الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / العلوم / ابن سرابیون /

فهرس الموضوعات

ابن سرابیون

ابن سرابیون

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/15 ۱۱:۲۹:۵۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ سِرابیون، أو ابن سرافینون، كنیة عرف بها اثنان من مشاهیر أطباء القرنین 2 و3 الهجریین هما داود ویوحنا (یوحنّان). والمصادر عنهما قلیلة إلی حدّ لایمكن معه إلا بصعوبة معرفة شيء عن حیاتیهما. ویمكن تقدیر العصر الذي عاشا فیه اعتماداً علی أخبار متناثرة لاتخلو بدورها من تناقضات. فالقفطي اعتبر داود الذي كان واحداً من أطباء الخلیفة موسی الهادي، شقیقاً لیوحنا، وعلی حدّ تعبیره فإن هذین الاثنین كانا طبیبین ماهرین، وكان أبوهما سرابیون طبیباً من أهل باجرمی (أو باجرمق، ناحیة تقع علی ضفة نهر دجلة قرب بغداد) (ص 431). أما ابن أبي أصیبعة الذي جعل حیاة یوحنا بحدود القرن الأول الهجري (ظ: بقیة المقالة)، فقد نقل نص عبارات القفطي عن أبیه وأخیه (1/109). بینما تظهر دراسة الأخبار المتعلقة بداود وبمؤلفات یوحنا، أن الأول، عاش في القرن الثاني الهجري، والآخر عاش في القرن الثالث. وسنناقش هنا فترة أنشطة داود ویوحنا، وعدم الانسجام بین الروایات المتعلقة بهذین الاثنین، وننتقل بعد ذلك للنظر في الآثار التي خلفها یوحنا بن سرابیون.

 

1. داود بن سرابیون

طبقاً لروایة أوردها القفطي (ن.ص) وابن أبي أصیبعة (1/126) فقد كان داود حاضراً وفاة الخلیفة العباسي موسی الهادي (170هـ/786م) برفقة أبي قریش عیسی وعبد الله الطیفوري، وبناء علی هذه الروایة أیضاً فإن الهادي لما یئس من جدوی علاج أطبائه، استدعی –بنصیحة من وزیره الربیع بن یونس– طبیباً یدعی عبد یشوع بن نصر، ثم أمر بأن تضرب أعناق داود والطبیبین الآخرین، لكن الربیع –ونظراً لمعرفته بالوضع المتردي للخلیفة– لم ینفذ أمره بقتلهم، فنجوا من الموت بعد وفاة الهادي في نفس ذلك الیوم. وطبقاً لروایة ابن أبي أصیبعة (ن.ص)، فإن بختیشوع بن جورجیس (تـ 185هـ) قد استدعي أیضاً إلی بغداد من جندیسابور لعلاج الخلیفة، إلا أن الهادي توفي قبل وصوله إلی بغداد. لكن لایمكن الوثوق بتفاصیل هذه الروایة، ذلك أنه توجد روایات أخری عن وفاة الهادي، كما أن الربيع بن یونس كان قد توفي قبل سنة واحدة (169هـ) من وفاة الهادي (ظ: الطبري، 8/188-189، 205-207، 213).

وطبقاً لروایة أخری تتعلق بحوادث سنة 171هـ وتشبه في بعض جوانبها الروایة المذكورة آنفاً، فإن یحیی بن خالد البرمكي –من أجل معالجة الخلیفة هارون الرشید– قد استدعی بختیشوع من جندیسابور، كما دعا داود والطبیبین الآخرین إلی البلاط (ابن أبي أصیبعة، ن.ص)، وبناء علی ما قاله القفطي (ص 382-384) وابن أبي أصیبعة (1/171، 173-175) فإن یوسف بن إبراهیم، المعروف بابن الدایة (ن.ع) قد سمع سنة 215هـ من جبرائیل بن بختیشوع بأن الطبیب الشهیر ابن ماسویه قد ولد علی عهد هارون الرشید من جاریة كانت قد اشتریت من داود وأهدیت إلی والد ابن ماسویه. لكن أمرین اثنین یدعوان للشك في هذه الروایة: الأول، أن جبرائیل قد توفي –طبقاً لروایة مشهورة– في 213هـ، والثاني، أن إسحاق بن علي الرهاوي (ص 167-169) كان قد أورد عن ولادة ابن ماسویه روایة تختلف اختلافاً كلیاً عن الروایة المذكورة آنفاً (أیضاً ظ: ابن أبي أصیبعة، 1/171-173).

