اِبْنُ الزَّملَكانيّ، أبو المعالي كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكریم الأنصاري السَمّاكي (667-16 رمضان 727هـ/ 1269-5 آب 1327م)، فقیه شافعي ومحدث وقاضٍ وأدیب وشاعر دمشقي. اشتهر بالزملكاني نسبة إلی زَملكان، وهي قریة بغوطة دمشق (یاقوت، 2/944-945). ضبطها الفیروزآبادي (القاموس، مادة زملك) زِملِكان. ویسمی ابن الزملكاني أحیاناً بالسَمّاكي نشبة إلی جده الأكبر أبي دجانة السمّاكي (ابن كثیر، 14/131).

وُلد بدمشق (الإسنوي، 2/13)، وتفقه علی تاج‌ الدين عبد الرحمن ابن الفركاح الفزاري (الذهبي، ذیول العبر، 4/82)، ودرس النحو والصرف علی بدر الدين ابن مالك، والأصول علی بهاء الدين ابن الزكي، والكتابة علی نجم‌ الدين ابن البُصیص (ابن شاكر، عیون، 395). كما سمع الحدیث عن أبي الغنائم ابن علان، وابن البخاري وابن الواسطي وغیرهم وقرأ أیضاً علی شهاب‌ الدين الخُوَبّي وشمس‌ الدين الأیكي وصفي‌ الدين الهندي. وحفظ التنبیه والمنتخب في أصول الفقه، والمحصل في أصول‌ الدين وغیرها، وأفتی وله نیف وعشرون سنة (م.ن، فوات، 4/7). قیل إنه كان كثیر التخیل، شدید الاحتراز، یتوهم أشیاء بعیدة ویبني علیها، وتعب بذلك وعُودي وحُسد وعُمل علیه. وكان قد فرط في المنطق لأنه –كما قال– صعب في نفسه، ولعُجمة عبارة أستاذه وعدم رغبته في زیادة البیان (الصفدي، 4/214-217).

حضر ابن الزملكاني في 705هـ/1305م بدمشق مجلساً عند الأمیر جمال‌ الدين الأفرم نائب السلطنة في الشام للبحث في عقیدة ابن تیمیة (ن.ع)، ثم انتخب للتحقیق معه من غیر مسامحة (ابن الدواداري، 9/133-134)، وكتب فیما بعد رسائل في الرد علی بعض فتاوی وعقائد ابن تیمیة (ظ: ابن شاكر، عیون، 397). وكان له كلام في معنی الحروف مع الشیخ صدر الدين ابن الوكیل (الدواداري، 9/135). تولی في 707هـ الإشراف علی المارستان النوري، ثم ولي الخزانة ودیوان الأمیر جمال‌ الدين الأفرم نائب السلطنة، ووكالة بیت المال، والكتابة في دیوان الإنشاء بدمشق، ووقّع في الدست (القرارات الحكومیة والإداریة). (ابن حجر، 5/329؛ ابن شاكر، ن.م، 395، فوات، 4/8). وكان خطاطاً أیضاً، حتی إن الصفدي فضله علی أستاذیه في الخط وهما ابن البصیص وبدر الدين حسن ابن المحدث، وكان یكتب بالكوفي (4/215).

درّس ابن الزملكاني في كثیر من المدارس بدمشق مثل الرواحیة، والعادلیة الصغیرة، وتربة أم صالح، والشامیة البرانیة، والظاهریة الجوانیة (ابن شاكر، عیون، 395-396، فوات، 4/8)، والعذراویة، والمسروریة (ابن قاضي شهبة، 2/385). وفي 716هـ/1316م باشر مشیخة دار الحدیث الأشرفیة عوضاً عن ابن الوكیل، وأخذ في التفسیر والحدیث والفقه، ثم لم یستمر بها سوی خمسة عشر یوماً (النعیمي، 1/31).

ومن تلامذته المعروفین شمس‌ الدين الذهبي، الذي ذكره بصراحة في كتابه دول الإسلام (ص 419) بـ «شیخنا»، ویذكر ابن قاضي شهبة (3/85 و163)، أنه تفقه علیه كل من محمد بن علي بن سعید ومحمد بن الحسن، المعروف بابن قاضي الزبداني، وله تلامذة آخرون كفخر الدين المصري، وصلاح‌ الدين العلائي (السبكي، 5/252)، وصدر الدين أبي عبدالله ابن الخابوري، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن الخطیب (ابن قاضي شهبة، 3/149، 153). وكان شیخ الشافعیة بالشام وغیرها، وانتهت إلیه رئاسة المذهب تدریساً وإفتاءً ومناظرة (ابن كثیر، 14/131).

