الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن الزبعري /

فهرس الموضوعات

ابن الزبعري

ابن الزبعري

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/14 ۱۲:۲۵:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الزِّبَعری، عبد الله، كان من أكبر شعراء قریش المخضرمین ومن ألد أعداء الرسول‌(ص). أسلم في 8هـ 629م. وكان من بني‌سهم بن فهر الذین سكنوا مكة وضواحیها كسائر بني كنانة القرشیین.

والروایات التي وردت حول عبد الله وكذلك جمیع الأشعار المنسوبة إلیه مضطربة كأكثر الشعر في الجاهلیة وصدر الإسلام، ولایمكنها أن تعطي صورة واضحة عنه، كما لایمكن الاعتماد علی ما أورده فوك (EI2) الذي لم ‌یخف كذلك شكوكه (أیضاً قا: بلاشیر، II/309). لایلاحظ أي تغییر في حیاة عبد الله بن الزبعری وشعره في العصر الإسلامي عما كان علیه في العصر الجاهلي، وكأنه عاش في الإسلام بمعتقدات آبائه ونظم الشعر علی أسلوبهم. ومع هذا فإننا نبحث حیاته علی أساس هاتین المرحلتین، غیر أنه یجب الاعتراف بتعذر التمییز بین الأسطورة والحقیقة في الروایات التي اعتمدناها.

ففي العصر الجاهلي كانت تقع علی عاتق ذلك الشاعر المحبوب لدی القبیلة، مسؤولیة الدفاع عنها وعن أعرافها وتقالیدها والتغني وسط الصحراء المترامیة الأطراف بـ «مفاخر» قومه و«مثالب» الأعداء. ولهذا نری عبد الله شدید التعصب لبني‌سهم وقریش، حتی كأنه یری نوعاً من القداسة للقرشیین، فحین هاجم الأحباش الكعبة بفیلهم (ظ: ن.د، أبرهة)، قال إن الله خیر من حمی الكعبة (ابن هشام، 1/59-60؛ ابن الزبعری، 49-50، غیر أنه یجب النظر في صحة انتساب هذا الشعر إلیه)، ویفتخر بنفسه بأنه ابن أسرة تحدّت حلف المطیبین وقاومت بني عبد ‌مناف الذین أرادوا مع شرفهم أخذ سدانة الكعبة من بني عبد الدار (ابن حبیب، 42-44). وعندما ینازع قوماً من قریش ینسی الأعراق القبلیة، ویهاجم بهجائه اللاذع دون أن یفكر العاقبة. وقد حدث ذلك عندما اجتمعت جماعة من بني قصي في دار الندوة (ن.ع) فذمهم لأنهم انتقصوا منه بأقوالهم الجوفاء. واعتبر سُنة «الرفادة» الحمیدة ارتشاءً، وعلق في اللیلة نفسها هذا الشعر علی باب دار الندوة، ولكن الناس عرفوا قائله فعاقبوه، لأن عادة قریش كانت تقضي بمعاقبة من یهجو أحداً من داخل القبیلة. ولذلك جاء عتبة بن ربیعة من بني قصي إلی بني سهم وطالبهم به لیقطع لسانه، إلا أنه سامحه خشیة أن یعاقب شاعر عشیرته بالمثل. وأخیراً سلّمه العاص بن وائل –بعد أن شده بوثاق– إلی عتبة فقال الشاعر قصیدة في مدح أسرته وفي العاص بن وائل أیضاً وهو یأمل إطلاق سراحه، ثم أنه استطاع خلاص نفسه بنظم شعر في مدح زعماء القوم. ولم‌ یتألم من لوم الأعداء الذین عابوه بتسلیم عشیرته إیاه واستمر في مدح زعمائها بل وحتی قبل بالصلح مع بني قصي (ابن سلام، 57-59؛ ابن حبیب، 426-431؛ العیني، 140). ویبدو أنه كان لابن الزبعری كأي شاعر جاهلي نفوذ واسع بین القبائل، فقد استطاع إقرار الصلح بین مخزوم وخزاعة اللتین كانتا علی مشارف الحرب بسبب مقتل الولید بن المغیرة، وإجبار بني خزاعة علی دفع الدیة (ابن حبیب، 224-232). هذا هو ما نعرفه عن حیاة عبد الله في الجاهلیة.