ویستفاد من الروایة التي ذكرها ابن أبي أصیبعة (1/130-131) نقلاً عن یوسف بن إبراهیم، حیث یشترك طبیب شاب یدعی «ابن داود بن سرافیون» في مجلس بقصر عیسی بن علي ضم مجموعة من الأطباء وعلماء الریاضیات بحضور أم جعفر بنت أبي الفضل، أن أباه داود لم یكن آنذاك علی قید الحیاة. ویدعم هذا الاعتقاد، الحوار الذي دار في تلك الفترة بین ابن داود وبین جبرائیل حول إحدی المسائل الطبیة، ذلك أن جبرائیل قد أشار إلی التشابه بین آراء هذا الشاب وآراء أبیه قائلاً: إنه كان له مع داود أیضاً اختلاف في وجهات النظر حول هذه المسألة (أیضاً ظ: القفطي، 144-145). ورغم أن ابن أبي أصیبعة لم یشر إلی تاریخ تلك الواقعة، لكن یمكن تقدیر ذلك بأخذ بعض الأمور بنظر الاعتبار؛ ذلك أنه لاشك في أن المرأة التي أشیر إلیها في الواقعة المذكورة بأم جعفر، هي زبیدة بنت جعفر بن المنصور زوجة هارون الرشید وأم الأمین التي عاشت خلال خلافة المأمون وإلی آخر أیام حیاتها في القصر الشهیر لعیسی بن علي (ظ: البلاذري، 3/89). ومن جهة أخری ومع الأخذ بنظر الاعتبار حیاة جبرائیل بن بختیشوع وتاریخ وفاته (ظ: ن.د، آل بختیشوع)، یمكن القول بأن تاریخ تلك الواقعة كان في 210-213هـ/825-828م تقریباً. ومن كل ذلك یمكن الاستنتاج بأن داود كان طبیباً معروفاً في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، وكانت له علاقة وثیقة بالبلاط العباسي، وأنه قد توفي في مطلع القرن الثالث الهجري. كما عده ابن أبي أصیبعة (1/206) بین الأطباء الذین ترجموا لمحمد بن عبدالملك الزیات (173-مقـ 233هـ/789-848م) وزیر المعتصم والواثق والمتوكل، بعض المؤلفات من الیونانیة إلی العربیة. لكن إذا اعتبرنا تلك الترجمات قد تمت بالشكل المتعارف علیه خلال فترة وزارة ابن الزیات، فإن نسبتها لابنه تبدو أقرب إلی الحقیقة.

 

2. یوحنا (یحیی) بن سرابیون

طبیب سریاني اللغة عاش في القرن الثالث الهجري. ذكر ووستنفلد أن اسمه هو یحیی بن سرابیون بن إبراهیم (ص 49)، لكن لم یرد في أي مصدر آخر اسم إبراهیم ضمن نسب یوحنا. ویبدو أن ووستنفلد قد وقع في هذا اللبس بسبب نسبة غیر صحیحة لإحدی كتابات طبیب یدعی سرابیون بن إبراهیم، إلی یوحنا (علی فرض أن كاتب المخطوطة قد أسقط كلمة «ابن» من أول اسم المؤلف) (ظ: ن.ص؛ قا: آثار یوحنا في هذه المقالة). وقد جرت عادة الباحثین الأوروبیین ومن أجل عدم الخلط بینه وبین مؤلف كتاب الأدویة المفردة المدعو ابن سرابي، وبین الجغرافي المدعو سهراب (ن.ع) الذین دعوا كلیهما خطأً باسم ابن سرابیون أیضاً، بأن یسموا یوحنا «(ابن) سرابیون الأكبر» أو «(ابن) سرابیون القدیم». بینما خلط باحثون آخرون مثل فریند (ظ: لكلر، I/113-114) ومایرهوف (ظ: ص 2) ودولوریه (ص 218؛ قا: إلیس، II/805) بین یوحنا وابن سرابي، وخلط آخرون مثل فران (ص II2-113، أیضاً 242، ها 3) بین الشخصیات الثلاث.