ونقل كل من ابن شاكر (فوات، 3/438)، والصفدي (4/220-221)، والسبكي (5/256-259)، وابن رافع السلامي (ص 166)، وابن قاضي شهبة (2/260) من كتبه وآرائه وفتاواه. وفي 724هـ/1324م ولي قضاء حلب ودرّس بها بالسلطانیة والسیفیة والعصرونیة والأسدیة (ابن قاضي شهبة، 2/385). وعاد في 727هـ إلی دمشق بعد ثلاثة أعوام من الإقامة بحلب (ابن حجر، 5/330). ویُحتمل انه طُلب إلی مصر في نفس هذا العام لیشافهه الملك الناصر أبو الفتوح محمد بن قلاوون سلطان مصر بقضاء دمشق (الذهبي، دول الإسلام، 419)، لكنه مرض في الطریق وأدركه الأجل في بلبیس، وقیل إنه سُم في الطریق، فحمله ولده تقي‌ الدين عبد الرحمن إلی القاهرة ودفنه بالقرافة عند الشافعي (الصفدي، 4/216).

وكان ابن الزملكاني شاعراً أیضاً، وله قصائد تدل علی مقدرته وبراعته (حول ما خلف من أشعار، ظ: الصفدي، 4/217-219؛ ابن الدواداري، 9/30؛ ابن شاكر، عیون، 396، فوات، 4/9-11؛ السبكي، 5/258؛ الإسنوي، 2/14؛ ابن تغري بردي، 9/270-271).

آثاره

1. البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن، توجد منه نسختان في مكتبة عارف حكمت بالمدینة المنورة (كحالة، 7)، وأخری في الظاهریة (الظاهریة، 337)؛ 2. تحقیق الأولی من أهل الرفیق الأعلی في تفاضل أهل العلوم والأعلام، في التصوف، وتوجد نسخ منه في دار الكتب بالقاهرة (سید، 1/144)، ومكتبة قَوَلة بالقاهرة (ظ: GAL, II/85) وطوب قابو (TS، رقم 4866)؛ 3. عجالة الراكب في ذكر أشرف المناقب، وهو كراریس في شرح قصیدته التي یذكر فیها الكعبة المعظمة، أو قصیدته المیمیة في مدح النبي‌(ص) (ابن شاكر، فوات، 4/10؛ الصفدي، 4/218)، توجد نسخة منه في دار الكتب بالقاهرة (GAL، ن.ص). ویشیر الزركلي (6/284) إلی طبع هذا الكتاب؛ 4. مولد النبي‌(ص)، توجد نسخة منه في برلین (آلوارت، رقم 9527؛ حول الاثار المنسوبة إلیه، ظ: ابن شاكر، فوات، 4/8؛ السبكي، 5/251؛ ابن قاضي شهبة، 2/385-386؛ حاجي خلیفة، 2/1261، 1877).

المصادر

ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن حجر، أحمد، الدرر الكامنة، حیدرآباد الدكن، 1396هـ/1976م؛ ابن الدواداري، عبدالله، كنز الدرر، تقـ: هانس روبرت رویمر، القاهرة، 1379هـ/1960م؛ ابن رافع السلامي، محمد، تاریخ علماء بغداد، تقـ: عباس العزاوي، بغداد، 1357هـ/1938م؛ ابن شاكر، محمد، عیون التواریخ، مصورة من نسخة مكتبة أحمد الثالث بتركیة؛ م.ن، فوات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن قاضي شهبة، أحمد، طبقات الشافعیة، تقـ: الحافظ عبد العلیم خان، حیدرآباد الدكن، 1399هـ/1979م؛ ابن كثیر، البدایة؛ الإسنوي، عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبد الله الجبوري، بغداد، 1391هـ/1971م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الذهبي، محمد، دول الإسلام، بیروت، 1405هـ/1985م؛ م.ن، ذیول العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الزركلي، الأعلام؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، القاهرة، 1324هـ/1906م؛ سید، المخطوطات؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، بیروت، 1394هـ/1974م؛ الظاهریة، المخطوطات (علوم القرآن)؛ القاموس؛ كحالة، عمر رضا، المنتخب من مخطوطات المدینة المنورة، دمشق، 1393هـ/ 1973م؛ النعیمي، عبد القادر، الدارس في تاریخ المدارس، تقـ: جعفر الحسني، دمشق، 1367هـ/1948م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Ahlwardt; GAL; TS.

علي رفیعي/ت.