ویشمل معظم المرحلة الثانیة من حیاته النزاع مع الرسول‌(ص) والمسلمین، حیث لم ‌ینس أحلام العصر الجاهلي، فقد حارب الرسول‌(ص) والإسلام منذ بدایة الدعوة في مكة. وفي السنوات الأولی للدعوة في مكة (حوالي السنتین الأولی والثانیة للبعثة) أقنع الرسول‌(ص) النضر بن الحارث بالإسلام بآیات من سورة الأنبیاء (21/98-100). وحین سمع ابن الزبعري ذلك، بادر إلی الاحتجاج فنزلت الایتان 101 و102 من السورة نفسها بهذا الشأن (ابن هشام، 1/384-386). ویری ابن عباس أن الآیتین 57 و58 من سورة الزخرف (43) نزلتا بهذا الشأن أیضاً (ظ: تنویر…، 415). ومن تطاولات عبد الله ما روی من أنه ألقی بتحریض من أبي جهل شیئاً قذراً علی رسول الله‌(ص)، حینما كان یصلي في الكعبة، فشكی الرسول‌(ص) ذلك إلی أبي طالب الذي ردّ علیهم بالمثل، فنزلت الایة 26 من سورة الأنعام بهذا الشأن (القرطبي، 6/405-406؛ ابن حجة، 188).

وبعد الهجرة، أمر الرسول‌(ص) في الأیام الأولی من وصوله إلی المدینة، عبیدة بن الحارث مع 60 أو 80 من الأصحاب بقتال قافلة لقریش، غیر أن قتالاً لم ‌یقع وعادت السریة فأنشد أبو بكر قصیدة حول السریة الأولی هذه، عارضه ابن الزبعری بقصیدة من نفس الوزن والقافیة عزا فیها عودة المسلمین الذین كانوا ینوون خطف أفضل میراث لدی قریش وهو أصنام مكة، إلی خوفهم من مواجهة حراب قریش وفرسانها. وقد أرهب ابن الزبعری المسلمین بأنهم لو بدأوا القتال لكان المصیر المشؤم بانتظارهم. وفي ختام القصیدة بنتقص من أبي بكر لعدم دفاعه عن فهر (ابن هشام، 2/241-144، رغم أنه یشك خلافاً لابن إسحاق في أن تكون هذه القصیدة لابن الزبعری). وفي 2هـ/623م شهد هزیمة قریش في غزوة بدر ونظم رثاء مؤثراً في قتلی زعماء القبیلة و بكی كثیراً علی قتلی قریش أمثال نبیه بن الحجاج، وعتبة وشیبة ابني ربیعة والحارث والعاصي ابني منبه وأبي جهل. فرد علیه حسان بن ثابت بقصیدة (ابن هشام، 3/16-19).

وأرسل القرشیون الذین آلمت هزیمة بدر قلوبهم وكانوا یعدون اللحظات للثأر، ابن الزبعری مع ثلاثة أخرین لطلب النجدة من القبائل الأخری (الواقدي، 1/200-201) حتی وقعت غزوة أحد (3هـ/ 624م). فأنشد ابن الزبعری الذي شارك بنشاط في هذه المعركة وقتل أحد المسلمین وهو عبد الله بن سلمة، قصیدة وهو ثمل بذلك النصر. وأشار أولاً في أحد هذه الأبیات إلی القضاء المحتوم (السهیلي، 6/137، الذي تصوره جبریاً اعتماداً علی هذه القول)، ثم خاطب حسان بلسان شامت متحدثاً عن الجماجم والأكف والأرجل المبتورة وعن دروع الأبطال التي تناثرت في أرض المعركة. وتمنی لو أن زعماء قریش الذین قُتلوا في بدر كانوا حاضرین لیشهودا بأعینهم جزع الخزرج في مواجهة الحراب ولیروا قتلی بني عبد الأشهل (الأشهل (الأوس). ویتحدث بأعصاب باردة عن الانتقام الذي لابد له أن یعادل بین قتلی كلا الطرفین. فردّ حسان علی هذه القصیدة أیضاً (الواقدي، 1/302؛ ابن هشام، 3/143-145). وفي قصیدة أخری یحاول ابن الزبعری أن‌ یصنع من هذه المعركة وانتصار قریش ملحمة كبیرة، بحیث یود المسلمون لو أن الأرض انشقت بهم. فبعد الإشارة إلی مقاتل بني النجار یصف بغرور كبیر ساحة المعركة ویقول: لولا عُلوّ الشِّعب لكان أحمد [الرسول‌(ص)] قد قُتل أیضاً مثل حمزة والنعمان بن مالك. فعارض حسان أیضاً هذه القصیدة بقصیدة (ظ: م.ن، 3/148-151، حیث شك خلافاً لابن إسحاق في انتساب هاتین القصیدتین إلیهما). وفي قصیدة أخری حول هذه المعركة یظهر ابن الزبعری الفرح لمقتل عبد الله بن جحش و حمزة والأعرج بن مالك ویأسف لخلاص جماعة من المسلمین من القتل (م.ن، 3/175-176).

وفي 5 هـ /626م شهد ابن الزبعری غزوة الخندق، وعندما رأی اتحاد الجماعات والقبائل المختلفة (الأحزاب) ومحاصرة المدینة علّق الأمل علی قوة أبناء عقیدته، وقال قصیدة افتخر فیها بالجیوش المعادیة للرسول‌(ص) ومدح قادتها أمثال عیینة بن حصن وأبي سفیان، ثم تحدث عن ورودها یثرب ویوم انتصارها علی محمد‌(ص) وأنهی القصیدة قائلاً:

لولا الخنادق غادروا من جمعهم    قتلی لطیر سُغّب وذئاب

فأجابه حسان بن ثابت وكعب بن مالك أیضاً (م.ن، 3/268-273).

ذهب عثمان بن طلحة وعمرو بن العاص وخالد بن الولید بعد غزوة الخندق إلی المدینة وأسلموا. إلا أنه لما كان بنو سهم قد عقدوا منذ مدة طویلة حلفاً مع بني جمح وعبد الدار ومخزوم وعدي بن كعب مقابل حلف المطیبین وأقسموا في الكعبة بعد أن لطخوا أیدیهم بدم حیوان، بأن لایسلم أحد منهم الآخر، وهؤلاءهم الذین سموا أنفسهم الأحلاف، فقد استغرب ابن الزبعری إسلام هؤلاء الثلاثة وذكرهم بقصیدة بذلك الحلف (م.ن، 3/289-291؛ ابن حبیب، 42-44).

هرب ابن الزبعری مع هبیرة بن أبي وهب إلی نجران فهجاه حسان بقصیدة وحذّره من قوة الرسول‌(ص) في هذه الدنیا وعذاب الآخرة الشدید فأثر هذا الهجاء في ابن الزبعری فعاد إلی مكة وطلب من الرسول‌(ص) الصفح عن كل ما فعل وشكر الله الذي هداه وألقی الإسلام في قلبه وتاب عن عبادة الأصنام. وبعد أن صفح الرسول‌(ص) عن كل ذلك قال قصیدة في مدحه‌(ص) وأظهر الندم علی عبادته للحجر وتقدیمه القرابین له. وشكر الرسولُ‌(ص) اللهَ علی هدایته للإسلام (الواقدي، 2/847-848). ثم أنشد قصیدة أخری في مدح الرسول‌(ص)، اعتبر فیها الكفر ومصادقة الشیطان سبباً رئیساً لهجاءاته ووعد أن ینظم إزاء كل هجاء قاله مدائح كثیرة ویدافع عن الرسول‌(ص) دائماً (ابن هشام، 4/61). وفي قصیدة أخری أیضاً أخذ یذم نفسه وطلب الصفح عن أعماله السابقة وأشار بأن إیمانه بالنبي‌(ص) لم‌ یكن لمصلحة وإنما كان إیماناً صادقاً (م.ن، 4/61، 62؛ الفاسي، 5/138-139؛ حول قصیدة أخری بنفس المضمون، ظ: ابن عبد البر، 3/903).