وقد دعا اشتهار یوحنا باسم «سرابیون الدمشقي» في أوروبا اللاتینیة إلی أن یسمیه ناشر یدعی آلبانوس تورینوس في إحدی طبعات الترجمة اللاتینیة لكتاب الكناش الصغیر باسم «یوحنا الدمشقي». وقد أدی ذلك إلی أن یخلط البعض بین ابن سرابیون وبیون یوحنا الدمشقي (تـ ح 754م) الحكیم الإلهي السریاني، وبین یوحنا بن ماسویه الذي اشتهر خطأ بیوحنا الدمشقي أیضاً (لكلر، I/117؛ مییلي، 90؛ شیبرغس، 97؛ سارتون، I/806، الهامش؛ كمبل، I/72؛ إلیس، ن.ص).

وطبقاً لما قاله ابن الندیم – أقدم المصادر المتوفرة عن یوحنا بن سرابیون– فإن كان قد عاش في بدایة الحكم العباسي (القرن الثاني الهجري) (ظ: ص 296: كان في صدر الدولة). أما لكلر (I/114) ودون أن یكترث بكلام ابن الندیم عن العصر الذي عاش فیه ابن سرابیون وبسبب أن اسمه قد ورد في الفهرست بعد اسم ابن ماسویه وقبل اسم علي بن ربن الطبري، فقد ذكر أن ابن الندیم اعتبر أن وفاته حدثت في منتصف القرن الثالث الهجري. بینما الحقیقة هي أن ابن الندیم وفي موضع واحد علی الأقل عند ذكره ابن سرابیون وعدة أطباء آخرین مثل جورجیس وأهرن القس (النصف الأول من القرن الأول الهجري) لم یراعِ تقدم أو تأخر بعضهم علی بعض تاریخیاً (ظ: ص 296-297). كما أن علي بن العباس الأهوازي أیضاً وضمن نقده لكتابات من تقدمه حسب تسلسل أزمنة كتابتها في مقدمة كتابه كامل الصناعة، قد أورد اسم یوحنا بعد أهرن القس وقبل عیسی بن حكم الدمشقي (تـ ح 225هـ) (ظ: ص 3-5). وبناء علی ذلك، فكأنه قد اعتبر یوحنا من أطباء القرن الأول أو الثاني الهجري. وكذلك ابن أبي أصیبعة (1/109) الذي وضع یوحنا في عداد المعاصرین للأطباء الإسكندرانیین قد اعتبره من أطباء القرن الأول الهجري (أیضاً ظ: لكلر، ن.ص). لكن في منتصف القرن التاسع عشر المیلادي، أعلن لكلر (I/115-116) بعد تحقیقه الترجمة اللاتینیة لكتاب الكناش الصغیر لابن سرابیون أن تاریخ تألیفه لایرقی لأبعد من النصف الأول من القرن الثالث الهجري؛ ذلك لأن مؤلفه قد أشار إلی آراء أطباء أمثال یوحنا بن ماسویه (تـ 243هـ) وحنین بن إسحاق (تـ 260هـ) (ظ: بقیة المقالة). وربما اعتبر لیمان (ص 870) اعتماداً علی ذلك، تاریخ تألیف هذا الكتاب سنة 259هـ/873م.

وقد اعتبر أولمان اعتماداً علی أن أحمد بن محمد بن یحیی البلدي قد أفاد في كتابه تدبیر الحبالی والأطفال من القسم الثاني من كتاب قراباذین سابور بن سهل (تـ 256هـ) الذي أصلحه یوحنا بن سرابیون، أن یوحنا كان من أطباء النصف الثاني من القرن الثالث الهجري (ظ: «یوحنا…»، 279). لكن كتاب سابور كان قد لقي شهرة كبیرة آنذاك (ابن الندیم، 297)، ومن المحتمل جداً أن یكون یوحنا قد أدخل تعدیلات علی الكتاب قبل وفاة مؤلفه. وفضلاً عن ذلك، فإن ابن سرابیون في مقالة القراباذین من الكناش الصغیر، لم یشر إطلاقاً إلی سابور رغم الشهرة الواسعة لكتابه. وعلیه فإن الاحتمال المتاخم للیقین هو أن الفاصل الزمني بین تألیف هذین الكتابین كان قصیراً جداً، وبناء علی كل ما مر یمكن القول بأن یوحنا كان یمارس نشاطه في منتصف القرن الثالث الهجري.

 

مناقشة التناقضات القائمة

بناء علی ما ذكر آنفاً، فلاشك في أن داود ویوحنا لم یكونا شقیقین، ولهذا السبب لیس واضحاً مَن مِن هذین الاثنین هو ابن سرابیون الطبیب الباجرمي؛ إن أغلب المستشرقین الذین ذكروا یوحنا بن سرابیون لم یبالوا بهذه الأمور. لقد سعی كورت بطرس (ص 142-139) سنة 1942م إلی دراسة أبحاث ووستنفلد وبروكلمان ولكلر وشتاین شنایدر وسارتون وتصحیحها، لكنه هو نفسه لم ینج من القوع في تناقضات. وأخیراً كتب أولمان بحثاً وافیاً عن حیاة وآثار ابن سرابیون، كلكنه في نفس الوقت الذي صحح فیه بعض الأخطاء المتعلقة بحیاة ابن سرابیون التي وقع فیها المستشرقون الأخرون، ارتكب هو بعض الأخطاء في بحثه المتعلق بآثاره (ظ: بقیة المقالة). إضافة إلی أنه من بین الروایات المتعلقة بداود لم یشر إلا إلی روایتین فحسب ذات علاقة بوفاة الخلیفة الهادي وولادة ابن ماسویه اللتین أشرنا آنفاً إلی مافیهما من ثغرات. فأولمان یعتقد أن الكتّاب المسلمین عند ترجمتهم لكتابات یوحنا من السریانیة إلی العربیة في مطلع القرن الرابع الهجري، ونظراً لعدم معرفتهم شیئاً عن حیاته، اعتبروه شقیقاً لطبیب مشهور آخر یدعی داود بن سرابیون، ویحتمل أن تكون الروایة التي تحدثت عن حضوره وفاة الهادي قد بولغ فیها عند كتابتها وأضیف إلیها اسم یوحنا بوصفه شقیقاً لداود. وكأن ابن الندیم هو الآخر قد ظن –بناء علی هذه الروایة المدسوس فیها– بأن یوحنا كداود أیضاً قد عاش في «صدر الدولة»، أي في بدایة حكم الدولة العباسیة (ظ: أولمان، ن.م، 279-280). أما الكیفیة التي ترجم بها یوحنا كتاب الكناش الكبیر إلی العربیة (ظ: آثاره في هذه المقالة)، والروایة المستقلة التي أوردها ابن أبي أصیبعة عن أبیه وشقیقه، فكله مما یطعن في صحة رأي أولمان. كما أن سزكین (GAS, III/228-229) وتحت عنوان سرافیون قد ذكر معلومات متناقضة، ونسبه بعض إحالات الرازي إلی ابن سرابیون –الذي ورد بشكل «سرابیون»- إلی والد یوحنا وداود بزعمه.

آثار یوحنا بن سرابیون: طبقاً لما قاله ابن الندیم فإن جمیع مؤلفات یوحنا كانت باللغة السریانیة، وإن اثنین من كتبه الطبیة قد ترجما إلی العربیة: أحدهما الكناش الكبیر، ویقع في 12 مقالة وقد نقله هو إلی العربیة، والآخر الكناش الصغیر، ویقع في 7 مقالات (ص 296). وحتی الآن لم یشر إي من الباحثین المعاصرین ممن انبروا للتحقیق في حیاة وآثار یوحنا إلی ترجمته لكتابه الكناش الكبیر. لكن یمكن استنتاج ذلك من قول لابن سینا (3/441-442) في آخر مقالة الكتاب الخامس من القانون وهي القراباذین، وتحت عنوان «ذكر الأوزان والمكاییل من كناش یوحنا بن سرابیون»، وهو قول ابن سرابیون: «قد یستغنی عن هذا الباب في هذا المجموع لأني إنما ذكرت كل كیل ووزن، وأردفته بما هو معروف عند أصحاب اللغة العربیة في أبوابه، إلا أن قوماً ممن أشرفوا علی نقلي سألوني نقله لینتفع به في غیر هذا الكتاب». ومن الممكن أن یستفاد من هذا الكلام أن یوحنا نفسه قد ترجم كتابه هذا إلی العربیة وأضاف إلی النص ما یقابل الكلمات الیونانیة من العربیة. ومع الأخذ بنظر الاعتبار تصریح ابن الندیم، ینبغي أن یكون هذا الكلام منقولاً عن الكناش الكبیر. وربما كان المشرفون علی ترجمة یوحنا عدة أطباء من أتباع مدرسة حنین.

إن ابن أبي أصیبعة هو الوحید الذي أورد أسماء مترجمي الكناش الصغیر حیث قال: إن [موسی بن إبراهیم] الحدیثي الكاتب قد نقله لأبي الحسن ابن نفیس المتطبب في سنة 318هـ؛ وهو أحسن عبارة من نقل حسن بن بهلول الأواني الطبرهاني، ونقله أیضاً أبو البشر متّی (1/109). ومن بین المترجمین الثلاثة المذكورین نعلم فحسب أن حسن بن بهلول كان قد ترجم آثاراً أخری أیضاً من السریانیة إلی العربیة (أولمان، «یوحنا»، 280-281)، وأن أبا البشر متّی بن یونس (یونان) أیضاً كان مترجماً بارزاً، وقد توفي سنة 328هـ (ابن الندیم، 263-264؛ القفطي، 323؛ ابن أبي أصیبعة، 1/234-235). ویستفاد من كلام ابن أبي أصیبعة أن ترجمة حسن بن بهلول من حیث الزمان متقدمة علی الترجمتین الأخریین خاصة ترجمة الحدیثي.

ویلاحظ في آثار أبي الحسن ثابت بن إبراهیم بن زهرون الحراني (تـ 369 أو 365هـ) كتاب باسم إصلاح مقالات من كناش (كتاب) یوحنا ابن سرابیون (ابن الندیم، 302؛ القفطي، 111؛ ابن أبي أصیبعة، 1/230)، ولیس معلوماً أي كناشیه. أما سزكین (GAS, III/241) فقد اعتبره –ودون أن یقیم دلیلاً علی ذلك– إصلاح الكناش الكبیر؛ وفي واحدة من مخطوطات مكتبة إسكوریال المتضمنة مقدمة الكتاب (ESC2، الرقم (4) 818) ورد مایلي: «ترجمة موسی بن إبراهیم الحدیثي مع إضافات حسن بن بهلول الطبرهاني» (ظ: لكلر، I/117)، وهو ما لاینسجم مع ما أورده ابن أبي أصیبعة عن رجحان ترجمة الحدیثي. ویعتقد أولمان (ن.م، 282-281) أن شخصاً –ربما كان أبا الحسن الحراني– قد جاء بنص جدید من خلال جمعه للترجمتین المذكورتین.

وفي النسخة العربیة لكتاب الكناش الصغیر، ومثلما یحدث في سائر النصوص الطبیة العربیة – خاصة تلك التي ألفها الناطقون بالسریانیة– فإن الكلمات الیونانیة والفارسیة المعربة توجد بكثرة فیها، وفي أغلب الأحیان كانت الكلمة الیونانیة وما یقابلها من العربیة توضعان إلی جنب بعضهما. وكمثال علی ذلك عنوان أحد أبواب الفصل الأول وهو: «في أبیلمسیا وهو الصرع» (ظ: جاكوار، 42,162-163؛ أولمان، ن.م،285-286,287 ). إضافة إلی هذا فإن أولمان ومن خلال دراسته النص العربي لمخطوطة بروكسل، ذكر أن المترجم في بعض مواضع من الكتاب قد ترجم العبارات السریانیة حرفیاً بدلاً من أن یركب أجزاء الجمل طبقاً للنسق المتعارف علیه في العربیة (ن.ص).

مخطوطات الروایات العربیة: لایوجد حتی الآن أي أثر للنص السریاني لهذین الكناشین، لكن وصلتنا أقسام من ترجمتیهما العربیتین. وطبقاً لما یقوله بولس سباط، فإنه توجد نسخة لكل منهما في مكتبة بكري الزبیدي الخاصة (الثاني منهما بعنوان الكناش المختصر)، لكن لم تخضع أیة واحدة من هاتین المخطوطتین للدراسة حتی الآن، ولیس هنالك أیة معلومات عن حالتیهما ووصفهما. وفي دفتر كتبخانه أیا صوفیة (ص 221) توجد مخطوطة برقم 3716 كتب عنوانها خطأ: «كناش بن سرافیون». وقد ورد في بدایتها: «الباب الأول من هذا الكتاب في تولد الشعر في سائر البدن من الكناش الكبیر لیوحنا في 13 مقالة»، ثم نقل بعد ذلك مایزید علی 3 صفحات من یوحنا (ظ: الكشكري، الورقة 1 ب- 3 ألف). وعلی هذا الأساس یبدو أن شخصاً ما وبهدف ملء الفراغات الموجودة في فهرست المخطوطة، كتب عبارة: «كناش بن سرافینون» علی غلاف المخطوطة مرة، ومرة أخری في بدایة فهرستها؛ بینما قد ذكر مراراً في متن المخطوطة اسم یعقوب الكشكري بوصفه مؤلف الكتاب (م.ن، الأوراق 3ب، 86ب، 121 ألف؛ أیضاً ظ سزكین، المقدمة). هذا فضلاً عن أن مؤلف الكتاب قد نقل في عدة مواضع أیضاً عن ابن سرابیون (الكشكري، الأوراق 54ب، 55ب، 135 ألف).

ورغم أن ریتر وفالتسر قد أدركا هذا الخطأ سنة 1934م، وقدما الباب الأول منه فحسب ودون إشارة إلی اسم مؤلف هذه المخطوطة، بوصفه قسماً من الكناش الكبیر (ریتر، 831,840)، فإن المحققین الذین جاؤوا بعدهما أمثال بروكلمان (الذي أورد رقم المخطوطة خطأً أیضاً، ظ: GAL, S, I/417) وبطرس (ص 141) رغم اعتمادهما علی الاثنین المذكورین آنفاً، وقعا في نفس الخطأ الذي ورد في فهرست أیا صوفیة (أیضاً ظ: مییلي، 282؛ مایرهوف، 2). وفي سنة 1970م أصلح سزكین هذا الخطأ مرة أخری (ظ: GAS, III/241). إلا أن أولمان رغم كونه قد كرر قبل هذا مرة («الطب…»، الهامش 102) الرأي الصحیح لریتر خلال نقده لسزكین، اعتبر مرة أخری هذه المخطوطة نسخة كاملة من الكناش الكبیر الذي یقع في 13 مقالة (ظ: «یوحنا»،280-291 ). ومن الجدیر ذكره أن هذا الخطأ یشاهد الآن أیضاً حتی في المؤلفات التي طبعت مؤخراً (مثلاً ظ: فلمان، 72؛ ششن، 44). وقد طبع فؤاد سزكین هذه المخطوطة طبعة تصویریة بعنوان كناش في الطب.

وینبغي اعتبار المقطع الآخر من الكناش الكبیر الذي نقله ابن سینا في القانون، كما أشرنا إلی ذلك آنفاً – ومع الأخذ بنظر الاعتبار عبارات یوحنا نفسه – آخر باب من مقالة قراباذین الكناش الكبیر (ویحتمل أن تكون المقالة الثانیة عشرة). وقد أشار سزكین (GAS، ن.ص) وبطرس (ص 142) إلی وجود أقسام من هذا الكتاب بعنوان «في ذكر الأوزان والمكاییل» في القاهرة والموصل، ویحتمل أن تكون محتویة علی جمیع ماكان ابن سینا قد نقله. كما عثر بولس سباط علی تلخیص لهذا الكناش كان قد أعده سنة 1198م طبیب یدعی یحیی بن جمال ‌الدين الخیري المتطبب، بخطه في إحدی المكتبات الخصة بمدینة حلب.

وبین أیدینا قطع أكثر من النص العربي للكناش الصغیر، توجد أقدمها في مكتبة جامعة طهران المركزیة برقم 9668، كتبت سنة 547هـ، وتضم المقالتین السادسة والسابعة، أما الأوراق المتعلقة بالأبواب 15-19 وأقسام من الأبواب 11-14 والباب العشرین (الأخیر) من المقالة السادسة (الحمّیات) فقد سقطت من المخطوطة، كما حدث تقدیم وتأخیر في الأوراق 187-196 من هذه النسخة. لكن لم یسقط شيء من المقالة السابعة. والجدیر بالذكر أنه لم یشر في فهرست مكتبة جامعة طهران المركزیة إلی هذا التشویش وهذه النقائص (ظ: المركزیة، 17/448). وطبقاً لما ورد في الصفحة الأخیرة من هذه المخطوطة فإن مترجمها إلی العربیة هو الحسن بن بهلول.

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: