكان أبو القاسم عبد العزیز بن یوسف من رجال الدیوان الشهیرین ورئیس دیوان رسائل عضد الدولة فحذّر صمصامَ الدولة من هذا العمل أشد تحذیر قائلاً: «إن أبا عبد الله قد استولی علی أمورك… وإذا تم له حصول والده مع السیدة حصلنا تحت الحجر معه» (أبو شجاع، 102، 103). وإثر ذلك أدت هذه السعایات ومساعي والدة صمصام الدولة إلی أن یصدر الأمیر أمراً بالقبض علی الوزیر وعدد من أنصاره والإلقاء بهم في السجن، وأن یجمع الأمیر البویهي بین أبي القاسم ابن یوسف وأبي الحسن ابن برمویه في الوزارة (ن.ص). وفي هذه الأثناء ثار أسفار بن كردویه علی صمصام الدولة، ودعا الجیش لإطاعة شرف ‌الدولة (ابن الأثیر، 9/41). فاغتنم أبو القاسم ابن یوسف الفرصة، وكان لایزال یكن العداوة لابن سعدان، واتهم الوزیر المعزول بأن ثورة أسفار كانت من فعله وتدبیره، وما أن هزم اسفار حتی أمر صمصام ‌الدولة بقطع رأس الوزیر (أبو شجاع، 106، 107) وألقي به في دجلة (هندوشاه، ن.ص).

ورغم أن وزارة ابن سعدان لم تطل وكانت نهایته كأكثر وزراء البویهیین مشؤومة، غیر أنها كانت ذات أهمیة خاصة لرعایة هذا الوزیر للعلماء المعاصرین له والمناظرات العلمیة التي أجراها مع بعضهم، وفي الوقت الذي تحدث هندوشاه عن مهارته وأنه كان بارعاً في الحساب (ن.ص)، صرح في موضع آخر مبالغاً عن كرهه لابن سعدان وأنه «لیس له أیة فضیلة وكان كله شراً وبهتاناً وسوء خلق، ووصل إلی الوزارة بالشر» (ص 247)، غیر أن أبا حیان التوحیدي مدحه كثیراً (الإمتاع، 1/21، 22، 3/209-210) ووصفه الصاحب بن عباد وزیر ركن الدولة الشهیر بأنه «ضخم الدسیعة [كثیر العطاء]، له من نفسه حریً وسیعة» (أبو حیان، أخلاق الوزیرین، 313)، وقال عنه أبو الوفاء البوزجاني، وكان شهیراً في الریاضیات بعصره وأحد ندماء ابن سعدان إنه «الوزیر العظیم الذي افتقرت الدولة إلی نظره وأمره ونهیه» (م.ن، الإمتاع، 1/5). وأبو الوفاء هذا (وینبغي ألا یشتبه بینه وبین أبي الوفاء طاهر بن محمد الذي كان من أمراء دولة آل بویه وقد أمر ابن سعدان بقتله بعد وفاة عضد الدولة، الصابي، 217) الذي یذكره أبو حیان بالشیخ (الإمتاع، 2/1، 50، 51؛ قا: مارغلیوث، 381) كان من المقربین إلی أبي حیان ومن العلماء الذین تربطهم بابن سعدان صداقة قبل وزارته، وهو الذي وصل أبا حیان بـ «أبي عبد الله العارض» (- ابن سعدان: أبو شجاع، 40). وقد طلب ابن سعدان في 370هـ من أبي حیان أن یستنسخ له كتاب الحیوان للجاحظ (الإمتاع، 1/5). ثم ألف له أبو حیان كتاب الصداقة والصدیق (ص 9-10) بطلب منه (قا: أمین، 1/ «و»).

ولما تولی ابن سعدان الوزارة جمع حوله عدداً كبیراً من العلماء كالفیلسوف والمنطقي أبي علي عیسی ابن زرعة، والطبیب أبي الخیر الخمار، والمنطقي أبي علي ابن السمح، والمؤرخ أبي علي مسكویه، والفیلسوف والمنطقي یحیی بن عدي، وعالم الریاضیات أبي الوفاء البوزجاني وجماعة آخرین، وكان یعقد لهم المجالس یتناظرون فیها (أبو حیان، الإمتاع، 1/31-32). كما كان یتباهی بإقامة هذه المنتدیات، ولایعتبر العلماء وأهل الفضل في مجالس الوزراء الشهیرین كالصاحب ابن عباد وابن العمید والمهلبي شیئاً بمقارنتهم مع علماء مجالسه (م.ن، الصداقة، 83). وكان ابن سعدان یأنس خاصة بأبي حیان التوحیدي، ویجالسه في الأمسیات ویباحثه في مختلف فنون الأدب واللغة والفلسفة والإلهیات والأخلاق، وكان واسع المعلومات فیها، یبدو ذلك من الأسئلة التي كان یوجهها إلی أبي حیان، وقد أورد أبو حیان هذه المباحثات والمناظرات المسائیة في كتابه المعروف الإمتاع والمؤانسة، والذي قسمه إلی أربعین لیلة، وكانت طریقته فیها بأن یطرح الوزیر مسألة، ویجیب أبو حیان الوزیر عنها بصراحة وراحة بال (1/19)، كما كانت تتوارد أثناء الجواب أسئلة أخری، وقد جری الحدیث بینهما بهذه الطریقة في مختلف البحوث، وكان ابن سعدان یطلب من أبي حیان في آخر كل بحث نادرة أو ملحة یسمیها «ملحة الوداع» أو «خاتمة المجلس»، ویطلب من أبي حیان أحیاناً أن یكتب له جواب إحدی المسائل في رسالة، أو یكتب رسالة في أحد المواضیع لیقرأها في الجلسة التالیة (الإمتاع، مخـ). ویبدو من مقدمة أبي حیان لهذا الكتاب، أنه جمعه بطلب من أبي الوفاء البوزجاني (ن.م، 1/2 ،12، 13، 50، 51) ولانعلم ما الذي دعا القفطي للقول إن تألیفه كان یطلب من أبي سلیمان المنطقي الذي كان أبو حیان من تلامذته وأصحابه (ص 283).

 

المصادر

ابن الأثیر، الكامل؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدكن، 1358هـ؛ ابن خلدون، العبر؛ أبو حیان التوحیدي، علي، أخلاق الوزیرین، تقـ: محمد بن تأویت الطنجي، دمشق، 1965م؛ م.ن، الإمتاع والمؤانسة، تقـ: أحمد أمین وأحمد الزین، القاهرة، 1939م؛ م.ن، الصداقة والصدیق، تقـ: علي متولي صلاح، القاهرة، 1972م؛ أبو شجاع الروذراوري، محمد، ذیل تجارب الأمم، تقـ: آمدروز، القاهرة، 1334هـ/ 1916م؛ أمین، أحمد، مقدمة الإمتاع (ظ: همـ، أبو حیان التوحیدي)؛ التنوخي، المحسّن، نشوار المحاضرة، تقـ: عبود الشالجي، القاهرة، 1392هـ/1972م؛ الصابي، محمد، الهفوات النادرة، تقـ: صالح الأشتر، فاس، 1387هـ/1967م؛ القفطي، علي، تاریخ الحكماء، تقـ: لیبرت، لایبزك، 1903م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، القاهرة، 1383هـ؛ هندوشاه بن سنجر، تجارب السلف، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1357ش؛ وأیضاً:

Margoliouth, D. S., «Some Extracts from the Kitāb al- Imta’ wal-Mu’ānasah of AbūḤayyan Tauħīdī», Islamica, Leipzig, 1926, vol. II.

صادق سجادي/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: