اِبْنُ الزَّیّات، أبو الحجاج (أو أبو یعقوب) یوسف بن یحیی بن عیسی بن عبد الرحمن التادلي (تـ 627 أو 628هـ/1230 أو 1231م)، أدیب ولغوي وفقیه وقاضٍ مالكي مراكش. وهو من أهالي تادلا أو تادلة وهي مدینة تقع في جبال البربر بالقرب من تلمسان وفاس (یاقوت. 1/810). وقد وصفه كل من الفیروزآبادي (ص 294) والسیوطي (ص 425) إماماً في النحو واللغة والأدب. صحب أبا العباس أحمد السبتي (تـ 601هـ/1204م) من مشایخ الصوفیة في مراكش. ولقي ابن حوط الله والسلالقي أیضاً. توفي ابن الزیات عندما كان قاضیاً في مدینة رَجراجَة (أو دقداق، كما ذكرها بابا التنبكتي، 352). وذكر الفیروزآبادي والسیوطي وفاته بعد 540هـ/1145م (ن.ص). في حین أن ابن الزیات نفسه تحدث عن رجال توفوا في 616هـ/1219م (ابن الزیات، 469). كما ذكر حاجي خلیفة (2/1790)، والبغدادي (هدیة، 2/552) سنة وفاته بعد 540هـ، وأوردها البغدادي في موضع آخر 630هـ (إیضاح، 1/292). وقیل إن جثمانه نقل إلی مراكش ودفن في قبة سیدي محمد الفران وسیدي محمد البربوشي الواقعة خارج المدینة والقریبة من بوابة الخمیس.

یستنتج من كتابه التشوف إلی رجال التصوف أنه كان من الصوفیة ونقل فیه أحیاناً بعض المواضیع عن لسان مریدیه (مثلاً ص 222). ولابن الزیات في الأدب كتاب اسمه نهایة المقامات في درایة المقامات وهو شرح لمقامات الحریري ویُعد أحسن الشروح (الفیروزآبادي، السیوطي، ن.ص)، و«شرحاً نبیلاً» (بابا التنبكتي، ن.ص)، ولكننا الآن لانعلم عنه شیئاً. والأثر الموجود حالیاً لابن الزیات هو التشوف إلی رجال التصوف. ویتضمن هذا الكتاب الذي بدأ بتألیفه في شعبان 617 (ص 13) وانتهی منه یوم الجمعة 12 ذي القعدة من نفس السنة (ص 478)، أخبار الصالحین القاطنین في مراكش أو من قدمها وإن كان من غیرها (ص 3). تحدث ابن الزیات في مقدمة الكتاب (ص 1) قائلاً «وكانت طائفة منكم عظیمة بأقصی المغرب أهملت أخبارهم وجهلت آثارهم، حتی ظن من لاعلم له بهم [أولیاء الله] أنه لم یكن منهم بأقصی المغرب أحد وأنه استغرب أن یكون به ولي أو وتد»، ویضیف أن ما ذكره في هذا الكتاب إما مسموعاته، أو موضوعاته التي نقلها بأستاده وأنه في كل الأحوال، قد اعتمد علی أصحها سنداً (ص 4).

أصبح التشوف مصدراً للمصنفین من بعد ابن الزیات، فاقتبس منه عدد، منهم: ابن أبي زرع (ص 36، 170)، وابن مریم (ص 33، 108، 111)، والسلاوي (2/74، 262، 263)، وعبد الحق البادسي مؤلف المقصد، وأحمد التادلي مؤلف المعزی، وابن عسكر مؤلف دوحة الناشر، ومحمد الكتاني مؤلف سلوة الأنفاس، وابن موقت مؤلف السعادة الأبدیة (فور، «ب»). ویشتمل التشوف علی أضراب من أفاضل العلماء والفقهاء والعباد والزهاد والورعین وغیرهم. ویری مؤلفه أن اسم الصوفي یصدق علی جمیعهم، وأن الصوفي في الأصل منسوب إلی صوفة وهم قوم من العرب ویذكر أن الصوفي هو المدخل نفسه في الصوفیة (ص4). اكتفی ابن الزیات في هذا الكتاب بذكر أخبار رجال التصوف ولم یتطرق بشيء إلی علومه، لأن كتاب إحیاء علوم ‌الدین لأبي حامد الغزالي، هو المنتهی في ذلك. ویعرب عن إجلاله لمكانته المعنویة عند حدیثه عنه (ص 6-7).

قام ابن الزیات قبل كتابة تراجم الأولیاء الذي هو القسم الأساس من التشوف بذكر مدخل في 7 أبواب: 1. في صفة الأولیاء؛ 2. في حفظ قلوبهم وترك النكیر علیهم؛ 3. في محبتهم؛ 4. في زیارتهم ومجالستهم؛ 5. في حسن الثناء ووضع القبول لهم في الأرض؛ 6. إثبات أحوالهم؛ 7. في ذكر إثبات كراماتهم، وقد أضاف فصولاً أخری علی هذا المدخل (ص 17-60). وابتداً كتابه هذا واختتمه بن اسمه محمد تبركاً باسم الرسول‌(ص). وجاءت في الكتاب تراجم وكرامات 227 من الرجال والنساء ولم یتطرق إلی تراجم الأحیاء كما ذكر ذلك في المقدمة (ص13). وقد نقل المقري التلمساني (10/128-140) مرات عدیدة عن ابن الزیات عند ذكره لترجمة أبي العباس أحمد السَبتي الذي ذكرناه سابقاً، ونص مرة واحدة بالاسم علی كتاب التشوف (10/134)، ولكن ترجمة أبي العباس السبتي لم ترد في النسخة المطبوعة من التشوف، غیر أن ابن الزیات ذكر اسمه مرة في إحدی المناسبات (ص 417). ومع هذا فقد جاءت ترجمة أبي العباس السبتي في نهایة عدد من مخطوطات هذا الكتاب استناداً إلی ما ذكره أدولف فور في مقدمته (ص «ج.د»).

تطرق ابن الزیات في هذا الكتاب إلی ذكر كرامات الذین ترجم لهم، مثل مشیهم علی الماء (ص 98، 192، 325، 365)، وطیرانهم في الهواء (ص 252) وحدیثهم مع الموتی في القبور (ص 287). وقد طبع معهد الأبحات العلیا المغربیة هذا الكتاب بتحقیق أدولف فور. ومن مؤلفات ابن الزیات الأخری كتاب مناقب أبي العباس السبتي الذي نقله عباس بن إبراهیم المراكشي في الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، المطبوع في 1936م بفاس (EI2).

المصادر

ابن أبي زرع، علي، الأنیس المطرب، الرباط، 1972م؛ ابن الزیات، یوسف، التشوف إلی رجال التصوف، تقـ: أولف فور، الرباط، 1958م؛ ابن مریم، محمد، البستان، تقـ: محمد بن أبي شنب، الجزائر، 1326هـ/1908 م؛ بابا التنبكتي، أحمد، «نیل الابتهاج»، هامش دیباج المذهب لابن فرحون، القاهرة، 1351هـ؛ البغدادي، إیضاح؛ م.ن، هدیة؛ حاجي خلیفة، كشف؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر الناصري ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1954م؛ السیوطي، بغیة الوعاة، القاهرة، 1326هـ؛ فور، أدولف، مقدمة التشوف (ظ: همـ، ابن الزیات)؛ الفیروزآبادي، محمد، البُلغة، تقـ: محمد المصري، دمشق، 1392هـ/1972م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: یوسف الشیخ محمد البقاعي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

EI2.

محمدآصف فكرت/ص.