ویبدو أن ابن الزبعری لم‌ ینس أحلامه الجاهلیة كثیراً، فعندما استخلف عمر، منع الناس من قراءة أشعار العصر الجاهلي للحیلولة دون تأجج نار الأحفاد السابقة، غیر أن ابن الزبعری جاء إلی المدینة ومعه ضرار بن الخطاب الفهري وذهبا إلی حسان وأنشدا له الأشعار التي قالاها قبل إسلامهما ضد حسان وتركا المدینة. فغضب حسان كثیراً وشكی ذلك إلی عمر، فأعادهما عمر وأجاز لحسان أن یرد علیهما بالمثل وینشد لهما أشعاره لیهدأ قلبه (ابن سلام، 60؛ أبو الفرج، 4/140، 141).

ولم ینس أعداء الإسلام الأشعار التي قالها ابن الزبعری ضد الإسلام، فعندما قام مسلم بن عقبة بأمر من یزید بن معاویة، بقتل أهالي المدینة ونهبهم وبلغ نبأ النصر إلی یزید، تمثل یزید من فوره بشعر كان ابن الزبعری قد قاله في غزوة أحد، وأضاف علیه أبیاتاً في إنكار النبوة والوحي (الدینوري، 264، 267؛ ابن عبد ربه، 4/390، 5/86؛ ابن الجوزي، 260، 261). كذلك عندما كان السكر یأخذ بالولید بن یزید كان یأمر أن یغنوا له الشعر عینه (الطبري، 8/96).

كانت قصائد ابن الزبعری مبعثرة، ثم جمع مینغانتي دیوانه لأول مرة وترجمه إلی الإیطالیة وطبعه مع ترجمته الإیطالیة وترجمة ابن الزبعری بروما عام 1963م، ثم طبع یحیی الجبوري الأشعار نفسها مع مقدمة وتعلیقات وملحقین عن الأشعار المنسوبة إلیه وأشعاره المنسوبة إلی غیره. ویری الجبوري أن الرواة أهملوا كثیراً من أشعار ابن الزبعری لمعاداته الإسلام والمسلمین، ولایتوفر حالیاً سوی جزء یسیر منها (ص 22-25).

 

المصادر

ابن الجوزي، یوسف، تذكرة الخواص، تقـ: محمد صادق بحر العلوم، طهران، مكتبة نینوی الحدیثة؛ ابن حبیب، محمد، المنمّق، تقـ: خورشید أحمد فاروق، حیدرآباد الدكن، 1384هـ/1962م؛ ابن حجة، علي، ثمرات الأوراق، تقـ: مفید محمد قمیحة، بیروت، 1403هـ/1983م؛ ابن الزبعری، عبد الله، شعر، تقـ: یحیی الجبوري، بیروت، 1401هـ/ 1981م؛ ابن سلام، محمد، طبقات الشعراء، بیروت 1407هـ/ 1986م؛ ابن عبد البر، یوسف، الاستیعاب، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، مكتبة نهضة مصر؛ ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمدأمین وآخرون، بیروت، 1402هـ/ 1982م؛ ابن هشام، السیرة النبویة، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بیروت، 1383هـ/1963م؛ تنویر المقباس من تفسیر ابن عباس، بیروت دار الفكر؛ الجبوري، یحیی، مقدمة شعر (ظ: همـ، ابن الزبعری)؛ الخشني، أبوذر، شرح السیرة النبویة، إستانبول، المكتبة الإسلامیة؛ الدینوري، أحمد، الأخبار الطوال، تقـ: عبد المنعم عامر، بغداد، 1379هـ/1959م؛ السهیلي، عبد الرحمن، الروض الأنف، تقـ: عبد الرحمن الوكیل، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الطبري، تاریخ؛ العیني، بدر الدین، «شرح الشواهد الكبری»، في حاشیة خزانة الأدب للبغدادي، بولاق، 1299هـ/1882م؛ الفاسي المكي، محمد، العقد الثمین، تقـ: فؤاد سید، بیروت، 1405هـ/1985م؛ القرآن الكریم؛ القرطبي، محمد، الجامع لأحكام القرآن، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ الواقدي، محمد، المغازي، تقـ: مارسدن جونز، بیروت، 1966م؛ وأیضاً:

Blachere, Régis, Histoire de la littérature arabe, Paris, 1964; EI2; Minganti, Paolo, «Ilpoeta meccano, Abdallāh Ibn az-Ziba’ra as-Sahmī», RSO, 1963; vol. XXXVIII.

ناصر گذشته/ج.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: